الأثر النفسي لموت الآباء المبكر

اليتم في الصغر يزيد من فرص الإقدام على الانتحار قبل البلوغ

الأثر النفسي لموت الآباء المبكر
TT

الأثر النفسي لموت الآباء المبكر

الأثر النفسي لموت الآباء المبكر

من الطبيعي أن يترك اليتم آثارا نفسية سيئة على الطفل في بداية حياته، حيث إن تجربة فقد أحد الوالدين أو كليهما تعتبر من أقسى التجارب إيلاما على الطفل، وتجعله يشعر بالضعف والوحدة وفقدان الأمان. وكلما كان عمر الطفل صغيرا زادت وطأة الحدث عليه، خاصة في حالة فقدان الأم، التي تكون بطبيعة الحال ملازمة للطفل خاصة في مراحل الطفولة الأولى. وقد تناولت العديد من الدراسات الآثار النفسية لفقدان الآباء، إلا أن أحدث تلك الدراسات أشارت إلى أن فقدان الطفل لأحد أبويه أو كليهما في وقت مبكر يمكن أن يزيد من فرص إقدامه على محاولة الانتحار قبل البلوغ.

دراسة اسكندنافية

جمعت الدراسة التي قام بها باحثون دنماركيون من جامعة آرهوس (Aarhus University) بيانات من مواطني الدول الاسكندنافية لمدة تزيد على أربعين عاما، حول محاولات الانتحار والربط بينها وبين الأسباب التي يمكن أن تتعلق بالآباء، سواء العامل الجيني المتمثل في الوراثة الطبيعية من الأبناء للآباء، أو كذلك ما إذا كان الآباء قد توفوا في ظروف طبيعية أو نتيجة انتحار. وقاموا بتحليل هذه البيانات ومنها عمر الطفل في وقت وفاة الآباء، وجنسه، وترتيبه بين إخوته، وطريقة الوفاة، وعمر الأب وقت حدوث الوفاة، وحالتهم النفسية، وما إذا كانوا قد عانوا من اضطراب نفسي من عدمه قبل الوفاة، وكذلك الحالة الاجتماعية والاقتصادية للأسرة قبل الوفاة وبعدها.
وهذه الدراسة التي تم نشرها في الملحق النفسي من العدد الشهري لمجلة الرابطة الأميركية الطبية (Journal of the American Medical Association) أو اختصارا «JAMA» في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي قد توصلت إلى أن المراهقين الذين فقدوا آباءهم قبل عمر الثامنة عشرة كانوا الأكثر إقداما على محاولات الانتحار من أقرانهم الآخرين، وأن هذه المحاولات لا تتوقف عند فترة معينة مثل المراهقة ولكن تلازمهم طيلة حياتهم.
وكان هناك العديد من الدراسات التي ربطت بين وفاة الآباء نتيجة لإقدامهم على الانتحار وإصابة الأطفال باضطرابات عقلية يمكن أن تؤدي بهم لاحقا إلى الإقدام على المحاولة نفسها. لكن هذه الدراسة ناقشت موت الآباء نتيجة لأسباب طبيعية، وأثر ذلك نفسيا على الطفل بعد أن يتعدى مرحلة الطفولة. ومن المعروف أن فقدان الآباء يعتبر من أقسى التجارب الأليمة التي يمر بها الطفل في بداية حياته. وفي المجتمعات الصناعية المتقدمة تتراوح نسبة الأطفال الذين يفقدون أحد الوالدين أو كليهما نحو 4 في المائة. وفي الأغلب يتغلب معظم الأطفال على هذا الفقد ويستكملون مسيرة حياتهم من دون آثار نفسية مستديمة، لكن هناك البعض من الأطفال الذين تمثل لهم هذه الحوادث مشاكل نفسية عنيفة تحول دون استكمال حياتهم بشكل طبيعي.

محاولات الانتحار

وقام الباحثون بفحص بيانات لنحو 7 ملايين شخص من مواطني السويد والدنمارك وفنلندا على مدار 40 عاما منذ عام 1968 وحتى عام 2008، وكان منهم عدد 189.094 من الأطفال، أي بنسبة تبلغ 2 في المائة من الذين توفي ذووهم قبل بلوغهم الثامنة عشرة. وتمت الدراسة عليهم مقابل الأطفال العاديين الذين مروا بفترة طفولة عادية. وتبين أن موت الآباء في هذه المرحلة العمرية من عمر الأطفال ارتبط بزيادة معدلات الانتحار في هؤلاء الأطفال لمدة تصل إلى 25 عاما بعد وفاة الآباء.
ووجد الباحثون أن 265 شخصا من العينة ماتوا بعد محاولات انتحار أثناء الدراسة، وهي نسبة تبلغ 14 في المائة من الذين فقدوا آباءهم في مرحلة الطفولة (ما قبل 18 عاما). وفي المقابل، توفي من الذين لم يفقدوا أحد الأبوين نسبة 0.07 في المائة فقط. وكانت نسبة احتمالية ارتكاب محاولة انتحار تبلغ 4 لكل ألف طالب من الذكور، وفي الفتيات بلغت النسبة فتاتين لكل ألف فتاة، وكانت نسبة الخطورة في ازدياد في عدد الأطفال الذين توفي أحد ذويهم جراء محاولة انتحار، ولكن كانت هناك خطورة أيضا حتى في هؤلاء الذين توفوا لأسباب طبيعية.
وكان أكبر تأثير على الأطفال الذكور الذين توفيت أمهاتهم جراء محاولات انتحار وكان ترتيبهم الأول بين إخوتهم (هناك دراسة بريطانية حديثة تشير إلى أن الأشخاص الذين يكون ترتيبهم الأخير بين إخوتهم هم أكثر عرضة من الآخرين للإقدام على محاولة الانتحار). وأيضا شملت القائمة الأطفال الذين توفي أحد ذويهم قبل بلوغهم السادسة من العمر.
وأوضحت الدراسة أن حادثة وفاة أحد الآباء يمكن أن تؤثر في حياة الطفل لفترات طويلة جدا، وبطبيعة الحال هناك العديد من العوامل التي تلعب دورا يمكن أن يزيد أو يقلل من خطورة الإقدام على الانتحار، مثل الحياة العائلية الهادئة ووجود أحد الأبوين والتفوق الدراسي والنجاح الاجتماعي والاقتصادي، إلا أن موت أحد الآباء جراء الانتحار يبقى أحد أهم عوامل الخطورة، حيث تصل نسبة احتمالية إقدام هؤلاء الأشخاص على الانتحار ثلاثة أضعاف الشخص العادي.
وأوصت الدراسة بضرورة التعامل مع الطفل الذي فقد أحد الوالدين قبل بلوغه سن البلوغ (18 عاما) بطريقة تتم فيها مراعاة العامل النفسي، ومحاولة ملاحظة أي أعراض للاضطراب النفسي، وعرضه على المختصين، وضرورة تعاون المنزل من المسؤولين عن الطفل سواء أحد الأبوين أو الأقارب أو حتى المؤسسة الاجتماعية التي تقوم بتنشئة الأطفال الذين فقدوا ذويهم، حتى تتم حماية هؤلاء الأطفال من خطر الانتحار لاحقا.

* استشاري طب الأطفال



سمنة البطن مع وزن طبيعي للجسم... مشكلة صحية تستدعي الاهتمام

سمنة البطن مع وزن طبيعي للجسم... مشكلة صحية تستدعي الاهتمام
TT

سمنة البطن مع وزن طبيعي للجسم... مشكلة صحية تستدعي الاهتمام

سمنة البطن مع وزن طبيعي للجسم... مشكلة صحية تستدعي الاهتمام

تعتمد الأوساط الطبية بالعموم في تحديد «مقدار وزن الجسم» على عدد الكيلوغرامات بوصفه «رقماً»

مؤشرات وزن الجسم

يستخدم «مؤشر كتلة الجسم» BMI الذي يحسب مقدار وزن الجسم بالكيلوغرامات، مع الأخذ بالاعتبار مقدار طول الجسم بالمتر، ليعطينا «رقماً» يفصل بين 3 حالات: الحالة الطبيعية، وزيادة الوزن، والسمنة.

ونلجأ كذلك إلى قياس «محيط الخصر» WC بعدد السنتيمترات بوصفه «رقماً» يميز وجود سمنة البطن من عدم ذلك.

في السنوات الأخيرة ازداد ظهور أمراض ذات صلة بالسلوكيات غير الصحية في نمط عيش الحياة اليومية، وعادات الأكل السيئة، وتداعيات التقدم التكنولوجي الذي يفصل الناس عن ممارسة النشاط البدني. وقد ثبت تجريبياً أن العواقب الصحية السلبية لذلك تنمو على مستوى العالم بمعدل مثير للقلق. وهي تشمل السمنة Obesity، ومرض السكري من النوع 2، وأمراض القلب.

وإلى جانب ظهور «أمراض نمط الحياة» هذه، هناك انتشار زائد لمتلازمة التمثيل الغذائي Metabolic Syndrome، وهي مجموعة من الاضطرابات الأيضية في العمليات الكيميائية الحيوية التي تجري في الجسم، وترتبط بمقاومة الجسم لمفعول الإنسولين، ونشوء عمليات بطيئة ومستمرة في الالتهابات، واضطرابات الدهون في الدم (خصوصاً ارتفاع الدهون الثلاثية)، وارتفاع ضغط الدم.

«سمنة مركزية» ووزن طبيعي

ومن بين كل ذلك، تطفو السمنة البطنية (السمنة المركزية Central Obesity)، التي تتميز بزيادة كمية الأنسجة الشحمية (الشحوم الصفراء) داخل البطن، بوصفها علامة مميزة في كثير من تلك الحالات.

والسؤال الذي يتبادر للذهن: هل الأمر في شأن الأضرار الصحية مرتبط بالسمنة بوصفها حالة عامة في زيادة كتلة عموم الجسم أم أن الأمر مرتبط على وجه الخصوص بزيادة تراكم الشحوم في البطن (محيط منطقة الوسط)؟

والأدق أيضاً في طرح هذا السؤال عندما يكون لدى المرء حالة «الوزن الطبيعي مع سمنة بطنية» NWCO، أي عندما يكون وزن الجسم طبيعياً لدى الشخص بالنسبة لطوله، ولكن في الوقت نفسه لديه سمنة بطنية... هل من الممكن أن يكون هذا الشيء ضاراً ويمثل خطراً صحياً؟

والإجابة عن هذا السؤال تحتاج بداية إلى التساؤل بالأصل: هل ثمة «مشروعية طبية» لطرح مثل هذا السؤال؟

والإجابة نعم بالتأكيد، أن ثمة مشروعية طبية في طرح هذا السؤال لدواع شتى، أهمها اثنان، هما:

- الداعي الأول أن هناك أمثلة من سمنة أجزاء معينة في الجسم، ثبت أن ليس لها ضرر صحي واضح، حتى لو كان لدى الشخص ارتفاع في مقدار وزن الجسم، وارتفاع في مؤشر كتلة الجسم. وتحديداً أفادت نتائج دراسات عدة بأن سمنة شحوم الأرداف بحد ذاتها لدى النساء، ليس لها تأثير صحي ضار يوازي وجود سمنة تراكم شحوم البطن لديهن. وكذلك ثبت أن سمنة كتلة عضلات الجسم (زيادة مقدار وزن الجسم بسبب زيادة وزن كتلة العضلات فيه وليس زيادة تراكم الشحوم)، التي قد تزيد في مقدار مؤشر كتلة الجسم لتجعله ضمن نطاق السمنة، ليس لها تأثيرات سلبية مقارنة مع سمنة زيادة كتلة الشحوم في الجسم بالعموم وفي البطن على وجه الخصوص. وثبت أيضاً أن سمنة الوزن الطبيعي، مع تدني حجم كتلة العضلات، وارتفاع كتلة الشحوم Sarcopenic Obesity، لها تأثيرات ضارة لا تقل عن سمنة زيادة مؤشر كتلة الجسم.

- الداعي الآخر أن نحو 25 في المائة من البالغين ذوي الوزن الطبيعي، يُصنفون بالفعل على أن لديهم سمنة تراكم شحوم البطن، وفي الوقت نفسه يكون وزن أجسامهم طبيعياً، وفق «المجلة الطبية البريطانية BMJ» عدد 26 أبريل (نيسان) 2017. وهذه النسبة مقاربة جداً للإحصاءات الطبية في الولايات المتحدة. وفي مجتمعات أخرى ثبت أنها أعلى وفق نتائج دراسات طبية فيها. وهي نسبة مهمة بين عموم البالغين الذين قد يعتقدون أن كون مقدار وزن جسمهم طبيعياً يعني تلقائياً أنه لا ضرر متوقعاً عليهم من تراكم الشحوم في بطونهم.

دراسات سمنة البطن

والملاحظ أن الأوساط الطبية تأخرت كثيراً في الاهتمام بهذه الوضعية الصحية ومعرفة آثارها. وأيضاً تأخرت في وضع إرشادات ونصائح طبية للتعامل معها. وفي دراسة مشتركة لباحثين من جامعة آيوا، ومن كلية ألبرت آينشتاين للطب بنيويورك، ومن جامعة كاليفورنيا، ومن كلية الطب بجامعة هارفارد، ومن مركز فريد هاتشينسون لأبحاث السرطان في سياتل، تم طرح الأمر في دراسة بعنوان: «ارتباط السمنة المركزية ذات الوزن الطبيعي بالوفيات بين النساء». ونشر ضمن عدد 24 يوليو (تموز) 2019 من مجلة «شبكة جاما المفتوحة» JAMA NETWORK Open، الصادرة عن «الجمعية الطبية الأميركية» AMA.

وقال فيها الباحثون: «السمنة المركزية، التي تتميز بتراكم الشحوم في منطقة البطن بشكل مرتفع نسبياً، ارتبطت بارتفاع خطر الوفاة، بغض النظر عن مقدار مؤشر كتلة الجسم. ومع ذلك، فإن الأفراد الذين لديهم مؤشر كتلة جسم طبيعي مع السمنة المركزية يتم إهمالهم عادة في الإرشادات الإكلينيكية. وعلاوة على ذلك لا يحظى الأفراد الذين يعانون من السمنة المركزية ذات الوزن الطبيعي باهتمام كبير في وضع استراتيجيات الحد من المخاطر، مثل تعديلات نمط الحياة والتدخلات الأخرى».

ولكن حتى بين الأفراد ذوي الوزن الطبيعي، قد يكون أولئك الذين يعانون من السمنة المركزية مُعرّضين لخطر زائد للوفاة بسبب تراكم الشحوم المفرط في البطن. وفي نتائج دراستهم التي شملت أكثر من 160 ألف امرأة أفادوا بالقول: «ارتبطت السمنة المركزية ذات الوزن الطبيعي بارتفاع خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية والوفاة بالسرطان، مقارنة بالوزن الطبيعي دون السمنة المركزية».

عوامل خطر أيضية قلبية

ومن ثمّ بدأت تصدر دراسات طبية من مناطق مختلفة من العالم حول هذا الأمر. وعلى سبيل المثال، نذكر دراسة حديثة من الصين، وأخرى من بنما.

وفي دراسة بعنوان: «ارتباط السمنة المركزية ذات الوزن الطبيعي بارتفاع ضغط الدم»، تم نشرها العام الماضي، عدد 8 مارس (آذار) 2023 من مجلة «BMC» لاضطرابات القلب والأوعية الدموية، لباحثين من الصين، أفادوا بالقول: «السمنة المركزية ذات الوزن الطبيعي (NWCO) هي حالة أيضية تم وصفها أخيراً في عدد قليل من الدراسات. ويتم تجاهل الأفراد المصابين بها بسهولة في الرعاية الصحية الروتينية، بسبب التركيز الصارم على مؤشر كتلة الجسم».

وأضافوا: «قد يكون لدى الفرد ذي الوزن الطبيعي نسبة شحوم كبيرة في الجسم، وهو ما لا يظهر عندما يكون مقدار مؤشر كتلة الجسم طبيعياً. وتشير الأدلة الموجودة إلى أن السمنة المركزية، التي تتميز بالتراكم المرتفع نسبياً للشحوم في البطن، ترتبط ارتباطاً أقوى بعوامل الخطر الأيضية القلبية من السمنة العامة، وحتى بين الأفراد ذوي الوزن الطبيعي». وخلصوا في نتائجهم إلى القول: «ترتبط السمنة المركزية، كما هو محدد بواسطة محيط الخصر، بزيادة خطر الإصابة بارتفاع ضغط الدم لدى البالغين ذوي مؤشر كتلة الجسم الطبيعي».

وضمن عدد يونيو (حزيران) 2022 من مجلة «لانسيت للصحة الإقليمية - بالأميركتين» The Lancet Regional Health - Americas، نشر باحثون من كلية الطب بجامعة بنما، حول انتشار السمنة المركزية والتعرف على مدى وجود عوامل الخطر القلبية الأيضية Cardiometabolic risk لديهم.

ويتم تعريف مخاطر القلب والأيض على أنها مجموعة من التشوهات في العمليات الأيضية الكيميائية الحيوية، وفي القلب، وفي الأوعية الدموية، بما في ذلك السمنة البطنية، ومقاومة الإنسولين، وارتفاع ضغط الدم، واضطرابات الكولسترول، ودهون الدم، وتصلب الشرايين، التي تجعل الأفراد أكثر عرضة للإصابة بأمراض القلب، والأوعية الدموية، ومرض السكري من النوع 2.

ولاحظوا أن باستخدام مؤشر «نسبة الخصر إلى الطول»WHtR، كان معدل انتشار السمنة البطنية نحو 44 في المائة بين الذين بالأساس لديهم مؤشر كتلة الجسم طبيعياً. وقالوا في نتائجهم: «ارتبطت السمنة البطنية مع الوزن الطبيعي للجسم بعوامل الخطر القلبية الوعائية، خصوصاً مع ارتفاع تركيز الدهون الثلاثية. قد يكون تقييم السمنة البطنية على مستوى الرعاية الصحية الأولية تقنية مفيدة لتحديد الأشخاص ذوي الوزن الطبيعي مع خصائص السمنة الأيضية».

ولذا إذا أردنا ألا نفقد متابعة هذه الفئة من الناس، فيجدر قياس محيط الوسط مع قياس وزن الجسم وحساب مؤشر كتلة الجسم، والالتفات إلى كليهما في التقييم الإكلينيكي. وللتوضيح، على الرغم من حقيقة أن مؤشر كتلة الجسم يتم استخدامه على نطاق واسع لتحديد السمنة في الممارسة الإكلينيكية، فإن أحد القيود المهمة لمؤشر كتلة الجسم هو أنه لا يميز بين أشكال مكونات تركيبات أجزاء الجسم المختلفة، حيث قد يكون لدى الفرد ذي الوزن الطبيعي نسبة شحوم متزايدة في منطقة من الجسم، ولكنها قد تكون مخفية بالقيمة الطبيعية لمؤشر كتلة الجسم.

وحتى بين الأفراد ذوي الوزن الطبيعي، فإن أولئك الذين لديهم نسبة عالية من الشحوم في الجسم، لديهم انتشار أعلى لمتلازمة التمثيل الغذائي ومكوناتها من أولئك الذين لديهم مؤشر كتلة جسم طبيعي، ونسبة شحوم في الجسم طبيعية.

25 % من البالغين ذوي الوزن الطبيعي لديهم سمنة تراكم شحوم البطن

تشخيص السمنة بالأساس مجرد حسابات من الأرقام

* عند التكلم عن السمنة في جانب التشخيص، علينا ابتداءً استخدام لغة الأرقام. ومن بين عدة «طرق» مطروحة لدى الأوساط العلمية والطبية، يظل «الأشهر»، و«الأقرب» هو الطرق الأربع التالية في تقييم وزن الجسم والسمنة:

- حساب «مؤشر كتلة الجسم» BMI يتم بقسمة مقدار الوزن بالكيلوغرامات على مربع طول الجسم بالمتر. و«الطبيعي» أن يكون مؤشر كتلة الجسم ما بين 20 إلى 25، أما ما بين 25 و30 فهو «زيادة في الوزن»، وما بين 30 إلى 35 فهو «سمنة»، وما بين 35 و40 فهو «سمنة شديدة»، وما فوق ذلك هو «سمنة مفرطة».

- حساب محيط الخصر Waist Circumference هو طريقة مهمة في تقييم سمنة البطن بالذات. وبدقة، يتم قياس محيط الخصر عند مستوى منتصف المسافة بين أدنى ضلع ملموس وبين الحافة الحرقفية لأعلى قوس عظمة الحوض، وذلك تقريباً أعلى قليلاً من السرّة، بعد إخراج هواء الزفير من النفس، أي قياس محيط أصغر جزء من الخصر. ولكن تجدر ملاحظة أن محيط الخصر يختلف في المجتمعات الجغرافية المختلفة وفق متوسط الطول فيها وعموم حجم الجسم.

ووفقاً للمعاهد الوطنية للصحة في الولايات المتحدة NIH، فإن محيط الخصر الذي يزيد على 102 سنتيمتر (40 بوصة) للرجال ويزيد على 88 سنتيمتراً (35 بوصة) للنساء (غير الحوامل)، هو سمنة البطن. بينما لدى ذوي الأصول من جنوب شرقي آسيا، فإن الطبيعي نحو 94 سنتيمتراً (37 بوصة) للرجال و80 سنتيمتراً (31 بوصة) للنساء. ولذا تحتاج المجتمعات المختلفة دراسات لتقييم الطبيعي وغير الطبيعي في ذلك.

- حساب نسبة محيط الخصر إلى محيط الورك WHR. ومحيط الورك Hip Circumference يختلف عن محيط الخصر، حيث إن محيط الورك هو قياس محيط الجزء الأكبر من الوركين، أي الجزء الأوسع من كتلة الأرداف. والطبيعي أن تكون تلك النسبة أقل من 0.95 للرجال، وأقل من 0.80 للنساء. وما فوق ذلك فهو سمنة. وهي طريقة يتم بها التغلب على وجود حجم أكبر في الأرداف التي تكون الشحوم فيها مختلفة عن نوعية الشحوم التي في البطن. وتحديداً شحوم بيضاء في الأرداف، وشحوم صفراء في البطن.

- حساب نسبة الخصر إلى الطول WHtR: يكون بقسمة مقدار محيط الخصر على مقدار الطول. والطبيعي أن يكون أقل من 0.5، وما فوق ذلك هو سمنة. وهي طريقة يتم من خلالها التغلب على الاختلافات العرقية في متوسط الطول لدى غالبية الناس في المجتمعات المختلفة.