متى يظهر مثل «ذاك الولد» الذي غيّر تاريخ العالم؟

تشرتشل، صاحب التمثال في لندن، كان يقول «من شبّ على شيء شاب عليه» (رويترز)
تشرتشل، صاحب التمثال في لندن، كان يقول «من شبّ على شيء شاب عليه» (رويترز)
TT

متى يظهر مثل «ذاك الولد» الذي غيّر تاريخ العالم؟

تشرتشل، صاحب التمثال في لندن، كان يقول «من شبّ على شيء شاب عليه» (رويترز)
تشرتشل، صاحب التمثال في لندن، كان يقول «من شبّ على شيء شاب عليه» (رويترز)

لا يمكن لمن يتابع الأوضاع في بريطانيا والأزمات التي تتخبط بها هذه الأيام، أن يتساءل: هل أصبحت تلك الإمبراطورية التي لم تكن تغيب عنها الشمس عاجزة عن إنتاج شخصية مثل تشرشل الذي لمع في قيادة تلك الإمبراطورية التي امتد استعمارها إلى الهند، وشمال وجنوب أفريقيا، ونيجيريا، وآسيا، والشرق الأوسط؟
ربما من المفيد تذكير الذين يتولون القيادة في بريطانيا، وربما تعريف الأجيال الجديدة في بريطانيا وغيرها من الدول، بتلك الشخصية التي تشعبت ميزاتها في عدة اتجاهات متجانسة أحياناً ومتناقضة أحياناً أخرى. لم تعرف الانكسار يوماً حتى عندما كانت في أحلك الظروف وفي خضم الحروب والأخطار حيث الفشل كان مؤكداً.
عرفناه سياسياً ورجل دولة وعرفناه مراسلاً صحافياً حربياً، عرفناه وزيراً وعرفناه كاتباً وأديباً، عرفناه رئيس وزراء وعرفناه مؤرخاً، عرفناه خطيباً قائداً وعرفناه رساماً فناناً، فكان رجلَ علم وعمل، ورئيس وزراء أوحد نال جائزة نوبل للآداب، وأول من منحته الولايات المتحدة الأميركية الجنسية الفخرية في عهد الرئيس جون كينيدي. إنه الرجل الذي ترك بصمة راسخة في قيادة الإمبراطورية البريطانية العظمى والكومونولث في سنوات الحرب العالمية الثانية العصبية الحرجة، فكان صاحب الرؤية والشجاعة والحنكة والذكاء لجعل النصر ممكناً عندما شعر بأن الخطر بات قريباً من بلاده.
وينستون ليونارد سبنسر تشرشل، الولد البكر الذي ينحدر من سلالة الدوقات الأرستقراطية لعائلات مارلبورو، وهي أحد فروع عائلة سبنسر الأشهر في بريطانيا، كان مستعجلاً للخروج إلى الدنيا في ولادة مبكرة في 30 نوفمبر (تشرين الثاني) عام 1874 وقبل شهرين من موعدها في «قصر بلانهايم»، الذي وهبه البرلمان الإنجليزي إلى جون تشرشل الدوق الأول لعائلة مارلبورو في أكسفورد شاير في إنجلترا، وعاش فيه والده اللورد راندولف تشرشل، بعد دوق مارلبورو السابع، الوالد السياسي ذو الشخصية الكاريزمية الذي تبوّأ منصب وزير خزانة وأسس الحزب الرابع في البرلمان البريطاني وهو حزب «التوري - المحافظون الديمقراطيون» إلى جانب الأحزاب الثلاثة القائمة آنذاك: «المحافظون»، و«الليبراليون»، و«الآيرلنديون الوطنيون». أما والدته جيني فهي ابنة الرجل البارز في المجتمع الأميركي ليونارد جيروم المشهور في حلبات سباق الخيل ونوادي اليخوت، والجد الذي أحبه وينستون كثيراً وقال عنه: «إنه رجل رائع حقاً، يحب ما يفعل ويفعل ما يحب. أما جيروم فهي عائلة بغيضة ما عداي، فأنا العضو الوحيد الأليف بينهم».
وينستون، المولود الجديد البكر لعائلة عريقة معروفة، كيف ستكون طفولته؟ بالطبع، سيكون طفلاً محبوباً ومدلّلاً والعطف والحنان يحيط به من الجميع، خصوصاً من والديه. لكن للأسف، لم يكن الأمر كذلك، إن هذا الطفل الجميل جداً، كما وصفه أبوه، أُهمل وتُرك وحيداً في غرفته، فأبواه اللذان أحبا أحدهما الآخر كثيراً كانا مغرمين بحياة اللهو والسهر والسياسة بحضور أمير ويلز وفي عهد الملك إدوارد الثاني، أكثر مما كانا مغرمين بطفلهما الصغير ونادراً ما كانت الأم تدخل غرفة حضانته لتلقي نظرة خاطفة عليه، والأب كذلك. هكذا تُرك الطفل المسكين منذ ولادته برعاية مربيته التي أحبته كثيراً، رعته أكثر من والديه وكانت بمثابة أُم ثانية. إنها السيدة أفرست التي عوّضته عن حنان أمه وأبيه واهتمت به وهو صغير، وبنشأته وهو ينمو ويكبر، وبمتابعة دراسته وهو في المدرسة. وعندما دعتها المدرسة في هارو للحضور واصطحابه لقضاء العطلة الصيفية في منزله، طلبت منها إحضار أفضل بنطال لديه من أجل إلقاء قصيدة في منافسة شعرية لم يحضرها والداه المنهمكان بحياتهما فكان اللهو أهم لديهما من مشاهدة وسماع ولدهما ذي الاثنى عشر ربيعاً وهو يلقي قصيدة مؤلَّفة من ألف ومائتي بيت نال على أثرها الجائزة الوحيدة التي حازها في حياته وهي «جائزة ماكولي» للمنافسة الشعرية، كانت السيدة أفرست السيدة الوحيدة الموجودة من العائلة لتشجيعه.
إننا نتساءل: كيف كان شعوره حينئذٍ يا تُرى، هذا الولد الذكي الذي كان والده المتنمّر اللورد راندولف تشرشل يصفه بـ«ذاك الولد» البليد الكسول الذي لم يجده نافعاً في شيء؟!
أُرسل وينستون إلى مدرسة سانت جورج البريطانية، في أسكوت، في بيركشاير لمدة سنتين (1882 – 1884) أمضى خلالهما أسوأ سنين حياته. فمدير المدرسة، القس الساديّ هربرت ويليام، كان يؤمن بالعنف، وذات مرة ضربه ضرباً مبرحاً بالعصا مسبباً له بقعاً حمراء وندوباً وربما جروحاً، وكل ذلك من أجل سرقة حفنة من السَّكر. لكنَّ وينستون الذي لا يسكت عن ضيم، انتظر حتى تعافى ثم استغلّ الفرصة ليتسلّل إلى غرفة القس ويسرق قبعته القشّية التي يرتديها في المناسبات الرسمية وأخذ يركلها حتى مزّقها إرباً ورماها في الغابة. ثار وينستون ضد السلطة والظلم في المدرسة لذلك لم يأبه للاجتهاد والعمل والنجاح فيها. كل هذا ولّد لديه نقمة ليجعل منه تلميذاً متمرداً ثورياً عنيداً سيئ السلوك كسولاً مهملاً. فطبيعته الثورية لم تتأقلم مع النظام والانضباط والسلطة. وهكذا، جاء في الفصل الأول في المرتبة الحادية عشرة في صف كان عدده أحد عشر تلميذاً. عاش وينستون بين أبٍ متنمّر ومدير معنّف وما يحبس في داخله من كرهٍ ورفضٍ وخيبة أمل، والمأساة هي أن والده تأخر ليكتشف الحقيقة. فأرسله إلى مدرسة في برايتون تديرها سيدتان، لكنَّ وينستون سرعان ما أُصيب بالتهاب رئوي وكاد يفارق الحياة في سن الحادية عشرة. لدى شفائه، عاد والده اللورد راندولف بذاكرته إلى الوراء، أيام كان يراه وهو يلعب بألعاب الجنود باهتمام وتركيز لافت وهو جالس على أرض غرفة حضانته، فقرر إرساله إلى مدرسة هارو لإلحاقه بالكلية العسكرية الملكية البريطانية فيما بعد.
ذهب وينستون إلى المدرسة الرسمية الكبرى في هارو القريبة من لندن، وللمفارقة التقى فيها تلميذاً آخر هو اللورد بايرون فأصبحا اللوردين الوحيدين فيها. وأيضاً، اتّسم الفصل الأول بالإهمال، لكن الشيء الإيجابي الوحيد كان تفوّقه في مادة التاريخ التي أحبها كثيراً. وفي هذه المدرسة بالذات شعر لدى سماعه الأغاني الحماسية والأناشيد المدرسية بشيء رائع في داخله. تحرّك فيه الحس القومي وحبه للوطن لذا حفظ القصيدة المؤلفة من ألف ومائتي بيت عن ظهر قلب، والتي تتحدث عن أن الجميع يعمل من أجل الدولة لا من أجل الحزب والناس كلهم سواسية يحب بعضهم بعضاً ولا فرق بين فقير وغني.
بعد تخرّجه في هذه المدرسة، ولا أدري كم كان معدله، قرر والده إرساله إلى الكلية الحربية في ساندهرت وكان وينستون في سن السادسة عشرة حينها، لكن في الواقع أن السيدة أفرست هي التي شجعته على الانضمام إلى الكلية قائلةً: «أتمنى أن تحاول وتجتهد جيداً يا أعز الناس كي تسعد أمك وأباك، وتخيّب آمال الذين يتنبأون لك بمستقبل غير باهر. وهكذا تقدم وينستون للامتحان ثلاث مرات قبل أن ينجح في المرة الأخيرة وينضم إلى الكلية ويتخرج بعدها في المرتبة العشرين».
السؤال الذي يجول في البال: هل أثّر إهمال والديه في تطوّر حياته؟
أحب وينستون أمه كثيراً ولم يُلقِ اللوم عليها أبداً، بل بالعكس، أقنع نفسه بأنها أحبته كثيراً، فقال لها: «الآن، أنا حبيبك...». لكن بعد سنوات مضت أخذ يتذكر علاقته بأمه بطريقة أكثر صدقاً وعيناه الزرقاوتان تشعُّ فرحاً قائلاً: «كانت أمي أميرتي الجميلة المتألقة دائماً، ونورها يسحرني (كنجمة المساء). أحببتها كثيراً من بعيد». كذلك فعل أبوه أيضاً فأبقى المسافة بعيدة بينهما. يتذكر وينستون أنه، ذات مرة، عندما حاول تقديم المساعدة لأبيه، تجّمد مكانه متفاجئاً بعد أن شاهد ردة فعل أبيه السلبية الباردة، وفي وقت لاحق في أثناء قيادة السيارة آخر مرة إلى المحطة وبرفقته هو وأمه، ربت أبوه على ركبته وكانت تلك المرة الوحيدة التي أظهر فيها اللورد راندولف حبه لابنه، حيث توفي عن عمر يناهز خمسة وأربعين عاماً بعد معاناة من شلل دام سبع سنوات عانت بعدها العائلة من ظروف مادية صعبة وكان وينستون حينئذٍ في الحادية والعشرين من عمره.
كتب وينستون لأمه وهو في الثمانية عشر ربيعاً قائلاً: «لا أستطيع أن أقوم بشيء بشكل صائب... أظن أنني سوف أكون دائماً (ذاك الولد)، حتى ولو أصبحت في الخمسين».
يمكن أن يقال كثيراً عن السير وينستون تشرشل مما نعرفه ومما لا نعرفه، وكما يقول المثل: «في السادسة كذلك في الستين»، أو «من شبّ على شيء شاب عليه»، فإن هذه الطفولة البائسة الحزينة والمعاناة من حرمان عاطفي وتعنيف معنوي وجسدي وهذه الحياة التي تميّزت بالقهر والظلم، وللمفارقة، انعكست إيجاباً، ولحسن الحظ، على شخصية مستقلة قوية في قراراتها كما ظهر في رفضه الخضوع لألمانيا في أثناء الحرب العالمية الثانية رغم خضوع بعض دول الحلفاء لها، شخصية قادرة على الصبر والتحمّل وعدم السكوت عن ضيم، وهذا ما سبَّب له فشلاً عدة مرات كان المسؤول عن بعضها اتخاذ قرارات خاطئة عائدة لسياسيين آخرين، شخصية لا تنكسر ولا تتقبّل الإحباط، وعند شعوره بذلك كان وينستون يلجأ إلى الكتابة والرسم، شخصية ذات قدرة على الإقناع كالخطابات التي ألقاها أمام الشعب الإنجليزي إبّان وفي أثناء الحرب العالمية الثانية وقدرته على إقناع الولايات المتحدة الأميركية في عهد الرئيس روزفلت لدخول الحرب مع الحلفاء بعد غارات الطائرات اليابانية على قاعدة «بيرل هاربر» البحرية وتدمير الأسطول الأميركي فيها وإلحاق الهزيمة بدول المحور، ما غيّر مسار الحرب ومجرى التاريخ أيضاً. إنّ «ذاك الولد غيّر تاريخ العالم»، وغيرها من الأحداث المشهود لها.
يمكن أن يُقال الكثير عن هذا الطفل وهذا الرجل الذي تميّز بصفات قلّ نظيرها، فأين نحن من شخصية كهذه تظهر فجأة كمعجزة في بلد ما لتنقذه من محنته؟!
- باحثة لبنانية


مقالات ذات صلة

لماذا علينا أن نسامح الآخرين؟

تحقيقات وقضايا لماذا علينا أن نسامح الآخرين؟

لماذا علينا أن نسامح الآخرين؟

بعد ظهر أحد أيام ربيع عام 1985 في مدينة غاري بولاية إنديانا، الولايات المتحدة الأميركية، قتلت فتاة تبلغ من العمر خمسة عشر عاماً امرأة مسنّة بعد أن اقتحمت منزلها. مدينة غاري لها تاريخ طويل من التوترات العرقية بين السكان البيض والسود، وحيث إن الفتاة، واسمها بولا كوبر، كانت سوداء البشرة والضحية، روث بيلك (77 سنة)، من العرق الأبيض، سارعت الصحافة المحلية لتغطية الحادثة لصب الزيت على النار وفسرت الجريمة على أنها ذات بعد عرقي. لكن الشرطة قالت حينها، إن الجريمة حدثت بدافع السرقة، وإن ثلاث فتيات أخريات شاركن في ارتكاب الجريمة، إلا أن الفتيات الأخريات قلن إن بولا كانت زعيمة العصابة.

تحقيقات وقضايا الصوم... قاسم مشترك للضمير الإنساني

الصوم... قاسم مشترك للضمير الإنساني

يكاد يكون الصوم الشعيرة التعبدية الوحيدة في مختلف الأديان والمعتقدات ذات الالتصاق الوثيق بالضمير الإنساني؛ إذ لاحظ باحثون في تاريخ الحضارات القديمة أن ظاهرة الصوم كانت حاضرة بقوة لدى مختلف الشعوب. وتُجمِع معظم الأديان والثقافات على اعتبار الصوم فرصة للتجدّد الروحي والبدني. فقد كان الصوم عبادة يتبارك بها البشر قبل الذهاب إلى الحروب، ولدى بعض الحضارات ممارسة جماعية لاتقاء الكوارث والمجاعات. شعوب أخرى حوّلته طقساً للإعلان عن بلوغ أفرادها اليافعين سن الرشد.

أحمد الفاضل
تحقيقات وقضايا هل يجوز أن تتحوّل الحقيقة إلى موضوع حواريّ؟

هل يجوز أن تتحوّل الحقيقة إلى موضوع حواريّ؟

لا ريب في أنّ أشدّ ما يهزّ الوجدان الإنسانيّ، في بُعدَيه الفرديّ والجماعيّ، أن يجري تناولُ الحقيقة الذاتيّة على لسان الآخرين، وإخضاعُها لمقتضيات البحث والنقد والاعتراض والتقويم. ما من أحدٍ يرغب في أن يرى حقيقته تتحوّل إلى مادّةٍ حرّةٍ من موادّ المباحثة المفتوحة. ذلك أنّ الإنسان يحبّ ذاتَه في حقيقته، أي في مجموع التصوّرات والرؤى والأفكار والاقتناعات التي تستوطن قاعَ وعيه الجوّانيّ.

باسيل عون (مشير)
تحقيقات وقضايا مجموعة احتجاجية تطلق على نفسها «بقيادة الحمير» تصب طلاء أصفر على طريق في لندن 23 فبراير الماضي (رويترز)

هل يجب أن نقبل ما يقوله الآخرون في امتداح هويّتهم؟

غالباً ما نسمع الناس يمتدحون ما هم عليه، سواءٌ على مستوى هويّتهم الفرديّة أو على مستوى هويّتهم الجماعيّة. لذلك نادراً ما وقعتُ على إنسانٍ يعيد النظر في هويّته الذاتيّة الفرديّة والجماعيّة. ذلك أنّ منطق الأمور يقتضي أن يَنعم الإنسانُ بما فُطر ونشأ عليه، وبما انخرط فيه والتزمه، وبما اكتسبه من عناصر الانتماء الذاتيّ. فضلاً عن ذلك، تذهب بعض العلوم الإنسانيّة، لا سيّما علوم النفس، مذهباً قصيّاً فتوصي بامتداح الأنا حتّى يستقيم إقبالُ الإنسان على ذاته، إذ من الضروريّ أن نتصالح وذواتنا حتّى نستمرّ في الحياة.

باسيل عون (مشير)
تحقيقات وقضايا أناس يشاهدون انطلاق مركبة «سبيس إكس» إلى الفضاء في 27 فبراير الماضي (رويترز)

عن «الإنتروبيا» والجدل والتسبيح

من نقطة «مُفرَدة» أولى، لا «أين» فيها ولا «متى»، فيها كل الزمان وكل المكان وكل الطاقة، مدمجين بنظام لا عبث فيه ولا خلل. كانت البداية، ومنها كانت كل البدايات، ينبعث من عِقالِ المفردة الأولى وتراتبيتها الصارمة فوضى كبيرة في انفجار كبير. ومن تلك الفوضى ينبت الزمكان وتنبعث الطاقة وتتخلق المادة، منها كان الكون بأجرامه ومخلوقاته، بل وكانت الأكوان وأجرامها ومجراتها ومخلوقاتها. فكأن قصة الكون وقصتنا معه، «هي أن تراتبية ونظاماً مكثفاً مدمجاً.


في ذكرى 7 أكتوبر... «إسرائيل التي تعرفونها لم تعد قائمة»

TT

في ذكرى 7 أكتوبر... «إسرائيل التي تعرفونها لم تعد قائمة»

دمار واسع جراء الغارات الإسرائيلية على خان يونس في 26 أكتوبر 2023 (أ.ف.ب)
دمار واسع جراء الغارات الإسرائيلية على خان يونس في 26 أكتوبر 2023 (أ.ف.ب)

بعد يومين اثنين من هجوم «حماس» على البلدات والمواقع العسكرية القائمة في غلاف غزة، يوم 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، طلب عدد من الضباط الإسرائيليين الاجتماع بنظرائهم من أجهزة الأمن الفلسطينية، وأبلغوهم بأن «إسرائيل التي يعرفونها حتى اليوم لم تعد قائمة. ستتعرفون على إسرائيل أخرى».

لم يقولوا هذه الكلمات بلهجة توحي بمضمون العداء والتهديد. لكنها قيلت بمنتهى الصرامة. كان الوجوم طاغياً على الوجوه. فهؤلاء الضباط يعرفون بعضهم جيداً. هم الطاقم الذي يمثّل حكومة إسرائيل، من جهة، والحكومة الفلسطينية، من جهة ثانية، والمهمة الموكلة إليه هي القيام بما يعرف على الملأ بـ«التنسيق الأمني» بين الطرفين. اجتماعات هؤلاء الضباط مستمرة منذ توقيع اتفاقات أوسلو وإقامة السلطة الفلسطينية قبل 30 سنة، وهي تُعقد تقريباً بشكل يومي.

وعلى عكس الانطباع السائد لدى كثيرين، لم يقتصر التنسيق بينهم أبداً على الملفات الأمنية. كانوا يجتمعون في البداية لغرض تطبيق الاتفاقات ومنحها طابعاً إنسانياً. اهتموا بقضايا تحسين العلاقات التجارية والاجتماعية والاقتصادية، وأيضاً الأمنية. اهتموا ذات مرة بمنح تصاريح العودة لعشرات الآلاف من الفلسطينيين الذين عادوا من الشتات واستقروا في الوطن. واهتموا بتسهيل خروج وعودة الطلبة الفلسطينيين الجامعيين وجلب عمال فلسطينيين إلى إسرائيل واستيراد البضائع الفلسطينية إلى إسرائيل أو تصديرها إلى الخارج. نظموا دوريات مشتركة لضمان سلطة نفاذ القانون التي كان فيها الضباط والجنود يتناولون الطعام معاً، وصاروا فيها يتقاسمون رغيف الخبز.

دمار واسع جراء الغارات الإسرائيلية على خان يونس في 26 أكتوبر 2023 (أ.ف.ب)

وقد شهدت العلاقات بينهما طلعات ونزلات كثيرة، وكان عليهم أن يمتصوا الأحداث العدائية. ففي الطرفين توجد قوى حاربت الاتفاقات ولم تطق سماع عبارة «عملية السلام». بدأ الأمر عام 1994 بمذبحة الخليل التي نفذها طبيب إسرائيلي مستوطن، والتي رد عليها متطرفون فلسطينيون بسلسلة عمليات انتحارية في مدن إسرائيلية. وعندما تمكن اليمين المتطرف في إسرائيل من اغتيال رئيس الوزراء، اسحق رابين، بهدف تدمير الاتفاقات مع الفلسطينيين، حصل تدهور جارف في العلاقات بين الطرفين.

وعندما فاز بنيامين نتنياهو بالحكم، أول مرة سنة 1996، زاد التوتر وانفجر بمعارك قتالية بين الجيش الإسرائيلي وبين ضباط وجنود في أجهزة الأمن الفلسطينية. وعند اندلاع الانتفاضة الثانية عام 2000، كادت تقع حرب بينهما. وعاد الجيش الإسرائيلي ليكرس الاحتلال وعادت الأجهزة الفلسطينية إلى قواعد منظمة التحرير وأيام الكفاح. لكن قادة الطرفين، بمساعدة الأميركيين ودول مختلفة، حاولوا تطويق الأوضاع.

وظل أعضاء فريقي التنسيق الأمني يلتقون وينسقون. تعاملوا مع بعضهم البعض على أساس المصالح المشتركة «بيزنِس»، لضمان الحد الأدنى من التواصل. وكل من الطرفين يعترف بأن الأمر ضروري وحيوي، برغم أن الشعبويين في إسرائيل يعتبرون ذلك استمراراً لاتفاقات أوسلو وتمهيداً للاعتراف بدولة فلسطينية، فيما بعض الفلسطينيين يعتبر ذلك تهادناً مع إسرائيل وتعاوناً معها «ضد المقاومة». ولكن رغم هذه الانتقادات من أطراف في الجانبين، يصمد فريق التنسيق في وجه تشويه جهوده. فالضباط من الطرفين يدركون أن فك التنسيق ثمنه باهظ، فلسطينياً وإسرائيلياً.

والجديد الآن أن الضباط الإسرائيليين يأتون إلى الاجتماعات وهم يؤكدون أنهم ينوون الاستمرار في التنسيق لكن الفلسطينيين «سيجدون إسرائيل مختلفة». كانوا صادقين. ورسالتهم هذه كانت موجهة ليس فقط للضباط أو المسؤولين الفلسطينيين، بل للشعب الفلسطيني كله... ومن خلاله إلى كل العالم.

دمار واسع في قطاع غزة بعد سنة على الحرب الإسرائيلية (الشرق الأوسط)

«واحة الديمقراطية».. لم تعد موجودة

مع مرور سنة كاملة على الحرب في غزة، يمكن القول إن إسرائيل تغيّرت بالفعل، منذ السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023. مقولة الجنرالات الإسرائيليين لنظرائهم الفلسطينيين يرددها جميع القادة الإسرائيليين السياسيين سواء كانوا في الحكومة أو المعارضة، كما يرددها القادة العسكريون من كل الأجهزة. يريدون تثبيت فكرة أن إسرائيل تغيّرت في عقول شعوب المنطقة والعالم. والواقع، أن هذه الفكرة باتت حقيقة مُرّة.

فإذا كان هناك من يعتبر إسرائيل «فيلّا جميلة في غابة موحشة» أو «واحة الديمقراطية في الشرق الأوسط» أو «دولة حضارية» أو «جبهة متقدمة للغرب في الشرق» أو «دولة التعاضد السكاني» أو «دولة القيم وحقوق الإنسان»، فإن كثيراً من قادتها وقسماً كبيراً من شعبها تنازلوا، كما يبدو، عن هذه المفاهيم تماماً، في أعقاب ما حصل في 7 أكتوبر. صاروا معنيين باستبدال هذه الصفات. فالفيلّا أصبحت الغابة. والواحة باتت منطقة جرداء. والدولة الحضارية باتت تتصرف كوحش جريح. والتعاضد السكاني صار جبهة واحدة ضد العرب. والقيم وحقوق الإنسان ديست بأقدام الجنود ودباباتهم وغاراتهم. كأن إسرائيل تريد أن يتم النظر إليها بوصفها جرافة تدمر كل ما ومن يعترض طريقها، أو كأنها «دولة الانتصار على كل أعدائها».

تُعبّر الأرقام في الواقع عن نتيجة هذا التغيّر في طريقة تصرف الإسرائيليين. إذ تفيد إحصاءات الحرب في قطاع غزة بأن 60 في المائة من البيوت والعمارات السكنية مدمرة، والبقية متصدعة أو آيلة إلى الانهيار وغير آمنة. وفي مقدمها المستشفيات والعيادات الطبية والمساجد والكنائس والجامعات والمدارس ومخيمات اللاجئين. كلها دُمّرت بقرارات لا يمكن سوى أن تكون «مدروسة» ولأغراض «مدروسة»، بحسب ما يعتقد كثيرون. أما حصيلة القتلى فتقترب من 42 ألفاً، ثلثاهم نساء وأطفال. والجرحى أكثر من 100 ألف. وهكذا تدخل الحرب في غزة التاريخ كواحدة من أكثر الحروب دموية في القرن الحادي والعشرين، وفق تقرير لصحيفة «هآرتس» اعتمد تدقيقاً للبيانات بما في ذلك معدل ووتيرة الوفيات، إضافة إلى الظروف المعيشية للسكان في القطاع.

تقول الصحيفة إنه في الوقت الذي يتشبث فيه رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، وغيره من المتحدثين الإسرائيليين بحجتهم المفضلة، وهي اتهام المجتمع الدولي بالنفاق فيما يتعلق بالحرب في قطاع غزة، والادعاء بأنه يتجاهل الصراعات والكوارث الإنسانية الأخرى، فإن الأرقام المسجلة حتى الآن تجعل الحرب في غزة تتجاوز دموية النزاعات في كل من العراق وأوكرانيا وميانمار (بورما). وبما أن عدد سكان غزة لا يتجاوز مليوني شخص، وعدد القتلى يضاهي 2 في المائة من السكان، فإن مقارنة بسيطة مع إسرائيل تبيّن أنه لو قُتل في إسرائيل 2 في المائة من السكان لأصبح عدد القتلى 198 ألفاً.

يقول البروفسور، مايكل سباغات، من جامعة لندن للصحيفة: «من حيث العدد الإجمالي للقتلى، أفترض أن غزة لن تكون من بين أكثر 10 صراعات عنفاً في القرن الحادي والعشرين. ولكن بالمقارنة مع النسبة المئوية للسكان الذين قتلوا، فإنها بالفعل ضمن الخمسة الأسوأ في المقدمة». ويضيف سباغات، وهو باحث في الحروب والنزاعات المسلحة ويراقب عدد الضحايا في تلك الأزمات: «إذا أخذنا في الاعتبار مقدار الوقت الذي استغرقه قتل واحد في المائة من هؤلاء السكان، فقد يكون ذلك غير مسبوق».

ووفق حساباته، فإنه في الإبادة الجماعية للروهينغا في ميانمار، على سبيل المثال، قتل نحو 25 ألف شخص، وفقاً للأمم المتحدة. وفي الإبادة الجماعية للإيزيديين على يد تنظيم «داعش»، في عام 2015، تشير تقديرات الخبراء إلى أن 9100 شخص قتلوا، نصفهم من خلال العنف المباشر والنصف الآخر بسبب الجوع والمرض، بالإضافة إلى الآلاف الذين اختطفوا.

عائلات المحتجزين الإسرائيليين في غزة تشكو من أن الحكومة تتجاهل مصيرهم (أ.ف.ب)

ومنذ بدء الحرب في غزة، بلغ متوسط معدل الوفيات نحو 4 آلاف وفاة شهرياً. بالمقارنة، في السنة الأولى من الحرب في أوكرانيا، بلغ معدل الوفيات 7736 شهرياً، بينما في أكثر سنوات الحرب دموية في العراق، في عام 2015، كان عدد القتلى نحو 1370 شهرياً. في هاتين الحربين، كان العدد الإجمالي للقتلى أعلى بكثير مما كان عليه في الحرب في غزة، لكن هذين الصراعين استمرا، وما زالا مستمرين، لفترة أطول بكثير.

الحرب في غزة تبرز أيضاً بالمقارنة مع حروب تسعينات القرن العشرين، على غرار الحرب في دولة يوغوسلافيا السابقة. واحدة من هذه المناطق كانت البوسنة، وفي أسوأ عام من الصراع، 1991، كان متوسط عدد القتلى شهرياً 2097، والعدد الإجمالي للقتلى على مدى أربع سنوات كان 63 ألفاً.

الفرق الأبرز بين بقية حروب القرن الـ21 والحرب في قطاع غزة هو حجم الأراضي التي تدور فيها المعارك وعدم قدرة المدنيين غير المشاركين على الفرار من المعارك، وخاصة نسبة الضحايا بين إجمالي السكان. امتدت الجبهات في أكبر حروب هذا القرن، في سوريا والعراق وأوكرانيا، على مدى آلاف الكيلومترات ووقعت المذابح في مئات المواقع المختلفة. والأهم من ذلك، أن المدنيين في تلك الأماكن يمكنهم، حتى ولو بثمن مؤلم، الفرار إلى مناطق أكثر أماناً. ففي سوريا، غادر ملايين اللاجئين إلى بلدان أخرى، مثل الأردن وتركيا ودول أوروبية. كما غادر مئات الآلاف من اللاجئين الأوكرانيين مناطق خط المواجهة وانتقلوا غرباً.

أما في غزة البالغة مساحتها 360 كلم مربعاً، أي جزءاً بسيطاً من حجم أوكرانيا، فقد اندلع القتال في كل مكان تقريباً من أرجائها، ولا يزال مستمراً. لقد تم تهجير معظم سكان القطاع، لكن هروبهم إلى المناطق التي حددها الجيش الإسرائيلي كمناطق آمنة لم يساعد دائماً، وقتل العديد منهم في هذه المناطق أيضاً. بالإضافة إلى ذلك، فإن الظروف المعيشية في هذه المناطق المصنفة إنسانية، قاسية للغاية، إذ يعاني اللاجئون من الاكتظاظ والمرض ونقص المأوى الآمن ونقص الأدوية وأكثر من ذلك.

والمشكلة الأكبر أن كثيراً من هذه الفظائع تم ويتم بقرارات واعية من المسؤولين الإسرائيليين. فإذا وصلت معلومة للمخابرات الإسرائيلية أو شبهة بأن فلاناً ناشط في «حماس»، كان يتم قصف بيته على من فيه، بلا انذار أحياناً أو بإنذار وجيز. وإذا دخل عنصر يعتبر «مطلوباً»، من أي تنظيم فلسطيني، إلى مقهى، كان يتم قصف المقهى على من فيه. وحتى المسجد كان يتم تدميره أيضاً في حال اشتبهت إسرائيل بأن شخصية ما تختفي داخله.

التغيير الجديد... نظرة فوقية

في الماضي كان الإسرائيليون يقومون بمثل هذه الممارسات، لكنهم كانوا يخجلون منها. يحاولون التستر عليها. كانوا يكسرون ويجبرون. فمقابل القتل والبطش كانوا يبرزون قصصاً لجنود قدموا المساعدة. ظهر معترضون نددوا بالبطش ضد الفلسطينيين الأبرياء. أما اليوم فلم يعد هناك شيء من هذا. كثيرون في إسرائيل باتوا يقولون إنه لا يوجد في نظرهم أناس أبرياء. فالعائلات الفلسطينية تساند أولادها، ولذلك يجوز معاقبتها. الطفل الفلسطيني سيكبر ويصبح جندياً، ولذلك فلا يجب أن ترحمه.

وإذا كان شبان مخيمات اللاجئين يقاومون، فيمكن أن يتم حرمان كل سكان المخيم من الماء والكهرباء والبنى التحتية، عقاباً لهم. بات الفلسطينيون «حيوانات»، بحسب وصف وزير الدفاع يوآف غالانت المفترض أنه من يرسم سياسة الجيش. والحقيقة أن هذه النظرة الفوقية تجاه الفلسطينيين صارت سائدة اليوم في المجتمع الإسرائيلي، ورغم أن هذا الاستعلاء هو بالذات ربما ما أوقع إسرائيل في إخفاقات 7 أكتوبر. باغتتها «حماس»، بلا شك، بهجوم شديد يومها. ولولا أن مقاتلي الحركة وقعوا في مطب أخلاقي شنيع، ارتكبت خلاله ممارسات مشينة ضد المدنيين الإسرائيليين، لكان هجومهم اعتُبر ناجحاً، بغض النظر عن النتائج التي أدى إليها لاحقاً. فقد احتلوا 11 موقعاً عسكرياً وأسروا عدداً من جنود وضباط الجيش الإسرائيلي.

صور وتذكارات لإسرائيليين خُطفوا أو قُتلوا في هجوم «حماس» على موقع «سوبر نوفا» الموسيقي في غلاف غزة يوم 7 أكتوبر العام الماضي (إ.ب.أ)

لكن التغيير الذي أرادت إسرائيل أن يظهر للعرب، انسحب أيضاً على إسرائيل نفسها. لقد تغيرت تجاه الإسرائيليين أنفسهم. انتهى الخجل في السياسة الداخلية. فالائتلاف اليميني الحكومي، في نظر منتقديه، بات يسن قوانين تتيح الفساد، مثل القوانين التي تضرب استقلالية القضاء، والقانون الذي يضعف المراقبة على التعيينات الحكومية بحيث يمكن تعيين موظفين غير مؤهلين في مواقع إدارية رفيعة، والقانون الذي يوفر لرئيس الحكومة المتهم بالفساد تمويلاً لمصاريف الدفاع عن النفس في المحكمة من خزينة الدولة. أما القضاة في إسرائيل فباتوا يخافون الحكومة ويصدرون قراراتهم وفقاً لأهوائها، في كثير من الأحيان.

والأكثر من ذلك، لم تعد إسرائيل اليوم تتعامل مع حياة الإنسان الفلسطيني أو اللبناني بأنها رخصية، بل أيضاً مع حياة الإنسان الإسرائيلي. فالحكومة باتت تستخدم منظومة «بروتوكول هنيبعل»، الذي يقضي بقتل الجندي الإسرائيلي مع آسريه، حتى لا يقع في الأسر.

في معركة مارون الراس الأخيرة في الجنوب اللبناني، أمر الضباط جنودهم بخوض القتال لمنع عناصر «حزب الله» من أسر جثة جندي، وكلفها الأمر مقتل ستة جنود وجرح أكثر من عشرة. والمواطنون الإسرائيليون المحتجزون لدى «حماس» في غزة، مهملون، كما تقول أسرهم التي تتهم نتنياهو بأنه يرفض التوصل إلى صفقة تبادل تضمن إطلاق سراحهم.

وبدل احتضان عائلات هؤلاء المحتجزين، ينظم مناصرون للائتلاف اليميني الحاكم حملة تحريض عليهم ويعتدون على مظاهراتهم الاحتجاجية. وفوق ذلك كله، تبدو الحكومة وكأنها تشجع اليمين المتطرف على مهاجمة قيادة الجيش، فهي لم تحاسب مجموعات منهم نظّمت اعتداءات على معسكر للجيش، ولم تمنع حتى اعتداءات مستوطنين على الجنود الذين يحمونهم في الضفة الغربية.

إسرائيل اليوم صارت خانقة أيضاً للإسرائيليين الذين يفكرون بطريقة مختلفة عن الحكومة. كلمة سلام صارت لعنة. والخناق يشتد حول حرية الرأي والتعبير. واتهام المعارضين بالخيانة صار أسهل من شربة ماء.

والتغيير الأكبر، على الصعيد الداخلي، هو أن رئيس الحكومة ورؤساء ووزراء ائتلافه الحكومي، يعملون على المكشوف لتغليب مصالحهم الذاتية والحزبية على مصالح الدولة. ويقول منتقدو نتنياهو إنه يعرف أن الجمهور لا يريده في الحكم وينتظر أن تنتهي الحرب حتى يسقطه، ولذلك هو يعمل، ببساطة، على إطالة الحرب ليبقى في السلطة.

في ذكرى 7 أكتوبر، تبدو إسرائيل بالفعل وكأنها تغيّرت. قيادتها الحالية مصممة على تأجيج الصراع أكثر وتوسيعه. لا يهدد ذلك فقط بمزيد من التأجيل للتسوية مع الفلسطينيين، بل يخاطر أيضاً بحروب فتاكة قادمة تورثها إسرائيل لأبنائها وبناتها.