بعد أزمة محصول البصل في سوريا... شحّ مياه يهدد القمح

دمشق تتهم أنقرة بـ«حبس مياه الفرات» والتسبب بكارثة

مشهد من تراجع مستوى المياه في الفرات (مواقع التواصل)
مشهد من تراجع مستوى المياه في الفرات (مواقع التواصل)
TT

بعد أزمة محصول البصل في سوريا... شحّ مياه يهدد القمح

مشهد من تراجع مستوى المياه في الفرات (مواقع التواصل)
مشهد من تراجع مستوى المياه في الفرات (مواقع التواصل)

بعد أزمة البصل، تتهدد أزمة مياه محصول القمح في محافظة دير الزور شرق سوريا، بعد أن أفادت مصادر محلية بتراجع منسوب نهر الفرات بنسبة تتجاوز 40 في المائة، مما يهدد موسم القمح كمحصول رئيسي في المحافظة يحتاج في هذا الوقت من العام إلى ري لتعويض انحباس الأمطار وارتفاع درجات الحرارة.
وأعلن مدير الموارد المائية بدير الزور المهندس محمد الرجب، خروج عدد من مشاريع الري الزراعي في دير الزور من الخدمة نتيجة انخفاض منسوب نهر الفرات.
وقال إن نسبة الانخفاض في دير الزور منذ بداية فبراير (شباط) الفائت، بلغت أكثر من 40 سم، «ما أثّر على عمل المحركات الزراعية التي تعتمد على السحب من أقنية التوريد المائي، وأصبحت بحاجة إلى تعزيل مستمر لإيصال المياه إلى مضخات السحب».
وأدى انخفاض منسوب نهر الفرات إلى توقف الكثير من تلك المحركات سواء في القطاع الحكومي أو التعاوني، وخرجت من الخدمة 10 مجموعات ري في كل من: الشميطية وأبو شهري وزغير والمسرب ومعدان وعياش بالريف الغربي، ومشروع الري في بلدة البوليل في الريف الشرقي، كما انخفضت القدرة الإروائية في قطاعات الري الحكومي، والطاقة التشغيلية لمحطات الضخ ليقتصر التشغيل حالياً، على مجموعتي ضخ من أصل ثلاث في كل محطة.
وتتهم دمشق أنقرة «بحبس مياه الفرات»، والتسبب «بأزمة مياه كارثية في منطقة الفرات شمال وشرق سوريا».
وحسب مصادر محلية في محافظة الحسكة، فإن «حبس المياه الذي تقوم به تركيا ألحق ضرراً بمخزون المياه الجوفية، حيث زاد عمق الآبار الجوفية من 80 متراً إلى أكثر من 120 متراً.
كما تسبب بقطع الكهرباء وتهديد الزراعات المروية في المنطقة، لا سيما القمح الذي يحتاج إلى سقاية في الربيع»، وأكدت المصادر «وجود قلق كبير لدى سكان المنطقة من كارثة قادمة مع الصيف في حال استمرت تركيا بحبس مياه نهر الفرات».
وتعاني سوريا من أزمة قمح مزمنة منذ اندلاع الحرب، وتراجع المحصول من 3 ملايين طن عام 2011 إلى مليون ونص المليون طن العام الماضي، وخلال الأسبوع الأخير تجددت أزمة القمح اللازم لتصنيع الخبز، واضطرت الحكومة إلى رفع سعر التأشير للخبز والمعجنات التي تنتجها الأفران الخاصة.
وكان وزير الزراعة محمد حسان قطنا، قد أعلن أن الزلزال الذي ضرب البلاد في 6 فبراير الماضي، «تسبب بأضرار كبيرة على شبكات الري الحكومية في منطقة الغاب بالشبكتين الرئيسيتين ج1 وج2 حيث تصدعت جدران الأقنية لأنها ترابية مبطنة بالبيتون، وبالتالي باتت كلها مخربة».
وتعد منطقة الغاب الزراعية من المناطق المهمة في تزويد البلاد بالمحاصيل الاستراتيجية كالقمح والشوندر والتبغ، بالإضافة إلى المحاصيل الأساسية كالزيتون والبصل والتوم واليانسون والبطاطا وغيرها... ويأتي تضرر قطاع الري الحكومي فيها، إلى جانب تضرره في منطقة الفرات، ليفاقم أزمة الزراعات المرويّة.
يشار إلى أن محصول البصل شهد أزمة حادة هذا العام أعادت فتح ملفات تخبط السياسات الزراعية الحكومية، وعجزها عن تحقيق توازن في الأمن الغذائي.
فقد بلغ حجم إنتاج البصل العام الماضي 42 ألف طن بعجز بلغ 17500 طن لتغطية الاحتياج المحلي، حسب أرقام وزارة الزراعة، ومع أن الإنتاج أقل من الاحتياج، فقد سُمح بتصدير البصل. وحسب تصريحات سابقة لوزير الزراعة، فإن قرار تصدير البصل والثوم، «صدر حين بلغت كمية البصل 42 ألف طن وتم تصدير 118 طناً فقط وتم إيقاف التصدير، عندما تبين أن الإنتاج أقل من التوقعات».
وأفادت مصادر محلية في ريف حماة بإحجام كثير من مزارعي البصل عن زراعة الموسم الحالي (فبراير حتى أبريل - نيسان 2023) بسبب وقف الحكومة دعم زراعته والمحاصيل الشتوية. وقالت إن وقف الدعم العام الماضي «ألحق خسائر فادحة بمزارعي المحاصيل الشتوية، والتي أدت هذا العام لافتقادها في الأسواق وارتفاع أسعارها»، لافنة إلى أن «المزارعين ليسوا على استعداد لتكرار الخسائر».


مقالات ذات صلة

أبو الغيط: لا أعلم إن كانت سوريا ستعود للجامعة

أبو الغيط: لا أعلم إن كانت سوريا ستعود للجامعة

أبو الغيط: لا أعلم إن كانت سوريا ستعود للجامعة

قال الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، إنَّه «لا يعلم ما إذا كانت سوريا ستعود إلى الجامعة العربية أم لا»، وإنَّه «لم يتسلَّم بصفته أميناً عاماً للجامعة أي خطابات تفيد بعقد اجتماع استثنائي لمناقشة الأمر».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شؤون إقليمية سوريا وإيران: اتفاق استراتيجي طويل الأمد

سوريا وإيران: اتفاق استراتيجي طويل الأمد

استهلَّ الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، أمس، زيارة لدمشق تدوم يومين بالإشادة بما وصفه «الانتصارات الكبيرة» التي حقَّقها حكم الرئيس بشار الأسد ضد معارضيه. وفي خطوة تكرّس التحالف التقليدي بين البلدين، وقّع رئيسي والأسد اتفاقاً «استراتيجياً» طويل الأمد. وزيارة رئيسي للعاصمة السورية هي الأولى لرئيس إيراني منذ عام 2010، عندما زارها الرئيس الأسبق محمود أحمدي نجاد، قبل شهور من بدء احتجاجات شعبية ضد النظام. وقال رئيسي، خلال محادثات موسَّعة مع الأسد، إنَّه يبارك «الانتصارات الكبيرة التي حققتموها (سوريا) حكومة وشعباً»، مضيفاً: «حقَّقتم الانتصار رغم التهديدات والعقوبات التي فرضت ضدكم».

«الشرق الأوسط» (دمشق)
العالم العربي أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

استبقت تركيا انعقاد الاجتماع الرباعي لوزراء خارجيتها وروسيا وإيران وسوريا في موسكو في 10 مايو (أيار) الحالي في إطار تطبيع مسار العلاقات مع دمشق، بمطالبتها نظام الرئيس بشار الأسد بإعلان موقف واضح من حزب «العمال الكردستاني» والتنظيمات التابعة له والعودة الطوعية للاجئين والمضي في العملية السياسية.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
العالم العربي درعا على موعد مع تسويات جديدة

