عقب انهيار «سيليكون فالي»... البنوك طلبت سيولة غير مسبوقة من «المركزي الأميركي»

«الاحتياطي الفيدرالي» أقرض البنوك 12 مليار دولار لتخفيف الضغوط عنها

مبنى مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الأميركي) في واشنطن (رويترز)
مبنى مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الأميركي) في واشنطن (رويترز)
TT

عقب انهيار «سيليكون فالي»... البنوك طلبت سيولة غير مسبوقة من «المركزي الأميركي»

مبنى مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الأميركي) في واشنطن (رويترز)
مبنى مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الأميركي) في واشنطن (رويترز)

أظهرت بيانات من «مجلس الاحتياطي الاتحادي» (البنك المركزي الأميركي) أن البنوك سعت للحصول على سيولة طارئة بمبالغ قياسية خلال الأيام القليلة الماضية، في أعقاب انهيار بنكي «سيليكون فالي» و«سيغنتشر»، مما أدى بدوره لتبديد جهود بذلها «البنك المركزي» على مدار أشهر لتقليص حجم ميزانيته، وفقاً لوكالة «رويترز».
وحصلت البنوك حتى يوم الأربعاء على 152.9 مليار دولار، وهو مبلغ مرتفع غير مسبوق، من نافذة الخصم لدى «البنك المركزي الأميركي»، وهي تسهيل تقليدي يعمل بوصفه ملاذاً أخيراً. كما حصلت على قروض بقيمة 11.9 مليار دولار من برنامج الإقراض البنكي الذي استحدثه «المركزي الأميركي» في الآونة الأخيرة. وتجاوز الاقتراض من نافذة الخصم الرقم القياسي السابق البالغ 112 مليار دولار في خريف عام 2008، خلال المرحلة الأسوأ من الأزمة المالية.
ومع أن مبالغ الاقتراض تُعدّ كبيرة، شعر بعض المحللين بالارتياح إزاءها، وقالوا إن الأمر يقلص المخاوف من تفاقم الأحداث التي شهدتها الأيام الماضية إلى مستوى يمكن أن يؤدي إلى انهيار الاقتصاد بأكمله.
وقال توماس سيمونز، خبير اقتصاد سوق المال لدى بنك «جيفريز» الاستثماري: «الأرقام، كما نراها هنا، أكثر اتساقاً مع فكرة أن هذه مجرد مشكلة فردية لدى عدد قليل من البنوك».
وأضاف أن جهود الدعم التي تبذلها الحكومة تبدو ناجعة، كما أن حجم المبالغ التي كشف عنها مجلس الاحتياطي الاتحادي أمس (الخميس) تشير إلى «أنها ليست مشكلة ضخمة على مستوى النظام».
وأدت زيادة الإقراض الطارئ إلى توقف انكماش ميزانية مجلس الاحتياطي الاتحادي، بل والنمو بشكل ملحوظ.
فبعد أن بلغت ذروة قرب 9 تريليونات دولار في الصيف الماضي قبل أن يبدأ «البنك المركزي» اتخاذ إجراءات لتقليل حيازاته من سندات الخزانة والسندات المدعومة بالرهن العقاري، انخفض إجمالي الحيازات إلى 8.39 تريليون دولار في الثامن من مارس (آذار)، قبل أن يرتفع إلى نحو 8.7 تريليون دولار يوم الأربعاء، وهو الأعلى منذ نوفمبر (تشرين الثاني).
https://twitter.com/aawsat_News/status/1634618308195500036?s=20

* 12 مليار دولار لتخفيف الضغوط

بلغت قيمة القروض التي منحها «الاحتياطي الفيدرالي» للبنوك الأميركية بموجب برنامج جديد كُشف النقاب عنه الأحد نحو 12 مليار دولار، مع تحرك السلطات في واشنطن لتخفيف الضغوط عن النظام المالي في أعقاب انهيار بنك «سيليكون فالي»، وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».
وأعلن «الاحتياطي الفيدرالي»، في بيان، أمس (الخميس)، أن المبالغ المستحقة في إطار «برنامج التمويل المؤقت للبنوك» وصلت إلى 11.9 مليار دولار بحلول أول من أمس (الأربعاء).
وكان «الاحتياطي الفيدرالي»، بالتعاون مع وزارة الخزانة و«المؤسسة الفيدرالية للتأمين على الودائع»، قد كشف، ليل الأحد، عن برنامج القروض لتجنيب بنوك أخرى مشكلات السيولة التي دفعت «سيليكون فالي» للانهيار.
ويوفر البرنامج تمويلاً إضافياً «للمساعدة في ضمان قدرة البنوك على تلبية احتياجات جميع المودعين»، كما جاء في بيان «الفيدرالي».
وأبلغت وزيرة الخزانة جانيت يلين أعضاء مجلس الشيوخ الخميس بأن السلطات تحركت بسرعة لحماية المودعين في بنكي «سيليكون فالي» و«سيغنتشر» الذي انهار أيضاً بعد أن رأت «خطراً جدياً بحصول عدوى» في القطاع المصرفي.
وبعد أيام على انهيار «سيليكون فالي»، تراجعت أسهم عدد من البنوك الإقليمية، على رأسها «فيرست ريبابليك»، بسبب مخاوف متعلقة بوضعها المالي على المدى الطويل.
لكن الأسواق استجابت بشكل إيجابي بعد أن أعلنت مجموعة تضم 11 من أكبر البنوك الأميركية، بينها «بنك أوف أميركا» و«سيتي غروب» و«جي بي مورغان» و«غولدمان ساكس»، أمس، إيداعها 30 مليار دولار في «فيرست ريبابليك».
وقالت المجموعة في بيان لها إن أفعالها تعكس «الثقة في النظام المصرفي للبلاد».
وكان المصرف، ومقره الرئيسي كاليفورنيا، قد حد من خسائره، أمس، بعد تقارير عن أنه قد يتلقى ضخ أموال من بعض المؤسسات المالية البارزة في البلاد.
وتهاوت أسهم المصرف، الاثنين، بأكثر من 65 في المائة مع بدء التداول في «وول ستريت»، ما أدى إلى تراجع أسهم بنوك أخرى في وقت تواجه المصارف الإقليمية الأميركية ضغوطاً.
وتأسس «فيرست ريبابليك» في عام 1985، وهو يحتل المرتبة 14 في قائمة المصارف الأميركية الكبرى لناحية الأصول التي بلغت قيمتها 212 مليار دولار في نهاية عام 2022.
والمصرف مقره الرئيسي في سان فرانسيسكو، مع فروع في الساحل الشرقي، بما في ذلك نيويورك وفلوريدا وولايات غربية على غرار واشنطن ووايومينغ.


مقالات ذات صلة

إشادة أميركية بالتزام العاهل المغربي «تعزيز السلام»

الولايات المتحدة​ إشادة أميركية بالتزام العاهل المغربي «تعزيز السلام»

إشادة أميركية بالتزام العاهل المغربي «تعزيز السلام»

أشاد وفد من الكونغرس الأميركي، يقوده رئيس لجنة القوات المسلحة بمجلس النواب الأميركي مايك روجرز، مساء أول من أمس في العاصمة المغربية الرباط، بالتزام الملك محمد السادس بتعزيز السلام والازدهار والأمن في المنطقة والعالم. وأعرب روجرز خلال مؤتمر صحافي عقب مباحثات أجراها مع وزير الشؤون الخارجية والتعاون الأفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة، عن «امتنانه العميق للملك محمد السادس لالتزامه بتوطيد العلاقات الثنائية بين الولايات المتحدة والمغرب، ولدوره في النهوض بالسلام والازدهار والأمن في المنطقة وحول العالم».

«الشرق الأوسط» (الرباط)
الولايات المتحدة​ إدانة 4 أعضاء في مجموعة متطرفة بالتحريض على هجوم الكونغرس الأميركي

إدانة 4 أعضاء في مجموعة متطرفة بالتحريض على هجوم الكونغرس الأميركي

أصدرت محكمة فيدرالية أميركية، الخميس، حكماً يدين 4 أعضاء من جماعة «براود بويز» اليمينية المتطرفة، أبرزهم زعيم التنظيم السابق إنريكي تاريو، بتهمة إثارة الفتنة والتآمر لمنع الرئيس الأميركي جو بايدن من تسلم منصبه بعد فوزه في الانتخابات الرئاسية الماضية أمام دونالد ترمب. وقالت المحكمة إن الجماعة؛ التي قادت حشداً عنيفاً، هاجمت مبنى «الكابيتول» في 6 يناير (كانون الثاني) 2021، لكنها فشلت في التوصل إلى قرار بشأن تهمة التحريض على الفتنة لأحد المتهمين، ويدعى دومينيك بيزولا، رغم إدانته بجرائم خطيرة أخرى.

إيلي يوسف (واشنطن)
الولايات المتحدة​ إدانة 4 أعضاء بجماعة «براود بويز» في قضية اقتحام الكونغرس الأميركي

إدانة 4 أعضاء بجماعة «براود بويز» في قضية اقتحام الكونغرس الأميركي

أدانت محكمة أميركية، الخميس، 4 أعضاء في جماعة «براود بويز» اليمينية المتطرفة، بالتآمر لإثارة الفتنة؛ للدور الذي اضطلعوا به، خلال اقتحام مناصرين للرئيس السابق دونالد ترمب، مقر الكونغرس، في السادس من يناير (كانون الثاني) 2021. وفي محاكمة أُجريت في العاصمة واشنطن، أُدين إنريكي تاريو، الذي سبق أن تولَّى رئاسة مجلس إدارة المنظمة، ومعه 3 أعضاء، وفق ما أوردته وسائل إعلام أميركية. وكانت قد وُجّهت اتهامات لتاريو و4 من كبار معاونيه؛ وهم: جوزف بيغز، وإيثان نورديان، وزاكاري ريل، ودومينيك بيتسولا، بمحاولة وقف عملية المصادقة في الكونغرس على فوز الديمقراطي جو بايدن على خصمه الجمهوري دونالد ترمب، وفقاً لما نق

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ ترمب ينتقد قرار بايدن عدم حضور مراسم تتويج الملك تشارلز

ترمب ينتقد قرار بايدن عدم حضور مراسم تتويج الملك تشارلز

وجّه الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب، الأربعاء، انتقادات لقرار الرئيس جو بايدن، عدم حضور مراسم تتويج الملك تشارلز الثالث، وذلك خلال جولة يجريها الملياردير الجمهوري في اسكتلندا وإيرلندا. ويسعى ترمب للفوز بولاية رئاسية ثانية في الانتخابات التي ستجرى العام المقبل، ووصف قرار بايدن عدم حضور مراسم تتويج ملك بريطانيا بأنه «ينم عن عدم احترام». وسيكون الرئيس الأميركي ممثلاً بزوجته السيدة الأولى جيل بايدن، وقد أشار مسؤولون بريطانيون وأميركيون إلى أن عدم حضور سيّد البيت الأبيض التتويج يتماشى مع التقليد المتّبع بما أن أي رئيس أميركي لم يحضر أي مراسم تتويج ملكية في بريطانيا. وتعود آخر مراسم تتويج في بري

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ لا تقل خطورة عن الإدمان... الوحدة أشد قتلاً من التدخين والسمنة

لا تقل خطورة عن الإدمان... الوحدة أشد قتلاً من التدخين والسمنة

هناك شعور مرتبط بزيادة مخاطر الإصابة بالنوبات القلبية والاكتئاب والسكري والوفاة المبكرة والجريمة أيضاً في الولايات المتحدة، وهو الشعور بالوحدة أو العزلة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

ترمب يوسع حملته ضد فنزويلا بعد «الحصار الكامل» على نفطها

طائرتان من طراز «إم في 22 أوسبري» تابعتان لسلاح مشاة البحرية الأميركيين تغادران مطار ميرسيديتا الدولي في بونس (أ.ف.ب)
طائرتان من طراز «إم في 22 أوسبري» تابعتان لسلاح مشاة البحرية الأميركيين تغادران مطار ميرسيديتا الدولي في بونس (أ.ف.ب)
TT

