نصائح للتغلب على صورة الجسد «السيئة»

نصائح للتغلب على صورة الجسد «السيئة»
TT

نصائح للتغلب على صورة الجسد «السيئة»

نصائح للتغلب على صورة الجسد «السيئة»

لا شك أن صورة الجسد (Body Image) تلعب دوراً مهماً في الحفاظ على الصحة النفسية السليمة، وبشكل خاص أثناء مرحلة المراهقة التي تعتبر من أهم الفترات التي يتغير فيها شكل الجسم ويتحول من الطفولة إلى البلوغ.
وبطبيعة الحال تتأثر صورة الجسد بالمجتمع المحيط بالطفل، والمقاييس التي تحكم معيار عبارة ما يسمى «الجسد المثالي» سواء للفتيات أو للفتيان.
وهناك نسبة كبيرة من المراهقين، تصل تقريباً إلى 50 في المائة، غير راضية عن صور أجسادهم، حتى لو كان الجسد سليماً من الناحية الصحية.

صورة الجسد

أوضح العلماء أن وزن الجسم وحالة الجلد سواء اللون أو الإصابة بالأمراض الجلدية التي تحمل طابعاً مزمناً، مثل حب الشباب (acne) أو البهاق (vitiligo) وكل ما يتعلق بالشعر، تعتبر من أهم الأشياء التي تحكم صورة الجسد بالنسبة للمراهقين. وبشكل أقل يؤثر طول وقصر القامة في صورة الجسد، وخصوصاً في الحدود المعتادة، ولكن الطول أو قصر القامة المبالغ فيهما ينعكسان بالسلب بالطبع.
وتأتي في المرتبة الأخيرة ملامح الوجه، إلا إذا صاحبتها عيوب خلقية تجعل شكل العضو مختلفاً، مثل عظمة الأنف أو الأذن أو بروز عظام الوجه والفكين. ولكن في المجمل يعتبر الوزن، وخصوصاً في الوقت الحالي، أهم المحددات لصورة الجسد.
بسبب انتشار وسائل التواصل أصبح الأطفال أكثر وعياً بصورة الجسد في سن مبكرة. وعلى سبيل المثال، في استطلاع أُجري في نهاية سبتمبر (أيلول) من العام الماضي، كانت هناك نسبة بلغت 57 في المائة من الفتيات في سن الثامنة غير راضيات عن أشكال أجسادهن، وزادت هذه النسبة لتصل إلى 73 في المائة في الفتيات في سن 12 عاماً فقط. وفي المقابل كانت النسبتان للذكور 49 في المائة و69 في المائة في الفئتين العمريتين ذاتهما.
وقال هؤلاء الأطفال إن الخجل من أجسادهم منعهم من المشاركة في الأنشطة والمناسبات الاجتماعية المختلفة، وفي الأغلب تجنبوا الصور المشتركة، وارتدى معظمهم ملابس فضفاضة تخفي شكل الجسم.
وبالطبع تتكون النظرة السلبية للجسد من آراء المحيطين، وعلى وجه التقريب هناك طفل من كل ثلاثة تعرض للتنمر بسبب مظهره من قبل أقران أو غرباء أو حتى من أفراد الأسرة، وذكر هؤلاء أن التعرض المباشر للكلام المؤذي كان له وقع أكبر من التنمر عبر الإنترنت.
نصح العلماء الآباء بضرورة أن يقدموا نموذجاً جيداً لأطفالهم بخصوص صورة الجسد، ويتجنبوا السخرية من الوزن تماماً سواء كانت تلك السخرية على وزن الشخص نفسه أو وزن شخص آخر؛ لأن هذا السلوك يرسخ في ذهن الطفل صورة سلبية عن احترام الجسد أياً كان حجمه، ويجعل الطفل مهيأ نفسياً لتقبل السخرية من الآخرين.
ويجب على الآباء، بدلاً من ذلك، التركيز على تنوع شكل الجسد (body diversity). وعلى سبيل المثال إذا قام الطفل بالتعليق على حجم أو اختلاف شكل جسم شخص معين أو مظهره بشكل عام سواء كان طفلاً أو بالغاً من المحيطين به أو في برنامج تلفزيوني، يجب على الآباء أن يقوموا بتوضيح أن هناك تنويعات عدة لشكل الجسم ولون الجلد، ولا يوجد أي نموذج منهم سيئ، ولكنه فقط مختلف، ويجب احترام كل صور الجسد.

دور الآباء

يجب على الآباء أن يضعوا في اعتبارهم أهمية «اللغة»، التي يتم التعامل بها مع المراهق الذي يعاني من صورة سلبية للجسد، واستخدام كلمات مشجعة للمعنى ذاته... وعلى سبيل المثال يمكن وصف الطعام بكلمة «صحي» أو «غير صحي» بدلاً من «جيد» و«رديء»، وأيضاً يجب نصح الأطفال برفق وعدم إلقاء اللوم عليهم فيما يتعلق بتناول طعام معين أو عدم تناوله. وأيضاً يجب عدم التركيز على موضوع الوزن سواء بالسلب أو بالإيجاب، ولكن يكون التركيز في الحديث على الدراسة، وآراء المراهق في الأحداث حوله؛ حتى يتعلم المراهق أن الاحترام يكون ناتجاً من الرأي والتصرفات بغض النظر عن صورة الجسد.
إن دور الآباء والمدربين في النوادي والمدرسين هو ترسيخ فكرة أن شكل الجسد المثالي (perfect body shape) هو الجسد السليم صحياً، بعيداً عن مقاييس منصات التواصل الاجتماعي المضللة وغير الحقيقية. بل ويمكن استثمار النماذج الناجحة المغايرة للمقاييس العامة لشكل الجسد من نجوم المجالات المختلفة، ويجب أن يكون بشكل غير مباشر حتى لا يؤدي إلى نتيجة عكسية.
وفي بعض الأحيان يكون للثناء الإيجابي والحديث المشجع باستمرار أثر سلبي، حيث يشعر المراهق بأنه يثير تعاطف الآباء أو الأصدقاء، وأن لديه بالفعل مشكلة معينة تستحق التعاطف من الآخرين، لذلك يجب أن يقوم الآباء بالتعامل بشكل طبيعي.
يمكن للآباء أن يحكوا عن تجاربهم الشخصية فيما يتعلق بشكل الجسد، وخصوصاً وقت المراهقة، ومن خلال ذلك يشعر الطفل بأن ما يمر به جزء من عملية النمو، بمعنى أن يجعل الآباء موضوع صورة الجسد طبيعياً (Normalize) مما يساعد المراهقين على التغلب عليه.
ويفضل أيضاً عدم التعليق على ملابس المراهق بشكل مباشر فيما يتعلق بشكل الجسد، على سبيل المثال: «هذا الثوب يجعلك تبدو أكثر سمنة أو أكثر نحافة» أو «هذا اللون لا يناسب لون بشرتك»؛ لأن المراهق يكون حساساً من هذه التعليقات ويشعر بنوع من الحرمان نتيجة لعدم تمكنه من ارتداء زي معين بسبب جسده.
ويجب على الآباء أن يقوموا بتشجيع اختيارات المراهق ما دامت تشعره بالراحة والانتماء لأقرانه، ويجب أن يدركوا أن الأمر مؤقت ويتغير بعد النضج.

* استشاري طب الأطفال


مقالات ذات صلة

دراسة: المكسرات تقلل من خطر الإصابة بالخرف

صحتك المكسرات أطعمة غنية بالطاقة وبالعناصر الغذائية والمركبات المضادة للالتهابات ومضادات الأكسدة (أرشيفية - رويترز)

دراسة: المكسرات تقلل من خطر الإصابة بالخرف

وجدت دراسة أجريت على أكثر من 50 ألف مشارك في المملكة المتحدة أن الأشخاص الذين يتناولون حفنة من المكسرات كل يوم قد يخفضون من خطر الإصابة بالخرف.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك معاناة الأطفال من الربو تؤثر في ذاكرتهم على المدى الطويل (رويترز)

دراسة: الربو عند الأطفال يزيد فرص إصابتهم بالخرف في الكبر

ربطت دراسة جديدة بين معاناة الأطفال من الربو وخطر الإصابة بالخرف في وقت لاحق من الحياة.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك السمنة هي مشكلة تنتشر بصورة متزايدة ولها تأثير ضار في الصحة وسلامة الجسم (أرشيفية - أ.ف.ب)

دراسة: جزيئات الخلايا المناعية قد توفّر علاجاً للسمنة

توصل باحثون من آيرلندا أن أحد جزيئات الخلايا المناعية تؤدي دوراً تنظيمياً في عملية اختزان الدهون.

«الشرق الأوسط» (دبلن)
صحتك مزارع يقطف محصول فاكهة العنب من إحدى المزارع في منطقة الباحة (واس)

تجربة لاختبار مركب كيميائي في العنب الأحمر قد يقي من سرطان الأمعاء

أطلق علماء بريطانيون تجربة علمية تهدف إلى تقييم فاعلية «الريسفيراترول»، وهو مركب كيميائي موجود بالعنب الأحمر، في الوقاية من سرطان الأمعاء.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك المشي ولو لمدة قصيرة مساءً له فوائد صحية جمّة (رويترز)

من بينها التصدي لسرطان الأمعاء والسكري... الفوائد الصحية للمشي مساءً

كشفت مجموعة من الدراسات العلمية أن المشي ولو لمدة قصيرة مساءً، له فوائد صحية جمّة، من تحسين عملية الهضم إلى تنظيم نسبة السكر في الدم والتصدي للسرطان.

«الشرق الأوسط» (لندن)

دراسة: جزيئات الخلايا المناعية قد توفّر علاجاً للسمنة

السمنة هي مشكلة تنتشر بصورة متزايدة ولها تأثير ضار في الصحة وسلامة الجسم (أرشيفية - أ.ف.ب)
السمنة هي مشكلة تنتشر بصورة متزايدة ولها تأثير ضار في الصحة وسلامة الجسم (أرشيفية - أ.ف.ب)
TT

دراسة: جزيئات الخلايا المناعية قد توفّر علاجاً للسمنة

السمنة هي مشكلة تنتشر بصورة متزايدة ولها تأثير ضار في الصحة وسلامة الجسم (أرشيفية - أ.ف.ب)
السمنة هي مشكلة تنتشر بصورة متزايدة ولها تأثير ضار في الصحة وسلامة الجسم (أرشيفية - أ.ف.ب)

توصّلت دراسة حديثة إلى أن النظام المناعي يتأثر بالساعة الداخلية في جسم الإنسان، وهو ما يؤثر بدوره في عملية اختزان الدهون وضبط درجة حرارة الجسم. ويرى باحثون أن هذا الاكتشاف ينطوي على أهمية بالغة بالنسبة إلى من يعملون وفق ساعات عمل متغيرة، وعلى العادات الغذائية بوجه عام، وعلى تغيير أنماط النوم الناجمة عن متطلبات الحياة العصرية التي يعيشها الإنسان في الوقت الحالي.

وأظهرت الدراسة التي أجراها فريق بحثي في آيرلندا أن أحد جزيئات الخلايا المناعية التي توجد داخل الأنسجة الدهنية في الجسم، ويُطلق عليه اسم «إنترلوكين - 17 إيه» (IL17- A)؛ يؤدي دوراً تنظيمياً في عملية اختزان الدهون، وهو ما يفسح المجال أمام بحث علمي جديد لعلاج مشكلات صحية مختلفة، مثل: السمنة، ومنع هدر المغذيات، وتخفيف آثار اضطرابات الأيض.

ويرى الباحثون أنه من خلال استهداف جزيئات الخلايا المناعية المذكورة يمكن تطوير أدوية مجدية لعلاج مثل هذه المشكلات الصحية.

وأوضح باحثون أن النظام اليوماوي للجسم الذي اصطُلح على تسميته «الساعة البيولوجية»، يضمن تنفيذ وظائف حيوية رئيسية داخل الجسم في أوقات معينة على مدار اليوم، ويساعد في إيجاد شكل من أشكال التزامن بين الوظائف الحيوية ومتغيرات البيئة الخارجية، مثل اختلاف ساعات الليل والنهار على سبيل المثال، ولعل أهم نموذج لوظيفة هذا النظام هو دورة النوم والاستيقاظ التي تتواكب مع الحركة الطبيعية للشمس.

ويعمل النظام المناعي وفق إيقاع الساعة البيولوجية للجسم؛ حيث يحفّزه على مقاومة العدوى في أوقات معينة من النهار، وتوصلت دراسات حديثة إلى وظيفة إضافية للمناعة، وهي الحفاظ على سلامة الأنسجة ووظائفها، لا سيما في الجهاز الهضمي حيث تتلقى خلايا مناعية متخصصة إشارات الأيض وتزيد من فاعلية عملية الامتصاص في أوقات التغذية. وفي إطار الدراسة التي نشرتها الدورية العلمية «ناتشر»، تقول الباحثة ليديا لينش، من كلية «الكيمياء الحيوية وعلم المناعة» بجامعة «ترينيتي» في دبلن إن الخلايا المناعية الرئيسية التي تُعرف باسم الخلايا «تي» تفرز جزيئات «إنترلوكين - 17 إيه» التي تتجاوب بشكل واضح مع الجينات المسؤولة عن الساعة البيولوجية. وتلعب هذه الجينات دوراً رئيسياً في آلية اختزان الدهون.

وأضافت -في تصريحات نقلها الموقع الإلكتروني «سايتيك ديلي» المتخصص في الأبحاث العلمية- أن فئران التجارب التي تفتقر إلى هذه الجينات تضطرب لديها منظومة معالجة الدهون واختزانها. كما أن تحليل عملية الأيض لدى هذه الفئران أظهر اضطراباً في النظام اليوماوي واختلالاً في منظومة حفظ حرارة الجسم.

وكانت دراسات سابقة قد أثبتت زيادة في معدلات دوران جزيئات «إنترلوكين - 17 إيه» في الجسم لدى البشر والفئران بعد تناول الغذاء، وهو ما يعني أن الأنسجة الدهنية تتجاوب مع سلوكيات الغذاء حيث تتمدّد في أوقات التغذية وتنكمش مع الصوم على سبيل المثال. وقد حرص الباحثون خلال التجربة على قياس مدى تأثر الخلايا المناعية بالسلوكيات الغذائية في حالة تغيير أوقات تناول الغذاء في عكس مواعيد الساعة البيولوجية للجسم عن طريق تغذية مجموعة فئران في الفترة من السابعة صباحاً إلى السابعة مساء، وتغذية مجموعة أخرى من السابعة مساء وحتى السابعة صباحاً على مدار ثلاثة أسابيع.

وتأكد من هذه التجربة وجود صلة بين جزيئات «إنترلوكين - 17 إيه» وتوقيت التغذية، وتبيّن أيضاً أن الفئران التي تتناول الغذاء في غير الأوقات المعتادة تتناول كميات أقل بنسبة 50% من السعرات الحرارية، مقارنة بالفئران التي كانت تتغذّى في الأوقات المعتادة.

وتوضح لينش -وهي أيضاً أستاذة علوم الأحياء على مستوى الجزيئات في مركز «لودفيج» لأبحاث السرطان، التابع لجامعة «برينستون» الأميركية- أنه «في كثير من الأحيان، تؤدي الحياة العصرية إلى اضطراب أنماط النوم الطبيعية لأسباب؛ من بينها: تباين أوقات نوبات العمل، أو التعرض لفترات مطولة للإضاءة الزرقاء التي تنبعث من شاشات الكومبيوتر أو الاتصال الدائم بشبكات الهاتف الجوال، وعلى الرغم من الشعور بالإرهاق، تجد الكثيرين يتصفحون مواقع التواصل الاجتماعي في ساعات الليل».

وأضافت: «لقد توصلنا إلى أن جزيئات الخلايا المناعية داخل الأنسجة الدهنية في الجسم والمسؤولة عن ضبط عملية اختزان الدهون تؤدي دوراً محورياً بصفة خاصة، ومن الممكن أن توفّر وسائل علاجية لمشكلات السمنة وأمراض اضطراب الأيض، لا سيما في أوساط الأشخاص الذين يعملون بنظام النوبات المختلفة في مواعيد غير ثابتة». وأكدت لينش أن «السمنة هي مشكلة تنتشر بشكل متزايد، ولها تأثير ضار في الصحة وسلامة الجسم، كما تشكل عبئاً على أنظمة الرعاية الصحية في مختلف أنحاء العالم»، حسبما أفادت «وكالة الأنباء الألمانية».

ومن جانبه، يرى اختصاصي الكيمياء الحيوية وأمراض المناعة في معهد الأبحاث الطبية والحيوية التابع لجامعة «ترينيتي»، أرون دوغلاس، أن «هذا الاكتشاف العلمي يفسح المجال أمام مزيد من الأبحاث العلمية في مجالات شتى»، مضيفاً أن «السؤال الرئيسي يكمن في ما إذا كانت الخلايا المناعية (تي) يمكنها ضبط إيقاع النظام اليوماوي في أنسجة أخرى لدى الجسم، وما إذا كان هذا التشابه يؤثر في إيقاع أنسجة الجسم المختلفة». وأشار إلى أن «الأمر اللافت هو أن الخلايا (تي) تقع بالقرب من المخ، وربما تؤثر أنشطتها بشكل ملموس في وظائف أعلى مثل التعلم والذاكرة، ومن الممكن أن تؤثر أيضاً في مناطق في المخ تتعلّق بنظام الأيض في الجسم بأسره وضبط درجات حرارته».