درعا على موعد مع تسويات جديدة

أجرت اللجنة الأمنية التابعة للنظام السوري في محافظة درعا (جنوب سوريا) اجتماعات عدة خلال الأيام القليلة الماضية، آخرها أول من أمس (الأربعاء)، في مقر الفرقة التاسعة العسكرية بمدينة الصنمين بريف درعا الشمالي، حضرها وجهاء ومخاتير ومفاوضون من المناطق الخاضعة لاتفاق التسوية سابقاً وقادة من اللواء الثامن المدعوم من قاعدة حميميم الأميركية. مصدر مقرب من لجان التفاوض بريف درعا الغربي قال لـ«الشرق الأوسط»: «قبل أيام دعت اللجنة الأمنية التابعة للنظام السوري في محافظة درعا، ممثلةً بمسؤول جهاز الأمن العسكري في درعا، العميد لؤي العلي، ومحافظ درعا، لؤي خريطة، ومسؤول اللجنة الأمنية في درعا، اللواء مفيد حسن، عد

رياض الزين (درعا)
شمال افريقيا مشاورات مصرية مع 6 دول عربية بشأن سوريا والسودان

مشاورات مصرية مع 6 دول عربية بشأن سوريا والسودان

أجرى وزير الخارجية المصري سامح شكري اتصالات هاتفية مع نظرائه في 6 دول عربية؛ للإعداد للاجتماع الاستثنائي لوزراء الخارجية العرب بشأن سوريا والسودان، المقرر عقده، يوم الأحد المقبل. وقال المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية، السفير أحمد أبو زيد، في إفادة رسمية، الخميس، إن شكري أجرى اتصالات هاتفية، على مدار يومي الأربعاء والخميس، مع كل من وزير خارجية السودان علي الصادق، ووزير خارجية السعودية فيصل بن فرحان، ووزير خارجية العراق فؤاد محمد حسين، ووزير خارجية الجزائر أحمد عطاف، ووزير خارجية الأردن أيمن الصفدي، ووزير خارجية جيبوتي محمود علي يوسف. وأضاف أن «الاتصالات مع الوزراء العرب تأتي في إطار ا

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

خطوات يمنية لمحاسبة مسؤولين متهمين بالفساد

الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)
الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)
TT

خطوات يمنية لمحاسبة مسؤولين متهمين بالفساد

الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)
الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)

في خطوة إضافية نحو مكافحة الفساد ومنع التجاوزات المالية، أحال رئيس الوزراء اليمني، الدكتور أحمد عوض بن مبارك، رئيس إحدى المؤسسات النفطية إلى النيابة للتحقيق معه، بعد أيام من إحالة مسؤولين في مصافي عدن إلى المحاكمة بتهمة الفساد.

تأتي الخطوة متزامنة مع توجيه وزارة المالية خطاباً إلى جميع الجهات الحكومية على المستوى المركزي والسلطات المحلية، أبلغتها فيه بالامتناع عن إجراء أي عقود للشراء أو التزامات مالية جديدة إلا بعد الحصول على موافقة مسبقة من الوزارة.

الخزينة اليمنية خسرت نحو 3 مليارات دولار نتيجة توقف تصدير النفط (إعلام محلي)

وقال بن مبارك في حسابه على «إكس» إنه أحال ملفاً جديداً في قضايا الفساد إلى النائب العام، ضمن إجراءات مستمرة، انطلاقاً من التزام الحكومة المطلق بنهج مكافحة الفساد وإعلاء الشفافية والمساءلة بوصفه موقفاً وليس مجرد شعار.

وأكد أن الحكومة والأجهزة القضائية والرقابية ماضون في هذا الاتجاه دون تهاون، مشدداً على أنه لا حماية لمن يثبت تورطه في نهب المال العام أو الفساد المالي والإداري، مهما كان موقعه الوظيفي.

في السياق نفسه، أوضح مصدر حكومي مسؤول أن مخالفات جديدة في قضايا فساد وجرائم تمس المال العام تمت إحالتها إلى النائب العام للتحقيق واتخاذ ما يلزم، من خلال خطاب وجّه إلى النيابة العامة، يتضمن المخالفات التي ارتكبها المدير التنفيذي لشركة الاستثمارات النفطية، وعدم التزامه بالحفاظ على الممتلكات العامة والتصرف بشكل فردي في مباحثات تتعلق بنقل وتشغيل أحد القطاعات النفطية.

وتضمن الخطاب -وفق المصدر- ملفاً متكاملاً بالمخالفات التي ارتكبها المسؤول النفطي، وهي الوقائع التي على ضوئها تمت إحالته للتحقيق. لكنه لم يذكر تفاصيل هذه المخالفات كما كانت عليه الحال في إحالة مسؤولين في مصافي عدن إلى المحاكمة بتهمة التسبب في إهدار 180 مليون دولار.

وجدّد المصدر التزام الحكومة المُطلق بالمحافظة على المال العام، ومحاربة جميع أنواع الفساد، باعتبار ذلك أولوية قصوى. وأشار إلى أن القضاء هو الحكم والفيصل في هذه القضايا، حتى لا يظن أحد أنه بمنأى عن المساءلة والمحاسبة، أو أنه فوق القانون.

تدابير مالية

في سياق متصل بمكافحة الفساد والتجاوزات والحد من الإنفاق، عمّمت وزارة المالية اليمنية على جميع الجهات الحكومية عدم الدخول في أي التزامات مالية جديدة إلا بعد موافقتها على المستويات المحلية والمركزية.

تعميم وزارة المالية اليمنية بشأن ترشيد الإنفاق (إعلام حكومي)

وذكر التعميم أنه، وارتباطاً بخصوصية الوضع الاقتصادي الراهن، واستناداً إلى قرار مجلس القيادة الرئاسي رقم 30 لعام 2022، بشأن وضع المعالجات لمواجهة التطورات في الوضع الاقتصادي والمالي والنقدي، وفي إطار دور وزارة المالية بالموازنة بين النفقات والإيرادات، فإنها تهيب بجميع الجهات المشمولة بالموازنة العامة للدولة والموازنات الملحقة والمستقلة الالتزام بالإجراءات القانونية وعدم الدخول في أي التزامات جديدة أو البدء في إجراءات عملية الشراء إلا بعد أخذ الموافقة المسبقة منها.

وأكد التعميم أن أي جهة تُخالف هذا الإجراء ستكون غير مسؤولة عن الالتزامات المالية المترتبة على ذلك. وقال: «في حال وجود توجيهات عليا بشأن أي التزامات مالية فإنه يجري عرضها على وزارة المالية قبل البدء في إجراءات الشراء أو التعاقد».

دعم صيني للإصلاحات

وناقش نائب محافظ البنك المركزي اليمني، محمد باناجة، مع القائم بالأعمال في سفارة الصين لدى اليمن، تشاو تشنغ، مستجدات الأوضاع المتعلقة بتفاقم الأزمات المالية التي يشهدها اليمن، والتقلبات الحادة في أسعار الصرف التي تُعد نتيجة حتمية للوضع الاقتصادي المتدهور في البلاد، والذي أثر بشكل مباشر على القطاع المصرفي والمالي.

وأعاد المسؤول اليمني أسباب هذا التدهور إلى اعتداء «ميليشيات الحوثي» على منشآت تصدير النفط، ما أدى إلى توقف التصدير، الذي يُعد أهم مصدر لتمويل خزينة الدولة بالنقد الأجنبي، والذي تسبب في مضاعفة العجز في الموازنة العامة وميزان المدفوعات.

نائب محافظ البنك المركزي اليمني خلال لقائه القائم بالأعمال الصيني (إعلام حكومي)

وخلال اللقاء الذي جرى بمقر البنك المركزي في عدن، أكد نائب المحافظ أن إدارة البنك تعمل جاهدة على تجاوز هذه التحديات، من خلال استخدام أدوات السياسة النقدية المُتاحة. وأشار إلى استجابة البنك بالكامل لكل البنود المتفق عليها مع المبعوث الأممي، بما في ذلك إلغاء جميع الإجراءات المتعلقة بسحب «نظام السويفت» عن البنوك التي لم تنقل مراكز عملياتها إلى عدن.

وأعاد المسؤول اليمني التذكير بأن الحوثيين لم يتخذوا أي خطوات ملموسة، ولم يصدروا بياناً يعبرون فيه عن حسن نياتهم، في حين أكد القائم بأعمال السفارة الصينية دعم الحكومة الصينية للحكومة اليمنية في كل المجالات، ومنها القطاع المصرفي، للإسهام في تنفيذ الإصلاحات.