ترمب يوسع حملته ضد فنزويلا بعد «الحصار الكامل» على نفطها

طائرتان من طراز «إم في 22 أوسبري» تابعتان لسلاح مشاة البحرية الأميركيين تغادران مطار ميرسيديتا الدولي في بونس (أ.ف.ب)
طائرتان من طراز «إم في 22 أوسبري» تابعتان لسلاح مشاة البحرية الأميركيين تغادران مطار ميرسيديتا الدولي في بونس (أ.ف.ب)

تأهبت القوات الأميركية لتوسيع عملياتها العسكرية في منطقة الكاريبي غداة الأمر الذي أصدره الرئيس الأميركي دونالد ترمب بفرض «حصار شامل وكامل» على ناقلات النفط الخاضعة لعقوبات من الولايات المتحدة، والمتجهة من فنزويلا وإليها، في تصعيد كبير لحملة الضغط المتواصلة التي تقودها إدارته منذ أشهر ضد الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو.

ناقلة نفط قبالة فنزويلا (إ.ب.أ)

وكتب ترمب على منصته «تروث سوشيال» للتواصل الاجتماعي أن «فنزويلا محاصرة تماماً بأكبر أسطول بحري يحشد في تاريخ أميركا الجنوبية. وسيزداد هذا الأسطول قوة، وستكون الصدمة التي سيتلقونها غير مسبوقة». وطالب بأن «يُعيدوا إلى الولايات المتحدة كل النفط والأراضي والأصول الأخرى التي سرقوها منا سابقاً». وكرر أن «النظام» الفنزويلي بقيادة مادورو «منظمة إرهابية أجنبية»، متهماً المسؤولين الحكوميين الفنزويليين باستخدام النفط لإثراء أنفسهم وتمويل إرهاب المخدرات.

ويمكن لقرار الرئيس الأميركي أن يعرقل صادرات النفط الفنزويلية، التي تُعد شريان الحياة لاقتصاد البلاد، التي تعتمد كلياً على ناقلات النفط لتصدير نفطها إلى الأسواق العالمية، ولا سيما إلى الصين. ووفقاً لخدمة تتبع ناقلات النفط المستقلة «تانكر تراكرز»، كان هناك أكثر من 30 سفينة تعمل في فنزويلا في وقت سابق من هذا الشهر، وهي خاضعة لعقوبات أميركية.

الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو في كاراكاس بفنزويلا (رويترز)

وكانت القوات الأميركية صادرت الأربعاء الماضي في البحر الكاريبي ناقلة محملة بالنفط الفنزويلي ومتجهة إلى كوبا والصين. واحتجزت الناقلة بعدما أمر قاضٍ فيدرالي بذلك استناداً إلى حقيقة أن الناقلة كانت نقلت أخيراً نفطاً من إيران.

ومنذ 2 سبتمبر (أيلول) الماضي، شنّ الجيش الأميركي غارات جوية لتدمير ما لا يقل عن 25 قارباً في جنوب البحر الكاريبي وشرق المحيط الهادئ للاشتباه في أنها تحمل مخدرات من فنزويلا إلى الولايات المتحدة.

أوامر جديدة

وزير الدفاع الأميركي بيت هيغسيث في مبنى الكابيتول الأميركي بالعاصمة واشنطن (رويترز)

وكان مقرراً أن يعقد اجتماع رفيع، الأربعاء، للمسؤولين الأميركيين فيما يمكن أن يؤدي إلى إصدار أوامر جديدة للقوات البحرية والجوية الأميركية المُتمركزة في المنطقة. وتوقع مصدر مطلع تكثيف العمليات البحرية الأميركية خلال الأيام القليلة المقبلة.

وفي بيان نشرته نائبة الرئيس الفنزويلي ديلسي رودريغيز على مواقع التواصل الاجتماعي، وصفت حكومة مادورو قرار ترمب بأنه «شائن»، إذ إنه يتضمن «تهديدات محرضة على الحرب». وتعهدت إدانة انتهاك القانون الدولي أمام الأمم المتحدة.

ووجهت وزارة الخارجية الفنزويلية رسالة إلى مجلس الأمن وصفت فيها عملية احتجاز الناقلة الأربعاء الماضي بأنها «عمل قرصنة دولة».

وشكك خبراء في صناعة النفط ومسؤولون أميركيون سابقون في الأساس القانوني والسياسي لإعلان ترمب، الذي جاء بأسلوبه الحاد المعهود واستخدامه للأحرف الكبيرة. ولم يتضح ما إذا كان ترمب يشير إلى منظمة إرهابية أجنبية جديدة، أو أنه يتحدث عن «كارتيل لوس سوليس»، أي «كارتيل الشمس»، المُصنف سابقاً منظمة إرهابية أجنبية، الذي تدعي إدارة ترمب أن مادورو ومسؤولين آخرين في الحكومة الفنزويلية يقودونه. وإذا قرر ترمب تصنيف حكومة مادورو منظمة إرهابية أجنبية، فستكون فنزويلا أول دولة تُصنف كذلك. وتخضع حكومة فنزويلا بالفعل لحظر، وهو إجراء اتخذه ترمب خلال ولايته الأولى يمنع أي شخص أو كيان أميركي من التعامل معها.

وتخضع حكومات أخرى، بما فيها إيران وكوريا الشمالية، لحظر مماثل، لكن لا توجد أي منها مُصنفة منظمة إرهابية. ونقلت صحيفة «واشنطن بوست» عن المسؤول السابق في وزارة الخزانة الأميركية، جيريمي بانر، أنه «يكمن الفرق في أنه إذا كانت منظمة تجارية أجنبية، فإن القانون الأميركي يُطبق خارج حدود الولايات المتحدة، حتى لو لم تكن هناك صلة بالولايات المتحدة». وأضاف أنه بموجب هذا التصنيف «إذا قدم أي فرد أو شركة أي نوع من المساعدة للحكومة، فإنه يمكن القبض عليهم»، موضحاً أن ذلك قد يشمل نظرياً مسؤولين تنفيذيين في شركة «شيفرون»، التي تنتج وتصدر النفط الفنزويلي بالتعاون مع شركة النفط الحكومية الفنزويلية، بموجب ترخيص من وزارة الخزانة.

طفل يمر قرب مصفحة معروضة في كاراكاس بفنزويلا (أ.ب)

إعادة «المسروق»

وبالإضافة إلى «الإرهاب وتهريب المخدرات والاتجار بالبشر»، أضاف ترمب سبباً جديداً لهجماته على فنزويلا عندما أشار إلى الأصول الأميركية المسروقة، مطالباً بإعادتها «فوراً»، في إشارة إلى تأميم فنزويلا لقطاع النفط لديها قبل نحو عقدين.

وقال رئيس شركة «غولدون غلوبال ستراتيجيز» للاستشارات الدولية في مجال الطاقة، ديفيد غولدون، إن «موارد فنزويلا الطبيعية لم تكن ملكاً للولايات المتحدة. ورغم وجود اتهامات بالمصادرة، التي تم البت فيها أمام محكمة دولية، فإنه لا أساس للادعاء بأن نفط فنزويلا سُرق من الولايات المتحدة».

وأكد الناطق باسم شركة «شيفرون» بيل تورين، أن عمل عملاق الطاقة الأميركي في فنزويلا مستمر «من دون انقطاع، وبالامتثال التام للقوانين واللوائح السارية على أعماله، فضلاً عن أطر العقوبات التي فرضتها حكومة الولايات المتحدة».

ومنذ عام 2019 على الأقل، حين أيد ترمب مساعي إطاحة مادورو، صرح سراً وعلناً بضرورة استيلاء الولايات المتحدة على النفط الفنزويلي. وفي مطلع هذا العام، أرسل ترمب مبعوثاً للتفاوض مع مادورو بشأن الوصول إلى النفط الفنزويلي. كما وعدت زعيمة المعارضة الرئيسية ماريا كورينا ماتشادو مساعدي ترمب وحلفاءه بأنها ستفتح قطاع النفط أمام الاستثمارات الأميركية في حال وصولها إلى السلطة. وحتى قبل إعلان ترمب فرض الحصار، صرح مسؤول بأن الإدارة وضعت خططاً للاستيلاء على المزيد من ناقلات النفط الفنزويلية أو المتجهة لتحميله.


