تباين ليبي حول قدرة «النواب» و«الدولة» على تجاوز «العقبة الدستورية»

سياسيون يأملون في التوافق بشأن «النقاط الخلافية»

عقيلة والمشري في البرلمان المصري
عقيلة والمشري في البرلمان المصري
TT

تباين ليبي حول قدرة «النواب» و«الدولة» على تجاوز «العقبة الدستورية»

عقيلة والمشري في البرلمان المصري
عقيلة والمشري في البرلمان المصري

استهلت أطراف الصراع الرئيسية الليبية العام الجديد بإشعال بورصة المزايدة على قدرة كل طرف منهم على قيادة البلاد نحو إجراء الانتخابات، فمن جانبه اتهم رئيس حكومة «الوحدة الوطنية» عبد الحميد الدبيبة كلاً من رئيسي مجلسي النواب والأعلى للدولة بالتدبير لاتفاق مشبوه سعياً لتأجيل الاستحقاق وتقاسم السلطة فيما بينهما، متعهداً بإجرائه خلال العام الحالي، ولم ينتظر كثير ليتلقى رد المجلسين عليه، بإعلان اتفاقهما على وضع «خريطة طريق واضحة ومحددة» يتم إعلانها لاحقاً لاستكمال كل الإجراءات اللازمة لإتمام الانتخابات المرتقبة.
ومثلما خلا حديث الدبيبة من أي توضيح معالم خطته لإجراء الانتخابات وموعد إجرائها، خلا أيضاً البيان المشترك الذي أصدره رئيس مجلس النواب عقيلة صالح، ورئيس المجلس الأعلى للدولة خالد المشري عقب اجتماعهما بالقاهرة الخميس الماضي من الأمر ذاته، وهو ما دعا البعض إلى إطلاق تخوفاتهم وتحذيراتهم بتحول الانتخابات مجدداً كشعار يطرح للمزايدة والتوظيف السياسي بين تلك الشخصيات لا أكثر.
عضو ملتقى الحوار السياسي الليبي، أحمد الشركسي، وصف بيان المجلسين الصادر بالقاهرة حول الوثيقة الدستورية بـ«المبهم»، متهماً إياه بتوظيف الحديث عن الانتخابات لصالح مسعاهما الأساسي، وهو تغيير السلطة التنفيذية وتقاسم مقاعدها، وأيضاً تقاسم إعادة تعيين شاغلي المناصب السيادية.
وأوضح الشركسي لـ«الشرق الأوسط» ما كان ينتظره الليبيون والمجتمع الدولي من عقيلة صالح والمشري هو «إعلان التوافق بينهما على المواد الخلافية بالقاعدة الدستورية والمتعلقة بشروط ترشح للرئاسة وتحديداً بنود ترشح العسكريين ومزدوجي الجنسية، فتلك الشروط هي الأزمة العالقة بين الرجلين منذ فبراير (شباط) الماضي ولم تسفر كافة لقاءاتهم ولقاءات وفود مجلسيهما عن أي تقدم بها».
وتابع: «البيان خلا من أي توضيح لملامح خريطة الطريق التي أشاروا إليها، بل إنهم لم يحددوا حتى ما هي السيناريوهات البديلة التي سيتم طرحها إذا لم تمرر القاعدة الدستورية نهاية المطاف، وهذا يعني أنهما لا يملكان أي قدرة حقيقية للفصل بتلك البنود الخلافية، وبدلاً من الإقرار بذلك، حاولوا توظيف واستهلاك الحديث بالإعلام عن توافقهما بشأن الانتخابات أملاً في أن يحفف ذلك الضغوط المحلية والدولية التي تطالبهما بالإسراع بإجراء الانتخابات».
وكان المشري أشار إلى توافقه مع صالح بشأن «إجراء استفتاء شعبي عاجل حول النقاط الخلافية حول القاعدة الدستورية والانتخابات لحسم الجدل بشأنها». واعتبر الشركسي أن بيان البعثة الأممية الأخير يظهر بوضوح أن المجتمع الدولي غير راضٍ بما تم إنجازه من قبل المجلسين، موضحاً: «المجلسان مواقفهما واضحة للجميع، هما يريدان فقط مرحلة انتقالية لتقاسم مقاعد حكومة جديدة وإنجاز ملف المناصب السيادية وإزاحة الدبيبة، والمجتمع الدولي لن ينخرط في أي تحرك إلا إذا أعلنا بوضوح التوافق على القاعدة الدستورية».
وحثت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا بقوة مجلسي النواب والأعلى للدولة على «الإسراع في التوصل إلى اتفاق كامل ونهائي، بما في ذلك حول القضايا الخلافية، بغية استكمال الخطوات الضرورية لإجراء انتخابات وطنية شاملة ضمن إطار زمني محدد».
وأكمل: «الدبيبة يحاول مثلهما توظيف الحديث عن الانتخابات ويتعهد بإجرائها متناسياً أنه يمثل سلطة تنفيذية ولا صلة له من قريب أو بعيد بالانتخابات».
فيما وصف الكاتب والمحلل السياسي الليبي عبد الله الكبير، الواقع الراهن بكونه «عملية تحويل للانتخابات من استحقاق وطني إلى مجرد شعار يوظف للمزايدة والتجاذب السياسي بين متصدري المشهد، مما يجهض الآمال بتحققها هذا العام أيضاً».
وأوضح الكبير لـ«الشرق الأوسط»: «مجلسا النواب والأعلى للدولة تعودا على الاتهام بعرقلة الانتخابات وسوف يستمران في تجاهل الانتقادات لهما من قبل الشارع الليبي بهذا الصدد، وأن تحركاتهما بالفترة القادمة سترتهن فقط لمدى جدية تهديد البعثة الأممية وبعض الدول الغربية باللجوء لبدائل لهما إذا لم يتوصلا سريعاً لقاعدة دستورية كما أعلنا». وأكمل: «وربما قبل ذلك، أي إذا ما اتضح للجميع أن خريطة الطريق التي أشاروا إليها لا تنطوي سوى على هدف إزاحة الدبيبة وتكليف شخصيات جديدة للمناصب السيادية».
ويرى المحلل السياسي أن موقف الدبيبة لا يختلف كثيراً عن موقف المجلسين فيما يتعلق بالمزايدة بإجراء الانتخابات، وإن كان بخلافهما قد يبقى مستفيداً حال تحققها، موضحاً: «عقيلة صالح والمشري سيفقدان مواقعهما بالسلطة إذا أجريت الانتخابات لذا يسيعان لضمان حصولهما على مراكز جديدة أولاً قبل تدشين أي تحرك تجاهها، أما الدبيبة فهو مرشح للرئاسة وحتى إذا أجريت انتخابات برلمانية فقط فلديه فرصة في أن يستمر رئيس حكومة مع أي برلمان جديد».
وانضم، الباحث في مؤسسة «غلوبال أنيشاتيف» جلال حرشاوي للآراء السابقة بوجود توافق بين رئيسي مجلسي النواب والأعلى للدولة حول البقاء بالسلطة لأطول مدة ممكنة واستخدام الحديث عن إجراء الانتخابات هذا العام للإطاحة بالدبيبة.
وأوضح حرشاوي لـ«الشرق الأوسط»: «صالح والمشري يهتمان بدرجة كبيرة بإزاحة الدبيبة قبل التحضير للانتخابات وأن يكون هناك رئيس وزراء جديد يحل محله».
ويرهن الباحث المتخصص في الشأن الليبي نجاح صالح والمشري في هذا المسعى بحصولهما على دعم خارجي، موضحاً: «تركيا تتحدث مع صالح... ربما قد يشهد العام الحالي حدوث توافق بين رئيسي المجلسين وأنقرة على استبدال حكومة الوحدة الوطنية بحكومة جديدة ثم يتفقون على قاعدة دستورية».
ورغم إقراره بوجود اتصالات بين الدبيبة وقائد الجيش الوطني خليفة حفتر عبر وسطاء مقربين منهما، استبعد حرشاوي مما تردد عن إجراء الدبيبة اتصالات سرية مع حفتر، بمواجهة تحالف المشري وصالح، موضحاً: «بالتأكيد حفتر يرغب في المثل في رحيل الدبيبة، ولا يهتم كثير بوضع الحكومة المكلفة من البرلمان برئاسة فتحي باشاغا... تخوفه الرئيسي منصب الآن على القاعدة الدستورية المرتقبة، وهل ستتضمن بنداً يحظر ترشح العسكريين للرئاسة أم لا في الانتخابات المستقبلية، وإذا سمح عقيلة صالح بحدوث ذلك فسيغضب حفتر بشدة».
بالمقابل، رفض عضو مجلس النواب الليبي حسن الزرقاء، تلك الاتهامات وأكد أن التقارب الراهن بين المجلسين سيقود فعلياً لخريطة طريق تؤدي للانتخابات. وفي تصريح لـ«الشرق الأوسط» توقع الزرقاء أن تعتمد البعثة الأممية تلك الخريطة ومنحى تشكيل حكومة جديدة موحدة للإشراف على الاستحقاق الانتخابي، موضحاً: «البعثة وعلى عكس ما يصدر عنها من بيانات مقتنعة بأن بقاء الدبيبة على رأس السلطة يعيق فعلياً إجراء الانتخابات، فالجميع يدرك أن الدبيبة يريد البقاء والاستفادة من منصبه حتى اللحظة الأخيرة، وتسخير هذا المنصب بكافة صلاحياته لخدمة حملته الانتخابية بصفته مرشحاً رئاسياً بما يسهم في تعزيز فرص نجاحه».
وأكمل: «الدبيبة يدرك ذلك، ولذا كثر هجومه على رئيسي المجلسين لتوقعه انضمام البعثة إليهما»، وكشف الزرقاء أن العمر الزمني لتلك الحكومة تتضمنها خريطة الطريق المقترحة من المجلسين «لن يتعدى الستة أشهر بأقصى تقدير».


مقالات ذات صلة

المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

شمال افريقيا المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

بحثت نجلاء المنقوش مع نظيرها وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف، خلال زيارة لها أمس إلى الجزائر، فتح المعابر البرية والنقل البحري والجوي أمام حركة التجارة وتنقل الأشخاص، بعد سنين طويلة من الإغلاق، بسبب الأزمة السياسية والأمنية في ليبيا. وذكرت الخارجية الجزائرية في بيان أن الوزيرين بحثا قضايا جارية في الساحتين المغاربية والعربية، منها تطورات ملف الصحراء، والمساعي العربية والدولية لوقف الاقتتال وحقن الدماء في السودان. وأكد البيان أن عطاف تلقى من المنقوش «عرضا حول آخر مستجدات العملية السياسية التي تقودها الأمم المتحدة، لإنهاء الأزمة في ليبيا».

شمال افريقيا وفدان أميركي وفرنسي يبحثان في ليبيا تطوير الجيش

وفدان أميركي وفرنسي يبحثان في ليبيا تطوير الجيش

بحث وفدان عسكريان، أميركي وفرنسي، في ليبيا سبل إعادة بناء وتطوير المؤسسة العسكرية المُنقسمة، بين شرق البلاد وغربها، منذ إسقاط النظام السابق، في وقت زار فيه المشير خليفة حفتر، القائد العام لـ«الجيش الوطني» روما، والتقى برئيسة الوزراء بالحكومة الإيطالية جورجا ميلوني، وعدد من وزراء حكومتها. وفي لقاءين منفصلين في طرابلس (غرباً) وبنغازي (شرقاً)، التقى الوفدان الأميركي والفرنسي قيادات عسكرية للتأكيد على ضرورة توحيد الجيش الليبي.

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

بحثت وزيرة الخارجية الليبية نجلاء المنقوش مع نظيرها الجزائري أحمد عطاف، خلال زيارة لها اليوم الخميس إلى الجزائر، في فتح المعابر البرية والنقل البحري والجوي أمام حركة التجارة وتنقل الاشخاص، بعد سنوات طويلة من الإغلاق، بسبب الأزمة السياسية والامنية في ليبيا.

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا «حبوب الهلوسة»... «سلاح قاتل» يستهدف عقول الليبيين

«حبوب الهلوسة»... «سلاح قاتل» يستهدف عقول الليبيين

لم يكن من قبيل الصدفة أن تقذف أمواج البحر المتوسط كميات متنوعة من المخدرات إلى السواحل الليبية، أو أن تتلقف شِباك الصيادين قرب الشاطئ «حزماً» من «الحشيش والكوكايين وحبوب الهلوسة»، فالبلاد تحوّلت -وفق تقرير أممي- إلى «معبر مهم» لهذه التجارة المجرّمة. وتعلن السلطات الأمنية في عموم ليبيا من وقت لآخر عن ضبط «كميات كبيرة» من المخدرات قبل دخولها البلاد عبر الموانئ البحري والبرية، أو القبض على مواطنين ووافدين وهو يروّجون هذه الأصناف التي يُنظر إليها على أنها تستهدف «عقول الشباب الليبي». غير أنه بات لافتاً من واقع عمليات الضبط التي تعلن عنها السلطات المحلية تزايُد تهريب المخدرات وتعاطيها، خصوصاً «حبوب

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا «النواب» و«الدولة» يقران آلية عمل لجنة قوانين الانتخابات الليبية

«النواب» و«الدولة» يقران آلية عمل لجنة قوانين الانتخابات الليبية

استهلّت اللجنة المُشتركة لممثلي مجلسي «النواب» و«الدولة» (6+6) المكلفة بإعداد قوانين الانتخابات الليبية، اجتماعاتها في العاصمة طرابلس بـ«الاتفاق على آلية عملها». وطبقاً لما أعلنه عبد الله بليحق، المتحدث الرسمي باسم مجلس النواب، فقد شهد الاجتماع ما وصفه بتقارب في وجهات النظر بين أعضاء اللجنة حول القوانين الانتخابية، مشيراً، في بيان مقتضب مساء أول من أمس، إلى أنه «تم أيضاً الاتفاق على التواصل مع الجهات والمؤسسات ذات العلاقة بالعملية الانتخابية».

خالد محمود (القاهرة)

مصر والصومال وإريتريا لعقد اجتماع يستهدف «التنسيق في القضايا الإقليمية»

مؤتمر صحافي للرئيس الإريتري مع نظيريه المصري والصومالي في أسمرة أكتوبر الماضي (الرئاسة المصرية)
مؤتمر صحافي للرئيس الإريتري مع نظيريه المصري والصومالي في أسمرة أكتوبر الماضي (الرئاسة المصرية)
TT

مصر والصومال وإريتريا لعقد اجتماع يستهدف «التنسيق في القضايا الإقليمية»

مؤتمر صحافي للرئيس الإريتري مع نظيريه المصري والصومالي في أسمرة أكتوبر الماضي (الرئاسة المصرية)
مؤتمر صحافي للرئيس الإريتري مع نظيريه المصري والصومالي في أسمرة أكتوبر الماضي (الرئاسة المصرية)

بهدف «تنسيق المواقف في القضايا الإقليمية»، تستعد مصر والصومال وإريتريا لاجتماع ثلاثي على مستوى الوزراء، بحسب إفادة رسمية لوزارة الخارجية المصرية، الأحد، أشارت إلى اتصال هاتفي بين وزيري خارجية مصر والصومال أطلعت خلاله مقديشو، القاهرة على مخرجات «قمة أنقرة»، التي أنهت «مؤقتاً توتراً متصاعداً منذ نحو العام بين إثيوبيا والصومال».

وبينما لم يعلق البيان المصري صراحة على «مخرجات قمة أنقرة»، جدد التأكيد على «دعم القاهرة للحكومة الفيدرالية في مقديشو»، ما عدّه دبلوماسيون سابقون «منسجماً» مع الموقف المصري الرامي لتحقيق الاستقرار في القرن الأفريقي، والداعم لوحدة وسيادة الصومال، مشيرين إلى أن «القاهرة ستتابع التطورات في المنطقة كونها مرتبطة بالأمن القومي للبلاد».

وتلقى وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، اتصالاً هاتفياً، مساء السبت، من نظيره الصومالي، أحمد معلم فقي، «تناول العلاقات الاستراتيجية المتميزة بين البلدين، والحرص المتبادل على تطويرها في كل المجالات السياسية والاقتصادية والتجارية بما يلبي طموحات البلدين، والبناء على الزخم الذي تشهده العلاقات خلال الفترة الأخيرة».

وأطلع وزير خارجية الصومال، نظيره المصري على «مخرجات قمة أنقرة الثلاثية التي عقدت أخيراً بين الصومال وتركيا وإثيوبيا»، مؤكداً «تمسك بلاده باحترام سيادة الصومال ووحدة وسلامة أراضيه».

وهو ما أكده وزير الخارجية المصرية، مشدداً على «دعم القاهرة الكامل للحكومة الفيدرالية في الصومال، وفي (مكافحة الإرهاب) وتحقيق الأمن والاستقرار».

وتطرق الاتصال إلى «متابعة نتائج القمة الثلاثية التي عقدت في أسمرة بين رؤساء مصر والصومال وإريتريا في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي»، واتفق «الوزيران على مواصلة التنسيق المشترك، والتحضير لعقد الاجتماع الوزاري الثلاثي بين مصر والصومال وإريتريا تنفيذاً لتوجيهات القيادات السياسية في الدول الثلاث لدعم التنسيق والتشاور بشأن القضايا الإقليمية ذات الاهتمام المشترك»، وفق البيان.

وأعلنت تركيا، الأسبوع الماضي، نجاح جهود الوساطة التي أطلقتها في يوليو (تموز) الماضي، في عقد اتفاق بين الصومال وإثيوبيا، وصفه الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، بأنه «تاريخي»، ينهي، بشكل مبدئي، عاماً من التوتر بين مقديشو وأديس أبابا، بدأ مطلع يناير (كانون الثاني) الماضي، عقب «مذكرة تفاهم» وقعتها إثيوبيا مع إقليم «أرض الصومال» الانفصالي يمنح إثيوبيا منفذاً بحرياً. وهو الاتفاق الذي رفضته الصومال والجامعة العربية.

وأبدت مصر رفضاً حاسماً للاتفاق الإثيوبي مع «أرض الصومال». وأكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، عقب لقائه ونظيره الصومالي، في يناير الماضي، أن الصومال دولة عربية، وله حقوق طبقاً لميثاق الجامعة العربية، في الدفاع المشترك ضد أي تهديد له. وأضاف أن القاهرة لن تسمح لأحد بتهديد الصومال أو المساس بأمنه، قائلاً: «(محدش) (لا أحد) يجرب مصر ويحاول أن يهدد أشقاءها، خصوصاً لو أشقاؤها طلبوا منها الوقوف معهم».

لكنّ اتفاقاً بوساطة تركية بين الصومال وإثيوبيا، قلل من حدة التوتر في القرن الأفريقي. وقال مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، السفير رخا أحمد حسن، لـ«الشرق الأوسط»، إن «مصر ترحب بأي جهود من شأنها أن تحقق السلام والتوافق والاستقرار في القرن الأفريقي». وأوضح أن «مصر لن تعارض لجوء إثيوبيا للحكومة الفيدرالية الصومالية لتقديم التسهيلات اللازمة لإيجاد منفذ لها على البحر، طالما احترمت أديس أبابا سيادة الصومال وحكومته المركزية»، مشيراً إلى أن «الاتفاق نزع فتيل أزمة في القرن الأفريقي».

الرئيس الصومالي خلال توقيعه قانوناً يلغي اتفاق إقليم «أرض الصومال» مع أديس أبابا (الرئاسة الصومالية)

واتفق معه عضو «المجلس المصري للشؤون الخارجية»، مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، السفير علي الحفني، وقال لـ«الشرق الأوسط»، إن «الأمن القومي المصري ممتد للقرن الأفريقي، ومن هنا تتابع القاهرة الأوضاع هناك وتسعى لاستقرارها بكل الوسائل»، مشيراً إلى «العلاقات التاريخية التي تربط القاهرة بمقديشو».

وأكد أن «القاهرة بدءاً من العام المقبل ستكون موجودة في الصومال ضمن قوة حفظ السلام الأممية لمساعدة الصومال في مواجهة الإرهاب، والحفاظ على وحدة البلاد، ودعم الحكومة الفيدرالية في مقديشو».

ضابط شرطة صومالي يقف في حراسة احتجاجات ضد صفقة ميناء إثيوبيا - أرض الصومال بمقديشو - (أرشيفية - رويترز)

ووقعت مصر والصومال، في أغسطس (آب) الماضي، بروتوكول تعاون عسكري، واتفق البلدان على مشاركة مصر في البعثة الأفريقية لحفظ السلام خلال الفترة في 2025 - 2029، ودعمت القاهرة مقديشو بمعدات عسكرية.

ولمواجهة التحديات في القرن الأفريقي، زار الرئيس المصري، العاصمة الإريترية أسمرة، في أكتوبر الماضي، حيث عقدت قمة ثلاثية بحضور رئيسي الصومال وإريتريا، تناولت «سبل تعزيز العلاقات بين الدول الثلاث في مختلف المجالات، بالإضافة إلى الأوضاع الإقليمية وجهود ترسيخ الاستقرار والأمن في القرن الأفريقي والبحر الأحمر». وأكدت القمة، في بيان ختامي، نشرته الرئاسة المصرية، «أهمية الاحترام المطلق لسيادة ووحدة أراضي المنطقة»، معلنة «تشكّل لجنة ثلاثية من وزراء الخارجية للتعاون الاستراتيجي».

بدوره، قال عضو «المجلس المصري للشؤون الخارجية» إن «هذا التعاون الثلاثي ليس موجهاً ضد أحد، وهو جهد من داخل الإقليم هدفه متابعة الوضع الأمني في القرن الأفريقي، وتعزيز الأمن والاستقرار».