هل تحد التطمينات الرسمية المتكررة من أزمة الغلاء في مصر؟

في ظل تأكيدات حكومية لتوافر مخزون السلع الأساسية

جانب من معارض «أهلاً رمضان» في المحافظات المصرية (وزارة التموين)
جانب من معارض «أهلاً رمضان» في المحافظات المصرية (وزارة التموين)
TT

هل تحد التطمينات الرسمية المتكررة من أزمة الغلاء في مصر؟

جانب من معارض «أهلاً رمضان» في المحافظات المصرية (وزارة التموين)
جانب من معارض «أهلاً رمضان» في المحافظات المصرية (وزارة التموين)

فيما تتصاعد حدة الأزمة الاقتصادية العالمية وتلقي بظلالها على الأسواق المحلية بالدول، يواصل مسؤولون رسميون في مصر تقديم تطمينات للمواطنين بشأن «الرقابة على الأسواق لمواجهة ارتفاع الأسعار»، وسط تأكيدات حكومية متكررة على «توافر مخزون من السلع الأساسية». وهنا يسأل كثر هل تحد التطمينات الرسمية المتكررة من أزمة الغلاء في البلاد؟
وتواجه مصر موجة غلاء عقب انخفاض قيمة الجنيه مقابل الدولار، وبلغ سعر العملة الأميركية 30.50 حتى (مساء الخميس)... وكانت معدلات التضخم في مصر قد بلغت معدلات قياسية هي الأعلى منذ 5 سنوات.
وأكد رئيس مجلس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، في وقت سابق، «اهتمام الدولة المصرية بتوفير السلع الرئيسية للمواطن، بأسعار (عادلة) لتقليل تداعيات الأزمات العالمية على المواطن، خصوصاً مع قرب حلول شهر رمضان».
ووفق وزير التموين والتجارة الداخلية المصري، علي المصيلحي، فإنه «تم تنفيذ استراتيجية شاملة لتوفير السلع الأساسية في مصر قبل حدوث الأزمات العالمية»، لافتاً إلى أنه «تم اعتماد 1.8 مليار دولار لرفع مستوى الاحتياطي الاستراتيجي من السلع».
وأضاف وزير التموين في تصريحات (الخميس) أنه «بفضل التوجيهات الرئاسية قبل حدوث الأزمات، تم وضع استراتيجية لمفهوم توفير السلع الأساسية في مصر، اعتمدت هذه الاستراتيجية على تدبير التمويل اللازم لذلك، حيث تم في أواخر 2017 اعتماد 1.8 مليار دولار لرفع مستوى الاحتياط الاستراتيجي للسلع الأساسية في مصر، وكان لا بد من الحفاظ على مستوى آمن من السلع الاستراتيجية في مصر، وضبط منظومة التوزيع»، مؤكداً أن «ذلك لم يكن ليحدث إلا من خلال مشروعات عملاقة، ومنها مشروع الصوامع لزيادة السعة التخزينية من 1.4 مليون طن في 2014 إلى 3.4 مليون طن سعة، وثم تم اعتماد المرحلة الثانية. وخلال العام المقبل سيضاف 600 ألف طن حتى الوصول إلى 4 ملايين طن سعة تخزينية». وأشار الوزير المصري إلى أنه «تمت إضافة سعات تخزينية إلى مستودعات الزيوت، وبفضلها تم امتصاص الكثير من الصدمات، نظراً لوجود احتياطي استراتيجي من الزيوت».
وأكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، أكثر من مرة، «ضرورة توفير السلع الغذائية للمواطنين». وقال تعليقاً على ارتفاع الأسعار، خلال افتتاح مشروعات جديدة بالإسكندرية، في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، إن «الحكومة حريصة على ألا تنعكس زيادة الأسعار العالمية على المواطن المصري». كما أشار السيسي (الخميس) خلال افتتاحه أحد المشروعات الصناعية في مدينة السادات (شمال غربي القاهرة) إلى «التزام الدولة المصرية بتوفير مخزون استراتيجي من السلع الأساسية»، داعياً إلى «عدم القلق إزاء توافر السلع الأساسية في الأسواق».
في السياق ذاته، أكد رئيس الهيئة القومية لسلامة الغذاء بمصر، طارق الهوبي، أن «مصر في مصاف الدول المعنية بسلامة الغذاء على المستويين الإقليمي والدولي»، متعهداً في تصريحات (الخميس) بـ«العمل بجهد لمواصلة مسيرة سلام الغذاء للمواطن المصري، وتسهيل حركة التجارة، مع ضمان سلام الغذاء لتحقيق أعلى المعدلات من الصادرات، وتعزيز ثقة المستهلك ودور الهيئة الرقابية».
ويرى مراقبون «ضرورة استمرار الرقابة على الأسواق، ومواجهة أي احتكار أو منع للسلع من جانب بعض التجار في البلاد». وتؤكد الحكومة المصرية أنه «لا تهاون مع محتكري السلع الغذائية، ومع مفتعلي الأزمات ورفع الأسعار». وتناشد المواطنين من وقت لآخر بضرورة «الإبلاغ عن المحتكرين».
يأتي هذا في وقت تواصل الحكومة المصرية جهودها لـ«تخفيف حدة أزمة الغلاء، وتوفير السلع الاستهلاكية بأسعار أقل نسبياً، خصوصاً مع اقتراب شهر رمضان»، وذلك عبر منافذ معارض «أهلاً رمضان». وذكرت وزارة التموين المصرية أن «منافذ (أهلاً رمضان) توجد في جميع المحافظات المصرية بنسب تخفيضات تتراوح بين 25 في المائة و30 في المائة، فضلاً عن نشاط منافذ بيع السلع المخفضة، ومعارض الشركة القابضة للصناعات الغذائية بالتعاون مع الغرف التجارية». كما تستمر وزارة التنمية المحلية المصرية «في مبادرة (سند الخير)، لتوفير السلع للمواطنين بأسعار مُخفضة».


مقالات ذات صلة

هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

شمال افريقيا هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

حفلت الجلسة الافتتاحية لـ«الحوار الوطني»، الذي دعا إليه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قبل أكثر من عام، برسائل سياسية حملتها كلمات المتحدثين، ومشاركات أحزاب سياسية وشخصيات معارضة كانت قد توارت عن المشهد السياسي المصري طيلة السنوات الماضية. وأكد مشاركون في «الحوار الوطني» ومراقبون تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، أهمية انطلاق جلسات الحوار، في ظل «قلق مجتمعي حول مستقبل الاقتصاد، وبخاصة مع ارتفاع معدلات التضخم وتسببه في أعباء معيشية متصاعدة»، مؤكدين أن توضيح الحقائق بشفافية كاملة، وتعزيز التواصل بين مؤسسات الدولة والمواطنين «يمثل ضرورة لاحتواء قلق الرأي العام، ودفعه لتقبل الإجراءات الحكومية لمعالجة الأز

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا السيسي يبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي المصري

السيسي يبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي المصري

عقد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، اجتماعاً، أمس (الخميس)، مع كبار قادة القوات المسلحة في مقر القيادة الاستراتيجية بالعاصمة الإدارية الجديدة، لمتابعة دور الجيش في حماية الحدود، وبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي للبلاد. وقال المستشار أحمد فهمي، المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، في إفادة رسمية، إن «الاجتماع تطرق إلى تطورات الأوضاع على الساحتين الإقليمية والدولية، وانعكاساتها على الأمن القومي في ظل الظروف والتحديات الحالية بالمنطقة». وقُبيل الاجتماع تفقد الرئيس المصري الأكاديمية العسكرية المصرية، وعدداً من المنشآت في مقر القيادة الاستراتيجية بالعاصمة الإدارية. وأوضح المتحدث ب

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا مصر: ظاهرة «المقاتلين الأجانب» تهدد أمن واستقرار الدول

مصر: ظاهرة «المقاتلين الأجانب» تهدد أمن واستقرار الدول

قالت مصر إن «استمرار ظاهرة (المقاتلين الأجانب) يهدد أمن واستقرار الدول». وأكدت أن «نشاط التنظيمات (الإرهابية) في أفريقيا أدى لتهديد السلم المجتمعي».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا حادث تصادم بمصر يجدد الحديث عن مخاطر «السرعة الزائدة»

حادث تصادم بمصر يجدد الحديث عن مخاطر «السرعة الزائدة»

جدد حادث تصادم في مصر الحديث بشأن مخاطر «السرعة الزائدة» التي تتسبب في وقوع حوادث سير، لا سيما على الطرق السريعة في البلاد. وأعلنت وزارة الصحة المصرية، (الخميس)، مصرع 17 شخصاً وإصابة 29 آخرين، جراء حادث سير على طريق الخارجة - أسيوط (جنوب القاهرة).

منى أبو النصر (القاهرة)
شمال افريقيا مصريون يساهمون في إغاثة النازحين من السودان

مصريون يساهمون في إغاثة النازحين من السودان

بعد 3 أيام عصيبة أمضتها المسنة السودانية زينب عمر، في معبر «أشكيت» من دون مياه نظيفة أو وجبات مُشبعة، فوجئت لدى وصولها إلى معبر «قسطل» المصري بوجود متطوعين مصريين يقدمون مياهاً وعصائر ووجبات جافة مكونة من «علب فول وتونة وحلاوة وجبن بجانب أكياس الشيبسي»، قبل الدخول إلى المكاتب المصرية وإنهاء إجراءات الدخول المكونة من عدة مراحل؛ من بينها «التفتيش، والجمارك، والجوازات، والحجر الصحي، والكشف الطبي»، والتي تستغرق عادة نحو 3 ساعات. ويسعى المتطوعون المصريون لتخفيف مُعاناة النازحين من السودان وخصوصاً أبناء الخرطوم الفارين من الحرب والسيدات والأطفال والمسنات، بالتعاون مع جمعيات ومؤسسات أهلية مصرية، على


حوادث مرورية متكرّرة تفجع مصريين

الطرق السريعة في مصر (وزارة النقل المصرية)
الطرق السريعة في مصر (وزارة النقل المصرية)
TT

حوادث مرورية متكرّرة تفجع مصريين

الطرق السريعة في مصر (وزارة النقل المصرية)
الطرق السريعة في مصر (وزارة النقل المصرية)

شهدت مناطق متفرقة في مصر حوادث مرورية مفجعة، أخيراً؛ مما أثار تساؤلات حول أسباب تكرارها، في حين رأى خبراء أن «غالبية تلك الحوادث تقع نتيجة لأخطاء من العنصر البشري».

وشهدت مصر، الجمعة، حادثاً أُصيب خلاله نحو 52 شخصاً، إثر انقلاب حافلة (أتوبيس رحلات) على طريق «الجلالة - الزعفرانة» (شمال محافظة البحر الأحمر - جنوب مصر)، قبل توجهها إلى دير الأنبا أنطونيوس بالمحافظة.

وأعلنت وزارة الصحة المصرية «خروج جميع المصابين من المستشفى، بعد تحسّن حالاتهم»، وقالت في إفادة لها، الجمعة، إن «الحادث أسفر عن إصابة 52 راكباً؛ نُقل 31 منهم إلى مستشفى (رأس غارب) التخصصي، في حين تم إسعاف 21 مصاباً آخرين بموقع الحادث».

واحتجزت الأجهزة الأمنية سائق «الحافلة» المتسبّب في الحادث، في حين كلّفت السلطات القضائية لجنة فنية بفحص أسباب وقوع الحادث حول ما إذا كان عطلاً فنياً أم خطأ بشرياً نتيجة للقيادة الخاطئة، حسب وسائل إعلام محلية.

وأعاد انقلاب الحافلة بطريق «الجلالة - الزعفرانة» إلى الأذهان حادث انقلاب حافلة تابعة لجامعة «الجلالة الأهلية»، على الطريق السريع «الجلالة - العين السخنة»، في منتصف شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي؛ مما أدّى إلى وفاة 7 أشخاص، وإصابة نحو 25 آخرين.

وشهدت منطقة الشيخ زايد بمحافظة الجيزة (غرب القاهرة) حادث «دهس» سيارة، دراجةً نارية كان يستقلها عامل «دليفري» (التوصيل المنزلي)؛ مما أدى إلى مقتله.

كما شهدت محافظة الفيوم (جنوب القاهرة) حادث انقلاب سيارة نقل ركاب، الخميس، على الطريق الصحراوي السريع؛ مما أدى إلى إصابة 14 شخصاً.

وأظهرت التحريات الأولية للحادث أن السيارة تعرّضت للانقلاب، نتيجة السرعة الزائدة، وفقدان السائق السيطرة عليها.

وسجّلت إصابات حوادث الطرق في مصر ارتفاعاً بنسبة 27 في المائة، على أساس سنوي، بواقع 71016 إصابة عام 2023، في حين بلغ عدد المتوفين في حوادث الطرق خلال العام نفسه 5861 حالة وفاة، بنسبة انخفاض 24.5 في المائة، وفقاً للنشرة السنوية لنتائج حوادث السيارات والقطارات الصادرة عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء المصري، في شهر مايو (أيار) الماضي.

طريق الجلالة (وزارة النقل المصرية)

وباعتقاد رئيس الجمعية المصرية لرعايا ضحايا الطرق (منظمة مدنية)، سامي مختار، أن «نحو 80 في المائة من حوادث الطرق يحدّث نتيجة لأخطاء من العنصر البشري»، مشيراً إلى أن «تكرار الحوادث المرورية يستوجب مزيداً من الاهتمام من جهات حكومية؛ للحد من وقوعها، وتعزيز السلامة على الطرق».

ودعا مختار، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، إلى «ضرورة تكثيف حملات التوعية بالسلامة المرورية، لجميع مستخدمي الطرق، من سائقي السيارات والركاب»، قائلاً إن حملات التوعية يجب أن تشمل «التعريف بقواعد وآداب السير على الطرق، وإجراءات السلامة، والكشف على تعاطي المخدرات للسائقين في أثناء السير»، ومشدداً على ضرورة «تكثيف حملات الرقابة بخصوص تعاطي المخدرات في أثناء القيادة».

ولقي حادث انقلاب حافلة طريق «الجلالة» تفاعلاً من رواد منصات التواصل الاجتماعي في مصر؛ حيث دعوا إلى «مراجعة الحالة الفنية للطريق، بعد تكرار حوادث انقلاب حافلات الركاب عليه».

بينما يستبعد أستاذ هندسة الطرق بجامعة عين شمس، حسن مهدي، فرضية أن يكون وقوع الحوادث بسبب الحالة الفنية للطريق، مرجعاً ذلك إلى «عدم تكرار الحوادث في مكان واحد على الطريق»، ومشيراً إلى أن «وقوع الحوادث المرورية في مناطق متفرقة يعني أن السبب قد يكون فنياً؛ بسبب (المركبة)، أو لخطأ بشري من السائق».

وأشار مهدي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، إلى ضرورة «تطبيق منظومة النقل الذكي، للحد من الحوادث، خصوصاً على الطرق السريعة»، مضيفاً أن «التوسع في المراقبة الذكية لحركة السير سيقلّل من الأخطاء، ويُسهم في التزام السائقين بإجراءات السلامة في أثناء القيادة»، وموضحاً أن «مشروع قانون المرور الجديد، المعروض أمام البرلمان ينص على تطبيق هذه المنظومة بشكل موسع».

وتضع الحكومة المصرية «قانون المرور الجديد» ضمن أولوياتها في الأجندة التشريعية لدور الانعقاد الحالي للبرلمان، وناقش مجلس النواب، في شهر أكتوبر الماضي «بعض التعديلات على قانون المرور، تضمّنت عقوبات مغلظة على مخالفات السير، والقيادة دون ترخيص».