آلاف التونسيين يحتجون للتنديد بالوضع الاقتصادي والاجتماعي

القيادات النقابية بررت هذه التحركات بارتفاع الأسعار وتدهور القدرة الشرائية

جانب من المظاهرات الاحتجاجية العارمة التي عرفتها شوارع تونس اليوم (أ.ف.ب)
جانب من المظاهرات الاحتجاجية العارمة التي عرفتها شوارع تونس اليوم (أ.ف.ب)
TT

آلاف التونسيين يحتجون للتنديد بالوضع الاقتصادي والاجتماعي

جانب من المظاهرات الاحتجاجية العارمة التي عرفتها شوارع تونس اليوم (أ.ف.ب)
جانب من المظاهرات الاحتجاجية العارمة التي عرفتها شوارع تونس اليوم (أ.ف.ب)

تظاهر صباح اليوم آلاف من أنصار الاتحاد العام التونسي للشغل (المركزية النقابية) في محافظة صفاقس (وسط شرق)، وفي مناطق أخرى، للتنديد بتردي الوضع الاقتصادي والاجتماعي، و«استهدافه» من قبل الرئيس قيس سعيّد.
وردد أنصار الاتحاد شعارات من قبيل: «يا حكومة صندوق النقد الدولي، الاتحاد دائماً قوي»، و«تونس ليست للبيع»، كما رفعوا لافتات كُتب عليها: «لا لغلاء الأسعار وضرب المقدرة الشرائية»، و«لا لرفع الدعم»، وفقاً لمراسل وكالة «الصحافة الفرنسية». كما حمل بعض المحتجين قطعاً من الخبز، في إشارة إلى غلاء الأسعار.
وبالموازاة مع تظاهرة صفاقس، نظم النقابيون احتجاجات في 7 محافظات أخرى، هي: القيروان (وسط)، والقصرين (غرب)، ونابل والمنستير (شرق)، وبنزرت (شمال)، ومدنين وتوزر (جنوب). مرددين بصوت واحد: «يا حكومة عار عار والأسعار اشتعلت نار»، و«يا حكومة صندوق النقد الدولي»، في إشارة إلى الإصلاحات المؤلمة التي تعهدت بها الحكومة مقابل التوصل إلى اتفاق قرض مع الصندوق. أما في القصرين، فردد العمال في تجمع أمام المقر الجهوي للاتحاد: «لا خوف لا رعب، السلطة بيد الشعب».
وقال القيادي في الاتحاد، عثمان الجلولي، في خطاب أمام المتظاهرين، إن «الحكومة فشلت في وضع البلاد على سكة الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية، ونجحت فقط في استهداف الاتحاد». مضيفاً: «نحن مستهدفون وتحاك ضدنا الملفات؛ حيث يعزل اليوم كل نقابي لمجرّد التعبير عن رأيه».
وعللت القيادات النقابية هذه التحركات بارتفاع الأسعار، وتدهور القدرة الشرائية لفئات واسعة من التونسيين، وسط أزمة اقتصادية خانقة، وتفشي البطالة، وتعطل مشروعات التنمية، وعدم تطبيق الحكومة لاتفاقات موقعة مع النقابات. كما تأتي المسيرات رداً على إيقافات أمنية لعدد من النقابيين، بدعوى مشاركتهم في تحركات احتجاجية مخالفة للقانون.
كما شهدت مقرات الاتحادات الجهوية للشغل التسعة تجمعات عمالية حاشدة، على خلفية سجن رئيس جامعة الطرقات السيارة، وللتعبير عن رفضها التضييق على الحريات النقابية، واعتراضها على اعتقال 16 نقابياً من قطاع النقل ومساءلتهم قضائياً، بسبب ممارستهم حقهم النقابي والدعوة للإضراب، وذلك بحضور إيستر لانش، الأمينة العامة للاتحاد الأوروبي للنقابات التي تزور البلاد، والتي عبرت بدورها عن دعمها وتضامنها مع المنظمة التونسية، معتبرة أن «أي هجمة تطول اتحاد الشغل تعد بمثابة هجمة على كل النقابات بجميع أنحاء العالم»، على حد قولها.
بدوره، قال سمير الشفي، الرئيس المساعد لاتحاد الشغل، خلال تجمع عمالي بمدينة نابل (شمال شرق) إن هذه التحركات تجسد مقرّرات الهيئة الإدارية الوطنية التي انعقدت بصفة طارئة في تونس العاصمة، رفضاً لضرب الحريات النقابية، ورفضاً لاستمرار الحكومة في تطبيق إملاءات صندوق النقد الدولي؛ خصوصاً بعد تضمين التقليص في ميزانية دعم المواد الأساسية بـ30 في المائة في قانون المالية، المتعلق بالسنة الحالية؛ معتبراً أن الاتحاد «ماضٍ في ممارسة حقه الدستوري في الاحتجاج، بهدف العودة إلى الحوار الاجتماعي، وإعادة الأمور إلى نصابها وسيرها العادي».
يذكر أن عدة دول ومنظمات خارجية وداخلية سبق أن عبرت عن بالغ انشغالها تجاه الأوضاع السياسية والاجتماعية في تونس؛ خصوصاً بعد تنفيذ سلسلة من الاعتقالات، شملت معارضين سياسيين وقضاة وأمنيين. ومن تلك الدول ألمانيا وإنجلترا والولايات المتحدة، إضافة إلى المفوضية السامية لحقوق الإنسان التابعة لمنظمة الأمم المتحدة.
وخلال اجتماعها مع نور الدين الطبوبي، رئيس الاتحاد التونسي للشغل، أكدت لانش أن النقابات «جزء من الحل، وليست طرفاً في المشكل»، داعية إلى ضرورة الجلوس إلى طاولة الحوار للتفاوض لحلحلة الأوضاع التي تمر بها تونس. كما عبرت عن مساندة النقابات الأوروبية للاتحاد العام التونسي للشغل في تحركاته، الرامية إلى التصدي للهجمة التي تستهدف العمل النقابي في تونس، على حد تعبيرها.
وستتواصل سلسلة الاحتجاجات الاجتماعية التي يقودها اتحاد الشغل حتى الرابع من مارس المقبل، تاريخ إعلان البرلمان الجديد، لتستكمل موجة من الاحتجاجات الأخرى التي ستشمل 20 محافظة تونسية، في ظل أزمة سياسية واجتماعية حادة تعرفها تونس.
ورجح أكثر من طرف سياسي وحقوقي أن تكون المواجهة المقبلة حادة ومحفوفة بالمخاطر بين الجانبين اللذين تبادلا مرات عدة اتهامات بشأن تعطيل المسارين السياسي والاجتماعي، كما يُتوقع أن تزداد العلاقة سوءاً مع انطلاق جلسات التحقيق مع عدد من القيادات النقابية.


مقالات ذات صلة

الرئيس التونسي يعول على الفوسفات لتفادي «إملاءات النقد الدولي»

الاقتصاد الرئيس التونسي يعول على الفوسفات  لتفادي «إملاءات النقد الدولي»

الرئيس التونسي يعول على الفوسفات لتفادي «إملاءات النقد الدولي»

حضّ الرئيس التونسي قيس سعيّد، على ضرورة تنشيط قطاع إنتاج الفوسفات، معتبراً أن من شأن ذلك تمكين اقتصاد بلاده من التعافي من دون اللجوء إلى الاقتراض من المؤسسات المالية الدولية. وقال سعيّد، خلال إشرافه على مجلس الأمن القومي في مقطع فيديو نشرته الرئاسة ليل الأربعاء الخميس، إن تنشيط إنتاج الفوسفات في منطقة الحوض المنجمي في محافظة قفصة (وسط البلاد الغربي) «يمكن أن يمثل جزءاً كبيراً من ميزانية الدولة حتى لا نقترض من الخارج، وتتعافى الدولة التونسية والاقتصاد». واعتبر الرئيس التونسي أن تراجع عجلة الإنتاج في هذا القطاع الحيوي «وضع غير مقبول، خصوصاً أن نوعية الفوسفات بتونس من أفضل ما يوجد في العالم، ويجب

«الشرق الأوسط» (تونس)
العالم العربي الاتحاد الأوروبي يناقش توجيه مساعدات مالية عاجلة لتونس

الاتحاد الأوروبي يناقش توجيه مساعدات مالية عاجلة لتونس

تناقش دول الاتحاد الأوروبي في اجتماع لمجلس الشؤون الخارجية، ملف توجيه مساعدات مالية عاجلة لتونس، في ظل تفاقم موجات تدفق المهاجرين غير الشرعيين؛ ولمنع الانهيار المالي الذي سيزيد في تفاقم الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية في تونس. وتتقدم كل من إيطاليا وفرنسا قائمة الدول الأوروبية الداعمة للملف التونسي، في حين تعمل دول أخرى على ربط المساعدات المالية «بالعودة إلى المسار الديمقراطي، واحترام الحقوق والحريات، وإيقاف موجة الاعتقالات» التي طالت كثيراً من رموز المعارضة للمسار السياسي الذي يقوده الرئيس التونسي قيس سعيّد. وتدافع رئيسة الوزراء الإيطالية بحماس، عن الدعم العاجل للملف التونسي لمنع تفاقم الأزمة ا

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا مصرع 4 مهاجرين وفقدان 23 في حادثي غرق قبالة سواحل تونس

مصرع 4 مهاجرين وفقدان 23 في حادثي غرق قبالة سواحل تونس

لقي أربعة مهاجرين من أفريقيا جنوب الصحراء مصرعهم وفُقد ثلاثة وعشرون في حادثي غرق، يومي (الجمعة) و(السبت) قبالة سواحل تونس، فيما تم إنقاذ 53 آخرين، وفق ما أفاد متحدث باسم محكمة صفاقس (وسط شرق) وكالة الصحافة الفرنسية. بذلك ترتفع حصيلة حوادث الغرق إلى سبعة منذ بداية مارس (آذار)، وفق تعداد للوكالة الفرنسية. وأسفرت هذه الحوادث قبالة السواحل التونسية عن مصرع أو فقدان أكثر من 100 شخص.

«الشرق الأوسط» (تونس)
شمال افريقيا مفوض أوروبا للشؤون الاقتصادية يبحث في تونس حل الأزمة المتفاقمة

مفوض أوروبا للشؤون الاقتصادية يبحث في تونس حل الأزمة المتفاقمة

قال باولو جنتيلوني، المفوض الأوروبي للشؤون الاقتصادية، خلال زيارته إلى تونس أمس (الاثنين) إن المفوضية الأوروبية «لا تزال مصممة على دعم الشعب التونسي في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة» التي تمر بها البلاد، مؤكداً أن زيارته شكلت أيضاً فرصة لإعادة التأكيد على «التزام الاتحاد الأوروبي بقيم الديمقراطية وسيادة القانون». في المقابل، ورداً على تصريحات بوريل وبعض قادة أوروبا الذين حذروا من حالة الانهيار التي باتت تتهدد الاقتصاد التونسي، دعت وزارة الخارجية التونسية الاتحاد الأوروبي إلى «تفهم خصوصية الوضع ودقته، واعتماد خطاب مسؤول وبنّاء، يعكس حقيقة الواقع في تونس»، كما دعت إلى تثمين ما تم تحقيقه في إطار ال

المنجي السعيداني (تونس)
الاقتصاد البنك الدولي يعلق التعاون مع تونس «حتى إشعار آخر»

البنك الدولي يعلق التعاون مع تونس «حتى إشعار آخر»

علّق البنك الدولي «حتى إشعار آخر» محادثاته بشأن التعاون المستقبلي مع تونس، بعد الاعتداءات التي شهدتها ضد مهاجرين من دول أفريقيا جنوب الصحراء، في أعقاب خطاب ندّد فيه الرئيس قيس سعيّد بـ«جحافل المهاجرين غير النظاميين». وقال رئيس البنك ديفيد مالباس، في مذكرة بعثها إلى الموظفين، واطّلعت عليها وكالة الصحافة الفرنسية مساء الاثنين، إنّ خطاب سعيّد تسبّب في «مضايقات بدوافع عنصرية وحتى حوادث عنف»، وإنّ المؤسسة أرجأت اجتماعاً كان مبرمجاً مع تونس حتى تنتهي من تقييم الوضع. وعاد مئات المهاجرين من أفريقيا جنوب الصحراء إلى بلدانهم من تونس؛ خوفاً من موجة عنف إثر تصريحات الرئيس.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

مصر: رفع أسماء 716 شخصاً من «قوائم الإرهاب»

مقر النيابة العامة المصرية (النيابة العامة)
مقر النيابة العامة المصرية (النيابة العامة)
TT

مصر: رفع أسماء 716 شخصاً من «قوائم الإرهاب»

مقر النيابة العامة المصرية (النيابة العامة)
مقر النيابة العامة المصرية (النيابة العامة)

قرّرت محكمة الجنايات في مصر «رفع أسماء 716 شخصاً من قوائم الكيانات الإرهابية، والإرهابيين»، ووفق إفادة للنيابة العامة المصرية، الأحد، فإن إجراء رفع أسماء مدرجين بـ«قوائم الإرهاب» يأتي في إطار توجه للحكومة المصرية بـ«مراجعة موقف جميع قوائم الكيانات الإرهابية والإرهابيين؛ تمهيداً لرفع كل من يثبت توقف نشاطه الإرهابي من تلك القوائم».

ويحق للأسماء التي تم رفعها من «قوائم الإرهاب» التمتع بكامل حقوقها القانونية، سواء في التصرف في أموالها، أو السفر والانتقال، وفق القانون المصري.

ويقضي قانون أقرّته السلطات المصرية في عام 2015 بفرض عقوبات على الأشخاص المدرجين على «قوائم الإرهاب»، تشمل وضعهم على قوائم ترقب الوصول، ومصادرة جوازات سفرهم، وتجميد أصولهم المالية. وكلفت النيابة العامة المصرية الجهات الأمنية بمراجعة الموقف الأمني للمدرجين على قوائم الكيانات الإرهابية والإرهابيين، للوقوف على مدى استمرار نشاطهم الإرهابي؛ تمهيداً لرفع كل من يثبت توقف نشاطه من تلك القوائم، وفق إفادة النيابة العامة، الأحد.

وأشارت «النيابة» إلى أن «تحريات الجهات الأمنية، أسفرت عن توقف 716 شخصاً، من المدرجين بقوائم الإرهاب، عن أنشطتهم غير المشروعة، ضد الدولة ومؤسساتها»، وأضافت أن «محكمة الجنايات، وافقت على الطلب المقدم من النائب العام المصري، المستشار محمد شوقي، برفع أسمائهم من تلك القوائم».

وفي مايو (أيار) الماضي، قضت محكمة النقض المصرية، بإلغاء قرار قضائي، بإدراج نحو 1500 شخص، بينهم لاعب كرة القدم المصري السابق، محمد أبو تريكة، على «قوائم الإرهاب»، وإعادة النظر في قضيتهم.

ويرى عضو لجنة «العفو الرئاسي» في مصر، طارق العوضي، أن إجراء رفع أسماء مدرجين من قوائم الإرهاب «خطوة إيجابية تعزز مناخ الحريات بمصر»، وقال إنه «لأول مرة تقوم السلطات المصرية برفع هذا العدد الكبير من المدرجين على قوائم الإرهابيين»، داعياً الحكومة المصرية «لمواصلة إجراءات مراجعة موقف المدرجين كافة بتلك القوائم».

وأوضح العوضي لـ«الشرق الأوسط» أن «الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي وجّه بالإفراج عن المحبوسين من الأشخاص الذين تم رفع أسمائهم من قوائم الإرهابيين». وربط بين خطوة رفع أسماء من «قوائم الإرهاب»، وإجراءات الحكومة المصرية لإنهاء ملف المحبوسين احتياطياً، قائلاً إن «تلك الإجراءات تعكس إرادة سياسية لإنهاء تلك الملفات، وتعزيز مناخ الحريات».

واستجاب السيسي لتوصيات «الحوار الوطني» بمصر (الذي ضم شخصيات عامة وحزبية وأكاديميين وسياسيين) بشأن قضية «الحبس الاحتياطي»، وأكد على «أهمية تخفيض الحدود القصوى لمدد الحبس الاحتياطي، وضرورة الحفاظ على طبيعته بوصفه إجراءً وقائياً تستلزمه ضرورة التحقيق، دون أن يتحول لعقوبة»، وفق إفادة للرئاسة المصرية في أغسطس (آب) الماضي.

جلسة محاكمة سابقة لعناصر من «الإخوان» بتهمة «الانضمام إلى جماعة على خلاف القانون» (أ.ف.ب)

وتحظر الحكومة المصرية «الإخوان» منذ ديسمبر (كانون الأول) عام 2013، وعدّتها «جماعة إرهابية». ويخضع مئات من قادة وأنصار الجماعة، وعلى رأسهم المرشد العام محمد بديع، لمحاكمات في قضايا تعلّق معظمها بـ«التحريض على العنف»، وصدرت في بعضها أحكام بالإعدام، والسجن المشدد والمؤبد.

ورأى رئيس «لجنة حقوق الإنسان» بمجلس النواب المصري (البرلمان)، طارق رضوان، أن «مراجعة موقف المدرجين على قوائم الكيانات الإرهابية، خطوة نحو تعزيز الأمن والاستقرار الداخلي»، مشيراً إلى أن «توجيه الرئيس المصري بمراجعة المدرجين على قوائم الإرهاب، يعكس التزامه بمبادئ العدالة وحقوق الإنسان».

وأوضح رضوان، في إفادة، الأحد، أن «ملف الكيانات الإرهابية والمدرجين على قوائم الإرهاب، من القضايا الحساسة التي تؤثر بشكل مباشر على الأمن والاستقرار الاجتماعي»، ورأى أن مراجعة الحكومة المصرية لهذا الملف «خطوة تعزز قيم التسامح ومصداقيتها في محاربة الإرهاب»، وأشار إلى أن «هذه الخطوة ستسهم في تحسين الصورة العامة لمصر محلياً وخارجياً، وتُظهر التزامها بمبادئ حقوق الإنسان وحكم القانون».