يزور وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان، موسكو الأربعاء؛ لإجراء مباحثات مع نظيره الروسي سيرغي لافروف، تتناول ملفات عدة يهيمن عليها تنسيق البلدين حول المسار المتعثر بشأن إحياء الاتفاق النووي.
ونقلت وسائل إعلام إيرانية عن السفير الإيراني لدى موسكو، كاظم جلالي، أن عبداللهيان سيتابع الاتفاقيات المبرمة بين الرئيسين الإيراني والروسي، ومسارها في اللجان المختصة، فضلاً عن الحوار حول التطورات الإقليمية، وآخر أوضاع الممر التجاري السريع بين الشمال والجنوب.
وكان عبداللهيان قد أعلن أنه سيتوجه إلى موسكو قريباً. وكتب على «تويتر» الاثنين، أن «تحقق السياسة الخارجية المتوازنة والدبلوماسية النشطة على الطريق الصحيحة».
قبل عبداللهيان بأربعة أيام، أبلغت المتحدثة باسم الوزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا، الصحافيين في مؤتمرها الأسبوعي، أن لافروف سيجري مشاورات مع نظيره الإيراني الأربعاء، بشأن القضايا الدولية الراهنة، بما في ذلك الوضع حول خطة العمل الشاملة المشتركة (الاتفاق النووي)». ومن المفترض أن يناقش الوزيران الوضع الإقليمي في ظل الاتفاق بين الرياض وطهران على استئناف العلاقات الدبلوماسية، وفقاً للمتحدثة باسم الخارجية الروسية.
تأتي زيارة عبداللهيان إلى موسكو في وقت يسود الترقب بشأن موعد لقائه مع الأمير فيصل بن فرحان، وزير الخارجية السعودي، في وقت لاحق من شهر رمضان؛ لتمهيد الأرضية لإعادة فتح السفارات والقنصليات بين البلدين.
يواجه عبداللهيان ضغوطاً متزايدة هذه الأيام، سواء بين منتقدي نهج الحكومة الحالية في المفاوضات النووية أو المتشككين بمؤهلاته في قيادة الجهاز الدبلوماسي الإيراني، خصوصاً بعدما خطف أمين العام لمجلس الأمن القومي الإيراني علي شمخاني الأضواء في أعقاب اتفاق إيران والسعودية، وزيارته إلى كل من أبوظبي وبغداد، قبل أن يتوجه رئيس لجنة العلاقات الاستراتيجية، كمال خرازي إلى دمشق ولبنان.
وحاول كل من عبداللهيان، وشمخاني، وخرازي نفي وجود أي انقسام بين الأجهزة الإيرانية، مشددين على التنسيق حول السياسة الخارجية.
وعشية التوجه إلى موسكو، وجّه عبداللهيان رسائل عدة في تصريحات صحافية تناقلتها وسائل الإعلام الرسمية أمس. وفيما يخص الاتفاق النووي، حذر عبداللهيان، من أن أبواب المفاوضات النووية «لن تبقى مفتوحة»، متحدثاً عن خطة ينوي البرلمان الإيراني مناقشتها لتحديد سقف المفاوضات النووية.
ومع ذلك، قال عبداللهيان، إن طهران «ملتزمة» بالتعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية. وذلك في إشارة للاتفاق الأخير الذي توصل إليه مدير الوكالة التابعة للأمم المتحدة، رافائيل غروسي، بشأن التحقيق حول جزئيات يورانيوم التي عثرت عليها الوكالة مؤخراً في منشأة فوردو، ويصل درجة نقائها إلى 83.7 في المائة، أو التحقيق الشائك بشأن آثار اليورانيوم في ثلاثة مواقع غير معلنة.
ولم يتضح من تصريحات عبداللهيان ما إذا كانت تنوي طهران اتخاذ خطوات أخرى في برنامجها النووي، على قرار الخطة التي أقرّها البرلمان في نوفمبر (تشرين الثاني) 2020، وشكّلت ركيزة لرفع إيران مستوى الانتهاك للاتفاق النووي لعام 2015.
وفي يناير (كانون الثاني) 2021، رفعت إيران درجة نقاء اليورانيوم إلى 20 في المائة، وفي أبريل (نيسان) من العام نفسه رفعت النسبة إلى 60 في المائة في منشأة نطنز. واتخذت طهران خطوات مماثلة العام الماضي في منشأة فوردو المحصنة تحت الأرض.
وقال المبعوث الروسي إلى المنظمات الدولية في فيينا، ميخائيل أوليانوف، أول من أمس، إن مفاوضات إحياء الاتفاق النووي «لا تزال في طريق مسدودة، لكن الأطراف الغربية لا تزال تمتنع من إعلان موتها». وأضاف في تصريحات لوكالة «نوفوستي» الروسية، أن «فرص استكمال عملية التفاوض لا تزال قائمة حتى اليوم على ما يبدو، رغم أنها محدودة للغاية». وتابع «الولايات المتحدة تعارض استئناف عملية التفاوض في المقام الأول، وكذلك الدول الأوروبية الثلاث (ألمانيا وفرنسا وبريطانيا) التي فقدت الاهتمام تقريباً باستعادة الصفقة النووية على ما يبدو».
وأوضح أوليانوف، أن المسودة المطروحة حالياً على طاولة المفاوضات، «تنص على عودة تدريجية لإيران إلى الوفاء بالتزاماتها بموجب الاتفاق النووي ورفع العقوبات الأميركية». ورفض أن تكون المسودة المطروحة هي مسودة جوزيب بوريل، مسؤول السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي، مشدداً على أنها «نتيجة مفاوضات مكثفة ومطولة في فيينا» بين الأطراف المشاركة في الاتفاق وهي الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن بالإضافة إلى ألمانيا.
وتعليقاً على الاتفاق الأخير بين وكالة «الطاقة الذرية» وطهران، قال أوليانوف، إن تنفيذ الاتفاق «يمكن أن يؤدي إلى خلق ظروف أكثر ملاءمةً لإحياء الاتفاق النووي، لكن من السابق لأوانه الحديث عن ذلك». وقال «المفاوضات النووية وصلت إلى طريق مسدودة، والمسؤولية لا تقع على عاتق إيران». وقال، إن الدول الغربية «غير مستعدة حالياً لاستئناف واستكمال المفاوضات بشأن استعادة الاتفاق النووي في أقرب وقت ممكن. لذا؛ فإن القضية لا تزال في طي النسيان والآفاق تظل غير واضحة تماماً».
في الأثناء، قال عضو لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان الإيراني، النائب شهريار حيدري، أمس، إن «إزالة سوء التفاهمات بين إيران والسعودية، ستسرّع بالوصول إلى الاتفاق النووي». ونقل موقع «جماران» الإخباري عن حيدري قوله، إن «الأوروبيين والأميركيين يسعون وراء امتيازات أكثر، وفي المقابل نسعى وراء اتفاق على أساس ربح - ربح والشفافية». وتوقع أن تكون المفاوضات الاتفاق النووي في أي بلد كانت، «أكثر سلاسة، وستكون النتيجة في صالح الطرفين».
وتوقع عضو سابق في لجنة الأمن القومي البرلمانية، النائب السابق أحمد بخشايش اردستاني، إحياء الاتفاق النووي في فترة زمنية أقصاها ستة أشهر. وقال «الصين تشتري النفط من السعودية وإيران، وفي حاجة إلى الاستقرار في المنطقة؛ لهذا عندما تحل المشكلات بين السعودية وإيران فإنه ينبغي افتراض أن الجزء الأكبر من مسار تنشيط إحياء الاتفاق النووي قد انتهى»، وأضاف «سيوفر إحياء الاتفاق النووي فسحة لالتقاط الأنفاس اقتصادياً، ويمكن للحكومة أن ترتب الأوضاع في البلاد»، حسبما أورد موقع «نامه نيوز» التحليلي.
وبدوره، قال الرئيس السابق للجنة الأمن القومي البرلمانية، علاء الدين بروجردي، لصحيفة «اطلاعات»، إن «عدم إحياء الاتفاق يضر الأميركيين والغربيين أكثر من إيران». وأضاف «هؤلاء الذين يعربون دوماً عن قلقهم، ويقولون إن إيران دخلت مرحلة صناعة سلاح نووي، هم من يجب أن تكون لديهم هواجس من هذا النوع، عليهم تعويض أخطائهم في الماضي، لكي يتم إحياء الاتفاق النووي بشكل أسرع».
وقال عضو هيئة رئاسة الغرفة التجارية الإيرانية، كيوان كاشفي، إن خفض التوتر الإقليمي وإحياء الاتفاق النووي، شرطان أساسيان مهمان لإنعاش الاقتصاد الإيراني. ونقلت وكالة «إيسنا» الحكومية عن كاشفي قوله، إنه «خلال الأسابيع الأخيرة شاهدنا جهوداً لخفض التوتر على مستويات مختلفة من العلاقات الدولية»، ورأى أن «أهم خطوة في هذه الفترة، استئناف العلاقات مع السعودية، ويمكن أن يتم تعميمه إلى دول أخرى من دول الجوار والمنطقة»، مضيفاً أن ذلك «سيعود بالفائدة على إيران، سياسياً واقتصادياً»، داعياً إلى خفض التوتر مع الدول الأخرى في مختلف المجالات.
ونبّه كاشفي، أن متابعة إحياء الاتفاق النووي ورفع العقوبات عن الاقتصاد الإيراني، «ستوجه رسالة بأننا نسعى للتعامل الاقتصادي مع مختلف الدول في العالم؛ وهو ما يضع الاقتصاد الإيران أمام آفاق واضحة».
بالإضافة إلى الاتفاق النووي، يتوقع أن يناقش آفاق التعاون العسكري بين إيران وروسيا، خصوصاً بعد الانتقادات الغربية لاستخدام الجيش الروسي مسيّرات إيرانية في حرب أوكرانيا.
وتحاول طهران الحصول على مقاتلات من طراز «سوخوي - 35» في وقت سابق من هذا الشهر، قالت البعث الإيرانية لدى الأمم المتحدة، إن طهران أبرمت عقداً لشراء مقاتلات «سوخوي - 35». ولم يصدر أي تعليق روسي على المزاعم الإيرانية، رغم تقييمات استخباراتية، كشف عنها المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأميركي، جون كيربي في نوفمبر عن تلقي طيارين إيرانيين تدريبات على استخدام المقاتلات.
وفي ديسمبر (كانون الأول) الماضي، نقلت وسائل إعلام إسرائيلية عن مسؤولين في المخابرات الغربية، أن روسيا تستعد لتزويد إيران بطائرات مقاتلة من طراز «سوخوي - 35». وذكرت «القناة 12» الإسرائيلية، أنه قد تم بالفعل تدريب طيارين إيرانيين على استخدام المقاتلات.
ورغم تأكيدات صدرت على لسان نواب برلمانيين إيرانيين على وصول المقاتلات قبل مارس (آذار) الحالي، لكن لم تظهر مؤشرات حتى الآن بتسلم إيران لتلك المقاتلات.ورداً على سؤال حول تزويد إيران بمقاتلات «سوخوي»، قال مايكل كوريلا قائد القيادة المركزية، الذي يشرف على القوات الأميركية في الشرق الأوسط (سنتكوم)، خلال إفادة أمام لجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ، أمس، «نعتقد أن هذا سيحدث في وقت ما هذا العام».
لافروف وعبداللهيان يناقشان فرص إحياء «النووي»
خبراء إيرانيون يتوقعون تأثيراً إيجابياً لاتفاق الرياض وطهران على إنجاز المفاوضات
لافروف وعبداللهيان يناقشان فرص إحياء «النووي»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة