باحثون نمساويون: «حبة دوائية» توقف انتشار السرطان في الجسم

علاج أميركي جديد يحقق نتائج مدهشة في حسر المرض بتنشيط جهاز المناعة

باحثون نمساويون: «حبة دوائية» توقف انتشار السرطان في الجسم
TT

باحثون نمساويون: «حبة دوائية» توقف انتشار السرطان في الجسم

باحثون نمساويون: «حبة دوائية» توقف انتشار السرطان في الجسم

قال علماء نمساويون إنهم قد ينجحون في المستقبل في تطوير «حبة دوائية» تتمكن من وقف انتشار السرطان في الجسم، وذلك بتحفيزها خلايا جهاز المناعة لمكافحة الأورام الخبيثة. ويعد انتشار السرطان من العضو المصاب إلى باقي أنحاء الجسم السبب الرئيس في حدوث الوفيات نتيجة المرض.
ونجح العلماء في التعرف على جزئية تسمى «سي بي إل - بي» Cbl-b تمكنت من منع انتشار السرطان. وفي أبحاث أجريت على الفئران أدت إزالة الباحثين أو تنشيطهم إحدى الجزيئات إلى تعزيز الوظائف المضادة للسرطان في الخلايا، الأمر الذي أوقف انتشار سرطان الثدي، وكذلك انتشار الأورام القتامية، وهي أخطر أنواع سرطان الجلد، إلى باقي أنحاء الجسم. ونفذت التجارب بتناول علاج عبر الفم أو عبر فتحة في المعدة.
ونشرت الدراسة في مجلة «نتشر» العلمية، وقال البروفسور جوزيف بيننغر الباحث في الأكاديمية النمساوية للعلوم في فيينا الذي أشرف عليها، إن «انتشار السرطان هو السبب الرئيس للوفيات.. ونتائج دراستنا تبشر بتطوير علاج يعزز نشاط جهاز المناعة بهدف وقف انتشار السرطان». وأضاف أن مثل هذا العلاج يتطلب إجراء اختبارات للتعرف على الآثار الجانبية له.
ووجد الباحثون أيضا أن عقار «وارفرين» المخفف للزوجة الدم والمانع لخثرات الدم يمتاز بقدرات مانعة لانتشار السرطان في الفئران. ووصف البروفسور كيتانو ريس سوسا، الباحث في مؤسسة «أبحاث السرطان في المملكة المتحدة» الأبحاث بأنها «عملاقة»، إلا أنه نوه بضرورة إجراء دراسات أوسع للبحث في فوائد مثل هذه «الحبة». وأضاف أن «جهاز المناعة له القدرة على تدمير الأورام، إلا أن (مكابح) جزيئية تسعى إلى منعه من أداء مهامه. وقد تمكن معدو البحث من إزالة واحد من تلك المكابح مما أعطى جهاز المناعة فرصة لتدمير الأورام السرطانية».
على صعيد آخر، نجح علماء أميركيون في جامعة جورج تاون في توظيف صنف جديد من أدوية لعلاج السرطان يطلق عليه «مثبطات بوابات جهاز المناعة» immune-checkpoint inhibitors في تجارب طبية لعلاج مريض اسمه مايكل هاريس، مصاب بالأورام القتامية لا أمل في شفائه. وكان المريض مصابا في المرحلة الرابعة من المرض، وقدر الأطباء فرصة بقائه على قيد الحياة بفترة ثمانية أشهر. وفي يونيو (حزيران) الماضي انتشر المرض إلى كبده ورئتيه. وكان أن انضم إلى تجارب طبية في الجامعة، ونجح الأطباء في ظرف أسبوعين من العلاج في العمل على اضمحلال الورم الرئيس لديه، وبعد مرور شهر نجحوا في «تنظيف» السرطان من كبده ورئتيه.
وقال مايكل أتكنز، الباحث في علم السرطان بالجامعة الذي أشرف على علاج هاريس في «مركز لامباردي للسرطان» بالجامعة، إن «هذا العلاج يمثل اختراقا كبيرا»، فيما عدّ لويس وينر رئيس المركز النتيجة «إنجازا كبيرا». ونقلت صحيفة «واشنطن بوست» الأميركية عن سوزان توبليان، الباحثة في علوم المناعة السرطانية بجامعة جونز هوبكنز التي ساهمت بدور كبير في تطوير العلاج، أنها «لا تزال في حالة من الصدمة» بهذه النتائج الممتازة.
وشخص في بريطانيا العام الماضي 331 ألف شخص بالسرطان، وقد توفي أكثر من 159 ألفا من المصابين به عام 2011.



