وزير الخارجية التركي في القاهرة اليوم لاستكمال «تطبيع» العلاقات

زيارة هي الأولى منذ 11 عاماً... ويستقبله خلالها الرئيس المصري

وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو (يمين) لدى استقباله نظيره المصري سامح شكري خلال زيارة الأخير لتركيا نهاية فبراير الماضي (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو (يمين) لدى استقباله نظيره المصري سامح شكري خلال زيارة الأخير لتركيا نهاية فبراير الماضي (الخارجية المصرية)
TT

وزير الخارجية التركي في القاهرة اليوم لاستكمال «تطبيع» العلاقات

وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو (يمين) لدى استقباله نظيره المصري سامح شكري خلال زيارة الأخير لتركيا نهاية فبراير الماضي (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو (يمين) لدى استقباله نظيره المصري سامح شكري خلال زيارة الأخير لتركيا نهاية فبراير الماضي (الخارجية المصرية)

يبدأ وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، اليوم السبت، زيارة رسمية إلى القاهرة هي الأولى من نوعها لمسؤول تركي بهذا المستوى، منذ لقاء الرئيسين التركي والمصري، على هامش حضورهما افتتاح بطولة «كأس العالم» في قطر، في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وهو اللقاء الذي أنهى جموداً وتوتراً في العلاقات بين البلدين منذ عام 2013.
وأفادت مصادر مصرية مطّلعة على ملف العلاقات المصرية التركية، بأن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي سيستقبل أوغلو والوفد المرافق له، خلال زيارته للقاهرة.
وأوضحت المصادر، التي طلبت عدم نشر اسمها، لـ«الشرق الأوسط»، أنه من المنتظر أن يبحث اللقاء «إجراءات أكثر تقدماً» على مسار تطبيع العلاقات بين البلدين، وأن القاهرة «منفتحة على عدد من الإجراءات المستقبلية، التي من شأنها أن تسهم في تقريب وجهات النظر، سواء على المستوى الثنائي، أم فيما يتعلق بالملفات الإقليمية ذات الأهمية للبلدين».
من جانبه، قال السفير أحمد أبو زيد، المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية، إن زيارة وزير خارجية تركيا إلى مصر «تُعدّ بمثابة تدشين لمسار استعادة العلاقات الطبيعية بين البلدين، وإطلاق حوار مُعمق حول مختلف جوانب العلاقات الثنائية والقضايا الإقليمية والدولية محل الاهتمام المشترك، وبهدف الوصول إلى تفاهم مشترك يحقق مصالح الدولتين والشعبين الشقيقين».
وأوضح المتحدث، في تصريحات صحافية، الجمعة، أن وزير الخارجية المصري سامح شكري سوف يستقبل نظيره التركي في لقاء ثنائي بمقر وزارة الخارجية بقصر التحرير، تعقبه مباحثات موسعة بحضور وفدى البلدين، على أن يعقب ذلك مؤتمر صحافي مشترك.
وتمثل الزيارة، وفق عدد من المراقبين، «نقلة نوعية» في مسار ومستوى العلاقات بين القاهرة وأنقرة، إذ تمثل الزيارة الأولى لوزير خارجية تركي إلى القاهرة منذ 11 عاماً، وبعد أسبوعين فقط من زيارة وزير الخارجية المصري إلى تركيا، والتي اكتسبت طابعاً إنسانياً، للإعراب عن التضامن من الشعب التركي عقب زلزال 6 فبراير (شباط).
