تركيا تحذّر من «عملية استغلال» وراء التظاهرات ضدها شمال سوريا

تقارير تتحدث عن تشكيل لجان مشتركة مع النظام لتسريع التطبيع

عَلم «الثورة السورية» خلال الاحتجاجات التي شهدتها مدينة إدلب أمس (أ.ف.ب)
عَلم «الثورة السورية» خلال الاحتجاجات التي شهدتها مدينة إدلب أمس (أ.ف.ب)
TT

تركيا تحذّر من «عملية استغلال» وراء التظاهرات ضدها شمال سوريا

عَلم «الثورة السورية» خلال الاحتجاجات التي شهدتها مدينة إدلب أمس (أ.ف.ب)
عَلم «الثورة السورية» خلال الاحتجاجات التي شهدتها مدينة إدلب أمس (أ.ف.ب)

بينما تجددت الاحتجاجات في مناطق سيطرة المعارضة السورية في شمال غربي سوريا احتجاجاً على التقارب بين تركيا ونظام الرئيس السوري بشار الأسد، حذر وزير الدفاع التركي خلوصي أكار من محاولات دفع المواطنين في شمال سوريا إلى تنظيم احتجاجات والقيام بـ«استفزاز» وأكد في الوقت ذاته أن هدف تركيا هو مكافحة الإرهاب وأنه أكد ذلك خلال الاجتماع مع نظيريه الروسي والسوري في موسكو يوم 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.
في الوقت ذاته، كشفت تقارير صحافية تركية عن تشكيل الحكومة التركية والنظام السوري لجاناً من مسؤولين عسكريين واستخباريين، لحل المشكلات العالقة بهدف تسريع عملية التطبيع بين أنقرة ودمشق.
وقال أكار، في تصريحات أمس (الجمعة)، إنه تم خلال الاجتماع الثلاثي في موسكو التأكيد أن هدف تركيا الوحيد في سوريا هو مكافحة الإرهاب، وأنها تدعم وحدة أراضي سوريا وسيادتها، وأنها ليست على استعداد لاستقبال نازحين جدد. وأضاف: «قلنا إنه لا يمكننا قبول المزيد من اللاجئين من سوريا، وإن موجة جديدة من الهجرة غير مقبولة لدينا، لذلك مع فعالياتنا في شمال وشمال غربي سوريا نسعى جاهدين لإبقاء إخواننا وأخواتنا السوريين في أراضيهم». وحذّر من محاولات «استغلال المواطنين في شمال سوريا كأداة للاستفزاز»، مشدداً، مرة أخرى، على أن هدف تركيا الرئيسي هو «مكافحة الإرهاب»، ولن تسمح بوجود إرهابيين قرب حدودها. وتابع أكار في رسالة طمأنة للمعارضة: «أكدنا ضرورة حل الأزمة السورية بطريقة شاملة وبمشاركة الجميع في إطار قرار مجلس الأمن رقم 2254. كما أن لدينا إخوة وأخوات سوريين نجتمع معهم في سوريا وتركيا، قلنا إننا لن نقول (نعم) لأي قرار يكون ضدهم وينتهك حقوقهم، ويجب على الجميع أن يعرفوا ويتصرفوا وفقاً لذلك».
وشهدت مناطق نفوذ «هيئة تحرير الشام» والفصائل الموالية لتركيا، أمس، مظاهرات واحتجاجات غاضبة جديدة تنديداً بالتقارب بين أنقرة ودمشق ورفضاً لمطالبة أنقرة للمعارضة بالمصالحة مع النظام.

