لا تتخوف من تناول الدهون المفيدة.. وتجنب الكربوهيدرات الضارة

تحولات في إرشادات التغذية الصحية

أطعمة تحتوي على دهون مفيدة
أطعمة تحتوي على دهون مفيدة
TT

لا تتخوف من تناول الدهون المفيدة.. وتجنب الكربوهيدرات الضارة

أطعمة تحتوي على دهون مفيدة
أطعمة تحتوي على دهون مفيدة

يقول الدكتور فرانك بي هو، خبير التغذية في كلية هارفارد للصحة العامة، إن المشكلة الغذائية التي يعاني منها الأميركيون الآن هي إلى حد كبير نتاج «مبالغة في تبسيط التوصيات الغذائية، خلقت حالة من رهاب الدهون fat phobia».
ومنذ سبعينات القرن الماضي تحث الإرشادات الغذائية العامة الناس على الإقلال من تناول الدهون، بعدما أظهرت أدلة متزايدة من دراسات أجريت على الحيوانات والبشر أن ارتفاع نسبة الدهون المشبعة والكولسترول في أي نظام تغذية يمثل عامل خطورة مهمًا في الإصابة بأمراض القلب والشرايين.

توصيات غذائية سابقة

وعلى الرغم من أن النصائح الطبية تركزت على الدهون المشبعة المتوفرة في الأطعمة الحيوانية الغنية بالدهون، فإن كثيرين عمموا النصيحة لتشمل جميع أنواع الدهون، وأصبحوا يفضلون عوضًا عنها مجموعة من الأطعمة منخفضة الدهون أو الخالية تمامًا منها والغنية في الوقت نفسه بالكربوهيدرات، بدءًا من المقرمشات وحتى أنواع الزبادي المحلاة. وزاد الناس استهلاكهم لنوعين من الكربوهيدرات على وجه الخصوص، النشويات والسكريات المكررة، التي ساهمت في تفشي وباء السمنة الحالي والإصابة بمرض السكري من النوع الثاني.
ويدرك الخبراء الآن أن الجهود الرامية إلى تصحيح الأخطاء الغذائية السابقة، التي جعلت من أمراض القلب والسكتات الدماغية «قتلة جامحين»، أحدثت نتائج عكسية ودفعت الناس في الاتجاه الخاطئ.
ويقول الدكتور هو، أستاذ التغذية وعلم الأوبئة، إن «الخطأ الذي ارتكب في الإرشادات الغذائية السابقة، كان التأكيد على خفض الدهون دون التطرق إلى نوعية الكربوهيدرات، مما خلق انطباعًا بأن كل الدهون ضارة وكل الكربوهيدرات مفيدة.. لذا من المهم حقًا أن نميز بين الدهون الصحية والدهون الضارة، وبين الكربوهيدرات الصحية والكربوهيدرات الضارة».
ويشرح الدكتور هو، بقوله إن الدهون المشبعة الموجودة في الأطعمة الحيوانية الدسمة مثل اللحوم ومنتجات الألبان، ترفع مستويات الكولسترول في الدم وهي ليست صحية، «لكن زيت الزيتون مهم - إنه مفيد لصحة الشرايين والقلب والحفاظ على وزن الجسم». إن زيت الزيتون، شأنه شأن زيوت الكانولا والأفوكادو واللوز، هي أحادية غير مشبعة، ورغم أنها تحتوي على سعرات مرتفعة مثل اللحوم ودهون الألبان، فإنها لا ترفع مستوى الكولسترول في الدم أو تخلف رواسب دهنية تسد الأوعية الدموية».

