ترقّب لبناني لامتحان ثبات «الهدنة النقدية»

«المركزي» مستمر بعرض الدولار وانكفاء المضاربات

TT

ترقّب لبناني لامتحان ثبات «الهدنة النقدية»

تختم التهدئة المشهودة في أسواق المبادلات النقدية أسبوعها الثالث، مترجمة بصمود أسعار الصرف عند مستوى قريب من 100 ألف ليرة لكل دولار، وبتبريد محسوس للمضاربات في عمليات المبادلات الجارية بالأسواق الموازية، برز في أول أيام العطلة الرسمية المستمرة حتى صباح الثلاثاء، بخلاف ما درجت عليه من حماوة ناشطة للعمليات وتوسع للهوامش السعرية لدى تجار العملات والصرافين خلال توقف منصة «صيرفة» ولإقفال البنوك.
وليس معلوماً لدى أوساط مصرفيين وصرافين، ماهية المحفزات التي أرست هذا التحول النوعي في الميدان النقدي الذي يشهد تنامياً حذراً، وعقب تفلّت نقدي غير مسبوق أوصل سعر الدولار إلى نحو 145 ألف ليرة قبيل إطلاق المبادرة الأحدث لتدخل البنك المركزي عشية 21 مارس (آذار) الماضي، عارضاً البيع المفتوح للعملة الأميركية بسعر 90 ألف ليرة، ثم خفضه إلى 87 ألف ليرة، لتتماهى معه أسعار الصرف في الأسواق الموازية بهبوط فوري إلى نحو 110 آلاف ليرة لكل دولار، وتدرجاً للاستقرار النسبي بين 97 و98 ألف ليرة.
وبحسب تحليلات لمصرفيين وخبراء، يبدو أن تأكيدات حاكم مصرف لبنان رياض سلامة على استمرارية التدخل المباشر، بدأت تلاقي بعض «الصدقية» القابلة للتعزيز في أوساط المتعاملين من الأفراد والشركات، لا سيما بعد مسارعته إلى نفي شائعات سوقية وإعلامية عن قرب توقف عمليات المنصة، ووصفه هذه الأخبار بأنها «مركبة وبعيدة كل البعد عن الحقيقة». وذلك خلافاً للجوء إلى «الصمت» المرافق للانكفاء المفاجئ ووقف عمليات المبادلات في تجارب سابقة، مما أفضى إلى تكبيد عملاء البنوك خسائر كبيرة جراء احتجاز الأموال بالليرة وتحليق الدولار في الأسواق الموازية.
أما العامل الثاني الذي أسهم في تحسن سعر صرف الليرة مقابل الدولار في السوق الموازية، فيكمن، وفق تقدير مصرفي، في ارتفاع ظرفي للتدفقات النقدية بالدولار مع بداية الشهر الحالي، ربطاً بزيادة عرض الدولار النقدي في الأسواق الموازية بنتيجة إقبال موظفي القطاع العام على تصريف رواتبهم الشهرية التي تقاضوها بالدولار النقدي بسعر 60 ألف ليرة والمدعوم من قبل وزارة المال، وبحيث يحقق كل دولار ربحاً فورياً بنحو 37 ألف ليرة، علماً بأن الموظفين يحصلون على ضعفي راتبهم الأساسي بالليرة كدعم سابق لمداخيلهم المتآكلة.
وبالتوازي، حجزت أسابيع الصوم المتزامنة طائفياً، وتتويجها تباعاً بحلول مواسم الأعياد (عيدي الفصح والفطر) الحصة الأكثر وضوحاً في ترجيح عوامل التهدئة النقدية. فثمة حجوزات واعدة تترجم أرقامها تباعاً مع ازدياد حركة الوافدين بمتوسط يتخطى 12 ألف مسافر يومياً، وسط ترقبات في أوساط القطاع السياحي والفندقي بارتفاع الرقم الإجمالي للقادمين لقضاء العطلات الربيعية إلى أكثر من 400 ألف وافد.
ولا يقتصر النمو الاستثنائي في حركة الوافدين خلال الشهر الحالي، والمبشّر بموسم سياحي واعد خلال الصيف المقبل، على اللبنانيين العاملين في الخارج والمغتربين، بل يؤازره دفق مشهود للسياح العرب، لا سيما من العراق والأردن ومصر، فضلاً عن النمو التقليدي لتحويلات مبالغ المعايدات التي انضم إلى عدادها المهاجرون الجدد جراء الأزمات المتفجرة في البلد، وهم من الذين عايشوا ميدانياً تماماً حقائق الصعوبات المعيشية التي تعاني منها عوائلهم وأقاربهم في البلد.
وبالتوازي، لوحظ أن القاسم المشترك في التقييمات التي أجرتها «الشرق الأوسط» مع معنيين ومتابعين في المصارف وأسواق القطع، التركيز القوي على «هشاشة» هذه العوامل منفردة ومجتمعة، طالما هي تفتقد، وحتى ظهور مؤشرات ملموسة، إلى المحتوى الجدي في مرتكزاتها وأهدافها ومواقيتها على حد سواء. وكذلك تسيطر الهواجس المعاكسة لديهم من احتمالية انقلابها جزئياً أو كلياً إلى عكس المسارات المتوخاة، مما يحوّل مفاعيلها الميدانية صوب انفلات أكثر كارثية لانهيار سعر الليرة، الذي لامس قبيل التدخل الأحدث للمركزي حاجز 150 ليرة لكل دولار.
بذلك، يحمل التدخل المستمر للبنك المركزي إيجابية جزئية في ضبط المبادلات النقدية وهوامشها. وهي مرشحة لتلقي جرعات إضافية، ربطاً بالمدى الزمني للاستمرارية، إنما هي مشروطة حكماً بزيادة فاعلية العوامل العامة المؤاتية لضخ دولارات خارجية طازجة في الشرايين المشرفة على الجفاف في القطاع المالي، ومخزونها «الوحيد» حتى إشعار آخر، هو احتياطات الموجودات الخارجية لدى البنك المركزي التي تقلصت إلى نحو 9.4 مليار دولار، علماً بأن هذه المبالغ تقل فعلياً بنحو 3 مليارات دولار عن الاحتياطات الإلزامية المربوطة بالودائع الدولارية لدى الجهاز المصرفي.


