يشغل توجيه الاتهام للرئيس الأميركي السابق، دونالد ترمب، من قبل مدعي عام مانهاتن ألفين براغ، في قضية ستورمي دانيالز، العالم أجمع، ويثير العديد من التساؤلات.
ومن المتوقع أن يمثل ترمب أمام قاضي المحكمة في مانهاتن، الثلاثاء المقبل، لتسليم نفسه، قادماً من ولاية فلوريدا. وهناك سيقرأ القاضي التهم التي يواجهها الرئيس السابق، والتي لا تزال سرية. وحسب التسريبات الأولية لشبكة «سي إن إن»، فإن ترمب سيواجه أكثر من 30 تهمة متعلقة بالاحتيال في سجلات أعماله. وتتراوح هذه التهم بين المخالفة التي قد تصل عقوبتها إلى عام لكل تهمة، والجناية التي تترتب عليها فترة سجن لـ4 أعوام على كل تهمة.
وتثير هذه القضية أيضاً مجموعة من الأسئلة حول سلامتها، واللوجيستيات التي ينطوي عليها إجبار رئيس سابق على المحاكمة الجنائية، وتداعيات التحقيقات الفيدرالية.
وفي هذا الإطار، أجابت «بوليتيكو» عن بعض الأسئلة الرئيسية التي طرحها قرار الاتهام.
بماذا يتهم ترمب؟
في حين أن التهم الدقيقة سرية في الوقت الحالي، فقد خلص المدعون إلى أنه بإمكانهم إثبات قضية جنائية ضد ترمب بسبب الحيلة الظاهرة التي أحاطت بدفع 130 ألف دولار لممثلة الأفلام الإباحية ستورمي دانيالز لقاء صمتها عن العلاقة الجنسية مع ترمب. وقام محامي ترمب مايكل كوهين بتمويل تلك الدفعة من خلال خط ائتمان لشراء المنازل.
وأصر ترمب في أبريل (نيسان) 2018 على أنه لم يكن على علم بأموال الصمت التي دُفعت، لكن كوهين قدم لـ«الكونغرس» سلسلة من صور الشيكات التي وقعها ترمب، وتعكس المدفوعات إلى كوهين التي قال إنها تعويضات عن الأموال التي قدمها، بما في ذلك اثنان منهم على الأقل بينما كان ترمب في البيت الأبيض.
وادعى كوهين أن ترمب وشركته أخفيا الغرض من المدفوعات من خلال وصفها زوراً بأنها نفقات قانونية.
بموجب قانون نيويورك، يُعد إخفاء مثل هذه المدفوعات في سجلات الشركات جريمة، ولكنها في العادة مجرد جنحة. تصبح جناية إذا كانت السجلات التجارية المزيفة تهدف إلى التعتيم على جريمة ثانية. وفي هذه الحالة يبدو أن الجريمة الثانية استخدام الأموال لدفع تكاليف حملة ترمب الرئاسية، بزعم انتهاك قوانين تمويل الحملات الانتخابية.
ولعل أقوى دليل على مثل هذا الارتباط بالسياسة هو التوقيت، فبعد شهور من المطالب، جرى تحويل المبلغ إلى محامي دانيالز في 27 أكتوبر (تشرين الأول) 2016، قبل أيام فقط من الانتخابات الرئاسية لعام 2016.
ما الثغرات المحتملة في قضية الادعاء؟
من الصعب تقييم القضية المرفوعة ضد ترمب من دون معرفة التهم الدقيقة أو جميع الأدلة التي جمعها المدعون، خلال تحقيق استمر أكثر من 4 سنوات.
لكن استناداً إلى المعلومات المتاحة للجمهور، حدد الخبراء القانونيون العديد من سمات القضية التي قد تمثل عقبات، حيث يسعى المدعون العامون إلى إصدار حكم بالإدانة.
بالنسبة للمبتدئين، كوهين ليس أقوى شاهد للمدعين العامين. لقد قدم كثيراً من الأدلة والشهادات اللازمة لرفع القضية التي بذل المحققون قصارى جهدهم للمصادقة عليها.
لكن مصداقيته مفتوحة للطعن منذ أن أقر بالذنب في عام 2018 في 9 جرائم، وحُكِم عليه بالسجن 3 سنوات.
كما أعرب مراراً وتكراراً عن ندمه الشديدة تجاه العمل مع ترمب، حتى إنه قام بتشغيل «بودكاست» بعنوان «ميا كولبا»، في إشارة إلى ندمه على الفترة التي قضاها حليفاً للرئيس الأميركي السابق.
وتعود القضية أيضاً إلى عامي 2016 و2017، أي مرَّ عليها أكثر من 5 سنوات. ويمكن تفسير التأخير بأنه كان من الصعب الضغط بقضية جنائية ضد ترمب أثناء توليه منصبه، بل لربما كان مستحيلاً، لكن مرَّ أكثر من عامين حتى الآن منذ أن غادر ترمب البيت الأبيض.
قد يجادل ترمب بأن المدعين انتظروا طويلاً؛ إذ إن قانون التقادم في نيويورك بالنسبة لمعظم الجنايات هو 5 سنوات، ولكن هناك بعض الاستثناءات لهذا الموعد النهائي، بما في ذلك إذا كان الشخص المتهم يعيش خارج الولاية.
صعوبة أخرى محتملة: قد يضطر المدعون العامون إلى إثبات أن ترمب كان يعلم أن الترتيب غير قانوني. ويمكن أن يجادل ترمب بأنه افترض إلى حد ما أن كوهين، بوصفه محامياً، كان ينفذ المدفوعات والأوراق ذات الصلة بطريقة قانونية.
هل سيبقى ترمب حراً؟ وهل يمكنه القيام بحملة وهو تحت الاتهام؟
سيكون ذلك متروكاً لقاضي محكمة الولاية المكلف بقضية ترمب، لكن يبدو من غير المرجح أن يسعى المدعون إلى احتجاز الرئيس السابق أو تقييد سفره في الولايات المتحدة أثناء النظر في القضية. لا يوجد أي عائق قانوني يمنعه من مواصلة حملته الرئاسية أثناء مواجهة تهم جنائية، ولا حتى إذا كان مسجوناً.
إذا فاز ترمب بالرئاسة أثناء مواجهة تهم أو إدانة، فإن الجوانب القانونية تصبح أكثر غموضاً إلى حد كبير. هناك أسئلة دستورية جادة حول ما إذا كانت محكمة الولاية يمكن أن تمنع شخصاً منتخباً لمنصب فيدرالي من الخدمة.
كيف ستؤثر لائحة الاتهام هذه على التحقيقات الجارية الأخرى التي تطول ترمب؟
الإجابة المختصرة هي: ليس كثيراً. لا يوجد سبب للاعتقاد بأن لائحة الاتهام في مانهاتن ستؤثر على مسار العديد من التحقيقات الأخرى التي تمثل خطراً حاداً في توجيه المزيد من التهم الجنائية إلى ترمب.
متى يتم تقديم ترمب للمحاكمة؟
سيستغرق الأمر عدة أشهر لبدء محاكمة رئيس سابق للولايات المتحدة، حتى لو كان كلا الجانبين حريصاً على الشروع في المحاكمة بسرعة؛ فمن المرجح أن يمتد حل المسائل القانونية والدستورية على مدار العام المقبل، وحتى الموسم الأول من عام 2024.