برلمان أثينا يتبنى الشق الثاني من الإجراءات التي يطالب بها الدائنون

توقعات بانزلاق الاقتصاد اليوناني إلى الركود هذا العام

محتج أمام البرلمان اليوناني ( أ ف ب)
محتج أمام البرلمان اليوناني ( أ ف ب)
TT

برلمان أثينا يتبنى الشق الثاني من الإجراءات التي يطالب بها الدائنون

محتج أمام البرلمان اليوناني ( أ ف ب)
محتج أمام البرلمان اليوناني ( أ ف ب)

تبنى البرلمان اليوناني ليل الأربعاء الخميس الشق الثاني من تدابير تطالب بها الجهات الدائنة التي عبرت عن ارتياحها لهذا التصويت، مما يفسح المجال أمام حصول البلاد على خطة مساعدة مالية ثالثة.
وكتبت الناطقة باسم المفوضية الأوروبية مينا ادريفا على حسابها على تويتر أن «التقييم الأول للمفوضية الأوروبية والبنك المركزي الأوروبي وصندوق النقد الدولي هو أن السلطات اليونانية طبقت الشق الثاني من الإجراءات في الوقت المناسب وبشكل مرض بشكل عام».
وكانت الخسارة السياسية محدودة لرئيس الحكومة ألكسيس تسيبراس في هذا التصويت العاجل الثاني في غضون أسبوع مع تبني إصلاح القضاء المدني وتطبيق التوجيهات الأوروبية الخاصة بضمان الودائع المصرفية حتى 100 ألف يورو.
وتبنى 230 نائبا من أصل 298 حضروا الجلسة الإجراءات الجديدة وعارضها 63 نائبا وامتنع خمسة عن التصويت.
وفي الإجمال، فإن 31 نائبا من حزب سيريزا اليساري الراديكالي الذي ينتمي إليه تسيبراس صوتوا ضد الإصلاح، في مقابل 32 الأسبوع الماضي بينما امتنع خمسة عن التصويت.
وبحسب وكالة الصحافة الفرنسية يعود الفضل في هذا الفارق البسيط إلى التحول غير المتوقع في موقف وزير المالية السابق يانيس فاروفاكيس الذي صوت ضد زيادة الضرائب الأربعاء الماضي، وعاد وصوت لصالح الإجراءات الجديدة ليل الأربعاء الخميس.
ومع أن تسيبراس لا يزال رئيسا للحكومة فإنه فقد غالبيته البرلمانية واضطر مرة أخرى إلى الاعتماد على المعارضة اليمينية والاشتراكية علما بأن مجموع مقاعد سيريزا وحزب اليونانيين المستقلين شريكه في الائتلاف الحكومي هي 162 مقعدا من أصل 300.
وتشترط الجهات الدائنة لليونان (الاتحاد الأوروبي والمصرف المركزي الأوروبي وصندوق النقد الدولي) إقرار هذه الإجراءات قبل بدء المفاوضات حول شروط خطة مساعدة ثالثة إلى اليونان بقيمة 80 مليار يورو تم الاتفاق عليها من حيث المبدأ في اللحظة الأخيرة في 13 يوليو (تموز).
ويفترض أن يصل ممثلو الجهات الدائنة إلى أثينا في الأيام المقبلة. وأعلن المفوض الأوروبي المكلف الشؤون الاقتصادية بيار موسكوفيسي الأربعاء أن بروكسل تامل التوصل إلى اتفاق بحلول «منتصف أغسطس (آب)».
من جهته، توقع صندوق النقد الدولي أن تكون هذه المفاوضات «صعبة»، معتبرا أنها تتطلب التزاما «عمليا» مسبقا من الأوروبيين بتخفيف دين البلاد.
وقال الناطق باسم الصندوق جيري رايس إن «الطريق يبدو صعبا بشكل واضح ولسنا سوى في بداية العملية». وأضاف أن المشاركة المقبلة في صندوق إنقاذ اليونان «ستكون مرتبطة» بنتائج المفاوضات حول الإصلاحات والدين.
وتابع رايس «بشأن تخفيف الدين نحتاج إلى التزام دقيق وعملي من قبل الأوروبيين». ويشترط الصندوق الذي يشارك في خطط مساعدة اليونان منذ 2010. أن يخفض الأوروبيون دين اليونان الذي يبلغ نحو 180 في المائة من إجمالي الناتج الداخلي.
ويتعين على اليونان أن تسدد 3.19 مليار يورو إلى المصرف المركزي الأوروبي في 20 أغسطس و1.5 مليار يورو إلى صندوق النقد الدولي في سبتمبر (أيلول).