«البنتاغون» بين إعادة هيكلة القوة العسكرية وتحولات الاستراتيجية الأميركية

ترمب ووزير الدفاع بيت هيغسيث في قاعدة كوانتيكيو يوم 30 سبتمبر 2025 (أ.ب)
ترمب ووزير الدفاع بيت هيغسيث في قاعدة كوانتيكيو يوم 30 سبتمبر 2025 (أ.ب)
TT

«البنتاغون» بين إعادة هيكلة القوة العسكرية وتحولات الاستراتيجية الأميركية

ترمب ووزير الدفاع بيت هيغسيث في قاعدة كوانتيكيو يوم 30 سبتمبر 2025 (أ.ب)
ترمب ووزير الدفاع بيت هيغسيث في قاعدة كوانتيكيو يوم 30 سبتمبر 2025 (أ.ب)

بينما كانت استراتيجية الأمن القومي الأميركي الجديدة لا تزال تثير أصداءها في العواصم العالمية، كشفت صحيفة «واشنطن بوست» في تقرير خاص عن أن وزارة الحرب الأميركية (البنتاغون) تعمل على إعداد خطة طموحة ومثيرة للجدل تستهدف هدم الهياكل التقليدية العسكرية العليا، وإحداث تغييرات جذرية في موازين القوى داخل الجيش الأميركي.

وإذا ما أُقرت هذه الخطة، فإنها ستُعد من أعمق التحولات في بنية القيادة العسكرية منذ عقود، وستنسجم ليس فقط مع التوجهات العامة لإدارة الرئيس دونالد ترمب الرامية إلى تقليص الانخراط الأميركي في الشرق الأوسط وأوروبا، بل وإلى تقليص النفقات وإعادة صياغة موازين القوى العسكرية بما يتماشى مع عقيدة «أميركا أولاً» وتحويل الموارد والاهتمام الاستراتيجي نحو نصف الكرة الغربي.

قيادات عسكرية في قاعدة كوانتيكو يوم 30 سبتمبر 2025 (أ.ب)

تقليص وتوحيد القيادات

حسب مصادر مطلعة تحدثت للصحيفة، يقترح كبار مسؤولي «البنتاغون» خفض عدد القيادات القتالية من 11 إلى 8، مع تقليص عدد الجنرالات والأدميرالات من رتبة أربع نجوم الذين يرفعون تقاريرهم مباشرة إلى وزير الدفاع بيت هيغسيث. جوهر الخطة يتمثل في تقليص مكانة قيادات مركزية لطالما كانت محورية في السياسة العسكرية الأميركية، وعلى رأسها القيادة الوسطى (سنتكوم)، والقيادة الأوروبية (يوركوم)، والقيادة الأفريقية (أفريكوم)، عبر وضعها تحت مظلة قيادة جديدة يُقترح أن تُسمّى «القيادة الدولية الأميركية».

في المقابل، تتضمن الخطة دمج القيادة الشمالية (نورثكوم) والقيادة الجنوبية (ساوثكوم)، المسؤولتين عن العمليات العسكرية في الأميركيتين، ضمن قيادة موحدة جديدة تحت اسم «القيادة الأميركية» (أميركوم). ويعكس هذا التوجه أولوية واضحة لتعزيز الوجود والجاهزية العسكرية في نصف الكرة الغربي، على حساب مسارح عمليات اعتُبرت لعقود مركز الثقل الاستراتيجي الأميركي.

انسجام مع استراتيجية الأمن القومي الجديدة

تتلاقى هذه المقترحات مع ما ورد في استراتيجية الأمن القومي التي أعلنتها إدارة ترمب مؤخراً، والتي نصت بوضوح على أن «أيام تحمّل الولايات المتحدة عبء النظام العالمي بأكمله قد انتهت». هذه العبارة تختصر فلسفة سياسية - عسكرية تسعى إلى تقليص الالتزامات الخارجية، وإعادة تعريف دور الولايات المتحدة من «شرطي العالم» إلى قوة تركز مواردها حيث ترى مصالحها المباشرة مهددة.

