حفرية سلحفاة نادرة في مصر تحفز على اكتشافات جديدة

عمرها يتجاوز 70 مليون سنة... وإعلان موقعها منطقة للبحث

الفريق البحثي أثناء العمل على الاكتشاف الجديد (جامعة الوادي الجديد)
الفريق البحثي أثناء العمل على الاكتشاف الجديد (جامعة الوادي الجديد)
TT

حفرية سلحفاة نادرة في مصر تحفز على اكتشافات جديدة

الفريق البحثي أثناء العمل على الاكتشاف الجديد (جامعة الوادي الجديد)
الفريق البحثي أثناء العمل على الاكتشاف الجديد (جامعة الوادي الجديد)

على غرار محافظة الفيوم المصرية التي تشتهر عالمياً بـ«وادي الحيتان»، الذي أصبح اسماً مهماً على خريطة السياحة العلمية العالمية، فإن باحثي الحفريات الفقارية في جامعة الوادي الجديد (جنوب غربي مصر)، يأملون في أن تكتسب منطقة «قرن جناح» جنوب مدينة الخارجة بمحافظة الوادي الجديد وضعاً شبيهاً، بعد أن شهدت مؤخراً اكتشاف حفرية من عصر الديناصورات لسلحفاة نهرية جانبية العنق عمرها 70 مليون سنة، وتم الإعلان عن هذا الاكتشاف في العدد الأخير من مجلة «دايفرستي».

وشارك في هذا الاكتشاف باحثون من جامعتي الوادي الجديد والقاهرة بمصر، وجامعة «واسيدا» اليابانية، وأُطلق عليه اسم «خارجشيليس كاريوونسيس»، تيمناً بمدينتي الخارجة والقاهرة (جامعة القاهرة).

ويقول جبيلي أبو الخير، مدير مركز الحفريات الفقارية بجامعة الوادي الجديد في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط»، إن منطقة «قرن جناح»، حيث تم اكتشاف تلك السلحفاة النادرة، وتسجيلها لأول مرة في مصر وشمال أفريقيا، تضم في باطنها الكثير من حفريات السلاحف والديناصورات، ونعمل حالياً على درس نوع جديد من الديناصورات عثرنا على بعض أجزائه في تلك المنطقة، التي تحولت بقرار من محافظ الوادي الجديد إلى منطقة أبحاث.

ويضيف أبو الخير «هذه المنطقة التي نسميها كباحثين فيما بيننا بـ(واحة السلاحف)، لا تقل أهمية علمية عن وادي الحيتان في الفيوم، لذلك أسعدنا قرار المحافظ بالموافقة على طلبنا بتحويلها إلى منطقة أبحاث تابعة للجامعة، حتى نواصل عملنا بها، حيث تعد تلك المنطقة بالعشرات من الاكتشافات الجديدة».


حفرية السلحفاة (جامعة الوادي الجديد)

وتعود قيمة تلك المنطقة إلى أنها شهدت من 70 مليون عام تقدم البحر المتوسط حتى الصحراء الغربية، ليشكل مستنقعات ضحلة جداً، اختلط فيها الماء العذب مع المالح، وكانت تلك بيئة مناسبة للسلاحف، حيث وفرت الغذاء من الهائمات النباتية، وكذلك الملاذ الآمن، وحول تلك المنطقة كانت توجد النباتات الكثيفة، التي وفرت البيئة المناسبة لوجود الديناصورات آكلة العشب.

وعن قيمة اكتشاف السلحفاة الجديدة، يقول أبو الخير: «في علم الحفريات، لا تزال قارة أفريقيا قارة مبهمة، يطلق عليها (القارة المفقودة)، حيث لا يُعرف كثيراً عن تطور الحياة بتلك القارة، لذلك فإن أي اكتشاف جديد، يساعد على سد الفجوة المعرفية».

ويضيف أن هذا الاكتشاف على الوجه الخصوص يغلق الفجوة التاريخية بين الأعمار المختلفة لظهور السلاحف النهرية جانبية العنق، والتي اختفت تماماً من قارة أفريقيا خلال العمر الجيولوجي الكامباني (70 مليون سنة) التابع للعصر الكريتاسي العلوي حتى تاريخ هذا الاكتشاف لتظهر في جنوب مصر بمنطقة قرن جناح بالخارجة.

وتتميز السلحفاة جانبية العنق المكتشفة في «قرن جناح» بطول عنقها وقدرتها على تحركه على الجانبين بدلاً من اختفائه داخل الصدفة، هذا بالإضافة إلى قدرتها على المعيشة في بيئات عدة، مثل البرك والمستنقعات والأنهار وعلى شواطئ البحار، ما زاد من قدرتها على الانتشار الجغرافي في أماكن عدة بقارات العالم المختلفة.


حفرية السلحفاة (جامعة الوادي الجديد)


مقالات ذات صلة

هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

شمال افريقيا هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

حفلت الجلسة الافتتاحية لـ«الحوار الوطني»، الذي دعا إليه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قبل أكثر من عام، برسائل سياسية حملتها كلمات المتحدثين، ومشاركات أحزاب سياسية وشخصيات معارضة كانت قد توارت عن المشهد السياسي المصري طيلة السنوات الماضية. وأكد مشاركون في «الحوار الوطني» ومراقبون تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، أهمية انطلاق جلسات الحوار، في ظل «قلق مجتمعي حول مستقبل الاقتصاد، وبخاصة مع ارتفاع معدلات التضخم وتسببه في أعباء معيشية متصاعدة»، مؤكدين أن توضيح الحقائق بشفافية كاملة، وتعزيز التواصل بين مؤسسات الدولة والمواطنين «يمثل ضرورة لاحتواء قلق الرأي العام، ودفعه لتقبل الإجراءات الحكومية لمعالجة الأز

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا السيسي يبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي المصري

السيسي يبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي المصري

عقد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، اجتماعاً، أمس (الخميس)، مع كبار قادة القوات المسلحة في مقر القيادة الاستراتيجية بالعاصمة الإدارية الجديدة، لمتابعة دور الجيش في حماية الحدود، وبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي للبلاد. وقال المستشار أحمد فهمي، المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، في إفادة رسمية، إن «الاجتماع تطرق إلى تطورات الأوضاع على الساحتين الإقليمية والدولية، وانعكاساتها على الأمن القومي في ظل الظروف والتحديات الحالية بالمنطقة». وقُبيل الاجتماع تفقد الرئيس المصري الأكاديمية العسكرية المصرية، وعدداً من المنشآت في مقر القيادة الاستراتيجية بالعاصمة الإدارية. وأوضح المتحدث ب

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا مصر: ظاهرة «المقاتلين الأجانب» تهدد أمن واستقرار الدول

مصر: ظاهرة «المقاتلين الأجانب» تهدد أمن واستقرار الدول

قالت مصر إن «استمرار ظاهرة (المقاتلين الأجانب) يهدد أمن واستقرار الدول». وأكدت أن «نشاط التنظيمات (الإرهابية) في أفريقيا أدى لتهديد السلم المجتمعي».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا حادث تصادم بمصر يجدد الحديث عن مخاطر «السرعة الزائدة»

حادث تصادم بمصر يجدد الحديث عن مخاطر «السرعة الزائدة»

جدد حادث تصادم في مصر الحديث بشأن مخاطر «السرعة الزائدة» التي تتسبب في وقوع حوادث سير، لا سيما على الطرق السريعة في البلاد. وأعلنت وزارة الصحة المصرية، (الخميس)، مصرع 17 شخصاً وإصابة 29 آخرين، جراء حادث سير على طريق الخارجة - أسيوط (جنوب القاهرة).

منى أبو النصر (القاهرة)
شمال افريقيا مصريون يساهمون في إغاثة النازحين من السودان

مصريون يساهمون في إغاثة النازحين من السودان

بعد 3 أيام عصيبة أمضتها المسنة السودانية زينب عمر، في معبر «أشكيت» من دون مياه نظيفة أو وجبات مُشبعة، فوجئت لدى وصولها إلى معبر «قسطل» المصري بوجود متطوعين مصريين يقدمون مياهاً وعصائر ووجبات جافة مكونة من «علب فول وتونة وحلاوة وجبن بجانب أكياس الشيبسي»، قبل الدخول إلى المكاتب المصرية وإنهاء إجراءات الدخول المكونة من عدة مراحل؛ من بينها «التفتيش، والجمارك، والجوازات، والحجر الصحي، والكشف الطبي»، والتي تستغرق عادة نحو 3 ساعات. ويسعى المتطوعون المصريون لتخفيف مُعاناة النازحين من السودان وخصوصاً أبناء الخرطوم الفارين من الحرب والسيدات والأطفال والمسنات، بالتعاون مع جمعيات ومؤسسات أهلية مصرية، على


راوية زنتوت تنفصل بريشتها عن لبنان الحرب

أحدث لوحات زنتوت عن مدينة بيروت «سيعود بريقها» (راوية زنتوت)
أحدث لوحات زنتوت عن مدينة بيروت «سيعود بريقها» (راوية زنتوت)
TT

راوية زنتوت تنفصل بريشتها عن لبنان الحرب

أحدث لوحات زنتوت عن مدينة بيروت «سيعود بريقها» (راوية زنتوت)
أحدث لوحات زنتوت عن مدينة بيروت «سيعود بريقها» (راوية زنتوت)

تسير الفنانة التشكيلية راوية زنتوت عكس التيار. فما تراه عيناها من دمار وركام أثناء الحرب في لبنان يحضّها على الانفصال عنه. تحمل ريشتها وتهرب إلى عالمها الخاص. عالم لبنان الأخضر والجميل هو الوحيد الذي تحفظه ذاكرتها. تصوّره بطبيعته وأشجاره وبيوته وغروب شمه وشروقها. وتقول لـ«الشرق الأوسط»: «لطالما انفصلت بلوحاتي عن واقع أعيشه. وهو ما قمت به خلال اندلاع ثورة أكتوبر وأثناء الجائحة. وكذلك في حربَي غزة ولبنان».

ما ترسمه بريشتها، وفق قولها، هو للتذكير بجمال لبنان، «إنها الرسالة التي أرغب دائماً في تحميلها لريشتي. فمن يُشاهد لوحاتي يحنّ إلى لبنان الحياة والنشاطات الجميلة. وهو ما أرغب في أن يحفر في أذهان اللبنانيين، لا سيما المهاجرين منهم».

في خضم الحرب اختارت راوية زنتوت مدناً ومناطق لبنانية تعرّضت للقصف، فرسمتها متألقة بمعالمها وآثارها وشوارعها وأسواقها. وتتابع: «كما العاصمة بيروت، رسمت مدن صيدا وصور وبعلبك. صحيح أنها تعرّضت لتبدّل في معالمها إثر الحرب، بيد أنني قدمتها على طريقتي وكما حفظتها ذاكرتي. وبهذه التفاصيل الصغيرة التي ترافق لوحاتي أعبر إلى زمن آخر إلى زمن لبنان الجميل».

«رماد الأمل» مشهد مؤثر يتصدّره العلم اللبناني (راوية زنتوت)

خصّصت راوية بيروت بواحدة من مجموعاتها. تنقلت بين شوارعها في الجميزة ومونو ورأس بيروت. «أحاول في جميع لوحاتي أن أرسم الابتسامة على شفاه اللبنانيين. وعندما أراها أشعر بالفخر وأفرح كونها أصابت الهدف. كما أن ريع لوحاتي عندما أبيعها يعود إلى النازحين. فبهذه الطريقة وجدت طريقة أساعد بها أبناء بلدي».

في لوحة «رماد الأمل» تصوّر راوية زنتوت مشهداً مؤثراً يتصدّره العلم اللبناني. وتوضح: «هو رماد الأمل، لأنه وعلى الرغم من كل ما تعرّض له لبنان من عدوان بقي صامداً. إنه بذلك يترجم أسطورة طائر الفينيق التي تلازمه. فهو دائماً ينفض الغبار عنه ويقوم من جديد».

شروق الشمس (راوية زنتوت)

في لوحتها «الغروب» تصوّر الشمس الضخمة تغطس في بحر بيروت، وتعكس بلونها على أمواجه وعمارات العاصمة. وإذا ما دقّقت باللوحة يلفتك العلم اللبناني المنتصب بين مبانٍ متراصة. وبألوان الأكليريك المتدرجة بين البرتقالي والأصفر تنام بيروت على أمل الخلاص.

«هذا المشهد رأيته من على شرفة منزلي في منطقة الروشة المطلّة على البحر. فتخيلت الغروب غيمة سلام تظلّل المدينة كي تهدئ من روعها. إنه الغد الذي يتلألأ في مدينتي مشرقاً رغم كل شيء».

لوحة الغروب في بيروت (راوية زنتوت)

مقابل لوحة «الغروب» ترسم زنتوت «شروق الشمس» في العاصمة. وبالفضي والذهبي تؤلّف بنية لمشهدية تنبض بالحياة. «هو مشهد لشروق الشمس الباكر الذي يعني بأنها مهما غابت لا بدّ أن تشعّ من جديد على بلدي».

تحاول راوية زنتوت بلوحاتها أن تقدّم أسلوباً فنياً شبيهاً بالثلاثي الأبعاد. ولذلك تستخدم أناملها إلى جانب ريشتها لتعطي هذا الانطباع. «أستخدم أناملي في معظم لوحاتي. أشعر أني من خلالها أستطيع التعبير بشكل أفضل. وبالألوان الزاهية والدافئة تعكس اللوحة الشعور بالتفاؤل والفرح». وتتابع: «أتجنب استعمال الألوان القاتمة فهي لا تمثّل شخصيتي بتاتاً. كما أني لا أركن إلى الألوان الفاقعة والنافرة. ما أصبو إليه دائماً هو مدّ لوحتي بالهدوء والفرح معاً».

أرزة لبنان رمز الصمود (راوية زنتوت)

لم تنسَ راوية أن تخصص لأرزة لبنان لوحةً خاصةً بها. وتحت عنوان «رمز الصمود» رسمتها خضراء على خلفية سماء زرقاء صافية. وتعلّق بأنها «الرمز السرمدي لبلدٍ يرفض الخنوع للموت. أما الألوان المستخدمة فيها فتشير إلى طبيعة لبنان وطقسه الجميل».

لا تلجأ راوية إلى موسيقى أو أغانٍ محددة، وهي تقوم بمهمة الرسم. «أصغي فقط إلى أنغام ريشتي فأرقص على نوتاتها وحدي في أجواء هادئة. مؤخراً انتقلت للعيش في الجبل لأحظى بالسكينة المتعطشة لها. وهو ما ساعدني على تنفيذ لوحاتي المتفائلة».

لوحة «بيروت» تقدم راوية المدينة كجوهرة يلمع بريقها من بعيد (راوية زنتوت)

في لوحة «بيروت» تقدم المدينة كجوهرة يلمع بريقها من بعيد. وتقول: «لقد جلت بلدان العالم بأجمعه ولم أجد أجمل من مدينتي بيروت. فهي فريدة من نوعها بخصوصيتها وبأحيائها وبمعالمها وناسها. ليس هناك من مدينة أخرى على كوكب الأرض تشبهها، وأنا أكيدة من ذلك».

تستوقفك لوحة «بعلبك» التي يرفرف العلم اللبناني فوق قلعتها. «هكذا أتذكر بعلبك بمهرجاناتها الفنية وأهلها الطيبين. إنها مدينة الشمس وتراث لبنان البهي. فعندما نذكر لبنان تقفز بعلبك تلقائياً أمامنا. رأيناها تُقصف وتُدمّر، وهو أمر لم أستطع تحمّله. فعدت إلى ذاكرة وطنٍ نتغنى به ورسمت القلعة المنتصبة دائماً».

قلعة بعلبك من رموز لبنان التراث (راوية زنتوت)

بتقنية فنية ثلاثية الأبعاد، حاولت راوية زنتوت أن تتميّز عن غيرها. «أعتقد أنني بذلك نجحت في خلق هوية خاصة بي. وعندما تعلّق إحدى لوحاتي على جدار منزل ما، لا بدّ أن يُدرك الناظر إليها بأنها من تنفيذي».

ميزة راوية في الرسم ترتكز على طبقات متراكمة من الطلاء تؤلّف تفاصيلها. «أعمّر لوحتي بنحو 15 طبقة من الطلاء المعدّل بريشتي وأناملي. وهو ما يزوّدها بهذا النبض المختلف عن لوحات فنانين آخرين».

اليوم، بعد توقف الحرب في لبنان ماذا سترسم راوية زنتوت؟ تختم: «أعتقد أنني سأتحوّل إلى عودة النازحين إلى بيوتهم وديارهم. إنه مشهد مفعم بالوطنية والفرح. ولا بدّ أن أركّز عليه في الأيام المقبلة».