بعد دخول جائحة «كوفيد - 19» عامها الرابع، لا يبدو أن هناك مساراً واضحاً سيقود «منظمة الصحة العالمية» إلى الإجابة عن السؤال المهم حول أصل فيروس «كورونا المستجد»، المسبب لهذا المرض.
ويُعتبر حل لغز من أين جاء الفيروس، وكيف بدأ في الانتشار بين البشر، أمراً حيوياً لتجنب الأوبئة في المستقبل، وكانت المنظمة بدأت بالفعل جهوداً للإجابة عن هذه الأسئلة، لكنها توقفت فجأة.
وفي يناير (كانون الثاني) 2021، سافر فريق دولي من الخبراء بدعوة من «منظمة الصحة العالمية» إلى ووهان بالصين، حيث تم اكتشاف الفيروس المسبب لـ«كوفيد - 19»، لأول مرة، وبالاشتراك مع باحثين صينيين، راجع الفريق البحثي الأدلة المتعلقة بموعد ظهور الفيروس، وكيفية ظهوره، وكجزء من المرحلة الأولى للبحث، أصدر الفريق تقريراً، في مارس (آذار) من ذلك العام، حدد أربعة سيناريوهات محتملة، وقالوا إن الأرجح أن يكون الفيروس انتشر من الخفافيش إلى البشر، وربما من خلال الأنواع الوسيطة، وتم وضع الأساس لمرحلة ثانية من الدراسات المتعمقة لتحديد ما حدث بالضبط في الصين وأماكن أخرى.
لكن بعد عامين من تلك الرحلة الرفيعة المستوى، تخلت «منظمة الصحة العالمية» عن خطط المرحلة الثانية.
وقالت ماريا فان كيركوف، عالمة الأوبئة في «منظمة الصحة العالمية»، في جنيف بسويسرا، لمجلة «نيتشر»: «لا توجد مرحلة ثانية»، وأشارت إلى أن «منظمة الصحة العالمية» خططت للعمل على مراحل، لكن «تلك الخطة تغيرت»، وقالت: «السياسات في جميع أنحاء العالم أعاقت التقدم في فهم الأصول».
ولا يبدو ذلك مفهوماً، في ظل أن التقرير الذي أصدره فريق المنظمة، في مارس 2021، خلص إلى أنه «من غير المحتمل للغاية» أن يكون الفيروس قد هرب عن طريق الخطأ من المختبر.
وفي يوليو (تموز) من ذلك العام، أرسلت «منظمة الصحة العالمية» منشوراً إلى الدول الأعضاء يوضح كيف تخطط للمضي قدماً في دراسات أصل الفيروس. وتضمنت الخطوات المقترحة تقييم أسواق الحيوانات البرية في ووهان وحولها، والمزارع التي زودت تلك الأسواق، بالإضافة إلى عمليات تدقيق للمختبرات في المنطقة التي تم فيها تحديد الحالات الأولى.
لكن المسؤولين الصينيين رفضوا خطط «منظمة الصحة العالمية»، بسبب إشارتها لمراجعة المختبرات التي تم استبعادها في الزيارة الأولى. وقال تشاو ليجيان، المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية، إن اقتراح «منظمة الصحة العالمية» لم تتم الموافقة عليه من قبل جميع الدول الأعضاء، وإن المرحلة الثانية يجب ألا تركز على المسارات التي اعتبرها تقرير المهمة بالفعل غير مرجحة للغاية».
وفي أغسطس (آب) 2021، نشر أعضاء فريق بعثة المنظمة تقريراً في مجلة «نيتشر»، يحثون فيه على اتخاذ إجراء سريع بشأن الدراسات المقترحة لتتبع أصول الفيروس. تقول ماريون كوبمانز، عالمة الفيروسات في المركز الطبي بجامعة إيراسموس في روتردام بهولندا، وعضو البعثة إلى ووهان: «كتبنا هذه المقالة لأننا كنا قلقين من أن المرحلة الثانية قد لا تحدث، ويؤسفني أن أقول إن هذا في الواقع ما انتهى».
من جانبه، قال تيدروس أدهانوم غيبريسوس، رئيس «منظمة الصحة العالمية»، رداً على هذا التقرير، إن «منظمة الصحة العالمية» لم تستسلم، وستواصل الضغط حتى تجد إجابة لكيفية بدء الجائحة.
وقال للصحافيين، أمس (الأربعاء): «نحتاج إلى مواصلة الدفع حتى نعرف أصول الفيروس؛ فمعرفة كيف بدأ هذا الوباء مهمة للغاية وحاسمة للغاية». وأضاف أنه أرسل مؤخراً خطاباً إلى مسؤول كبير في الصين «يطلب فيه التعاون لأننا بحاجة إلى الشفافية في المعلومات من أجل معرفة كيف بدأ ذلك».
وتبرأت ماريا فان كيركوف، عالمة الأوبئة بـ«منظمة الصحة العالمية» في جنيف بسويسرا مما نسبته إليها «نيتشر». وقالت إن «ما نُسب إليَّ من الحديث عن وقف البحث عن نشأة الفيروس خطأ في النقل، وهو أمر مقلق حقاً، لأن بعض العناوين غير الدقيقة تسبب أزمة»... وأضافت: «لم نتخلَّ عن دراسة أصل الفيروس، ولن نفعل».
ورغم نفي فان كيركوف، فإن كثيراً من الخبراء يرون أن ما ذهبت إليه في تعليقها بمجلة «نيتشر» هو الحقيقة.
يقول محمد فوزي، مدرس الميكروبيولوجيا الطبية والمناعة في جامعة أسيوط (جنوب مصر) لـ«الشرق الأوسط»: «الوصول إلى الحقيقة يحتاج إلى تعاون عالمي، لا سيما بين الصين وأميركا، ولكن المناخ السياسي السائد حالياً لا يشجع على ذلك». ويضيف أن «تبني الولايات المتحدة لسيناريو التسرّب من المختبر، قبل بدء الدراسة، لا يشجع بكين على إبداء مرونة في التعاون، خشية أن تقود النتائج إلى إقرار هذا الأمر».
هل تخلت «الصحة العالمية» عن معرفة أصل «كوفيد - 19»؟
بعد دخول الجائحة عامها الرابع
هل تخلت «الصحة العالمية» عن معرفة أصل «كوفيد - 19»؟
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة