لماذا واشنطن منزعجة من «الدور الروسي» في ليبيا؟

سياسيون اعتبروا أن زيارة مدير وكالة الاستخبارات المركزية لطرابلس جاءت لـ«وقف توغله»

من لقاء سابق للدبيبة مع مدير وكالة الاستخبارات الأميركية وليام بيرنز في طرابلس (الحكومة)
من لقاء سابق للدبيبة مع مدير وكالة الاستخبارات الأميركية وليام بيرنز في طرابلس (الحكومة)
TT

لماذا واشنطن منزعجة من «الدور الروسي» في ليبيا؟

من لقاء سابق للدبيبة مع مدير وكالة الاستخبارات الأميركية وليام بيرنز في طرابلس (الحكومة)
من لقاء سابق للدبيبة مع مدير وكالة الاستخبارات الأميركية وليام بيرنز في طرابلس (الحكومة)

(تحليل سياسي)
أكد سياسيون ومحللون ليبيون أن وجود «المرتزقة»، والقوات الأجنبية المختلفة، يفتح الباب لمزيد من التدخلات الخارجية في البلاد، ضمن لعبة مصالح كبرى، مشيرين إلى أن زيارة مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية، وليام بيرنز، إلى طرابلس مؤخراً جاءت على خلفية قلق أميركي، وصراع خفي مع روسيا بشأن هذا الملف.
وتوجد في ليبيا قوات تابعة لشركة «فاغنر» الروسية، استعان بها «الجيش الوطني» في حربه على طرابلس، قبل وأثناء عام 2019 في مواجهة «مرتزقة سوريين»، وقوات تركية داعمة لقوات حكومة «الوحدة» المؤقتة.
وقال جلال حرشاوي، الباحث في مؤسسة «غلوبال أنيشاتيف»، إن أعداد المرتزقة التابعين لشركة «فاغنر» في ليبيا يقدرون ما بين ألفين وثلاثة آلاف عنصر في الوقت الراهن، مشيراً إلى إجلاء ما يقرب من 500 عنصر مع بداية الصراع في أوكرانيا في فبراير (شباط) العام الماضي.
ويعتقد حرشاوي، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن هناك «قلقاً أميركياً في الفترة الأخيرة بشأن الوجود الروسي في ليبيا، بالإضافة إلى انزعاج من التأثير الروسي على المؤسسة الوطنية للنفط»، واعتبر أن الوجود الروسي «خطير لأسباب كثيرة؛ أحدها اقتصادي»، لافتاً إلى بيان مصرف ليبيا المركزي الأخير حول أوجه الإنفاق خلال العام الماضي، وحصول المؤسسة الوطنية للنفط على ميزانية استثنائية تزيد على 34 مليار دينار ليبي.
من جهته، تحدث وكيل وزارة الخارجية الليبي الأسبق، حسن الصغير، عن أسباب الوجود الروسي في ليبيا، وقال إن الجيش الوطني اضطر لإحياء تحالف المؤسسة العسكرية القديمة مع المعسكر الشرقي «لمواجهة التغول التركي غير الرسمي في ليبيا». واستبعد الصغير، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «تنجح واشنطن في إنهاء هذا الوجود والدور الروسي الراهن بالمنطقة بسهولة»، ورأى أن موسكو «لن تفرط في ذلك بانتخابات ولا بقرارات أممية، والأمر يتوقف على مجريات الأحداث في أوكرانيا، وأدوات الغربيين بمحاربة روسيا في ليبيا».
وبخصوص علاقة الروس مع «الجيش الوطني» في الوقت الراهن، وهل باتت تتسم بالتوتر كما يصفها بعض المراقبين، ذهب الصغير إلى أنه «من الصعب الحكم على علاقات العسكريين ببعضهم كون ذلك يتطلب معلومات».
وقال بهذا الخصوص: «بالتأكيد حالة الاضطرار العسكري انتهت بانتهاء المعارك على تخوم طرابلس، ويظل التعامل مع الواقع الذي خلفه الاضطرار هو الملف الأصعب»، مشيراً إلى أن هذه الحالة «كرّست للوجود الأجنبي في طرابلس، متمثلاً في الأتراك والمرتزقة السوريين، والوجود الروسي غير الرسمي في قواعد وسط وجنوب البلاد».
وذهب الباحث بمعهد الدراسات الدولية في جامعة «جونز هوبكنز» الليبي حافظ الغويل إلى أن ليبيا «مجرد محطة انطلاق لتوغل الروس في القارة السمراء، فضلاً عما يتيحه الوجود فيها من البقاء جنوب قواعد الناتو في أوروبا». ورأى أن «وجودهم بكل من ليبيا وسوريا أتاح لهم حجز مقعد أمامي في أي عملية تسوية ستتم بشرق المتوسط، حيث منابع الغاز والنفط؛ وتلك ورقة ضغط إضافية لا تقل أهمية».
وبخصوص توقعه لتوقيت خروج عناصر «فاغنر» من ليبيا، قال الغويل إن «جميع القوات الأجنبية الموجودة في ليبيا لا تريد المغادرة قبل الأخرى، سواء التابعة لموسكو أو أنقرة، لكن الفارق هو أن الأتراك يحظون بغطاء سياسي، لأن دخولهم للبلاد جاء عبر مذكرات تفاهم أبرمت مع حكومة معترف بشرعيتها أممياً ودولياً، وهي حكومة الوفاق السابقة»، لافتاً إلى أن وجود العناصر التركية في ليبيا «أنقذ العاصمة من السقوط في يد قوات الجيش الوطني، وهو ما أكسبها قبولاً شعبياً واسعاً بالمنطقة الغربية».
ولم يعترض الغويل على ما أوردته آراء تحليلية بخصوص ارتباط زيارة بيرنز بملف إنهاء وجود «فاغنر» في ليبيا والقارة، لكنه شدد على أن الزيارة جاءت «لاستشعار واشنطن أن الأوضاع في ليبيا وصلت إلى مرحلة تتطلب المسارعة في تطويقها». وقال بهذا الخصوص: «ربما كانت أيضاً رسالة إنذار لحفتر ليتوقف عن التلميح باستخدام القوة».
بالمقابل، دافع المحلل السياسي الروسي، فيتشسلاف ماتازوف، عن الدور الروسي في ليبيا، ووصفه بـ«الضعيف جداً رغم تطلع وترحيب الليبيين بتعميقه». ونفى ماتازوف، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، ما طرحته الآراء السابقة عن تمثيل «فاغنر» للموقف الرسمي الروسي، قائلاً: «هناك روايات كثيرة عن بداية وجود (فاغنر) في ليبيا»، لافتاً إلى أنها «شركة تجارية تبيع خدماتها الأمنية لمن يدفع، وبالتالي وجودهم في ليبيا ليس خطة روسية».
وأضاف ماتازوف موضحاً: «روسيا منفتحة في علاقاتها مع القوى الليبية كافة، وليس الجيش الوطني فقط، وقد سمعت أن هناك خبراء روسيين تم التعاقد معهم للعمل بهدف إصلاح آليات ومعدات عسكرية كونها روسية الصنع، لكن هؤلاء موجودون أيضاً بطلب ليبي». واتهم ماتازوف واشنطن «بمباركة ودعم دخول القوات التركية إلى ليبيا، ومعهم مرتزقة سوريون»، لافتاً إلى أن «بعض الأطراف في ليبيا تتعاون مع المؤسسات التركية وترغب في إبقائها» في البلاد.


مقالات ذات صلة

المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

شمال افريقيا المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

بحثت نجلاء المنقوش مع نظيرها وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف، خلال زيارة لها أمس إلى الجزائر، فتح المعابر البرية والنقل البحري والجوي أمام حركة التجارة وتنقل الأشخاص، بعد سنين طويلة من الإغلاق، بسبب الأزمة السياسية والأمنية في ليبيا. وذكرت الخارجية الجزائرية في بيان أن الوزيرين بحثا قضايا جارية في الساحتين المغاربية والعربية، منها تطورات ملف الصحراء، والمساعي العربية والدولية لوقف الاقتتال وحقن الدماء في السودان. وأكد البيان أن عطاف تلقى من المنقوش «عرضا حول آخر مستجدات العملية السياسية التي تقودها الأمم المتحدة، لإنهاء الأزمة في ليبيا».

شمال افريقيا وفدان أميركي وفرنسي يبحثان في ليبيا تطوير الجيش

وفدان أميركي وفرنسي يبحثان في ليبيا تطوير الجيش

بحث وفدان عسكريان، أميركي وفرنسي، في ليبيا سبل إعادة بناء وتطوير المؤسسة العسكرية المُنقسمة، بين شرق البلاد وغربها، منذ إسقاط النظام السابق، في وقت زار فيه المشير خليفة حفتر، القائد العام لـ«الجيش الوطني» روما، والتقى برئيسة الوزراء بالحكومة الإيطالية جورجا ميلوني، وعدد من وزراء حكومتها. وفي لقاءين منفصلين في طرابلس (غرباً) وبنغازي (شرقاً)، التقى الوفدان الأميركي والفرنسي قيادات عسكرية للتأكيد على ضرورة توحيد الجيش الليبي.

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

بحثت وزيرة الخارجية الليبية نجلاء المنقوش مع نظيرها الجزائري أحمد عطاف، خلال زيارة لها اليوم الخميس إلى الجزائر، في فتح المعابر البرية والنقل البحري والجوي أمام حركة التجارة وتنقل الاشخاص، بعد سنوات طويلة من الإغلاق، بسبب الأزمة السياسية والامنية في ليبيا.

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا «حبوب الهلوسة»... «سلاح قاتل» يستهدف عقول الليبيين

«حبوب الهلوسة»... «سلاح قاتل» يستهدف عقول الليبيين

لم يكن من قبيل الصدفة أن تقذف أمواج البحر المتوسط كميات متنوعة من المخدرات إلى السواحل الليبية، أو أن تتلقف شِباك الصيادين قرب الشاطئ «حزماً» من «الحشيش والكوكايين وحبوب الهلوسة»، فالبلاد تحوّلت -وفق تقرير أممي- إلى «معبر مهم» لهذه التجارة المجرّمة. وتعلن السلطات الأمنية في عموم ليبيا من وقت لآخر عن ضبط «كميات كبيرة» من المخدرات قبل دخولها البلاد عبر الموانئ البحري والبرية، أو القبض على مواطنين ووافدين وهو يروّجون هذه الأصناف التي يُنظر إليها على أنها تستهدف «عقول الشباب الليبي». غير أنه بات لافتاً من واقع عمليات الضبط التي تعلن عنها السلطات المحلية تزايُد تهريب المخدرات وتعاطيها، خصوصاً «حبوب

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا «النواب» و«الدولة» يقران آلية عمل لجنة قوانين الانتخابات الليبية

«النواب» و«الدولة» يقران آلية عمل لجنة قوانين الانتخابات الليبية

استهلّت اللجنة المُشتركة لممثلي مجلسي «النواب» و«الدولة» (6+6) المكلفة بإعداد قوانين الانتخابات الليبية، اجتماعاتها في العاصمة طرابلس بـ«الاتفاق على آلية عملها». وطبقاً لما أعلنه عبد الله بليحق، المتحدث الرسمي باسم مجلس النواب، فقد شهد الاجتماع ما وصفه بتقارب في وجهات النظر بين أعضاء اللجنة حول القوانين الانتخابية، مشيراً، في بيان مقتضب مساء أول من أمس، إلى أنه «تم أيضاً الاتفاق على التواصل مع الجهات والمؤسسات ذات العلاقة بالعملية الانتخابية».

خالد محمود (القاهرة)

مقتل 9 بعد هجوم لـ«الدعم السريع» على المستشفى الرئيسي في الفاشر

أشخاص يسيرون بجوار مركبة مدمَّرة بعد قصف لقوات «الدعم السريع» على أم درمان (رويترز)
أشخاص يسيرون بجوار مركبة مدمَّرة بعد قصف لقوات «الدعم السريع» على أم درمان (رويترز)
TT

مقتل 9 بعد هجوم لـ«الدعم السريع» على المستشفى الرئيسي في الفاشر

أشخاص يسيرون بجوار مركبة مدمَّرة بعد قصف لقوات «الدعم السريع» على أم درمان (رويترز)
أشخاص يسيرون بجوار مركبة مدمَّرة بعد قصف لقوات «الدعم السريع» على أم درمان (رويترز)

قال مسؤول محلي في قطاع الصحة ونشطاء سودانيون إن قوات «الدعم السريع» هاجمت المستشفى الرئيسي الذي ما زال يعمل في مدينة الفاشر بولاية شمال دارفور بالسودان، اليوم الجمعة، مما أسفر عن مقتل تسعة، وإصابة 20 شخصاً.

وذكر المدير العام لوزارة الصحة بولاية شمال دارفور إبراهيم خاطر، و«تنسيقية لجان المقاومة في الفاشر»، وهي جماعة مؤيدة للديمقراطية ترصد العنف في المنطقة، إن طائرة مسيَّرة أطلقت أربعة صواريخ على المستشفى، خلال الليل، مما أدى إلى تدمير غرف وصالات للانتظار ومرافق أخرى.

ووفق ما ذكرته وكالة «رويترز» للأنباء، أظهرت صور حطاماً متناثراً على أَسرَّة بالمستشفى ودماراً لحق الجدران والأسقف. وتقول قوات «الدعم السريع» إنها لا تستهدف المدنيين، ولم يتسنَّ الوصول إليها للتعليق.

واندلعت الحرب بين الجيش السوداني وقوات «الدعم السريع» منذ أكثر من 18 شهراً، وأدت إلى أزمة إنسانية واسعة، ونزوح أكثر من 12 مليون شخص. وتُواجه وكالات الأمم المتحدة صعوبة في تقديم الإغاثة.

والفاشر هي واحدة من أكثر خطوط المواجهة اشتعالاً بين قوات «الدعم السريع» والجيش السوداني وحلفائه الذين يقاتلون للحفاظ على موطئ قدم أخير في منطقة دارفور.

ويخشى مراقبون من أن يؤدي انتصار قوات «الدعم السريع» هناك إلى عنف على أساس عِرقي، كما حدث في غرب دارفور، العام الماضي.