«دويتشه بنك» و«يو بي إس» يهزان الأمان الهش في الأسواق

سقوط حاد للأسهم المصرفية وسط مخاوف كبرى

سيارة «فورد» من طراز «لايتينغ» تقف أمام مقر بورصة «وول ستريت» في نيويورك (رويترز)
سيارة «فورد» من طراز «لايتينغ» تقف أمام مقر بورصة «وول ستريت» في نيويورك (رويترز)
TT

«دويتشه بنك» و«يو بي إس» يهزان الأمان الهش في الأسواق

سيارة «فورد» من طراز «لايتينغ» تقف أمام مقر بورصة «وول ستريت» في نيويورك (رويترز)
سيارة «فورد» من طراز «لايتينغ» تقف أمام مقر بورصة «وول ستريت» في نيويورك (رويترز)

تراجعت أسهم البنوك بشكل حاد في أوروبا يوم الجمعة مع تضرر سهمي «دويتشه بنك» ومجموعة «يو بي إس» من المخاوف من أن أسوأ المشاكل في القطاع منذ الأزمة المالية عام 2008 لم يتم احتواؤها بعد.
وهبط سهم «دويتشه بنك» لليوم الثالث بأكثر من 11 بالمائة بعد قفزة حادة في تكلفة التأمين من مخاطر التخلف عن السداد في وقت متأخر مساء يوم الخميس. وخسر سهم البنك الألماني خُمس قيمته حتى الآن هذا الشهر، وقفزت تكلفة مقايضات التخلف عن السداد، وهي شكل من أشكال التأمين لحاملي السندات، إلى أعلى مستوى في 4 سنوات يوم الجمعة، بناء على بيانات من «ستاندرد آند بورز ماركت إينتيليجنس». وأحجم «دويتشه بنك» عن التعليق عندما اتصلت به «رويترز».
واهتز القطاع المصرفي العالمي منذ الانهيار المفاجئ لاثنين من البنوك الإقليمية الأميركية هذا الشهر. وأكد صناع السياسة أن الاضطرابات تختلف عن الأزمة المالية العالمية قبل 15 عاماً، قائلين إن البنوك لديها رأس مال أفضل، وإن الأموال متاحة بسهولة أكبر... لكن المخاوف انتشرت بسرعة، وسارع بنك «يو بي إس» إلى الاستحواذ على «كريدي سويس» يوم الأحد بعد أن خسر البنك السويسري المتعثر ثقة المستثمرين.
ووفقاً لمصدرين مطلعين، تتسابق السلطات السويسرية وبنك «يو بي إس» على الانتهاء من عملية الاستحواذ في غضون شهر في محاولة للاحتفاظ بعملاء وموظفي «كريدي سويس». وقالت مصادر منفصلة لـ«رويترز» إن «يو بي إس» تعهد بصرف حوافز إضافية لموظفي إدارة الثروات في «كريدي سويس» في آسيا لوقف هجرة الموظفين المهرة.
وخفضت مجموعة «جيفريز» للسمسرة توصيتها بشأن سهم «يو بي إس» إلى «احتفاظ» من «شراء»، قائلة إن الاستحواذ على منافسه السابق سيغير وضع أسهم البنك، التي كانت تستند إلى انخفاض مستوى المخاطر والنمو الأساسي وعوائد رأس المال المرتفعة. وذكرت أن «كل هذه العناصر، التي اشترى مساهمو (يو بي إس) الأسهم على أساسها، قد ولت، وربما لسنوات».
وبشكل منفصل، أفادت «بلومبرغ نيوز» بأن بنكي «كريدي سويس» و«يو بي إس» من بين بنوك خاضعة للتدقيق في تحقيق تجريه وزارة العدل الأميركية حول ما إذا كان متخصصون ماليون قد ساعدوا الأثرياء الروس على التهرب من العقوبات. وامتنع «كريدي سويس» و«يو بي إس» عن التعليق، في حين لم ترد وزارة العدل على طلبات من «رويترز» عبر البريد الإلكتروني للتعقيب. وانخفض سهم «يو بي إس» 6 بالمائة يوم الجمعة.
وانتشرت أوجاع المستثمرين في جميع أنحاء القطاع المصرفي مع تراجع مؤشر البنوك الأوروبية الكبرى 4.6 بالمائة، وهبوط أسهم البنوك البريطانية 4 بالمائة لتسجل انخفاضاً للجلسة الثالثة على التوالي.
وقال كريس بوشامب كبير محللي السوق في «آي جي»: «ما زلنا على حافة الهاوية، ننتظر سقوط قطعة دومينو أخرى، ومن الواضح أن (دويتشه بنك) هو القطعة التالية في أذهان الجميع بشكل منصف أو غير ذلك». وأضاف: «يبدو أن الأزمة المصرفية لم تنتهِ تماماً».

