ضغط الدم... خيارات آمنة لخفض ارتفاعه

مخاطره قد تؤدي إلى نوبات قلبية وسكتات دماغية

ضغط الدم... خيارات آمنة لخفض ارتفاعه
TT

ضغط الدم... خيارات آمنة لخفض ارتفاعه

ضغط الدم... خيارات آمنة لخفض ارتفاعه

وفقاً لمنظمة الصحة العالمية، هناك ما يقدر بنحو 1.28 مليار شخص في جميع أنحاء العالم يعانون من ارتفاع ضغط الدم، وينتمي ثلثا هذا العدد إلى البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل، نصفهم لا يعرفون أنهم مصابون بارتفاع ضغط الدم. وفي أغسطس (آب) 2021، نشرت منظمة الصحة العالمية إحصاءات تفيد بأن أكثر من 700 مليون شخص لا يتلقون العلاج الذي يحتاجونه.
في هذا المقال سوف نقدم نظرة عامة على ارتفاع ضغط الدم، ويعرف أيضاً لدى الجمهور باسم «ضغط الدم المرتفع» (high blood pressure)، ويسمى علمياً أو طبياً «hypertension».
يقول الدكتور روبرت بارون (Dr. Robert Baron) أستاذ الطب بجامعة كاليفورنيا في سان فرانسيسكو، إن «ارتفاع ضغط الدم هو السبب الأول للوفيات المبكرة في جميع أنحاء العالم»، وتوافق منظمة الصحة العالمية على ذلك.

ضغط الدم
ما مدى الارتفاع في ضغط الدم الذي يشير إلى أنه وصل لحدٍ يهدد الحياة؟ وما هو المرتفع جداً منه وما هو ليس مرتفعاً جداً؟ وما هي أفضل الخيارات العلاجية لتصحيح الضغط المرتفع بشكل طبيعي وإبقائه تحت السيطرة بأمان؟
سوف نستشهد ببعض الطرق، من الدكتور بارون، التي يمكن من خلالها خفض ضغط الدم، والطريقة الأكثر فعالية هي فقدان الوزن، ثم أدوية ضغط الدم المتاحة، وإن كان للبعض منها آثاره الجانبية، ولكن مهما بلغت هذه الآثار الجانبية فإنها عادة لا تفوق أضرار ارتفاع ضغط الدم غير المعالج، الذي يمكن أن يؤدي في النهاية إلى أمراض القلب والنوبات القلبية والسكتة الدماغية.
ضغط الدم هو الضغط الذي يمارسه الدم على جدران الشرايين. يتكون ضغط الدم من قراءتين، الضغط الانقباضي (الرقم في الأعلى) ويحدث عندما ينبض القلب الذي يعمل كمضخة ونشعر به في الأوعية الدموية بالجسم، والضغط الانبساطي (الرقم في الأسفل)، الذي يظهر عندما يرتاح القلب وينبسط ويمتلئ بالدم.
- ضغط الدم الطبيعي لدى البالغين: هو القراءة أقل من 120 ملم زئبق للضغط الانقباضي و80 للانبساطي. يعد مرتفعاً إذا كان ضغط الدم الانقباضي ما بين 120 - 129 ملم زئبق وتحت 80 للضغط الانبساطي. ويقلل تناول كميات أقل من الملح واتباع نظام غذائي صحي للقلب والعيش بأسلوب حياة أكثر نشاطاً من احتمالات التعرض لارتفاع أشد في ضغط الدم لاحقاً.
- ضغط الدم لكبار السن: وفقاً للتحديثات الأخيرة للإرشادات من «جمعية القلب الأميركية» (AHA) و«الكلية الأميركية لأمراض القلب»، فهناك اعتبارات مهمة لكبار السن لتحديد ما إذا كانوا سيبدأون علاج ارتفاع ضغط الدم، بما في ذلك الحالات الصحية الأخرى واللياقة العامة. إذا كان ضغط الدم أعلى من 130/80، فسيقوم الطبيب بتقييم الوضع الصحي لتحديد العلاج المطلوب لموازنة المخاطر والفوائد في كل حالة بشكل خاص.

الأعراض والمخاطر
* بماذا يشعر مريض ارتفاع ضغط الدم؟ وما هي المخاطر المتوقعة؟ إن معظم الأشخاص الذين يعانون من ارتفاع ضغط الدم لا تظهر عليهم أعراض، وهذا هو سبب تسميته بـ«القاتل الصامت». ومن الواجب أن يعرف كل شخص قراءة الضغط لديه، على الأقل مرة واحدة في السنة، مثلها مثل معرفة مستوى السكر في الدم، والكوليسترول، ومؤشر كتلة الجسم، حتى يتمكن مبكراً من التشاور مع طبيبه لوضع خطة لتقليل أي مخاطر.
من الأهمية بمكان الانتباه إلى ضغط الدم إذا كان هناك قريب يعاني من الارتفاع أو عوامل خطر أخرى. وقد يكون لدى مريض ضغط الدم المرتفع للغاية صداع شديد بشكل غير عادي، وألم في الصدر، وصعوبة في التنفس، أو التعب بسهولة بعد أقل مجهود. وهذه الحالة تستلزم استشارة الطبيب على الفور.
إذا ظل ضغط الدم مرتفعاً جداً، فإنه يضع ضغطاً إضافياً على الأوعية الدموية والقلب والأعضاء الأخرى، مثل الدماغ والكلى والعينين. يمكن أن يؤدي ارتفاع ضغط الدم المستمر إلى زيادة خطر الإصابة بعدد من الحالات الصحية الخطيرة، التي من المحتمل أن تهدد الحياة.
تحدث أزمة ارتفاع ضغط الدم عندما يرتفع الضغط بشكل سريع وشديد بقراءات 180/120 أو أكثر، وتكون هناك عواقب وخيمة، تشمل:
«وذمة رئوية» (تسمم الحمل) قد يصحبهما صداع حاد أو قلق شديد. ويعاني بعض الأشخاص من صداع أو نزيف في الأنف أو ضيق في التنفس مع ارتفاع ضغط الدم. تحدث هذه الأعراض، عادة، بمجرد وصول ضغط الدم إلى مستوى مرتفع بشكل خطير خلال فترة من الزمن.
ما هي القراءات المرتفعة التي تشخص ارتفاع ضغط الدم؟ تؤكد المبادئ التوجيهية الصادرة عن الجمعية الدولية لارتفاع ضغط الدم (the International Society of Hypertension) المنشورة في عام 2021 على عدة نقاط رئيسية لممارسة الأطباء:
- استخدام 140/90 للتشخيص المكتبي بالعيادة لارتفاع ضغط الدم، 135/85 في المنزل، و130/80 للقياس المتنقل.
- بالنسبة للأشخاص الذين يعانون من ارتفاع ضغط الدم من الدرجة الأولى، ولا يعانون من أمراض مصاحبة أخرى، يتم إعطاؤهم علاجات غير دوائية لمدة 3 إلى 6 أشهر قبل بدء العلاج.
- بمجرد بدء العلاج، يجب أن يستهدف الأطباء أن يكون ضغط الدم أقل من 140/90 في غضون ثلاثة أشهر، وأقل من 130/80 في المرضى الذين تقل أعمارهم عن 65 عاماً.
وتؤكد المبادئ التوجيهية للجنة الوطنية الثمانية المشتركة (the Eight Joint National Committee or JNC)، على الآتي:
- بالنسبة للأشخاص الذين تزيد أعمارهم عن 60 عاماً، فإن تشخيص ارتفاع ضغط الدم يكون هو ضغط الدم الانقباضي الذي يبلغ 150 بدلاً من 140.
- بالنسبة للأشخاص الذين تقل أعمارهم عن 60 عاماً، يكون ضغط الدم الانقباضي 140.

علاج ضغط الدم
وجدت دراسة علمية أنه يمكن خفض عدد الوفيات عن طريق خفض ضغط الدم. ووفقاً لدراسة «سبرينت» (SPRINT) التي تعني تجربة التدخل في ضغط الدم الانقباضي (Systolic Blood Pressure Intervention Trial) - وهي عبارة عن تجربة عشوائية خاضعة للرقابة ومفتوحة التسمية في الولايات المتحدة، أجريت عام 2015، وصُممت لاختبار ما إذا كان العلاج الموجه نحو خفض ضغط الدم إلى ما دون ضغط الدم الانقباضي 120 قادراً على تقليل مخاطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية (CVD) مقارنة بالهدف الموصى به (أقل من الضغط الانقباضي 140). وكان الاستنتاج هو أن العلاج المكثف الذي يستهدف ضغط الدم الانقباضي أقل من 120 أدى إلى انخفاض معدلات الوفيات.
ما هي علاجات ارتفاع ضغط الدم؟ هناك نوعان من العلاج لارتفاع ضغط الدم: دوائي وغير دوائي. يرى الدكتور بارون، أن الأدوية تتفوق في أدائها على العلاج غير الدوائي، ولكن هذا الأخير (العلاج غير الدوائي) يمكن أن يبطئ الحاجة إلى الأدوية أو يحسن ضغط الدم بدرجة كافية لتقليل الدواء.
* أولاً: المعالجة غير الدوائية لارتفاع ضغط الدم. هنا يقدم الدكتور بارون 4 توصيات رئيسية للإدارة غير الدوائية لارتفاع ضغط الدم، وهي:
- التحكم في الوزن: وهو يُعد جزءاً مهماً من التحكم في ارتفاع ضغط الدم، لأن السمنة وزيادة الوزن مرتبطتان بارتفاع ضغط الدم. في عام 2017، كانت هناك تعديلات في الجهاز العصبي السمبثاوي (sympathetic) ووظائف الكلى، ومقاومة الأنسولين، كآليات ساهمت في ارتفاع ضغط الدم. الحفاظ على الوزن منخفضاً باتباع نظام غذائي سليم وممارسة الرياضة يمكن أن يساعد في التخلص من بضع نقاط من قراءة ضغط الدم.
- الحد من تناول الكحول: لقد وُجد بمناقشة آثار الكحول على الجسم، وبالتحديد تضيق الأوعية والإجهاد التأكسدي، أنه يزيد من ضغط الدم، ويمكن أن يزيد من خطر الإصابة الشديدة بارتفاع ضغط الدم.
- تقييد تناول الملح ونظام «داش» الغذائي: ينطبق القول المأثور «حيثما يذهب الملح، يتبعه الماء» على ارتفاع ضغط الدم، حيث يتسبب النظام الغذائي الغني بالملح في احتباس السوائل ورفع مستويات ضغط الدم. هذا هو السبب في أن اتباع نظام غذائي منخفض الملح وقليل الدسم ينصح به في كثير من الأحيان للأشخاص الذين يعانون من ارتفاع ضغط الدم. نظام «داش» (DASH) للأساليب الغذائية لوقف ارتفاع ضغط الدم هو خيار آخر، أو نظام غذائي غني بالخضراوات والفواكه والحبوب الكاملة ومنتجات الألبان الخالية من الدهون أو قليلة الدسم والأسماك والدواجن والفاصوليا والمكسرات. ينصح هذا النوع من النظام الغذائي أيضاً بتجنب الأطعمة الغنية بالدهون المشبعة، مثل اللحوم الدهنية ومنتجات الألبان كاملة الدسم، وفقاً لـ«مايو كلينيك قسم التغذية والأكل الصحي» (Mayo Clinic. Nutrition and Healthy Eating).
- التمارين: توصي جمعية القلب الأميركية بممارسة التمارين الهوائية متوسطة الشدة لمدة 150 دقيقة على الأقل أو 75 دقيقة من التمارين الهوائية عالية الكثافة كل أسبوع. حتى بضع دقائق من عدم الجلوس يمكن أن تساعد في تقليل خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية.
* ثانياً: المعالجة الدوائية لارتفاع ضغط الدم. يقدم الدكتور بارون أيضاً 4 علاجات دوائية رئيسية لارتفاع ضغط الدم: مثبطات الإنزيم المحول للأنجيوتنسين، وحاصرات مستقبلات الأنجيوتنسين، الثيازيدات، وحاصرات بيتا. وهي:
- مثبطات الإنزيم المحول للأنجيوتنسين (ACE - inhibitors): تعمل على خفض ضغط الدم عن طريق تثبيط الإنزيم المحول للأنجيوتنسين، الذي يسبب تضيق الأوعية. تعمل مثبطات الإنزيم المحول للأنجيوتنسين على إرخاء الأوعية بشكل فعال، مما يؤدي إلى خفض ضغط الدم.
- حاصرات مستقبلات الأنجيوتنسين (ARBs): هي حاصرات لمستقبلات الأنجيوتنسين، والتي، على عكس مثبطات الإنزيم المحول للأنجيوتنسين، لا تثبط الإنزيم نفسه، بل تثبط مستقبلاتها على الخلايا. يعمل حاصرات مستقبل الأنجيوتنسين أيضاً على إرخاء الأوعية الدموية، وبالتالي خفض ضغط الدم.
- الثيازيدات (Thiazides): هي مدرات للبول، أو نوع من الأدوية التي تطرد الملح والماء من الجسم عن طريق زيادة التبول.
- حاصرات بيتا (Beta - blockers): تعمل عن طريق تثبيط مستقبلات «بيتا» في القلب، التي يمكن أن تقلل من معدل ضربات القلب وضغط الدم عن طريق إرخاء عضلات القلب الملساء.
تختلف إرشادات العلاج هذه مع كل منظمة، وتختلف بشكل أكبر مع كل طبيب، ولكن بشكل أو بآخر، تظل الطرق المستخدمة - سواء دوائية أو غير دوائية - كما هي. عادة، في عالم الطب التقليدي، يُنصح بالعلاج غير الدوائي في الأشهر القليلة الأولى إذا لم يكن المرض شديد الخطورة، وفقط إذا لم تنجح هذه الأساليب، يصف الأطباء الأدوية. يمكن أن يساعد الحفاظ على صحة القلب عن طريق إدارة الوزن والنظام الغذائي والتمارين الرياضية في إدارة ضغط الدم بشكل فعال.
من المهم معرفة ما إذا كنت تعاني من ارتفاع ضغط الدم، فالكشف المبكر عنه مهم جداً، فارتفاع ضغط الدم يعرض صاحبه لخطر متزايد للإصابة بأمراض القلب وفشل القلب والسكتة الدماغية، من بين أمور أخرى، وفقاً لمراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها (CDC)، ولا ننسى أنه في عام 2013 كان ارتفاع ضغط الدم سبباً رئيسياً أو مساهماً في وفاة أكثر من 360 ألف حالة في الولايات المتحدة.
* استشاري طب المجتمع


مقالات ذات صلة

مرض السكري قد يسرّع من انكماش المخ

صحتك شخص يُجري فحصاً لداء السكري (رويترز)

مرض السكري قد يسرّع من انكماش المخ

كشفت دراسة جديدة أن مرض السكري من النوع الثاني قد يؤدي إلى انكماش المخ بشكل سريع مع التقدم في العمر.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك استهلاك الأطعمة التي تحتوي على «أوميغا 3» و«أوميغا 6» مثل الأسماك الزيتية يقلل معدل خطر الإصابة بالسرطان (جمعية الصيادين الاسكوتلنديين)

أطعمة تقلل من خطر الإصابة بـ14 نوعاً مختلفاً من السرطان

وجدت دراسة أن استهلاك «أوميغا 3» و«أوميغا 6»، وهي الأحماض الدهنية التي توجد في الأطعمة النباتية والأسماك الزيتية، قد يؤثر على معدل خطر الإصابة بالسرطان.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
يوميات الشرق الغضب لا يزال يشكل حافزاً مهماً للنجاح في العالم الحديث (رويترز)

الأشخاص الغاضبون «أكثر ميلاً للنجاح»... كيف؟

كشف أحد علماء الأعصاب أن الأشخاص الغاضبين أكثر ميلاً للنجاح، وقال الدكتور جاي ليشزينر إن الشعور بالغضب قد يكون «محركاً مهماً» للنجاح في العالم الحديث.

«الشرق الأوسط» (لندن)
العالم صورة تحت المجهر الإلكتروني والتي قدمها المعهد الوطني للحساسية والأمراض المعدية في عام 2024 لجزيئات فيروس جدري القردة باللون البرتقالي الموجودة داخل الخلايا المصابة باللون الأخضر (أ.ب)

كندا ترصد أول إصابة بسلالة فرعية من جدري القردة

أكدت وكالة الصحة العامة الكندية أمس (الجمعة) رصد أول حالة إصابة بالسلالة الفرعية 1 من جدري القردة في كندا لدى شخص في مانيتوبا.

«الشرق الأوسط» (مونتريال)
المشرق العربي فلسطيني يحمل طفلة صغيرة مصابة داخل مستشفى كمال عدوان في قطاع غزة (أ.ف.ب)

وزارة الصحة: كل مستشفيات غزة ستتوقف عن العمل خلال 48 ساعة

حذرت وزارة الصحة في قطاع غزة من توقف جميع مستشفيات القطاع عن العمل أو تقليص خدماتها خلال 48 ساعة بسبب نقص الوقود، إذ ترفض إسرائيل دخوله للقطاع.

«الشرق الأوسط» (غزة)

استشارات طبية: المغنيسيوم والنوم... وعدم تحمّل دواء خفض الكوليسترول

استشارات طبية: المغنيسيوم والنوم... وعدم تحمّل دواء خفض الكوليسترول
TT

استشارات طبية: المغنيسيوم والنوم... وعدم تحمّل دواء خفض الكوليسترول

استشارات طبية: المغنيسيوم والنوم... وعدم تحمّل دواء خفض الكوليسترول

المغنيسيوم والنوم

• ما تأثير تناول المغنيسيوم الغذائي بالعموم، أو أقراص مكملات المغنيسيوم، على النوم؟

- هذا ملخص أسئلتك. والواقع أن إحدى الدراسات الطبية الواسعة النطاق قد كشفت أن تناول المغنيسيوم بكميات صحية يرتبط بنوم عدد طبيعي من الساعات. وعلى النقيض من ذلك، فإن تناول المغنيسيوم بكميات أقل ارتبط إما بمدة نوم أقصر أو أطول من الطبيعي.

ولكن تجدر ملاحظة أن الجرعة المثلى من المغنيسيوم للنوم تعتمد على عدة عوامل، بما في ذلك العمر والأمراض المصاحبة التي قد تكون لدى الشخص.

وبالأساس، ووفقاً للمبادئ التوجيهية الطبية الحديثة، يوصى بتناول ما بين 310 و360 مليغراماً يومياً من المغنيسيوم للنساء، وما بين 400 و420 مليغراماً للرجال. وتحتاج النساء الحوامل إلى ما بين 350 و360 مليغراماً من المغنيسيوم يومياً.

وأشارت إحدى الدراسات الإكلينيكية إلى أن تناول 500 مليغرام يومياً من مستحضرات أدوية مكملات المغنيسيوم، لمدة 8 أسابيع، يزيد من مدة النوم (Sleep Duration)، ويقلل من زمن فترة «كمون بدء النوم» (Sleep Latency)، وذلك لدى كبار السن. وتُعرّف فترة «كمون بدء النوم» بأنها الفترة الزمنية اللازمة للانتقال من حالة اليقظة التامة إلى حالة النوم وفقدان الوعي.

ومع ذلك، يجدر أيضاً ملاحظة أن هناك أنواعاً مختلفة من مستحضرات أدوية مكملات المغنيسيوم في الصيدليات، بما في ذلك أكسيد المغنيسيوم، وسترات المغنيسيوم، وهيدروكسيد المغنيسيوم، وغلوكونات المغنيسيوم، وكلوريد المغنيسيوم، وأسبارتات المغنيسيوم. وكل نوع من هذه الأنواع من مكملات المغنيسيوم له معدل امتصاص مختلف.

ولذا يُنصح كبار السن (وفق ما تسمح به حالتهم الصحية والأمراض المرافقة لديهم) الذين يعانون من الأرق، بتناول ما بين 320 و729 مليغراماً من المغنيسيوم يومياً من نوع أكسيد المغنيسيوم أو سترات المغنيسيوم. وهذا يمكن التأكد منه عبر سؤال الصيدلي.

وللتوضيح، استخدمت العديد من الدراسات مؤشر جودة النوم في بيتسبرغ (PSQI) كمقياس أساسي للنوم لتقييم تأثير مكملات المغنيسيوم المختلفة. وتمت مقارنة تأثيرات أنواع أكسيد المغنيسيوم وكلوريد المغنيسيوم وسترات المغنيسيوم وأسبارتات المغنيسيوم، على جودة النوم.

وأشارت هذه الدراسات إلى أنه من بين جميع مكملات المغنيسيوم، تعمل أقل جرعة من أكسيد المغنيسيوم على تحسين جودة النوم. وعلى النقيض من ذلك، لم يُظهر كلوريد المغنيسيوم أي تحسن كبير في النوم. ويمكن لمكملات حبوب أسبارتات المغنيسيوم أن تعزز النوم فقط عند تركيز مرتفع للغاية يبلغ 729 مليغراماً.

كما يجدر كذلك ملاحظة أنه ليس من الضروري الحصول على المغنيسيوم من خلال تناول مستحضرات أدوية مكملات المغنيسيوم فقط؛ لأنه أيضاً موجود في أنواع مختلفة من الأطعمة، وبكميات وفيرة تلبي حاجة الجسم وزيادة. ولذا يمكن أن يلبي الاستهلاك المنتظم للأطعمة الغنية بالمغنيسيوم المتطلبات اليومية. وعلى سبيل المثال، يمكن للمرأة غير الحامل البالغة من العمر 40 عاماً تلبية توصيات تناول المغنيسيوم اليومية، بتناول كوب واحد من الكينوا المطبوخة أو كوب واحد من السبانخ المطبوخة أو نحو 30 غراماً من مكسرات اللوز.

ورابعاً، تجدر ملاحظة ضرورة استشارة الطبيب قبل تناول مكملات المغنيسيوم، لسببين رئيسيين. الأول: أن تناول مستحضرات أدوية مكملات المغنيسيوم قد يتفاعل مع أدوية أخرى. وعلاوة على ذلك، فإن تناول جرعة عالية من مكملات المغنيسيوم يمكن أن يسبب الغثيان والإسهال والتشنج العضلي لدى بعض الأشخاص. وعلى النقيض من ذلك، فإن تناول كميات أكبر من المغنيسيوم من مصادر غذائية يعد آمناً إلى حد كبير لأنه يتم هضمه ببطء أكبر ويفرز الزائد منه عن طريق الكلى.

ولا توجد إجابة محددة حتى اليوم لتفسير ذلك الدور الدقيق للمغنيسيوم في تنظيم النوم. وعلى الرغم من أن الأمر غير مفهوم بشكل جيد، فقد اقترح العلماء كثيراً من الآليات التي يمكن من خلالها التأثير على النوم. ومن ذلك الدور النشط للمغنيسيوم في «ضبط» مدى استثارة الجهاز العصبي المركزي. وتحديداً دوره في «خفض» استثارة الجهاز العصبي عبر تأثير المغنيسيوم على النوم من خلال مشاركته في تنظيم نظام جابا (GABA) في الدماغ.

وأيضاً الدور النشط للمغنيسيوم في تحفيز استرخاء العضلات من خلال خفض تركيز الكالسيوم داخل خلايا العضلات. وكذلك تأثيره على مناطق تشابك الأعصاب بالعضلات.

كما يُطرح علمياً تأثير المغنيسيوم على تنظيم الساعة البيولوجية وعلى إفراز هرمون الميلاتونين، وهو هرمون النوم الذي يفرزه الدماغ بكميات متصاعدة من بعد غروب الشمس وانخفاض تعرّض الجسم للضوء. وقد أظهرت دراسات أن نقص المغنيسيوم يقلل من تركيز الميلاتونين في البلازما، ما قد يعيق سهولة الخلود إلى النوم.

كما أشارت الأبحاث الحالية إلى أن مكملات المغنيسيوم تقلل من تركيز الكورتيزول في الدم (هرمون التوتر)، وبالتالي تُهدئ الجهاز العصبي المركزي وتتحسن جودة النوم.

عدم تحمّل دواء خفض الكوليسترول

• تناولت دواء خفض الكوليسترول، وتسبب لي بالتعب وآلام العضلات... بمَ تنصح؟

- هذا ملخص أسئلتك عن تناولك أحد أنواع أدوية خفض الكوليسترول من فئة أدوية الستاتين، وتسببه لك بآلام عضلية. وأول جانب من النصيحة هو التأكد من وجود هذه المشكلة المرتبطة بأدوية الستاتين بالفعل؛ لأن من المهم تناول أدوية خفض الكوليسترول وعدم التوقف عنها، إلا لضرورة.

ولذا لاحظ معي أن أدوية فئة ستاتين (مثل ليبيتور أو كرستور) تُعد الخط الأول لمعالجة ارتفاع الكوليسترول. إلا أن بعض المرضى قد يعانون من آثار جانبية، إما أن تمنعهم من استخدام أحد أدوية الستاتين على الإطلاق، أو تحد من قدرتهم على تحمل الجرعة اللازمة منها لخفض الكوليسترول كما هو مطلوب ومُستهدف علاجياً. وهو ما يُطلق عليه طبياً حالة «عدم تحمّل الستاتين».

ووفق ما تشير إليه الإحصاءات الطبية، فإن «عدم تحمّل الستاتين» قد يطول 30 في المائة من المرضى الذين يتناولون أحد أنواع هذه الفئة من أدوية خفض الكوليسترول. وعدم تحمل الستاتين يشير إلى مجموعة من الأعراض والعلامات الضارة التي يعاني منها المرضى وتتخذ عدة مظاهر. والشكوى الأكثر شيوعاً هي أعراض: إما آلام (دون اللمس والضغط) أو أوجاع (عند اللمس والضغط) أو ضعف أو تشنجات عضلية مختلفة. وتؤثر عادةً على مجموعات العضلات المتناظرة (على الجانبين) والكبيرة والدانية في القرب إلى منتصف الجسم.

وقد يرافق ذلك ارتفاع أنزيم العضلات أو عدم حصول ذلك. كما قد يتسبب بمشاكل في الكلى، أو لا يتسبب بذلك.

ولذا يحتاج الأمر تشخيص وجودها والتعامل الطبي معها لدى مريض ما، وأيضاً تنبه المرضى إلى «بوادر» ظهورها ووضوح في كيفية تعاملهم معها.

ووفق ما تشير إليه المصادر الطبية، تم تحديد عوامل خطر الإصابة بالألم العضلي المرتبط بالستاتين، بما في ذلك التقدم في السن، والجنس الأنثوي، والتاريخ العائلي للإصابة بالألم العضلي المرتبط بالستاتين، وتعاطي الكحول، والأمراض الروماتيزمية، ونقص فيتامين دي المُصاحب. كما أن بعض الأدوية يمكن أن تزيد من المخاطر: الكولشيسين (مضاد التهابات)، فيراباميل أو ديلتيازيم (أدوية قلبية)، الفايبريت (لخفض الدهون الثلاثية)، كلاريثروميسين والإريثروميسين (مضادات حيوية).

ولكن التشخيص الإكلينيكي لهذه الحالة قد يَصعُب على الطبيب. ومع ذلك قد يكون ارتفاع مستوى أنزيم العضلات (الكرياتين كيناز) مشيراً إلى وجود هذه المشكلة. إلا أنه عادة ما يكون مستوى أنزيم العضلات (الكرياتين كيناز) طبيعياً؛ أي دون وجود التهاب وتحلل في الخلايا العضلية. وهنا يلجأ الطبيب إلى مدى وجود العوامل التي ترجح التشخيص الإكلينيكي للاعتلال العضلي المرتبط بالستاتين، والتي منها:

· ألم أو ضعف في العضلات الكبيرة القريبة، يتفاقم بسبب ممارسة الرياضة.

· تبدأ الأعراض بعد 2 إلى 4 أسابيع من بدء تناول الستاتين.

· زوال الأعراض خلال أسبوعين من التوقف.

· تعود الأعراض خلال أسبوعين بعد إعادة تناول الستاتين.

· ظهور الأعراض عند تعاقب تناول نوعين مختلفين أو أكثر من الستاتينات؛ حيث يتم وصف واحدة منها على الأقل بأقل جرعة.

ووفق عدة مُعطيات، يتعامل الطبيب المتابع لحالة الشخص المعين مع هذه المشكلة لكل مريض على حدة.