جانب من الاحتجاجات في مدينة إدلب أمس رفضاً للتقارب بين أنقرة ودمشق (أ.ف.ب)

وحسب «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، خرجت مظاهرات في جسر الشغور غرب إدلب، ضمّت القرى المجاورة وأبناء مخيمات النازحين. ورفع المتظاهرون لافتات تطالب بإسقاط النظام، مؤكدين أنْ «لا تصالح» مع النظام. كما خرجت مظاهرات من كل من تفتناز وأطمة ومخيمات الكرامة وكللي ومواقع أخرى بريف إدلب، بالإضافة للأتارب والسحارة بريف حلب الغربي، وكذلك في قباسين وأعزاز والراعي ومدينة الباب وصوران بريفي حلب الشمالي والشرقي، فضلاً عن مظاهرات في تل أبيض بريف الرقة الشمالي، ضمن مناطق سيطرة فصائل ما يُعرف بـ«الجيش الوطني السوري» الموالي لتركيا. وعبّر المتظاهرون عن رفضهم التصالح مع النظام، والتقارب التركي معه، ودعوا لإسقاطه. وكان نشطاء سوريون قد أطلقوا دعوات، (الخميس)، عبر مواقع التواصل الاجتماعي للخروج في مظاهرات حاشدة في مناطق عدة في شمال سوريا تحت شعار «لن نصالح»، رفضاً للمصالحة والتطبيع مع النظام وتنديداً بالتقارب بين تركيا والنظام على خلفية اجتماع موسكو.
- قلق من التقارب
وأثار الاجتماع الذي استضافته موسكو نهاية الشهر الماضي وجمع وزراء الدفاع السوري والتركي والروسي وقادة الاستخبارات في الدول الثلاث قلقاً لدى قوى المعارضة السورية السياسية والمسلحة. وقال زعيم «هيئة تحرير الشام»، أبو محمد الجولاني، في فيديو تم بثه الاثنين الماضي، إن المحادثات بين سوريا وروسيا وتركيا تمثل «انحرافاً خطيراً». كما أصدرت «حركة أحرار الشام» بياناً (الأربعاء)، ذكرت فيه أنه على الرغم من تفهمها لوضع حليفها التركي فإنها لا تستطيع مجرد التفكير في المصالحة مع نظام الرئيس بشار الأسد.
بدورها سعت تركيا إلى طمأنة المعارضة، وقال وزير الدفاع خلوصي أكار إن تركيا لن تتخذ أي خطوة قد تسبِّب مشكلات «للإخوة السوريين» في تركيا أو داخل سوريا. وأضاف أنه «يجب ألا يتخذوا (المعارضة) أي مواقف مختلفة نتيجة أي استفزاز أو أنباء كاذبة». وأكد المتحدث باسم الرئاسة التركية إبراهيم كالين، أن تركيا لم تخذل المعارضة من قبل، ولن تخذلهم في المستقبل.
وعقد وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، في أنقرة (الثلاثاء)، اجتماعاً عاجلاً مع رئيس «الائتلاف الوطني السوري» سالم المسلط، ورئيس «هيئة التفاوض» بدر جاموس، ورئيس «الحكومة المؤقتة» عبد الرحمن مصطفى، بناءً على طلب «الائتلاف»، للنظر في التطورات الأخيرة والتقارب التركي مع النظام. وقال جاويش أوغلو إنه «تمت مناقشة آخر التطورات حول سوريا... أكدنا دعمنا للمعارضة والشعب السوريين، وذلك وفقاً لقرار مجلس الأمن 2254». أما المسلط فقال إن «تركيا حليف قوي لقوى الثورة والمعارضة السورية، وداعم كبير لتطلعات السوريين في تحقيق الحرية والكرامة والديمقراطية»، وعبّر عن أمله أن تبقى تركيا كذلك، وأن تكون خطواتها للتقارب مع النظام تصب في صالح هذه التطلعات عبر تطبيق الحل السياسي الذي أقرته القرارات الدولية الخاصة بالشأن السوري، ومنها بيان جنيف والقراران 2118 و2254.
وقال عبد الرحمن مصطفى، بدوره، إن الوزير التركي أكد استمرار دعم تركيا لمؤسسات المعارضة السورية والسوريين في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة، وأن المحادثات التي أجرتها تركيا مع المسؤولين السوريين في موسكو ركزت بشكل أساسي على القتال ضد «وحدات حماية الشعب» الكردية، أكبر مكونات «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد)، في شمال شرقي البلاد.
ونقلت وكالة «رويترز» عن مسؤول تركي كبير، لم تحدده بالاسم، أن بلاده اطّلعت على ردود فعل فصائل المعارضة على اجتماع موسكو «لكن تركيا هي التي تحدد سياساتها». وتناول اجتماع موسكو، حسبما أعلنت وزارة الدفاع التركية، الأزمة السورية وقضية اللاجئين والجهود المشتركة لمكافحة جميع الجماعات الإرهابية في سوريا.
- لجان لتسريع التطبيع
في السياق ذاته، كشفت صحيفة «يني شفق» القريبة من الحكومة التركية، في تقرير حول ما دار في اجتماع موسكو الثلاثي، إن أنقرة اتفقت مع النظام على تشكيل لجان لتسريع عملية التطبيع بين أنقرة ودمشق تتألف من مسؤولين عسكريين واستخباريين. وذكرت الصحيفة، في تقرير (الجمعة)، أن عملية التطبيع مع النظام السوري تتسارع بعد اجتماع موسكو الذي سيؤدي إلى عقد اجتماع بين وزراء خارجية تركيا وروسيا وسوريا خلال الفترة المقبلة، قائلة إن «ماراثون التطبيع» بدأ رفع سقف معاييره على المستوى السياسي عبر تشكيل تلك اللجان لحل المشكلات العالقة بين أنقرة ودمشق وتسريع عملية التطبيع.
وأضافت أن ممثلي اللجان سيحضرون الاجتماعات التركية المقبلة مع النظام السوري، بهدف التقدم بخطى سريعة في حل المشكلات بين البلدين، إلا أنه لم يتم بعد توضيح موعد اجتماع الطرفين. وتدفع روسيا باتجاه إعادة العلاقات بين تركيا ونظام بشار الأسد، وتوسطت في اتصالات بدأت أولاً على مستوى أجهزة المخابرات، وتطورت إلى لقاء وزراء الدفاع ورؤساء أجهزة المخابرات في كل من تركيا وسوريا وروسيا في موسكو في 28 ديسمبر الماضي، ومن المتوقع أن يعقبه لقاء مماثل لوزراء الخارجية في النصف الثاني من يناير (كانون الثاني) الحالي، لم يتحدد مكانه بعد، حسبما أعلن وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو.
- تأكيدات إردوغان
وأكد الرئيس رجب طيب إردوغان (الخميس)، احتمالات لقائه رئيس النظام السوري بشار الأسد في إطار «جهود من أجل السلام». وقال إردوغان إنه من المقرر عقد اجتماع ثلاثي يضم وزراء خارجية كل من تركيا وروسيا وسوريا، للمرة الأولى، من أجل المزيد من تعزيز التواصل بعد اجتماع وزراء دفاع الدول الثلاث في موسكو. وأضاف: «وزراء خارجية تركيا وسوريا وروسيا سيلتقون بعد فترة قصيرة، وإذا كانت نتائج محادثاتهم إيجابية، سنعقد محادثات على مستوى الرؤساء في الفترة القادمة... قد نجتمع كقادة تركيا وروسيا وسوريا أيضاً لمناقشة السلام والاستقرار في سوريا، اعتماداً على التطورات... هدفنا هو إحلال السلام والاستقرار في المنطقة».
وتابع: «اليوم (الخميس) أجريت محادثات هاتفية مهمة مع الرئيس (فلاديمير) بوتين... بحثنا تطورات الملفّ السوري، ومسار علاقاتنا مع سوريا... في الفترة الأخيرة أجرى رؤساء الاستخبارات محادثات مهمة، ثم وزراء الدفاع، وسيلتقي وزراء الخارجية التركي والسوري والروسي بعد فترة قصيرة، وإذا كانت النتائج من هذه المحادثات إيجابية، سنعقد محادثات على مستوى الرؤساء بالفترة القادمة».
- عملية للاستخبارات
من ناحية أخرى، قُتل القيادي في تنظيم «الحزب الشيوعي الماركسي - اللينيني» زكي غوربوز، المطلوب في تركيا، في عملية للمخابرات التركية في شمال سوريا. ونقلت وكالة «الأناضول» عن مصادر أمنية أن غوربوز، واسمه الحركي «أحمد شوريش»، يعد المخطِّط والمحرِّض لتنفيذ هجوم على حافلة تابعة لسجن «بورصة» بتاريخ 20 أبريل (نيسان) الماضي، وهجوم صاروخي ضد القوات التركية على الحدود السورية في 16 أغسطس (آب) الماضي.
وقالت المصادر إن الاستخبارات التركية تمكنت من القضاء على غوربوز في عملية بمدينة الحسكة شمال شرقي سوريا، مشيرةً إلى أنه نشط في صفوف الجناح المسلح التابع لتنظيم الحزب الشيوعي الماركسي - اللينيني، قبل أن يتولى ما يُعرف بـ«مسؤول تركيا» عام 2008. وهو غادر تركيا في 2012 بطريقة غير شرعية، على أمل الوصول إلى إيطاليا، إلا أنه تم القبض عليه في اليونان في فبراير (شباط) 2013. ورفضت أثينا إعادته، وأطلقت سراحه بعد شهرين من توقيفه فتوجه منها إلى العراق، ثم انتقل إلى سوريا، لينشط ضمن التنظيم مجدداً، ويصبح مسؤول التنظيم في سوريا اعتباراً من 2019.
ونفّذت الاستخبارات التركية الكثير من العمليات في شمال سوريا، خلال العام 2022، قتلت خلالها عناصر قيادية في قوات «قسد». وتركزت غالبية الضربات في الحسكة وعين العرب (كوباني).


مقالات ذات صلة

أبو الغيط: لا أعلم إن كانت سوريا ستعود للجامعة

أبو الغيط: لا أعلم إن كانت سوريا ستعود للجامعة

أبو الغيط: لا أعلم إن كانت سوريا ستعود للجامعة

قال الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، إنَّه «لا يعلم ما إذا كانت سوريا ستعود إلى الجامعة العربية أم لا»، وإنَّه «لم يتسلَّم بصفته أميناً عاماً للجامعة أي خطابات تفيد بعقد اجتماع استثنائي لمناقشة الأمر».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شؤون إقليمية سوريا وإيران: اتفاق استراتيجي طويل الأمد

سوريا وإيران: اتفاق استراتيجي طويل الأمد

استهلَّ الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، أمس، زيارة لدمشق تدوم يومين بالإشادة بما وصفه «الانتصارات الكبيرة» التي حقَّقها حكم الرئيس بشار الأسد ضد معارضيه. وفي خطوة تكرّس التحالف التقليدي بين البلدين، وقّع رئيسي والأسد اتفاقاً «استراتيجياً» طويل الأمد. وزيارة رئيسي للعاصمة السورية هي الأولى لرئيس إيراني منذ عام 2010، عندما زارها الرئيس الأسبق محمود أحمدي نجاد، قبل شهور من بدء احتجاجات شعبية ضد النظام. وقال رئيسي، خلال محادثات موسَّعة مع الأسد، إنَّه يبارك «الانتصارات الكبيرة التي حققتموها (سوريا) حكومة وشعباً»، مضيفاً: «حقَّقتم الانتصار رغم التهديدات والعقوبات التي فرضت ضدكم».

«الشرق الأوسط» (دمشق)
العالم العربي أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

استبقت تركيا انعقاد الاجتماع الرباعي لوزراء خارجيتها وروسيا وإيران وسوريا في موسكو في 10 مايو (أيار) الحالي في إطار تطبيع مسار العلاقات مع دمشق، بمطالبتها نظام الرئيس بشار الأسد بإعلان موقف واضح من حزب «العمال الكردستاني» والتنظيمات التابعة له والعودة الطوعية للاجئين والمضي في العملية السياسية.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
العالم العربي درعا على موعد مع تسويات جديدة

درعا على موعد مع تسويات جديدة

أجرت اللجنة الأمنية التابعة للنظام السوري في محافظة درعا (جنوب سوريا) اجتماعات عدة خلال الأيام القليلة الماضية، آخرها أول من أمس (الأربعاء)، في مقر الفرقة التاسعة العسكرية بمدينة الصنمين بريف درعا الشمالي، حضرها وجهاء ومخاتير ومفاوضون من المناطق الخاضعة لاتفاق التسوية سابقاً وقادة من اللواء الثامن المدعوم من قاعدة حميميم الأميركية. مصدر مقرب من لجان التفاوض بريف درعا الغربي قال لـ«الشرق الأوسط»: «قبل أيام دعت اللجنة الأمنية التابعة للنظام السوري في محافظة درعا، ممثلةً بمسؤول جهاز الأمن العسكري في درعا، العميد لؤي العلي، ومحافظ درعا، لؤي خريطة، ومسؤول اللجنة الأمنية في درعا، اللواء مفيد حسن، عد

رياض الزين (درعا)
شمال افريقيا مشاورات مصرية مع 6 دول عربية بشأن سوريا والسودان

مشاورات مصرية مع 6 دول عربية بشأن سوريا والسودان

أجرى وزير الخارجية المصري سامح شكري اتصالات هاتفية مع نظرائه في 6 دول عربية؛ للإعداد للاجتماع الاستثنائي لوزراء الخارجية العرب بشأن سوريا والسودان، المقرر عقده، يوم الأحد المقبل. وقال المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية، السفير أحمد أبو زيد، في إفادة رسمية، الخميس، إن شكري أجرى اتصالات هاتفية، على مدار يومي الأربعاء والخميس، مع كل من وزير خارجية السودان علي الصادق، ووزير خارجية السعودية فيصل بن فرحان، ووزير خارجية العراق فؤاد محمد حسين، ووزير خارجية الجزائر أحمد عطاف، ووزير خارجية الأردن أيمن الصفدي، ووزير خارجية جيبوتي محمود علي يوسف. وأضاف أن «الاتصالات مع الوزراء العرب تأتي في إطار ا

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

«الصحة العالمية» تحذّر من «نقص حادّ» في المواد الأساسية بشمال قطاع غزة

منظمة الصحة العالمية تطالب إسرائيل بالسماح بإدخال مزيد من المساعدات إلى غزة (أ.ب)
منظمة الصحة العالمية تطالب إسرائيل بالسماح بإدخال مزيد من المساعدات إلى غزة (أ.ب)
TT

«الصحة العالمية» تحذّر من «نقص حادّ» في المواد الأساسية بشمال قطاع غزة

منظمة الصحة العالمية تطالب إسرائيل بالسماح بإدخال مزيد من المساعدات إلى غزة (أ.ب)
منظمة الصحة العالمية تطالب إسرائيل بالسماح بإدخال مزيد من المساعدات إلى غزة (أ.ب)

حذّرت منظمة الصحة العالمية، اليوم الخميس، من أنّ قطاع غزة، ولا سيّما شطره الشمالي، يعاني نقصاً حادّاً في الأدوية والأغذية والوقود والمأوى، مطالبة إسرائيل بالسماح بدخول مزيد من المساعدات إليه، وتسهيل العمليات الإنسانية فيه.

ووفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، وصفت المنظمة الأممية الوضع على الأرض بأنه «كارثي».

وقال المدير العام للمنظمة تيدروس أدهانوم غيبريسوس إنه عندما اندلعت الحرب في غزة، قبل أكثر من عام في أعقاب الهجوم غير المسبوق الذي شنّته حركة «حماس» على جنوب إسرائيل، في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، لجأ تقريباً جميع الذين نزحوا بسبب النزاع إلى مبان عامة أو أقاموا لدى أقارب لهم.

وأضاف، في مؤتمر صحافي بمقرّ المنظمة في جنيف: «الآن، يعيش 90 في المائة منهم في خيم».

وأوضح أن «هذا الأمر يجعلهم عرضة لأمراض الجهاز التنفّسي وغيرها، في حين يتوقّع أن يؤدّي الطقس البارد والأمطار والفيضانات إلى تفاقم انعدام الأمن الغذائي وسوء التغذية».

وحذّر تيدروس من أن الوضع مروِّع بشكل خاص في شمال غزة، حيث بدأ الجيش الإسرائيلي عملية واسعة، مطلع أكتوبر الماضي.

وكان تقريرٌ أُعِدّ بدعم من الأمم المتّحدة قد حذّر، في وقت سابق من هذا الشهر، من أن شبح المجاعة يخيّم على شمال قطاع غزة؛ حيث اشتدّ القصف والمعارك، وتوقّف وصول المساعدات الغذائية بصورة تامة تقريباً.

وقام فريق من منظمة الصحة العالمية وشركائها، هذا الأسبوع، بزيارة إلى شمال قطاع غزة استمرّت ثلاثة أيام، وجالَ خلالها على أكثر من 12 مرفقاً صحياً.

وقال تيدروس إن الفريق رأى «عدداً كبيراً من مرضى الصدمات، وعدداً متزايداً من المصابين بأمراض مزمنة الذين يحتاجون إلى العلاج». وأضاف: «هناك نقص حادّ في الأدوية الأساسية».

ولفت المدير العام إلى أن منظمته «تفعل كلّ ما في وسعها - كلّ ما تسمح لنا إسرائيل بفعله - لتقديم الخدمات الصحية والإمدادات».

من جهته، قال ريك بيبركورن، ممثّل منظمة الصحة العالمية في الأراضي الفلسطينية، للصحافيين، إنّه من أصل 22 مهمّة إلى شمال قطاع غزة، قدّمت طلبات بشأنها، في نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، جرى تسهيل تسع مهام فقط.

وأضاف أنّه من المقرّر أن تُجرى، السبت، مهمّة إلى المستشفيين الوحيدين، اللذين ما زالا يعملان «بالحد الأدنى» في شمال قطاع غزة؛ وهما مستشفى كمال عدوان ومستشفى العودة، معرباً عن أمله في ألا تحدث عرقلة لهذه المهمة.

وقال بيبركورن إنّ هذين المستشفيين «بحاجة إلى كل شيء»، ويعانيان بالخصوص نقصاً شديداً في الوقود، محذراً من أنّه «دون وقود لا توجد عمليات إنسانية على الإطلاق».

وفي الجانب الإيجابي، قال بيبركورن إنّ منظمة الصحة العالمية سهّلت، هذا الأسبوع، إخلاء 17 مريضاً من قطاع غزة إلى الأردن، يُفترض أن يتوجه 12 منهم إلى الولايات المتحدة لتلقّي العلاج.

وأوضح أن هؤلاء المرضى هم من بين نحو 300 مريض تمكنوا من مغادرة القطاع منذ أن أغلقت إسرائيل معبر رفح الحدودي الرئيسي في مطلع مايو (أيار) الماضي.

لكنّ نحو 12 ألف مريض ما زالوا ينتظرون، في القطاع، إجلاءهم لأسباب طبية، وفقاً لبيبركورن الذي طالب بتوفير ممرات آمنة لإخراج المرضى من القطاع.

وقال: «إذا استمررنا على هذا المنوال، فسوف نكون مشغولين، طوال السنوات العشر المقبلة».