الأسد ورئيسي يتفقان على «تعاون استراتيجي طويل الأمد»

الرئيس الإيراني يؤكد وقوف طهران إلى جانب دمشق في مرحلة «إعادة الإعمار»

جانب من جلسة المحادثات الموسعة بين الرئيسين الإيراني والسوري في القصر الرئاسي بدمشق أمس (أ.ف.ب)
جانب من جلسة المحادثات الموسعة بين الرئيسين الإيراني والسوري في القصر الرئاسي بدمشق أمس (أ.ف.ب)
TT

الأسد ورئيسي يتفقان على «تعاون استراتيجي طويل الأمد»

جانب من جلسة المحادثات الموسعة بين الرئيسين الإيراني والسوري في القصر الرئاسي بدمشق أمس (أ.ف.ب)
جانب من جلسة المحادثات الموسعة بين الرئيسين الإيراني والسوري في القصر الرئاسي بدمشق أمس (أ.ف.ب)

بدأ الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي أمس (الأربعاء) زيارة لدمشق تدوم يومين واستهلها بجولة محادثات مع نظيره السوري بشار الأسد تناولت تعزيز العلاقات المتينة أصلاً بين البلدين. وفيما تحدث رئيسي عن «انتصارات كبيرة» حققتها سوريا، أشار الأسد إلى أن إيران وقفت إلى جانب الحكومة السورية مثلما وقفت هذه الأخيرة إلى جانب إيران في حرب السنوات الثماني مع إيران في ثمانينات القرن الماضي. ووقع الأسد ورئيسي في نهاية محادثاتهما أمس «مذكرة تفاهم لخطة التعاون الاستراتيجي الشامل الطويل الأمد».
وزيارة رئيسي لدمشق هي الأولى التي يقوم بها رئيس إيراني منذ 13 سنة عندما زارها الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد. في المقابل، زار الأسد طهران مرتين في السنوات الماضية، الأولى عام 2019 خلال حكم الرئيس السابق حسن روحاني، والثانية العام الماضي في عهد الرئيس الحالي رئيسي.

ونقلت وكالة الأنباء السورية «سانا» الرسمية عن الأسد قوله خلال الاجتماع الموسع مع رئيسي، إن العلاقة بين البلدين كانت «علاقة مستقرّة وثابتة رغم العواصف الشديدة السياسية والأمنية التي ضربت منطقة الشرق الأوسط». وتابع أن «الرؤية المشتركة (للبلدين) أثبتت أنها مستندة إلى أسس صحيحة وثابتة، مستندة إلى قيم، مستندة إلى مبادئ، مستندة إلى عقائد، ومستندة وهو الأهم إلى مصالح الشعوب وإلى سيادتها واستقلالها». وتابع: «العلاقة بين بلدينا بنيت على الوفاء، عندما شُنّت حرب ظالمة ضد إيران في عام 1980 لمدة ثماني سنوات، سوريا لم تتردد بالوقوف إلى جانب إيران»، مضيفاً أنه «عندما شُنّت الحرب ضد سوريا منذ اثني عشر عاماً لم تتردد إيران في الوقوف إلى جانب سوريا»، في إشارة إلى الدعم الإيراني لنظامه خلال سنوات النزاع الأهلي ضد فصائل المعارضة. وقال الأسد أيضاً إن «الرؤية المشتركة» للبلدين «ميّزت بين الواقعية السياسية وبين المقامرة السياسية (...) راهنا على انتصار الحق في النهاية وربحنا الرهان».
أما الرئيس الإيراني فقال، من جهته، إنه يبارك «الانتصارات الكبيرة التي حققتموها كسوريا، حكومة وشعباً»، مضيفاً أن «سوريا... اجتازت مصاعب كبيرة وتحملت هذه المصاعب، اليوم نستطيع القول ويجب أن نقول بأنكم قد عبرتم واجتزتم كل هذه المشاكل، واليوم قد حققتم هذا الانتصار رغم التهديدات والعقوبات التي فرضت ضدكم». وأكد أن العلاقة بين البلدين «لن تتأثر بالتغيرات والظروف في العالم والمنطقة»، مضيفاً «أن الظروف كانت صعبة لكن في النهاية شهدنا أن المقاومة أثبتت واتضح للجميع أن الطريق المنتصر هو طريق المقاومة». وتحدث رئيسي عن الدور الذي لعبته إيران في مساعدة العراق وسوريا في محاربة «الجماعات التكفيرية»، بحسب وصفه، مضيفاً: «نحن خلال فترة الحرب وقفنا إلى جانبكم وأيضاً سنقف إلى جانبكم خلال هذه الفترة، وهي فترة إعادة الإعمار، ونؤكد على توسيع العلاقات بين البلدين من الجوانب السياسية والاقتصادية والأمنية وأي مستوى آخر».
ووقع الأسد ورئيسي لاحقاً «مذكرة تفاهم لخطة التعاون الشامل الاستراتيجي طويل الأمد» بين البلدين. وأوضحت «سانا» أن الاتفاقات الموقعة بين سوريا وإيران شملت مذكرات تفاهم للتعاون في المجال الزراعي، والاعتراف المتبادل بالشهادات البحرية، ومحضر اجتماع للتعاون في مجال السكك الحديدية، ومحضر اجتماع للطيران المدني، ومذكرة تفاهم في مجال المناطق الحرة، ومذكرة تفاهم للتعاون في مجال النفط.

