صالح والمشري يعلنان من القاهرة عن «خريطة طريق جديدة»

احتواء توتر أمني مفاجئ في طرابلس

رئيس مجلس النواب المصري يتوسط المشري وصالح اليوم (الخميس) في مؤتمر صحافي بالقاهرة (مجلس النواب الليبي)
رئيس مجلس النواب المصري يتوسط المشري وصالح اليوم (الخميس) في مؤتمر صحافي بالقاهرة (مجلس النواب الليبي)
TT

صالح والمشري يعلنان من القاهرة عن «خريطة طريق جديدة»

رئيس مجلس النواب المصري يتوسط المشري وصالح اليوم (الخميس) في مؤتمر صحافي بالقاهرة (مجلس النواب الليبي)
رئيس مجلس النواب المصري يتوسط المشري وصالح اليوم (الخميس) في مؤتمر صحافي بالقاهرة (مجلس النواب الليبي)

أعلن عقيلة صالح وخالد المشري، رئيسا مجلسي النواب و«الأعلى للدولة» في ليبيا، عقب اجتماعهما بالقاهرة، اليوم (الخميس)، عن اتفاقهما على وضع «خريطة طريق واضحة ومحددة» يتم إعلانها لاحقاً لاستكمال كل الإجراءات اللازمة لإتمام العملية الانتخابية.
ولم يصدر على الفور أي تعليق من محمد المنفي رئيس المجلس الرئاسي، أو عبد الحميد الدبيبة رئيس حكومة «الوحدة» المؤقتة في العاصمة طرابلس حيال هذا الاتفاق، الذي يقطع الطريق على دعوة المنفي لعقد اجتماع بين صالح والمشري في مدينة غدامس بجنوب البلاد.
ولم يحدد صالح والمشري أي موعد لإتمام الانتخابات، ولم يعلنا عن كيفية إجرائها في ظل الانقسام السياسي الراهن الذي تعيشه البلاد بين حكومة الدبيبة وحكومة «الاستقرار» الموازية، برئاسة فتحي باشاغا، المدعومة من مجلس النواب.
وفي بيان مشترك، قال صالح والمشري، عقب محادثات مشتركة بينهما برعاية السلطات المصرية، إنهما «اتفقا على قيام اللجنة المشتركة بين المجلسين بإحالة (الوثيقة الدستورية) الخاصة بالانتخابات الرئاسية والبرلمانية لإقرارها طبقاً لنظام كل مجلس، بعد اطلاعهما على مشروع الوثيقة المنجزة من قبل اللجنة». وأدرجا هذا الاتفاق في إطار «الحرص على إنجاز أساس دستوري توافقي للوصول إلى الانتخابات الرئاسية والبرلمانية».
ووجّه صالح والمشري «الشكر لمصر قيادة وشعباً، لاحتضانها وتوفيرها الأجواء المناسبة لإجراء مباحثات المسار الدستوري التي أفضت إلى هذا الاتفاق». كما ثمنا موقف الأطراف الدولية والمحلية، وعلى رأسها بعثة الأمم المتحدة لدى ليبيا، متمثلة في رئيسها عبد اللّه باتيلي، وكافة الدول الصديقة والشقيقة التي تسعى لاستقرار ليبيا وسلامة ووحدة أراضيها.
وقال صالح، في مؤتمر صحافي مشترك عُقد بمقر مجلس النواب المصري بالقاهرة، اليوم (الخميس)، بحضور رئيسه حنفي جبالي: «سنعلن في الأيام المقبلة خريطة طريق جديدة بالتشاور مع مجلس الدولة لحل الأزمة الليبية»، لافتاً إلى اتفاقه مع المشري على الإسراع في إنجاز المسار الدستوري، والعمل بكل ما يلزم لإجراء الانتخابات.
وأوضح صالح أنه «ستكون هناك آلية، مثل التي أُجريت في (جنيف) لتشكيل سلطة جديدة في الأيام المقبلة، بالاتفاق بين المجلسين في منطقة داخل ليبيا»، مشيراً إلى أن الانتخابات تتم طبقاً للقوانين بعد اتفاق مجلسي النواب والدولة وتهيئة الظروف. وعندما تكون الأمور جاهزة للانتخابات، ستكون في أقرب الآجال. والانتخابات هي الهدف لحل الأزمة الليبية.
وأشار إلى أنه وفق الاتفاق السياسي، يكون الاتفاق بين مجلسي النواب والدولة لتشكيل الحكومة: «وهناك توافق. ونحن نحتاج إلى سلطة موحدة لإجراء الانتخابات تحت رقابة الحكومة الجديدة».
وقال صالح إن المبعوث الأممي سيحضر معنا في الأيام المقبلة، لإعلان خريطة الطريق الجديدة عن كيفية إجراء الانتخابات وتوحيد المؤسسات، مؤكداً وجود شبه إجماع على «الوثيقة الدستورية». وتابع: «نحتاج إلى سلطة موحدة في ليبيا لإجراء الانتخابات. ونحتاج إلى مؤسسات جديدة شرعية في ليبيا»، مشيراً إلى أن مصر «وقفت ضد أي تدخل أجنبي داخل ليبيا، واحتضنت الأطراف كافة».
بدوره، قال خالد المشري، رئيس مجلس الدولة، إنه «يعمل على خريطة طريق بالتنسيق مع صالح، سيتم الإعلان عنها في ليبيا، بعد التشاور مع بعثة الأمم المتحدة»، لافتاً إلى أن هذه الخريطة تتعلق بمسارات عدة، بتوافق المجلسين بمظلة ورعاية أممية. وهذه الخريطة ستحدد المدد والمهام بشكل واضح. وأضاف: «الانتخابات تحتاج إلى معطيات محددة، ونحن أنجزنا الخطوة التشريعية، وهناك ملفات تتعلق بالمصالحة وتوحيد المؤسسات والتهيئة للانتخابات ونظافة السجل الانتخابي وضمان القبول بنتائج الانتخابات».
وقال المشري: «نسعى لتذليل كل الصعوبات أمام إعادة انتخاب سلطة تشريعية جديدة في ليبيا، وانتخاب رئيس للبلد على أساس دستوري واضح»، لافتاً إلى أن الانتخابات فيها مراحل وخطوات عدة، و«نسعى لإنجاز الخطوة الأولى الهامة فيها، وهي الخطوة التشريعية، لكن هناك خطوات أخرى كثيرة خاصة بها».
وتابع: «استطعنا من خلال اللجان التي اجتمعت في القاهرة والغردقة على مدار عام ونصف العام، الوصول إلى (وثيقة دستورية) واضحة المعالم»، مؤكداً أنه لم يكن لهذه اللجان أن تجتمع في ليبيا في ظل حالة الانقسام الشديد، الذي تشهده البلاد. وقال إنه «بفضل الرعاية المصرية الكريمة، تم وضع العربة على الطريق الصحيح»، مضيفاً أن «القوانين التي ستكون محل خلاف، ستُطرح أمام الشعب الليبي المصدر الرئيسي للسلطات للاستفتاء عليها، وسنعمل على تذليل العقبات».
في السياق ذاته، أكد رئيس مجلس النواب المصري دعم بلاده استقرار الدولة الليبية. وأوضح أنها «تدعم التسوية السياسية لإنهاء الأزمة الراهنة»، لافتاً إلى أنه تم، على مدار عام ونصف العام، استضافة اجتماع المسار الدستوري، الذي انتهى بالتوافق بين مجلسي النواب والدولة، وصولاً إلى مرحلة بناء المؤسسات.
بدورها، أكدت هالة غريط، المتحدثة الإقليمية باسم وزارة الخارجية الأميركية، دعم واشنطن جهود المبعوث الأممي لتشجيع جميع الأطراف على العمل بحسن نية للتوصل إلى اتفاق بشأن إطار دستوري وجدول زمني محدد للانتخابات. وأبلغت وسائل إعلام محلية ليبية أمس، أن النقطة الأبرز والأهم في الحالة الليبية اليوم هي إجراء انتخابات. ويجب أن يعمل جميع القادة السياسيين الليبيين معاً لتحديد موعد قابل لتطبيق الانتخابات دون تأخير.
في شأن مختلف، نجحت وساطة محلية على ما يبدو، في تجنيب العاصمة طرابلس جولة اقتتال جديدة بين الميليشيات المسلحة الموالية لحكومة «الوحدة» المؤقتة.
وقالت مصادر محلية لوسائل إعلام محلية، إن الهدوء عاد اليوم (الخميس) مجدداً إلى ضاحية تاجوراء، شرق طرابلس، بعد نجاح أعيان ومشايخ المنطقة في التوسط بين كتيبتي «رحبة الدروع» و«الشهيدة صبرية»، مشيرة إلى انسحاب جميع الآليات المتوسطة والثقيلة إلى مقراتها.
وشهدت مدينة تاجوراء، مساء أمس، توتراً أمنياً إثر تحشيدات مفاجئة للميليشيات المسلحة في ضاحية تاجوراء، شرق المدينة، ما أثار مخاوف من نشوب اشتباكات جديدة.


مقالات ذات صلة

المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

شمال افريقيا المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

بحثت نجلاء المنقوش مع نظيرها وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف، خلال زيارة لها أمس إلى الجزائر، فتح المعابر البرية والنقل البحري والجوي أمام حركة التجارة وتنقل الأشخاص، بعد سنين طويلة من الإغلاق، بسبب الأزمة السياسية والأمنية في ليبيا. وذكرت الخارجية الجزائرية في بيان أن الوزيرين بحثا قضايا جارية في الساحتين المغاربية والعربية، منها تطورات ملف الصحراء، والمساعي العربية والدولية لوقف الاقتتال وحقن الدماء في السودان. وأكد البيان أن عطاف تلقى من المنقوش «عرضا حول آخر مستجدات العملية السياسية التي تقودها الأمم المتحدة، لإنهاء الأزمة في ليبيا».

شمال افريقيا وفدان أميركي وفرنسي يبحثان في ليبيا تطوير الجيش

وفدان أميركي وفرنسي يبحثان في ليبيا تطوير الجيش

بحث وفدان عسكريان، أميركي وفرنسي، في ليبيا سبل إعادة بناء وتطوير المؤسسة العسكرية المُنقسمة، بين شرق البلاد وغربها، منذ إسقاط النظام السابق، في وقت زار فيه المشير خليفة حفتر، القائد العام لـ«الجيش الوطني» روما، والتقى برئيسة الوزراء بالحكومة الإيطالية جورجا ميلوني، وعدد من وزراء حكومتها. وفي لقاءين منفصلين في طرابلس (غرباً) وبنغازي (شرقاً)، التقى الوفدان الأميركي والفرنسي قيادات عسكرية للتأكيد على ضرورة توحيد الجيش الليبي.

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

بحثت وزيرة الخارجية الليبية نجلاء المنقوش مع نظيرها الجزائري أحمد عطاف، خلال زيارة لها اليوم الخميس إلى الجزائر، في فتح المعابر البرية والنقل البحري والجوي أمام حركة التجارة وتنقل الاشخاص، بعد سنوات طويلة من الإغلاق، بسبب الأزمة السياسية والامنية في ليبيا.

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا «حبوب الهلوسة»... «سلاح قاتل» يستهدف عقول الليبيين

«حبوب الهلوسة»... «سلاح قاتل» يستهدف عقول الليبيين

لم يكن من قبيل الصدفة أن تقذف أمواج البحر المتوسط كميات متنوعة من المخدرات إلى السواحل الليبية، أو أن تتلقف شِباك الصيادين قرب الشاطئ «حزماً» من «الحشيش والكوكايين وحبوب الهلوسة»، فالبلاد تحوّلت -وفق تقرير أممي- إلى «معبر مهم» لهذه التجارة المجرّمة. وتعلن السلطات الأمنية في عموم ليبيا من وقت لآخر عن ضبط «كميات كبيرة» من المخدرات قبل دخولها البلاد عبر الموانئ البحري والبرية، أو القبض على مواطنين ووافدين وهو يروّجون هذه الأصناف التي يُنظر إليها على أنها تستهدف «عقول الشباب الليبي». غير أنه بات لافتاً من واقع عمليات الضبط التي تعلن عنها السلطات المحلية تزايُد تهريب المخدرات وتعاطيها، خصوصاً «حبوب

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا «النواب» و«الدولة» يقران آلية عمل لجنة قوانين الانتخابات الليبية

«النواب» و«الدولة» يقران آلية عمل لجنة قوانين الانتخابات الليبية

استهلّت اللجنة المُشتركة لممثلي مجلسي «النواب» و«الدولة» (6+6) المكلفة بإعداد قوانين الانتخابات الليبية، اجتماعاتها في العاصمة طرابلس بـ«الاتفاق على آلية عملها». وطبقاً لما أعلنه عبد الله بليحق، المتحدث الرسمي باسم مجلس النواب، فقد شهد الاجتماع ما وصفه بتقارب في وجهات النظر بين أعضاء اللجنة حول القوانين الانتخابية، مشيراً، في بيان مقتضب مساء أول من أمس، إلى أنه «تم أيضاً الاتفاق على التواصل مع الجهات والمؤسسات ذات العلاقة بالعملية الانتخابية».

خالد محمود (القاهرة)

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».