اختلاف تكوين المخّ قد يدفع إلى تعاطي المخدرات

اختلاف تكوين المخّ قد يدفع إلى تعاطي المخدرات
TT

اختلاف تكوين المخّ قد يدفع إلى تعاطي المخدرات

اختلاف تكوين المخّ قد يدفع إلى تعاطي المخدرات

كشفت دراسة عصبية حديثة نُشرت في نهاية شهر ديسمبر (كانون الأول) من العام الماضي في مجلة الرابطة الطبية الأميركية «JAMA Network Open»، عن احتمالية أن يكون لشكل المخ وتكوينه الخارجي دور مهم في التوجه إلى تجربة المواد المضرة المختلفة في سن مبكرة أثناء فترة المراهقة، ثم إدمانها لاحقاً في مرحلة الشباب. وبالتالي يكون هؤلاء الأطفال مدفوعين لتعاطي هذه المواد أكثر من غيرهم الذين يتمتعون ببنية مخية طبيعية.

دراسة المخ

الدراسة التي تم تمويلها من المعاهد الوطنية الصحية (NIH) بالولايات المتحدة وقام بها باحثون من جامعة واشنطن Washington University بسانت لويس أجريت على ما يقرب من 10 آلاف مراهق من جميع أنحاء الولايات المتحدة، حيث تمت متابعتهم عن طريق تحليل بيانات تم جمعها من دراسة سابقة (وهي: دراسة التطور المعرفي لمخ المراهقين ABCD Study التي تُعد أكبر دراسة طولية لتطور المخ في الأطفال والمراهقين في الولايات المتحدة)، التي يدعمها المعهد الوطني لتعاطي المخدرات التابع للمعاهد الوطنية للصحة (NIDA).

قام الباحثون بعمل مراجعة وتقييم لأشعة الرنين المغناطيسي التي أجريت على المخ لـ9804 أطفال عندما كانت أعمارهم تتراوح بين 9 و11 عاماً. وبطبيعة الحال لم يكن هناك أي طفل قام بتجربة أي مادة مخدرة.

وبعد ذلك قام الباحثون بتتبع المشاركين على مدى ثلاث سنوات لمعرفة بدء تعاطي المواد المختلفة وركزوا على مراقبة تعاطي الكحول والنيكوتين و / أو نبات القنب بشكل أساسي؛ لأن هذه المواد على وجه التحديد تعد الأكثر شيوعاً في مرحلة المراهقة المبكرة في الولايات المتحدة. وهذه المتابعة كانت من خلال سؤال المراهقين وذويهم بشكل مباشر، أو من خلال السجلات التي تفيد بتورط هؤلاء الطلاب في تجربة هذه المواد.

وتضمنت الأسئلة استخدام أي مواد غير مشروعة أخرى (مثل الأدوية العصبية من دون وصفة طبية والأقراص المخدرة). ثم قام الباحثون بعمل مقارنة بين صور الرنين المغناطيسي الخاصة بالمراهقين الذين أبلغوا عن بدء تعاطي المواد المخدرة بأنواعها المختلفة قبل بلوغهم سن 15 عاماً بأقرانهم الذين لم يقدموا على تجربة المخدرات، لمعرفة إذا كانت هذه الفرضية (ارتباط تشريح المخ بزيادة القابلية للمخدرات) صحيحة أم لا.

وقال معظم الطلاب (90.2 في المائة) الذين شملتهم الدراسة إنهم قاموا بتجربة تناول الكحوليات مرة واحدة على الأقل قبل عمر الخامسة عشرة. وقالت نسبة كبيرة منهم إنهم قاموا بشرب الكحول بالتزامن مع التدخين سواء النيكوتين أو نبات القنب. وفي المقابل، قال الأطفال الذين قاموا بتجربة التدخين في البداية إنهم بدأوا أيضاً في تعاطي الكحول بعد فترة بسيطة من التدخين، ما يعني أن تجربة مادة معينة في الأغلب تؤدي إلى تجربة بقية المواد.

