البنزين اللبناني «المهرّب» يغرق دمشق أمام أعين السلطات

«الشرق الأوسط» تجولت جنوب دمشق حيث غالبية أصحاب البسطات عناصر عسكرية وأمنية

البنزين اللبناني المهرَّب يباع تحت جسر المتحلق الجنوبي في دمشق (الشرق الأوسط)
البنزين اللبناني المهرَّب يباع تحت جسر المتحلق الجنوبي في دمشق (الشرق الأوسط)
TT

البنزين اللبناني «المهرّب» يغرق دمشق أمام أعين السلطات

البنزين اللبناني المهرَّب يباع تحت جسر المتحلق الجنوبي في دمشق (الشرق الأوسط)
البنزين اللبناني المهرَّب يباع تحت جسر المتحلق الجنوبي في دمشق (الشرق الأوسط)

تنتشر بسطات بيع البنزين اللبناني المهرَّب علناً وبكثافة في طرقات دمشق الرئيسية وشوارعها وأسواقها، بحيث باتت شبيهة بأسواق بيع الخضراوات والمواد الغذائية وغيرها، وسط غضّ الطرف من السلطات.
ويلفت الانتباه منذ فترة على الطرق الدولية دمشق - عمان، دمشق - بيروت، دمشق - حمص، وصولاً إلى شوارع العاصمة السورية الفرعية وجاداتها وأسواقها، وجود عدد كبير من بسطات بيع البنزين اللبناني المهرَّب، وهو ذو لون بنفسجي ومعبَّأ في عبوات شفافة ذات سعات مختلفة تتراوح بين 10 لترات و4 لترات ولترين ولتر واحد.
«الشرق الأوسط»، وخلال جولة على مقطع الطريق الدولي دمشق - عمان في منطقة «نهر عيشة» جنوب دمشق، شهدت عدداً كبيراً من البسطات لا تتجاوز المسافة التي تفصل بينها 50 متراً، وبعضها قريب من حواجز للجيش النظامي والقوى الأمنية.
ولاحظنا أن غالبية أصحاب البسطات يقفون خلفها بانتظار الزبائن من أصحاب السيارات أو المارّة، لكن اللافت أن بعضها يبدو خالياً من الباعة الذين يظهرون بمجرد توقف زبون أمام البسطة.
مصدر محلي من السكان يوضح، لـ«الشرق الأوسط»، أن غالبية أصحاب البسطات هم من عناصر الجيش وأجهزة الأمن «هم من سكان المنطقة، ومعظمهم يرتدون بزّات عسكرية، كما ترى، من أجل عدم مخالفتهم، فهم يمنّون على النظام أنهم دافعوا عنه ولا يجرؤ أحد على مخالفتهم».
أصحاب البسطات لا تنقصهم الحنكة لإغراء الزبون وجعله يتردد عليهم في المرات التالية، إذ يساعدون في إفراغ العبوة في خزان سيارته عبر خراطيم يحتفظون بها، وبعضهم يحتفظ بـ«جراب نسائي» شفاف يضعه على فوهة الخزان للحيلولة دون نزول شوائب.
ووفق مشاهدات «الشرق الأوسط»، يبلغ سعر العبوة الواحدة سعة 10 لترات، 85 ألف ليرة سورية (أكثر من 12 دولاراً)، والدولار الأميركي يساوي حالياً أكثر من 7 آلاف ليرة سورية، ويزداد سعر اللتر الواحد كلما قلّت الكمية، إذ يبلغ سعر العبوة 4 لترات ما بين 9000 - 9500، وعبوة اللترين 10 آلاف، وعبوة اللتر الواحد ما بين 10 - 12 ألفًا، فيما يصل سعر صفيحة البنزين (أوكتان 95) في لبنان إلى نحو 20 دولاراً؛ أي أن 10 لترات ثمنها 10 دولارات.
المشهد نفسه يتكرر في منطقة «الزاهرة» جنوب دمشق، وتحديداً في طريق تحت جسر المتحلق الجنوبي، لكن انتشار البسطات أقل مما هو عليه في طريق دمشق - عمان.

