«استفزازات إسرائيلية» متكررة في فلسطين تُثير رفضاً مصرياً

آخرها تحريض مسؤول حكومي على «محو» قرية حوارة

قرية حوارة في الضفة الغربية بعد هجوم مستوطنين (أ.ف.ب)
قرية حوارة في الضفة الغربية بعد هجوم مستوطنين (أ.ف.ب)
TT

«استفزازات إسرائيلية» متكررة في فلسطين تُثير رفضاً مصرياً

قرية حوارة في الضفة الغربية بعد هجوم مستوطنين (أ.ف.ب)
قرية حوارة في الضفة الغربية بعد هجوم مستوطنين (أ.ف.ب)

أدانت مصر، بأشد العبارات، في بيان صادر عن وزارة الخارجية بالقاهرة، الجمعة، التصريحات التحريضية لوزير في الحكومة الإسرائيلية، التي دعا فيها إلى «محو» قرية «حوارة» الفلسطينية.
ويأتي البيان عقب إدانات مصرية متكررة خلال الأسابيع الأخيرة لتصريحات وممارسات وزراء ومسؤولين في الحكومة الإسرائيلية، في وقت تبذل فيه القاهرة، بالتنسيق مع أطراف إقليمية ودولية، جهوداً مكثفة للتوصل إلى تهدئة في الأراضي المحتلة، التي تشهد تصعيداً للعنف منذ بداية العام، بالتزامن مع وصول الحكومة الإسرائيلية الحالية إلى سدة الحكم.
وأشار بيان «الخارجية» المصرية إلى أن «ما تمثله هذه التصريحات من تحريض خطير وغير مقبول على العنف، يتنافى مع جميع القوانين والأعراف والقيم الأخلاقية، ويفتقر للمسؤولية التي يجب أن يتحلى بها أي مسؤول يشغل منصباً رسمياً».
كما أكد البيان الموقف المصري الداعي إلى «ضرورة وقف الأعمال الاستفزازية أو التحريضية ضد أبناء الشعب الفلسطيني»، و«وضع حد للإجراءات الأحادية، بهدف تحقيق التهدئة بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، وتهيئة المناخ لاستئناف عملية السلام على أساس مبدأ حل الدولتين وقرارات الشرعية الدولية، باعتبار ذلك هو السبيل الوحيد لتحقيق السلام الشامل والعادل في المنطقة، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود يونيو (حزيران) 1967 وعاصمتها القدس».
وكان بتسلئيل سموتريتش، الذي يشغل منصب وزير المالية في الحكومة الإسرائيلية، وهو زعيم حزب «الصهيونية الدينية» اليميني المتطرف، قال (الأربعاء) إن بلدة «حوارة» الفلسطينية في الضفة الغربية المحتلة - حيث قُتل شقيقان إسرائيليان بالرصاص الأحد - «يجب محوها».
وأضاف أنه يجب على «دولة إسرائيل القيام بذلك وليس أفراداً فيها»، في إشارة إلى المستوطنين الذين هاجموا «حوارة» وأحرقوا فيها عشرات البيوت ومئات السيارات وأصابوا عشرات المواطنين الفلسطينيين بجراح.
وتكررت في الآونة الأخيرة إدانات مصر لمواقف وتصريحات صادرة عن مسؤولين إسرائيليين بارزين في الحكومة الحالية، ففي 13 فبراير (شباط) الماضي، أدانت مصر في بيان صادر عن وزارة الخارجية، قرار الحكومة الإسرائيلية بـ«شرعنة» بؤر استيطانية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وبناء وحدات استيطانية جديدة، واعتبرته «عملاً استفزازياً غير مقبول يتزامن مع انعقاد مؤتمر نصرة ودعم القدس في القاهرة».
كما أعربت «الخارجية» المصرية في يناير (كانون الثاني) الماضي عن أسفها لاقتحام وزير الأمن القومي اليميني الإسرائيلي، إيتمار بن غفير، المسجد الأقصى، مؤكدة رفضها لأي إجراءات أحادية مخالفة للقانون الدولي. وحذرت القاهرة، في بيان، من التبعات السلبية لمثل هذه الإجراءات على الأمن والاستقرار في الأراضي الفلسطينية والمنطقة وعلى مستقبل عملية السلام.
واعتبر الدكتور طارق فهمي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، بيان الخارجية لإدانة تصريحات الوزير الإسرائيلي سموتريتش «شديد اللهجة ويحمل رسائل مهمة»، مشيراً إلى أن البيان «يُحمّل إسرائيل بوضوح المسؤولية عن الوضع وما يمكن أن تؤدي إليه تلك التصريحات والممارسات غير المسؤولة من جانب بعض الشخصيات في الائتلاف الحكومي الإسرائيلي».
وأضاف فهمي لـ«الشرق الأوسط» أن البيان يشير إلى حرص القاهرة على إرسال رسائل هادئة عبر القنوات الدبلوماسية، وتحميل الجانب الإسرائيلي المسؤولية عن الوضع، خصوصاً مع اقتراب شهر رمضان، وما يمكن أن يؤدي إليه التصعيد الإسرائيلي والاقتحامات من تهديد للموقف برمته.
حول تكرار إدانات القاهرة في الآونة الأخيرة لممارسات الحكومة الإسرائيلية وما يحمله من دلالات، أشار فهمي إلى أن «القاهرة تتحرك بحكمة ومسؤولية»، وأنها تواصل تسجيل المواقف على حكومة تل أبيب، كما تواصل الاضطلاع بمسؤولياتها بالتنسيق مع الأردن، وكذلك مع الإدارة الأميركية التي تتابع وتراقب ما يجري على الأرض وتدرك خطورته.
وأوضح أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة أن هناك تنسيقاً مصرياً مع الشركاء الأوروبيين والأميركيين بشأن الموقف في الضفة الغربية، وأن القاهرة تواصل مساعيها الحثيثة لضمان عدم انفجار الموقف، خصوصاً في ظل استضافتها للاجتماع المزمع عقده الشهر المقبل في مدينة شرم الشيخ، لمتابعة ما تم الاتفاق عليه في اجتماع العقبة الشهر الماضي.
وقادت مصر على مدى الأسابيع الأخيرة جهوداً مكثفة في محاولة لاحتواء تصاعد العنف بالأراضي المحتلة، وأجرت اتصالات مع السلطة الفلسطينية والحكومة الإسرائيلية، كما استضافت الشهر الماضي قادة من حركتي «الجهاد الإسلامي» و«حماس» في قطاع غزة، وأجرى الوفدان في القاهرة مشاورات مع مسؤولين أمنيين مصريين رفيعي المستوى، لتثبيت التهدئة بالقطاع.
وأشار الدكتور جهاد الحرازين، أستاذ العلوم السياسية في جامعة القدس والقيادي في حركة «فتح»، إلى أن البيان المصري يعكس موقفاً واضحاً لإدانة الهجمة المتواصلة من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي على الأراضي الفلسطينية وارتكابها المجزرة تلو الأخرى والاقتحامات المتواصلة والاعتداءات بشتى أشكالها، رغم كل الإجراءات والمحاولات والوساطات التي جرت من قبل مصر والأردن والولايات المتحدة، وما أعقب ذلك من بيان مجلس الأمن ومن ثم اجتماع العقبة.
وأضاف الحرازين لـ«الشرق الأوسط» أن دولة الاحتلال «لا تريد أن تكون هناك حالة من الهدوء أو حتى تجاوب مع الجهود الإقليمية والوساطات التي جرت»، الأمر الذي يثير حالة من الامتعاض والاستنكار في ظل سيطرة اليمين المتطرف.
وأوضح أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس أن البيان المصري يؤكد أن الجرائم المتكررة ودعوات الإرهاب والتطرف الصادرة من قبل الوزيرين سموتريتش وبن غفير ورئيس لجنة الأمن والخارجية بالكنيست وغيرهم من قادة الاحتلال وأعضاء الكنيست «لم تعد قابلة للاحتمال».
وتابع أن هذا الأمر سيدفع القاهرة للتشاور والتنسيق مع الولايات المتحدة والأردن والدول الأوروبية للجم هذا العدوان والضغط على الحكومة الإسرائيلية لوقف هذه التصريحات والتحريض، خصوصاً أن استمرار تلك الممارسات العنصرية من جانب المسؤولين الإسرائيليين سيدفع باتجاه اشتعال المنطقة بأسرها.


مقالات ذات صلة

اليوم الثاني لرئيسي في دمشق... فلسطيني

المشرق العربي اليوم الثاني لرئيسي في دمشق... فلسطيني

اليوم الثاني لرئيسي في دمشق... فلسطيني

في اليوم الثاني لزيارة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي إلى سوريا، التقى وفداً من الفصائل الفلسطينية الموجودة في دمشق، بحضور وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان. وأكد رئيسي، خلال اللقاء الذي عقد في القصر الرئاسي السوري أمس (الخميس)، أن بلاده «تعتبر دائماً القضية الفلسطينية أولوية في سياستها الخارجية». وأكد أن «المقاومة هي السبيل الوحيد لتقدم العالم الإسلامي ومواجهة الاحتلال الإسرائيلي»، وأن «المبادرة، اليوم، في أيدي المجاهدين والمقاتلين الفلسطينيين في ساحة المواجهة».

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي «مستعربون» بزي نسائي تسللوا إلى قلب نابلس لقتل 3 فلسطينيين

«مستعربون» بزي نسائي تسللوا إلى قلب نابلس لقتل 3 فلسطينيين

قتلت إسرائيل 3 فلسطينيين في الضفة الغربية، الخميس، بعد حصار منزل تحصنوا داخله في نابلس شمال الضفة الغربية، قالت إنهم يقفون خلف تنفيذ عملية في منطقة الأغوار بداية الشهر الماضي، قتل فيها 3 إسرائيليات، إضافة لقتل فتاة على حاجز عسكري قرب نابلس زعم أنها طعنت إسرائيلياً في المكان. وهاجم الجيش الإسرائيلي حارة الياسمينة في البلدة القديمة في نابلس صباحاً، بعد أن تسلل «مستعربون» إلى المكان، تنكروا بزي نساء، وحاصروا منزلاً هناك، قبل أن تندلع اشتباكات عنيفة في المكان انتهت بإطلاق الجنود صواريخ محمولة تجاه المنزل، في تكتيك يُعرف باسم «طنجرة الضغط» لإجبار المتحصنين على الخروج، أو لضمان مقتلهم. وأعلنت وزارة

كفاح زبون (رام الله)
المشرق العربي مشروع قانون إسرائيلي يتيح لعوائل القتلى مقاضاة السلطة واقتطاع أموال منها

مشروع قانون إسرائيلي يتيح لعوائل القتلى مقاضاة السلطة واقتطاع أموال منها

في وقت اقتطعت فيه الحكومة الإسرائيلية، أموالاً إضافية من العوائد المالية الضريبية التابعة للسلطة الفلسطينية، لصالح عوائل القتلى الإسرائيليين في عمليات فلسطينية، دفع الكنيست نحو مشروع جديد يتيح لهذه العائلات مقاضاة السلطة ورفع دعاوى في المحاكم الإسرائيلية؛ لتعويضهم من هذه الأموال. وقالت صحيفة «يسرائيل هيوم» العبرية، الخميس، إن الكنيست صادق، بالقراءة الأولى، على مشروع قانون يسمح لعوائل القتلى الإسرائيليين جراء هجمات فلسطينية رفع دعاوى لتعويضهم من أموال «المقاصة» (العوائد الضريبية) الفلسطينية. ودعم أعضاء كنيست من الائتلاف الحكومي ومن المعارضة، كذلك، المشروع الذي يتهم السلطة بأنها تشجع «الإرهاب»؛

«الشرق الأوسط» (رام الله)
المشرق العربي تأهب في إسرائيل بعد «صواريخ غزة»

تأهب في إسرائيل بعد «صواريخ غزة»

دخل الجيش الإسرائيلي في حالة تأهب وقصف بدباباته موقعاً في شرق مدينة غزة، أمس الثلاثاء، ردّاً على صواريخ أُطلقت صباحاً من القطاع بعد وفاة القيادي البارز في حركة «الجهاد» بالضفة الغربية، خضر عدنان؛ نتيجة إضرابه عن الطعام داخل سجن إسرائيلي.

كفاح زبون (رام الله)
المشرق العربي وساطة عربية ـ أممية تعيد الهدوء إلى غزة بعد جولة قتال خاطفة

وساطة عربية ـ أممية تعيد الهدوء إلى غزة بعد جولة قتال خاطفة

صمد اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة الذي دخل حيز التنفيذ، فجر الأربعاء، منهيا بذلك جولة قصف متبادل بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية استمرت ليلة واحدة (أقل من 24 ساعة)، في «مخاطرة محسوبة» بدأتها الفصائل ردا على وفاة القيادي في «الجهاد الإسلامي» خضر عدنان في السجون الإسرائيلية يوم الثلاثاء، بعد إضراب استمر 87 يوما. وقالت مصادر فلسطينية في الفصائل لـ«الشرق الأوسط»، إن وساطة مصرية قطرية وعبر الأمم المتحدة نجحت في وضع حد لجولة القتال الحالية.

كفاح زبون (رام الله)

مقتل 9 بعد هجوم لـ«الدعم السريع» على المستشفى الرئيسي في الفاشر

أشخاص يسيرون بجوار مركبة مدمَّرة بعد قصف لقوات «الدعم السريع» على أم درمان (رويترز)
أشخاص يسيرون بجوار مركبة مدمَّرة بعد قصف لقوات «الدعم السريع» على أم درمان (رويترز)
TT

مقتل 9 بعد هجوم لـ«الدعم السريع» على المستشفى الرئيسي في الفاشر

أشخاص يسيرون بجوار مركبة مدمَّرة بعد قصف لقوات «الدعم السريع» على أم درمان (رويترز)
أشخاص يسيرون بجوار مركبة مدمَّرة بعد قصف لقوات «الدعم السريع» على أم درمان (رويترز)

قال مسؤول محلي في قطاع الصحة ونشطاء سودانيون إن قوات «الدعم السريع» هاجمت المستشفى الرئيسي الذي ما زال يعمل في مدينة الفاشر بولاية شمال دارفور بالسودان، اليوم الجمعة، مما أسفر عن مقتل تسعة، وإصابة 20 شخصاً.

وذكر المدير العام لوزارة الصحة بولاية شمال دارفور إبراهيم خاطر، و«تنسيقية لجان المقاومة في الفاشر»، وهي جماعة مؤيدة للديمقراطية ترصد العنف في المنطقة، إن طائرة مسيَّرة أطلقت أربعة صواريخ على المستشفى، خلال الليل، مما أدى إلى تدمير غرف وصالات للانتظار ومرافق أخرى.

ووفق ما ذكرته وكالة «رويترز» للأنباء، أظهرت صور حطاماً متناثراً على أَسرَّة بالمستشفى ودماراً لحق الجدران والأسقف. وتقول قوات «الدعم السريع» إنها لا تستهدف المدنيين، ولم يتسنَّ الوصول إليها للتعليق.

واندلعت الحرب بين الجيش السوداني وقوات «الدعم السريع» منذ أكثر من 18 شهراً، وأدت إلى أزمة إنسانية واسعة، ونزوح أكثر من 12 مليون شخص. وتُواجه وكالات الأمم المتحدة صعوبة في تقديم الإغاثة.

والفاشر هي واحدة من أكثر خطوط المواجهة اشتعالاً بين قوات «الدعم السريع» والجيش السوداني وحلفائه الذين يقاتلون للحفاظ على موطئ قدم أخير في منطقة دارفور.

ويخشى مراقبون من أن يؤدي انتصار قوات «الدعم السريع» هناك إلى عنف على أساس عِرقي، كما حدث في غرب دارفور، العام الماضي.