ودعا تسيبراس خلال نقاش استمر أكثر من خمس ساعات في مجلس النواب وانتهى قرابة الساعة 04.00 (01.00 تغ) النواب إلى «التكيف مع الواقع الجديد» وإلى التصويت على الشق الثاني من الإجراءات. إلا أنه شدد على تصميمه بذل كل الجهود لتحسين شروط الاتفاق واستبعد «التخلي طوعا» عن الحكومة حيث يشكل وجود اليسار فيها «معقلا للدفاع عن مصالح الشعب».
وتجمع قرابة ستة آلاف متظاهر أمام البرلمان في المساء وهتفوا أن «الحكومة لم تعد تصغي إلى الشعب».
وقام تسيبراس بعد التصويت الأسبوع الماضي بتبديل حكومي مستبعدا خصوصا الوزراء الذين رفضوا إقرار الإجراءات الأولى التي تناقض كل الوعود التي قام بها سيريزا للناخبين عند وصوله إلى السلطة في يناير (كانون الثاني).
وأقرت المتحدثة باسم الحكومة أولغا يروفاسيلي قبل التصويت بأنه إذا استمر هذا الانقسام داخل اليسار «ربما سيكون من المستحيل الاستمرار».
وأعلنت بعد التصويت أن «الثمن كان واضحا على صعيد الغالبية البرلمانية»، مما أحدث «مشكلة سياسية»، إلا أنها أضافت أن «الإجراءات المقررة سيتم تطبيقها لمواجهة الوضع»، دون إيضاح.
وأظهر استطلاع للرأي نشر الأسبوع الماضي أن ثلثي الناخبين لا يزالون يعتبرون تسيبراس الأفضل لقيادة البلاد.
كما أن حزبه لا يزال يتصدر نوايا التصويت في حال أجريت انتخابات تشريعية مبكرة يرى الكثير من النواب والمحللين أن لا مفر منها.
من جهة أخرى صرح مسؤول حكومي يوناني بأن ممثلين عن المؤسسات الدائنة لليونان سيلتقون غدا في أثينا لإجراء مفاوضات رسمية حول خطة إنقاذ جديدة، وذلك بعد تمرير البرلمان مشروعي قوانين للإصلاح.
وأعلن مفوض الشؤون الاقتصادية بالاتحاد الأوروبي بيير موسكوفيتشي أمس انطلاق المفاوضات، إلا أنه يبدو أنه لم تعقد أي لقاءات مباشرة بين المفاوضين.
وقال المسؤول الحكومي إن المفاوضين يأملون في استكمال مذكرة الخطة قبل الثامن عشر من أغسطس. ومن المتوقع استكمال المحادثات التقنية قبل الثاني عشر من أغسطس.
وكانت مفاوضات الإنقاذ السابقة تجري بين اليونان والمفوضية الأوروبية والمركزي الأوروبي وصندوق النقد الدولي. وانضم مؤخرا صندوق إنقاذ منطقة اليورو «آلية الاستقرار الأوروبية» للمفاوضات.
من ناحية أخرى تخلت مؤسسة اي.أو.بي.اي اليونانية للأبحاث عن توقعات سابقة بأن يحقق الاقتصاد نموا متواضعا هذا العام وتوقعت بدلا من ذلك انزلاق الاقتصاد إلى الركود مجددا إذ أثرت قيود على رأس المال فرضت الشهر الماضي بشدة على الاستهلاك والاستثمار والصادرات.
وفي تقرير فصلي نشر أمس الخميس توقعت اي.أو.بي.اي انكماش الاقتصاد بين 0.‏2 و5.‏2 في المائة هذا العام انخفاضا من توقعات سابقة في أبريل (نيسان) بانكماش قدره 0.‏1 في المائة.
وأضاف التقرير أن توقف البنوك عن العمل ثلاثة أسابيع والقيود الرأسمالية التي فرضتها الحكومة لتفادي انهيار النظام المصرفي اليوناني في نهاية يونيو (حزيران) ستقوض استهلاك الأسر والاستثمارات والصادرات والسياحة.
وقال: «الاضطرابات الأخيرة في النظام البنكي وتأثيرها على كفاية رأس المال فضلا عن انتظار نتيجة المفاوضات على برنامج جديد ستكون السبب الرئيسي لتوقف معظم الاستثمارات في النصف الثاني من 2015».
ونما الاقتصاد اليوناني 7.‏0 في المائة العام الماضي بعد ست سنوات من الركود. لكنه عاد للانكماش من جديد في الربع الأول بنسبة 2.‏0 في المائة إذ كبحت التوترات السياسية ومفاوضات الإنقاذ الطويلة مع المقرضين الانتعاش الهش.



مصر تقر زيادة حصتها في صندوق النقد 50 %

معبد الأقصر جنوب مصر مضاء ليلاً (أ.ف.ب)
معبد الأقصر جنوب مصر مضاء ليلاً (أ.ف.ب)
TT

مصر تقر زيادة حصتها في صندوق النقد 50 %

معبد الأقصر جنوب مصر مضاء ليلاً (أ.ف.ب)
معبد الأقصر جنوب مصر مضاء ليلاً (أ.ف.ب)

نشرت الجريدة الرسمية في مصر قرار الرئيس عبد الفتاح السيسي، بشأن الموافقة على زيادة حصة البلاد في صندوق النقد الدولي بنسبة 50 في المائة. كما نص القرار على أن الزيادة في الحصة لن تصبح سارية إلا بعد استيفاء شروط التصديق، رابطاً ذلك بموافقة جميع الدول الأعضاء في الصندوق على زيادة حصصهم.

وحسب مراقبين، تهدف زيادة الحصة إلى تعزيز الموارد المتاحة لصندوق النقد لدعم السياسات الاقتصادية والمالية للدول الأعضاء. كما أنها تزيد من القوة التصويتية لمصر في الصندوق.

ويرتبط القرار بالمراجعة العامة الـ16 للحصص، التي تشمل زيادات في حصص الدول الأعضاء، والتي تعتمد على الموافقة الكتابية للدول المشاركة والالتزام بالشروط المالية المحددة. علماً أن نحو 97 في المائة من الدول الأعضاء توافق على الزيادة.

كان مجلس النواب قد وافق في جلسة عامة في 7 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، على زيادة حصة مصر في الصندوق بنسبة 50 في المائة. ومن المقرر أن تقوم مصر بإتمام الإجراءات المالية اللازمة لدفع الزيادة في حصتها، والتي ستتم في إطار الزمان المحدد في القرار، حسبما أوضح مسؤولون مصريون.

وأعلن صندوق النقد الشهر الماضي التوصل إلى اتفاق على مستوى الخبراء مع مصر بشأن المراجعة الرابعة لاتفاق تسهيل الصندوق الممدد الذي يستمر 46 شهراً، وهو ما قد يتيح صرف شريحة جديدة تبلغ 1.2 مليار دولار. وقال وزير المالية المصري أحمد كوجك، قبل أيام إن مصر ستحصل على الشريحة هذا الشهر، نافياً طلب مصر توسيع القرض البالغة قيمته 8 مليارات دولار مرة أخرى.

وفي تصريحات إعلامية، أعرب كوجك عن قلقه من حجم الدين الخارجي الذي يتخطى 152 مليار دولار، وأكد تعهد الحكومة بخفضه بما يعادل نحو ملياري دولار سنوياً مع السداد بأكثر من قيمة الاقتراض.

في سياق منفصل، أفادت بيانات من الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في مصر بأن التضخم السنوي لأسعار المستهلكين في المدن المصرية تراجع إلى 24.1 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، من 25.5 في المائة في نوفمبر (تشرين الثاني). وهذا هو أدنى مستوى في عامين، ويتماشى ذلك مع ما خلص إليه استطلاع رأي أجرته «رويترز»، وذلك في ظل استمرار تراجع أسعار المواد الغذائية.

وعلى أساس شهري، ارتفعت الأسعار في المدن المصرية 0.2 في المائة، مقارنةً مع 0.5 في المائة في نوفمبر. وانخفضت أسعار المواد الغذائية بنسبة 1.5 في المائة في ديسمبر بعد انخفاضها بنسبة 2.8 في المائة في نوفمبر، مما جعلها أعلى بنسبة 20.3 في المائة مما كانت عليه قبل عام.

وارتفع التضخم في أغسطس (آب) وسبتمبر (أيلول) وأكتوبر (تشرين الأول)، لكنه انخفض في نوفمبر وظل أقل بكثير من أعلى مستوى له على الإطلاق عند 38 في المائة الذي سجله في سبتمبر 2023.

وساعد النمو السريع في المعروض النقدي لمصر على زيادة التضخم. وأظهرت بيانات البنك المركزي أن المعروض النقدي (ن2) نما 29.06 في المائة في العام المنتهي في آخر نوفمبر، وهو ما يقل قليلاً عن أعلى مستوى على الإطلاق البالغ 29.59 في المائة المسجل في العام المنتهي بنهاية سبتمبر.

وبدأ التضخم في الارتفاع بشكل كبير عام 2022 عقب الغزو الروسي لأوكرانيا، وهو ما دفع المستثمرين الأجانب إلى سحب مليارات الدولارات من أسواق الخزانة المصرية. وسجل التضخم ذروته عند 38 في المائة في سبتمبر 2023، وكان أدنى مستوى له منذ ذلك الحين عندما سجل 21.27 في المائة في ديسمبر 2022.

ووقَّعت مصر في مارس (آذار) الماضي على حزمة دعم مالي مع صندوق النقد الدولي بهدف مساعدتها على تقليص عجز الميزانية وتبني سياسة نقدية أقل تأجيجاً للتضخم، لكنَّ الحزمة تُلزم الحكومة بخفض الدعم على بعض السلع المحلية، وهو ما يؤدي إلى ارتفاع أسعارها.

ومعدلات التضخم من أهم النقاط التي تراعيها لجنة السياسات النقدية بالبنك المركزي المصري عندما تجتمع لاتخاذ قرارات أسعار الفائدة.

وتتوقع اللجنة استمرار هذا الاتجاه، إذ قالت في محضر آخر اجتماعاتها في 2024: «تشير التوقعات إلى أن التضخم سيتراجع بشكل ملحوظ بدءاً من الربع الأول من عام 2025، مع تحقق الأثر التراكمي لقرارات التشديد النقدي والأثر الإيجابي لفترة الأساس، وسوف يقترب من تسجيل أرقام أحادية بحلول النصف الثاني من عام 2026».

كانت اللجنة قد ثبَّتت أسعار الفائدة في اجتماعاتها الستة الأحدث، إذ لم تغيرها منذ أن رفعتها 600 نقطة أساس في اجتماع استثنائي خلال مارس في إطار اتفاق قرض تمت زيادة حجمه إلى 8 مليارات دولار مع صندوق النقد الدولي. وكان هذا الرفع قد جاء بعد زيادة بلغت 200 نقطة أساس أول فبراير (شباط).