بين الخطأ والصواب

بين الخطأ والصواب
TT

بين الخطأ والصواب

بين الخطأ والصواب

الاضطرابات النفسية لدى الناجين من الكوارث

* تشير الأبحاث السابقة إلى أن الناجين من الكوارث الطبيعية هم في خطر متزايد للمعاناة من الاضطرابات النفسية، وخصوصا اضطراب ما بعد الصدمة. ومع ذلك، فقد لوحظ سابقا وجود شكوك في البعض من الدراسات المنشورة حول تأثيرات التعرض للكوارث على خطر حدوث اضطرابات ما بعد الصدمة، والاضطرابات النفسية الأخرى ومحاولات الانتحار. ومن اللافت للنظر أن دراسات قليلة للغاية هي التي قامت بعمل تقييم للناجين خلال السنوات الثلاث بعد الكارثة، والنادر منها استمر لفترات طويلة الأجل بسبب الاستنزاف المادي وصغر عينات الدراسة. وعلاوة على ذلك، فإن معظم تلك الدراسات اعتمدت على النتائج المبلغ عنها ذاتيا دون التقييم السريري معتمدة إلى حد كبير على تقارير التقييم الذاتي بأثر رجعي لمرحلة ما قبل الكارثة نفسيا.
تأثر، في العقد الماضي، أكثر من 200 مليون شخص سنويا من جراء تعرضهم للكوارث الطبيعية مما أدى إلى خسائر في الأرواح وتدمير الممتلكات، والتأثير النفسي في جميع أنحاء العالم.
في 26 ديسمبر (كانون الأول) 2004، تسبب زلزال سومطرا - أندامان الهائل في سلسلة من موجات المد التي غمرت المناطق الساحلية حول المحيط الهندي وقتل أكثر من 200 ألف شخص.
كان هناك نحو 20 ألف سائح سويدي في جنوب شرقي آسيا في وقت التسونامي. قتل 543 شخصا سويديا، مما جعل السويد البلد الأكثر تضررا. وقد قدم الناجون السويديون تقارير عن تجاربهم المؤلمة والضيق النفسي الذي تعرضوا له، ولكن لم تستطع أي دراسة أن تثبت ما إذا كان لدى هذه الفئة من الناس عوامل خطر سابقة للاضطرابات النفسية على خلفية السجلات في مراكز خدمات الرعاية الصحية الأولية.
أجرى علماء سويديون دراسة نشرت في العدد الأخير من مجلة «لانسيت» للأمراض العقلية (The Lancet Psychiatry) تهدف إلى تحديد ما إذا كان الناجون السويديون قد زادت لديهم مخاطر الاضطرابات النفسية ومحاولات الانتحار بعد مرور 5 سنوات من عودتهم إلى وطنهم بعد الكارثة. تم حصر عدد (8762 بالغا و3742 طفلا) ومجموعة تحكيم عددها 864088 بالغا و320828 طفلا لمطابقة الجنس، والعمر، والحالة الاجتماعية الاقتصادية. تم استرجاع التشخيص النفسي ومحاولات الانتحار من سجل المرضى السويدي لمدة 5 سنوات بعد تسونامي (من 26 ديسمبر 2004، إلى 31 يناير (كانون الثاني) 2010) ونسب المخاطر المقدرة، ثم تم تعديلها لاضطرابات نفسية قبل التسونامي، وللأطفال اضطرابات الوالدين ما قبل تسونامي.
وجد أن البالغين في الدراسة كانوا أكثر عرضة من البالغين في مجموعة التحكيم لتلقي أي تشخيص للأمراض النفسية (6 * 2٪) مقابل (5 * 5 في المائة)، وكان الخطر أعلى لمحاولات الانتحار مع نية مؤكدة 0.43 في المائة مقابل 0.32 في المائة.
أما عن خطر وجود اضطرابات نفسية سابقة فلم يكن هناك أي فرق بين الناجين ومجموعة الدراسة (6.6 مقابل 6.9)، بينما كان خطر محاولة الانتحار عاليا خلال الثلاثة أشهر الأولى بعد تسونامي. كما وجد أن كارثة تسونامي عام 2004، بشكل مستقل عن المرض النفسي السابق، مرتبطة مع زيادة خطر الأمراض النفسية الشديدة، وخصوصا الاضطرابات المرتبطة بالتوتر ومحاولات الانتحار، سواء في الأطفال أو البالغين. وعليه ينبغي أن يستهدف الناجون من الكوارث الطبيعية بالتدخل المبكر والفعال والمتابعة على المدى الطويل لمنع وكشف وتخفيف الاضطرابات النفسية التي قد تتبع مستقبلا.
ضربة الشمس

من الأخطاء الشائعة في الحج ويرتكبها بعض الحجاج عدم التزامهم بالتعليمات الصحية خاصة الابتعاد عن أشعة الشمس المباشرة والحرارة العالية التي تسود الأجواء في هذه الفترة، خاصة عند بذل مجهود عضلي حاد مما يضيف حرارة داخلية إضافية، وبالأخص عند وجود أمراض حمى مصاحبة، وعدم وجود مسامات في بعض أنواع الملابس بما يمنع التهوية، فينتج عن هذا كله أن الحرارة المنتجة من الجسم أو المكتسبة تفوق قدرة الجسم على التبريد، فتتراكم، فيحدث خلل في مراكز تنظيم الحرارة مما يؤدي إلى عدم القدرة على التخلص من الحرارة.
تقول د. منيرة خالد بلحمر رئيس برنامج سفراء التوعية الصحية في الحج إن «التعرض لحرارة مرتفعة مدة طويلة يؤدي إلى موت خلايا أنسجة متعددة بالجسم، مع فشل مراكز المخ الحيوية والتي تقوم بعمل التوازن الحراري المعتاد بسبب الحمل الحراري الزائد وبالتالي اختلال الجهاز العصبي، مع ارتفاع درجات حرارة الجسم، وقلة إفراز العرق، ومن ثم الإصابة بضربة الشمس أو الحرارة التي تعتبر من الحالات التي تستدعي إسعافا عاجلا».
وتضيف د. بلحمر أن «الأعراض تظهر فجأة بسبب التعرض للشمس أو الحرارة العالية وتشمل: ضعفا عاما وشعورا بالهبوط، قيئا وإسهالا ربما يكون دمويا، قلة إفراز البول، تغير السلوك، وأحيانا تشنجات. وقد يكون الجلد جافا وحارا وليس متيبسا، مع نزفات جلدية دقيقة، زرقة بالشفتين، وتكون ملتحمة العين أحيانا صفراء، ومن الممكن اختفاء العرق أحيانا وهي علامة غير ثابتة. ويمكن أن تكون الحالة في غيبوبة أي فقدان للوعي».

ويمكن لمن يشاهد مريضا في حالة «ضربة الشمس» أن يقوم ببعض الإسعافات الأولية ريثما يتم نقله إلى المستشفى مثل:
*نقل المريض إلى الظل
* تسليط مروحة على المريض
* رش جلد المريض بالماء العادي
* وإذا كان متوفرا استنشاق الأكسجين
* التأكد من أن عدم انسداد مسالك الجهاز التنفسي
* نقل المريض إلى مركز علاج ضربات الحرارة فورا
وللوقاية من ضربات الحرارة، ننصح الحجاج بالتالي:
* الإكثار من شرب الماء أو السوائل بكمية كافية
* عدم التجمع في أماكن قليلة التهوية
* الامتناع عن المشي في الشمس لمسافات طويلة
* يمكن المشي في شمس أول النهار أو آخره أو ليلا
* ملازمة الظل في الجلوس أو المشي
* استعمال المظلة (الشمسية) لمنع التعرض المباشر لأشعة الشمس
* الملابس الفضفاضة الواسعة وخصوصا القطنية تسمح بالتهوية الجيدة
* إذا كان الشخص مصابا بأي نوع من الحميات حتى الخفيفة يجب الامتناع عن التعرض للشمس
* المرضى بأمراض مزمنة هم أكثر الناس تعرضا لضربة الحرارة وينبغي عدم تعرضهم للحرارة
* عند الشعور بالتعب يجب الراحة مستلقيا في مكان جيد التهوية وظليل
* يجب ملاحظة أن قلة العرق معناها احتياج الجسم لكثير من السوائل.

استشاري في طب المجتمع
مدير مركز المساعدية التخصصي ـ مستشفى الملك فهد بجدة



ما نعرفه عن «الميتانيوفيروس البشري» المنتشر في الصين

ما نعرفه عن «الميتانيوفيروس البشري» المنتشر في الصين
TT

ما نعرفه عن «الميتانيوفيروس البشري» المنتشر في الصين

ما نعرفه عن «الميتانيوفيروس البشري» المنتشر في الصين

أثارت التقارير عن زيادة حالات الإصابة بفيروس الجهاز التنفسي البشري المعروف اختصاراً بـHMPV في الصين أصداء قاتمة لبداية مماثلة لجائحة كوفيد - 19 قبل خمس سنوات تقريباً، كما كتبت ستيفاني نولين(*).

