اعتقال يهوديين بقضية الاعتداء على المقبرة البروتستانتية في القدس

بطاركة ورؤساء الكنائس في الأراضي المقدسة يعتبرونه «اعتداء إرهابياً»

رجلا دين مسيحيان يعاينان أثار التخريب في المقبرة البروتستانتية في القدس، 4 يناير الحالي (رويترز)
رجلا دين مسيحيان يعاينان أثار التخريب في المقبرة البروتستانتية في القدس، 4 يناير الحالي (رويترز)
TT

اعتقال يهوديين بقضية الاعتداء على المقبرة البروتستانتية في القدس

رجلا دين مسيحيان يعاينان أثار التخريب في المقبرة البروتستانتية في القدس، 4 يناير الحالي (رويترز)
رجلا دين مسيحيان يعاينان أثار التخريب في المقبرة البروتستانتية في القدس، 4 يناير الحالي (رويترز)

في أعقاب رسالتي احتجاج صارمتين من ألمانيا والولايات المتحدة، سارعت الشرطة الإسرائيلية إلى الإعلان، أمس الجمعة، أنها اعتقلت شابا (18 عاما) وفتى (14 عاما) يهوديين بشبهة ضلوعهما في تدنيس المقبرة البروتستانتية في القدس، وتكسير شواهد 30 قبرا وعدة صلبان فيها.
وقالت الشرطة إن التحقيق في هذا الاعتداء مستمر، وإن هناك احتمالا لتنفيذ اعتقالات أخرى. وفي حين اعتبر بطاركة ورؤساء الكنائس في الأراضي المقدسة هذا الاعتداء إرهابيا، ادعت الشرطة أن «الدوافع لهذا الاعتداء تقتصر على تصرف زعرنة».
وفي هذه الأثناء اتضح أن المقبرة البروتستانتية المعتدى عليها تعتبر واحدة من أهم المعالم التاريخية في فلسطين. وتضم بين جنباتها قبورا لشخصيات تاريخية كثيرة ذات وزن سياسي واجتماعي وديني، توفيت في البلاد خلال حوالي 300 سنة. وهي تحظى بإشراف حكومتي بريطانيا وألمانيا. وقد تعرضت في الماضي لاعتداءات أخرى وتسببت هذه الاعتداءات في أزمة إسرائيلية مع الحكومة الألمانية. وفي يوم الخميس وصلت رسالتان شديدتا اللهجة من الإدارة الأميركية والحكومة الألمانية طالبتا فيهما مجددا «بالتحقيق الجاد في تدنيس المقبرة» وطالبت إسرائيل بـ«تحمل المسؤولية» عما يحدث في القدس من مساس بالمقدسات المسيحية. 
ونشرت السفارة الأميركية في إسرائيل على حسابها في تويتر بيان «المكتب الأميركي للشؤون الفلسطينية»، الذي يدين اعتداء المستوطنين على المقبرة وإلحاق أضرار بثلاثين قبرا. وجاء في البيان الأميركي: «قلقون لرؤية استهداف جبل صهيون المقدس مرة أخرى. تحدثنا مع الكنائس، والمجتمع يدعو للمساءلة. وتخريب المواقع الدينية من قبل أي شخص غير مقبول. ويجب أن تكون القدس مدينة لجميع أبنائها». 
وغردت مبعوثة إدارة بايدن لمعاداة السامية، ديبوراه ليبستدات، قائلة: «إنني أدين هذا العمل الحقير. تدنيس أي من الأماكن المقدسة أمر غير مقبول، ويجب احترام قدسية الدفن. للعائلات الحق في الاستلقاء بسلام مع أحبائهم». 
وفي القدس، عقد بطاركة ورؤساء الكنائس في الأراضي المقدسة، اجتماعا أدانوا فيه «الاعتداء الإرهابي» على المقبرة وعبروا عن انزعاجهم من «التدنيس الوحشي لأكثر من ثلاثين شاهد قبر في المقبرة البروتستانتية في رأس السنة الميلادية». وأكدوا أن «المزعج بشكل خاص اللقطات التي وثقتها كاميرات المراقبة من ظهر يوم الاعتداء، والتي تكشف عن شابين يرتديان زي اليهود المتدينين يحطمان بحقد حجرًا منحوتًا لأسقف القدس البروتستانتي الثاني والعديد من الصلبان الحجرية وشواهد قبور ضباط شرطة مسيحيين في فترة الانتداب البريطاني».
ورأى البطاركة ورؤساء الكنائس أن «اختيار هذه الأهداف المحددة لنا يشير إلى أن مرتكبي هذه الأعمال الإجرامية كانوا مدفوعين بوضوح بالتعصب الديني وكراهية المسيحيين... هذا ليس الاعتداء الأول من نوعه على هذه المقبرة، ولكنه جزء من نمط متكرر من الهجمات ضد المواقع المقدسة المسيحية والمقابر في جبل صهيون وأماكن أخرى والتي ازدادت خلال العقد الماضي». 
وأضافوا: «كما فعلنا عدة مرات في الماضي مع مثل هذه الفظائع، فإننا ندين هذه الأعمال الإرهابية ضد المقبرة البروتستانتية، وندعو الجهات المعنية إلى ملاحقة مرتكبي هذه الجرائم بلا كلل والقبض عليهم ومقاضاتهم إلى أقصى حد يسمح به القانون، بما في ذلك تلك القوانين المتعلقة بجرائم الكراهية». 
ورفضوا الادعاء الإسرائيلي بأنه مجرد اعتداء زعران قائلين: «لا يمكن النظر إلى هذه الأعمال على أنها حوادث معزولة، ولكن كمحاولة واضحة ومنهجية لتحقيق التفرد لصالح جانب واحد، وهجوم شرس على الوضع التاريخي الراهن المتجسد في أرضنا المقدسة الحبيبة والذي يدعمه القانون الدولي، والذي يضمن حماية الاحترام المتبادل والحقوق الدينية».
ودعا البطاركة ورؤساء الكنائس في القدس «القادة الدينيين والسياسيين في منطقتنا وحول العالم على حد سواء للانضمام إلينا في إدانة ومناهضة هذه الأعمال العنيفة وغيرها من أعمال الإساءة للأماكن المقدسة، وإلى إعادة التأكيد والالتزام بتعزيز البيئة الآمنة والاحترام المتبادل والتسامح الديني في هذه الأرض المقدسة التي تحظى باحترام جميع الديانات الإبراهيمية الثلاث». 
وكان قائد شرطة القدس الإسرائيلية، دورون تورجمان، قد حضر إلى البطريركية الأرثوذكسية واجتمع مع البطريرك ثيوفولوس ليعبر عن التزام شرطته بصيانة الأماكن الإسلامية والمسيحية المقدسة في القدس. وقالت عالمة الآثار الإسرائيلية، ياسكا هيرني، إن القبر الذي تعرض لأكبر ضرر هو لثاني رئيس للكنيسة الحديثة في القدس، المطران صموئيل جوبات (1846 - 1880)، الذي تم تحطيم تمثال يجسد صورة وجهه وتدميره بالكامل.


مقالات ذات صلة

اليوم الثاني لرئيسي في دمشق... فلسطيني

المشرق العربي اليوم الثاني لرئيسي في دمشق... فلسطيني

اليوم الثاني لرئيسي في دمشق... فلسطيني

في اليوم الثاني لزيارة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي إلى سوريا، التقى وفداً من الفصائل الفلسطينية الموجودة في دمشق، بحضور وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان. وأكد رئيسي، خلال اللقاء الذي عقد في القصر الرئاسي السوري أمس (الخميس)، أن بلاده «تعتبر دائماً القضية الفلسطينية أولوية في سياستها الخارجية». وأكد أن «المقاومة هي السبيل الوحيد لتقدم العالم الإسلامي ومواجهة الاحتلال الإسرائيلي»، وأن «المبادرة، اليوم، في أيدي المجاهدين والمقاتلين الفلسطينيين في ساحة المواجهة».

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي «مستعربون» بزي نسائي تسللوا إلى قلب نابلس لقتل 3 فلسطينيين

«مستعربون» بزي نسائي تسللوا إلى قلب نابلس لقتل 3 فلسطينيين

قتلت إسرائيل 3 فلسطينيين في الضفة الغربية، الخميس، بعد حصار منزل تحصنوا داخله في نابلس شمال الضفة الغربية، قالت إنهم يقفون خلف تنفيذ عملية في منطقة الأغوار بداية الشهر الماضي، قتل فيها 3 إسرائيليات، إضافة لقتل فتاة على حاجز عسكري قرب نابلس زعم أنها طعنت إسرائيلياً في المكان. وهاجم الجيش الإسرائيلي حارة الياسمينة في البلدة القديمة في نابلس صباحاً، بعد أن تسلل «مستعربون» إلى المكان، تنكروا بزي نساء، وحاصروا منزلاً هناك، قبل أن تندلع اشتباكات عنيفة في المكان انتهت بإطلاق الجنود صواريخ محمولة تجاه المنزل، في تكتيك يُعرف باسم «طنجرة الضغط» لإجبار المتحصنين على الخروج، أو لضمان مقتلهم. وأعلنت وزارة

كفاح زبون (رام الله)
المشرق العربي مشروع قانون إسرائيلي يتيح لعوائل القتلى مقاضاة السلطة واقتطاع أموال منها

مشروع قانون إسرائيلي يتيح لعوائل القتلى مقاضاة السلطة واقتطاع أموال منها

في وقت اقتطعت فيه الحكومة الإسرائيلية، أموالاً إضافية من العوائد المالية الضريبية التابعة للسلطة الفلسطينية، لصالح عوائل القتلى الإسرائيليين في عمليات فلسطينية، دفع الكنيست نحو مشروع جديد يتيح لهذه العائلات مقاضاة السلطة ورفع دعاوى في المحاكم الإسرائيلية؛ لتعويضهم من هذه الأموال. وقالت صحيفة «يسرائيل هيوم» العبرية، الخميس، إن الكنيست صادق، بالقراءة الأولى، على مشروع قانون يسمح لعوائل القتلى الإسرائيليين جراء هجمات فلسطينية رفع دعاوى لتعويضهم من أموال «المقاصة» (العوائد الضريبية) الفلسطينية. ودعم أعضاء كنيست من الائتلاف الحكومي ومن المعارضة، كذلك، المشروع الذي يتهم السلطة بأنها تشجع «الإرهاب»؛

«الشرق الأوسط» (رام الله)
المشرق العربي تأهب في إسرائيل بعد «صواريخ غزة»

تأهب في إسرائيل بعد «صواريخ غزة»

دخل الجيش الإسرائيلي في حالة تأهب وقصف بدباباته موقعاً في شرق مدينة غزة، أمس الثلاثاء، ردّاً على صواريخ أُطلقت صباحاً من القطاع بعد وفاة القيادي البارز في حركة «الجهاد» بالضفة الغربية، خضر عدنان؛ نتيجة إضرابه عن الطعام داخل سجن إسرائيلي.

كفاح زبون (رام الله)
المشرق العربي وساطة عربية ـ أممية تعيد الهدوء إلى غزة بعد جولة قتال خاطفة

وساطة عربية ـ أممية تعيد الهدوء إلى غزة بعد جولة قتال خاطفة

صمد اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة الذي دخل حيز التنفيذ، فجر الأربعاء، منهيا بذلك جولة قصف متبادل بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية استمرت ليلة واحدة (أقل من 24 ساعة)، في «مخاطرة محسوبة» بدأتها الفصائل ردا على وفاة القيادي في «الجهاد الإسلامي» خضر عدنان في السجون الإسرائيلية يوم الثلاثاء، بعد إضراب استمر 87 يوما. وقالت مصادر فلسطينية في الفصائل لـ«الشرق الأوسط»، إن وساطة مصرية قطرية وعبر الأمم المتحدة نجحت في وضع حد لجولة القتال الحالية.

كفاح زبون (رام الله)

سوريا: نزوح جماعي يواكب تقدم فصائل مسلحة نحو حلب

عناصر من الفصائل المسلحة السورية يوم الجمعة على مشارف حلب الغربية في سوريا (أ.ب)
عناصر من الفصائل المسلحة السورية يوم الجمعة على مشارف حلب الغربية في سوريا (أ.ب)
TT

سوريا: نزوح جماعي يواكب تقدم فصائل مسلحة نحو حلب

عناصر من الفصائل المسلحة السورية يوم الجمعة على مشارف حلب الغربية في سوريا (أ.ب)
عناصر من الفصائل المسلحة السورية يوم الجمعة على مشارف حلب الغربية في سوريا (أ.ب)

دفعت التطورات العسكرية شمال غربي سوريا وتحديداً في مدينة حلب وريفها الغربي، الآلاف إلى حركة نزوح جماعية كبيرة، تعددت وجهاتها بين أحياء وسط مدينة حلب الواقعة تحت سيطرة القوات الحكومية بدمشق وشمال غربي إدلب على الحدود مع تركيا، ومناطق أخرى آمنة.

وبدأت معارك عنيفة حول حلب بعدما تحركت فصائل مسلحة أبرزها «هيئة تحرير الشام» ومجموعات أخرى متحالفة معها تحت شعار علمية سموها «رد العدوان» بهدف السيطرة على المدينة وردت عليها قوات حكومية. والتطورات العسكرية اللافتة تأتي بعد نحو 4 سنوات من التهدئة شمال غربي سوريا بموجب تفاهمات سورية – تركية.

ودفعت التعزيزات والغارات والمعارك، مدنيين إلى النزوح، وحذرت الأمم المتحدة، الجمعة، من أن الاشتباكات أجبرت أكثر من 14 ألف شخص على مغادرة من منازلهم. فيما قال «المرصد السوري لحقوق الإنسان» إن القسم الغربي من مدينة حلب يشهد حركة نزوح كبيرة باتجاه المناطق الشرقية أو خارج المدينة.

وأفاد المرصد، مساء الجمعة، بأن «هيئة تحرير الشام» على مشارف حلب بعدما سيطرت على 55 قرية وبلدة وتلة استراتيجية تقع إما في أطراف حلب الغربية أو في ريف حلب الجنوبي على طريق دمشق – حلب الدولي، الذي انــقـطـع بشكل كامل منذ يوم الخميس.

وبالنسبة للنازحين، فقد بات الخروج مرتكزاً على طريق خناصر الواقع جنوب غربي حلب باتجاه البادية السورية.

ومع ازدياد تهديدات الفصائل المسلحة للقوات الحكومية والميليشيات الرديفة التابعة لإيران و«حزب الله»، أكدت مصادر «نزوح عشرات العائلات خلال اليومين الماضيين من ريف حلب نحو شمال غربي إدلب عند الحدود مع تركيا، حيث أقاموا في خيام مؤقتة في نزوح يعد الثالث لسكان تلك المناطق منذ اندلاع الحرب في سوريا».

وقالت مصادر أهلية في حلب لـ«الشرق الأوسط» إنه تم إخلاء السكن الجامعي في مدينة حلب بعد تعرضه للقصف ومقتل أربعة طلاب وإصابة طالبين آخرين، حيث توجه الطلاب كُل إلى محافظته.

وبثت وسائل إعلام رسمية سورية، صوراً للدمار الذي لحق بالسكن الجامعي، وقال التلفزيون الرسمي إن «أربعة مدنيين قتلوا من جراء قصف الفصائل المسلحة على المدينة الجامعية»، لكن الفصائل المسلحة نفت استهداف المدينة الجامعية، متهمة القوات الحكومية بذلك بهدف إخلائه وتحويله إلى ثكنه عسكرية».

وشهدت أحياء الحمدانية والفرقان وجمعية الزهراء وحلب الجديدة حركة نزوح كبيرة يوم الجمعة، باتجاه أحياء وسط المدينة مع تصاعد حدة الاشتباكات ووصول الجماعات المسلحة إلى مشارف المدينة.

وشرح مدير «المرصد السوري لحقوق الإنسان» رامي عبد الرحمن، أن «هيئة تحرير الشام» والفصائل المتحالفة معها تريد السيطرة على مدينة سراقب الحيوية، وكذلك طريق «حلب – دمشق»، وطريق «حلب – اللاذقية» الدوليين.

ويقدر عبد الرحمن أن «كل المكتسبات التي حققتها القوات الحكومية والميليشيات الرديفة التابعة لإيران و(حزب الله) خلال السنوات الخمس الماضية في مناطق سيطرتها في محافظة حلب (ستنتهي) وسيعود الوضع إلى ما كان عليه أواخر عام 2019». أي قبل التهدئة التركية – الروسية عام 2020.

وأعلنت الفصائل المسلحة المعارضة في الشمال دخولها أول أحياء مدينة حلب والسيطرة على مركز البحوث العلمية في حي حلب الجديدة، وقالت وسائل إعلام داعمة للفصائل المسلحة إنها «سيطرت على أحياء حلب الجديدة والحمدانية، و3000 شقة غرب مدينة حلب، وباتت على بعد 2 كم عن وسط مدينة حلب».

لكن صحيفة «الوطن» السورية المقربة من الحكومة بدمشق نقلت في وقت سابق عن مصادر أهلية في حلب نفيها سيطرة الفصائل المسلحة المعارضة على بلدة المنصورة ومركز البحوث العلمية غرب حلب الجديدة بريف حلب الغربي

وسجل «المرصد السوري» مقتل نحو 254 شخصاً خلال الأيام الثلاثة منذ بدء هجوم «رد العدوان» الذي أطلقته الفصائل المسلحة غرب حلب، بينهم 24 مدنياً و 144 من «هيئة تحرير الشام» والفصائل الحليفة لها، ونحو 86 من القوات الحكومية والميليشيات الرديفة. مشيراً إلى أن القوات الحكومية تتركز في مدينة حلب فيما يتوزع على الجبهات في الريف الميليشيات الرديفة التابعة لإيران وإلى حد ما «حزب الله» الذي تقلص دوره بشكل كبير في شمال سوريا خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة.