واصلت أجهزة الأمن التونسي، ملاحقة عدد من قيادات حركة «النهضة»، المتهمة بالتآمر ضد أمن الدولة، وبعلاقاتها مع ملفات الإرهاب، وتضاربت الأنباء، أمس، حول وضعية الصادق شورو والحبيب اللوز، وكلاهما من قيادات الصف الأول من حركة «النهضة»، كما تعددت التساؤلات لمعرفة إن كانا يخضعان للاعتقال، أم في حالة «اختفاء قسري»، أم بحال سراح مؤقت، بعد إعلان هيئة الدفاع عنهما عن وجود «غموض يلفّ مكان الاحتفاظ بهما»، خصوصاً في ظل عدم وجود أي توضيحات رسمية.
كانت حركة «النهضة» قد أوردت خبر اعتقال شورو من فرقة أمنية، قبل أن تعود لتنفي هذا الخبر لاحقاً، وهو ما زاد من ضبابية هذا الملف، في وقت تدخلت فيه أطراف حقوقية لتوفير بعض المعلومات حول ملف الاعتقالات التي طالت نشطاء سياسيين وقضاة وإعلاميين ومحامين.
وقال مختار الجماعي، محامي الحبيب اللوز، إنه لا يعرف مكان احتجازه، بعد توجهه إلى القطب القضائي لمكافحة الإرهاب للإعلام باختفائه، ومحاولة معرفة مكانه، خصوصاً بعد أن أنكرت مختلف الوحدات الأمنيّة علمها بمكانه. لكنّ أسامة بن سالم، ابن المنصف بن سالم القيادي بحركة «النهضة»، أكد خبر إطلاق سراح الحبيب اللوز الليلة قبل الماضية، ونقله إلى المستشفى لتلقي العلاج نتيجة تعرضه لمشكلات صحية. موضحاً أن الصادق شورو «حرّ طليق، ولا صحة لما راج حول اعتقاله».
وكان القضاء التونسي قد أمر مؤخراً بسجن بعض قيادات حركة «النهضة»، من بينهم علي العريض، ونور الدين البحيري، وعبد الحميد الجلاصي، فيما أبقى على راشد الغنوشي رئيس الحزب، بحال سراح، على الرغم من دعوته في مناسبات سابقة للمثول أمام التحقيق. ويُتَّهم بعض القياديين في «النهضة» بالتآمر ضد أمن الدولة، ومحاولة تغيير نظام الحكم، وتسفير الشباب إلى بؤر التوتر في العراق وسوريا، وقد ضمت قائمة الموقوفين أيضاً نشطاء سياسيين، وقضاة ومحامين وإعلاميين، علاوة على قيادات نقابية، وهو ما أثَّر سلباً على المشهد السياسي والاجتماعي في تونس.
في سياق ذلك، استنكرت الولايات المتحدة، تزايد توقيف المعارضين في تونس، وعبّرت عن قلقها إزاء تقارير عن بدء إجراءات قضائية ضد نشطاء، على خلفية تواصلهم مع مسؤولين في السفارة الأميركية في تونس. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية نيد برايس: «نحن قلقون بشأن تقارير تفيد ببدء إجراءات قضائية بحق أفراد في تونس، بسبب لقاءاتهم أو محادثاتهم مع موظفين في سفارة الولايات المتحدة على ما يبدو». وأضاف برايس في تصريح للصحافيين: «هذا... جزء من تصعيد في حملة توقيف أشخاص، يُنظر إليهم على أنهم ينتقدون الحكومة... وهذا جزء... من وتيرة متصاعدة من الاعتقالات ضد من يُعدُّون معارضين للسلطة». لكنه رفض تحديد الأشخاص المعنيين، أو تفصيل الظروف المحيطة بتلك الاتصالات، التي بررها بالقول إن «كلّ سفاراتنا وجميع دبلوماسيينا في أنحاء العالم يلتقون شخصيات مختلفة في كل البلدان».
وجاء هذا التصريح بعد أن أصدرت وزارة الخارجية التونسية بياناً دعت فيه السفارات الأجنبية في البلاد إلى «عدم التدخل في شؤونها الداخلية»، في أعقاب تقارير تفيد بأن شخصيات معارضة تونسية أُوقفت مؤخراً بعد أن عقدت لقاءات مع دبلوماسيين غربيين.
على صعيد آخر، واصل اتحاد الشغل (نقابة العمال) حشد أنصاره للمشاركة فيما سمّاه «التحرك الأكبر»، المنتظَر اليوم (السبت) ضد السلطات التونسية، التي يتهمها بالتضييق على الحق النقابي، وتقليص هامش الحريات الفردية والجماعية. كما دعت حركة «النهضة»، التي تعد أكبر الأحزاب المعارضة للرئيس قيس سعيد، أنصارها إلى المشاركة بقوة في مسيرة احتجاجية بوسط العاصمة غداً (الأحد)، دعت إليها «جبهة الخلاص الوطني» المعارضة، على الرغم من قرار السلطات حظرها. وطالب الحزب كل «القوى الحية» بالتظاهر السلمي في شارع «الثورة» الرئيسي، الحبيب بورقيبة، وقال في بيان إنه «يستنكر محاولات التضييق، وبث البلبلة بشكل غير قانوني من طرف والي مدينة تونس». في إشارة إلى رفض سلطات الولاية في العاصمة، أول من أمس، الترخيص لجبهة الخلاص الوطني، التي تضم حركة «النهضة»، التظاهر غداً (الأحد)، بدعوى وجود شبهات بالتآمر على أمن الدولة في صفوف عدد من قيادييها. ويرى مراقبون أن العلاقة بين رئاسة الجمهورية ورئاسة اتحاد الشغل ماضية نحو مزيد من التعقيد، بعد أن منعت السلطات نقابيين من عدة دول من دخول تونس للمشاركة في التجمع العمالي الذي تحتضنه العاصمة يوم السبت، على الرغم من سماحها بتنظيمه، إضافةً إلى منع ماركو بيريز مولينا، وهو مسؤول نقابي إسباني من دخول تونس، بعد برمجة مشاركته في التجمع النقابي، «لدواعٍ أمنية»، على حد تعبير السلطات.
تونس تواصل اعتقال قيادات «النهضة»... والنقابات تحشد لـ«التحرك الأكبر»
واشنطن قلقة من توقيف نشطاء على خلفية «تواصلهم مع دبلوماسييها»
تونس تواصل اعتقال قيادات «النهضة»... والنقابات تحشد لـ«التحرك الأكبر»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة