أعلنت الحكومة الجزائرية عن خطة عاجلة لوقف نزيف هجرة الأطباء، التي تزداد، كل عام، إلى أوروبا، وخصوصاً فرنسا؛ بحثاً عن أجور عالية وظروف جيدة لممارسة المهنة. وتفيد إحصاءات «مجلس أخلاقيات الطب» بأن 15 ألف طبيب يعملون في المستشفيات الفرنسية حالياً، وقد درسوا الطب في مختلف التخصصات بالجزائر.
وأُحيل موضوع «نزيف الأطباء» إلى البرلمان، بتوجيه مساءلة لوزير الصحة وإصلاح المستشفيات عبد الحق سايحي، حول ما إذا كانت الحكومة تبحث عن حل لهذه المشكلة التي تتعاظم من سنة لأخرى. وأكد سايحي أن «لجنة مشتركة» استُحدثت، تجمع عدداً من القطاعات، للتكفل برفع أجور الأطباء وتحسين ظروف العمل في المستشفيات والمصحّات العمومية؛ بهدف إثنائهم عن مغادرة البلاد.
وقال سايحي إن وزارته أنشأت رُتباً ومناصب جديدة في الطب، وخفّضت من سنوات الأقدمية؛ بهدف تسهيل الالتحاق بالوظائف الكبيرة، مشيراً إلى اتخاذ إجراءات لتشجيع الأطباء على العمل في محافظات الصحراء، حيث تشهد الهياكل الصحية نقصاً كبيراً في الكادر الطبي؛ لعدة أسباب، على رأسها ظروف العيش الصعبة في هذه الأماكن، والمناخ، وضعف التعليم بالنسبة للأطفال، علاوة على تدني الأجور، مما لا يحفز على مغادرة مدن الشمال.
ووفق تصريحات الوزير، تخرَّج 143 طبيباً متخصصاً، في يناير (كانون الثاني) الماضي، في الجامعة، وقد أمضوا عقوداً للعمل في مصحات بالجنوب لمدة 6 سنوات، مشيراً إلى أن التجربة ستوسع لتشمل مناطق الهضاب العليا؛ للتقليل من حِدة النقص في الأطقم الطبية بها.
وفي العام الماضي، غادر 1200 طبيب جزائري إلى العمل في المستشفيات الفرنسية، وفق تصريحات لرئيس «نقابة الأطباء الممارسين للصحة العمومية» إلياس مرابط. وأثار هذا العدد جدلاً كبيراً في البلاد، وطرح، بحِدة، إشكالية المقابل الذي تأخذه الدولة من الإنفاق على تدريس وتكوين مئات الأطباء، كل عام.
وقال مرابط، في تصريحات صحفية، إن سبب هذه الهجرة المكثفة، «ظروف العمل المزرية»، وكان يشير إلى ضعف الإمكانيات في المستشفيات وندرة العتاد الطبي الجديد واهتراء القديم منه.
وأوضح مرابط أن هجرة الكفاءات الجزائرية في مجال الطب بدأت في تسعينات القرن الماضي، مؤكداً أن «أطباءنا يشتغلون في ظروف يُرثى لها، فهم محرومون من عدة امتيازات تحقق لهم عيشاً يلائم هذه الفئة من المجتمع، كتسهيلات للحصول على سكن وقروض شراء السيارات، لذلك يستغلون فرصة العمل في الخارج من دون تردد، عندما تُطرح أمامهم».
وعند تصفح حسابات الأطباء الطلاب، على مواقع التواصل الاجتماعي، يلاحَظ تبادل مكثف للمعلومات حول فرص استكمال الدراسة والعمل في الخارج. وبعضهم ذكر أنه يتابع دروساً بالألمانية، وآخرون باللغة التركية؛ للعمل في مصحات هذين البلدين. وأكد مرابط أن ما بين 3500 و4 آلاف طالب طب يبدأون الاستعداد للرحيل، وهم في السنتين الرابعة والخامسة بالجامعة.
وقد ساعد التكوين، الذي يجري باللغة الفرنسية، الأطباء الجزائريين على الإقامة في فرنسا بغرض العمل، كما أنهم ينجحون بسهولة في مسابقات معادلة الشهادة في فرنسا، التي تسمح لطبيب من خارج الاتحاد الأوروبي بخوضها. فمن بين ألفي طبيب شاركوا في هذه المسابقات من 20 بلداً، كان عدد الجزائريين 1200.
وأوضح بقاط بركاني، رئيس «مجلس أخلاقيات الطب»، للصحافة، أن 15 ألف طبيب جزائري منخرطون في الكادر الطبي الفرنسي حالياً، مبرزاً أن عدداً كبيراً من الأطباء المتخرجين حديثاً يواجهون البطالة، لعدم توفر فرص العمل. ويجد العاطلون عن العمل، وفقاً لتصريحاته، فرص العمل متوفرة بكثرة في فرنسا التي تعاني مستشفياتها من نقص الأطباء.
وكان وزير الصحة السابق عبد الرحمن بن بوزيد، قد صرَّح بأن ظاهرة هجرة الأطباء إلى الغرب «تعرفها دول كثيرة أخرى كمصر والهند».
خطة حكومية عاجلة لوقف هجرة الأطباء الجزائريين إلى أوروبا
تدني الأجور ونقص العتاد الطبي يدفعان المئات إلى مغادرة البلاد
خطة حكومية عاجلة لوقف هجرة الأطباء الجزائريين إلى أوروبا
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة