فدوى طوقان وأنور المعداوي: حب روحي قوامه الافتتان باللغة وتحييد الجسد

علاقتهما العاطفية بدت نسخة معدلة عن علاقة جبران بمي زيادة

فدوى طوقان
فدوى طوقان
TT

فدوى طوقان وأنور المعداوي: حب روحي قوامه الافتتان باللغة وتحييد الجسد

فدوى طوقان
فدوى طوقان

«خرجتُ من ظلمات المجهول إلى عالم غير مستعد لتقبلي. أمي حاولت التخلص مني في الشهور الأولى من حملها بي. عشر مرات حملت أمي ولكنها لم تحاول الإجهاض قط إلا حين جاء دوري»، هذا ما تستهل به فدوى طوقان كتاب سيرتها «رحلة جبلية، رحلة صعبة»، معتبرة أن رفض الأم بالنسبة للطفلة التي ولدت في نابلس عام 1917، الحدث الأكثر دلالة على المأساة الأصلية لوجودها النافل، وعلى شعورها اللاحق بالنبذ والتهميش. ولا تكف فدوى عبر الفصول المتتالية للسيرة عن الإشارة إلى الطفلة غير السعيدة التي كانتها، وعن إصابتها المبكرة بالملاريا وشحوبها المفرط الذي كان موضع تندر الآخرين، وعن تلهفها المفرط للحصول على حدبٍ عائلي لم يتحقق لها في أي يوم. لا بل زادت الأمور سوءاً في سني مراهقتها، إلى حد أن عثور الأهل على رسالة بريئة كتبتها لفتى في السادسة عشرة، كانت كافية لتعنيفها الجسدي وسجنها داخل المنزل، وحرمانها من متابعة الدراسة.
أما حبل النجاة الذي مده القدر للفتاة الغارقة في لجج اليأس، فقد وفرته عودة أخيها الشاعر إبراهيم إلى نابلس، بعد أن أنهى دراسته في الجامعة الأميركية في بيروت. ولم يكتف إبراهيم بأن فتح لها نافذة ولو محدودة على الحرية، بل أخذ بيدها على طريق الشعر، بعد أن عاين موهبتها الشعرية الآخذة في التفتح، التي غذتها بالمعرفة والدأب إلى أن أصبحت إحدى أهم الشاعرات العربيات في القرن الفائت.
على أن تصدي الشاعرة الصلب لتقاليد مجتمعها البطريركي، وقيامها بحث النساء على التمرد، لا تتم ترجمتهما على أرض واقعها العاطفي الذي ظل أسير التلعثم والخجل والإشارات القليلة الخفرة. كما يستوقفنا في الوقت ذاته التناقض الواضح بين إعلان فدوى عن أنها لا تريد أن تفتح خزانة حياتها «صوناً لها من الابتذال»، وبين صرختها المقابلة: «كانت أنوثتي تئن كالحيوان الجريح في قفصه»، وصولاً إلى محاولتها الانتحار حين ابتلعت، وفق روايتها، «محتويات زجاجة كاملة من الأسبرين».
اللافت أن طوقان التي لم تجد حرجاً في الإشارة إلى عديد من علاقاتها العاطفية البريئة التي عرفتها في حقبتي المراهقة والنضج، لم تشر في كتاب سيرتها بجزأيه إلا بشكل موارب إلى علاقتها بالناقد المصري أنور المعداوي، دون أن تذكره بالاسم مطلقاً. وإذا كان لهذا الأمر من دلالة فهي أن علاقتها بالمعداوي كانت الأكثر جدية بين علاقاتها الرومانسية الأخرى، ولهذا السبب آثرت أن تنأى بها عن التداول وتربطها بالبريق الأكثر توهجاً لمناجم الإلهام الشعري، قبل أن تقرر عام 1967، وقد بلغت مرحلة النضج والاستقلال، أن تضعها بين يدي الناقد المميز رجاء النقاش.
والواقع أن أهمية كتاب النقاش «المعداوي وفدوى طوقان، صفحات مجهولة في الأدب العربي المعاصر»، لا تنحصر بالرسائل السبع عشرة التي بعث بها الأول إلى الثانية فحسب، بل بالمقدمة المطولة التي تناول فيها المؤلف الغياب شبه التام لأدب الاعتراف عند العرب، بسبب المحاذير الكثيرة التي تمنع المبدعين من الكشف عن نوازع نفوسهم المواراة خلف جدران سميكة من التابوهات.
ولما كان الكاتبان العاشقان لم يلتقيا إلا على الورق، فإن من حق القارئ أن يتساءل عما إذا كان كل من الطرفين المأزومين يريد من الآخر أن يكون حائط مبكاه ورفيق وحشته ومسكن آلامه ومصدر إلهامه لا أكثر. ومن حقه أن يتساءل عن السبب الفعلي لعدم لقائهما وجهاً لوجه، وعما إذا كانا يريدان أن يكونا الثنائي الإبداعي الأفلاطوني المشابه لثنائية جبران ومي زيادة، علماً بأن المسافة بين نابلس والقاهرة أقصر بكثير من المسافة بين نيويورك والعاصمة المصرية.
إن العودة إلى سيرة فدوى، كما إلى كتاب النقاش، تقودنا إلى استنتاج أن الشاعرة التي بدأت تنشر بواكيرها في «الرسالة» تحت اسم «المقيدة»، كانت ترى في الشعراء على نحو عام، لا في الشعر وحده، النماذج الأكثر تعبيراً عن الحب والنقاء الإنساني، وعن توقها المطلق إلى الحرية، وهو ما يفسر تعلقها بغير واحد منهم، بدءاً من علي محمود طه الذي تبادلت معه عديداً من الرسائل، قبل أن يطلب إليها ذووها الكف عن مراسلته، ومروراً بالشاعر المصري الطيار الذي رمزت إليه بحرفي اسمه الأولين «أ.ك»، ولم يلتقِ بها أبداً، وليس انتهاء بالشاعر إبراهيم نجا الذي لخص علاقته بها بالقول:
وكنتُ وإياها على البعد نلتقي... رسائل حب ليس يخبو أوارها
ومن يتتبع رسائل المعداوي إلى طوقان، لن يخامره الشك في أن علاقتهما بدأت أدبية بامتياز، وهو الذي كان يخاطبها بالقول: «يا أختاه»، مشيداً بتجربتها المتوائمة مع تيار الحركة النفسية في الشعر، الذي سبق أن تبناه. وإذ لا يتوانى المعداوي عن تفضيل شعرها على شعر علي محمود طه، يفضلها أيضاً على نازك الملائكة، معتبراً أن قصيدتها «إلى صورة»، أهم من كل قصائد نازك في «شظايا ورماد». على أن الحب الذي اضطرم بينهما فيما بعد كان يعكس بشكل جلي حاجة كل منهما إلى الآخر. فالناقد المثخن بالأمراض، الذي يحارب خصومه الكثر في غير ساحة وميدان، رأى في فدوى، مبدعة وإنسانة، الكنف الدافئ الذي يلبي حاجته إلى الحب والحنان، فيما رأت فيه من جهتها ظهيرها الصلب على طريق الكتابة الشائك، وحبل نجاتها من الغربة والإحباط. وهي لا تتوانى عن الكتابة له في مستهل العلاقة: «إن أملي من وراء الحب هو الحب ذاته»، أو عن القول على نحو صريح:
كان لي الحب مهرباً أحتمي فيهِ،
إليه أفر من مأساتي
كان دنيا في أفْقها الرحب أسترجع حريتي
أحقق ذاتي
يا لقلبي الموتور كم رنحتْهُ
نشوة الانتقام من جلادي
إلا أن كلاً منهما ما لبث أن ذهب بعيداً في حب الآخر، كما تشير فدوى في رسالتها إلى عيسى الناعوري، الذي اعتبر أن علاقتهما لم تتجاوز الصداقة المجردة، حيث كتبت له: «نعم كان بيننا حب حقيقي، عبرت عنه في غير واحدة من قصائدي». أما المعداوي فيكرر مخاطبتها بالقول: «فدوى يا قطعة من نفسي»، كما يعدها مؤنسه وعزاءه في لحظات مرضه القاسية. وحين تصفو مياه علاقتهما بعد تكدر أو خصام، تهتف الشاعرة بالحبيب العائد: «وأطل وجهك مشرقاً من ألف عام». إلا أن الأمور كانت تتجه نحو مزيد من الانحدار، حيث امتنع العاشق الذي أنهكته الأمراض عن الرد على رسائل الشاعرة الأخيرة، ليدخل بالتدريج في ظلامه الداخلي وعزلته الكاملة.

أنور المعداوي

هكذا قدر للمعداوي أن يفارق هذا العالم عام 1965 دون أن يلتقي أبداً بالشاعرة التي وعدته غير مرة بزيارته في القاهرة دون أن تفي بوعدها، فيما كان يعدها من جهته بعبور «الجسر الكبير» الموصل إلى نابلس، دون أن يفعل. والأرجح أن كلاً منهما كان يعاني لأسبابه الخاصة من «رهاب» العلاقة المحسوسة، ويخشى الانتقال بها من سماء المثال الرومانسي إلى أرض الحياة الأرضية. أما طوقان الممزقة بين التمرد اللغوي على الواقع وبين الإذعان للتقاليد السائدة، التي عاشت بعد رحيل المعداوي عقوداً طويلة، فقد آثرت فيما تبقى لها من العمر أن لا تقدم على الزواج، جاعلة من الشعر وحده وسيلتها الأنجع لعبور الجسر الفاصل بينها وبين حبيبها الغائب، فكتبت ترثيه:
حين تبدو الحياة في يومكَ المقفر مني
كئيبة محلولة
فامضِ نحو الجسر الكبير مع الذكرى
ورعشاتها العذاب الجميلة
ستراني هناك أمشي إلى جبينكَ
أنت استغراقتي وابتهالي
هو إيماننا المقدس بالحب
ثوى في أغوارنا المجهولة.


مقالات ذات صلة

«تيك توك» أكثر جدوى من دور النشر في تشجيع الشباب على القراءة

يوميات الشرق «تيك توك» أكثر جدوى من دور النشر  في تشجيع الشباب على القراءة

«تيك توك» أكثر جدوى من دور النشر في تشجيع الشباب على القراءة

كشفت تقارير وأرقام صدرت في الآونة الأخيرة إسهام تطبيق «تيك توك» في إعادة فئات الشباب للقراءة، عبر ترويجه للكتب أكثر من دون النشر. فقد نشرت مؤثرة شابة، مثلاً، مقاطع لها من رواية «أغنية أخيل»، حصدت أكثر من 20 مليون مشاهدة، وزادت مبيعاتها 9 أضعاف في أميركا و6 أضعاف في فرنسا. وأظهر منظمو معرض الكتاب الذي أُقيم في باريس أواخر أبريل (نيسان) الماضي، أن من بين مائة ألف شخص زاروا أروقة معرض الكتاب، كان 50 ألفاً من الشباب دون الخامسة والعشرين.

أنيسة مخالدي (باريس)
يوميات الشرق «تيك توك» يقلب موازين النشر... ويعيد الشباب إلى القراءة

«تيك توك» يقلب موازين النشر... ويعيد الشباب إلى القراءة

كل التقارير التي صدرت في الآونة الأخيرة أكدت هذا التوجه: هناك أزمة قراءة حقيقية عند الشباب، باستثناء الكتب التي تدخل ضمن المقرّرات الدراسية، وحتى هذه لم تعد تثير اهتمام شبابنا اليوم، وهي ليست ظاهرة محلية أو إقليمية فحسب، بل عالمية تطال كل مجتمعات العالم. في فرنسا مثلاً دراسة حديثة لمعهد «إبسوس» كشفت أن شاباً من بين خمسة لا يقرأ إطلاقاً. لتفسير هذه الأزمة وُجّهت أصابع الاتهام لجهات عدة، أهمها شبكات التواصل والكم الهائل من المضامين التي خلقت لدى هذه الفئة حالةً من اللهو والتكاسل.

أنيسة مخالدي (باريس)
يوميات الشرق آنية جزيرة تاروت ونقوشها الغرائبية

آنية جزيرة تاروت ونقوشها الغرائبية

من جزيرة تاروت، خرج كم هائل من الآنية الأثرية، منها مجموعة كبيرة صنعت من مادة الكلوريت، أي الحجر الصابوني الداكن.

يوميات الشرق خليل الشيخ: وجوه ثلاثة لعاصمة النور عند الكتاب العرب

خليل الشيخ: وجوه ثلاثة لعاصمة النور عند الكتاب العرب

صدور كتاب مثل «باريس في الأدب العربي الحديث» عن «مركز أبوظبي للغة العربية»، له أهمية كبيرة في توثيق تاريخ استقبال العاصمة الفرنسية نخبةً من الكتّاب والأدباء والفنانين العرب من خلال تركيز مؤلف الكتاب د. خليل الشيخ على هذا التوثيق لوجودهم في العاصمة الفرنسية، وانعكاسات ذلك على نتاجاتهم. والمؤلف باحث وناقد ومترجم، حصل على الدكتوراه في الدراسات النقدية المقارنة من جامعة بون في ألمانيا عام 1986، عمل أستاذاً في قسم اللغة العربية وآدابها في جامعة اليرموك وجامعات أخرى. وهو يتولى الآن إدارة التعليم وبحوث اللغة العربية في «مركز أبوظبي للغة العربية». أصدر ما يزيد على 30 دراسة محكمة.

يوميات الشرق عمارة القاهرة... قصة المجد والغدر

عمارة القاهرة... قصة المجد والغدر

على مدار العقود الثلاثة الأخيرة حافظ الاستثمار العقاري في القاهرة على قوته دون أن يتأثر بأي أحداث سياسية أو اضطرابات، كما شهد في السنوات الأخيرة تسارعاً لم تشهده القاهرة في تاريخها، لا يوازيه سوى حجم التخلي عن التقاليد المعمارية للمدينة العريقة. ووسط هذا المناخ تحاول قلة من الباحثين التذكير بتراث المدينة وتقاليدها المعمارية، من هؤلاء الدكتور محمد الشاهد، الذي يمكن وصفه بـ«الناشط المعماري والعمراني»، حيث أسس موقع «مشاهد القاهرة»، الذي يقدم من خلاله ملاحظاته على عمارة المدينة وحالتها المعمارية.

عزت القمحاوي

موسوعة لتوثيق أعمال سعيد العدوي مؤسس جماعة التجريبيين بمصر

أعمال سعيد العدوي اتسمت بالتجريد والأفكار الشعبية (الشرق الأوسط)
أعمال سعيد العدوي اتسمت بالتجريد والأفكار الشعبية (الشرق الأوسط)
TT

موسوعة لتوثيق أعمال سعيد العدوي مؤسس جماعة التجريبيين بمصر

أعمال سعيد العدوي اتسمت بالتجريد والأفكار الشعبية (الشرق الأوسط)
أعمال سعيد العدوي اتسمت بالتجريد والأفكار الشعبية (الشرق الأوسط)

تأتي موسوعة الفنان سعيد العدوي (1938-1973) لترصد مسيرة مؤسس جماعة التجريبيين المصريين وأحد أبرز فناني الحفر والجرافيك في النصف الثاني من القرن العشرين.

وتتضمن الموسوعة، حسب قول المشرف عليها والباحث في شؤون الحركة الفنية المصرية الدكتور حسام رشوان، المئات من أعمال العدوي ويومياته ومذكراته واسكتشاته، مدعومة بعدد كبير من الدراسات التي تم إعداد بعضها خصوصاً من أجل هذه الموسوعة، ومعها دراسات أخرى نشرها أصحابها في صحف ومجلات ومطبوعات خاصة بالفن في مصر والوطن العربي.

وقال لـ«الشرق الأوسط»: «إن مقدمة الدكتورة أمل نصر تتناول جميع المقالات، والزاوية التي نظر منها الناقد لأعمال العدوي موضع الدراسة، كما تقوم بقراءتها وتحليلها وبسط عناصرها أمام الباحثين ومحبي فنه».

موسوعة العدوي تضمنت اسكتشاته ورسوماته (الشرق الأوسط)

وتأتي موسوعة العدوي التي نشرتها مؤسسة «إيه آر جروب» التي يديرها الفنان أشرف رضا، في صورة مونوغراف جامع لكل أعماله، التي تعبق برائحة الماضي، وعالم الموشحات، وحلقات الذكر والمشعوذين، وعربات الكارو والحنطور، وتجمعات الموالد والأسواق والأضرحة، فضلاً عن لوحة «الجنازة» بعد رحيل عبد الناصر. وجمعت الموسوعة كل كراساته واسكتشاته بالكامل، ومذكراته الخاصة التي كتبها وتعتبر دراسات نفسية قام بكتابتها، وقد ساعدت هذه المذكرات النقاد والباحثين في فن العدوي على تناول أعماله بصورة مختلفة عن سابقيهم الذين تصدوا لفنه قبل ظهورها، وفق رشوان.

ولأعمال العدوي طابع خاص من الحروفيات والزخارف والرموز ابتكرها في إبداعاته وهي تخصه وحده، وتخرّج العدوي ضمن الدفعة الأولى في كلية الفنون الجميلة بالإسكندرية عام 1962، وأسس مع زميليه محمود عبد الله ومصطفى عبد المعطي جماعة التجريبيين. وتأتي الموسوعة باللغة العربية في قطع كبير بالألوان، تزيد على 600 صفحة، من تصميم وتجهيز وإنتاج طباعي «إيه آر جروب» للتصميم والطباعة والنشر.

الموسوعة ضمت العديد من الأعمال الفنية ودراسات عنها (الشرق الأوسط)

وتتضمن الموسوعة، وفق رشوان، دراستين جديدتين للدكتور مصطفى عيسى، ودراسة لكل من الدكتورة ريم حسن، وريم الرفاعي، والدكتورة أمل نصر، ودراسة للدكتورة ماري تيريز عبد المسيح باللغة الإنجليزية، وجميعها تم إعدادها خصوصاً للموسوعة، وهناك دراسات كانت موجودة بالفعل للدكتور أحمد مصطفى، وكان قد جهّزها للموسوعة لكن عندما أصدرت مجلة فنون عدداً خاصاً عن فن العدوي قام بنشرها ضمن الملف، وإلى جانب ذلك هناك بحث عن أعمال العدوي للراحلين الدكتور شاكر عبد الحميد والفنان عز الدين نجيب وأحمد فؤاد سليم ومعهم عدد كبير من النقاد والفنانين الذي اهتموا برائد التجريبيين المصري وأعماله.

والتحق سعيد العدوي بمدرسة الفنون بالإسكندرية سنة 1957، وقبلها بعام كان في كلية الفنون بالزمالك، وقضى خمس سنوات لدراسة الفن في عروس البحر المتوسط، أما الأعمال التي تتضمنها الموسوعة وتوثق لها فتغطي حتى عام 1973؛ تاريخ وفاته. وهناك عدد من رسوم الكاريكاتير كان قد رسمها وقت عمله بالصحافة، وهذه الأعمال اهتمت بها الموسوعة ولم تتجاهلها لأنها تكشف عن قدرات كبيرة للعدوي وسعيه للدخول في مجالات عديدة من الفنون التشكيلية، وفق كلام رشوان.

من أعمال العدوي (الشرق الأوسط)

ولفت إلى أن «تراث العدوي بكامله بات متاحاً من خلال الموسوعة للباحثين في فنه والمهتمين بأعماله وتاريخ الفن التشكيلي المصري، وقد توفر لدى كتّاب الموسوعة عدد مهول بالمئات من اللوحات الكراسات والاسكتشات، فأي ورقة كان يرسم عليها اعتبرناها وثيقة وعملاً فنياً تساعد في الكشف عن رؤية العدوي التشكيلية وعالمه الخَلَّاق».

ولا تعتمد الموسوعة فكرة التسلسل الزمني، لكنها توثق عبر المقالات كل الأعمال التي تناولتها، من هنا بنى رشوان رؤيته وهو يرسم الخطوط الرئيسية لفن العدوي على الدراسات البانورامية التي تشتغل بحرية كاملة على الأعمال دون التقيد بتاريخها.

وسبق أن أصدر الدكتور حسام رشوان، بالاشتراك مع الباحثة والناقدة الفرنسية فاليري هيس، موسوعة فنية عن رائد التصوير المصري محمود سعيد عن دار «سكيرا» الإيطالية عام 2017 بمناسبة مرور 120 عاماً على ميلاد محمود سعيد، وتضمنت الموسوعة في جزئها الأول أكثر من 500 لوحة و11 مقالاً ودراسة نقدية.