الكربوهيدرات

وأكد الدكتور هو «أننا ينبغي أن نحرر أنفسنا من ذهنية رهاب الدهون» مضيفا أنه يتعين علينا أيضًا التخلي عن فكرة أن جميع الكربوهيدرات المعقدة مفيدة.
إن السكريات كربوهيدرات بسيطة بينما تعتبر النشويات من الكربوهيدرات المعقدة، وجميعها يتم تكسيرها في نهاية المطاف إلى غلوكوز، وهو وقود الجسم الذي يدور في الدم. وبينما تعتبر السكريات سريعة الهضم؛ ولذا ترفع سريعًا مستوى الغلوكوز في الدم، تستغرق معظم النشويات وقتًا أطول في الهضم.
الاستثناءات المهمة من ذلك هي الكربوهيدرات المكررة، مثل الخبز الأبيض والأرز الأبيض. وتترك الأطعمة النشوية المحتوية على حبوب تمت معالجتها وجردت من الألياف الغذائية، نفس أثر السكر في الجسم، حيث تكون سريعة الهضم والامتصاص، وترفع مستويات الغلوكوز في الدم وتحفز إفراز الإنسولين لهضمها. وعند استهلاكها بكميات تزيد عن حاجة الجسم للطاقة الفورية والمخزنة، يمكن أن تتسبب الكربوهيدرات المكررة والسكريات في مقاومة الإنسولين وتسهم في الإصابة بمرض الكبد الدهني.
وللأسف تترك البطاطا، أكثر أنواع الخضراوات شعبية في الولايات المتحدة، نفس أثر السكريات والكربوهيدرات المكررة. وتمتلك البطاطا ما يسمى بالمؤشر الغلايسيمي (مؤشر السكر) المرتفع، أي القدرة على رفع مستوى الغلوكوز في الدم سريعًا. ويفسر الدكتور هو ذلك بأن البطاطا مكونة من سلاسل طويلة من الغلوكوز تهضمها الإنزيمات في الفم والمعدة بسهولة، أما الدهون في البطاطس المقلية فتبطئ هذه العملية على نحو طفيف.
إن مفهوم المؤشر الغلايسيمي glycemic index، الذي اقترحه عام 1981 الدكتور ديفيد جينكينز وزملاؤه في المجلة الأميركية للتغذية الإكلينيكية، جرى التحقق من صحته أكثر من مرة وأصبح وسيلة جيدة مقبولة للتمييز بين أنواع الكربوهيدرات المفيدة للصحة والأنواع الأخرى منها ذات الآثار الصحية السلبية.

مؤشر السكر

وفي عام 2002، نشر الدكتور ديفيد إس لودفيغ، وهو طبيب متخصص في أمراض الأطفال والغدد الصماء وباحث في علوم التغذية بمستشفى بوسطن للأطفال، وأستاذ في كلية هارفارد للصحة العامة، مراجعة شاملة لتأثير المؤشر الغلايسيمي على وظائف الأعضاء البشرية، حيث كشف بوضوح أهميته للوقاية من السمنة والسكري وأمراض القلب والشرايين والعلاج منها. ولو كان الأميركيون وأطباؤهم استمعوا لهذه المراجعة آنذاك، ربما كان وفر علينا ذلك إلى حد كبير عملية الإصلاح والعلاج التي نخوضها الآن.
وجرت صياغة هذا المؤشر عن طريق اختبار استجابة الغلوكوز لكمية قياسية من الكربوهيدرات أمام غذاء مرجعي، إما الغلوكوز النقي (رقم 100 على المؤشر) أو الخبز الأبيض (71). وتؤدي الأطعمة مرتفعة المؤشر الغلايسيمي مثل بطاطا «روسيت» المشوية (111)، الرغيف الفرنسي الأبيض (95)، رقائق الذرة (93)، الأرز الأبيض (89) والكعك المملح الجاف (83)، الشوفان المجروش الفوري (83)، كعك الأرز (82)، البطاطا المقلية (75)، إلى مستويات أعلى من الغلوكوز في الدم مقارنة بالخبز الأبيض العادي، ولذا يفضل استهلاكها على فترات متباعدة أو بكميات صغيرة.
وفي الناحية المقابلة، من المؤشر الغلايسيمي، يوجد الشوفان المجروش الطبيعي (55)، الباستا (46 للإسباغيتي، 32 لمكرونة فيتوتشيني) التفاح (39)، الجزر (35)، اللبن خالي الدسم (32)، الفاصوليا السوداء (32)، العدس (29)، الخوخ (29)، الشعير (28)، (10)، غريب فروت (25)، الفول السوداني (7) والحمص (6)، حيث تؤثر على نحو أقل على مستوى الغلوكوز في الدم، بينما لا تترك الخضراوات الخضراء مثل البروكلي تأثيرًا يذكر في هذا الإطار.
ويرتبط العبء الغلايسيمي ارتباطًا وثيقًا بالمؤشر الغلايسيمي. وبينما يقيس المؤشر الغلايسيمي السرعة التي يرفع بها طعام معين مستوى السكر في الدم، يأخذ العبء الغلايسيمي حجم هذا الطعام في الحسبان. وهكذا، فإن طعامًا مثل البطيخ، الذي يمتلك مؤشرًا غلايسيميًا مرتفعًا، ينخفض عبئه الغلايسيمي، لأن الماء يشكل معظم حجم هذه الفاكهة.
وتمثل الأطعمة ذات المؤشرات والأعباء الغلايسيمية المرتفعة مشكلة، خصوصًا للأشخاص الذين يحاولون السيطرة على زيادة أوزانهم، حيث يمكن أن تتجاوز كمية الإنسولين المفرزة المستوى المطلوب لخفض الغلوكوز في الدم وتؤدي إلى عودة سريعة للإحساس بالجوع. على الجانب الآخر، لا يترك الطعام منخفض المؤشر والعبء الغلايسيمي الأثر نفسه. وهذا يمكن للأطعمة الغنية بالدهون الصحية مثل الفول السوداني أو الأفوكادو، أن تؤجل بالفعل عودة الإحساس بالجوع، رغم أن السعرات يمكن أن تتراكم سريعًا في حال استهلاك كميات زائدة من هذه الأطعمة.