طرق التهريب
صاحب بسطة اتخذ منها وسيلة لتأمين قُوت عائلته اليومي، كان يجلس على بُعد أمتار معدودة منها، تردَّد بالكلام لـ«الشرق الأوسط»، وبعد إلحاحٍ وطمأنته، تحدَّث عن مصادر وصول البنزين اللبناني، وهي سيارات نقل الركاب العاملة على خط دمشق - بيروت، عناصر في الجيش وعناصر في «المخابرات» بعضهم غير معروف طبيعة عمله «كلهم يعرضون علينا الشراء، وعندما يناسبنا السعر نشتري».
المتحدث الذي أراد أن يُنهي الحديث بأقصى سرعة؛ خوفاً من أن يسمعه أحد، أوضح أن حجم ما يكسبه من بيع البنزين اللبناني يرتفع كلما اشتدّت أزمة المحروقات في سوريا «حالياً المرابح تراجعت لأن الإقبال على البسطات خفيف، ولكن الأمور مستورة».
ووفق قول صاحب البسطة، فإن الإقبال على شراء عبوات الـ4 و2 و1 ورغم ارتفاع ثمنها «أكثر» من الإقبال على عبوات الـ10 لترات؛ «لأن معظم أصحاب السيارات يتوقفون عندنا مع نفاد البنزين من السيارة، فيشترون كميات قليلة لتمشية حالهم ريثما تصلهم رسالة التسلم. أيضاً أصحاب محالّ تجارية ومنازل يشترون كميات قليلة لتشغيل المولدات الكهربائية، ومثلهم أيضاً أصحاب الدراجات النارية. مكاسبنا في العبوات الصغيرة أكثر من العبوات الكبيرة».

طريق دمشق - بيروت
وقد وصف شهود عيان، لـ«الشرق الأوسط»، انتشار بسطات البنزين اللبناني المهرَّب عند بداية طريق دمشق - بيروت في منطقة السومرية، بقولهم «حدِّث ولا حرج، صارت أكثر من بسطات الدخان، فمعظم سكان المنطقة عناصر في الجيش والمخابرات»؛ في إشارة إلى أن عددها يفوق ما هي عليه في طريق دمشق - عمان وتحت الجسر المتحلق الجنوبي في حي الزاهرة.
لكن الأمر لا يقتصر على الطرق الدولية السريعة، فحتى في أسواق الخضراوات الشعبية وفي أحياء محيطة بدمشق، باتت بسطات بيع البنزين اللبناني المهرَّب تنتشر، لكن معظم المعروض عبوات ذات سعات 4 لترات ولترين ولتر واحد.
يُذكر أن السعر الرسمي لمادة البنزين الممتاز (أوكتان 90) المدعوم في سوريا، والذي يجري تسلمه عبر «البطاقة الذكية»، هو 3 آلاف ليرة سورية للتر الواحد، و(أوكتان 90) «الحر» 4900 ليرة للتر، و(أوكتان 95) 5300.
وخلال أزمة المحروقات الحالية التي عصفت بمناطق سيطرة النظام، منذ مطلع ديسمبر (كانون الأول) الماضي، والتي تُعدّ الأقسى منذ سنوات، نشطت السوق السوداء بشكل كبير حتى وصل سعر لتر البنزين إلى أكثر من 15 ألف ليرة سورية، لكنه تراجع مؤخراً إلى 8 آلاف بعد أن خفّت الأزمة نسبياً، حيث تقلصت فترة تسلم رسالة مخصصات المدعوم (25 لتراً) عبر «البطاقة الذكية» من 23 يوماً إلى 12 يوماً للسيارات الخاصة، ومن 30 يوماً إلى 20 يوماً للحرّ.
تجدر الإشارة إلى أنه وبعد اندلاع الأزمة، تحدّث عدد من التقارير الصحفية عن انتعاش عمليات تهريب البنزين اللبناني إلى مناطق النظام السوري عبر المنافذ الحدودية، من خلال معابر غير شرعية بين البلدين، خصوصاً في محافظة حمص وسط سوريا.


مقالات ذات صلة

أبو الغيط: لا أعلم إن كانت سوريا ستعود للجامعة

أبو الغيط: لا أعلم إن كانت سوريا ستعود للجامعة

أبو الغيط: لا أعلم إن كانت سوريا ستعود للجامعة

قال الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، إنَّه «لا يعلم ما إذا كانت سوريا ستعود إلى الجامعة العربية أم لا»، وإنَّه «لم يتسلَّم بصفته أميناً عاماً للجامعة أي خطابات تفيد بعقد اجتماع استثنائي لمناقشة الأمر».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شؤون إقليمية سوريا وإيران: اتفاق استراتيجي طويل الأمد

سوريا وإيران: اتفاق استراتيجي طويل الأمد

استهلَّ الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، أمس، زيارة لدمشق تدوم يومين بالإشادة بما وصفه «الانتصارات الكبيرة» التي حقَّقها حكم الرئيس بشار الأسد ضد معارضيه. وفي خطوة تكرّس التحالف التقليدي بين البلدين، وقّع رئيسي والأسد اتفاقاً «استراتيجياً» طويل الأمد. وزيارة رئيسي للعاصمة السورية هي الأولى لرئيس إيراني منذ عام 2010، عندما زارها الرئيس الأسبق محمود أحمدي نجاد، قبل شهور من بدء احتجاجات شعبية ضد النظام. وقال رئيسي، خلال محادثات موسَّعة مع الأسد، إنَّه يبارك «الانتصارات الكبيرة التي حققتموها (سوريا) حكومة وشعباً»، مضيفاً: «حقَّقتم الانتصار رغم التهديدات والعقوبات التي فرضت ضدكم».

«الشرق الأوسط» (دمشق)
العالم العربي أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

استبقت تركيا انعقاد الاجتماع الرباعي لوزراء خارجيتها وروسيا وإيران وسوريا في موسكو في 10 مايو (أيار) الحالي في إطار تطبيع مسار العلاقات مع دمشق، بمطالبتها نظام الرئيس بشار الأسد بإعلان موقف واضح من حزب «العمال الكردستاني» والتنظيمات التابعة له والعودة الطوعية للاجئين والمضي في العملية السياسية.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
العالم العربي درعا على موعد مع تسويات جديدة

درعا على موعد مع تسويات جديدة

أجرت اللجنة الأمنية التابعة للنظام السوري في محافظة درعا (جنوب سوريا) اجتماعات عدة خلال الأيام القليلة الماضية، آخرها أول من أمس (الأربعاء)، في مقر الفرقة التاسعة العسكرية بمدينة الصنمين بريف درعا الشمالي، حضرها وجهاء ومخاتير ومفاوضون من المناطق الخاضعة لاتفاق التسوية سابقاً وقادة من اللواء الثامن المدعوم من قاعدة حميميم الأميركية. مصدر مقرب من لجان التفاوض بريف درعا الغربي قال لـ«الشرق الأوسط»: «قبل أيام دعت اللجنة الأمنية التابعة للنظام السوري في محافظة درعا، ممثلةً بمسؤول جهاز الأمن العسكري في درعا، العميد لؤي العلي، ومحافظ درعا، لؤي خريطة، ومسؤول اللجنة الأمنية في درعا، اللواء مفيد حسن، عد

رياض الزين (درعا)
شمال افريقيا مشاورات مصرية مع 6 دول عربية بشأن سوريا والسودان

مشاورات مصرية مع 6 دول عربية بشأن سوريا والسودان

أجرى وزير الخارجية المصري سامح شكري اتصالات هاتفية مع نظرائه في 6 دول عربية؛ للإعداد للاجتماع الاستثنائي لوزراء الخارجية العرب بشأن سوريا والسودان، المقرر عقده، يوم الأحد المقبل. وقال المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية، السفير أحمد أبو زيد، في إفادة رسمية، الخميس، إن شكري أجرى اتصالات هاتفية، على مدار يومي الأربعاء والخميس، مع كل من وزير خارجية السودان علي الصادق، ووزير خارجية السعودية فيصل بن فرحان، ووزير خارجية العراق فؤاد محمد حسين، ووزير خارجية الجزائر أحمد عطاف، ووزير خارجية الأردن أيمن الصفدي، ووزير خارجية جيبوتي محمود علي يوسف. وأضاف أن «الاتصالات مع الوزراء العرب تأتي في إطار ا

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
TT

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)

شيّعت الجماعة الحوثية خلال الأسبوع الماضي أكثر من 15 قتيلاً من قيادييها العسكريين والأمنيين من دون إعلان ملابسات سقوطهم. ورغم توقف المعارك العسكرية مع القوات الحكومية اليمنية في مختلف الجبهات؛ فإن النزيف البشري المستمر لقياداتها وعناصرها يثير التساؤلات عن أسبابه، بالتزامن مع مقتل العديد من القادة في خلافات شخصية واعتداءات على السكان.

ولقي قيادي بارز في صفوف الجماعة مصرعه، الأحد، في محافظة الجوف شمال شرقي العاصمة صنعاء في كمين نصبه مسلحون محليون انتقاماً لمقتل أحد أقاربهم، وذلك بعد أيام من مقتل قيادي آخر في صنعاء الخاضعة لسيطرة الجماعة، في خلاف قضائي.

وذكرت مصادر قبلية في محافظة الجوف أن القيادي الحوثي البارز المُكنى أبو كمال الجبلي لقي مصرعه على يد أحد المسلحين القبليين، ثأراً لمقتل أحد أقاربه الذي قُتل في عملية مداهمة على أحد أحياء قبيلة آل نوف، التي ينتمي إليها المسلح، نفذها القيادي الحوثي منذ أشهر، بغرض إجبار الأهالي على دفع إتاوات.

من فعالية تشييع أحد قتلى الجماعة الحوثية في محافظة حجة دون الإعلان عن سبب مقتله (إعلام حوثي)

ويتهم سكان الجوف القيادي القتيل بممارسات خطيرة نتج عنها مقتل عدد من أهالي المحافظة والمسافرين وسائقي الشاحنات في طرقاتها الصحراوية واختطاف وتعذيب العديد منهم، حيث يتهمونه بأنه كان «يقود مسلحين تابعين للجماعة لمزاولة أعمال فرض الجبايات على المركبات المقبلة من المحافظات التي تسيطر عليها الحكومة، وتضمنت ممارساته الاختطاف والتعذيب والابتزاز وطلب الفدية من أقارب المختطفين أو جهات أعمالهم».

وتقول المصادر إن الجبلي كان يعدّ مطلوباً من القوات الحكومية اليمنية نتيجة ممارساته، في حين كانت عدة قبائل تتوعد بالانتقام منه لما تسبب فيه من تضييق عليها.

وشهدت محافظة الجوف مطلع هذا الشهر اغتيال قيادي في الجماعة، يُكنى أبو علي، مع أحد مرافقيه، في سوق شعبي بعد هجوم مسلحين قبليين عليه، انتقاماً لأحد أقاربهم الذي قُتِل قبل ذلك في حادثة يُتهم أبو علي بالوقوف خلفها.

في الآونة الأخيرة تتجنب الجماعة الحوثية نشر صور فعاليات تشييع قتلاها في العاصمة صنعاء (إعلام حوثي)

وتلفت مصادر محلية في المحافظة إلى أن المسلحين الذين اغتالوا أبو علي يوالون الجماعة الحوثية التي لم تتخذ إجراءات بحقهم، مرجحة أن تكون عملية الاغتيال جزءاً من أعمال تصفية الحسابات داخلياً.

قتل داخل السجن

وفي العاصمة صنعاء التي تسيطر عليها الجماعة الحوثية منذ أكثر من 10 سنوات، كشفت مصادر محلية مطلعة عن مقتل القيادي الحوثي البارز عبد الله الحسني، داخل أحد السجون التابعة للجماعة على يد أحد السكان المسلحين الذي اقتحم السجن الذي يديره الحسني بعد خلاف معه.

وتشير المصادر إلى أن الحسني استغل نفوذه للإفراج عن سجين كان محتجزاً على ذمة خلاف ينظره قضاة حوثيون، مع المتهم بقتل الحسني بعد مشادة بينهما إثر الإفراج عن السجين.

وكان الحسني يشغل منصب مساعد قائد ما يسمى بـ«الأمن المركزي» التابع للجماعة الحوثية التي ألقت القبض على قاتله، ويرجح أن تجري معاقبته قريباً.

وأعلنت الجماعة، السبت الماضي، تشييع سبعة من قياداتها دفعة واحدة، إلى جانب ثمانية آخرين جرى تشييعهم في أيام متفرقة خلال أسبوع، وقالت إنهم جميعاً قتلوا خلال اشتباكات مسلحة مع القوات الحكومية، دون الإشارة إلى أماكن مقتلهم، وتجنبت نشر صور لفعاليات التشييع الجماعية.

جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

ويزيد عدد القادة الذين أعلنت الجماعة الحوثية عن تشييعهم خلال الشهر الجاري عن 25 قيادياً، في الوقت الذي تشهد مختلف جبهات المواجهة بينها وبين القوات الحكومية هدوءاً مستمراً منذ أكثر من عامين ونصف.

ورعت الأمم المتحدة هدنة بين الطرفين في أبريل (نيسان) من العام قبل الماضي، ورغم أنها انتهت بعد ستة أشهر بسبب رفض الجماعة الحوثية تمديدها؛ فإن الهدوء استمر في مختلف مناطق التماس طوال الأشهر الماضية، سوى بعض الاشتباكات المحدودة على فترات متقطعة دون حدوث أي تقدم لطرف على حساب الآخر.

قتلى بلا حرب

وأقدمت الجماعة الحوثية، أخيراً، على تحويل جدران سور مستشفى الثورة العام بصنعاء، وهو أكبر مستشفيات البلاد، إلى معرض لصور قتلاها في الحرب، ومنعت المرور من جوار السور للحفاظ على الصور من الطمس، في إجراء أثار حفيظة وتذمر السكان.

وتسبب المعرض في التضييق على مرور المشاة والسيارات، وحدوث زحام غير معتاد بجوار المستشفى، ويشكو المرضى من صعوبة وصولهم إلى المستشفى منذ افتتاح المعرض.

ويتوقع مراقبون لأحوال الجماعة الحوثية أن يكون هذا العدد الكبير من القيادات التي يجري تشييعها راجعاً إلى عدة عوامل، منها مقتل عدد منهم في أعمال الجباية وفرض النفوذ داخل مناطق سيطرة الجماعة، حيث يضطر العديد من السكان إلى مواجهة تلك الأعمال بالسلاح، ولا يكاد يمرّ أسبوع دون حدوث مثل هذه المواجهات.

ترجيحات سقوط عدد كبير من القادة الحوثيين بغارات الطيران الأميركي والبريطاني (رويترز)

ويرجح أن يكون عدد من هؤلاء القادة سقطوا بقصف الطيران الحربي للولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا اللتين شكلتا منذ قرابة عام تحالفاً عسكرياً للرد على استهداف الجماعة الحوثية للسفن التجارية وطرق الملاحة في البحر الأحمر، وتنفذان منذ ذلك الحين غارات جوية متقطعة على مواقع الجماعة.

كما تذهب بعض الترجيحات إلى تصاعد أعمال تصفية الحسابات ضمن صراع وتنافس الأجنحة الحوثية على النفوذ والثروات المنهوبة والفساد، خصوصاً مع توقف المعارك العسكرية، ما يغري عدداً كبيراً من القيادات العسكرية الميدانية بالالتفات إلى ممارسات نظيرتها داخل مناطق السيطرة والمكاسب الشخصية التي تحققها من خلال سيطرتها على أجهزة ومؤسسات الدولة.

وبدأت الجماعة الحوثية خلال الأسابيع الماضية إجراءات دمج وتقليص عدد من مؤسسات وأجهزة الدولة الخاضعة لسيطرتها، في مساعِ لمزيد من النفوذ والسيطرة عليها، والتخفيف من التزاماتها تجاه السكان بحسب المراقبين.