الصين تحض إيران على «الشراكة الاستراتيجية» في وجه وضع عالمي معقّد

شي جينبينغ دعا لحل سريع للقضية النووية الإيرانية ووقّع 20 مذكرة تعاون مع رئيسي

شي جينبينغ يستقبل رئيسي بمقر «مجلس الشعب الصيني» في بكين اليوم (د.ب.أ)
شي جينبينغ يستقبل رئيسي بمقر «مجلس الشعب الصيني» في بكين اليوم (د.ب.أ)
TT

الصين تحض إيران على «الشراكة الاستراتيجية» في وجه وضع عالمي معقّد

شي جينبينغ يستقبل رئيسي بمقر «مجلس الشعب الصيني» في بكين اليوم (د.ب.أ)
شي جينبينغ يستقبل رئيسي بمقر «مجلس الشعب الصيني» في بكين اليوم (د.ب.أ)

قال الرئيس الصيني شي جينبينغ، لدى استقباله نظيره الإيراني إبراهيم رئيسي، إن بكين ستواصل بثبات تطوير تعاون ودي مع إيران بغضّ النظر عن أي تغيرات في الأوضاع الدولية والإقليمية، وأشاد بـ«التضامن» بين البلدين في وجه وضع عالمي «معقد».
ووصل رئيسي فجر (الثلاثاء)، إلى بكين في زيارة رسمية تستغرق ثلاثة أيام، بهدف تنشيط وثيقة التعاون بين البلدين لـ25 عاماً، وسط إصرار طهران على المضي قدماً في استراتيجية «التوجه نحو الشرق» في وقت تتصاعد التوترات مع الغرب.
وقال الرئيس الصيني لدى استقبال رئيسي في مقر «مجلس الشعب الصيني»، إن بلاده تدعم الجانب الإيراني فيما يتعلق بحماية حقوقها المشروعة، وتشجع التوصل إلى حل سريع ومناسب للقضية النووية الإيرانية. وأضاف شي للرئيس الإيراني الزائر: «ستواصل الصين المشاركة البناءة في المفاوضات بشان استئناف الاتفاق النووي الإيراني»، حسبما أوردت «رويترز».
وأشاد شي بـ«التضامن» بين الصين وإيران، خلال لقائه رئيسي في بداية زيارة تستمر ثلاثة أيام لبكين. ونقلت قناة «سي سي تي في» الحكومية عن شي قوله: «في وجه المتغيّرات الحالية المعقّدة في العالم والأزمنة والتاريخ، ساندت الصين وإيران كل منهما الأخرى (و) عملتا معاً في تضامن وتعاون». وقال :«بغضّ النظر عن كيفية تغير الوضع الدولي والإقليمي، ستعمل الصين باستمرار على تطوير التعاون الودّي مع إيران وتعزيز التنمية المتواصلة للشراكة الاستراتيجية الشاملة بين الصين وإيران».
وقبل زيارته، كتب رئيسي مقالة افتتاحية في صحيفة «الشعب»، التي تسيطر عليها الدولة في الصين، قال فيها إن البلدين يعتقدان أن الإجراءات الأحادية و«العنيفة» مثل فرض عقوبات «ظالمة» تشكل الأسباب الرئيسية وراء الأزمات وانعدام الأمن في العالم. ووصف رئيسي الصين في المقالة بأنها «صديق قديم»، وقال إن جهود إيران لتعزيز العلاقات معها لن تتأثر بالأوضاع الإقليمية والدولية.
وأُبرم الاتفاق النووي عام 2015 للحد من برنامج تخصيب اليورانيوم الإيراني، مما يجعل من الصعب على طهران تطوير أسلحة نووية، مقابل رفع العقوبات الدولية. وتقول إيران إنها تعمل على تطوير الطاقة النووية لأغراض سلمية، لكنَّ الوكالة الدولية للطاقة الذرية، قلقة من تراكم مخزون اليورانيوم الإيراني المخصب بنسبة 60 في المائة، وهي أقرب نسبة وصلت إليها إيران، ودأبت الصين على انتقاد الولايات المتحدة بعد انسحابها من الاتفاق النووي وأصرت على أن تتخذ الأخيرة الخطوة الأولى في إعادة إحياء الاتفاق.
ومع تضاؤل احتمالات إحياء الاتفاق النووي، فرضت الولايات المتحدة في سبتمبر (أيلول) عقوبات جديدة على الشركات التي تشترك في تصدير النفط الإيراني، وكان من بينها خمس في الصين. وقالت واشنطن إنها ستواصل فرض عقوبات على مبيعات النفط والبتروكيماويات الإيرانية ما دامت طهران تواصل تسريع وتيرة برنامجها النووي.
وكان وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، ينوي ممارسة الضغط على بكين لوقف شراء النفط من إيران، قبل أن تلغى الزيارة بسبب أزمة دخول المناطيد الصينية في المجال الجوي الأميركي.
وصرّحت الصين بأنها مستعدة لتعزيز التعاون مع إيران في مجالات التجارة والزراعة والصناعة والبنية التحتية ولاستيراد أيضاً المزيد من المنتجات الزراعية الإيرانية عالية الجودة.
وتعهد شي ورئيسي بتشكيل تحالف أقوى عندما التقيا شخصياً آخر مرة على هامش قمة منظمة شنغهاي للتعاون في مدينة سمرقند الأوزبكية في سبتمبر.
ووقّع الرئيسان 20 مذكرة تعاون، حسبما أوردت وكالات أنباء حكومية في إيران، وكان رئيسي قد أشار إليها في تصريحاته للصحافيين قبل مغادرة مطار مهرآباد في طهران إلى بكين.
وقال رئيسي إن مواقف طهران وبكين «مشتركة» حيال ما سمّاها النزعات الأحادية وحماية الاستقلال السياسي على الصعيد الدولي.
ويرافق رئيسي وفد كبير من أعضاء حكومته بينهم وزير الخارجية حسين أمير عبداللهيان، ونائبه وكبير المفاوضين النووي علي باقري كني، ومحافظ البنك المركزي ووزيرا النفط والتعدين، وفقاً للتلفزيون الحكومي الإيراني. ومن المتوقع أن يوقع شي ورئيسي «سندات تعاون».
والتقى رئيسي وشي للمرة الأولى في سبتمبر، خلال قمة منظمة شنغهاي للتعاون التي نُظمت في سمرقند في أوزبكستان. ودعا الرئيس الإيراني خلال هذه القمة إلى تعزيز العلاقات الاقتصادية مع بكين، خصوصاً في مجالات «النفط والطاقة والنقل والزراعة والتجارة والاستثمار».
وفي يناير (كانون الثاني) 2021 وقّعت طهران وبكين وثيقة التعاون الاستراتيجي لمدة 25 عاماً، لكن الشكوك سادت مؤخراً بشأن إمكانية تنفيذها، خصوصاً مع تراجع الاستثمار الصيني في إيران، رغم أن الشركات الصينية واصلت الاستحواذ على النفط الإيراني «الرخيص» الذي تبيعه طهران عبر الالتفاف على العقوبات الأميركية.
وتواجه الصين تهماً بأنها من بين أكبر المستفيدين من فرض العقوبات على طهران، بسبب التجارة التي تخضع لها طهران وفق الشروط الصينية، حسبما يرى كثيرون في الداخل الإيراني. وكانت هذه الاتهامات محور الانتقادات التي طالت الصين بسبب عدم استخدامها حق نقض الفيتو ضد ستة قرارات أممية جرى تجميدها بسبب الاتفاق النووي.
وجاء توقيع وثيقة التعاون، بعدما أصر المرشد الإيراني علي خامنئي على استراتيجية «التوجه إلى الشرق» للتقارب مع روسيا والصين، ضمن سياسات دعا إلى تطبيقها لتقليل الاعتماد على العلاقات التجارية مع الغرب في ظل العقوبات الدولية والأميركية.
ويقول أنصار «التوجه إلى الشرق» إن تركيز الحكومة السابقة برئاسة حسن روحاني على إقامة العلاقات التجارية مع الدول الغربية، تَسبب في أزمة ثقة لدى الصينيين بشأن الشراكة مع إيران.
لكنّ علاقات بكين وطهران شهدت فتوراً في الفترة الأخيرة، بعدما زار الرئيس الصيني المنطقة، وأصدر بياناً مع قادة دول مجلس التعاون الخليجي، الذي حض إيران على خفض التوتر الإقليمي عبر تأكيدهم أهمية الحوار الشامل بمشاركة دول المنطقة لمعالجة الملف النووي الإيراني، والأنشطة الإقليمية المزعزعة للاستقرار، والتصدي لدعم الجماعات الإرهابية والطائفية والتنظيمات المسلحة غير الشرعية، ومنع انتشار الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة، وضمان سلامة الملاحة الدولية والمنشآت النفطية، والالتزام بالقرارات الأممية والشرعية الدولية.
وفي 10 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، استدعت إيران السفير الصيني في طهران، تشانغ هو. وبعد استدعائه، ظهر تشانغ هو، في مقابلة مع قناة «برس تي وي» الإيرانية، قائلاً إن هناك عقبات خارجية تحدّ من تطوير التعاون بين طهران وبكين بسرعة، ودعا طهران إلى التحلي بالصبر لتعميق العلاقة وجني ثمارها مع بلاده.
وتتهم الدول الغربية إيران بتقديم الدعم لروسيا في غزوها لأوكرانيا الذي بدأ قبل نحو عام، عبر تزويدها بطائرات من دون طيار مسلّحة، الأمر الذي تنفيه إيران بشدّة.
وضد ما تُوصف بـ«أزمة المشروعية» للنظام الإيراني، حاولت وسائل الإعلام الحكومية في طهران تسليط الضوء على زيارة رئيسي بوصفها حدثاً غير مسبوق خلال العقدين الماضيين، في الوقت الذي تواجه إيران انتقادات دولية على أثر حملة القمع الدموية التي استخدمتها لإخماد الحراك الاحتجاجي أشعل فتيله وفاة الشابة مهسا أميني في 16 سبتمبر، في ظروف غامضة بعدما أوقفتها الشرطة بدعوى «سوء الحجاب».
وتعود آخر زيارة لرئيس إيراني إلى الصين إلى يونيو (حزيران) 2018، حين شارك الرئيس حسن روحاني (2013 - 2021) في قمة لمنظمة شنغهاي للتعاون. وتعود آخر زيارة دولة لرئيس إيراني إلى الصين إلى العام 2000 خلال عهد محمد خاتمي (1997 - 2005).
* دور صيني «بنّاء» للمنطقة
تسعى بكين منذ وقت طويل إلى تعزيز علاقاتها مع طهران. وكان الرئيس شي جينبينغ قد زار إيران في الأسابيع الأولى من دخول الاتفاق النووي حيز التنفيذ، والتقى حينها المرشد الإيراني علي خامنئي، وقال خلال زيارته طهران إنّها «الشريك الرئيسي للصين في الشرق الأوسط». واقترح حينها خلال زيارته طهران توقيع اتفاقية التعاون.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية وانغ وينبين، للصحافة (الاثنين)، إنّ بكين تريد «لعب دور بنّاء في تعزيز الوحدة والتعاون مع دول في الشرق الأوسط، وتعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة».
كذلك، سيلتقي إبراهيم رئيسي رجال أعمال صينيين ومواطنين إيرانيين يعيشون في الصين، وفقاً لوكالة الأنباء الإيرانية الرسمية «إرنا».
وكانت الصين أكبر شريك تجاري لإيران قبل أن تتراجع إلى الرتبة الثانية بعد تقدم روسيا عليها، كما كانت أحد أكبر مشتري النفط الإيراني قبل أن يعيد الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب فرض العقوبات على طهران في العام 2018، بعد انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي المبرم في العام 2015.
ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن وكالة «إرنا» الرسمية أن إحصاءات تمتدّ على فترة 10 أشهر صادرة عن سلطات الجمارك الإيرانية. وبلغت صادرات طهران إلى بكين 12.6 مليار دولار بينما استوردت إيران من الصين ما قيمته 12.7 مليار دولار.
وفي 29 يناير الماضي، نقلت صحيفة «دنياي اقتصاد» الإيرانية، نقلاً عن علي فكري، رئيس هيئة الاستثمار والمساعدة الاقتصادية والفنية الإيرانية الحكومية، أن روسيا تفوقت على الصين كأكبر مستثمر في إيران.
وأوضح المسؤول الإيراني أن روسيا أنفقت نحو 7.‏2 مليار دولار على مشروعين نفطيين في محافظة إيلام غربي البلاد، منذ وصول رئيسي إلى السلطة في أغسطس (آب) 2021، مضيفاً أن روسيا استثمرت إما عن طريق إرسال أموال مادية إلى إيران وإما باستخدام تجار العملات الأجنبية.
* أهم بنود اتفاقية التعاون المشتركة
لم تنشر كل من الصين وإيران تفاصيل الاتفاق الاستراتيجي لمدة 25 عاماً، لكن حسب مسودة مسرّبة تناقلتها مواقع إيرانية في أثناء فترة الرئيس الإيراني السابق حسن روحاني، تقوم رؤية الشراكة الاستراتيجية على أساس مقاربة «ربح ربح» في المجالات الثنائية والعلاقات الدولية، في إطار مبادرة «الحزام والطريق» الصينية.
وحسب المسودة الإيرانية المسربة، تنص اتفاقية التعاون على توسيع التعاون الثنائي الاقتصادي والتجاري، والتعاون الفعال بين الأجهزة الحكومية، والمشاركة الاستراتيجية في مختلف المجالات الاقتصادية، فضلاً عن توسع التعاون الأكاديمي.
وتشير إلى تطلع إيراني إلى دعم متبادل لمواقف البلدين في المحافل الدولية والمنظمات الإقليمية، وتوسيع التعاون العسكري لتعزيز القدرات الدفاعية والاستراتيجية.
ويتطلع الجانب الإيراني إلى تعزيز دوره في مبادرة «الحزام والطريق» في مجال النفط الخام والبتروكيماويات والطاقة المتجددة، وكذلك الطريق السريعة والسكك الحديدية والنقل بشكل عام بحراً وبراً وجواً، وكذلك تشمل الوثيقة تعاوناً مصرفياً مع التركيز على استخدام العملات الوطنية.
ومن بين الأهداف الأساسية، ستكون الصين مستورداً ثانياً للنفط الخام الإيراني، على أن تعالج طهران المخاوف الصينية بشأن الاستثمار في قطاع النفط الإيراني. ويشمل مناقشة التعاون في مشاريع الطاقة الإيرانية. والتعاون في بناء مدن في إيران، بما في ذلك، المدن السياحية والصناعية. والمشاركة في مجالات البنية التحتية البحرية والموانئ، بما في ذلك بناء الهياكل البحرية والسفن وتطوير الموانئ والمعدات والمرافق ذات الصلة، مع التركيز على تطوير الشاطئ الإيراني في خليج عمان، والمشاركة في تطوير ميناء جاسك.
وتشير المسودة أيضاً إلى التعاون في إنشاء مراكز صناعية تعتمد على التكنولوجيا في موانئ وجزر مختارة بهدف إنتاج وتصدير الخدمات والسلع المشتركة إلى بلدان المنطقة، وتشجيع ودعم المستثمرين الصينيين للاستثمار في المناطق الخاصة والحرة في جمهورية إيران الإسلامية، خصوصاً في المنطقة الحرة بجزيرة قشم ومنطقة «أروند» الحرة في المحمرة (شط العرب).
وتشير إلى «مشاركة فعالة في ممرات الجنوب والشمال (ميناء تشابهار - آسيا الوسطى والجنوب الغربي) و(تشابهار وبندر عباس إلى تركيا وجمهورية أذربيجان)، تبعا لمبدأ السعي لتحقيق المصالح المشتركة، من خلال التشاور والتعاون».
وتتحدث المسودة الإيرانية عن مناقشة بدء بناء ممر سكك الحديد لنقل الزوار (السياحة الدينية)، من باكستان وإيران إلى العراق - سوريا، وتنفيذ المشاريع ذات الصلة. وبالإضافة إلى ذلك، تدعو إلى إنشاء مشاريع صناعية في دول ثالثة «بهدف المشاركة في إعادة إعمار دول مثل العراق وأفغانستان وسوريا».
أما في خصوص تعميق التعاون العسكري والشراكة الاستراتيجية، فتشير المسودة الإيرانية إلى تطوير التعاون العسكري، والدفاعي، والأمني، في مجالات التدريب البحثي، والصناعات الدفاعية، والتعامل في القضايا الاستراتيجية بما في ذلك في مجال الحرب الهجينة ومكافحة الإرهاب، والجريمة العابرة للحدود، والاتجار بالبشر، والاتجار بالمخدرات، وإجراء مناورات بحرية وبرية وجوية مشتركة وفق جدول زمني محدد.
وفي ما يتعلق بالتعاون السياسي الثنائي والإقليمي والدولي، فإن المسودة الإيرانية تتحدث عن صياغة آلية، ووضع خطة، وتبادل الوفود رفيعة المستوى، بما في ذلك الاجتماعات السنوية بين وزيري الخارجية، وآلية للتشاور السياسي بين نواب الوزراء ومساعدي الوزراء والمبعوثين الإقليميين الخاصين للبلدين لتعزيز المشاورات بشأن القضايا ذات الصلة، والدولية.


مقالات ذات صلة

اليوم الثاني لرئيسي في دمشق... فلسطيني

المشرق العربي اليوم الثاني لرئيسي في دمشق... فلسطيني

اليوم الثاني لرئيسي في دمشق... فلسطيني

في اليوم الثاني لزيارة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي إلى سوريا، التقى وفداً من الفصائل الفلسطينية الموجودة في دمشق، بحضور وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان. وأكد رئيسي، خلال اللقاء الذي عقد في القصر الرئاسي السوري أمس (الخميس)، أن بلاده «تعتبر دائماً القضية الفلسطينية أولوية في سياستها الخارجية». وأكد أن «المقاومة هي السبيل الوحيد لتقدم العالم الإسلامي ومواجهة الاحتلال الإسرائيلي»، وأن «المبادرة، اليوم، في أيدي المجاهدين والمقاتلين الفلسطينيين في ساحة المواجهة».

«الشرق الأوسط» (دمشق)
شؤون إقليمية إيران تحتجز ناقلة نفط ثانية

إيران تحتجز ناقلة نفط ثانية

احتجز «الحرس الثوري» الإيراني، أمس، ناقلة نقط في مضيق هرمز في ثاني حادث من نوعه في غضون أسبوع، في أحدث فصول التصعيد من عمليات الاحتجاز أو الهجمات على سفن تجارية في مياه الخليج، منذ عام 2019. وقال الأسطول الخامس الأميركي إنَّ زوارق تابعة لـ«الحرس الثوري» اقتادت ناقلة النفط «نيوفي» التي ترفع علم بنما إلى ميناء بندر عباس بعد احتجازها، في مضيق هرمز فجر أمس، حين كانت متَّجهة من دبي إلى ميناء الفجيرة الإماراتي قبالة خليج عُمان. وفي أول رد فعل إيراني، قالت وكالة «ميزان» للأنباء التابعة للسلطة القضائية إنَّ المدعي العام في طهران أعلن أنَّ «احتجاز ناقلة النفط كان بأمر قضائي عقب شكوى من مدعٍ». وجاءت الو

«الشرق الأوسط» (طهران)
شؤون إقليمية سوريا وإيران: اتفاق استراتيجي طويل الأمد

سوريا وإيران: اتفاق استراتيجي طويل الأمد

استهلَّ الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، أمس، زيارة لدمشق تدوم يومين بالإشادة بما وصفه «الانتصارات الكبيرة» التي حقَّقها حكم الرئيس بشار الأسد ضد معارضيه. وفي خطوة تكرّس التحالف التقليدي بين البلدين، وقّع رئيسي والأسد اتفاقاً «استراتيجياً» طويل الأمد. وزيارة رئيسي للعاصمة السورية هي الأولى لرئيس إيراني منذ عام 2010، عندما زارها الرئيس الأسبق محمود أحمدي نجاد، قبل شهور من بدء احتجاجات شعبية ضد النظام. وقال رئيسي، خلال محادثات موسَّعة مع الأسد، إنَّه يبارك «الانتصارات الكبيرة التي حققتموها (سوريا) حكومة وشعباً»، مضيفاً: «حقَّقتم الانتصار رغم التهديدات والعقوبات التي فرضت ضدكم».

«الشرق الأوسط» (دمشق)
شؤون إقليمية باريس تدين احتجاز إيران ناقلة نفط في مياه الخليج

باريس تدين احتجاز إيران ناقلة نفط في مياه الخليج

نددت فرنسا باحتجاز البحرية التابعة لـ«الحرس الثوري» الإيراني ناقلة النفط «نيوفي» التي ترفع علم بنما في مضيق هرمز الاستراتيجي، وذلك صبيحة الثالث من مايو (أيار)، وفق المعلومات التي أذاعها الأسطول الخامس التابع للبحرية الأميركية وأكدها الادعاء الإيراني. وأعربت آن كلير لوجندر، الناطقة باسم الخارجية الفرنسية، في مؤتمرها الصحافي، أمس، أن فرنسا «تعرب عن قلقها العميق لقيام إيران باحتجاز ناقلة نفطية» في مياه الخليج، داعية طهران إلى «الإفراج عن الناقلات المحتجزة لديها في أسرع وقت».

ميشال أبونجم (باريس)
شؤون إقليمية منظمات تندد بـ«إصرار» فرنسا «على رغبتها بترحيل» إيرانيين

منظمات تندد بـ«إصرار» فرنسا «على رغبتها بترحيل» إيرانيين

قالت منظمات غير حكومية إن فرنسا احتجزت العديد من الإيرانيين في مراكز اعتقال في الأسابيع الأخيرة، معتبرة ذلك إشارة إلى أنّ الحكومة «تصر على رغبتها في ترحيلهم إلى إيران» رغم نفي وزير الداخلية جيرالد دارمانان. وكتبت منظمات العفو الدولية، و«لا سيماد»، و«إيرانيان جاستس كوليكتيف» في بيان الأربعاء: «تواصل الحكومة إبلاغ قرارات الترحيل إلى إيران مهددة حياة هؤلاء الأشخاص وكذلك حياة عائلاتهم». واعتبرت المنظمات أن «فرنسا تصرّ على رغبتها في الترحيل إلى إيران»، حيث تشن السلطات قمعاً دامياً يستهدف حركة الاحتجاج التي اندلعت إثر وفاة الشابة الإيرانية الكردية مهسا أميني في سبتمبر (أيلول)، أثناء احتجازها لدى شرط

«الشرق الأوسط» (باريس)

المحكمة توافق على تأجيل شهادة نتنياهو 7 أيام

رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو (رويترز)
رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو (رويترز)
TT

المحكمة توافق على تأجيل شهادة نتنياهو 7 أيام

رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو (رويترز)
رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو (رويترز)

على الرغم من أنها ألمحت إلى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يحاول عرقلة محاكمته بتهم الفساد وإطالة أبحاثها، وافقت المحكمة المركزية في القدس على طلبه بشكل جزئي، وقررت تأجيل بدء الاستماع لشهادته 7 أيام، من الاثنين المقبل إلى الاثنين الذي يليه.

ورفضت المحكمة ادعاءات نتنياهو بأنه يطلب التأجيل لأسباب أمنية، أو لأخرى تتعلق بانشغالاته الكثيرة في شؤون الدولة، خصوصاً صدور مذكرة اعتقال ضده وضد وزير دفاعه السابق يوآف غالانت من المحكمة الجنائية الدولية، وقالت إن المحكمة المستمرة منذ 4 سنوات، يجب أن تسرع من وتيرة انعقادها، ولا يجوز تأجيلها أكثر مما حصل حتى الآن.

وهذا يعني أن نتنياهو سيضطر إلى المثول أمام المحكمة 3 أيام في الأسبوع، كل مرة 7 ساعات. وستعقد المحكمة العليا جلسة لها خلال الأسبوع المقبل، لتقرر إن كان يستطيع في هذه الحالة أن يدير شؤون الدولة، أو تقرر عزله عن منصب رئيس الحكومة، على الأقل خلال ساعات الإدلاء بشهادته.

3 قضايا

والمعروف أن نتنياهو واجه تحقيقات في الشرطة طيلة سنتين، انتهت في سنة 2020 بتقديم لائحة اتهام ضده في 3 قضايا، هي: «قضية 1000»: الغش وخيانة الأمانة، إذ يُتهم بتلقي هدايا، خصوصاً السيجار وزجاجات الشمبانيا، من رجال أعمال ذوي نفوذ، مقابل خدمات سياسية. و«قضية 2000»: الغش وخيانة الأمانة؛ حيث يُتهم بعرض مساعدة لصحيفة «يديعوت أحرونوت» المحلية على تحسين توزيعها مقابل تغطية صحافية في صالحه. و«قضية 4000»: تلقي الرشوة والغش وخيانة الأمانة.

وبنيت هذه الاتهامات على واقع قيام نتنياهو باستغلال منصبه في رئاسة الوزراء ووزارة الاتصالات وقت حدوث المخالفات المزعومة؛ إذ يُتهم بتشجيع اتخاذ قرارات حكومية في صالح كبير حاملي أسهم شركة «بيزيك» للاتصالات، شاؤول إلوفيتش، مقابل تغطية إيجابية من موقع «واللا» الإخباري، الذي يملكه إلوفيتش. وينفي نتنياهو بشدة جميع التهم الموجهة إليه، ويصفها بحملة من خصومه السياسيين ضده، وتعهد «بتطهير سمعته».

ولكنه، من وراء الكواليس، يدير محادثات غير مباشرة مع النيابة لإنهاء المحاكمة باتفاق يقضي بإلغاء التهم القاسية والإبقاء على تهم بسيطة. وقد فشلت المحادثات حتى اليوم؛ لأن النيابة تطالب بأن يعترف بالتهم ويترك الحياة السياسية، وعندها تتنازل عن طلب الحكم عليه بالسجن، وهو يرفض الاعتراف، ويرفض اعتبار التهم «عاراً يستوجب الاستقالة»، ويصر على البقاء في الحكم حتى نهاية الدورة البرلمانية التي انتخب فيها، أي في أكتوبر (تشرين الأول) من سنة 2026.

كما يستغل ثغرة في القانون تتعلق بمنصبه، ففي إسرائيل يجبر القانون الوزير بالاستقالة من الحكومة في حال توجيه لائحة اتهام ضده، باعتبار أن من الصعب على الوزير بهذا المنصب أن يدير شؤون وزارة وهو يدير محاكمته، فضلاً عن أن سمعة الدولة تُمس إذا كان فيها وزراء متهمون. لكن القانون لا يلزم رئيس حكومة بهذا المبدأ. وحاول نتنياهو نفسه تعديل هذا القانون في سنة 2008، عندما كان زعيماً للمعارضة، وكان رئيس الوزراء يومها إيهود أولمرت. فقد وجهت اتهامات تلقي رشى لأولمرت، وخرج نتنياهو في حملة لعزله باعتبار أن «إسرائيل دولة ديمقراطية حضارية لا يجوز أن يكون فيها رئيس حكومة متهم بالفساد».

وقد رضخ أولمرت يومها واستقال من رئاسة الحكومة والحزب، وجرت انتخابات فاز فيها نتنياهو.

وينقسم المجتمع الإسرائيلي بخصوص استمرار نتنياهو في أداء مهامه رئيساً للوزراء، فمنتقدوه يقولون إن المحاكمة تجعله غير ملائم لرئاسة الوزراء، لكن مَن يدعمونه في حزبه وخارجه، يقولون إنه انتخب بشكل ديمقراطي، ويجب عدم إجباره على الاستقالة.

وحتى لو صدر حكم ضد نتنياهو فلن يجبر على الاستقالة قبل استنفاد كل فرص الاستئناف، وهو الأمر الذي قد يستغرق شهوراً أو سنوات. ومن الواضح أن نتنياهو يسعى لإطالة المحكمة لأكبر قدر ممكن. وليس هذا فحسب، بل يعمل بكل قوته لإطالة عمر حكومته، مهما بلغ الثمن. وقد كان يعرف أن الحرب هي أفضل ضمانة لاستمرار حكمه، لكن الجيش كان يرفض شنّ حرب. وفي 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، عندما شنّت «حماس» هجومها على إسرائيل، توفرت هذه الأداة له. وهو يواصل الحرب للشهر الرابع عشر على التوالي، وقام بتوسيعها إلى لبنان، عندما قرر «حزب الله» شن حرب إسناد لغزة.

ويتهمه خصومه بالمقامرة بحياة الرهائن الإسرائيليين لدى «حماس»، والتضحية بحياة الجنود الإسرائيليين في سبيل بقائه في الحكم. وهو يرمي بذلك أن يكون في المحكمة بمكانة أقوى بصفته رئيس حكومة.

وقد توجهت جمعيات حقوقية إلى المحكمة العليا لإجباره على الاعتزال، حتى لو لم يكن هناك قانون يلزمه بذلك، باعتبار أن وجود رئيس حكومة متهم بالفساد يلحق ضرراً بسمعة إسرائيل، كما قال نتنياهو نفسه عندما طالب أولمرت بالاستقالة، وهذا فضلاً عن أنه لن يستطيع إدارة شؤون الدولة وهو يدير محاكمة طويلة ومريرة مثل هذه. وقد قررت المحكمة منح النيابة والدفاع مهلة حتى يوم الأحد المقبل لإعطاء رأيها في هذا الموضوع، حتى تبت في الالتماس المذكور.