اضطرابات الأكل في أواسط العمر لدى النساء

يمكن أن تؤدي أيضاً إلى مجموعة من المشكلات الصحية

اضطرابات الأكل في أواسط العمر لدى النساء
TT

اضطرابات الأكل في أواسط العمر لدى النساء

اضطرابات الأكل في أواسط العمر لدى النساء

لا تقتصر الإصابة بحالات فقدان الشهية العصابي، والنُّهام العُصابي، والإفراط في تناول الطعام على الشباب. فما الذي يغذي السلوكيات الغذائية المتطرفة على مر العقود؟

اضطرابات الأكل

كيف يبدو اضطراب الأكل eating disorder؟ من المرجح أن تتبادر إلى الذهن صورة امرأة شابة، أشبه ما تكون بالفقيرة المعوزة، تتبختر متكبرة على منصة العرض، في حين تبرز عظامها من تحت ثيابها. ومع ذلك، فإن أخواتها الأكبر سناً لسن محصنات ضد فقدان الشهية العصابي anorexia ، والنهام (الشره) العصبي bulimia ، والإفراط في تناول الطعام binge eating.
وفي الواقع تنحرف جهود السيطرة على الوزن صوب مناطق خطرة لدى عدد أكبر من النساء في أواسط العمر، وما بعده، بأكثر مما توحي به الصور الشائعة.
ليس سراً أن معظمنا قد التزم بنظام غذائي في وقت من الأوقات - وبعضنا قد التزم به بصورة منتظمة - ولكن النساء يمكن أن يواجهن ضغوطاً استثنائية مع التقدم في العمر، ما يزيد من مخاطر الإصابة باضطرابات الأكل، كما يقول خبراء هارفارد. كما أن صعوبات الحد من السعرات الحرارية أو دورات التخلص من النهم في تناول الطعام لدى النساء الأكبر سناً، على وجه الخصوص، يمكن أن تؤدي أيضاً إلى تفاقم التداعيات الصحية.
ببلوغ سن الأربعين، تعرضت واحدة من كل 5 نساء لاضطراب الأكل، أي ضعف النسبة التي رصدت لدى النساء من سن 21 عاماً، وفقاً لدراسة أُجريت عام 2019 في شبكة «جاما نيتورك أوبن». وتقول الدكتورة هولي بيك، المديرة الطبية المساعدة لمركز كلارمان لاضطرابات الأكل في مستشفى ماكلين التابع لجامعة هارفارد: «من المرجح أن كثيراً من الحالات هي عودة لنمط طويل الأمد من (اضطرابات) السنوات السابقة، الذي ربما يكون قد مر بنا من دون أن نلحظه».
وتضيف الدكتورة بيك: «يعاني كثير من النساء المصابات باضطرابات الأكل في أواسط العمر من تلك المشكلة في معظم حياتهن. وهناك كثير من التحولات الكبيرة التي نشهدها في الحياة اعتباراً من سن الأربعين، والتي تختلف اختلافاً جذرياً عما نمر به في مرحلتي المراهقة أو الشباب».
كما أن الأكل المضطرب، الذي لا يكاد يتجاوز الحد الفاصل بين الطبيعي والمثير للمشكلات، أمر شائع للغاية، أكثر من اضطرابات الأكل المُشخصة طبياً.
وتقول الدكتورة بيك: «حتى أواسط العمر، قد يبدو نمط الحياة على شكل اتباع نظام غذائي مُزمن، أو اتباع نظام غذائي غير منتظم، أو ممارسة التمارين الرياضية بطريقة مفرطة. وأحياناً، تنشغل النساء بتلك العادة وكأنهن مقيمات شبه دائمات في صالة الألعاب الرياضية ويتناولن طعاماً نظيفاً للغاية، كما أن التغيرات الجسدية التي يغذيها انقطاع الطمث تجعلهن يكثفن تلك الجهود بصورة أكبر. قد لا يبدو الأمر مشكلة بالنسبة لهن... إلى أن يصير معقداً للغاية».

عوامل الخطر

هناك كثير من الاختلافات المحتملة في اضطرابات الأكل، لكن هناك 3 أنواع من الاضطرابات هي السائدة؛ فقدان الشهية العصابي الذي يتسم بتقييد شديد للطعام، والشره العصابي، أي الالتهام الذي يتبعه التطهير من خلال القيء أو استخدام الملينات، واضطراب الأكل النهم، عبر تناول كميات كبيرة من الطعام تتجاوز نقطة الشعور بالشبع.
يصبح فقدان الشهية أقل شيوعاً بعد سن 26 عاماً، ولكن معدلات الإصابة بالشره المرضي تصل إلى 47 عاماً، حسب دراسة أُجريت في نوفمبر (تشرين الثاني) لعام 2017 في «الدورية الدولية لاضطرابات الأكل» International Journal of Eating Disorders. وفي الأثناء، يُمكن لاضطراب الأكل النهم - وهو أكثر اضطرابات الأكل شيوعاً لدى جميع البالغين - أن يستمر في كونه مشكلة للنساء في سن السبعين.
ما الذي يغذي مثل هذا الانشغال المرضي بالغذاء والوزن على مدى عقود؟ قد تحاول النساء في أواسط العمر والمسنات الحفاظ على قدرتهن التنافسية في مكان العمل، حيث قد ترتبط النحافة بمرحلة الشباب، أو محاولة العودة إلى المواعدة مرة أخرى بعد وقوع الطلاق أو الترمل. كما أن صدمة البيت الخالي قد تحفز أيضاً من جهود إعادة تعريف الجسد.
تقول الدكتورة بيتينا بنتلي، طبيبة الرعاية الأولية في الخدمات الصحية بجامعة هارفارد: «يبدو أن أهمية صورة الجسد تشكل السمة الرئيسية التي تجعل النساء إما يرجعن إلى اضطراب الأكل أو البدء في الإصابة به. ومع التقدم في السن، يشعر كثير من النساء بالانزعاج أيضاً بسبب عدم القدرة على التحكم في الطرق التي تتغير بها أجسادهن».
في الواقع، من شأن تحولات هرمون الأستروجين ذات الصلة بالانتقال إلى مرحلة انقطاع الطمث أن تزيد من مخاطر اضطراب الأكل. تقول الدكتورة بيك: «نعلم أن الأستروجين يلعب دوراً في الإصابة باضطراب الأكل على طرفي الطيف العمري، ولكن من حيث السبب، لا يزال الأمر مُبهماً. فالنساء أثناء انقطاع الطمث أكثر عرضة لزيادة الوزن، وقد تشعرين أن جسدك يعمل ضدك!».

تأثيرات صحية متعددة

عندما تكون مخفية عن الآخرين، يمكن لاضطرابات الأكل التأثير سلباً على الجسم. تقول مارغريت شراير، إخصائية التغذية المسجلة ورئيسة قسم التغذية في الخدمات الصحية بجامعة هارفارد: «كحد أدنى، فإن النساء اللواتي يعانين من اضطرابات في الأكل غالباً ما يعانين نقصاً في بعض المواد المغذية، وخصوصاً الحديد، وفيتامين بي 12، والكالسيوم، وفيتامين دي. ويمكن للمكملات الغذائية المساعدة في علاج حالات النقص، وعادة ما يتحملها المرضى بصورة جيدة». كما تنصح بتناولها مع الطعام، فقد لا يسهل امتصاصها على معدة خاوية.
كما يمكن أن يؤدي الفقدان الشديد للوزن، والتطهير، وسوء التغذية إلى المشكلات التالية...
> فقدان العظام. تقول الدكتورة بنتلي إن خطر الإصابة بكسر العظام أعلى 7 مرات لدى الأشخاص المصابين بفقدان الشهية العصابي مقارنة بعامة الناس. في حين أنه لا يُوصى بإجراء اختبار كثافة العظام بصورة روتينية للنساء في الخمسينات من أعمارهن، إلا أن الدكتورة تطلبه لأولئك الذين تعتقد أنهم قد يعانون من اضطراب الأكل، إضافة إلى أولئك الذين تعرضوا لكسر العظام.
> مشكلات في القلب. يمكن أن يؤدي انخفاض مستويات الإلكتروليت (كهرل) في الجسم نتيجة اضطراب الأكل إلى عدم انتظام ضربات القلب. كما أن النساء في أواسط العمر أكثر عرضة لتناول الأدوية لعلاج الحالات المزمنة، التي يمكن أن تزيد من تلك المخاطر. تقول الدكتورة بيك: «إنها وصفة لأكثر حالات الطوارئ الطبية، لأن جسدك ليس مرناً كما كان عندما كان عمرك 16 عاماً».
> أمراض الرئة. تضعف عضلات الصدر مع مرور الوقت، خاصة عند الأشخاص الذين يجبرون أنفسهم بشكل متكرر على التقيؤ. وهذا يزيد من مخاطر الإصابة بالالتهاب الرئوي.
> مشكلات الجهاز الهضمي. لا يمكن اعتبار الارتجاع، أو الانتفاخ، أو الغثيان، أو القيء، أو الإمساك، أو الإسهال من تداعيات الشيخوخة، لكنها بدلاً من ذلك قد تكون مرتبطة باضطراب الأكل.
> داء السكري. تقول الدكتورة بنتلي إن الأشخاص المصابين باضطراب نهم الطعام لديهم معدلات أعلى بكثير من داء السكري، الذي من المحتمل أن يغذيه ارتفاع نسبة السكر في الدم بصورة متكررة بعد الالتهام.
> تمزق (تفسخ) الجلد. يشيع ضعف التئام الجروح، وكذلك تجاعيد الوجه العميقة لدى الأشخاص المصابين بفقدان الشهية منذ فترة طويلة، كما تقول الدكتورة بنتلي. وربما تعكس هذه الحالة سوء الوضع الغذائي بصفة عامة.
في حين أن اضطرابات الأكل تحصد أرواحاً أكثر من أي نوع آخر من الأمراض النفسية، فإن 27 بالمائة فقط من المصابين بها يطلبون المساعدة الطبية. ويمكن لفريق من المختصين في مجال الصحة، الذي يشتمل على إخصائي التغذية والمُعالج، أن يساعد المرضى لتعزيز الصحة البدنية والعقلية بصورة أفضل. إذا كنتِ مرتابة في إصابتك باضطراب الأكل، فلا تخشي من الحديث بصراحة مع طبيبك. فإنه مدرب على تقييم وعلاج اضطرابات الأكل كما هو الحال في أي حالة طبية أخرى، من دون الحكم الشخصي على الحالة.

* رسالة هارفارد «مراقبة صحة المرأة» - خدمات «تريبيون ميديا»



تدريب لتحسين حياة مرضى سرطان الثدي

الرياضة تحسن جودة الحياة وتقلل التعب المرتبط بسرطان الثدي (جامعة جنوب كاليفورنيا)
الرياضة تحسن جودة الحياة وتقلل التعب المرتبط بسرطان الثدي (جامعة جنوب كاليفورنيا)
TT

تدريب لتحسين حياة مرضى سرطان الثدي

الرياضة تحسن جودة الحياة وتقلل التعب المرتبط بسرطان الثدي (جامعة جنوب كاليفورنيا)
الرياضة تحسن جودة الحياة وتقلل التعب المرتبط بسرطان الثدي (جامعة جنوب كاليفورنيا)

أظهرت دراسة ألمانية أن برنامجاً يركز على التدريبات البدنية يمكن أن يحسن جودة الحياة لدى مرضى سرطان الثدي النقيلي.

أوضح الباحثون بقيادة المركز الألماني لأبحاث السرطان، أن هذا البرنامج أدى إلى تحسن ملحوظ في جودة الحياة، وتراجع كبير في التعب، وفق النتائج التي نشرت، الخميس، في دورية «Nature Medicine».

وسرطان الثدي النقيلي، أو المتقدم، هو نوع من السرطان ينتشر من الثدي إلى أجزاء أخرى في الجسم، ويتضمن انتشار الخلايا السرطانية إلى العظام والرئتين والكبد والدماغ، ويحدث هذا الانتشار عندما تنتقل الخلايا السرطانية من الورم الأصلي في الثدي عبر الدم أو الجهاز الليمفاوي إلى أجزاء أخرى من الجسم.

وتعد المحافظة على جودة الحياة أو تحسينها وتخفيف التعب أهدافاً مهمةً في رعاية مرضى السرطان، إذ يؤثر المرض نفسه وعلاجاته على جودة الحياة، كما يعاني العديد من المرضى من متلازمة التعب، التي تؤدي إلى الإرهاق البدني والعاطفي والعقلي المستمر.

وشملت الدراسة 355 امرأة ورجلين مصابين بسرطان الثدي النقيلي في ألمانيا، وقسموا إلى مجموعتين، الأولى انخرطت في البرنامج التدريبي، الذي شمل جلستين أسبوعياً على مدى 9 أشهر، فيما لم تشارك المجموعة الأخرى في البرنامج.

وتضمن البرنامج التدريبي الفردي تحت إشراف علاجي تمارين لتعزيز التوازن وقوة العضلات والقدرة على التحمل.

وحصل جميع المشاركين في الدراسة على توصيات أساسية لممارسة الرياضة، وتم تزويدهم بجهاز تتبع النشاط لتسجيل مقدار التمرين الذي قاموا به في حياتهم اليومية.

وجرى سؤال المشاركين عن جودة حياتهم باستخدام استبيان موحد يأخذ في الاعتبار الجوانب البدنية والعقلية والعاطفية لجودة الحياة في بداية الدراسة، وبعد 3 و6 و9 أشهر.

بالإضافة إلى ذلك، أجرى الباحثون استبياناً موحداً لتقييم أعراض التعب، وتم اختبار اللياقة البدنية في البداية، وفي فواصل زمنية مدتها 3 أشهر باستخدام جهاز الدراجة الثابتة.

ووجد الباحثون أن المجموعة الأولى انخفضت لديها الأعراض المرتبطة بالمرض والعلاج بشكل ملحوظ، ما أدى إلى تحسين جودة الحياة، مقارنة بالمجموعة الأخرى.

وأدى البرنامج التدريبي المنظم إلى تحسين ملحوظ في جودة الحياة وانخفاض كبير في التعب، حيث انخفضت شكاوى مثل الألم وضيق التنفس بشكل ملحوظ خلال فترة الدراسة. وكانت نتائج اختبار اللياقة البدنية في مجموعة التدريب أفضل من مجموعة التحكم.

وقال الباحثون إن النساء المصابات بالسرطانات المتقدمة مثل سرطان الثدي النقيلي، اللاتي يتلقين العلاج طويل الأمد، يمكن أن يستفدن بشكل كبير من إدارة الأعراض المرتبطة بالمرض والعلاج بشكل جيد.

وأضافوا أن التأثيرات الإيجابية المشجعة للغاية للبرنامج التدريبي يمكن أن تجعل مرضى سرطان الثدي المتقدم يعيشون حياة أفضل ويتمتعون بلياقة بدنية أكبر.