وأوضحت «سانا» أن الأسد ورئيسي بحثا في اجتماعهما العلاقات الثنائية وسبل تطويرها، وتطورات الشرق الأوسط و«انعكاس التغيرات العالمية على المنطقة، وتوحيد الجهود من أجل استثمار هذه التغيرات لصالح البلدين وشعوب المنطقة».
وصل رئيسي صباح الأربعاء إلى دمشق على رأس وفد وزاري سياسي واقتصادي رفيع. ويضمّ الوفد الإيراني كلاً من وزراء الخارجية، والطرق وبناء المدن، والدفاع، والنفط والاتصالات.
وتأتي زيارة رئيسي، وفق تصريحات أدلى بها الأخير لدى مغادرته طهران، في سياق «تعزيز وتقوية العلاقات الاقتصادية والسياسية والأمنية»، معتبراً أنه «بات واضحاً للجميع اليوم أن سوريا وحكومتها الشرعية يجب أن تمارس السيادة على كامل الأراضي السورية».
وأشارت وكالة الصحافة الفرنسية إلى أن جدول أعمال رئيسي في دمشق يتضمن زيارة مقامات دينية في ضواحي العاصمة، أبرزها مقام السيدة زينب الذي يحظى بأهمية خاصة لدى الطائفة الشيعية وشكّل الدفاع عنه عامل استقطاب لمقاتلين تدعمهم طهران وقاتلوا إلى جانب القوات الحكومية.
وتابعت الوكالة الفرنسية أن دمشق تشهد إجراءات مشددة وانتشاراً كثيفاً للقوى الأمنية، مشيرة إلى أن الأعلام الإيرانية رُفعت على أعمدة الإضاءة على طريق المطار وطريق آخر يؤدي إلى منطقة السيدة زينب. كما عُلقت صور للرئيسين الإيراني والسوري كتب عليها «أهلاً وسهلاً» باللغتين العربية والفارسية.
وهدأت الجبهات في سوريا نسبياً منذ 2019، وإن كانت الحرب لم تنته فعلياً. وتسيطر القوات الحكومية حالياً على غالبية المناطق التي فقدتها في بداية النزاع. وبات استقطاب أموال مرحلة إعادة الإعمار أولوية لدمشق بعدما أتت الحرب على البنى التحتية والمصانع والإنتاج.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية ناصر كنعاني في طهران الاثنين إنّ «سوريا دخلت مرحلة إعادة الإعمار، والجمهورية الإسلامية في إيران (...) جاهزة لتكون مع الحكومة السورية في هذه المرحلة أيضاً»، كما كانت إلى جانبها «في القتال ضد الإرهاب» والذي اعتبره «مثالاً ناجحاً على التعاون بين الدولتين».
منذ سنوات النزاع الأولى، أرسلت طهران مستشارين عسكريين لمساندة الجيش السوري في معاركه ضدّ المعارضة التي تصنّفها دمشق «إرهابية»، بينما تقاتل مجموعات من جنسيات أخرى موالية لإيران على رأسها «حزب الله» اللبناني إلى جانب القوات الحكومية.
وتُستهدف المجموعات الموالية لطهران غالباً بضربات إسرائيلية منذ سنوات، فيما تكرّر إسرائيل، العدوّ اللدود لإيران، أنّها لن تسمح للأخيرة بترسيخ وجودها على مقربة منها.


مقالات ذات صلة

اليوم الثاني لرئيسي في دمشق... فلسطيني

المشرق العربي اليوم الثاني لرئيسي في دمشق... فلسطيني

اليوم الثاني لرئيسي في دمشق... فلسطيني

في اليوم الثاني لزيارة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي إلى سوريا، التقى وفداً من الفصائل الفلسطينية الموجودة في دمشق، بحضور وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان. وأكد رئيسي، خلال اللقاء الذي عقد في القصر الرئاسي السوري أمس (الخميس)، أن بلاده «تعتبر دائماً القضية الفلسطينية أولوية في سياستها الخارجية». وأكد أن «المقاومة هي السبيل الوحيد لتقدم العالم الإسلامي ومواجهة الاحتلال الإسرائيلي»، وأن «المبادرة، اليوم، في أيدي المجاهدين والمقاتلين الفلسطينيين في ساحة المواجهة».

«الشرق الأوسط» (دمشق)
شؤون إقليمية باريس تدين احتجاز إيران ناقلة نفط في مياه الخليج

باريس تدين احتجاز إيران ناقلة نفط في مياه الخليج

نددت فرنسا باحتجاز البحرية التابعة لـ«الحرس الثوري» الإيراني ناقلة النفط «نيوفي» التي ترفع علم بنما في مضيق هرمز الاستراتيجي، وذلك صبيحة الثالث من مايو (أيار)، وفق المعلومات التي أذاعها الأسطول الخامس التابع للبحرية الأميركية وأكدها الادعاء الإيراني. وأعربت آن كلير لوجندر، الناطقة باسم الخارجية الفرنسية، في مؤتمرها الصحافي، أمس، أن فرنسا «تعرب عن قلقها العميق لقيام إيران باحتجاز ناقلة نفطية» في مياه الخليج، داعية طهران إلى «الإفراج عن الناقلات المحتجزة لديها في أسرع وقت».

ميشال أبونجم (باريس)
شؤون إقليمية منظمات تندد بـ«إصرار» فرنسا «على رغبتها بترحيل» إيرانيين

منظمات تندد بـ«إصرار» فرنسا «على رغبتها بترحيل» إيرانيين

قالت منظمات غير حكومية إن فرنسا احتجزت العديد من الإيرانيين في مراكز اعتقال في الأسابيع الأخيرة، معتبرة ذلك إشارة إلى أنّ الحكومة «تصر على رغبتها في ترحيلهم إلى إيران» رغم نفي وزير الداخلية جيرالد دارمانان. وكتبت منظمات العفو الدولية، و«لا سيماد»، و«إيرانيان جاستس كوليكتيف» في بيان الأربعاء: «تواصل الحكومة إبلاغ قرارات الترحيل إلى إيران مهددة حياة هؤلاء الأشخاص وكذلك حياة عائلاتهم». واعتبرت المنظمات أن «فرنسا تصرّ على رغبتها في الترحيل إلى إيران»، حيث تشن السلطات قمعاً دامياً يستهدف حركة الاحتجاج التي اندلعت إثر وفاة الشابة الإيرانية الكردية مهسا أميني في سبتمبر (أيلول)، أثناء احتجازها لدى شرط

«الشرق الأوسط» (باريس)
شؤون إقليمية قاآني: انتقمنا جزئياً لسليماني بطرد القوات الأميركية من المنطقة

