ليبيون يستكشفون رغباتهم بشأن رئيسهم المقبل

عبْر استطلاع للرأي حول الدبيبة وباشاغا وصالح وحفتر وسيف القذافي

من الاحتفالات بعيد الفطر في مدينة بنغازي (رويترز)
من الاحتفالات بعيد الفطر في مدينة بنغازي (رويترز)
TT

ليبيون يستكشفون رغباتهم بشأن رئيسهم المقبل

من الاحتفالات بعيد الفطر في مدينة بنغازي (رويترز)
من الاحتفالات بعيد الفطر في مدينة بنغازي (رويترز)

وسط تصريحات متفائلة من المبعوث الأممي إلى ليبيا، عبد الله باتيلي، بشأن إمكانية إجراء انتخابات عامة خلال العام الجاري، تنشغل صفحات ليبية، تحظى بانتشار واسع عبر مواقع التواصل الاجتماعي، بإجراء استطلاعات حول الأسماء المحتملة للترشح لرئاسة البلد الغارق في الصراع منذ نحو 12 سنة.
وتداول مستخدمون ليبيون عبر «تويتر» و«فيسبوك»، مؤخراً، نتائج استطلاع أجرته صفحة «تك يحرق كل شيء» ويتابعها مليون ونصف المليون متابع، وشارك فيه أكثر من 35 ألف مصوّت. وتصدر نتيجة الاستطلاع سيف الإسلام، نجل الرئيس الليبي الراحل معمر القذافي الذي حكم البلاد لمدة 42 سنة. وحصد أكثر من 27 ألف صوت بفارق كبير عن منافسيه في الاستطلاع، وهم: عبد الحميد الدبيبة رئيس حكومة «الوحدة» المؤقتة، وفتحي باشاغا رئيس حكومة «الاستقرار» المدعومة من مجلس النواب، وخليفة حفتر القائد العام لـ«الجيش الوطني»، وعقيلة صالح رئيس مجلس النواب الليبي.
كان من المقرر إجراء انتخابات رئاسية وتشريعية في ليبيا، في ديسمبر (كانون الأول) من عام 2021، غير أن خلافات الأفرقاء حالت دون إتمام ذلك الاستحقاق، بسبب عدم الاتفاق على القاعدة القانونية للاقتراع، وإعلان المفوضية الوطنية العليا للانتخابات وجود «قوة قاهرة» تَحول دون تنظيم العملية الانتخابية. ويأمل باتيلي، من خلال مبادرة أطلقها في فبراير (شباط) الماضي، في التوصل إلى اتفاق لتنظيم تلك الانتخابات، بحلول منتصف يونيو (حزيران) المقبل، على أمل إجراء الاقتراع قبل حلول نهاية العام. وفي وقت سابق، اختار مجلسا النواب والدولة ممثليهما في لجنة «6+6» المعنية بإعداد القوانين الانتخابية بموجب التعديل الدستوري الثالث عشر.
ويرى محللون ونشطاء سياسيون، منهم عمران مفتاح السنوسي «أن استطلاعات الرأي الحقيقية هي التي تعكس رأي شريحة لا بأس بها من المجتمع، وقد تعطي للباحث منظوراً مبدئياً لما ستكون عليه النتائج النهائية على نطاق أوسع». ويقول، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إن هذه الاستطلاعات، التي تخرج بين الفينة والأخرى، قد تعكس أحياناً الرأي العام «ولكنها بالمجمل لا تعكس الرأي النهائي، والذي قد يتأثر بعدة عوامل على أرض الواقع... عوامل قد تمنع أو تعيق وصول الرأي الحقيقي للناخبين».
ولا يعتقد السنوسي أنه من الممكن إجراء انتخابات حرة ونزيهة، «في ظل الظروف التي تمر بها البلد، فما جعلها تتوقف قبل عام، قد يؤدي إلى توقفها لأعوام أخرى»، حسب تعبيره. ويضيف أن مثل هذه الاستطلاعات «لا تشكّل رؤية حقيقية لأن العينة المستهدفة، أو الشريحة التي دخلت في الاستطلاع غير متوازنة، وغير حقيقية؛ فالظروف الإلكترونية قد لا تعكس الظروف الواقعية على الأرض، وإن كانت تعكس الرغبات الحقيقية. ولهذا، فالنتائج حتماً ستكون غير دقيقة، ولا يمكن التأسيس عليها».
وإجمالاً يتوقع عمران السنوسي أن يظل المشهد السياسي الليبي «معقداً ولا يبشر بالخير، ما لم يتوقف التدخل الخارجي في الشؤون الداخلية والخارجية الليبية؛ فالقوة القاهرة تمارسها الدول على المشهد السياسي الليبي، واحتمالية دخول البلاد في فوضى حروب أخرى، لا تزال قائمة». وبتفصيل أكثر، يقول: «ما نراه من تنقلات وتحركات وضغوطات وتحشيدات للرأي العام والخاص، وتجميع للساسة والقادة العسكريين، مع ترحيبنا بذلك، ما هو إلا إرهاصات لما قد يحدث في المستقبل القريب»، معرباً عن أمله في ألا تنزلق الأمور إلى المواجهات المسلحة من جديد، «فالبلد لم يعد يحتمل أكثر».
وفيما يرى المحلل السياسي الليبي، محمد الأسمر، استطلاعات الرأي «مؤشراً واستدلالاً على توجهات الليبيين»، يقول إنه لا يستطيع الاعتماد عليها بشكل تام «لخلوها من العناصر العلمية المطلوبة في القيام بالاستطلاعات، وفي مقدمتها كيفية اختيار العينات العشوائية، ونسبتها في التوزيع بين المناطق الجغرافية في البلاد».
ويضيف المحلل الليبي، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن الحديث عن الاستطلاعات، بشكل عام، يعد منقوصاً الآن، «فلا أحد يعرف، على وجه التحديد، هوية الشخصيات التي ستخوض الانتخابات المقبلة إذا أُقيمت في موعدها المأمول».
ويوضح أن تحديد المرشحين مرتبط بالقواعد التي سيتضمنها قانون الانتخابات، والذي يجب أن يصدر بعد توافق مجلسَي النواب والدولة على قاعدة يتم بناءً عليها إنتاج الأسس القانونية للعملية الانتخابية. ويشير إلى استطلاعات أُجريت بعد صدور قانون الانتخابات رقم 1 لسنة 2021 في سبتمبر (أيلول) من العام نفسه، بشأن الانتخابات الرئاسية. ويقول إن سيف الإسلام معمر القذافي تصدر تلك الاستطلاعات، وجاء المشير خليفة حفتر في المركز الثاني، موضحاً أن هذه الاستطلاعات أجرتها قنوات ومنصات فضائية عدة، منها قناة «ليبيا تنتخب».
ولا يشارك المحلل الليبي، المبعوث الأممي، تفاؤله بشأن إمكانية إجراء انتخابات خلال العام الجاري، حيث يقول الأسمر إنه «لن تكون هناك انتخابات في 2023 على الإطلاق. فالوقت ليس كافياً لإنتاج القوانين واللوائح التنفيذية لها، وتسجيل الناخبين والمرشحين، وغير ذلك من الاستعدادات اللوجيستية المطلوبة».


مقالات ذات صلة

المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

شمال افريقيا المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

بحثت نجلاء المنقوش مع نظيرها وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف، خلال زيارة لها أمس إلى الجزائر، فتح المعابر البرية والنقل البحري والجوي أمام حركة التجارة وتنقل الأشخاص، بعد سنين طويلة من الإغلاق، بسبب الأزمة السياسية والأمنية في ليبيا. وذكرت الخارجية الجزائرية في بيان أن الوزيرين بحثا قضايا جارية في الساحتين المغاربية والعربية، منها تطورات ملف الصحراء، والمساعي العربية والدولية لوقف الاقتتال وحقن الدماء في السودان. وأكد البيان أن عطاف تلقى من المنقوش «عرضا حول آخر مستجدات العملية السياسية التي تقودها الأمم المتحدة، لإنهاء الأزمة في ليبيا».

شمال افريقيا وفدان أميركي وفرنسي يبحثان في ليبيا تطوير الجيش

وفدان أميركي وفرنسي يبحثان في ليبيا تطوير الجيش

بحث وفدان عسكريان، أميركي وفرنسي، في ليبيا سبل إعادة بناء وتطوير المؤسسة العسكرية المُنقسمة، بين شرق البلاد وغربها، منذ إسقاط النظام السابق، في وقت زار فيه المشير خليفة حفتر، القائد العام لـ«الجيش الوطني» روما، والتقى برئيسة الوزراء بالحكومة الإيطالية جورجا ميلوني، وعدد من وزراء حكومتها. وفي لقاءين منفصلين في طرابلس (غرباً) وبنغازي (شرقاً)، التقى الوفدان الأميركي والفرنسي قيادات عسكرية للتأكيد على ضرورة توحيد الجيش الليبي.

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

بحثت وزيرة الخارجية الليبية نجلاء المنقوش مع نظيرها الجزائري أحمد عطاف، خلال زيارة لها اليوم الخميس إلى الجزائر، في فتح المعابر البرية والنقل البحري والجوي أمام حركة التجارة وتنقل الاشخاص، بعد سنوات طويلة من الإغلاق، بسبب الأزمة السياسية والامنية في ليبيا.

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا «حبوب الهلوسة»... «سلاح قاتل» يستهدف عقول الليبيين

«حبوب الهلوسة»... «سلاح قاتل» يستهدف عقول الليبيين

لم يكن من قبيل الصدفة أن تقذف أمواج البحر المتوسط كميات متنوعة من المخدرات إلى السواحل الليبية، أو أن تتلقف شِباك الصيادين قرب الشاطئ «حزماً» من «الحشيش والكوكايين وحبوب الهلوسة»، فالبلاد تحوّلت -وفق تقرير أممي- إلى «معبر مهم» لهذه التجارة المجرّمة. وتعلن السلطات الأمنية في عموم ليبيا من وقت لآخر عن ضبط «كميات كبيرة» من المخدرات قبل دخولها البلاد عبر الموانئ البحري والبرية، أو القبض على مواطنين ووافدين وهو يروّجون هذه الأصناف التي يُنظر إليها على أنها تستهدف «عقول الشباب الليبي». غير أنه بات لافتاً من واقع عمليات الضبط التي تعلن عنها السلطات المحلية تزايُد تهريب المخدرات وتعاطيها، خصوصاً «حبوب

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا «النواب» و«الدولة» يقران آلية عمل لجنة قوانين الانتخابات الليبية

«النواب» و«الدولة» يقران آلية عمل لجنة قوانين الانتخابات الليبية

استهلّت اللجنة المُشتركة لممثلي مجلسي «النواب» و«الدولة» (6+6) المكلفة بإعداد قوانين الانتخابات الليبية، اجتماعاتها في العاصمة طرابلس بـ«الاتفاق على آلية عملها». وطبقاً لما أعلنه عبد الله بليحق، المتحدث الرسمي باسم مجلس النواب، فقد شهد الاجتماع ما وصفه بتقارب في وجهات النظر بين أعضاء اللجنة حول القوانين الانتخابية، مشيراً، في بيان مقتضب مساء أول من أمس، إلى أنه «تم أيضاً الاتفاق على التواصل مع الجهات والمؤسسات ذات العلاقة بالعملية الانتخابية».

خالد محمود (القاهرة)

الجيش السوداني يتقدم على جبهات القتال في ولاية الجزيرة

عناصر من الجيش السوداني خلال عرض عسكري (أرشيفية - أ.ف.ب)
عناصر من الجيش السوداني خلال عرض عسكري (أرشيفية - أ.ف.ب)
TT

الجيش السوداني يتقدم على جبهات القتال في ولاية الجزيرة

عناصر من الجيش السوداني خلال عرض عسكري (أرشيفية - أ.ف.ب)
عناصر من الجيش السوداني خلال عرض عسكري (أرشيفية - أ.ف.ب)

واصل الجيش السوداني، الخميس، تقدمه في المعارك الدائرة في ولاية الجزيرة وسط السودان، وسيطر على بلدة «الشبارقة»، بعد انسحاب «قوات الدعم السريع»، وفق مصادر محلية.

وكانت البلدة أحد أبرز أهداف الجيش في هذه الجبهة، لأنها تمكنه من الناحية العسكرية من التقدم نحو عاصمة الولاية، مدينة ود مدني.

وحقق الجيش السوداني تقدماً كبيراً في جنوب الجزيرة، يوم الأربعاء، حيث سيطر بالكامل على مدينة «الحاج عبد الله»، وعدد من القرى المجاورة لها، فيما تحدث شهود عيان عن توغله في أكثر من قرية قريبة من ود مدني باتجاه الجنوب.

عناصر من «الدعم السريع» في منطقة قريبة من الخرطوم (رويترز)

وقالت «لجان المقاومة الشبارقة»، وهي تنظيم شعبي محلي، «إن القوات المسلحة بسطت سيطرتها الكاملة على البلدة بعد معارك طاحنة».

وأفادت في بيان على موقع «فيسبوك»، بأن الطيران الحربي التابع للجيش «لعب دوراً كبيراً في إسناد الهجوم البري، بتنفيذ ضربات جوية على مواقع قوات الدعم السريع لمنعها من التقدم».

ووفقاً للجان، فقد «استولت القوات المسلحة على كميات من الأسلحة والذخائر كانت مخبأة داخل المنازل في البلدة».

وأظهر مقطع فيديو متداول على مواقع التواصل الاجتماعي، عناصر من قوات الجيش أمام لافتة على مدخل الشبارقة، فيما قالت مصادر أخرى، إن اشتباكات عنيفة سجلت بين قوات مشتركة من الميليشيات المسلحة المتحالفة مع الجيش ضد «قوات الدعم السريع» في الأجزاء الشرقية من بلدة «أم القرى» شرق الجزيرة، على بعد نحو 30 كيلومتراً من ود مدني.

وحسب المصادر، فإن القوات المهاجمة، تتقدمها ميليشيا «درع السودان» التي يقودها القائد المنشق عن «الدعم السريع» أبو عاقلة كيكل، فشلت في استعادة البلدة خلال المعارك الشرسة التي دارت الأربعاء.

وقال شهود عيان لــ«الشرق الأوسط»، إن المضادات الأرضية لقوات «الدعم السريع» تصدت لغارات جوية شنها الطيران الحربي للجيش على ارتكازاتها الرئيسية في وسط البلدة.

وتوجد قوات الجيش والفصائل التي تقاتل في صفوفه، على بعد عشرات الكيلومترات من مدينة ود مدني، لكن قوات «الدعم» لا تزال تنتشر بكثافة في كل المحاور المؤدية إلى عاصمة الولاية.

دورية لـ«الدعم السريع» في إحدى مناطق القتال بالسودان (رويترز)

ولم يصدر أي تصريح رسمي من «الدعم السريع»، التي يقودها محمد حمدان دقلو «حميدتي» بخصوص المعارك في ولاية الجزيرة التي جاءت بعد أشهر من التخطيط من قبل الجيش الذي شنّ هجوماً برياً يعد الأوسع والأعنف، وتمكن للمرة الأولى، من التوغل بعمق والسيطرة على عدد من المواقع التي كانت بقبضة «الدعم السريع».

ومنذ ديسمبر (كانون الأول) 2023، سيطرت قوات «الدعم» على 6 محليات في ولاية الجزيرة، ولم يتبق للجيش سوى محلية المناقل التي ما زالت تحت سيطرته، ويسعى عبر محورها لاستعادة الولاية كاملة.

ولكن رغم تقدم الجيش عسكرياً خلال الأشهر الماضية في وسط البلاد والخرطوم، لا تزال «الدعم السريع» تسيطر على معظم أنحاء العاصمة الخرطوم وولاية الجزيرة في وسط البلاد ومناطق شاسعة في إقليم دارفور، إضافة إلى جزء كبير من كردفان في الجنوب... وفي حال فرض الجيش سيطرته الكاملة على ولاية الجزيرة، فإنه بذلك سيحاصر «الدعم» في العاصمة الخرطوم من الناحية الجنوبية.

واندلعت الحرب منذ أكثر من 21 شهراً، وأدت إلى مقتل أكثر من 188 ألف شخص، وفرار أكثر من 10 ملايين من منازلهم.