وفاة نجل جورج وسوف تجدد الأسئلة عن وضع الخدمات الطبية في لبنان

وزير صحة سابق: الحديث عن «خطأ طبي» لا يجوز قبل إجراء تحقيق

صورة وزعها جورج وسوف له مع ابنه وديع خلال «رحلة استجمام صحي» (حساب جورج وسوف في تويتر)
صورة وزعها جورج وسوف له مع ابنه وديع خلال «رحلة استجمام صحي» (حساب جورج وسوف في تويتر)
TT

وفاة نجل جورج وسوف تجدد الأسئلة عن وضع الخدمات الطبية في لبنان

صورة وزعها جورج وسوف له مع ابنه وديع خلال «رحلة استجمام صحي» (حساب جورج وسوف في تويتر)
صورة وزعها جورج وسوف له مع ابنه وديع خلال «رحلة استجمام صحي» (حساب جورج وسوف في تويتر)

جددت وفاة نجل المغني جورج وسوف نتيجة مضاعفات صحية تلت خضوعه لعملية جراحية في بيروت، الأسئلة عن واقع القطاع الطبي في لبنان بعد الأزمات الاقتصادية، والتي تفضي إلى التفريق بين إمكانات القطاع الطبي وقدرات المرضى على دفع تكاليف الفاتورة الصحية، وهما أمران منفصلان، وسط استبعاد من قبل المعنيين لفرضية «الخطأ الطبي»، حسب ما يقول أطباء ومسؤولون. ورغم الصدمة التي اجتاحت بيروت إثر الإعلان عن نبأ وفاة وديع وسوف، نجل المغني السوري جورج وسوف في بيروت، لم تتطرق عائلة وسوف إلى حدوث خطأ طبي أودى بحياة فقيدها إثر مضاعفات حادة، بعد عملية تكميم للمعدة أجريت له في بيروت.
ويؤكد وزير الصحة السابق والاختصاصي في جراحة الجهاز الهضمي في الجامعة الأميركية في بيروت الدكتور محمد جواد خليفة أن «عملية تكميم المعدة التي خضع لها وديع وسوف، لها مضاعفاتها ومخاطرها»، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن «هذه المضاعفات على تنوعها، من بينها النزيف، وثقب المعدة، وانسداد المصران، وتجلطات الشرايين، نراها في لبنان، كما في أميركا وألمانيا وكل بلد في العالم. وهو أمر نشرحه للمريض وعائلته، ويمكن لأي شخص كان أن يرى نسبها في بحث صغير على الإنترنت. وهي في أغلب الأحيان تعالج».
ويضيف خليفة، وهو عضو الكلية الملكية للجراحين في لندن، أن «المستشفيات في لبنان رغم الأزمة لا تزال تملك أفضل المعدات في المنطقة والفرق الطبية الكفء، لكن المشكلة الكبرى ليست في المستشفيات، بل في عدم قدرة المرضى على دفع التكاليف العلاجية وهي ليست حالة وديع وسوف، الذي يشعر كل لبنان بالصدمة جراء وفاته وهو في عز الشباب»، مشدداً على أن الحديث عن فرضية خطأ طبي، «لا يمكن أن يستوي دون تحقيق شرعي من نقابة الأطباء ولجان طبية».
وعانى لبنان خلال العامين المنصرمين من أزمة هجرة الأطباء والممرضات على خلفية تراجع العائدات المالية للعاملين في داخل البلاد بفعل الأزمة الاقتصادية والمالية، ما تسبب بأزمة لوجيستية في بعض المستشفيات، لكن هذا الأمر لم ينعكس على مستوى الكفاءات والطواقم الطبية التي لا تزال موجودة في البلاد، كما لم ينعكس على طبيعة التجهيزات الطبية، بالإضافة إلى أن تكلفة العلاج والحصول على خدمة طبية مثالية، لم تعد ممكنة بالنسبة لكثير من اللبنانيين الذين فقدوا جزءاً كبيراً من قدرتهم الشرائية بفعل تراجع سعر العملة المحلية مقابل الدولار، فيما لم يعد بإمكان الجهات الحكومية الضامنة (وزارة الصحة والصندوق الوطني للضمان الاجتماعي) تغطية نفقات العلاج.
ولا يرى نقيب المستشفيات الخاصة في لبنان الدكتور سليمان هارون سبباً للربط بين هجرة الأطباء والممرضين عن لبنان بسبب الأزمة، ووفاة وديع وسوف، مؤكداً لـ«الشرق الأوسط» أن «هذه مشكلة لوجيستية يجب ألا تعطى أكبر من حجمها، ولا يمكن أن تكون سبباً مباشراً لوفاة المريض».
ويؤكد هارون «أن هذا النوع من العمليات له مضاعفات عديدة، لكن قليلاً جداً ما تتسبب بوفيات»، شارحاً أن الأطباء عادة ما يخبرون المريض بالمضاعفات الممكنة قبل إجراء العملية.
وأصاب خبر وفاة وديع وسوف اللبنانيين بصدمة، خصوصاً أن الكثير من العمليات الشائعة التي باتت تجرى لتحسين حياة الأشخاص، سواء لإنقاص الوزن أم لناحية جمالية، تجرى من دون قلق كبير، لكن حادثة وفاة ابن الفنان جورج وسوف نبهت إلى أن أي عملية تبقى لها مضاعفاتها مهما صغرت، وأحياناً خطرها الأعظم، بأخطاء أو من دونها. ويرفض عضو لجنة الصحة النيابية النائب فادي علامة فرضية الجزم بخطأ طبي، ويقول إنه لا علم لديه بتفاصيل العملية التي أجريت لوديع وسوف، لكنه يعتبر أن «الأخطاء الطبية أمر يحدث في كل مكان، وفي أحسن البلدان كما في أسوئها؛ لهذا لا أريد أن أربط وفاة وديع جورج وسوف بالوضع الصحي الذي نعرف أنه يعاني نقصاً في الأطباء وتأمين المصاريف، لكنه لا يزال صامداً رغم الأزمات».
ويشدد الأطباء على ضرورة عدم التعاطي مع موضوع الأخطاء الطبية الحساس، بتهاون واستخفاف ومواقف مسبقة. ويقول خليفة: «لا يوجد طبيب أو فريق عمل طبي لا يريد أن يقدم أفضل خدمة لمرضاه»، مضيفاً: «من الصعب جداً أن نتكلم عن حالة وديع جورج وسوف دون الإحاطة بها. فكل حالة مختلفة عن الأخرى، ولكل جسد تفاصيله وظروفه. وخصوصية المريض هي التي تحدد نتائج العملية عادة»، شارحاً أن «هناك من يعاني تخثراً في الدم، أو تشمعاً في الكبد، ولا توجد حالة مثل أخرى. لهذا إطلاق الكلام في العموميات له مخاطر وتترتب عليه مسؤوليات، ولا يمكن لأحد أن يحدد أو يعرف ما حصل من دون تحقيق مهني».
وتجرى آلاف عمليات تكميم المعدة، وأخرى تشبهها، في لبنان وكل عملية لها ظروفها، كما لكل مريض حالته الخاصة. ويقول خليفة: «رمي التهم جزافاً، كلام غير علمي. وهذا يحاسب عليه القانون في دول تحترم نفسها، حين يثبت عدم صحته. وأي تحقيق يحتاج مراجعة كل المراحل والفحوصات التي مر بها المريض».