ومن هذا المنظور، تبدو إعادة هيكلة القيادات العسكرية أداة تنفيذية لترجمة هذا التوجه السياسي. فخفض مستوى القيادات المعنية بالشرق الأوسط وأوروبا لا يعني انسحاباً فورياً، لكنه يحدّ من استقلاليتها ونفوذ قادتها، ويمنح القيادة السياسية قدرة أكبر على التحكم بتوزيع الموارد والقرارات العملياتية.

يبرر مسؤولو «البنتاغون» هذه الخطة بالحاجة إلى تسريع عملية اتخاذ القرار وتحسين آليات القيادة والسيطرة. ويقول أحد كبار المسؤولين إن «تآكلاً» أصاب قدرة المنظومة الحالية على التكيف السريع مع التهديدات المتغيرة، مضيفاً أن «الوقت ليس في صالحنا». ويأتي ذلك في سياق أوسع من سياسات وزير الحرب هيغسيث، الذي تعهد بكسر «الوضع القائم» وتقليص عدد كبار الضباط، وقد باشر فعلياً بإقالة أو دفع أكثر من 20 ضابطاً رفيع المستوى إلى مغادرة مناصبهم.

مبنى «البنتاغون» (أ.ب)

تحفظات الكونغرس

غير أن هذه التحركات لم تمر من دون اعتراضات. فقد أبدى أعضاء بارزون في لجان القوات المسلحة في مجلسي «الشيوخ» و«النواب»، وكلاهما بقيادة جمهورية، امتعاضهم من محدودية المعلومات التي شاركها «البنتاغون» مع «الكونغرس». وذهب المشرِّعون إلى حد اشتراط تقديم مخطط تفصيلي يوضح الكلفة المحتملة لإعادة الهيكلة وتأثيرها على التحالفات الأميركية، مع تجميد التمويل اللازم لتنفيذ الخطة لمدة لا تقل عن 60 يوماً بعد تسليم هذا المخطط.

وتعكس هذه الخطوة قلقاً عميقاً من أن يؤدي تقليص القيادات الإقليمية إلى إضعاف العلاقات العسكرية مع الحلفاء، ولا سيما في أوروبا والشرق الأوسط، حيث تقوم الشراكات الأمنية الأميركية على وجود قيادات ميدانية ذات خبرة إقليمية وعلاقات متشعبة.

تحذيرات من التداعيات العميقة

من خارج الإدارة، عبّر مسؤولون سابقون عن تشككهم في جدوى هذا التوجه. فقد حذّر وزير الدفاع الأسبق تشاك هيغل من أن العالم «لا يصبح أقل تعقيداً»، وأن توحيد أو دمج القيادات قد يقلل من القدرة على استشراف الأزمات قبل تفاقمها. ويرى منتقدو الخطة أن فقدان «الحس الميداني» والخبرة الإقليمية قد يضعف فعالية الرد الأميركي في مناطق مضطربة.

وللوقوف على حجم «الثورة» التي تعتزم إدارة ترمب إحداثها، ينبغي الإشارة إلى أن العقيدة العسكرية الأميركية منذ الحرب العالمية الثانية بنيت على مبدأ «الوجود الأمامي»، أي نشر القوات والقيادات في قلب الأقاليم الساخنة لمنع نشوب الصراعات قبل وصولها للأراضي الأميركية.

في الإدارات السابقة، كانت القيادة المركزية (سينتكوم) تُعامل بوصفها دولة داخل دولة نظراً لأهمية النفط ومكافحة الإرهاب. في الخطة الجديدة، يتم خفض رتبة هذه القيادة ووضعها تحت إشراف «القيادة الدولية»، مما يعني سياسياً أن الشرق الأوسط لم يعد أولوية استراتيجية عليا، بل مجرد ملف إداري ضمن ملفات أخرى.

وفي حين ان الاستراتيجيات السابقة ركزت على «التحول نحو آسيا» لمحاصرة الصين مع البقاء في أوروبا لردع روسيا، تركز خطة ترمب، من خلال إنشاء «أميركوم»، على نقل الثقل العسكري للتعامل مع قضايا الهجرة، وتجارة المخدرات، والنفوذ الصيني في أميركا اللاتينية، وهو تحول من «الدفاع الهجومي» في الخارج إلى «الدفاع عن العمق».

وبينما كانت الإدارات السابقة تقدس «رأي القادة الميدانيين»، تعكس خطة هيغسيث الحالية عدم ثقة في «النخبة العسكرية»، حيث ترى الإدارة أن كثرة القيادات تؤدي إلى «ترهل» في اتخاذ القرار. لذا، يتم استبدال الخبرة الإقليمية المتراكمة بهيكل مركزي ينفذ أوامر البيت الأبيض بسرعة أكبر.

وهو ما قد يؤدي إلى تداعيات من إحداث فراغ أمني، عبر الانسحاب من الهياكل القيادية في أوروبا وأفريقياـ الأمر الذي قد يغري روسيا والصين لملء هذا الفراغ بسرعة أكبر مما حدث في الفترات السابقة. كما قد يؤدي إلى صدام مع «الكونغرس»، الذي كان تاريخياً يفضل «تعدد القيادات» لضمان الرقابة، فيما المركزية التي يسعى إليها ترمب قد تؤدي إلى مواجهة دستورية حول مَن يسيطر على قرار الحرب. كما أن تغيير وجه الحلف الأطلسي عبر تحويل «يوروكوم» إلى مجرد فرع تحت قيادة دولية، يرسل رسالة واضحة بأن «الناتو» لم يعد محور الارتكاز العسكري الأميركي.

في المحصلة، تمثل خطة «البنتاغون» المقترحة أكثر من مجرد تعديل إداري؛ فهي تعكس تحولاً عميقاً في نظرة الولايات المتحدة إلى دورها العالمي، وتعيد تعريف العلاقة بين السياسة والقيادة العسكرية. وبينما تسعى الإدارة إلى جيش «أكثر رشاقة وأقل كلفة»، يبقى السؤال مفتوحاً حول ما إذا كان هذا الترشيد سيعزز فعلاً القدرة الأميركية على الردع، أم أنه سيترك فراغات استراتيجية في عالم يزداد اضطراباً.


تقرير: أميركا تستعد لعقوبات جديدة على روسيا إذا رفضت إبرام اتفاقية سلام

دونالد ترمب وفلاديمير بوتين يتصافحان خلال مؤتمر صحافي عقب اجتماعهما للتفاوض على إنهاء الحرب في أوكرانيا أغسطس الماضي (رويترز)
دونالد ترمب وفلاديمير بوتين يتصافحان خلال مؤتمر صحافي عقب اجتماعهما للتفاوض على إنهاء الحرب في أوكرانيا أغسطس الماضي (رويترز)
TT

تقرير: أميركا تستعد لعقوبات جديدة على روسيا إذا رفضت إبرام اتفاقية سلام

دونالد ترمب وفلاديمير بوتين يتصافحان خلال مؤتمر صحافي عقب اجتماعهما للتفاوض على إنهاء الحرب في أوكرانيا أغسطس الماضي (رويترز)
دونالد ترمب وفلاديمير بوتين يتصافحان خلال مؤتمر صحافي عقب اجتماعهما للتفاوض على إنهاء الحرب في أوكرانيا أغسطس الماضي (رويترز)

تستعد الولايات المتحدة لفرض جولة جديدة من العقوبات على قطاع الطاقة الروسي لزيادة الضغط على موسكو في حال رفض الرئيس فلاديمير بوتين إبرام اتفاقية سلام مع أوكرانيا، حسبما ذكرت وكالة «بلومبرغ» في تقرير، الأربعاء، نقلاً عن أشخاص مطلعين.

وقال التقرير إن الولايات المتحدة تدرس خيارات مثل استهداف سفن ما يُسمى أسطول الظل الروسي المكون من ناقلات تستخدم لنقل نفط موسكو، والمتعاملين الذين يسهلون المعاملات.

وذكر التقرير أن الإجراءات الجديدة ربما يعلن عنها هذا الأسبوع. وأضاف أن وزير الخزانة سكوت بيسنت ناقش هذه الخطوة عندما التقى مجموعة من السفراء الأوروبيين في وقت سابق من هذا الأسبوع.