واعتبر السفير رخا أحمد حسن، عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية، الزيارة مؤشراً على تنامي وتيرة العلاقات بين البلدين، في أعقاب ما وصفه بـ«إذابة الجليد» بين البلدين بلقاء الرئيسين التركي والمصري على هامش افتتاح بطولة «كأس العالم»، مشيراً إلى أن «تطور مستوى اللقاءات من قادة الأجهزة الأمنية ونواب وزيري الخارجية، إلى المستوى الوزاري، يعكس رغبة البلدين في المضي قدماً نحو تطبيع العلاقات».
وتوقّع حسن، في تصريحات، لـ«الشرق الأوسط»، أن تسفر الزيارة عن إجراءات ثنائية، منها ترقية التمثيل الدبلوماسي المتبادل إلى مستوى السفراء، فضلاً عن توافقات مهمة بشأن عدد من الملفات الثنائية والإقليمية، وفي مقدمتها الملف الليبي. وأوضح عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية أن ملف المرتزقة والقوات الأجنبية في ليبيا يمثل أهمية قصوى في رؤية البلدين، وإذا جرى التوصل إلى تفاهمات بشأنه، فإن العلاقات بين القاهرة وأنقرة ربما تشهد نمواً متسارعاً بوتيرة كبيرة في المرحلة المقبلة، وربما تنتقل إلى مستوى لقاءات أعلى بين مسؤولي البلدين.
وشهدت العلاقات بين البلدين توتراً حاداً عقب الإطاحة بالرئيس الأسبق محمد مرسي عام 2013، بعد تظاهرات شعبية حاشدة، كما تسببت ملفات إقليمية مثل الأزمة الليبية والتوتر في شرق المتوسط، في مزيد من تأجيج العلاقات بين البلدين.
وأجرى البَلدان جولتي محادثات استكشافية بدأت 2021، برئاسة نائب وزير الخارجية التركي السفير سادات أونال، ونظيره المصري حمدي لوزا، إلا أنها لم تسفر عن تقدم في مسار العلاقات.
وأسهم زلزال 6 فبراير في دفع العلاقات الثنائية قدماً، إذ تلقّى الرئيس التركي رجب طيب إردوغان اتصالاً هاتفياً من نظيره المصري أعرب خلاله عن التضامن مع ضحايا الزلزال، وأرسلت مصر مساعدات إغاثية للمنكوبين.
واعتبر الدكتور طارق فهمي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، زيارة وزير الخارجية التركي إلى القاهرة استكمالاً للمباحثات التي بدأها وزير الخارجية المصري، خلال زيارته الأخيرة إلى تركيا، لافتاً إلى أن تبادل الزيارات على المستوى الوزاري «يضع العلاقات بين البلدين على المسار الصحيح».
وأوضح فهمي، لـ«الشرق الأوسط»، أن زيارة الوزير التركي «تعكس جدية أنقرة في مسعاها لتطبيع العلاقات مع القاهرة»، مشيراً إلى أن القاهرة في المقابل «تبدي تجاوباً مع التحركات التركية».
وأضاف أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة أن الملف الليبي، والوضع في منطقة شرق المتوسط، والسلوك التركي في الإقليم ستكون محور قضايا النقاش خلال زيارة أوغلو، وأن تلك الزيارة يمكن أن تكون «بداية لمسار أكثر تقدماً، وقد تفتح الباب أمام مقاربة إقليمية أوسع تمتد إلى دول وزانة في الإقليم، كما قد تفضي إلى توافقات مهمة بشأن المسار السياسي الليبي، وتصفية نقاط الخلاف في وجهات النظر بين تركيا ومصر، وهو ما سينعكس بدروه على المنطقة برمتها».


مقالات ذات صلة

هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

شمال افريقيا هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

حفلت الجلسة الافتتاحية لـ«الحوار الوطني»، الذي دعا إليه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قبل أكثر من عام، برسائل سياسية حملتها كلمات المتحدثين، ومشاركات أحزاب سياسية وشخصيات معارضة كانت قد توارت عن المشهد السياسي المصري طيلة السنوات الماضية. وأكد مشاركون في «الحوار الوطني» ومراقبون تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، أهمية انطلاق جلسات الحوار، في ظل «قلق مجتمعي حول مستقبل الاقتصاد، وبخاصة مع ارتفاع معدلات التضخم وتسببه في أعباء معيشية متصاعدة»، مؤكدين أن توضيح الحقائق بشفافية كاملة، وتعزيز التواصل بين مؤسسات الدولة والمواطنين «يمثل ضرورة لاحتواء قلق الرأي العام، ودفعه لتقبل الإجراءات الحكومية لمعالجة الأز

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا السيسي يبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي المصري

السيسي يبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي المصري

عقد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، اجتماعاً، أمس (الخميس)، مع كبار قادة القوات المسلحة في مقر القيادة الاستراتيجية بالعاصمة الإدارية الجديدة، لمتابعة دور الجيش في حماية الحدود، وبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي للبلاد. وقال المستشار أحمد فهمي، المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، في إفادة رسمية، إن «الاجتماع تطرق إلى تطورات الأوضاع على الساحتين الإقليمية والدولية، وانعكاساتها على الأمن القومي في ظل الظروف والتحديات الحالية بالمنطقة». وقُبيل الاجتماع تفقد الرئيس المصري الأكاديمية العسكرية المصرية، وعدداً من المنشآت في مقر القيادة الاستراتيجية بالعاصمة الإدارية. وأوضح المتحدث ب

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا مصر: ظاهرة «المقاتلين الأجانب» تهدد أمن واستقرار الدول

مصر: ظاهرة «المقاتلين الأجانب» تهدد أمن واستقرار الدول

قالت مصر إن «استمرار ظاهرة (المقاتلين الأجانب) يهدد أمن واستقرار الدول». وأكدت أن «نشاط التنظيمات (الإرهابية) في أفريقيا أدى لتهديد السلم المجتمعي».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا حادث تصادم بمصر يجدد الحديث عن مخاطر «السرعة الزائدة»

حادث تصادم بمصر يجدد الحديث عن مخاطر «السرعة الزائدة»

جدد حادث تصادم في مصر الحديث بشأن مخاطر «السرعة الزائدة» التي تتسبب في وقوع حوادث سير، لا سيما على الطرق السريعة في البلاد. وأعلنت وزارة الصحة المصرية، (الخميس)، مصرع 17 شخصاً وإصابة 29 آخرين، جراء حادث سير على طريق الخارجة - أسيوط (جنوب القاهرة).

منى أبو النصر (القاهرة)
شمال افريقيا مصريون يساهمون في إغاثة النازحين من السودان

مصريون يساهمون في إغاثة النازحين من السودان

بعد 3 أيام عصيبة أمضتها المسنة السودانية زينب عمر، في معبر «أشكيت» من دون مياه نظيفة أو وجبات مُشبعة، فوجئت لدى وصولها إلى معبر «قسطل» المصري بوجود متطوعين مصريين يقدمون مياهاً وعصائر ووجبات جافة مكونة من «علب فول وتونة وحلاوة وجبن بجانب أكياس الشيبسي»، قبل الدخول إلى المكاتب المصرية وإنهاء إجراءات الدخول المكونة من عدة مراحل؛ من بينها «التفتيش، والجمارك، والجوازات، والحجر الصحي، والكشف الطبي»، والتي تستغرق عادة نحو 3 ساعات. ويسعى المتطوعون المصريون لتخفيف مُعاناة النازحين من السودان وخصوصاً أبناء الخرطوم الفارين من الحرب والسيدات والأطفال والمسنات، بالتعاون مع جمعيات ومؤسسات أهلية مصرية، على


مصر تعدد «إنجازاتها» في «حقوق الإنسان» قبل مراجعة دورية بجنيف

بنايات على نيل القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)
بنايات على نيل القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)
TT

مصر تعدد «إنجازاتها» في «حقوق الإنسان» قبل مراجعة دورية بجنيف

بنايات على نيل القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)
بنايات على نيل القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)

عدّدت مصر «إنجازاتها» في ملف حقوق الإنسان خلال السنوات الأخيرة، قبل مناقشة «تقرير المراجعة الشاملة» أمام المجلس الدولي لحقوق الإنسان بجنيف، في يناير (كانون الثاني) المقبل، وأكدت القاهرة «هدم السجون (غير الآدمية) وإقامة مراكز إصلاح حديثة».

وتقدمت الحكومة المصرية في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، بتقريرها الرابع أمام «آلية المراجعة الدورية الشاملة» التابعة لمجلس حقوق الإنسان الدولي، تمهيداً لمناقشته الشهر المقبل، وهو تقرير دوري تقدمه مصر كل 4 سنوات... وسبق أن قدّمت القاهرة 3 تقارير لمراجعة أوضاع حقوق الإنسان في أعوام 2010، و2014، و2019.

