مصر تستكمل محاربة التطرف بتعزيز «القوافل الدينية»

يقودها «الأزهر» و«الأوقاف» وتستهدف كل المحافظات

علماء «الأزهر» و«الأوقاف» المشاركون في قافلة القاهرة (وزارة الأوقاف المصرية)
علماء «الأزهر» و«الأوقاف» المشاركون في قافلة القاهرة (وزارة الأوقاف المصرية)
TT

مصر تستكمل محاربة التطرف بتعزيز «القوافل الدينية»

علماء «الأزهر» و«الأوقاف» المشاركون في قافلة القاهرة (وزارة الأوقاف المصرية)
علماء «الأزهر» و«الأوقاف» المشاركون في قافلة القاهرة (وزارة الأوقاف المصرية)

تستكمل مصر «محاربة التطرف» بتعزيز «القوافل الدينية» التي تقودها مشيخة الأزهر ووزارة الأوقاف المصرية وتستهدف كل المحافظات. وتنطلق من حين لآخر قوافل دعوية تجوب ربوع البلاد لمجابهة «الأفكار المتشددة»، فضلاً عن نشر الوعي المجتمعي. ويرى مراقبون أن «هذه القوافل تُسهم في جهود التصدي للفكر المتطرف خصوصاً أنها تعتمد على لقاءات مباشرة مع المواطنين».
وقبل أيام وجه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بـ«تعزيز برامج تدريب الأئمة والوعاظ بما يُسهم في صقل شخصيتهم وفكرهم الدعوي والثقافي على نحو عصري يساعدهم على تكوين رؤية واقعية في إطار فكري مستنير». كما وجه في وقت سابق بـ«تطوير برامج تدريب وتأهيل الأئمة بالنظر لدورهم المهم في نشر الخطاب الديني المستنير الذي يهدف إلى إعمال العقل في فهم مستجدات الحياة وفق صحيح الدين وثوابت الشرع الشريف، وملء أي فراغ دعوي كان قائماً من قبل».
وانطلقت قافلتان مشتركتان بين «الأزهر» و«الأوقاف» اليوم (الجمعة)، إلى القاهرة والقليوبية. وقالت مشيخة الأزهر إن «القافلة تهدف إلى الوصول بالفكر الوسطي إلى المواطنين، وتدريب الأئمة والوعاظ على المشاركة في صياغة حلول للمشكلات المجتمعية».
ووفق مصدر في «الأزهر» –تحفّظ على ذكر اسمه– فإن «القوافل الدينية تأتي في إطار دور الأزهر والأوقاف لمجابهة الفكر المتطرف والعمل على دحضه». وأضاف أن «القوافل تستهدف المواجهة الحاسمة للأفكار المضللة من خلال لقاءات مباشرة مع المواطنين والشباب والاستماع إليهم وتصحيح المفاهيم المغلوطة التي يحاول المتطرفون بثها بين المواطنين والشباب؛ فضلاً عن توضيح القيم الأخلاقية وبيان دورها في بناء الأوطان».
وتحدث أئمة ووعاظ «الأزهر» و«الأوقاف» خلال قافلتي (الجمعة) حول موضوع «الوطنية بين الحقيقة والادعاء». وأكدوا أن «الله فطر الناس على حُب أوطانهم، وأن الوطنية الحقيقية ليست شعارات ترفُع، ولا كلمات تُقال، إنما هي حُب صادق، وولاء وانتماء وعطاء، واستعداد دائم للتضحية في سبيل الوطن، سواء أكانت تلك التضحية بالمال أم بالوقت أم بالجهد أم بالنفس».
وأوضحوا، حسب صفحة وزارة الأوقاف الرسمية على «فيسبوك»، (الجمعة)، أن «الوطنية الحقيقية تقتضي التكاتف والتكافل والتراحم بين أبناء الوطن، والمشاركة الإيجابية في قضاء حوائج الضعفاء والمحتاجين، وعدم استغلال الأزمات أو المُتاجرة بها».
«الأوقاف المصرية» تؤكد من جانبها أن «القوافل الدينية تأتي في إطار اهتمام الأزهر والأوقاف بجميع المناطق والمدن على مستوى المحافظات المصرية لمحاربة الفكر المتطرف وترسيخ القيم الأخلاقية والمبادئ الإنسانية، وتنمية روح الانتماء الوطني».
وقال وزير الأوقاف المصري محمد مختار جمعة، إن «المعركة المقبلة هي معركة وعي وفهم، حيث حاولت الجماعات المتطرفة أن ‏تفرض آيديولوجيتها وأفهامها الخاطئة»، مضيفاً: «من المعاني التي ‏حرّفتها هذه الجماعات معنى (الجهاد)، حيث ضيّقت واسعاً وانحرفت به إلى ما يخدم ‏آيديولوجيتها ومصالحها، في حين أن (الجهاد) مفهوم واسع يُمكن أن يكون ‏بالكلمة الطيبة وبالحكمة والموعظة الحسنة».
وأكد وزير الأوقاف المصري، خلال خطبة الجمعة من مسجد الشرطة بضاحية القاهرة الجديدة (شرق العاصمة المصرية)، أن «كل ما تقوم به ‏مصالح الأوطان، هو من صميم مقاصد الأديان، وذروة (الجهاد)، هو (الجهاد) في ‏سبيل الوطن، سواء أكان دفاعاً عن حدوده، أو دفاعاً عن أمنه، أو قضاء ‏لمصالحه».
الرئيس المصري أكد في تصريحات سابقة أن «قضية الوعي الرشيد والفهم الصحيح للدين، هما من أولويات المرحلة الراهنة، في مواجهة أهل الشر الذين يحرّفون معاني النصوص ويُخرجونها من سياقها ويفسّرونها وفق أهدافهم».


مقالات ذات صلة

هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

شمال افريقيا هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

حفلت الجلسة الافتتاحية لـ«الحوار الوطني»، الذي دعا إليه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قبل أكثر من عام، برسائل سياسية حملتها كلمات المتحدثين، ومشاركات أحزاب سياسية وشخصيات معارضة كانت قد توارت عن المشهد السياسي المصري طيلة السنوات الماضية. وأكد مشاركون في «الحوار الوطني» ومراقبون تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، أهمية انطلاق جلسات الحوار، في ظل «قلق مجتمعي حول مستقبل الاقتصاد، وبخاصة مع ارتفاع معدلات التضخم وتسببه في أعباء معيشية متصاعدة»، مؤكدين أن توضيح الحقائق بشفافية كاملة، وتعزيز التواصل بين مؤسسات الدولة والمواطنين «يمثل ضرورة لاحتواء قلق الرأي العام، ودفعه لتقبل الإجراءات الحكومية لمعالجة الأز

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا السيسي يبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي المصري

السيسي يبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي المصري

عقد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، اجتماعاً، أمس (الخميس)، مع كبار قادة القوات المسلحة في مقر القيادة الاستراتيجية بالعاصمة الإدارية الجديدة، لمتابعة دور الجيش في حماية الحدود، وبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي للبلاد. وقال المستشار أحمد فهمي، المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، في إفادة رسمية، إن «الاجتماع تطرق إلى تطورات الأوضاع على الساحتين الإقليمية والدولية، وانعكاساتها على الأمن القومي في ظل الظروف والتحديات الحالية بالمنطقة». وقُبيل الاجتماع تفقد الرئيس المصري الأكاديمية العسكرية المصرية، وعدداً من المنشآت في مقر القيادة الاستراتيجية بالعاصمة الإدارية. وأوضح المتحدث ب

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا مصر: ظاهرة «المقاتلين الأجانب» تهدد أمن واستقرار الدول

مصر: ظاهرة «المقاتلين الأجانب» تهدد أمن واستقرار الدول

قالت مصر إن «استمرار ظاهرة (المقاتلين الأجانب) يهدد أمن واستقرار الدول». وأكدت أن «نشاط التنظيمات (الإرهابية) في أفريقيا أدى لتهديد السلم المجتمعي».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا حادث تصادم بمصر يجدد الحديث عن مخاطر «السرعة الزائدة»

