الإمام محمد بن سعود... نجا من مؤامرة الاغتيال ليؤسس أول دولة مركزية

حوّل «الدرعية» الصغيرة إلى عاصمة دولة ذات اعتبار بحكمة رجل ولد حاكماً

الإمام محمد بن سعود   -    خريطة انتشار الدولة السعودية الأولى في بداية انطلاقتها من الدرعية - السهم يشير إلى اتجاه انتشارها والدوائر تحدد بعض المدن والقرى التي انضمت للدولة (الشرق الأوسط)
الإمام محمد بن سعود - خريطة انتشار الدولة السعودية الأولى في بداية انطلاقتها من الدرعية - السهم يشير إلى اتجاه انتشارها والدوائر تحدد بعض المدن والقرى التي انضمت للدولة (الشرق الأوسط)
TT

الإمام محمد بن سعود... نجا من مؤامرة الاغتيال ليؤسس أول دولة مركزية

الإمام محمد بن سعود   -    خريطة انتشار الدولة السعودية الأولى في بداية انطلاقتها من الدرعية - السهم يشير إلى اتجاه انتشارها والدوائر تحدد بعض المدن والقرى التي انضمت للدولة (الشرق الأوسط)
الإمام محمد بن سعود - خريطة انتشار الدولة السعودية الأولى في بداية انطلاقتها من الدرعية - السهم يشير إلى اتجاه انتشارها والدوائر تحدد بعض المدن والقرى التي انضمت للدولة (الشرق الأوسط)

سر التحول الكبير في تاريخ الجزيرة العربية، وتحقيق أول وحدة فيها أدى إلى نشوء دولة قوية من خلال مبادئ عدة تمثلت في: تحقيق الاستقرار السياسي، وعدم الخروج على الحاكم الشرعي، وقيادة الحاكم للجيوش، والبدء في توحيد المناطق على مراحل، وحرصه على منع اتحاد أعدائه في وقت حرج له، واستشارة أهل الرأي قبل اتخاذ أي قرار سياسي أو عسكري، وإقرار نظام للدولة لتحقيق العدالة وتطبيق النظام، وتأمين الحماية وتحصين البلدان من أي هجوم خارجي، وسنّ القوانين والمبادئ للحكم؛ لتحقيق العدل ومنع الظلم والتعدي على حقوق الرعية، مع إقرار نظام اقتصادي واضح، ونشر العلم والتعليم على نطاق واسع.
قصة الإمام محمد بن سعود مؤسس الدولة السعودية الأولى أشبه بتراجيديا العظماء الذين سجل التاريخ أسماءهم بمداد من ذهب، وهو البطل والثائر والفارس المغوار والحاكم العادل والسياسي المحنك، ورجل ولد حاكماً، بعد أن نجا من مؤامرة اغتيال وتصفية مع جموع من رجاله، ليؤسس في بلدته الدرعية وسط الجزيرة العربية دولة مركزية ذات قوة ومنعة، ونشر فيها الأمن والأمان، وحقق العدل والمساواة، وجعلها منارة ثقافية تعج بطلاب العلم في المساجد والمدارس، وفوق ذلك سطر ملحمة بطولية لافتة أشبه بالخيال للدفاع عن دولته الوليدة التي انطلقت من الدرعية وأصبحت عاصمة لها، وهددت كيانات وممالك وإمبراطوريات وأقطاب المرحلة، وتقاطعت الدولة الجديدة مع مصالح تلك الدول السياسية والاقتصادية وغير ذلك، وتابع أبناؤه وأحفاده ما سطره والدهم بالحفاظ على الكيان الكبير والأركان التي قامت عليها الدولة، لكن الغزاة المستعمرين في تلك الفترة تكالبوا على الدولة الوليدة القوية وغزوها، ودارت معارك طاحنة بين كر وفر دفع حكامها أرواحهم في سبيل ذلك لتسقط الدولة مرتين، الأولى بفعل خارجي، لتنهض مرة ثانية من جديد ثم تسقط بفعل صراع داخلي بين الأبناء، ليتمكن الملك عبد العزيز من استعادة ملك الآباء والأجداد، وينهض بالدولة ويؤسسها مجدداً بعد ملحمة عظيمة وكفاح طويل؛ ليقيم هذا الكيان الذي يعرف اليوم باسم «المملكة العربية السعودية».

