كيف تُهرَّب الآثار الضخمة من المنافذ المصرية؟

«السياحة والآثار» استردت 106 قطع العام الماضي

التابوت الفرعوني بعد وصوله إلى الكويت داخل كنبة (أرشيفية)
التابوت الفرعوني بعد وصوله إلى الكويت داخل كنبة (أرشيفية)
TT

كيف تُهرَّب الآثار الضخمة من المنافذ المصرية؟

التابوت الفرعوني بعد وصوله إلى الكويت داخل كنبة (أرشيفية)
التابوت الفرعوني بعد وصوله إلى الكويت داخل كنبة (أرشيفية)

قد يكون تهريب عملات معدنية أثرية، وتماثيل فرعونية صغيرة، أمراً معتاد الإعلان عنه في وسائل الإعلام المصرية المتنوعة، لا سيما مع إحباط عمليات التهريب بالمنافذ الحدودية عقب الاستعانة بتقنيات حديثة، أو اكتشاف آثار منهوبة لاحقاً في متاحف ومزادات علنية، لكن كيف يتم تهريب الآثار الضخمة من المنافذ الجوية والبرية والبحرية المصرية؟

وجدد تسلم مصر غطاء - تابوت يبلغ طوله 3 أمتار ووزنه نصف طن، يعود لكاهن مدينة هيراكيوبوليس «عنخ إن ماعت» وكان بحوزة متحف هيوستن - من أميركا اليوم (الاثنين)، التساؤلات بشأن الحيل التي يستغلها المهربون لإخراج القطع الأثرية الضخمة من البلاد.

ويعود غطاء التابوت الأخضر إلى العصر المتأخر (الأسر من 27 - 30)، وفق الدكتور مصطفى وزيري، الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، الذي يرجح أن «يكون تم العثور عليه في منطقة مصر الوسطى، مؤكداً خلال كلمته بمؤتمر تسليم الغطاء الاثنين، بالقاهرة، أن لصوص المقابر هربوا غطاء التابوت للخارج دون قاعدته لصعوبة الأمر، موضحاً في تصريحات صحافية أن «قاعدة التابوت متواجدة بموقع الحفر الذي تم خلسة».

التابوت الأخضر بعد وصوله إلى مصر

* تنقيب مستمر
ولا يخشى المسؤولون المصريون تهريب الآثار الموجودة في المتاحف والمخازن، لأنها «موثقة ومؤمنة بشكل جيد، لكنهم قلقون من الآثار التي يتم التنقيب عنها خلسة في باطن الأرض بأنحاء مختلفة من مصر، ويجري تهريبها إلى الخارج»، بحسب تصريحات وزير السياحة والآثار السابق خالد العناني بمجلس النواب عام 2017. موضحاً أن «كثيرين من الناس أصبحوا مهووسين بالثراء السريع من خلال التنقيب عن الآثار».

ويؤكد الدكتور سلطان عيد، رئيس الإدارة المركزية لآثار مصر العليا سابقاً، استمرار عمليات التنقيب عن الآثار في قطاعات مختلفة من الجمهورية، لا سيما في صعيد مصر، ومن بينها إسنا وأرمنت بحثاً عن الثراء السريع.

وأشار في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «عمليات تأمين كامل المواقع الأثرية المصرية صعبة للغاية»، متعجباً من «عدم استكمال مشروع حماية مناطق الأُقصر الأثرية الذي كان يُنفذ بالتعاون مع فريق ودعم إسباني، عقب اندلاع ثورة 25 يناير (كانون الثاني) 2011»، موضحاً أنه «يتم تحميل شرطة الآثار فوق طاقتها لأن المواقع الأثرية منتشرة في كل أنحاء مصر».

غطاء التابوت الأخضر

* حيل متنوعة
ويحدد الدكتور محمد عبد المقصود، الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار الأسبق، بعض طرق تهريب القطع الأثرية الضخمة، قائلاً لـ«الشرق الأوسط»: «الأثاث المُصَدر من مصر إلى الخارج، من أبرز هذه الطرق، حيث يقوم مهربون بوضع القطع الأثرية داخل الكنب والقطع الخشبية الكبيرة، بالإضافة إلى شاحنات البضائع التي تخرج من الموانئ، وكذلك عبر الحقائب الدبلوماسية التي لا يتم تفتيشها ذاتياً وتتمتع بحماية».

وفي عام 2014، تمكنت شرطة موانئ دمياط من إحباط محاولة تهريب 98 قطعة أثرية إلى خارج البلاد، وإخفائها ضمن مشمول حاويتين من الأثاث المنزلي إلى الولايات المتحدة الأميركية عبر ميناء دمياط البحري.

وفي شهر مارس (آذار) من عام 2018، ضبطت الجمارك الكويتية غطاء تابوت داخل كنبة واردة من مصر عن طريق الشحن الجوي.

فيما تُعد قضية «تهريب الآثار الكبرى»، أو قضية «الحاوية الدبلوماسية» في عام 2019، من أشهر قضايا التهريب خلال السنوات الخمس الأخيرة، التي حُكم بالسجن فيها على عدد من المتهمين تورطوا في تهريب آثار داخل حاوية دبلوماسية خرجت من ميناء الإسكندرية إلى ميناء ساليرنو في إيطاليا قبل أن تكتشف هناك.

*ثغرات
ورغم وجود 40 وحدة تفتيش أثري تغطي جميع المنافذ الحدودية المصرية، فإنه يتم استغلال بعض الثغرات، حيث «لا يقوم مفتشو الآثار بتفتيش كل البضائع في الموانئ، إلا إذا تم استدعاؤهم من إدارة المنافذ والجهات الأمنية»، بحسب تصريحات سابقة لحمدي همام، رئيس الإدارة المركزية للمنافذ والوحدات الأثرية بالموانئ المصرية.

وأضاف همام أنه «لم يتم استدعاء مفتشي الإدارة المركزية للمنافذ والوحدات الأثرية لفحص حاوية الإسكندرية الدبلوماسية»، موضحاً أن «قانون حماية الآثار وقانون الجمارك ينصان على أننا لسنا جهة تفتيش، وإنما نعاين ما يُعرض علينا».

بدوره، فضّل شعبان عبد الجواد، المشرف على الإدارة العامة للآثار المستوردة بوزارة السياحة والآثار المصرية، «عدم الكشف عن بعض الحيل التي يرتكبها مهربو الآثار المصرية إلى الخارج، لعدم تدارك المهربين لها».

وقال لـ«الشرق الأوسط»: «رغم أنه لا يعرف على وجه الدقة موعد خروج غطاء التابوت الأخضر من مصر، فإنه وصل أميركا في عام 2008، بحسب التحقيقات الأميركية، وتم تقديمه إلى متحف هيوستن بمستندات مزورة».

د. مصطفى وزيري يفحص التابوت الأخضر

وأوضح عبد الجواد أن «بعض شبكات التهريب تقوم بإخفاء القطع الأثرية الكبيرة داخل قطع الأثاث، مثلما تم في قضية تهريب تابوت أثري إلى الكويت في عام 2018، كما يلجأ بعضهم إلى تهريب الآثار عبر الصحراء»، مشيراً إلى أن «مذكرة التفاهم الموقعة بين مصر وأميركا، ساعدت على استرداد هذا الأثر النادر بجانب الجهود المضنية التي بذلتها المؤسسات المصرية».

ويرى أن «الاتفاقيات التي وقعتها مصر مع عدد من الدول سوف تُسهم في استرداد عدد أكبر من القطع المهربة خلال الفترة المقبلة»، مشيداً بالجهود الدبلوماسية والقضائية التي بذلها المسؤولون المصريون من أجل استرداد هذه القطع.

واستردت مصر 106 قطع أثرية خلال عام 2022، منها قطعة أثرية من نيوزيلاندا، وتمثالان أثريان من بروكسل، وتمثال من العصر المتأخر مصنوع من البرونز للمعبودة إيزيس من برن بسويسرا، وغطاء تابوت من العصور المصرية القديمة من الولايات المتحدة الأميركية، و16 قطعة أثرية مصرية من الولايات المتحدة الأميركية، و6 قطع من دولة الإمارات العربية المتحدة، وقطعة أثرية من فرنسا، و28 قطعة أثرية من أوروغواي، و50 قطعة أثرية من بريطانيا، بحسب وزارة السياحة والآثار المصرية.


مقالات ذات صلة

هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

شمال افريقيا هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

حفلت الجلسة الافتتاحية لـ«الحوار الوطني»، الذي دعا إليه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قبل أكثر من عام، برسائل سياسية حملتها كلمات المتحدثين، ومشاركات أحزاب سياسية وشخصيات معارضة كانت قد توارت عن المشهد السياسي المصري طيلة السنوات الماضية. وأكد مشاركون في «الحوار الوطني» ومراقبون تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، أهمية انطلاق جلسات الحوار، في ظل «قلق مجتمعي حول مستقبل الاقتصاد، وبخاصة مع ارتفاع معدلات التضخم وتسببه في أعباء معيشية متصاعدة»، مؤكدين أن توضيح الحقائق بشفافية كاملة، وتعزيز التواصل بين مؤسسات الدولة والمواطنين «يمثل ضرورة لاحتواء قلق الرأي العام، ودفعه لتقبل الإجراءات الحكومية لمعالجة الأز

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا السيسي يبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي المصري

السيسي يبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي المصري

عقد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، اجتماعاً، أمس (الخميس)، مع كبار قادة القوات المسلحة في مقر القيادة الاستراتيجية بالعاصمة الإدارية الجديدة، لمتابعة دور الجيش في حماية الحدود، وبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي للبلاد. وقال المستشار أحمد فهمي، المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، في إفادة رسمية، إن «الاجتماع تطرق إلى تطورات الأوضاع على الساحتين الإقليمية والدولية، وانعكاساتها على الأمن القومي في ظل الظروف والتحديات الحالية بالمنطقة». وقُبيل الاجتماع تفقد الرئيس المصري الأكاديمية العسكرية المصرية، وعدداً من المنشآت في مقر القيادة الاستراتيجية بالعاصمة الإدارية. وأوضح المتحدث ب

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا مصر: ظاهرة «المقاتلين الأجانب» تهدد أمن واستقرار الدول

مصر: ظاهرة «المقاتلين الأجانب» تهدد أمن واستقرار الدول

قالت مصر إن «استمرار ظاهرة (المقاتلين الأجانب) يهدد أمن واستقرار الدول». وأكدت أن «نشاط التنظيمات (الإرهابية) في أفريقيا أدى لتهديد السلم المجتمعي».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا حادث تصادم بمصر يجدد الحديث عن مخاطر «السرعة الزائدة»

حادث تصادم بمصر يجدد الحديث عن مخاطر «السرعة الزائدة»

جدد حادث تصادم في مصر الحديث بشأن مخاطر «السرعة الزائدة» التي تتسبب في وقوع حوادث سير، لا سيما على الطرق السريعة في البلاد. وأعلنت وزارة الصحة المصرية، (الخميس)، مصرع 17 شخصاً وإصابة 29 آخرين، جراء حادث سير على طريق الخارجة - أسيوط (جنوب القاهرة).

منى أبو النصر (القاهرة)
شمال افريقيا مصريون يساهمون في إغاثة النازحين من السودان

مصريون يساهمون في إغاثة النازحين من السودان

بعد 3 أيام عصيبة أمضتها المسنة السودانية زينب عمر، في معبر «أشكيت» من دون مياه نظيفة أو وجبات مُشبعة، فوجئت لدى وصولها إلى معبر «قسطل» المصري بوجود متطوعين مصريين يقدمون مياهاً وعصائر ووجبات جافة مكونة من «علب فول وتونة وحلاوة وجبن بجانب أكياس الشيبسي»، قبل الدخول إلى المكاتب المصرية وإنهاء إجراءات الدخول المكونة من عدة مراحل؛ من بينها «التفتيش، والجمارك، والجوازات، والحجر الصحي، والكشف الطبي»، والتي تستغرق عادة نحو 3 ساعات. ويسعى المتطوعون المصريون لتخفيف مُعاناة النازحين من السودان وخصوصاً أبناء الخرطوم الفارين من الحرب والسيدات والأطفال والمسنات، بالتعاون مع جمعيات ومؤسسات أهلية مصرية، على


مشاورات مصرية - صومالية لتعزيز التعاون في «القرن الأفريقي»

وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي يلتقي نظيره الصومالي في الرياض (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي يلتقي نظيره الصومالي في الرياض (الخارجية المصرية)
TT

مشاورات مصرية - صومالية لتعزيز التعاون في «القرن الأفريقي»

وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي يلتقي نظيره الصومالي في الرياض (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي يلتقي نظيره الصومالي في الرياض (الخارجية المصرية)

مشاورات مصرية صومالية جديدة تواصل مساراً بدأته القاهرة ومقديشو بشكل لافت خلال هذا العام، في أعقاب توقيع أديس أبابا مذكرة تفاهم مع إقليم «أرض الصومال» الانفصالي للحصول على منفذ بحري على البحر الأحمر.

تلك المشاورات، التي أجراها وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، ونظيره الصومالي أحمد معلم فقي، الاثنين في الرياض، شملت التأكيد المصري على المساهمة في بعثة حفظ السلام المقررة بمقديشو في 2025، بعد يومين من استبعاد الصومال لأديس أبابا من قوات حفظ السلام.

وبحسب خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، فإن المشاورات تعد «استمراراً لمسار تعزيز التعاون المصري - الصومالي في منطقة القرن الأفريقي في ضوء تصاعد المخاطر المشتركة للبلدين مع التوجه الإثيوبي المهدد لاستقرار المنطقة، لا سيما بملفي مذكرة التفاهم وسد النهضة»، لافتين إلى أن ذلك التعاون سيكون مثمراً للمنطقة ويتسع مع إريتريا ودول أخرى و«لكن لن تقبله أديس أبابا وستعده مسار تهديد وسيكون عليها، إمّا التراجع عن مواقفها غير القانونية سواء بشأن سد النهضة أو مذكرة التفاهم، وإما المزيد من التصعيد والتوتر».

ووقعت إثيوبيا اتفاقاً مبدئياً في يناير (كانون الثاني) 2024 مع إقليم «أرض الصومال» الانفصالي عن الصومال، تحصل بموجبه أديس أبابا على مَنفذ بحري يتضمّن ميناءً تجارياً، وقاعدة عسكرية في منطقة بربرة، لمدة 50 عاماً، مقابل اعتراف إثيوبيا بـ«أرض الصومال» دولةً مستقلة، وهو ما قوبل برفض صومالي وعربي، لا سيما من القاهرة.

تبع الرفض توقيع بروتوكول تعاون عسكري بين القاهرة ومقديشو في أغسطس (آب)، تلاه مد الصومال بأسلحة ومعدات لمواجهة حركة «الشباب» الإرهابية، وصولاً إلى إعلان وزير الدفاع الصومالي، عبد القادر محمد نور، السبت، رسمياً استبعاد القوات الإثيوبية من البعثة الأفريقية لحفظ السلام المقررة في 2025 - 2029، مرجعاً ذلك إلى «انتهاكها الصارخ لسيادة واستقلال الصومال».

وتصدرت قضايا رفض التدخل في الشؤون الصومالية وتأكيد المشاركة في قوات حفظ السلام بمقديشو وتعزيز مسار التعاون مع إريتريا بالمنطقة، لقاء وزير الخارجية المصري، ونظيره الصومالي، في الرياض، وفق ما أفادت به الخارجية المصرية في بيان صحافي، الثلاثاء.

قمة ثلاثية بين رؤساء مصر والصومال وإريتريا في العاصمة أسمرة (أرشيفية - الرئاسة المصرية)

وأعرب الوزير المصري عن «الحرص على مواصلة التنسيق مع نظيره الصومالي لمتابعة مخرجات القمة الثلاثية التي عقدت بين مصر والصومال وإريتريا والقمة الثنائية بين مصر والصومال اللتين عقدتا في 10 أكتوبر (تشرين أول) 2024 بأسمرة».

وأعاد الوزير المصري «التأكيد على موقف مصر الثابت من احترام سيادة الصومال والحفاظ على وحدة وسلامة أراضيه ورفض أي تدخلات في شؤونه الداخلية، فضلاً عن مساندة جهود الحكومة الصومالية في مكافحة الإرهاب وفرض سيادة الدولة على كامل أراضيها».