* خدمة «نيويورك تايمز»



فيروس شائع قد يكون سبباً لمرض ألزهايمر لدى بعض الأشخاص

تظهر الخلايا المناعية في الدماغ أو الخلايا الدبقية الصغيرة (الأزرق الفاتح/الأرجواني) وهي تتفاعل مع لويحات الأميلويد (الأحمر) - وهي كتل بروتينية ضارة مرتبطة بمرض ألزهايمر ويسلط الرسم التوضيحي الضوء على دور الخلايا الدبقية الصغيرة في مراقبة صحة الدماغ (جامعة ولاية أريزونا)
تظهر الخلايا المناعية في الدماغ أو الخلايا الدبقية الصغيرة (الأزرق الفاتح/الأرجواني) وهي تتفاعل مع لويحات الأميلويد (الأحمر) - وهي كتل بروتينية ضارة مرتبطة بمرض ألزهايمر ويسلط الرسم التوضيحي الضوء على دور الخلايا الدبقية الصغيرة في مراقبة صحة الدماغ (جامعة ولاية أريزونا)
TT

فيروس شائع قد يكون سبباً لمرض ألزهايمر لدى بعض الأشخاص

تظهر الخلايا المناعية في الدماغ أو الخلايا الدبقية الصغيرة (الأزرق الفاتح/الأرجواني) وهي تتفاعل مع لويحات الأميلويد (الأحمر) - وهي كتل بروتينية ضارة مرتبطة بمرض ألزهايمر ويسلط الرسم التوضيحي الضوء على دور الخلايا الدبقية الصغيرة في مراقبة صحة الدماغ (جامعة ولاية أريزونا)
تظهر الخلايا المناعية في الدماغ أو الخلايا الدبقية الصغيرة (الأزرق الفاتح/الأرجواني) وهي تتفاعل مع لويحات الأميلويد (الأحمر) - وهي كتل بروتينية ضارة مرتبطة بمرض ألزهايمر ويسلط الرسم التوضيحي الضوء على دور الخلايا الدبقية الصغيرة في مراقبة صحة الدماغ (جامعة ولاية أريزونا)

اكتشف الباحثون وجود صلة بين عدوى الأمعاء المزمنة الناجمة عن فيروس شائع وتطور مرض ألزهايمر لدى بعض الأشخاص.

يواجه معظم الأشخاص فيروس تضخم الخلايا (إتش سي إم في) أثناء الطفولة، وبعد العدوى الأولية يظل الفيروس في الجسم مدى الحياة، وعادة ما يكون كامناً.

بحلول سن الثمانين، سيكون لدى 9 من كل 10 أشخاص أجسام مضادة لفيروس تضخم الخلايا في دمائهم. ينتشر هذا الفيروس، وهو نوع من فيروس الهربس، عبر سوائل الجسم ولكن فقط عندما يكون الفيروس نشطاً.