حادث تصادم بمصر يجدد الحديث عن مخاطر «السرعة الزائدة»

جدد حادث تصادم في مصر الحديث بشأن مخاطر «السرعة الزائدة» التي تتسبب في وقوع حوادث سير، لا سيما على الطرق السريعة في البلاد. وأعلنت وزارة الصحة المصرية، (الخميس)، مصرع 17 شخصاً وإصابة 29 آخرين، جراء حادث سير على طريق الخارجة - أسيوط (جنوب القاهرة).

منى أبو النصر (القاهرة)
شمال افريقيا مصريون يساهمون في إغاثة النازحين من السودان

مصريون يساهمون في إغاثة النازحين من السودان

بعد 3 أيام عصيبة أمضتها المسنة السودانية زينب عمر، في معبر «أشكيت» من دون مياه نظيفة أو وجبات مُشبعة، فوجئت لدى وصولها إلى معبر «قسطل» المصري بوجود متطوعين مصريين يقدمون مياهاً وعصائر ووجبات جافة مكونة من «علب فول وتونة وحلاوة وجبن بجانب أكياس الشيبسي»، قبل الدخول إلى المكاتب المصرية وإنهاء إجراءات الدخول المكونة من عدة مراحل؛ من بينها «التفتيش، والجمارك، والجوازات، والحجر الصحي، والكشف الطبي»، والتي تستغرق عادة نحو 3 ساعات. ويسعى المتطوعون المصريون لتخفيف مُعاناة النازحين من السودان وخصوصاً أبناء الخرطوم الفارين من الحرب والسيدات والأطفال والمسنات، بالتعاون مع جمعيات ومؤسسات أهلية مصرية، على


الجزائر: نقض أحكام بإعدام 38 شخصاً في «قضية حرائق القبائل»

مدانون بالإعدام في قضية الانتماء إلى «ماك» وحرائق القبائل (الشرق الأوسط)
مدانون بالإعدام في قضية الانتماء إلى «ماك» وحرائق القبائل (الشرق الأوسط)
TT

الجزائر: نقض أحكام بإعدام 38 شخصاً في «قضية حرائق القبائل»

مدانون بالإعدام في قضية الانتماء إلى «ماك» وحرائق القبائل (الشرق الأوسط)
مدانون بالإعدام في قضية الانتماء إلى «ماك» وحرائق القبائل (الشرق الأوسط)

قال محامون في الجزائر إن المحكمة العليا قبلت طعناً بالنقض في قضية أثارت جدلاً كبيراً العام الماضي، تمثلت في إصدار محكمة الجنايات بالعاصمة حكماً بإعدام 38 شخصاً، بتهمة «إشعال النار في منطقة القبائل، بناءً على توجيهات من تنظيم إرهابي»، يُسمى «حركة الحكم الذاتي في القبائل».

صورة لنيران منطقة القبائل صيف 2021 (الشرق الأوسط)

وأكد المحامي والحقوقي الشهير، مصطفى بوشاشي، الذي ترافع لصالح بعض المتهمين، لصحافيين، أن أعلى غرفة الجنايات بأعلى هيئة في القضاء المدني نقضت، مساء أمس الخميس، الأحكام التي صدرت فيما بات يعرف بـ«قضية الأربعاء ناث إراثن»، وهي قرية ناطقة بالأمازيغية (110 كيلومترات شرق)، شهدت في صيف 2021 حرائق مستعرة مدمرة، خلفت قتلى وجرحى، وإتلافاً للمحاصيل الزراعية ومساحات غابات كبيرة، وعقارات ومبانٍ على غرار قرى أخرى مجاورة.

مبنى المحكمة العليا بأعالي العاصمة الجزائرية (الشرق الأوسط)

غير أن الحرائق ليست أخطر ما حدث يومها في نظر القضاء، فعندما كان سكان القرية يواجهون النيران بوسائلهم الخاصة البسيطة، تناهى إليهم أن شخصاً بصدد إضرام النار في بلدتهم عمداً، وفعلاً ألقت الشرطة بهذه الشبهة على ثلاثيني من منطقة بوسط البلاد، يُدعى جمال بن سماعين، فتوجهوا وهم في قمة الغضب إلى مقر الأمن، وكان الشاب في تلك الأثناء داخل سيارة الشرطة فأخرجوه منها، غير عابئين بالعيارات النارية، التي أطلقها رجال شرطة لثنيهم عن قتله، وأخذوه إلى الساحة العامة، فنكّلوا به وأحرقوا جثته، بينما كان يتوسل إليهم أن يخلوا سبيله، وبأنه حضر إلى القرية للمساعدة وليس لإشعال النار.

وجرى تصوير مشاهد التنكيل المروعة بكاميرات الهواتف النقالة، واعتقل الأمن لاحقاً كل الذين ظهروا في الصور.

جمال بن سماعين قُتل على أيدي سكان قرية التهمتها النيران (متداولة)

على أثر ذلك، طالبت قطاعات واسعة في المجتمع بـ«القصاص»، ورفع التجميد عن عقوبة الإعدام، التي تصدرها المحاكم دون أن تنفذ، وذلك منذ تطبيقه بحق 3 إسلاميين عام 1993، بتهمة تفجير مطار العاصمة صيف 1992 (42 قتيلاً). لكن أثبت التحقيق بأن بن سماعين لا يد له في الأحداث المأساوية.

وبثّ الأمن الجزائري «اعترافات» لعدد كبير من المعتقلين بعد الأحداث، أكدوا كلهم أنهم وراء النيران المستعرة، وبأنهم ارتكبوا الجريمة بأوامر من رئيس تنظيم «حركة الحكم الذاتي في القبائل»، المعروف اختصاراً بـ«ماك»، فرحات مهني، الذي يتحدر من المنطقة، ويقيم منذ سنوات طويلة بفرنسا بصفته لاجئاً سياسياً.

فرحات مهني المتهم بإشعال النار في منطقة القبائل (الشرق الأوسط)

وقال محامو المتهمين بعد تداول هذه «الاعترافات» إن القضاء «يبحث عن مسوّغ لإنزال عقوبة ثقيلة في حقهم»، وهو ما حدث بالفعل في أكتوبر (تشرين الأول) 2023، بإدانتهم بالإعدام. علماً بأن التهم وجهت لمائة شخص في هذه القضية، وحُكم على بعضهم بالسجن بين عام و5 سنوات مع التنفيذ، في حين نال آخرون البراءة.

وتمثلت التهم أساساً في «نشر الرعب في أوساط السكان بإشعال النيران»، و«الانتماء إلى منظمة إرهابية» تُدعى «ماك»، و«قتل شخص عن سبق إصرار والتنكيل بجثته»، و«القيام بأفعال إرهابية وتخريبية تستهدف أمن الدولة والوحدة الوطنية، واستقرار المؤسسات وسيرها العادي، عن طريق بث الرعب في أوساط السكان، وخلق جو انعدام الأمن»، وتم تثبيت الأحكام بعد استئنافها.

أما فرحات مهني فكذّب، في فيديو نشره بالإعلام الاجتماعي، التهمة المنسوبة إليه، وطالب بفتح تحقيق مستقل في الأحداث «من طرف جهة أجنبية».

وفي نظر عدد كبير من المحامين على صلة بهذا الملف، فإن القضاء يبحث من خلال نقض الأحكام عن «إصلاح أخطاء تسبب فيها بإصدار قرارات متسرعة»، وبأن القضاة «كانوا تحت ضغط رأي عام طالب بالقصاص». ووفق ما ينص عليه القانون، ستعاد محاكمة المتهمين في محكمة الجنايات بتشكيل قضاة غير الذين أدانوهم في المرة السابقة.