التأكيدات المصرية خلال مشاورات القاهرة ومقديشو، بحسب مساعد وزير الخارجية المصرية الأسبق السفير صلاح حليمة، تأتي استمراراً لحالة التعاون والتلاقي المصري الصومالي الذي له بعد تاريخي منذ عقود وليس وليد اللحظة والأزمات الحالية التي بدأت بتوقيع أديس أبابا مذكرة التفاهم التي عززت من تقارب البلدين.

وباعتقاد حليمة، فإن «تلك الشراكة المصرية الصومالية التي تنمو وتضم إريتريا قد تتوسع وتشمل دولاً أخرى وتحقق تنمية واستقراراً بالمنطقة»، مستدركاً: «لكن إثيوبيا بتحركاتها العدائية تجاه مصر في ملف سد النهضة أو الصومال بمذكرة التفاهم ستكون سبباً في استمرار التصعيد والتوتر».

ذلك المسار لا يستبعده الخبير السوداني في الشؤون الأفريقية، عبد الناصر الحاج، معتقداً أن «التفاهمات المصرية الصومالية الدائرة الآن، متسقة تماماً مع إيقاع الحراك الإقليمي الأفريقي الذي بدا متصاعداً على خلفية رياح الأزمات الطارئة التي تعصف الآن على تخوم القرن الأفريقي، لا سيما في ملف السد ومذكرة التفاهم».

ويرى أن «تفاهمات القاهرة ومقديشو كانت صادمة لإثيوبيا، خصوصاً بعدما عززت القاهرة تلك التفاهمات الثنائية بإدخال إريترياً ضلعاً ثالثاً في هذا الحلف الجديد، مصر - الصومال إريتريا. وفوق كل هذا، تبذل القاهرة الآن جهوداً كثيفة لتنشيط سياسة التعاون التنموي مع عدد من الدول الأفريقية الأخرى، مما يجعل إثيوبيا تبدو وكأنها مثل الذي انزلقت قدماه في مصيدة تاريخية نتيجةً للسير بلا هدى في طرق وعرة».

ولم يغب ملف قوات حفظ السلام المستبعدة منه إثيوبيا عن المشاورات الصومالية المصرية، وأكد الوزير المصري «حرص مصر في هذا السياق على دعم الاستقرار والأمن في المنطقة، والمساهمة في بعثة حفظ السلام الجديدة في الصومال، وبناء القدرات الأمنية والعسكرية بمقديشو وذلك في إطار اضطلاع مصر بمسؤولياتها في حفظ السلم والأمن الإقليميين وفقاً لمبادئ ميثاق الأمم المتحدة، والقانون التأسيسي للاتحاد الأفريقي، وميثاق جامعة الدول العربية»، فيما ثمن الوزير الصومالي «الدعم المصري الكامل لبلاده في محاربة الإرهاب وفرض سيادة الدولة وتأكيد وحدة وسلامة أراضيها».

وأعلن الصومال، السبت، «استبعاد القوات الإثيوبية رسمياً (المقدرة بنحو 4 آلاف جندي منذ 2014) من المشاركة في عمليات البعثة الجديدة للاتحاد الأفريقي، التي ستبدأ مهامها في البلاد مطلع العام المقبل».

ولم يعد بإمكان إثيوبيا منع مصر من وجودها العسكري ضمن قوات حفظ السلام في الصومال، لأن القانون الدولي الذي ينظم أعمال مجلس السلم والأمن الأفريقي، يمنح الدولة المستضيفة حق الاعتراض والقبول إزاء القوات الدولية المراد توجيهها لحفظ السلام فيها، وفق عبد الناصر الحاج.

ويتوقع الحاج أن «تنشط إثيوبيا في محاولة إقناع مؤسسات الاتحاد الأفريقي عبر مساومة جديدة، وهي صرف أنظارها مؤقتاً عن أرض الصومال، مقابل انسحاب مصري من الصومال وتشغيل سدها والتصدير عبر جيبوتي رغم تكلفته المالية الباهظة»، مستدركاً: «لكن مصر لن ترضى بأي مساومة لا تجبر إثيوبيا عن العدول عن تشغيل سد النهضة دون الذهاب إلى اتفاقية دولية جديدة».