اختلافات تشريحية

قام العلماء بتقييم الاختلافات التشريحية الظاهرة في الأشعة تبعاً لمقاييس معينة مثل الحجم الكلي للمخ، والسمك، وكذلك النتوءات الموجودة، وعمق طيات المخ depth of brain folds واهتموا بشكل خاص بطبقات القشرة المخية، وهي الطبقة الخارجية من المخ المليئة بالخلايا العصبية. وهي مسؤولة عن العديد من العمليات الإدراكية والعاطفية، مثل التعلم والإحساس والذاكرة واللغة والانفعالات العاطفية واتخاذ القرار (من المعروف أن هذه المقاييس والخصائص ترتبط بالتباين في القدرات المعرفية وردود الفعل والتوصيلات العصبية من شخص لآخر).

ووجد الباحثون اختلافات واضحة في بنية خلايا المخ للمراهقين الذين أبلغوا عن بدء تعاطي المواد المخدرة قبل سن 15 عاماً وأقرانهم الذين لم يقوموا بتجربة المواد. وعلى سبيل المثال، كانت هناك زيادة في حجم المخ الكلي، وأيضاً زيادة في حجم القشرة المخية للمراهقين الذين قاموا بتعاطي المواد المختلفة، سواء المخدرات أو الكحوليات. وأيضاً كان هناك ما يقرب من 39 اختلافاً إضافياً بين مخ الذين جربوا المواد وأقرانهم في الكفاءة الوظيفية للخلايا وسمك القشرة المخية. وقال الباحثون إنهم وجدوا في بعض الحالات اختلافات في شكل الخلايا وبنيتها بطريقة فريدة من نوعها تبعاً لطبيعة المادة المستخدمة.

الإدمان لا يحدث فقط بسبب الانحراف السلوكي بل ربما لسبب قهري

وأظهر تحليل حديث آخر للبيانات الخاصة بالدراسة نفسها (التطور المعرفي لمخ المراهقين ABCD Study) أن أنماط التوصيلات العصبية في المخ في مرحلة المراهقة المبكرة يمكن أن تتنبأ ببدء تعاطي المواد المخدرة في الشباب، وهو الأمر الذي يؤكد أن إدمان هذه المواد ليس فقط بسبب الانحراف السلوكي والمشاكل النفسية، ولكن ربما لسبب قهري مرتبط بشكل المخ والخلل الوظيفي في خلاياه.

أوضحت الدراسة أن هذه النتائج تعد بالغة الأهمية في لفت النظر إلى ضرورة وضع الأسباب البيولوجية في الحسبان عند التعامل مع مشاكل إدمان المراهقين وإقدامهم على تجربة أنواع معينة من المواد الضارة، ونصحت الدراسة أيضاً بضرورة عمل مسح عن طريق أشعة الرنين المغناطيسي للأطفال، وتوفير الدعم النفسي للأطفال الأكثر عرضة لتجربة هذه المواد تبعاً للتغييرات التشريحية في مخهم، وعمل دورات توعية باستمرار لهم، وتحذيرهم من عواقب الإدمان، وعلاجهم في حالة تعرضهم بالفعل لهذه المواد.

وفي النهاية، أكد الباحثون أن بنية المخ وحدها لا يمكنها التنبؤ بتعاطي المواد المخدرة أثناء المراهقة، ولا يجب استخدام هذه البيانات بوصفها أداة تشخيص قاطعة، ولكن يجب أن يتم التعامل معها بوصفها عامل خطورة إضافياً مثل: «البيئة، والاستعداد الوراثي الجيني، والتعرض لأحداث مأساوية في الطفولة»، خاصة في حالة وجود اختلافات واضحة في بنية المخ التشريحية في مرحلة الطفولة، قبل أي استخدام لهذه المواد.

* استشاري طب الأطفال.