قال وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، أمس (السبت)، إن قوات روسية ارتكبت جرائم ضد الإنسانية في أوكرانيا، وطالب بمحاسبة المسؤولين عنها. جاء ذلك في بيان نشرته الخارجية الأميركية، خلال مشاركة بلينكن في «مؤتمر ميونيخ الأمني»، الذي خُصّص إلى حد كبير لدعم الجهود الحربية لأوكرانيا ضد الغزو الروسي. وقال بلينكن: «بناء على تحليل دقيق للقانون والوقائع المتاحة، فإن أفراداً من القوات الروسية ومسؤولين روسيين آخرين ارتكبوا جرائم ضد الإنسانية في أوكرانيا».
وتابع بلينكن: «ارتكب أفراد من القوات الروسية عمليات قتل على غرار الإعدام بحق رجال ونساء وأطفال أوكرانيين، وتم تعذيب مدنيين أثناء الاحتجاز من خلال الضرب والصعق بالكهرباء، ومنهم من تعرَّض للاغتصاب». وقال: «إلى جانب ذلك، قام مسؤولون روسيون آخرون بترحيل مئات الآلاف من المدنيين الأوكرانيين إلى روسيا، بمن فيهم أطفال فُصلوا قسراً عن عائلاتهم. وهذه الأعمال ليست عشوائية أو عفوية، بل هي جزء من هجوم (الكرملين) واسع النطاق والمنهجي ضد السكان المدنيين في أوكرانيا». وأشار إلى أن الولايات المتحدة «تحتفظ بتقارير حول الجرائم ضد الإنسانية وأبشع الجرائم، وهي تعكس المعاناة الإنسانية التي ألحقتها موسكو بالسكان المدنيين الأوكرانيين، وتعكس أيضاً الالتزام العميق للولايات المتحدة بمحاسبة أعضاء من القوات الروسية وغيرهم من المسؤولين الروس عن فظائعهم ضد شعب أوكرانيا». وأكد أنه «لا يمكن أن يكون هناك إفلات من العقاب عن هذه الجرائم. يجب محاسبة جميع المسؤولين. وستسعى الولايات المتحدة لتحقيق العدالة لشعب أوكرانيا مهما طال الوقت».
وفي بيان للمتحدث باسم الخارجية الأميركية، أكد أن المساءلة عن العدالة وحقوق الإنسان، تُعد «ركيزتين أساسيتين لسياسة الولايات المتحدة بشأن الحرب العدوانية الروسية ضد أوكرانيا». وقال إن الولايات المتحدة تركّز على دعم تلك الجهود التي يُرجَّح أن تقدم الجناة إلى العدالة. وبينما تسببت الحرب الوحشية التي يشنها الرئيس بوتين ضد أوكرانيا في معاناة هائلة؛ فقد أدت أيضاً إلى اتخاذ إجراءات دولية منسَّقة غير مسبوقة لضمان محاسبة المسؤولين عن الفظائع في أوكرانيا؛ سواء من خلال الإجراءات القضائية المحلية أو الآليات الدولية والمؤسسات.
وأكد أن الولايات المتحدة دعمت مجموعة واسعة من جهود المساءلة بقيادة وزارات الخارجية والعدل والخزانة، و«الوكالة الأميركية للتنمية الدولية»، وكذلك مع الدعم من خلال العديد من الآليات، مثل «مبادرة المرونة الأوروبية الديمقراطية». وتهدف هذه المبادرات لضمان المساءلة في مجموعة متنوعة من المنتديات، بما في ذلك دعم السلطات المحلية الأوكرانية، والجهود الدولية، والتقاضي الاستراتيجي، والعقوبات، وعدم الأهلية للحصول على التأشيرات، وتعزيز القوانين المحلية لضمان عدم إفلات جرائم روسيا من العقاب.
إلى ذلك، قال البيت الأبيض إن مجموعة المرتزقة العسكرية الروسية، «فاغنر»، تكبدت أكثر من 30 ألف إصابة، بين قتيل وجريح، منذ بدء الغزو الروسي، العام الماضي، بينهم نحو 9 آلاف قُتِلوا في العمليات القتالية؛ نصفهم سقط منذ منتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي فقط.
وقال المتحدث باسم «مجلس الأمن القومي الأميركي»، جون كيربي، للصحافيين، في إفادة دورية، أول من أمس (الجمعة)، إن الولايات المتحدة تقدر أن 90 في المائة من أفراد مجموعة «فاغنر» الذين لقوا حتفهم في أوكرانيا منذ ديسمبر (كانون الأول) هم سجناء مدانون. وبحسب معلومات استخباراتية، قال متحدث باسم «مجلس الأمن القومي»، إن نصف إجمالي عدد القتلى وقع منذ منتصف ديسمبر، مع زيادة حِدّة القتال في مدينة باخموت شرق أوكرانيا.
وكانت مجموعة «فاغنر»، التي أسَّسها رجل الأعمال يفغيني بريغوزين، الحليف الوثيق للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، في دائرة الضوء، الأشهر الأخيرة، بعد المكاسب التي حققتها في بلدة سوليدار، وجهودها في المعركة الضارية للسيطرة على باخموت. وصنفت الولايات المتحدة المجموعة على أنها منظمة إجرامية عابرة للحدود في يناير (كانون الثاني) الماضي.
وقال نشطاء روس ومسؤولون أميركيون إن المجموعة عززت صفوفها من خلال تجنيد سجناء، وكثير منهم غير مدربين تدريباً جيداً، وغير مجهزين للقتال. وفي العام الماضي، ظهر بريغوزين في مقطع فيديو مع عدد من السجناء، وهو يعدهم بالعفو بعد ستة أشهر من القتال في أوكرانيا. وقيمت الولايات المتحدة، في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، أن «فاغنر» جنّدت نحو 40 ألف سجين من جميع أنحاء روسيا للانضمام إلى قواتها.
وقال كيربي إن المجموعة «تعامل مجنديها، مثل علف المدفع؛ ترميهم في مفرمة اللحم هذه... دون تفكير ثانٍ». وأكد كيربي أن المجموعة حققت مكاسب متزايدة داخل باخموت وحولها في الأيام القليلة الماضية، ولكن تلك المكاسب استغرق تحقيقها عدة أشهر، وجاءت «بتكلفة مدمّرة لا يمكن تحملها». وأضاف: «من المحتمل أن ينتهي بهم الأمر بالنجاح في باخموت، لكن ذلك سيثبت أنه ليست له قيمة حقيقية، لأنه ليست له قيمة استراتيجية حقيقية»، موضحاً أن القوات الأوكرانية ستحتفظ بخطوط دفاعية قوية عبر منطقة دونباس.
وواجه الجيش الروسي ومجموعة «فاغنر» نقصاً في الأفراد، لإرسالهم إلى الخطوط الأمامية، في الحرب التي اعتقد الرئيس الروسي في الأصل أنها لن تدوم سوى أيام قليلة. وبينما أمر بتعبئة جزئية للاحتياط، العام الماضي، فرّ العديد من الرجال الروس في سن التجنيد من البلاد، مما أجبر «الكرملين» و«فاغنر» على اللجوء إلى السجون للتجنيد. وقال بريغوزين، في 9 من الشهر الحالي، على موقعه في تطبيق «تلغرام»، إن «فاغنر» توقفت تماماً عن قبول السجناء في صفوفها للقتال في أوكرانيا، دون تحديد سبب. غير أن المسؤولين والمحللين الغربيين يشككون في ادعاءاته. وقال كيربي: «نعتقد أن (فاغنر) تواصل الاعتماد بشكل كبير على هؤلاء المدانين في القتال في باخموت، ولا تظهر أي بوادر للتراجع».
أعلنت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون)، أول من أمس (الجمعة)، أن القوات الأميركية أنهت دورة تدريبية موسعة لمجموعة أولى من الجنود الأوكرانيين، تضم نحو 635 فرداً، شملت مناورات يمكن أن تدعم استعدادات كييف لشن عمليات هجومية مقبلة. وقال الجنرال بات رايدر، المتحدث باسم «البنتاغون»، في بيان: «هذا الأسبوع أنهت أول كتيبة أوكرانية تدريباً عسكرياً مشتركاً على المركبة القتالية (برادلي)، في منطقة غرافينفوير بألمانيا». وكانت الولايات المتحدة قد وافقت على تزويد أوكرانيا بأكثر من 100 مدرعة «برادلي»، مسلحة بمدافع أوتوماتيكية وقادرة أيضاً على إطلاق صواريخ مضادة للدبابات.
تأتي تلك التدريبات بينما تستعد أوكرانيا لشن هجوم مضاد، في مواجهة هجوم روسي متوقَّع في الأشهر القليلة المقبلة، أو حتى قبل ذلك، بحسب تحذيرات أوكرانية أخيرة من أن تكون الذكرى الأولى لبداية الغزو، في 24 من الشهر الحالي، موعداً محتملاً.
وأضاف رايدر: «أنهى نحو 635 أوكرانياً فترة تدريبية استمرت 5 أسابيع تقريباً، شملت مهام أساسية للجنود». وأشار إلى أن كتيبة مدفعية ميدانية بدأت التدرب قبل أسبوعين، ومن المقرَّر أن تلحق بها كتيبتان أخريان، الأسبوع المقبل. كما تواصل القوات الأميركية تدريب مجموعات من الجنود الأوكرانيين، على أصناف أخرى من الأسلحة الدفاعية، تشمل أيضاً منظومة الصواريخ الدفاعية الجوية (باتريوت)، وغيرها من المنظومات الصاروخية. ولم تعلن واشنطن بعد عن مواعيد تدريب القوات الأوكرانية على تشغيل دبابة القتال الرئيسية (أبرامز) التي وعدت بتسليمها لتعزيز القدرات الهجومية للجيش الأوكراني. وكانت الولايات المتحدة قد أعلنت، نهاية العام الماضي، عن إعادة إطلاق برنامج التدريب الموسَّع للجيش الأوكراني، الذي كان سائداً قبل الغزو الروسي داخل الأراضي الأوكرانية. لكنه يستهدف اليوم أولاً، إعداد الجنود الأوكرانيين لاستخدام أنظمة الأسلحة المختلفة التي وعدت بتزويد كييف بها، ومن خارج الأراضي الأوكرانية.
بلينكن يتحدث عن جرائم حرب ارتكبها جنود ومسؤولون روس... ويعد بـ «المحاسبة»
البيت الأبيض: 30 ألف إصابة تكبدتها «فاغنر» منذ بداية الحرب... وخسائرها في باخموت لا تتناسب مع المكاسب
بلينكن يتحدث عن جرائم حرب ارتكبها جنود ومسؤولون روس... ويعد بـ «المحاسبة»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة