ليبيون يرفضون إنفاق حكومة الدبيبة بـ«بذخ» على «الاحتفالات الوطنية»

طالبوا بإحياء ذكرى «ثورة 17 فبراير» ببساطة

جانب من احتفالات حكومة الدبيبة بمناسبة الذكرى «71» لاستقلال ليبيا 25 ديسمبر الماضي (الحكومة)
جانب من احتفالات حكومة الدبيبة بمناسبة الذكرى «71» لاستقلال ليبيا 25 ديسمبر الماضي (الحكومة)
TT

ليبيون يرفضون إنفاق حكومة الدبيبة بـ«بذخ» على «الاحتفالات الوطنية»

جانب من احتفالات حكومة الدبيبة بمناسبة الذكرى «71» لاستقلال ليبيا 25 ديسمبر الماضي (الحكومة)
جانب من احتفالات حكومة الدبيبة بمناسبة الذكرى «71» لاستقلال ليبيا 25 ديسمبر الماضي (الحكومة)

عبّر سياسيون وأكاديميون ليبيون عن رفضهم لما وصفوه بإنفاق حكومة «الوحدة» المؤقتة برئاسة عبد الحميد الدبيبة، على «الاحتفالات الوطنية» بـ«إسراف وبذخ»، يأتي ذلك استباقاً لمعلومات متداولة غير رسمية، عن التعاقد مع مطربة عربية شهيرة لإحياء مناسبة الذكرى الثانية عشرة لـ«ثورة 17 فبراير (شباط)».
وأشار عضو المجلس الأعلى للدولة، أحمد لنقي، إلى «ما يستشعره قطاع كبير من الليبيين من ضيق وغضب تجاه المبالغة في الإنفاق على بعض الفعاليات التي ليست أولوية بالنسبة لهم»، مشيراً إلى أن «(الثورة) التي أطاحت بنظام معمر القذافي، اندلعت بالأساس ضد الطغيان والفساد».
وطالب لنقي في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، بضرورة أن «يبتعد الاحتفال بهذه المناسبة كليةً عن أي شبهات فساد أو مبالغة في الإنفاق والمظاهر»، مقترحاً أن يتحمل مالياً المنظمات المدنية والأحزاب تكلفة احتفالات شعبية بسيطة في الشوارع والميادين.
واستكمل لنقي: «للأسف هم لن يكتفوا بهذا الاحتفال الشعبي، فالجميع يدرك أن بعض المسؤولين باتوا يسارعون لتوظيف أي مناسبة لنهب المال العام، بما في ذلك الأعياد الوطنية، وعلى الأرجح سينظمون حفلاً كبيراً تُحمّل تكلفته لخزينة الدولة»، متابعاً: «كثيرون بمن فيهم الحكومتان المتنازعتان على السلطة باتوا يتعاملون مع خزينة الدولة باعتبارها المغارة السحرية بالقصة الفلكلورية الشهيرة (علي بابا والأربعين حرامي)».
وواجهت حكومة «الوحدة» انتقادات قوية الشهر الماضي على خلفية تنظيمها احتفالاً ضخماً في ذكرى عيد الاستقلال «71» الذي شارك في إحيائه عدد من نجوم الغناء بالعالم العربي.
ومن جانبها، لفتت الأكاديمية الليبية فيروز النعاس، إلى مطالبات وبيانات يتم توجيهها حالياً للدبيبة من قبل نخب ومنظمات مدنية بأن تكون احتفالات «الثورة» هذا العام شعبية صرفة، وأن ينحصر تدخل الدولة على تخصيص ساحات الاحتفال وتسهيل المرور أمام حركة السيارات، ليخرج الليبيون كما تعودوا كل عام للميادين وهم رافعون العلم الليبي، مردّدين الأناشيد الوطنية.
وتساءلت النعاس في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، عن «رد فعل المواطن وهو يسمع تلك الأنباء بعزم الحكومة على تنظيم حفل يتسم بالإسراف والبذخ، والتعاقد مع مطربة أو مطربين مشهورين من نجوم الصف الأول بالعالم العربي، وستدفع لهم أرقاماً فلكية لإحياء حفل»، مشيرة إلى أن المواطن يصطف بساعات أمام المصارف بالعاصمة طرابلس التي تجددت بها أزمة السيولة للحصول على المال الذي بالكاد يكفي تدبير معيشته في ظل موجة الغلاء الراهنة.
وتابعت: «حتى لو تبرع هؤلاء المطربون بأجورهم، فالأمر مرفوض، الجميع لا يرغبون بتحول ذكرى الثورة لمهرجان غنائي، ويريدونه يوماً وطنياً يستعيدون فيه ذكرياتها، وليس مشاهدة مطرب أو مطربة، كما أنهم في ظل عدم وجود أفق لحل الأزمة السياسية والمعاناة الاقتصادية لا يرغبون في أي إهدار للمال العام».
وشددت النعاس على أن «الأزمات التي مرت بها ليبيا خلال السنوات الـ12 الماضية قلصت من رصيد المسؤولين، وليس من روح (ثورة فبراير)... وبالتالي هناك دعوات مستمرة بضرورة أن يكون الاحتفال شعبياً وعفوياً، مع ضرورة التذكير بأصحاب الأدوار البطولية ممن شاركوا في الثورة، وتفقد أحوال أسر الشهداء الذين سقطوا بمعاركها».
وكان مجلس حكماء وأعيان طرابلس المركز (مؤسسة مجتمعية)، أصدر بياناً طالب فيه الدبيبة، بألا تكون احتفالات «ثورة فبراير»، «باباً للفساد كما حدث في السنة الماضية، وأن تكون الاحتفالات عفوية وشعبية، وعدم جعلها مهرجاناً غنائياً، وأن تصرف الأموال في أوجه صرفها الصحيحة بالرفع من معاناة المواطنين وإصلاح البنية التحتية المتهالكة».
وتوقعت النعاس، أن تقابل أي محاولة لتوظيف ذكرى الثورة بالصراعات السياسية الراهنة بـ«الفشل»، وقالت إن «أي مناسبة وطنية هي خاصة بالشعب لا بالموجودين على كراسي السلطة، وليس من حق أحد احتكارها لصالحه»، ورأت أنهم «إذا فكروا بأن إقامة احتفال ضخم ستضمن لهم الفوز بألقاب (رعاة وحماة الثورة)، فهم مخطئون».
وتوقع الناشط المدني، محمد عبيد، إقدام الحكومة على تنظيم حفل كبير في ذكرى «الثورة» على غرار السنوات الماضية، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «الحكومة والمسؤولون باتوا بعيدين جداً عن الشارع، هم سينظمون حفلاً رسمياً يليق بمستواهم ويسعدون خلاله ربما بغناء مطربين عرب كما حدث بحفل ذكرى عيد الاستقلال الماضي، وربما يغلقون الشوارع المحيطة بمكان إقامة الفعالية، أو يجعلونه عطلة للشعب، كما حدث خلال تنظيم فعاليات الاجتماع التشاوري لوزراء الخارجية العرب أخيراً».
وانتقد عبيد عدم توجيه هذه الأموال لسداد ديون المصحات والمستشفيات بدول الجوار الليبي لاستكمال علاج المرضى الليبيين، أو معالجة هذه المشكلة من جذورها بالنهوض بقطاعي الصحة والتعليم.


مقالات ذات صلة

المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

شمال افريقيا المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

بحثت نجلاء المنقوش مع نظيرها وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف، خلال زيارة لها أمس إلى الجزائر، فتح المعابر البرية والنقل البحري والجوي أمام حركة التجارة وتنقل الأشخاص، بعد سنين طويلة من الإغلاق، بسبب الأزمة السياسية والأمنية في ليبيا. وذكرت الخارجية الجزائرية في بيان أن الوزيرين بحثا قضايا جارية في الساحتين المغاربية والعربية، منها تطورات ملف الصحراء، والمساعي العربية والدولية لوقف الاقتتال وحقن الدماء في السودان. وأكد البيان أن عطاف تلقى من المنقوش «عرضا حول آخر مستجدات العملية السياسية التي تقودها الأمم المتحدة، لإنهاء الأزمة في ليبيا».

شمال افريقيا وفدان أميركي وفرنسي يبحثان في ليبيا تطوير الجيش

وفدان أميركي وفرنسي يبحثان في ليبيا تطوير الجيش

بحث وفدان عسكريان، أميركي وفرنسي، في ليبيا سبل إعادة بناء وتطوير المؤسسة العسكرية المُنقسمة، بين شرق البلاد وغربها، منذ إسقاط النظام السابق، في وقت زار فيه المشير خليفة حفتر، القائد العام لـ«الجيش الوطني» روما، والتقى برئيسة الوزراء بالحكومة الإيطالية جورجا ميلوني، وعدد من وزراء حكومتها. وفي لقاءين منفصلين في طرابلس (غرباً) وبنغازي (شرقاً)، التقى الوفدان الأميركي والفرنسي قيادات عسكرية للتأكيد على ضرورة توحيد الجيش الليبي.

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

بحثت وزيرة الخارجية الليبية نجلاء المنقوش مع نظيرها الجزائري أحمد عطاف، خلال زيارة لها اليوم الخميس إلى الجزائر، في فتح المعابر البرية والنقل البحري والجوي أمام حركة التجارة وتنقل الاشخاص، بعد سنوات طويلة من الإغلاق، بسبب الأزمة السياسية والامنية في ليبيا.

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا «حبوب الهلوسة»... «سلاح قاتل» يستهدف عقول الليبيين

«حبوب الهلوسة»... «سلاح قاتل» يستهدف عقول الليبيين

لم يكن من قبيل الصدفة أن تقذف أمواج البحر المتوسط كميات متنوعة من المخدرات إلى السواحل الليبية، أو أن تتلقف شِباك الصيادين قرب الشاطئ «حزماً» من «الحشيش والكوكايين وحبوب الهلوسة»، فالبلاد تحوّلت -وفق تقرير أممي- إلى «معبر مهم» لهذه التجارة المجرّمة. وتعلن السلطات الأمنية في عموم ليبيا من وقت لآخر عن ضبط «كميات كبيرة» من المخدرات قبل دخولها البلاد عبر الموانئ البحري والبرية، أو القبض على مواطنين ووافدين وهو يروّجون هذه الأصناف التي يُنظر إليها على أنها تستهدف «عقول الشباب الليبي». غير أنه بات لافتاً من واقع عمليات الضبط التي تعلن عنها السلطات المحلية تزايُد تهريب المخدرات وتعاطيها، خصوصاً «حبوب

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا «النواب» و«الدولة» يقران آلية عمل لجنة قوانين الانتخابات الليبية

«النواب» و«الدولة» يقران آلية عمل لجنة قوانين الانتخابات الليبية

استهلّت اللجنة المُشتركة لممثلي مجلسي «النواب» و«الدولة» (6+6) المكلفة بإعداد قوانين الانتخابات الليبية، اجتماعاتها في العاصمة طرابلس بـ«الاتفاق على آلية عملها». وطبقاً لما أعلنه عبد الله بليحق، المتحدث الرسمي باسم مجلس النواب، فقد شهد الاجتماع ما وصفه بتقارب في وجهات النظر بين أعضاء اللجنة حول القوانين الانتخابية، مشيراً، في بيان مقتضب مساء أول من أمس، إلى أنه «تم أيضاً الاتفاق على التواصل مع الجهات والمؤسسات ذات العلاقة بالعملية الانتخابية».

خالد محمود (القاهرة)

مصر تعدد «إنجازاتها» في «حقوق الإنسان» قبل مراجعة دورية بجنيف

بنايات على نيل القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)
بنايات على نيل القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)
TT

مصر تعدد «إنجازاتها» في «حقوق الإنسان» قبل مراجعة دورية بجنيف

بنايات على نيل القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)
بنايات على نيل القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)

عدّدت مصر «إنجازاتها» في ملف حقوق الإنسان خلال السنوات الأخيرة، قبل مناقشة «تقرير المراجعة الشاملة» أمام المجلس الدولي لحقوق الإنسان بجنيف، في يناير (كانون الثاني) المقبل، وأكدت القاهرة «هدم السجون (غير الآدمية) وإقامة مراكز إصلاح حديثة».

وتقدمت الحكومة المصرية في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، بتقريرها الرابع أمام «آلية المراجعة الدورية الشاملة» التابعة لمجلس حقوق الإنسان الدولي، تمهيداً لمناقشته الشهر المقبل، وهو تقرير دوري تقدمه مصر كل 4 سنوات... وسبق أن قدّمت القاهرة 3 تقارير لمراجعة أوضاع حقوق الإنسان في أعوام 2010، و2014، و2019.

وقال عضو «المجلس القومي لحقوق الإنسان» بمصر، رئيس «المنظمة المصرية لحقوق الإنسان» (مؤسسة حقوقية)، عصام شيحة، إن «الحكومة المصرية حققت (قفزات) في ملف حقوق الإنسان»، وأشار في تصريحات تلفزيونية، مساء الخميس، إلى أن «السنوات الأخيرة، شهدت قنوات اتصال بين المنظمات الحقوقية والمؤسسات الحكومية بمصر»، منوهاً إلى أن «مصر هدمت كثيراً من السجون القديمة التي كانت (غير آدمية) وأقامت مراكز إصلاح حديثة».

وأوضح شيحة في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، الجمعة، أن «الحكومة المصرية تبنت فلسفة عقابية جديدة داخل السجون عن طريق الحد من العقوبات السالبة للحريات، وأنها هدمت نحو 15 سجناً، وقامت ببناء 5 مراكز إصلاح وتأهيل وفق أحدث المعايير الدولية، وتقدم برامج لتأهيل ودمج النزلاء».

عادّاً أن تقديم مصر لتقرير المراجعة الدورية أمام «الدولي لحقوق الإنسان» بجنيف، «يعكس إرادة سياسية للتواصل مع المنظمات الدولية المعنية بملف حقوق الإنسان».

وشرعت وزارة الداخلية المصرية أخيراً في إنشاء «مراكز للإصلاح والتأهيل» في مختلف المحافظات، لتكون بديلة للسجون القديمة، ونقلت نزلاء إلى مراكز جديدة في «وادي النطرون، وبدر، و15 مايو»، وتضم المراكز مناطق للتدريب المهني والفني والتأهيل والإنتاج، حسب «الداخلية المصرية».

ورغم الاهتمام الحكومي بملف حقوق الإنسان في البلاد، وفق مراقبين؛ فإن عضو «المجلس القومي لحقوق الإنسان» يرى أن «هناك ملفات تحتاج إلى تحرك مثل ملف الحبس الاحتياطي في التهم المتعلقة بالحريات».

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يستعرض التقرير الثالث لـ«الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان» في مصر (الرئاسة المصرية)

وفي وقت سابق، أعلن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، استجابته لتوصيات مناقشات «الحوار الوطني» (الذي ضم شخصيات عامة وحزبية وأكاديميين وسياسيين) بشأن قضية الحبس الاحتياطي، داعياً في إفادة للرئاسة المصرية، أغسطس (آب) الماضي، إلى «أهمية تخفيض الحدود القصوى لمدد الحبس، وتطبيق بدائل مختلفة للحبس الاحتياطي».

ويرى وكيل «لجنة حقوق الإنسان» بمجلس النواب المصري (البرلمان)، النائب أيمن أبو العلا، أن «الحكومة المصرية حققت تقدماً في تنفيذ محاور (الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان) التي أطلقتها عام 2021»، ودلل على ذلك بـ«إلغاء قانون الطوارئ، وتشكيل لجان للعفو الرئاسي، والسعي إلى تطبيق إصلاح تشريعي مثل تقديم قانون جديد لـ(الإجراءات الجنائية) لتقنين الحبس الاحتياطي».

وكان وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، قد عرض على الرئيس المصري، الأربعاء الماضي، التقرير الثالث لـ«الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان»، متضمناً «المبادرات والبرامج التي جرى إعدادها للارتقاء بأوضاع حقوق الإنسان بمفهومها الشامل، السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي».

وحسب إفادة للرئاسة المصرية، وجه الرئيس المصري بـ«استمرار جهود نشر الوعي بحقوق الإنسان في مؤسسات الدولة كافة، ورفع مستوى الوعي العام بالحقوق والواجبات»، وشدد على «تطوير البنية التشريعية والمؤسسية لإنجاح هذا التوجه».

عودة إلى وكيل «لجنة حقوق الإنسان» بـ«النواب» الذي قال إن ملف حقوق الإنسان يتم استغلاله من بعض المنظمات الدولية سياسياً أكثر منه إنسانياً، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن «هناك ازدواجية في معايير بعض المنظمات التي تغض الطرف أمام انتهاكات حقوق الإنسان في غزة ولبنان، وتتشدد في معاييرها مع دول أخرى».