وقال عضو «المجلس القومي لحقوق الإنسان» بمصر، رئيس «المنظمة المصرية لحقوق الإنسان» (مؤسسة حقوقية)، عصام شيحة، إن «الحكومة المصرية حققت (قفزات) في ملف حقوق الإنسان»، وأشار في تصريحات تلفزيونية، مساء الخميس، إلى أن «السنوات الأخيرة، شهدت قنوات اتصال بين المنظمات الحقوقية والمؤسسات الحكومية بمصر»، منوهاً إلى أن «مصر هدمت كثيراً من السجون القديمة التي كانت (غير آدمية) وأقامت مراكز إصلاح حديثة».

وأوضح شيحة في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، الجمعة، أن «الحكومة المصرية تبنت فلسفة عقابية جديدة داخل السجون عن طريق الحد من العقوبات السالبة للحريات، وأنها هدمت نحو 15 سجناً، وقامت ببناء 5 مراكز إصلاح وتأهيل وفق أحدث المعايير الدولية، وتقدم برامج لتأهيل ودمج النزلاء».

عادّاً أن تقديم مصر لتقرير المراجعة الدورية أمام «الدولي لحقوق الإنسان» بجنيف، «يعكس إرادة سياسية للتواصل مع المنظمات الدولية المعنية بملف حقوق الإنسان».

وشرعت وزارة الداخلية المصرية أخيراً في إنشاء «مراكز للإصلاح والتأهيل» في مختلف المحافظات، لتكون بديلة للسجون القديمة، ونقلت نزلاء إلى مراكز جديدة في «وادي النطرون، وبدر، و15 مايو»، وتضم المراكز مناطق للتدريب المهني والفني والتأهيل والإنتاج، حسب «الداخلية المصرية».

ورغم الاهتمام الحكومي بملف حقوق الإنسان في البلاد، وفق مراقبين؛ فإن عضو «المجلس القومي لحقوق الإنسان» يرى أن «هناك ملفات تحتاج إلى تحرك مثل ملف الحبس الاحتياطي في التهم المتعلقة بالحريات».

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يستعرض التقرير الثالث لـ«الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان» في مصر (الرئاسة المصرية)

وفي وقت سابق، أعلن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، استجابته لتوصيات مناقشات «الحوار الوطني» (الذي ضم شخصيات عامة وحزبية وأكاديميين وسياسيين) بشأن قضية الحبس الاحتياطي، داعياً في إفادة للرئاسة المصرية، أغسطس (آب) الماضي، إلى «أهمية تخفيض الحدود القصوى لمدد الحبس، وتطبيق بدائل مختلفة للحبس الاحتياطي».

ويرى وكيل «لجنة حقوق الإنسان» بمجلس النواب المصري (البرلمان)، النائب أيمن أبو العلا، أن «الحكومة المصرية حققت تقدماً في تنفيذ محاور (الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان) التي أطلقتها عام 2021»، ودلل على ذلك بـ«إلغاء قانون الطوارئ، وتشكيل لجان للعفو الرئاسي، والسعي إلى تطبيق إصلاح تشريعي مثل تقديم قانون جديد لـ(الإجراءات الجنائية) لتقنين الحبس الاحتياطي».

وكان وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، قد عرض على الرئيس المصري، الأربعاء الماضي، التقرير الثالث لـ«الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان»، متضمناً «المبادرات والبرامج التي جرى إعدادها للارتقاء بأوضاع حقوق الإنسان بمفهومها الشامل، السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي».

وحسب إفادة للرئاسة المصرية، وجه الرئيس المصري بـ«استمرار جهود نشر الوعي بحقوق الإنسان في مؤسسات الدولة كافة، ورفع مستوى الوعي العام بالحقوق والواجبات»، وشدد على «تطوير البنية التشريعية والمؤسسية لإنجاح هذا التوجه».

عودة إلى وكيل «لجنة حقوق الإنسان» بـ«النواب» الذي قال إن ملف حقوق الإنسان يتم استغلاله من بعض المنظمات الدولية سياسياً أكثر منه إنسانياً، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن «هناك ازدواجية في معايير بعض المنظمات التي تغض الطرف أمام انتهاكات حقوق الإنسان في غزة ولبنان، وتتشدد في معاييرها مع دول أخرى».