وأظهرت الدراسة أنه في إحدى المجموعات، ربما وجد الفيروس ثغرة بيولوجية، حيث يمكنه البقاء نشطاً لفترة كافية ليمضي على «الطريق السريع» لمحور الأمعاء والدماغ، والمعروف رسمياً باسم «العصب المبهم» وعند وصوله إلى الدماغ، يكون للفيروس النشط القدرة على تفاقم الجهاز المناعي والمساهمة في تطور مرض ألزهايمر.

وأكد موقع «ساينس ألرت» أن هذا احتمال مثير للقلق، لكنه يعني أيضاً أن الأدوية المضادة للفيروسات قد تكون قادرة على منع بعض الأشخاص من الإصابة بمرض ألزهايمر، خصوصاً إذا تمكن الباحثون من تطوير اختبارات الدم للكشف السريع عن عدوى الفيروس المضخم للخلايا النشطة في الأمعاء.

في وقت سابق من هذا العام، أعلن بعض أعضاء الفريق من جامعة ولاية أريزونا عن وجود صلة بين نوع فرعي من الخلايا الدبقية الصغيرة المرتبطة بمرض ألزهايمر، والتي تسمى «سي دي 83+» بسبب غرائب ​​الخلية الجينية، وارتفاع مستويات الغلوبولين المناعي «جي 4» في القولون المستعرض؛ مما يشير إلى نوع من العدوى. وتعدّ الخلايا الدبقية الصغيرة هي الخلايا التي تقوم بمهمة التنظيف في جميع أنحاء الجهاز العصبي المركزي. فهي تبحث عن اللويحات والحطام والخلايا العصبية والمشابك الزائدة أو المكسورة، وتمضغها حيثما أمكن وتطلق الإنذارات عندما تصبح العدوى أو الضرر خارج نطاق السيطرة.

يقول بن ريدهيد، عالم الطب الحيوي والمؤلف الرئيسي من جامعة ولاية أريزونا: «نعتقد أننا وجدنا نوعاً فرعياً فريداً بيولوجياً من مرض ألزهايمر قد يؤثر على 25 إلى 45 في المائة من الأشخاص المصابين بهذا المرض». وتابع: «يتضمن هذا النوع الفرعي من مرض ألزهايمر لويحات الأميلويد المميزة وتشابكات (تاو) - وهي تشوهات دماغية مجهرية تستخدم للتشخيص - ويتميز بملف بيولوجي مميز للفيروس والأجسام المضادة والخلايا المناعية في الدماغ».

تمكن الباحثون من الوصول إلى مجموعة من أنسجة الأعضاء المتبرع بها، بما في ذلك القولون والعصب المبهم والدماغ والسائل النخاعي، من 101 متبرع بالجسم، 66 منهم مصابون بمرض ألزهايمر. ساعدهم هذا في دراسة كيفية تفاعل أنظمة الجسم مع مرض ألزهايمر، الذي غالباً ما يُنظر إليه من خلال عدسة عصبية بحتة.

وقد تتبع الباحثون وجود الأجسام المضادة لفيروس تضخم الخلايا من أمعاء المتبرعين إلى السائل الشوكي لديهم، وحتى أدمغتهم، بل واكتشفوا حتى الفيروس نفسه كامناً داخل الأعصاب المبهمة للمتبرعين. وظهرت الأنماط نفسها عندما كرروا الدراسة في مجموعة منفصلة ومستقلة. إذ وفَّرت نماذج خلايا الدماغ البشرية المزيد من الأدلة على تورط الفيروس، من خلال زيادة إنتاج بروتين الأميلويد والبروتين تاو الفوسفوري والمساهمة في تنكس الخلايا العصبية وموتها.

ومن المهم أن هذه الروابط لم يتم العثور عليها إلا في مجموعة فرعية صغيرة جداً من الأفراد المصابين بعدوى فيروس تضخم الخلايا المعوية المزمنة. ونظراً لأن الجميع تقريباً يتلامس مع فيروس تضخم الخلايا، فإن التعرض للفيروس ببساطة ليس دائماً سبباً للقلق.

يعمل ريدهيد وفريقه على تطوير اختبار دم من شأنه الكشف عن عدوى فيروس تضخم الخلايا المعوية حتى يمكن علاجها بمضادات الفيروسات، وربما منع المرضى من الإصابة بهذا النوع من مرض ألزهايمر.