قاآني: انتقمنا جزئياً لسليماني بطرد القوات الأميركية من المنطقة

قال مسؤول العمليات الخارجية في «الحرس الثوري»، إسماعيل قاآني، إن قواته انتقمت جزئيا من القوات الأميركية بطردها من المنطقة، مضيفا في الوقت نفسه «القدس ليست الهدف النهائي وإنما هدف وسط»، مشددا على ضرورة أن تجد إيران موقعها في انتقال القوة من الغرب إلى الشرق. ونقلت وكالة «فارس» التابعة لـ«الحرس الثوري» عن قاآني قوله خلال اجتماع الجمعية العامة لطلاب الحوزات العلمية في قم إن «أميركا وإسرائيل وحتى الناتو و... تقوم بالتعبئة لتخريب إيران». وقال قاآني «مثلما قال المرشد فإن إيران من المؤكد لن تبقى بعد 25 عاماً، وهم (الإسرائيليون) يستعجلون ذلك».

«الشرق الأوسط» (طهران)
شؤون إقليمية فرنسا تدين احتجاز إيران ناقلة نفط في مياه الخليج

فرنسا تدين احتجاز إيران ناقلة نفط في مياه الخليج

ندّدت فرنسا باحتجاز البحرية التابعة للحرس الثوري الإيراني ناقلة النفط «نيوفي» التي ترفع عَلَم بنما، في مضيق هرمز الاستراتيجي، وذلك صبيحة الثالث من مايو (أيار)، وفق المعلومات التي أذاعها الأسطول الخامس، التابع لـ«البحرية» الأميركية، وأكدها الادعاء الإيراني. وأعربت آن كلير لوجندر، الناطقة باسم «الخارجية» الفرنسية، في مؤتمرها الصحافي، أمس، أن فرنسا «تعرب عن قلقها العميق لقيام إيران باحتجاز ناقلة نفطية» في مياه الخليج، داعية طهران إلى «الإفراج عن الناقلات المحتجَزة لديها في أسرع وقت».

ميشال أبونجم (باريس)

تحذيرات إسرائيلية من «رسائل نصية خبيثة» لتجنيد جواسيس لإيران

رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق نفتالي بينيت (أرشيفية - رويترز)
رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق نفتالي بينيت (أرشيفية - رويترز)
TT

تحذيرات إسرائيلية من «رسائل نصية خبيثة» لتجنيد جواسيس لإيران

رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق نفتالي بينيت (أرشيفية - رويترز)
رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق نفتالي بينيت (أرشيفية - رويترز)

بعد الصدمة التي أحدثها اختراق إيراني لهاتف رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق، نفتالي بينيت، حذّرت هيئة الأمن السيبراني في إسرائيل، الخميس، من هجمة رسائل نصية وصلت إلى آلاف الإسرائيليين سعياً لتجنيدهم للتجسس لصالح إيران.

وقالت الهيئة إن كمية كبيرة من الرسائل النصية القصيرة المكتوبة باللغة الإنجليزية وصلت خلال الساعات الأخيرة إلى عدد كبير من الإسرائيليين، تحاول إقناعهم بالتعاون مع جهات إيرانية. وأضافت أن الحديث يدور عن رسائل «خبيثة»، هدفها التضليل أو إثارة الذعر بين المواطنين.

وجاء في الرسالة أن إيران تعرض عملاً استخباراتياً لصالحها، وتدعو من هو معني بذلك أن يتصل مع أقرب سفارة إيرانية له.

وذكرت الهيئة أن الرسائل أُرسلت من رقم إسرائيلي، ووصلت أيضاً إلى شخصيات رفيعة المستوى، وأنها ترى أن هذه محاولة تجنيد مباشرة، وأنها تتابع القضية مع الجهات ذات الصلة.

ودعت هيئة الأمن السيبراني الإسرائيليين إلى تجاهل الرسائل كلياً، وعدم الرد عليها أو التواصل مع الجهة المُرسِلة. وشدّدت على ضرورة حظر رقم المُرسل، ووضعه ضمن الرسائل غير المرغوب فيها (Spam). كما طالبت بعدم إعادة إرسالها أو تداولها لمنع انتشارها على نطاق أوسع. وقالت إن الهدف من هذه الرسائل «التضليل أو إثارة الهلع».

ليست المرة الأولى

وربط خبراء في الأمن السيبراني بين تلك الرسائل التي تعرض التعاون مع أجهزة الاستخبارات الإيرانية، وتسريب قائمة جهات الاتصال الخاصة برئيس الحكومة السابق بينيت، من دون إعطاء تفاصيل.

غير أن مجرد الربط بين الأمرين يشير إلى مدى القلق من هذا العمل، ومن إمكانية نجاحه في الإيقاع بمواطنين، أو حتى بموظفين أو مسؤولين يواجهون مشاكل اقتصادية أو نفسية يمكن استغلالها لاستقطابهم.

وكانت مجموعة قرصنة مرتبطة بإيران قد أعلنت، الأربعاء، أنها اخترقت هاتف بينيت الشخصي، ونشرت 141 صفحة تضم أرقام هواتف ومحادثات سرية وشخصية عديدة له.

وقالت مصادر مطلعة لوسائل إعلام عبرية إن هذا النشر كاد يغري رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو للخروج ببيان عبر شريط مصور، يستغل فيه ورطة بينيت، الذي يُعتبر أقوى منافسيه على رئاسة الحكومة القادمة، ليقول إن من يتعرض هاتفه لمثل هذا الاختراق لا يصلح رئيساً للحكومة.

رئيس الوزراء الحالي بنيامين نتنياهو والسابق نفتالي بينيت (وسائل إعلام إسرائيلية)

وسبق أن فعل نتنياهو هذا قبل خمس سنوات عندما كشف أن قراصنة إيرانيين اخترقوا هاتف بيني غانتس، الذي كان في ذلك الوقت ينافس نتنياهو على رئاسة الحكومة. واستغل نتنياهو ذلك الحدث جيداً في الانتخابات حين شكك في قدرة غانتس، وقال: «من لا يقدر على حماية هاتفه، كيف يحمي الدولة إذا أصبح رئيساً للحكومة؟».

غير أن هذه المرة أُشير على نتنياهو بالتروي والتوقف عن مهاجمة بينيت؛ إذ إن الأمر مختلف، والعملية أخطر وأعمق. فقد سيطر القراصنة ليس على الهاتف فحسب، بل على برنامج الحماية الشديد الذي تم فيه تخزين أسرار اتصالات بينيت. كما أن القراصنة حرصوا على كشف أسماء عدد من الشخصيات التي تم الكشف عن هواتفها السرية، وهو ما يُعتبر مساساً بها أيضاً وليس فقط ببينيت.

المأزق والبلبلة

يُذكر أن بينيت دخل في ورطة أخرى عندما طُلب منه التعليق على منشور القراصنة، ولم يستطع إخفاء البلبلة التي أصابته؛

ففي البداية نفى الأمر، وقال إن الهاتف المذكور «غير مستخدم حالياً»، ثم عاد مكتبه ليقول لاحقاً إنه «بعد الفحوص التي أُجريت، تبيّن أن جهاز الهاتف الخاص برئيس الحكومة السابق لم يتعرض للاختراق»، ثم جاء الاعتراف بالاختراق في بيان ثالث، قال فيه بينيت إن القضية قيد معالجة الجهات الأمنية، وإن «أعداء إسرائيل سيفعلون كل ما بوسعهم لمنعي من العودة إلى رئاسة الحكومة».

وتابع أنه بعد فحص إضافي تبيّن أن هاتفه الشخصي لم يتعرض للاختراق، إلا أنه تم الوصول إلى حسابه على تطبيق «تلغرام» بطرق مختلفة.

ولفت إلى أن ذلك «أدى إلى تسريب محتوى قائمة أرقام الهواتف، إضافة إلى صور ومحادثات عديدة، بعضها حقيقي وبعضها زائف».

وسخرت مجموعة القرصنة التي قالت إنها نفذت عملية الاختراق من بينيت. وأصدرت المجموعة التي تطلق على نفسها اسم «حنظلة» (Handala)، وتقول إنها على صلة بوزارة الاستخبارات الإيرانية، بياناً، الأربعاء، وجهت فيه الحديث إلى رئيس الوزراء السابق قائلة: «عزيزي نفتالي بينيت، لقد تفاخرتَ يوماً بأنك منارة في مجال الأمن السيبراني، وقدّمت خبرتك للعالم. لكن يا للمفارقة، كيف سقط هاتفك (آيفون 13) بسهولة في أيدي مجموعة (حنظلة)؟! رغم كل تباهيك وغرورك، لم تكن قلعتك الرقمية سوى جدار من ورق ينتظر من يخترقه»، وفق ما نقله موقع «واي نت» الإسرائيلي.


رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق نفتالي بينيت يتعرض لهجوم سيبراني

نفتالي بينيت (رويترز)
نفتالي بينيت (رويترز)
TT

رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق نفتالي بينيت يتعرض لهجوم سيبراني

نفتالي بينيت (رويترز)
نفتالي بينيت (رويترز)

أقرّ رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق نفتالي بينيت، المرشّح لخلافة بنيامين نتنياهو في الانتخابات المقبلة، الأربعاء، بأن حسابه على «تلغرام» تعرّض لهجوم سيبراني، بعدما أعلن قراصنة معلوماتية أنهم اخترقوا هاتفه.

وقال بينيت في بيان إن «القضيّة قيد المعالجة من قبل الجهاز الأمني... وبعد تدقيقات إضافية، تبيّن أن هاتفي لم يتعرّض للقرصنة لكن تمّ النفاذ إلى حسابي على (تلغرام) بطرق مختلفة».

وأضاف بينيت الذي تولّى رئاسة الوزراء بين يونيو (حزيران) 2021 ويونيو 2022: «تمّ نشر محتويات سجلّي وعدّة صور ومحادثات».

والأربعاء، نشرت مراسلات وتسجيلات مصوّرة وصور قيل إنها أخذت من هاتف بينيت على حساب لقراصنة معلوماتية تحت اسم «حنظلة».

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (إ.ب.أ)

وأجرت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية اليسارية تحقيقات أظهرت أن العديد من أرقام الهواتف حقيقية وعائدة لمسؤولين رفيعي المستوى في إسرائيل والخارج من جهاز الأمن وقادة أجانب، من بينهم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون.

ويؤكد قراصنة المعلوماتية أنهم استهدفوا بينيت في هجوم سيبراني تحت اسم «عملية أخطبوطية». وكتبوا في منشور على حسابهم في «إكس»: «عزيزي نفتالي بينيت، قلت بفخر إنك قدوة يقتدى بها في مجال الأمن السيبراني، مستعرضاً مهاراتك أمام العالم أجمع... ويا لها من مفارقة أن يقع هاتفك الشخصي من طراز آيفون 13 بهذه السهولة بين يدي (حنظلة)».

ونشرت وكالة أنباء «إرنا» الإيرانية أسماء جهات اتصال تمّ الحصول عليها من حساب بينيت على «تلغرام»، من دون القول ما إذا كان القراصنة على علاقة بطهران، كما ورد في الإعلام الإسرائيلي.

وقال بينيت في بيانه: «لن يوفّر أعداء إسرائيل جهداً لمنعي من العودة إلى رئاسة الوزراء. لكنهم لن يفلحوا. فلا أحد سيمنعني من التحرّك والنضال من أجل إسرائيل، دولة وشعباً»؛ من دون الإشارة إلى إيران.

وحرم نفتالي بينيت، الوجه البارز في أوساط اليمين الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو من رئاسة الوزراء في يونيو 2021 عبر تشكيل ائتلاف واسع ضمّ للمرّة الأولى في تاريخ إسرائيل حزباً عربياً.

وتشير استطلاعات الرأي إلى أن نفتالي بينيت الذي أعلن اعتزاله السياسة في 2022 هو المرشّح الأوفر حظّاً للتغلّب على نتنياهو في الانتخابات التشريعية المرتقبة في 2026.


رئيس إيران يؤكد رفض أي «شروط مهينة» للتفاوض مع واشنطن

الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان (إرنا)
الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان (إرنا)
TT

رئيس إيران يؤكد رفض أي «شروط مهينة» للتفاوض مع واشنطن

الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان (إرنا)
الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان (إرنا)

أكد الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان أن بلاده لن تقبل «شروطاً مهينة» للتفاوض مع الولايات المتحدة فيما يتعلق بالملف النووي، محذراً من محاولات تجريد إيران من مكونات القوة العسكرية، و«إضعافها» في مواجهة إسرائيل.

وقال بزشكيان خلال لقاء مع مجموعة من الشخصيات البارزة، والنخب السياسية في إيران، مساء الأربعاء، إن بلاده تسعى إلى السلام، والاستقرار الإقليمي، والتفاعل مع جيرانها، لكنها لن تخضع للإكراه «المهين».

وأضاف: «تفاوضنا مع أميركا، وكنا على استعداد للتوصل إلى اتفاق، لكنهم نقضوا الاتفاق بالحرب. والآن، يقترحون شروطاً مهينة لمواصلة المفاوضات، وهو أمر نرفضه رفضاً قاطعاً؛ لن نرضى بالإذلال، ولن نقبل بإيران ضعيفة، ومجزأة».

وشنَّت إسرائيل في 13 يونيو (حزيران) الماضي هجوماً غير مسبوق على منشآت استراتيجية في إيران، ما أسفر عن مقتل عشرات من قادة «الحرس الثوري»، إضافة إلى العديد من المسؤولين، والعلماء في البرنامج النووي الإيراني. وأشعلت تلك الضربات حرباً استمرت 12 يوماً بين البلدين، شاركت خلالها الولايات المتحدة بقصف ثلاثة مواقع نووية داخل إيران.

جانب من تشييع قادة عسكريين وعلماء إيرانيين قُتلوا في هجمات إسرائيلية بطهران 28 يونيو 2025 (أ.ف.ب)

وعقب الهجمات، علقت إيران تعاونها مع «الوكالة الدولية للطاقة الذرية»، وقيدت وصول مفتشيها إلى المواقع التي استهدفتها الضربات، منتقدةً امتناع الوكالة عن إدانة تلك الهجمات. كما ربط قانون أقره البرلمان الإيراني في يوليو (تموز) دخول المفتشين بالحصول على موافقات من مجلس الأمن القومي، الذي تطلبت قراراته مصادقة المرشد علي خامنئي.

وأكد بزشكيان أن إيران لا تسعى إلى صراع، مضيفاً: «صرحنا مراراً وتكراراً بأننا لا نسعى إلى صنع القنبلة الذرية، ومستعدون لأي عملية تَحقُّق، لكن الطرف الآخر يسعى للقضاء على كل مقومات قوة إيران، وإضعافها في مواجهة الكيان الصهيوني. نحن نسعى إلى السلام، لكننا لن نقبل بالهيمنة».

الشروط الأميركية

كانت واشنطن قد وضعت شروطاً لاستئناف المحادثات مع إيران، منها عدم تخصيب اليورانيوم نهائياً، وفرض قيود على برنامجها الصاروخي. ورفضت طهران هذه الشروط معتبرة إياها «انتهاكاً غير مقبول لسيادتها».

وعقدت إيران خمس جولات من المحادثات حول بديل للاتفاق النووي المبرم عام 2015 قبل الغارات الجوية الأميركية-الإسرائيلية على البلاد ومنشآتها النووية في منتصف يونيو.

ودعت الولايات المتحدة وحلفاؤها الأوروبيون في أكثر من مناسبة إلى عدم اقتصار أي اتفاق مستقبلي مع إيران على أنشطتها النووية، وحسب، بل يجب أن يشمل أيضاً برنامجها للصواريخ الباليستية. وقد رفضت طهران هذا الطلب، وأصرت على أن قدراتها العسكرية غير قابلة للتفاوض.

وفي 28 أغسطس (آب)، قامت الترويكا الأوروبية بتفعيل «آلية العودة السريعة» (سناب باك) لاستعادة عقوبات الأمم المتحدة، والتي كانت قد رُفعت في إطار اتفاق عام 2015، مما زاد من تعقيد الجهود الدبلوماسية.

دعوة إلى «الوحدة»

وخلال لقاء عقده، الخميس، مع مجموعة من النشطاء الثقافيين بمحافظة خراسان بجنوب البلاد، دعا الرئيس الإيراني إلى التكاتف، والوحدة في مواجهة الصعاب، والمشكلات.

وقال: «لو كانت المجتمعات الإسلامية متحدة، ونبذت الخلافات، والصراعات، لما أقدمت إسرائيل على اقتراف كل هذه الفظاعات والجرائم في بلدان المنطقة».

وأكد: «إن اتحدنا ونحينا الخلافات جانباً، فلن يقدر أحد على إلحاق الهزيمة بنا».

متحدث الحرس الثوري

وعن الحرب التي استمرت 12 يوماً خلال شهر يونيو الماضي، قال المتحدث باسم الحرس الثوري الإيراني علي محمد نائيني إن طهران كانت لديها «قاعدة بيانات استخباراتية كاملة» حول الأهداف الإسرائيلية مكنتها من توجيه ضربات انتقامية دقيقة.

الدفاعات الجوية الإسرائيلية تسعى للتصدي لهجمات صاروخية إيرانية في سماء تل أبيب يوم 21 يونيو 2025 (أ.ب)

وأضاف في تصريحات أدلى بها، الأربعاء، أن إيران دمرت 47 مركزاً استراتيجياً إسرائيلياً، وعدداً من المراكز العلمية والتكنولوجية، ومحطتين لتوليد الطاقة، «بناءً على المعلومات التي تم الحصول عليها من داخل الأراضي التي تحتلها إسرائيل».

واستطرد قائلاً: «نحو 80 في المائة من عمليات إيران في حرب الـ12 يوماً اعتمدت على المعلومات الاستخباراتية التي جُمعت في السنوات السابقة».

وقال إنه كلما ضربت إسرائيل هدفاً «ردت إيران بضرب مبنى لنفس الغرض... ولم ينحرف صاروخ واحد عن مساره بفضل الاستخبارات الإيرانية».

عراقجي وزيارة روسيا

ووسط تصاعد الجدل بشأن مستقبل التعاون بين طهران والوكالة الدولية للطاقة الذرية، واستمرار الخلافات حول الاتفاق النووي، بدأ وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي زيارة إلى موسكو، الثلاثاء، حيث أكد ونظيره الروسي سيرغي لافروف ضرورة التزام الوكالة بالحياد في تعاملها مع إيران.

وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف (إلى اليمين) مصافحاً نظيره الإيراني عباس عراقجي بعد مؤتمر صحافي في موسكو يوم الأربعاء (أ.ب)

وفي اليوم التالي من وصوله، وقَّع الطرفان اتفاقية تنظم آليات تنسيق التعاون بين وزارتي الخارجية في البلدين، وتكرّس أول تحرك مشترك في إطار معاهدة الشراكة الاستراتيجية الشاملة المبرمة بين الطرفين التي دخلت حيز التنفيذ بعد المصادقة عليها في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

وكتب عراقجي في تدوينة على منصة «إكس»، الخميس: «بناءً على معاهدة الشراكة الاستراتيجية بيننا، اتفقت وزارتا خارجية إيران وروسيا على خريطة طريق مدتها ثلاث سنوات لتنظيم ورفع مستوى التعاون والتنسيق بيننا».

وأضاف: «إن التعاون الوثيق بين موسكو وطهران سيتيح اتخاذ إجراءات أقوى في وجه العقوبات الغربية غير المشروعة، وتعزيز الاستقرار الإقليمي، ودعم مشاريع البنية التحتية، ومنع الإجراءات غير القانونية في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة».

وكان عراقجي قد قال، الأربعاء، إن إيران وروسيا اتفقتا خلال المحادثات على برنامج عمل لتطوير العلاقات الثنائية، مشيراً إلى أن العلاقات بين البلدين «تزداد قرباً وترابطاً يوماً بعد يوم».

وقال لافروف إن لإيران الحق في تخصيب اليورانيوم «سلمياً»، في حين أعلن عراقجي أن طهران ستواصل التخصيب رغم الأضرار التي لحقت بمنشآتها النووية.