خريطة انتشار الدولة السعودية الأولى في بداية انطلاقتها من الدرعية - السهم يشير إلى اتجاه انتشارها والدوائر تحدد بعض المدن والقرى التي انضمت للدولة (الشرق الأوسط)

الإمام محمد بن سعود بن محمد بن مقرن بن مرخان بن إبراهيم بن موسى بن ربيعة بن مانع المريدي الذي ولد عام 1090هـ، تبدأ قصته مبكراً بمشاركته وتأثيره على مجريات الأحداث في فترة إمارة الدرعية الممتدة بين 850 - 1139 هـ (1446 - 1727 م)، إذ تعاقب على حكم الدرعية عدد من الأمراء الذين كان لهم دور في تأسيس إمارة الدرعية وبروزها بين المدن النجدية، إلا أن الدرعية عانت في الفترة التي سبقت حكم الإمام محمد بن سعود من بعض الانقسامات والاضطرابات السياسية، لم يكن الإمام محمد بن سعود في معزل عنها، بل اتخذ سياسة مساندة للحاكم الشرعي لتحقيق الاستقرار السياسي في الدرعية، فلم يقبل بالخروج ضده من أجل مصالح ذاتية أو الإخلال بالمعاهدات المتفق عليها، لهذا كان من الداعمين للأمير زيد بن مرخان بعد أن خرج ضده محمد بن مقرن وأخل بالاتفاق الذي جمع جميع الأطراف حول سياسة حكم الدرعية، وتمكن فعلا من منع محاولة قتل زيد بن مرخان والانتصار له، واسترداد الحكم لصالحه من جديد.
وعلى الصعيد العسكري كان الإمام محمد بن سعود من فرسان الدرعية الشجعان، حيث شارك في الدفاع عنها وفي حملاتها العسكرية أيضا، حيث خرج مع زيد بن مرخان نحو العيينة في حملة عسكرية كانت الغلبة فيها لجيش الدرعية، فعرض أمير العيينة اللقاء والتفاوض بشكل سلمي وقبل زيد بن مرخان ذلك ثم دخل العيينة مع محمد بن سعود، ولكن أمير العيينة غدر بهما ورتب مؤامرة من أجل اغتيالهما، حيث قتل ابن معمر الأمير زيد بن مرخان، إلا أن محمد بن سعود استطاع النجاة والتحصن داخل أحد المواقع الحصينة في القصر، ورفض النزول إلا بأمان من عمة أمير العيينة الجوهرة بنت عبد الله بن معمر فأعطته ذلك، وعاد محمد بن سعود إلى الدرعية، ليتولى الحكم ويؤسس الدولة السعودية الأولى.
كانت البداية من الدرعية التي شهدت في عهد الإمام محمد بن سعود استقراراً وازدهاراً على جميع الأصعدة، كما أن قوتها أخذت في الازدياد، فقد تميزت الدرعية بكونها دولة المدينة باعتمادها على قدراتها الذاتية وباستنادها إلى سياسة الحكم الرشيد، ونتيجة لذلك أصبحت هي المدينة الأنسب لتأسيس دولة تضم معظم أرجاء الجزيرة العربية، بالاعتماد على رؤية الإمام محمد بن سعود الجديدة، وهي التحول من دولة المدينة إلى الدولة الشاملة، والسعي لتوحيد الجزيرة العربية بأكملها.
انطلق الإمام بمشروع الوحدة في نجد قلب الجزيرة العربية التي كانت تعاني من انقسامات سياسية وتفكك كبير بين أهالي البلدة الواحدة، مما جعل تحقيق وحدتها من أصعب مراحل التوحيد وأخذت وقتاً طويلاً من الزمن.
فكان الإمام محمد بن سعود يشرف ويهتم بالشؤون العسكرية للدولة؛ نظرا لأهميتها في تحقيق الوحدة، فحرص على إعداد جيش قوي عن طريق تدريب الجند وتسليحهم، كما كان يتولى قيادة بعض المعارك بنفسه، لما لذلك من دعم معنوي كبير للجيش، وفي حال غيابه يخلفه ابنه عبد العزيز.
ومن عاصمته الدرعية تمكن الإمام من التأثير وإقناع أطياف المجتمع المختلفة بفكرة الوحدة مما دفعهم للمشاركة والتكاتف في سبيل تحقيقها، فكان الإمام محمد بن سعود يرسل من الدرعية الدعوة للبلدان والقبائل التابعة له للمشاركة في عمليات التوحيد، فيقومون بدورهم بإرسال مجموعة من الفرسان والجند إلى مكان المعركة في التوقيت المتفق عليه.
لم يكن ثمن تحقيق رؤية الإمام محمد بن سعود بالقليل، فمرحلة التأسيس هي الأصعب في تاريخ كل دولة، خصوصاً عند النظر لأحوال الجزيرة العربية في ذلك الوقت، فكانت بعض البلدان في حالة تردد دائم بين مصالحها الفردية وبين مشروع الوحدة، مما جعل الدولة تستنزف الكثير من مواردها وجهدها في معارك دائمة لضبط الأمن، وراح ضحيتها ابنا الإمام محمد بن سعود (فيصل وسعود)، إلا أن ذلك لم يثن الإمام عن عزمه على تحقيق الوحدة والنهوض بالمنطقة.
وقد استغرق توحيد نجد أربعين عاماً امتدت لعهد الإمام عبد العزيز، رغم أن عدداً من البلدان أعلن ولاءه للإمام محمد بن سعود بشكل مبكر وسلمي بعد اعتلاء شأن الدرعية ورواج مبادئها وأفكارها ورؤيتها بين عموم أهل نجد، مثل بلدة العيينة وحريملاء ومنفوحة، إلا إنه كانت هناك معارضة قوية من بعض البلدان النجدية، وأبرزها بلدة الرياض تحت زعامة أميرها دهام بن دواس الذي دخلت الدرعية في صراع معه لمدة 27 عاماً، حتى تمكن الإمام عبد العزيز من توحيدها في عام 1187 هــ - 1773 م.
ورغم أن عمليات التوحيد قد ارتكزت على توحيد نجد كمرحلة أولى، فإن الأعداء اتحدوا ضد الدرعية من الأقاليم المجاورة بسبب تنامي قوتها وزيادة نفوذها، حيث قد شن حاكم الأحساء في عام 1172 هـ حملة ضخمة ضد الدرعية، مدعوماً من بعض البلدان النجدية، إلا أن حُسن إدارة الأمام محمد بن سعود، وقوة تحصين الدرعية جعلتا الحملة تعود أدراجها دون تحقيق مبتغاها.
ويظهر حُسن سياسة الإمام محمد بن سعود، بمنع اتحاد أعدائه ضده في توقيت حرج، كانت الدرعية فيه تعاني من بعض المشكلات، فقد فاوض حاكم نجران وسلم له الأسرى من أتباعه في الدرعية مقابل منع تحالفه مع حاكم الأحساء والرياض ضد الدرعية، وفعلا أنقذ الحل الدبلوماسي الدولة من معركة غير متكافئة في ذلك الوقت.
الجدير بالذكر هنا أن الإمام محمد بن سعود قد وضع أسس النظام السياسي في الحكم وفقاً للنظام الإسلامي، الذي يعتبر مبدأ الشورى فيه من أهم ركائزه الرئيسية، فكان يستشير العلماء وأهل الرأي من داخل الأسرة وخارجها قبل اتخاذ القرارات السياسية والعسكرية.
ولم تعتمد مرحلة التأسيس في عهد الإمام محمد بن سعود على الحملات العسكرية فقط، بل كان العمل على النواحي الحضارية مواكباً لها لما لها من أهمية في بناء الدولة، ومن أهم الأسس لقيام الدولة الحديثة سن الأنظمة والقوانين لتنظيم الشؤون العامة والخاصة، فوضع الإمام محمد بن سعود نظام الدولة بالاستناد على الشريعة الإسلامية والأخلاق العربية النبيلة.
وبالنظر للتغير الكبير الذي حدث في الأوضاع الأمنية في عهد الإمام محمد بن سعود ندرك مدى صرامة وعدالة تطبيق النظام، فنتيجة لنجاح النظام القضائي في سن الأنظمة وتطبيقها أصبح النظام رادعاً لأفراد المجتمع عن ارتكاب الجرائم، خصوصاً أن الدولة كانت تكافئ من يمنع وقوع السلب والنهب والاعتداء على البلدان والقبائل، وتعاقب من كان بمقدوره ردع ذلك ولم يفعل، وكانت تعين القضاة بالاعتماد على مدى علمهم وخبرتهم، وتصرف لهم من بيت المال مرتبات لتمنعهم من أخذ المال من الأطراف المتنازعة، كما كان متعارفا عليه سابقا، وتساند القاضي بالسلطة التنفيذية؛ حتى يتمكن من تطبيق النظام.
ولأهمية الأمن أيضا كان الإمام محمد بن سعود حريصا على تحصين البلدان وتأمينها، فيبني القلاع في موضع حصين، ويزودها بعدد من الجند الذين يطلق عليهم اسم الأمناء، ويرتب لهم المؤن والذخيرة، فتصبح البلدة في مأمن من أي هجوم خارجي.
ووضع الإمام محمد بن سعود على كاهله الإشراف العام على جميع شؤون الدولة، فكان على تواصل دائم مع أمراء البلدان التابعة للدرعية للتأكد من استقرار الأوضاع، وسيرهم على منهج عادل مع الرعية وفق ما سن لهم من قوانين ومبادئ للحكم دون ظلم وتعد على حقوقهم.
كما أسس الإمام محمد بن سعود النظام الاقتصادي بالاعتماد على التشريعات الإسلامية، حيث تُجمع الأموال على حسب المصادر المحددة شرعا في بيت المال لحصرها ثم توزيعها على المستحقين لها، وألغى الإمام محمد الضرائب التي كانت تفرض بشكل عشوائي من قبل حكام البلدان على أهلها، حتى شهدت المنطقة في عهده نمواً وازدهاراً اقتصادياً.
وكان للعلم والعلماء النصيب الأوفر من اهتمام الإمام محمد بن سعود، فقد آمن الإمام بقدرة العلم على خلق التغيير في أوضاع المنطقة، فأصبحت الدرعية في عهده مركزاً نشطاً للحياة العلمية في نجد خصوصاً والجزيرة العربية عموماً، يقصدها العلماء وطلاب العلم من جميع البلدان، لهذه كانت الدرعية هي الخيار الأنسب للشيخ محمد بن عبد الوهاب حينما غادر العيينة لها في عام 1157 هـ - 1745 م.
وقد تحمل الإمام محمد بن سعود مسؤولية رعاية طلاب العلم وحمايتهم وحفظ حقوقهم والدفاع عنهم أمام المعارضين للنهضة العلمية الجديدة، كما حرص على إرسال البعثات العلمية والرسائل للبلدان والأقاليم المجاورة في محاولة لتحقيق الوحدة بالطرق السلمية، من ذلك أنه رد على منع السعوديين من الحج في أن أرسل بعثة علمية لمكة في محاولة لتقريب وجهات النظر وحل الخلاف.
ذلك التحول الكبير في تاريخ الجزيرة العربية يعود فضله للإمام المؤسس محمد بن سعود، بعد أن قضى أربعين عاماً بانياً للدولة ومثبتاً لأركانها، حتى توفي رحمه الله عام 1179 هـ - 1765 م. وخلفه في إمامة الدولة السعودية الأولى ابنه عبد العزيز بن محمد الذي سار وفق رؤية ومنهج والده المؤسس في الحكم.


مقالات ذات صلة

أمير منطقة الرياض يتوج الفائزين بـ«كأسي المؤسس»

الرياضة أمير منطقة الرياض يتوج الفائزين بـ«كأسي المؤسس»

أمير منطقة الرياض يتوج الفائزين بـ«كأسي المؤسس»

توج الأمير فيصل بن بندر بن عبد العزيز أمير منطقة الرياض بطلي الشوطين الرئيسيين في كأس المؤسس، التي نظمها نادي سباقات الخيل في ميدان الملك عبد العزيز. وحقق «عسفان الخالدية» ابن «ليث الخالدية» المملوك لأبناء الأمير خالد بن سلطان بن عبد العزيز لقب الشوط العاشر للخيل العربية، وحقق جائزة الخمسة ملايين ريال، وبلغت مسافة هذا الشوط 1600 متر، ونجح الجواد في وصول خط النهاية خلال 1:46 دقيقة، وذلك تحت قيادة المدرب سعد مطلق والخيال عبد الله العوفي.

فهد العيسى (الرياض)
السعودية تحتفي بعلمها الذي ظل شامخاً عالياً خفاقاً على مدى 3 قرون

السعودية تحتفي بعلمها الذي ظل شامخاً عالياً خفاقاً على مدى 3 قرون

احتفت المملكة العربية السعودية في جميع مناطقها، يوم أمس (السبت)، بـ«يوم العلم»، الذي يصادف 11 مارس (آذار)، والذي أقره خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، ليكون ذكرى سنوية خاصة بهذه المناسبة، حين أصدر في مطلع الشهر الحالي، أمراً ملكياً ليكون هذا التاريخ يوماً خاصاً بالعلم. وجاء في سياق الأمر الملكي: «وحيث إن يوم 27 من ذي الحجة 1355هـ الموافق 11 مارس 1937م، هو اليوم الذي أقر فيه الملك عبد العزيز، طيب الله ثراه ـ العلم بشكله الذي نراه اليوم يرفرف بدلالاته العظيمة التي تشير إلى التوحيد والعدل والقوة والنماء والرخاء، أمرنا بما هو آتٍ: أولاً: يكون يوم (11 مارس) من كل عام يوماً خاصاً بال

«الشرق الأوسط» (الرياض)
سارية العلم في جدة تزيح طاجيكستان من «غينيس» وتحتل المركز الثاني

سارية العلم في جدة تزيح طاجيكستان من «غينيس» وتحتل المركز الثاني

من أفضل المشاهد التي يمكن أن تراها من نافذة الطائرة، وأنت قادم إلى جدة، «سارية العلم»، التي تحمل راية التوحيد، والتي رُفعت على السارية لأول مرة في اليوم الوطني السعودي في 23 سبتمبر (أيلول) 2014، وتُرفرف على ارتفاع 171 متراً، حيث تغطي النباتات مساحة 9 آلاف متر مربع من حولها، ويحيط بها 13 ضوءاً يمثل عددها مناطق المملكة الـ13. وبتثبيت العلم السعودي ورفعه عليها، كُسر الرقم القياسي في موسوعة «غينيس» لطاجيكستان البالغ 165 متراً، بفارق 6 أمتار، لتصبح بهذا المشروع ثاني أكبر سارية علم في العالم بعد سارية العاصمة الإدارية الموجودة في مصر.

أسماء الغابري (جدة)
«معرض العلم» السعودي يحاكي سيرته وتطوراته عبر 4 مراحل تاريخية

«معرض العلم» السعودي يحاكي سيرته وتطوراته عبر 4 مراحل تاريخية

استذكاراً ليوم 11 مارس (آذار)، يحتفل السعوديون للمرة الأولى بيوم العلم، وبقيمته الوطنية والتاريخية الممتدة منذ 3 قرون. وأعاد يوم العلم السعودي، الذي صدر بأمر ملكي، صلة السعوديين برمز الوحدة والسيادة الوطنية، وفتح نوافذ إلى التاريخ الشاهد على مراحل تطوره، متزامناً مع حقب مفصلية من تاريخ البلاد وهي تواجه شروط الاستدامة واستحقاقات التنمية. وفي ساحة العدل، المقابلة لجامع الإمام تركي بن عبد الله المعروف في منطقة قصر الحكم، ومن قصر المصمك التي تمثل الرياض القديمة، ومنطلق نهضة السعودية المعاصرة، نظمت وزارة الثقافة السعودية فعاليات فنية وثقافية وإثرائية تُرسي الارتباط الوثيق بين المواطن وبين العَلَم،

محمد هلال (الرياض)
«الدرعية» تستعيد أقدم أسواقها التاريخية وتحتفي بتراثها الثقافي

«الدرعية» تستعيد أقدم أسواقها التاريخية وتحتفي بتراثها الثقافي

بالتزامن مع يوم العلم الوطني السعودي، الذي تحتفل به السعودية لأول مرة تعزيزاً لقيمته التاريخية والوطنية، تستعيد الدرعية مهد الدولة السعودية الأولى، إحدى أعرق أسواقها التاريخية، حيث أحيت دوي حركتها التجارية وعبقها العلمي، إذ كانت محلاً لتبادل البضائع والتعليم في آن معاً. وتقع «سوق الموسم» التاريخية في الدرعية على ضفاف وادي حنيفة، واشتهرت بكثرة الحوانيت فيها، حيث يجتمع الناس لتبادل البضائع، والبيع والشراء، وتلبية احتياجاتهم المعيشية. السوق التي تتخذ موقعاً استراتيجياً، بتوسطها بين أهم أحياء منطقة الدرعية (الطريف والبجيري) على طرفي وادي حنيفة، كانت حوانيتها مبنيّة من القصب وسعف النخل، وكانت زاخرة

عمر البدوي (الرياض)

مسؤول إيراني لـ«الشرق الأوسط»: عازمون مع الرياض على إرساء السلام في المنطقة

نائب وزير الخارجية الإيراني مجيد تخت روانجي (رويترز)
نائب وزير الخارجية الإيراني مجيد تخت روانجي (رويترز)
TT

مسؤول إيراني لـ«الشرق الأوسط»: عازمون مع الرياض على إرساء السلام في المنطقة

نائب وزير الخارجية الإيراني مجيد تخت روانجي (رويترز)
نائب وزير الخارجية الإيراني مجيد تخت روانجي (رويترز)

أكد نائب وزير الخارجية الإيراني مجيد تخت روانجي، أن إيران والسعودية تعتزمان إرساء السلام وديمومة الهدوء في منطقة متنامية ومستقرّة، مضيفاً أن ذلك يتطلب «استمرار التعاون الثنائي والإقليمي وتعزيزه، مستهدفين تذليل التهديدات الحالية».

وفي تصريحات لـ«الشرق الأوسط» على هامش زيارته إلى السعودية التي تخلّلها بحث العلاقات الثنائية وسبل تعزيزها وتطويرها في شتى المجالات، بالإضافة إلى مناقشة المستجدات على الساحتين الإقليمية والدولية، خلال لقاء، الاثنين، مع وليد الخريجي، نائب وزير الخارجية السعودي، قال روانجي: «الإجراءات الإيرانية - السعودية تتوّج نموذجاً ناجحاً للتعاون الثنائي ومتعدد الأطراف دوليّاً في إطار التنمية والسلام والأمن الإقليمي والدولي»، مشدّداً على استمرار البلدين في تنمية التعاون في مختلف المجالات السياسية والأمنية والاقتصادية والتجارية والقنصلية؛ بناءً على الأواصر التاريخية والثقافية ومبدأ حسن الجوار، على حد وصفه.

الجولة الثانية من المشاورات الثلاثية عُقدت في الرياض الثلاثاء (واس)

والثلاثاء، رحبت السعودية وإيران «بالدور الإيجابي المستمر لجمهورية الصين الشعبية وأهمية دعمها ومتابعتها لتنفيذ (اتفاق بكين)»، وفقاً لبيان صادر عن الخارجية السعودية، أعقب الاجتماع الثاني للجنة الثلاثية السعودية - الصينية - الإيرانية المشتركة لمتابعة «اتفاق بكين» في العاصمة السعودية الرياض.

وأشار نائب وزير الخارجية الإيراني إلى أن الطرفين «تبادلا آراءً مختلفة لانطلاقة جادة وعملية للتعاون المشترك»، ووصف اجتماع اللجنة الثلاثية في الرياض، بأنه «وفَّر فرصة قيّمة» علاقات متواصلة وإيجابية بين إيران والسعودية والصين.

روانجي الذي شغل سابقاً منصب سفير إيران لدى الأمم المتحدة، وعضو فريق التفاوض النووي الإيراني مع مجموعة «5+1»، اعتبر أن أجواء الاجتماعات كانت «ودّية وشفافة»، وزاد أن الدول الثلاث تبادلت الآراء والموضوعات ذات الاهتمام المشترك وأكّدت على استمرار هذه المسيرة «الإيجابية والاستشرافية» وكشف عن لقاءات «بنّاءة وودية» أجراها الوفد الإيراني مع مضيفه السعودي ومع الجانب الصيني، استُعرضت خلالها مواضيع تعزيز التعاون الثنائي، والثلاثي إلى جانب النظر في العلاقات طوال العام الماضي.

الجولة الأولى من الاجتماعات التي عُقدت في بكين العام الماضي (واس)

وجدّد الجانبان، السعودي والإيراني، بُعيد انعقاد الاجتماع الثاني للجنة الثلاثية السعودية - الصينية - الإيرانية المشتركة لمتابعة «اتفاق بكين» في الرياض، الخميس، برئاسة نائب وزير الخارجية السعودي وليد الخريجي، ومشاركة الوفد الصيني برئاسة نائب وزير الخارجية الصيني دنغ لي، والوفد الإيراني برئاسة نائب وزير خارجية إيران للشؤون السياسية مجيد تخت روانجي؛ التزامهما بتنفيذ «اتفاق بكين» ببنوده كافة، واستمرار سعيهما لتعزيز علاقات حسن الجوار بين بلديهما من خلال الالتزام بميثاق الأمم المتحدة وميثاق منظمة التعاون الإسلامي والقانون الدولي، بما في ذلك احترام سيادة الدول واستقلالها وأمنها.

من جانبها، أعلنت الصين استعدادها للاستمرار في دعم وتشجيع الخطوات التي اتخذتها السعودية وإيران، نحو تطوير علاقتهما في مختلف المجالات.

ولي العهد السعودي والنائب الأول للرئيس الإيراني خلال لقاء في الرياض الشهر الحالي (واس)

ورحّبت الدول الثلاث بالتقدم المستمر في العلاقات السعودية - الإيرانية وما يوفره من فرص للتواصل المباشر بين البلدين على المستويات والقطاعات كافة، مشيرةً إلى الأهمية الكبرى لهذه الاتصالات والاجتماعات والزيارات المتبادلة بين كبار المسؤولين في البلدين، خصوصاً في ظل التوترات والتصعيد الحالي في المنطقة؛ ما يهدد أمن المنطقة والعالم.

كما رحّب المشاركون بالتقدم الذي شهدته الخدمات القنصلية بين البلدين، التي مكّنت أكثر من 87 ألف حاج إيراني من أداء فريضة الحج، وأكثر من 52 ألف إيراني من أداء مناسك العمرة بكل يسر وأمن خلال الأشهر العشرة الأولى من العام الحالي.

ورحّبت الدول الثلاث بعقد الاجتماع الأول للجنة الإعلامية السعودية - الإيرانية المشتركة، وتوقيع مذكرة تفاهم بين معهد الأمير سعود الفيصل للدراسات الدبلوماسية ومعهد الدراسات السياسية والدولية، التابع لوزارة الخارجية الإيرانية.

كما أعرب البلدان عن استعدادهما لتوقيع اتفاقية تجنب الازدواج الضريبي (DTAA)، وتتطلع الدول الثلاث إلى توسيع التعاون فيما بينهما في مختلف المجالات، بما في ذلك الاقتصادية والسياسية.

ودعت الدول الثلاث إلى وقف فوري للعدوان الإسرائيلي في كلٍ من فلسطين ولبنان، وتدين الهجوم الإسرائيلي وانتهاكه سيادة الأراضي الإيرانية وسلامتها، كما دعت إلى استمرار تدفق المساعدات الإنسانية والإغاثية إلى فلسطين ولبنان، محذرة من أن استمرار دائرة العنف والتصعيد يشكل تهديداً خطيراً لأمن المنطقة والعالم، بالإضافة إلى الأمن البحري.

وفي الملف اليمني، أكدت الدول الثلاث من جديد دعمها الحل السياسي الشامل في اليمن بما يتوافق مع المبادئ المعترف بها دولياً تحت رعاية الأمم المتحدة.

وكانت أعمال «الاجتماع الأول للجنة الثلاثية المشتركة السعودية - الصينية - الإيرانية»، اختتمت أعمالها في العاصمة الصينية بكّين، ديسمبر (كانون الأول) من العام الماضي، وأكد خلاله المجتمعون على استمرار عقد اجتماعات اللجنة الثلاثية المشتركة، وعلى مدى الأشهر الماضية، خطت السعودية وإيران خطوات نحو تطوير العلاقات وتنفيذ «اتفاق بكين»، بإعادة فتح سفارتيهما في كلا البلدين، والاتفاق على تعزيز التعاون في كل المجالات، لا سيما الأمنية والاقتصادية.

وأعادت إيران في 6 يونيو (حزيران) الماضي، فتح أبواب سفارتها في الرياض بعد 7 أعوام على توقف نشاطها، وقال علي رضا بيغدلي، نائب وزير الخارجية للشؤون القنصلية (حينها): «نعدّ هذا اليوم مهماً في تاريخ العلاقات السعودية - الإيرانية، ونثق بأن التعاون سيعود إلى ذروته»، مضيفاً: «بعودة العلاقات بين إيران والسعودية، سنشهد صفحة جديدة في العلاقات الثنائية والإقليمية نحو مزيد من التعاون والتقارب من أجل الوصول إلى الاستقرار والازدهار والتنمية».