مقالات ذات صلة

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

المشرق العربي رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

تُوفّي الموسيقار اللبناني إيلي شويري، عن 84 عاماً، الأربعاء، بعد تعرُّضه لأزمة صحية، نُقل على أثرها إلى المستشفى، حيث فارق الحياة. وأكدت ابنته كارول، لـ«الشرق الأوسط»، أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي، قبل أن تعلم به العائلة، وأنها كانت معه لحظة فارق الحياة.

المشرق العربي القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

وجّه المجلس التأديبي للقضاة في لبنان ضربة قوية للمدعية العامة في جبل لبنان القاضية غادة عون، عبر القرار الذي أصدره وقضى بطردها من القضاء، بناء على «مخالفات ارتكبتها في إطار ممارستها لمهمتها القضائية والتمرّد على قرارات رؤسائها والمرجعيات القضائية، وعدم الامتثال للتنبيهات التي وجّهت إليها». القرار التأديبي صدر بإجماع أعضاء المجلس الذي يرأسه رئيس محكمة التمييز الجزائية القاضي جمال الحجار، وجاء نتيجة جلسات محاكمة خضعت إليها القاضية عون، بناء على توصية صدرت عن التفتيش القضائي، واستناداً إلى دعاوى قدمها متضررون من إجراءات اتخذتها بمعرض تحقيقها في ملفات عالقة أمامها، ومخالفتها لتعليمات صادرة عن مرجع

يوسف دياب (بيروت)
المشرق العربي جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

رأى رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع أن فرص انتخاب مرشح قوى 8 آذار، رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، «باتت معدومة»، مشيراً إلى أن الرهان على الوقت «لن ينفع، وسيفاقم الأزمة ويؤخر الإصلاح». ويأتي موقف جعجع في ظل فراغ رئاسي يمتد منذ 31 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، حيث فشل البرلمان بانتخاب رئيس، وحالت الخلافات السياسية دون الاتفاق على شخصية واحدة يتم تأمين النصاب القانوني في مجلس النواب لانتخابها، أي بحضور 86 نائباً في دورة الانتخاب الثانية، في حال فشل ثلثا أعضاء المجلس (86 نائباً من أصل 128) في انتخابه بالدورة الأولى. وتدعم قوى 8 آذار، وصول فرنجية إلى الرئاسة، فيما تعارض القوى المسيحية الأكثر

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

جدد سفير المملكة العربية السعودية لدى لبنان، وليد بخاري، تأكيد موقف المملكة من الاستحقاق الرئاسي اللبناني بوصفه «شأناً سياسياً داخلياً لبنانياً»، حسبما أعلن المتحدث باسم البطريركية المارونية في لبنان بعد لقاء بخاري بالبطريرك الماروني بشارة الراعي، بدأ فيه السفير السعودي اليوم الثاني من جولته على قيادات دينية وسياسية لبنانية. وفي حين غادر السفير بخاري بكركي من دون الإدلاء بأي تصريح، أكد المسؤول الإعلامي في الصرح البطريركي وليد غياض، أن بخاري نقل إلى الراعي تحيات المملكة وأثنى على دوره، مثمناً المبادرات التي قام ويقوم بها في موضوع الاستحقاق الرئاسي في سبيل التوصل إلى توافق ويضع حداً للفراغ الرئا

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

تأتي جولة سفيرة الولايات المتحدة الأميركية لدى لبنان دوروثي شيا على المرجعيات الروحية والسياسية اللبنانية في سياق سؤالها عن الخطوات المطلوبة لتفادي الشغور في حاكمية مصرف لبنان بانتهاء ولاية رياض سلامة في مطلع يوليو (تموز) المقبل في حال تعذّر على المجلس النيابي انتخاب رئيس للجمهورية قبل هذا التاريخ. وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر نيابية ووزارية أن تحرك السفيرة الأميركية، وإن كان يبقى تحت سقف حث النواب على انتخاب رئيس للجمهورية لما للشغور الرئاسي من ارتدادات سلبية تدفع باتجاه تدحرج لبنان من سيئ إلى أسوأ، فإن الوجه الآخر لتحركها يكمن في استباق تمدد هذا الشغور نحو حاكمية مصرف لبنان في حال استحال عل

محمد شقير (بيروت)

بارزاني يحذر من مخاطر الانسحاب الأميركي

مسعود بارزاني زعيم «الحزب الديمقراطي الكردستاني» (إكس)
مسعود بارزاني زعيم «الحزب الديمقراطي الكردستاني» (إكس)
TT

بارزاني يحذر من مخاطر الانسحاب الأميركي

مسعود بارزاني زعيم «الحزب الديمقراطي الكردستاني» (إكس)
مسعود بارزاني زعيم «الحزب الديمقراطي الكردستاني» (إكس)

حدد رئيس «الحزب الديمقراطي الكردستاني»، مسعود بارزاني، موقف الكرد من الصراع الجاري في المنطقة بطريقة تبدو مختلفة عن خيارات القوى السياسية في بغداد، لا سيما من الحرب الدائرة في المنطقة.

وفي لقاء له مع قناة «سكاي نيوز عربية»، الثلاثاء، أكد بارزاني أن العراق «هو المتضرر في حال جره للحرب في المنطقة». وأضاف أن «العلاقة بين أربيل وبغداد جيدة، مع أن بعض الملفات العالقة لا تزال طور النقاش لحلها، من بينها حصة الإقليم من النفط».

وقال بارزاني: «ليس من مصلحتنا أي توتر مع إيران وتركيا والعلاقات طبيعية مع الطرفين»، مؤكداً أنه «لم يكن في برنامجنا أبداً توتر العلاقات مع تركيا وإيران، لكن لن نسمح لأي أحد بأن يتدخل في شؤوننا».

ولفت بارازني إلى أن «المعارضة الإيرانية الموجودة في إقليم كردستان لم تتدخل وتستمع للتعليمات، بينما (حزب العمال الكردستاني) يتدخل ولا يستمع للتعليمات».

العراق وطبول الحرب

وبشأن طبول الحرب التي تقرع في المنطقة وطريقة تعاطي العراق الرسمي والعراق الموازي المتمثل بالفصائل المسلحة الموالية لإيران، قال بارزاني إن «العراق هو المتضرر من جره للحرب الحالية في المنطقة».

ومع أن بارزاني لم يخض في تفاصيل موقف العراق من الحرب، لكنه عبَّر عن رأي كردي منسجم مع موقف الحكومة العراقية سواء على لسان رئيس الوزراء محمد شياع السوداني أو وزير الخارجية فؤاد حسين، لكنه انتقد صراحة «الفصائل المسلحة التي لا تزال تهدد بالرد على إسرائيل في حال تنفيذها هجوما على العراق».

وكان رئيس الوزراء محمد شياع السوداني أعلن، الأحد الماضي، خلال كلمة له بمناسبة مرور 100 عام على تأسيس الدبلوماسية العراقية أن إسرائيل باتت تبحث عما سماها «ذرائع واهية لضرب العراق»، مبيناً أنه وجَّه وزارة الخارجية للتعامل مع الأمر، وفق الأطر الدبلوماسية.

مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي والسفيرة الأميركية لدى العراق إلينا رومانسكي خلال لقاء الأحد (واع)

وكانت السفيرة الأميركية إلينا رومانسكي التي انتهت مدة عملها في العراق، قد حذرت من إمكانية أن تقوم إسرائيل باستهداف العراق قائلة: «أود أن أكون واضحة جداً من البداية. الإسرائيليون أدلوا بتحذيرات ردع على الميليشيات المدعومة إيرانياً والموجودة هنا في العراق، والتي تعتدي على إسرائيل».

وأضافت أن «هذه الميليشيات هي من بدأت في الاعتداء على إسرائيل، وأكون واضحة جداً لهذه النقطة وأن الإسرائيليين حذروا حكومة العراق بأن يوقفوا هذه الميليشيات من اعتداءاتها المتكررة والمستمرة على إسرائيل».

وتابعت السفيرة بالقول: «رسالتنا إلى حكومة العراق هي أن تسيطر على هذه الميليشيات المنفلتة التي لا تنصاع لأوامر الحكومة والقائد العام للقوات المسلحة رئيس الوزراء، وأن إسرائيل أمة لها سيادتها، وستقوم بالرد على أي اعتداء من أي مكان ضدها».

خطر الانسحاب الأميركي

وعن موقفه من الوجود الأميركي في العراق، قال بارزاني إن «(داعش) لا يزال يشكل تهديداً جدياً، وانسحاب قوات التحالف مشكلة من دون تجهيز الجيش العراقي والبيشمركة».

ويعد موقف بارزاني أول موقف كردي بهذا الوضوح بعد سلسلة مباحثات أجرتها الحكومة العراقية طوال هذا العام مع الأميركيين بشأن إعادة تنظيم العلاقة بين العراق والولايات المتحدة الأميركية والتي تتضمن انسحاب ما تبقى من القوات الأميركية من العراق والعودة إلى اتفاقية الإطار الاستراتيجي الموقَّعة بين بغداد وواشنطن عام 2008.

وفي هذا السياق، يقول أستاذ العلوم السياسية في الجامعة المستنصرية الدكتور عصام فيلي لـ«الشرق الأوسط» إن «موقف بارزاني من الانسحاب الأميركي يمثل مخاوف كثير من القوى السياسية وحتى الشارع العراقي في أن يكون العراق جزءاً من ساحة حرب».

وأضاف فيلي أن «هذه الحرب لا بد أن يكون لمن يشترك فيها اصطفاف لصالح طرف ضد آخر، وهو ما يتناقض مع الدستور العراقي وتصريحات كبار مسؤوليه في أن العراق لا يمكن أن يكون ساحة للحرب في المنطقة بين قوتين وهما أميركا وإيران».

وأوضح فيلي أن «العراق لا يزال يواجه تحديات داخلية في المقدمة منها التنظيمات الإرهابية، وأن قوات التحالف الدولي تمثل ضمانة أمنية»، وأشار إلى أن «الكرد يخشون من غياب قوات التحالف؛ لأنهم يرون أن وجود بعض الأطراف المسلحة في بعض المناطق المتنازع عليها سيشكل تهديداً لهم بعد الانسحاب الأميركي».