مقالات ذات صلة

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

المشرق العربي رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

تُوفّي الموسيقار اللبناني إيلي شويري، عن 84 عاماً، الأربعاء، بعد تعرُّضه لأزمة صحية، نُقل على أثرها إلى المستشفى، حيث فارق الحياة. وأكدت ابنته كارول، لـ«الشرق الأوسط»، أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي، قبل أن تعلم به العائلة، وأنها كانت معه لحظة فارق الحياة.

المشرق العربي القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

وجّه المجلس التأديبي للقضاة في لبنان ضربة قوية للمدعية العامة في جبل لبنان القاضية غادة عون، عبر القرار الذي أصدره وقضى بطردها من القضاء، بناء على «مخالفات ارتكبتها في إطار ممارستها لمهمتها القضائية والتمرّد على قرارات رؤسائها والمرجعيات القضائية، وعدم الامتثال للتنبيهات التي وجّهت إليها». القرار التأديبي صدر بإجماع أعضاء المجلس الذي يرأسه رئيس محكمة التمييز الجزائية القاضي جمال الحجار، وجاء نتيجة جلسات محاكمة خضعت إليها القاضية عون، بناء على توصية صدرت عن التفتيش القضائي، واستناداً إلى دعاوى قدمها متضررون من إجراءات اتخذتها بمعرض تحقيقها في ملفات عالقة أمامها، ومخالفتها لتعليمات صادرة عن مرجع

يوسف دياب (بيروت)
المشرق العربي جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

رأى رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع أن فرص انتخاب مرشح قوى 8 آذار، رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، «باتت معدومة»، مشيراً إلى أن الرهان على الوقت «لن ينفع، وسيفاقم الأزمة ويؤخر الإصلاح». ويأتي موقف جعجع في ظل فراغ رئاسي يمتد منذ 31 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، حيث فشل البرلمان بانتخاب رئيس، وحالت الخلافات السياسية دون الاتفاق على شخصية واحدة يتم تأمين النصاب القانوني في مجلس النواب لانتخابها، أي بحضور 86 نائباً في دورة الانتخاب الثانية، في حال فشل ثلثا أعضاء المجلس (86 نائباً من أصل 128) في انتخابه بالدورة الأولى. وتدعم قوى 8 آذار، وصول فرنجية إلى الرئاسة، فيما تعارض القوى المسيحية الأكثر