حماية الودائع
ويأتي انخفاض أسهم البنوك الأوروبية في أعقاب خسائر أميركية يوم الخميس؛ إذ كان المستثمرون يتطلعون لمعرفة إلى أي مدى ستدعم السلطات القطاع، وخاصة البنوك الهشة.
وللمرة الرابعة في أسبوع، تحدثت وزيرة الخزانة الأميركية جانيت يلين، مساء الخميس، لطمأنة المواطنين بأن النظام المصرفي الأميركي آمن. وقالت للمشرعين الأميركيين إن الجهات التنظيمية للبنوك ووزارة الخزانة مستعدة لتقديم ضمانات شاملة على الإيداع في البنوك الأخرى كما فعلت في بنك «سيليكون فالي» وبنك «سيغنتشر».
وانخفضت أسهم كبرى البنوك الأميركية مثل «جيه بي مورغان تشيس آند كو»، و«ويلز فارغو»، وبنك «أوف أميركا»، بنحو 0.4 بالمائة في تعاملات ما قبل التداول يوم الجمعة. وتباين أداء أسهم البنوك الإقليمية التي تشكل أكبر مخاوف المستثمرين.
كما أثار إنقاذ بنك «كريدي سويس» مخاوف أوسع بشأن تعامل المستثمرين مع قطاع مصرفي هش. وهز قرار إعطاء الأولوية للمساهمين على حساب حملة السندات من المستوى 1 الإضافي (إيه تي1) سوق هذه السندات التي تبلغ قيمتها 275 مليار دولار. والهدف من هذه السندات القابلة للتحويل هو اللجوء إليها خلال عمليات الإنقاذ لمنع تحميل دافعي الضرائب تكاليف عمليات الإنقاذ.
وفي إطار الاتفاق مع «يو بي إس»، أصرت الهيئة التنظيمية السويسرية على إلغاء سندات «كريدي سويس» من المستوى 1 الإضافي (إيه تي1) بقيمة اسمية 17 مليار دولار، مما أدى إلى إصابة أسواق الائتمان العالمية بالذهول.
وقال بيل وينترز الرئيس التنفيذي لـ«ستاندرد تشارترد»، يوم الجمعة، إن للإلغاء تداعيات «عميقة» على اللوائح التنظيمية للبنوك العالمية. كما قال في منتدى مالي بهونغ كونغ، إن تحرك «مجلس الاحتياطي الفيدرالي» لضمان الودائع غير المؤمنة يمثل «مجازفة حقيقية».
ولجأت السلطات الأميركية إلى «استثناءات المخاطر النظامية» التي سمحت لها بحماية الودائع غير المؤمنة، ومن بينها تلك الخاصة بالمديرين التنفيذيين الأثرياء لشركات التكنولوجيا والمستثمرين في مجال العملات المشفرة، بعد انهيار بنكي «سيليكون فالي» و«سيغنتشر».


مقالات ذات صلة

«الفيدرالي» الأميركي يرفع الفائدة للمرة العاشرة في تشدد تاريخي

الاقتصاد «الفيدرالي» الأميركي يرفع الفائدة للمرة العاشرة في تشدد تاريخي

«الفيدرالي» الأميركي يرفع الفائدة للمرة العاشرة في تشدد تاريخي

للمرة العاشرة منذ مارس (آذار) العام الماضي، اتجه البنك الاتحادي الفيدرالي الأميركي إلى رفع سعر الفائدة بمقدار 0.25 نقطة أساس، يوم الأربعاء، في محاولة جديدة لكبح جماح معدلات التضخم المرتفعة، التي يصارع الاتحادي الفيدرالي لخفضها إلى 2 في المائة دون نجاح ملحوظ. وأعلن مجلس الاحتياطي الاتحادي رفع سعر الفائدة الرئيسي 25 نقطة أساس إلى نطاق 5.00 و5.25 في المائة، لتستمر بذلك زيادات أسعار الفائدة منذ مارس 2022 وهي الأكثر تشدداً منذ 40 عاماً، في وقت يثير المحللون الاقتصاديون تساؤلات حول ما إذا كانت هذه الزيادة ستكون آخر مرة يقوم فيها الاتحادي الفيدرالي برفع الفائدة، أم أن هناك مزيداً من الخطوات خلال الفت

هبة القدسي (واشنطن)
الاقتصاد أميركا تعرقل تقدمها في الطاقة الشمسية بـ«الرسوم الصينية»

أميركا تعرقل تقدمها في الطاقة الشمسية بـ«الرسوم الصينية»

لا تتوقف تداعيات الحرب التجارية الدائرة منذ سنوات بين الولايات المتحدة والصين عند حدود الدولتين، وإنما تؤثر على الاقتصاد العالمي ككل، وكذلك على جهود حماية البيئة ومكافحة التغير المناخي. وفي هذا السياق يقول الكاتب الأميركي مارك غونغلوف في تحليل نشرته وكالة بلومبرغ للأنباء إن فرض رسوم جمركية باهظة على واردات معدات الطاقة الشمسية - في الوقت الذي يسعى فيه العالم لمواجهة ظاهرة الاحتباس الحراري ومكافحة تضخم أسعار المستهلك وتجنب الركود الاقتصادي - أشبه بمن يخوض سباق العدو في دورة الألعاب الأوليمبية، ويربط في قدميه ثقلا يزن 20 رطلا. وفي أفضل الأحوال يمكن القول إن هذه الرسوم غير مثمرة.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
الاقتصاد الدولار يتراجع  في «ساعات الترقب»

الدولار يتراجع في «ساعات الترقب»

هبط الدولار يوم الأربعاء بعد بيانات أظهرت تراجع الوظائف الجديدة في الولايات المتحدة، فيما ترقبت الأنظار على مدار اليوم قرار مجلس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي) الذي صدر في وقت لاحق أمس بشأن أسعار الفائدة. وأظهرت بيانات مساء الثلاثاء انخفاض الوظائف الجديدة في الولايات المتحدة للشهر الثالث على التوالي خلال مارس (آذار)، وسجلت معدلات الاستغناء عن الموظفين أعلى مستوياتها في أكثر من عامين، ما يعني تباطؤ سوق العمل، وهو ما قد يساعد الاحتياطي الفيدرالي في مكافحة التضخم.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد النفط يواصل التراجع... والخام الأميركي  أقل من 70 دولاراً للبرميل

النفط يواصل التراجع... والخام الأميركي أقل من 70 دولاراً للبرميل

واصلت أسعار النفط تراجعها خلال تعاملات أمس الأربعاء، بعد هبوطها بنحو 5 في المائة في الجلسة السابقة إلى أدنى مستوى في خمسة أسابيع، فيما يترقب المستثمرون المزيد من قرارات رفع أسعار الفائدة هذا الأسبوع.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد 2022 «عام الجوع»... والقادم غامض

2022 «عام الجوع»... والقادم غامض

أظهر تحليل أجرته منظمات دولية تشمل الاتحاد الأوروبي ووكالات الأمم المتحدة المختلفة أن عدد الأشخاص الذين يعانون من الجوع أو يشهدون أوضاعا تتسم بانعدام الأمن الغذائي ارتفع في مختلف أنحاء العالم في 2022. وتوصل التقرير الذي صدر يوم الأربعاء، وحصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، إلى أن أكثر من ربع مليار شخص عانوا من جوع شديد أو من مجاعات كارثية العام الماضي.

أحمد الغمراوي (القاهرة)

السعودية الأولى عربياً والـ20 عالمياً في مؤشر «البنية التحتية للجودة للتنمية المستدامة»

منظر عام للعاصمة السعودية الرياض (أ.ف.ب)
منظر عام للعاصمة السعودية الرياض (أ.ف.ب)
TT

السعودية الأولى عربياً والـ20 عالمياً في مؤشر «البنية التحتية للجودة للتنمية المستدامة»

منظر عام للعاصمة السعودية الرياض (أ.ف.ب)
منظر عام للعاصمة السعودية الرياض (أ.ف.ب)

حققت السعودية المركز الأول على المستوى العربي ومنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، والمركز العشرين على المستوى العالمي، وذلك وفق مؤشر البنية التحتية للجودة للتنمية المستدامة «QI4SD» لعام 2024.

ويصدر المؤشر كل عامين من منظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية «يونيدو»، حيث قفزت المملكة 25 مرتبة بالمقارنة مع المؤشر الذي صدر في عام 2022. وأوضح محافظ الهيئة السعودية للمواصفات والمقاييس والجودة الدكتور سعد بن عثمان القصبي، أنّ نتائج المؤشر تعكس الجهود الوطنية التي تقوم بها المواصفات السعودية بالشراكة مع المركز السعودي للاعتماد، والجهات ذات العلاقة في القطاعين العام والخاص، وذلك نتيجة الدعم غير المحدود الذي تحظى به منظومة الجودة من لدن القيادة الرشيدة لتحقيق مستهدفات «رؤية 2030»، وتعزز من مكانة المملكة عالمياً، وتسهم في بناء اقتصاد مزدهر وأكثر تنافسية.

وأشاد بتطور منظومة الجودة في المملكة، ودورها في تحسين جودة الحياة، والنمو الاقتصادي، ورفع كفاءة الأداء وتسهيل ممارسة الأعمال، مما أسهم في تقدم المملكة بالمؤشرات الدولية.

ويأتي تصنيف المملكة ضمن أفضل 20 دولة حول العالم ليؤكد التزامها في تطوير منظومة البنية التحتية للجودة، والارتقاء بتشريعاتها وتنظيماتها، حيث تشمل عناصر البنية التحتية للجودة التي يتم قياسها في هذا المؤشر: المواصفات، والقياس والمعايرة، والاعتماد، وتقويم المطابقة والسياسات الوطنية، وفق ما ذكرت وكالة الأنباء السعودية.