ولكن رغم أوجه التشابه السطحية، فإن هذا الوضع مختلف تماماً، وأقل إثارة للقلق، كما يقول خبراء الطب.

وإليك ما نعرفه عن «الفيروس المتحور الرئوي البشري» Human Metapneumovirus المعروف اختصاراً HMPV. ويسمى أحياناً أخرى بـ«الميتانيوفيروس البشري».

ما «الفيروس المتحور الرئوي البشري»؟

إنه أحد مسببات الأمراض العديدة التي تنتشر في جميع أنحاء العالم كل عام، وتسبب أمراض الجهاز التنفسي. وهو فيروس شائع؛ بل شائع جداً لدرجة أن معظم الناس يصابون به وهم ما زالوا أطفالاً وقد يعانون من عدة إصابات في حياتهم. وفي البلدان التي تشهد شهوراً من الطقس البارد، يمكن أن يكون لفيروس الجهاز التنفسي البشري موسم سنوي، تماماً مثل الإنفلونزا، بينما في الأماكن الأقرب إلى خط الاستواء، فإنه ينتشر بمستويات أقل طوال العام.

هذا الفيروس يشبه فيروساً معروفاً بشكل أفضل في الولايات المتحدة، «الفيروس المخلوي التنفسي»، RSV الذي يسبب أعراضاً تشبه إلى حد كبير تلك المرتبطة بالإنفلونزا وكوفيد، بما في ذلك السعال والحمى واحتقان الأنف والصفير.

معظم عدوى فيروس HMPV خفيفة، تشبه نوبات البرد الشائعة. لكن الحالات الشديدة يمكن أن تؤدي إلى التهاب الشعب الهوائية أو الالتهاب الرئوي، وخاصة بين الرضع وكبار السن والأشخاص الذين يعانون من ضعف المناعة. أما المرضى الذين يعانون من حالات الرئة السابقة، مثل الربو أو مرض الانسداد الرئوي المزمن أو انتفاخ الرئة، فهم أكثر عرضة لنتائج وخيمة.

منذ متى كان الفيروس موجوداً؟

تم التعرف على الفيروس في عام 2001، لكن الباحثين يقولون إنه انتشر بين البشر لمدة 60 عاماً على الأقل. ورغم أنه ليس جديداً، فإنها لا يحظى بالقدر نفسه من التعرف على الإنفلونزا أو كوفيد - 19 أو حتى الفيروس المخلوي التنفسي، كما يقول الدكتور لي هوارد، الأستاذ المساعد لأمراض الأطفال المعدية في المركز الطبي لجامعة فاندربيلت.

أحد الأسباب هو أنه نادراً ما تتم مناقشته بالاسم، إلا عندما يتم إدخال الأشخاص إلى المستشفى بسبب حالة مؤكدة منه.

ويضيف هوارد: «من الصعب حقاً التمييز بين السمات السريرية والأمراض الفيروسية الأخرى. إننا لا نختبر بشكل روتيني فيروس الجهاز التنفسي البشري بالطريقة التي نفعلها لكوفيد - 19 أو الإنفلونزا أو الفيروس المخلوي التنفسي، لذا فإن معظم حالات العدوى لا يتم التعرف عليها ويتم إرجاعها إلى أي عدوى تنفسية موجودة».

كيف يصاب الشخص بالفيروس التنفسي البشري؟

ينتشر الفيروس في المقام الأول من خلال الرذاذ أو الهباء الجوي من السعال أو العطس، ومن خلال الاتصال المباشر بشخص مصاب أو من خلال التعرض للأسطح الملوثة - وهي نفس الطرق التي يصاب بها الناس بنزلات البرد والإنفلونزا وكوفيد-19.

هل يوجد لقاح أو علاج له؟

لا يوجد لقاح ضد فيروسات الجهاز التنفسي البشري. ولكن هناك لقاح ضد فيروس الجهاز التنفسي المخلوي، ويجري البحث حالياً لإيجاد لقاح يمكنه الحماية ضد الفيروسين بجرعة واحدة، لأنهما متشابهان. لا يوجد علاج مضاد للفيروسات مخصص لفيروسات الجهاز التنفسي البشري؛ إذ يركز العلاج على إدارة الأعراض.

ماذا تقول الصين عن انتشاره؟

أقرت السلطات الصينية بارتفاع حالات الإصابة بفيروس الجهاز التنفسي البشري، لكنها أكدت أن الفيروس كيان معروف وليس مصدر قلق كبير. ويذكر أن فيروس كورونا المسبب لمرض كوفيد - 19 كان مسبباً جديداً للأمراض، لذا لم تتمكن أجهزة المناعة لدى الناس من بناء دفاعات ضده.

وفي مؤتمر صحافي عقدته مراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها في الصين في 27 ديسمبر (كانون الأول)، قال كان بياو، مدير معهد الأمراض المعدية التابع للمركز، إن حالات الإصابة بفيروس الجهاز التنفسي البشري آخذة في الارتفاع بين الأطفال الذين تبلغ أعمارهم 14 عاماً أو أقل. وقال إن الزيادة كانت ملحوظة بشكل خاص في شمال الصين. وأضاف أن حالات الإنفلونزا زادت أيضاً.

وقال إن الحالات قد ترتفع خلال عطلة رأس السنة القمرية الجديدة، في نهاية يناير (كانون الثاني)، عندما يسافر العديد من الناس ويتجمعون في مجموعات كبيرة.

لكن كان قال بشكل عام: «بالحكم على الوضع الحالي، فإن نطاق وشدة انتشار الأمراض المعدية التنفسية هذا العام سيكونان أقل من العام الماضي».

وأظهرت البيانات الصينية الرسمية أن حالات فيروس التهاب الرئة البشري كانت في ارتفاع منذ منتصف الشهر الماضي، سواء في العيادات الخارجية أو في حالات الطوارئ، وفقاً لـ«وكالة أنباء شينخوا» الرسمية. وقالت الوكالة إن بعض الآباء ومستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي لم يكونوا على دراية بالفيروس وكانوا يطلبون المشورة عبر الإنترنت؛ وحثت على اتخاذ الاحتياطات الهادئة والعادية مثل غسل اليدين بشكل متكرر وتجنب الأماكن المزدحمة.

في إحاطة إعلامية روتينية يوم الجمعة الماضي، أكد المتحدث باسم وزارة الخارجية أن حالات الإنفلونزا والفيروسات التنفسية الأخرى تزداد بشكل روتيني في هذا الوقت من العام ولكنها «تبدو أقل حدة وتنتشر على نطاق أصغر مقارنة بالعام السابق».

وقال المسؤولون الصينيون الأسبوع الماضي إنهم سيضعون نظام مراقبة للالتهاب الرئوي من أصل غير معروف. وسيشمل النظام إجراءات للمختبرات للإبلاغ عن الحالات وللوكالات المعنية بمكافحة الأمراض والوقاية منها للتحقق منها والتعامل معها، حسبما ذكرت «هيئة الإذاعة والتلفزيون» الصينية.

ماذا تقول «منظمة الصحة العالمية»؟

لم تعرب «منظمة الصحة العالمية» عن قلقها. واستشهدت الدكتورة مارغريت هاريس، المتحدثة باسم المنظمة، بتقارير أسبوعية من السلطات الصينية أظهرت ارتفاعاً متوقعاً في الحالات.

«كما هو متوقع في هذا الوقت من العام، أي شتاء نصف الكرة الشمالي، فإن هناك زيادة شهرية في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وكذلك RSV وفيروس الميتانيوفيروس» هذا، كما قالت هاريس عبر البريد الإلكتروني.

هل يجب أن نقلق؟

التقارير الواردة من الصين تذكرنا بتلك التي وردت في الأيام الأولى المربكة لجائحة كوفيد، ولا تزال «منظمة الصحة العالمية» تحث الصين على مشاركة المزيد من المعلومات حول أصل هذا التفشي، بعد خمس سنوات.

لكن الوضع الحالي مختلف في جوانب رئيسة. كان كوفيد فيروساً انتقل إلى البشر من الحيوانات ولم يكن معروفاً من قبل. أما فيروس الإنسان الميتانيوفيروس هذا فقد تمت دراسته جيداً، وهناك قدرة واسعة النطاق لاختباره.

هناك مناعة واسعة النطاق على مستوى السكان من هذا الفيروس على مستوى العالم؛ لم تكن هناك مناعة لكوفيد. يمكن لموسم فيروس الإنسان الميتانيوفيروس الشديد أن يجهد سعة المستشفيات -وخاصة أجنحة الأطفال- لكنه لا يرهق المراكز الطبية.

وقال الدكتور سانجايا سينانياكي، المتخصص في الأمراض المعدية وأستاذ مشارك في الطب في الجامعة الوطنية الأسترالية: «ومع ذلك، من الضروري أيضاً أن تشارك الصين بياناتها حول هذا التفشي في الوقت المناسب». «يتضمن هذا بيانات وبائية حول من يصاب بالعدوى. وسنحتاج أيضاً إلى بيانات جينومية تؤكد أن فيروس HMPV هو السبب، وأنه لا توجد أي طفرات كبيرة مثيرة للقلق».

* خدمة «نيويورك تايمز»