محاولة اغتيال تجدد المطالب بتفكيك «التشكيلات المسلحة» في ليبيا

عنصران تابعان لـ«جهاز الرّدع لمكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة» (صفحة الجهاز على فيسبوك)
عنصران تابعان لـ«جهاز الرّدع لمكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة» (صفحة الجهاز على فيسبوك)
TT

محاولة اغتيال تجدد المطالب بتفكيك «التشكيلات المسلحة» في ليبيا

عنصران تابعان لـ«جهاز الرّدع لمكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة» (صفحة الجهاز على فيسبوك)
عنصران تابعان لـ«جهاز الرّدع لمكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة» (صفحة الجهاز على فيسبوك)

فجرت محاولة اغتيال «فاشلة» تعرض لها عمر صالح الصغير، عميد بلدية زليتن الواقعة غربي ليبيا، مساء أول من أمس قضية انتشار التشكيلات المسلحة في البلاد، وعودة التخوفات من وقوع صدام مع المواطنين هناك.
وروى الصغير وقائع محاولة اغتياله بإطلاق النار على سيارته من شخصين ملثمين، لكنه أفلت منهما، واصفاً العملية بأنها «جريمة إرهابية تحتاج إلى وقفة سريعة» حفاظاً على حياة الليبيين.
وانتقلت التشكيلات المسلحة، المنتشرة في مدن ليبية عديدة، من كونها تحمل السلاح لحماية المنشآت الحكومية، وتنظيم حركة المرور في الشوارع، إلى أجسام تتداخل بقوة في العملية السياسية، وتحصل على رواتب وعمولات تخصم من الموازنة العامة للحكومات.
وعقب الإعلان عن نجاة عميد زليتن من محاولة الاغتيال، طالب مجلس المشايخ والأعيان لقبائل المدينة، في بيان أمس الجهات الرسمية «بسحب جميع التشكيلات المسلحة من داخل حدود البلدية فوراً، حفاظاً على الاستقرار، وتفادياً لما قد يحدث من تصادم مع المواطنين».
وقال المحلل السياسي الليبي حسام القماطي إن التشكيلات المسلحة «عصب مشكلتنا؛ فمنذ اللحظة الأولى للأزمة تم تغذية هذه المجموعات، ودعمها بتغطية قانونية عن طريق شرعنتها، وإدماجها داخل الأجهزة الأمنية الرسمية، مما تسبب في إطالة الأزمة». مضيفا أنه «لا حل للأزمة الليبية بدون وضع حد لهذه المجموعات، وتفكيكها أو مواجهتها بشكل مباشر، مع تجفيف منابع دعمها مالياً».
وبشأن كيفية تكون هذه المجموعات خلال العقد الماضي، قال القماطي: «لقد تم للأسف تحويل شباننا على مدار العشرة أعوام الماضية إلى (مرتزقة) ومجرمين، بشكل أرهق الدولة وأفشل أي مشروع حقيقي للإصلاح». ورأى أنه «يجب أن تكون هناك وقفة جادة حقيقية لمواجهة نفوذها داخل الأجهزة الأمنية، ودعم الجهاز الأمني الرسمي، سواء عن طرق وزارة الداخلية، أو الجيش لمساعدته في التصدي لهذا التغول».
وتكررت وعود الحكومات الليبية المتعاقبة بأنها ستسعى لدمج التشكيلات المسلحة في مؤسستي الجيش والشرطة، وذلك منذ أن تبنى الفكرة فائز السراج، رئيس حكومة «الوفاق» السابقة عام 2017، لكن دون تحقيق نتائج جديدة. كما سبق أن أطلقت حكومة «الوحدة» المؤقتة، برئاسة عبد الحميد الدبيبة، «مشروعاً وطنياً» لتأهيل وإعادة دمج الشباب المنضوين في التشكيلات المسلحة، والراغبين في الالتحاق بمؤسسات الدولة، لكن دون الإعلان عن خطة واضحة لكيفية جمع سلاحها.
وأرجع مجلس المشايخ والأعيان في زليتن ما حدث لعميد البلدية بأنه «نتيجة غياب الدوريات الأمنية الثابتة والمتحركة بالبلدية، رغم اتساع رقعتها وموقعها على الحدود التونسية، ومرور المهربين بناحية غربها». مبرزا أن «المسلحين يأتون ليلاً ليقفوا على الطريق الدولي إلى تونس دون رقيب أو حسيب»... وقد سبق لهؤلاء المسلحين في مرات عديدة أن تعرضوا للمارة من وإلى تونس، وأخذوا إتاوات منهم تحت تهديد السلاح». كما أوضح المجلس أن هذه «الأعمال الإجرامية تفاقمت؛ وقد أبلغنا الجهات المعنية بهذا الوضع المخل بالأمن، والمسيء لسكان هذه البلدية»، لافتاً إلى واقعة خطف سابقة تعرض لها عميد البلدية من منزله، دون مراعاة لكونه شخصية تمثل جميع سكان البلدية، والجهات الرسمية بالدولة. ومطالبا الجهات الرسمية بـ«ضرورة سحب التشكيلات المسلحة من البلدية على وجه السرعة، حفاظا على الأمن وقبل أن تقع مشكلة».
وعلى مدار السنوات الماضية، تطور دور التشكيلات المسلحة في ليبيا، وأخذ في التصاعد بفضل ما تحوزه من سلاح وتتلقاه من دعم مالي، فضلاً عن تزايد نفوذها السلطوي، بالنظر إلى لجوء الحكومتين المتنازعتين إليها لدعمهما في الصراع الدائر بينهما. وقد سبق للمستشارة السابقة للأمين العام للأمم المتحدة في ليبيا، ستيفاني ويليامز، أن تطرقت إلى وضعية هذه التشكيلات، قائلة إن «الأزمة هي أن كل الجماعات المسلحة تأخذ رواتبها من السلطة ‏المركزية، وهو ما يعد مشكلة عند نقل الصلاحيات إلى المحليات».
من جهتها، عبرت «الرابطة الوطنية للمجالس البلدية» عن قلقها وأسفها لـ«الاعتداءات السافرة» التي طالت عدداً من عمداء وأعضاء ومقار المجالس البلدية، كان آخرها الاعتداء «الآثم» الذي تعرض له عميد بلدية زليتن واستهدفه، بالإضافة إلى الاعتداء على مقر المجلس البلدي في صرمان.
وقالت في بيان إن هذه الاعتداءات من شأنها «المس بهيبة الدولة والسلم الاجتماعي»، معتبرة أن تكرار الاعتداءات على عمداء وأعضاء ومقار المجالس البلدية» يمثل خطورة على عمل المجالس البلدية؛ الأمر الذي قد يهدد مستقبل نظام الإدارة المحلية، وما تحقق من إنجازات في مسار اللامركزية. كما ناشدت الرابطة رئاسة الوزراء لحكومة «الوحدة»، ووزارتي الحكم المحلي والداخلية «بتأمين مقار المجالس البلدية والجهات التابعة لها، وتوفير الحصانة القانونية والحماية الأمنية لعمداء وأعضاء المجالس البلدية، بما يمكنهم من القيام بأعمالهم في مناخ ملائم ومناسب».
مشددةً على ضرورة أن «تضطلع وزارة الداخلية بمهامها، والإسراع في اتخاذ الإجراءات الكفيلة بالملاحقة القانونية للجناة وضبطهم، وتقديمهم للعدالة من أجل بناء دولة القانون والمؤسسات».


مقالات ذات صلة

المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

شمال افريقيا المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

بحثت نجلاء المنقوش مع نظيرها وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف، خلال زيارة لها أمس إلى الجزائر، فتح المعابر البرية والنقل البحري والجوي أمام حركة التجارة وتنقل الأشخاص، بعد سنين طويلة من الإغلاق، بسبب الأزمة السياسية والأمنية في ليبيا. وذكرت الخارجية الجزائرية في بيان أن الوزيرين بحثا قضايا جارية في الساحتين المغاربية والعربية، منها تطورات ملف الصحراء، والمساعي العربية والدولية لوقف الاقتتال وحقن الدماء في السودان. وأكد البيان أن عطاف تلقى من المنقوش «عرضا حول آخر مستجدات العملية السياسية التي تقودها الأمم المتحدة، لإنهاء الأزمة في ليبيا».

شمال افريقيا وفدان أميركي وفرنسي يبحثان في ليبيا تطوير الجيش

وفدان أميركي وفرنسي يبحثان في ليبيا تطوير الجيش

بحث وفدان عسكريان، أميركي وفرنسي، في ليبيا سبل إعادة بناء وتطوير المؤسسة العسكرية المُنقسمة، بين شرق البلاد وغربها، منذ إسقاط النظام السابق، في وقت زار فيه المشير خليفة حفتر، القائد العام لـ«الجيش الوطني» روما، والتقى برئيسة الوزراء بالحكومة الإيطالية جورجا ميلوني، وعدد من وزراء حكومتها. وفي لقاءين منفصلين في طرابلس (غرباً) وبنغازي (شرقاً)، التقى الوفدان الأميركي والفرنسي قيادات عسكرية للتأكيد على ضرورة توحيد الجيش الليبي.

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

بحثت وزيرة الخارجية الليبية نجلاء المنقوش مع نظيرها الجزائري أحمد عطاف، خلال زيارة لها اليوم الخميس إلى الجزائر، في فتح المعابر البرية والنقل البحري والجوي أمام حركة التجارة وتنقل الاشخاص، بعد سنوات طويلة من الإغلاق، بسبب الأزمة السياسية والامنية في ليبيا.

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا «حبوب الهلوسة»... «سلاح قاتل» يستهدف عقول الليبيين

«حبوب الهلوسة»... «سلاح قاتل» يستهدف عقول الليبيين

لم يكن من قبيل الصدفة أن تقذف أمواج البحر المتوسط كميات متنوعة من المخدرات إلى السواحل الليبية، أو أن تتلقف شِباك الصيادين قرب الشاطئ «حزماً» من «الحشيش والكوكايين وحبوب الهلوسة»، فالبلاد تحوّلت -وفق تقرير أممي- إلى «معبر مهم» لهذه التجارة المجرّمة. وتعلن السلطات الأمنية في عموم ليبيا من وقت لآخر عن ضبط «كميات كبيرة» من المخدرات قبل دخولها البلاد عبر الموانئ البحري والبرية، أو القبض على مواطنين ووافدين وهو يروّجون هذه الأصناف التي يُنظر إليها على أنها تستهدف «عقول الشباب الليبي». غير أنه بات لافتاً من واقع عمليات الضبط التي تعلن عنها السلطات المحلية تزايُد تهريب المخدرات وتعاطيها، خصوصاً «حبوب

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا «النواب» و«الدولة» يقران آلية عمل لجنة قوانين الانتخابات الليبية

«النواب» و«الدولة» يقران آلية عمل لجنة قوانين الانتخابات الليبية

استهلّت اللجنة المُشتركة لممثلي مجلسي «النواب» و«الدولة» (6+6) المكلفة بإعداد قوانين الانتخابات الليبية، اجتماعاتها في العاصمة طرابلس بـ«الاتفاق على آلية عملها». وطبقاً لما أعلنه عبد الله بليحق، المتحدث الرسمي باسم مجلس النواب، فقد شهد الاجتماع ما وصفه بتقارب في وجهات النظر بين أعضاء اللجنة حول القوانين الانتخابية، مشيراً، في بيان مقتضب مساء أول من أمس، إلى أنه «تم أيضاً الاتفاق على التواصل مع الجهات والمؤسسات ذات العلاقة بالعملية الانتخابية».

خالد محمود (القاهرة)

الملك محمد السادس يهنئ ترمب ويؤكد «امتنان» المغرب لموقفه من الصحراء

العاهل المغربي الملك محمد السادس (ماب)
العاهل المغربي الملك محمد السادس (ماب)
TT

الملك محمد السادس يهنئ ترمب ويؤكد «امتنان» المغرب لموقفه من الصحراء

العاهل المغربي الملك محمد السادس (ماب)
العاهل المغربي الملك محمد السادس (ماب)

هنأ العاهل المغربي الملك محمد السادس، اليوم الأربعاء، دونالد ترمب على فوزه في الانتخابات الرئاسية الأميركية، مؤكداً «امتنان الشعب المغربي» لاعترافه خلال ولايته الرئاسية الأولى بسيادة المملكة على إقليم الصحراء المتنازع عليه.

وقال العاهل المغربي في برقية تهنئة إلى ترمب، نشرتها «وكالة الأنباء المغربية»: «يطيب لي، بمناسبة انتخابكم مجدداً رئيساً للولايات المتحدة الأميركية، أن أبعث إليكم بأحر تهانئي، مقرونة بأصدق متمنياتي لكم بكامل التوفيق في مهامكم السامية». مضيفاً: «إنني لأستحضر فترة ولايتكم السابقة، التي بلغت علاقاتنا خلالها مستويات غير مسبوقة، تميزت باعتراف الولايات المتحدة بالسيادة الكاملة للمملكة المغربية على كامل ترابها في الصحراء».

وتابع العاهل المغربي موضحاً في برقية التهنئة: «هذا الموقف التاريخي، الذي سيظل الشعب المغربي ممتناً لكم به، يمثل حدثاً هاماً ولحظة حاسمة»، و«يعد بآفاق أرحب لشراكتنا الاستراتيجية».

وكان الجمهوري ترمب أول رئيس دولة غربية يعترف بسيادة المغرب على هذا الإقليم، الذي يشكل محور نزاع بين المغرب وجبهة بوليساريو المدعومة من الجزائر منذ نحو نصف قرن. وجاء هذا الاعتراف في الأسابيع الأخيرة للولاية السابقة لترمب في البيت الأبيض.

يشار إلى أن المغرب حصل خلال الأعوام التالية على تأييد دول غربية أخرى لخطة الحكم الذاتي، التي يطرحها حلاً وحيداً للنزاع. ومن أبرز هذه الدول فرنسا، التي أكد رئيسها إيمانويل ماكرون من الرباط نهاية أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، أنها ستنشط «دبلوماسياً» في الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي لدعم مقترح المغرب.

وفي قراره الأخير حول هذا النزاع، دعا مجلس الأمن الدولي، الخميس الماضي، إلى وجوب التوصّل إلى «حل سياسي واقعي، وقابل للتحقيق ومستدام ومقبول من الطرفين». ورحب المغرب بهذا القرار. فيما لم تشارك الجزائر، التي تتولى عضوية غير دائمة في مجلس الأمن، في التصويت عليه؛ احتجاجاً على رفض تعديلات اقترحتها.

كما أعرب الملك محمد السادس في رسالة تهنئة ترمب عن تطلعه «إلى مواصلة العمل سوياً معكم من أجل النهوض بمصالحنا المشتركة، وتعزيز تحالفنا المتفرد في مختلف مجالات التعاون».