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

جدد سفير المملكة العربية السعودية لدى لبنان، وليد بخاري، تأكيد موقف المملكة من الاستحقاق الرئاسي اللبناني بوصفه «شأناً سياسياً داخلياً لبنانياً»، حسبما أعلن المتحدث باسم البطريركية المارونية في لبنان بعد لقاء بخاري بالبطريرك الماروني بشارة الراعي، بدأ فيه السفير السعودي اليوم الثاني من جولته على قيادات دينية وسياسية لبنانية. وفي حين غادر السفير بخاري بكركي من دون الإدلاء بأي تصريح، أكد المسؤول الإعلامي في الصرح البطريركي وليد غياض، أن بخاري نقل إلى الراعي تحيات المملكة وأثنى على دوره، مثمناً المبادرات التي قام ويقوم بها في موضوع الاستحقاق الرئاسي في سبيل التوصل إلى توافق ويضع حداً للفراغ الرئا

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

تأتي جولة سفيرة الولايات المتحدة الأميركية لدى لبنان دوروثي شيا على المرجعيات الروحية والسياسية اللبنانية في سياق سؤالها عن الخطوات المطلوبة لتفادي الشغور في حاكمية مصرف لبنان بانتهاء ولاية رياض سلامة في مطلع يوليو (تموز) المقبل في حال تعذّر على المجلس النيابي انتخاب رئيس للجمهورية قبل هذا التاريخ. وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر نيابية ووزارية أن تحرك السفيرة الأميركية، وإن كان يبقى تحت سقف حث النواب على انتخاب رئيس للجمهورية لما للشغور الرئاسي من ارتدادات سلبية تدفع باتجاه تدحرج لبنان من سيئ إلى أسوأ، فإن الوجه الآخر لتحركها يكمن في استباق تمدد هذا الشغور نحو حاكمية مصرف لبنان في حال استحال عل

محمد شقير (بيروت)

لبنان يتقدم بشكوى إلى مجلس الأمن بعد «الاستهداف الإسرائيلي المتعمّد» للجيش

عناصر من الجيش اللبناني على متن آليات عسكرية (أرشيفية - رويترز)
عناصر من الجيش اللبناني على متن آليات عسكرية (أرشيفية - رويترز)
TT

لبنان يتقدم بشكوى إلى مجلس الأمن بعد «الاستهداف الإسرائيلي المتعمّد» للجيش

عناصر من الجيش اللبناني على متن آليات عسكرية (أرشيفية - رويترز)
عناصر من الجيش اللبناني على متن آليات عسكرية (أرشيفية - رويترز)

قالت وزارة الخارجية اللبنانية، اليوم (الثلاثاء)، إن بيروت ستتقدم بشكوى جديدة ضد إسرائيل لمجلس الأمن، لمواجهة الاستهداف المتصاعد والمتعمد لقوات الجيش اللبناني.

وأضافت في بيان نشرته على منصة «إكس»، أن الاستهداف الإسرائيلي المتعمد لقوات الجيش اللبناني تصاعد بشكل ملحوظ في نوفمبر (تشرين الثاني)، وأن الهجمات الإسرائيلية المتعمدة على قوات الجيش اللبناني قتلت في أسبوع 10 أفراد وأصابت 35 بينهم حالات حرجة.

وأشارت «الخارجية» اللبنانية إلى أنها أوعزت لبعثة لبنان الدائمة لدى الأمم المتحدة في نيويورك، تقديم شكوى جديدة أمام مجلس الأمن الدولي، وفنّدت الشكوى «الاعتداءات الخطيرة على الجيش ومراكزه وآلياته التي سُجّلت في الفترة من 17 ولغاية 24 نوفمبر 2024 في قرية الماري، والصرفند، وطريق برج الملوك - القليعة، والعامرية في جنوب لبنان».

ودعا لبنان في شكواه، الدول الأعضاء في مجلس الأمن، إلى إدانة الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة على الجيش، وعدّها خرقاً فاضحاً للقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة والقرارات الدولية، لا سيما القرار 1701.

وأوضح أن استهداف إسرائيل للجيش اللبناني «يُعدّ رسالة واضحة من إسرائيل برفضها أي مبادرات للحل، وإصرارها على التصعيد العسكري بدلاً من الدبلوماسية».