عبّر سياسيون وأكاديميون ليبيون عن رفضهم لما وصفوه بإنفاق حكومة «الوحدة» المؤقتة برئاسة عبد الحميد الدبيبة، على «الاحتفالات الوطنية» بـ«إسراف وبذخ»، يأتي ذلك استباقاً لمعلومات متداولة غير رسمية، عن التعاقد مع مطربة عربية شهيرة لإحياء مناسبة الذكرى الثانية عشرة لـ«ثورة 17 فبراير (شباط)».
وأشار عضو المجلس الأعلى للدولة، أحمد لنقي، إلى «ما يستشعره قطاع كبير من الليبيين من ضيق وغضب تجاه المبالغة في الإنفاق على بعض الفعاليات التي ليست أولوية بالنسبة لهم»، مشيراً إلى أن «(الثورة) التي أطاحت بنظام معمر القذافي، اندلعت بالأساس ضد الطغيان والفساد».
وطالب لنقي في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، بضرورة أن «يبتعد الاحتفال بهذه المناسبة كليةً عن أي شبهات فساد أو مبالغة في الإنفاق والمظاهر»، مقترحاً أن يتحمل مالياً المنظمات المدنية والأحزاب تكلفة احتفالات شعبية بسيطة في الشوارع والميادين.
واستكمل لنقي: «للأسف هم لن يكتفوا بهذا الاحتفال الشعبي، فالجميع يدرك أن بعض المسؤولين باتوا يسارعون لتوظيف أي مناسبة لنهب المال العام، بما في ذلك الأعياد الوطنية، وعلى الأرجح سينظمون حفلاً كبيراً تُحمّل تكلفته لخزينة الدولة»، متابعاً: «كثيرون بمن فيهم الحكومتان المتنازعتان على السلطة باتوا يتعاملون مع خزينة الدولة باعتبارها المغارة السحرية بالقصة الفلكلورية الشهيرة (علي بابا والأربعين حرامي)».
وواجهت حكومة «الوحدة» انتقادات قوية الشهر الماضي على خلفية تنظيمها احتفالاً ضخماً في ذكرى عيد الاستقلال «71» الذي شارك في إحيائه عدد من نجوم الغناء بالعالم العربي.
ومن جانبها، لفتت الأكاديمية الليبية فيروز النعاس، إلى مطالبات وبيانات يتم توجيهها حالياً للدبيبة من قبل نخب ومنظمات مدنية بأن تكون احتفالات «الثورة» هذا العام شعبية صرفة، وأن ينحصر تدخل الدولة على تخصيص ساحات الاحتفال وتسهيل المرور أمام حركة السيارات، ليخرج الليبيون كما تعودوا كل عام للميادين وهم رافعون العلم الليبي، مردّدين الأناشيد الوطنية.
وتساءلت النعاس في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، عن «رد فعل المواطن وهو يسمع تلك الأنباء بعزم الحكومة على تنظيم حفل يتسم بالإسراف والبذخ، والتعاقد مع مطربة أو مطربين مشهورين من نجوم الصف الأول بالعالم العربي، وستدفع لهم أرقاماً فلكية لإحياء حفل»، مشيرة إلى أن المواطن يصطف بساعات أمام المصارف بالعاصمة طرابلس التي تجددت بها أزمة السيولة للحصول على المال الذي بالكاد يكفي تدبير معيشته في ظل موجة الغلاء الراهنة.
وتابعت: «حتى لو تبرع هؤلاء المطربون بأجورهم، فالأمر مرفوض، الجميع لا يرغبون بتحول ذكرى الثورة لمهرجان غنائي، ويريدونه يوماً وطنياً يستعيدون فيه ذكرياتها، وليس مشاهدة مطرب أو مطربة، كما أنهم في ظل عدم وجود أفق لحل الأزمة السياسية والمعاناة الاقتصادية لا يرغبون في أي إهدار للمال العام».
وشددت النعاس على أن «الأزمات التي مرت بها ليبيا خلال السنوات الـ12 الماضية قلصت من رصيد المسؤولين، وليس من روح (ثورة فبراير)... وبالتالي هناك دعوات مستمرة بضرورة أن يكون الاحتفال شعبياً وعفوياً، مع ضرورة التذكير بأصحاب الأدوار البطولية ممن شاركوا في الثورة، وتفقد أحوال أسر الشهداء الذين سقطوا بمعاركها».
وكان مجلس حكماء وأعيان طرابلس المركز (مؤسسة مجتمعية)، أصدر بياناً طالب فيه الدبيبة، بألا تكون احتفالات «ثورة فبراير»، «باباً للفساد كما حدث في السنة الماضية، وأن تكون الاحتفالات عفوية وشعبية، وعدم جعلها مهرجاناً غنائياً، وأن تصرف الأموال في أوجه صرفها الصحيحة بالرفع من معاناة المواطنين وإصلاح البنية التحتية المتهالكة».
وتوقعت النعاس، أن تقابل أي محاولة لتوظيف ذكرى الثورة بالصراعات السياسية الراهنة بـ«الفشل»، وقالت إن «أي مناسبة وطنية هي خاصة بالشعب لا بالموجودين على كراسي السلطة، وليس من حق أحد احتكارها لصالحه»، ورأت أنهم «إذا فكروا بأن إقامة احتفال ضخم ستضمن لهم الفوز بألقاب (رعاة وحماة الثورة)، فهم مخطئون».
وتوقع الناشط المدني، محمد عبيد، إقدام الحكومة على تنظيم حفل كبير في ذكرى «الثورة» على غرار السنوات الماضية، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «الحكومة والمسؤولون باتوا بعيدين جداً عن الشارع، هم سينظمون حفلاً رسمياً يليق بمستواهم ويسعدون خلاله ربما بغناء مطربين عرب كما حدث بحفل ذكرى عيد الاستقلال الماضي، وربما يغلقون الشوارع المحيطة بمكان إقامة الفعالية، أو يجعلونه عطلة للشعب، كما حدث خلال تنظيم فعاليات الاجتماع التشاوري لوزراء الخارجية العرب أخيراً».
وانتقد عبيد عدم توجيه هذه الأموال لسداد ديون المصحات والمستشفيات بدول الجوار الليبي لاستكمال علاج المرضى الليبيين، أو معالجة هذه المشكلة من جذورها بالنهوض بقطاعي الصحة والتعليم.
ليبيون يرفضون إنفاق حكومة الدبيبة بـ«بذخ» على «الاحتفالات الوطنية»
طالبوا بإحياء ذكرى «ثورة 17 فبراير» ببساطة
ليبيون يرفضون إنفاق حكومة الدبيبة بـ«بذخ» على «الاحتفالات الوطنية»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة