اختراق تركي ـ سوري برعاية روسية

لقاء وزراء الدفاع يمهد لاجتماع وزراء الخارجية و«قمة ثلاثية» تسبق الانتخابات التركية

وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو (أ.ب)  -  وزير الدفاع التركي خلوصي أكار (أ.ف.ب)  -  وزير الدفاع السوري علي محمود عباس (تويتر)
وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو (أ.ب) - وزير الدفاع التركي خلوصي أكار (أ.ف.ب) - وزير الدفاع السوري علي محمود عباس (تويتر)
TT

اختراق تركي ـ سوري برعاية روسية

وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو (أ.ب)  -  وزير الدفاع التركي خلوصي أكار (أ.ف.ب)  -  وزير الدفاع السوري علي محمود عباس (تويتر)
وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو (أ.ب) - وزير الدفاع التركي خلوصي أكار (أ.ف.ب) - وزير الدفاع السوري علي محمود عباس (تويتر)

حققت موسكو اختراقاً، الأربعاء، بإطلاقها مسار تطبيع العلاقات بين دمشق وأنقرة بعد قطيعة دامت أكثر من عشر سنوات. وعقد وزراء الدفاع الروسي سيرغي شويغو، والسوري علي محمود عباس، والتركي خلوصي أكار، لقاءً في العاصمة الروسية وُصف بأنه كان «بنّاءً وإيجابياً»، وهو يعد اللقاء العلني الأول على المستوى الوزاري، بعد أن عقد الطرفان السوري والتركي في وقت سابق لقاءً على المستوى الأمني برعاية روسية أيضاً.
وأعلنت وزارة الدفاع الروسية، أن جولة المحادثات الثلاثية في موسكو تناولت بشكل تفصيلي «سبل حل الأزمة السورية، وضرورة مواصلة الحوار لتحقيق الاستقرار في سوريا». وأفاد بيان الوزارة، بأن وزراء الدفاع في البلدان الثلاثة تناولوا ملفات تسوية الأزمة السورية ومشكلة اللاجئين، والجهود المشتركة لمكافحة الجماعات المتطرفة في سوريا».
وأضافت، أنه «بعد الاجتماع، أشارت الأطراف إلى الطبيعة البنّاءة للحوار الذي جرى بهذا الشكل وضرورة استمراره من أجل زيادة استقرار الوضع في الجمهورية العربية والمنطقة ككل».
وكانت وزارة الدفاع التركية قد أعلنت، أن وزير الدفاع خلوصي أكار ورئيس المخابرات الوطنية هاكان فيدان، وصلا في زيارة رسمية إلى موسكو لإجراء «محادثات مهمة» مع نظيرهما الروسيين.
وأكد، أن اللقاء مع الجانب السوري بحضور الوسيط الروسي «عقد في أجواء بنّاءة». وزاد «نتيجة للاجتماع، الذي عُقِدَ في جوّ بنّاء، تم الاتفاق على استمرار الاجتماعات الثلاثية؛ لضمان الاستقرار والحفاظ عليه، في سوريا والمنطقة».
وهذا أول لقاء علني يجمع وزيري الدفاع السوري والتركي منذ اندلاع الأزمة في سوريا، لكن موسكو رعت قبل عامين لقاءً على المستوى الأمني لرئيسَي جهازي المخابرات، كما حافظت موسكو على قنوات اتصال أمنية بين الطرفين بشكل غير مباشر خلال السنوات السابقة.
وقال مصدر دبلوماسي روسي لـ«الشرق الأوسط»، إن اللقاء «شكل انعكاساً للواقع السليم»، مشيراً إلى أن موسكو أكدت منذ وقت طويل موقفها القائم على ضرورة فتح قنوات اتصال مباشرة وعلى أعلى مستوى بين الجانبين التركي والسوري. ورأى، أن لقاء وزراء الدفاع ورؤساء الأجهزة الأمنية «خطوة في الطريق الصحيحة التي تضمن تهيئة الأجواء لتسوية سياسية ولتعزيز الوضع والاستقرار في سوريا وفي كل منطقة الشرق الأوسط». مشيراً إلى «خطوات لاحقة سوف يتم اتخاذها قريباً».
ووفقاً للدبلوماسي الروسي، فإن الجهود الروسية سوف تبني على الخطوة الحالية في إطار تهيئة الظروف لعقد اجتماع على مستوى وزراء الخارجية «في بداية العام المقبل»، على أن تمهد هذه الخطوة لعقد قمة ثلاثية على المستوى الرئاسي قبل منتصف العام، أي قبل حلول موعد انتخابات الرئاسة في تركيا.
وكانت موسكو مهّدت على المستوى الدبلوماسي للقاء عبر اتصال هاتفي أجراه وزير الخارجية سيرغي لافروف مع نظيره السوري فيصل المقداد الثلاثاء. وعلى الرغم من أن الطرفين لم يتطرقا بعد المكالمة إلى أن اللقاء الثلاثي على المستوى العسكري والأمني كان حاضراً ضمن ملفات النقاش، واكتفى الطرفان بإشارات إلى مناقشة «القضايا ذات الاهتمام المشترك على الساحتين الإقليمية والدولية» وفقاً لبيان روسي، لكن أوساط في موسكو رأت أن توقيت المكالمة كان متعمدا للتحضير لهذا اللقاء تحديداً.
وكانت موسكو أعلنت في وقت سابق، أنها تقوم بجهود لتقريب وجهات النظر ودفع مسار تطبيع العلاقات، وأعلن نائب وزير الخارجية ميخائيل بوغدانوف، المبعوث الخاص للرئيس الروسي إلى الشرق الأوسط ودول أفريقيا في مطلع الشهر أن موسكو «مستعدة لبذل كل الجهود الممكنة، لكنها لا تفرض وساطة على أنقرة ودمشق». وأضاف، أنّ موسكو «مستعدة لعقد لقاء بين الرئيسين التركي رجب طيب إردوغان والسوري بشار الأسد».
وأوضح الدبلوماسي الروسي، أن «كل شيء يعتمد على رغبات الأطراف، لكننا لا نفرض شيئاً على أحد. إذا طلب البلَدان منا الوساطة، وكان لشركائنا في أنقرة ودمشق مثل هذه المصلحة، سنرد بالطبع بالإيجاب».
وبدا أن الإشارات إلى «عدم فرض الوساطة» كان المقصود منها الجانب السوري الذي أبدى في البداية تمنعاً عن قبول القيام بخطوات تمهد لكسر الجمود، ونقلت وسائل إعلام الشهر الماضي عن مصادر في العاصمة السورية، أن دمشق «لا تريد أن تمنح إردوغان ورقة رابحة في معركته الانتخابية المقبلة» في إشارة إلى أن دمشق كانت تفضل أن تبدأ مسيرة التطبيع بعد الانتخابات الرئاسية في تركيا المقررة منتصف العام المقبل. وبدا أن موسكو نجحت في التأثير على الموقف السوري، وقالت مصادر تركية، إن «دمشق ترجئ الأمر فحسب، وإن الأمور تسير بطريقها نحو عقد اجتماع في نهاية المطاف بين إردوغان وبشار الأسد».
لكن الأمر الآخر اللافت في توقيت عقد اللقاء على مستوى وزراء الدفاع ورؤساء الأجهزة الأمنية، أنه جاء بعد مرور يومين فقط على إعلان وزارة الدفاع التركية أنها تنسق مع موسكو لفتح الأجواء في منطقة الشمال السوري لشن عمليات مركزة على «مواقع الإرهابيين».
ونقلت وكالة أنباء «نوفوستي» الحكومية الروسية، الاثنين، عن وزير الدفاع التركي خلوصي أكار، أن «تركيا تتفاوض مع روسيا لاستخدام المجال الجوي لشمال سوريا» في عملية ضد حزب العمال الكردستاني المحظور.
وأضاف «نواصل العمل على تحييد التنظيم الإرهابي. نناقش فتح الأجواء مع الروس. والاتصالات مستمرة بشأن التعاون الثلاثي التركي - الروسي - السوري. وعندما تصل المفاوضات إلى مرحلة معينة سوف نعلن عن نتائجها».
ويعكس ذلك أن ملف العملية العسكرية التركية الجارية في مناطق الشمال السوري والرؤية التي تطرحها أنقرة لترتيبات الوضع في المنطقة ومصير المنطقة الفاصلة التي اقترحتها تركيا بعرض 30 كيلومتراً، كانت على طاولة البحث بين ملفات أخرى خلال اللقاء الذي احتضنته موسكو.


مقالات ذات صلة

أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

العالم العربي أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

استبقت تركيا انعقاد الاجتماع الرباعي لوزراء خارجيتها وروسيا وإيران وسوريا في موسكو في 10 مايو (أيار) الحالي في إطار تطبيع مسار العلاقات مع دمشق، بمطالبتها نظام الرئيس بشار الأسد بإعلان موقف واضح من حزب «العمال الكردستاني» والتنظيمات التابعة له والعودة الطوعية للاجئين والمضي في العملية السياسية.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
العالم العربي درعا على موعد مع تسويات جديدة

درعا على موعد مع تسويات جديدة

أجرت اللجنة الأمنية التابعة للنظام السوري في محافظة درعا (جنوب سوريا) اجتماعات عدة خلال الأيام القليلة الماضية، آخرها أول من أمس (الأربعاء)، في مقر الفرقة التاسعة العسكرية بمدينة الصنمين بريف درعا الشمالي، حضرها وجهاء ومخاتير ومفاوضون من المناطق الخاضعة لاتفاق التسوية سابقاً وقادة من اللواء الثامن المدعوم من قاعدة حميميم الأميركية. مصدر مقرب من لجان التفاوض بريف درعا الغربي قال لـ«الشرق الأوسط»: «قبل أيام دعت اللجنة الأمنية التابعة للنظام السوري في محافظة درعا، ممثلةً بمسؤول جهاز الأمن العسكري في درعا، العميد لؤي العلي، ومحافظ درعا، لؤي خريطة، ومسؤول اللجنة الأمنية في درعا، اللواء مفيد حسن، عد

رياض الزين (درعا)
شمال افريقيا مشاورات مصرية مع 6 دول عربية بشأن سوريا والسودان

مشاورات مصرية مع 6 دول عربية بشأن سوريا والسودان

أجرى وزير الخارجية المصري سامح شكري اتصالات هاتفية مع نظرائه في 6 دول عربية؛ للإعداد للاجتماع الاستثنائي لوزراء الخارجية العرب بشأن سوريا والسودان، المقرر عقده، يوم الأحد المقبل. وقال المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية، السفير أحمد أبو زيد، في إفادة رسمية، الخميس، إن شكري أجرى اتصالات هاتفية، على مدار يومي الأربعاء والخميس، مع كل من وزير خارجية السودان علي الصادق، ووزير خارجية السعودية فيصل بن فرحان، ووزير خارجية العراق فؤاد محمد حسين، ووزير خارجية الجزائر أحمد عطاف، ووزير خارجية الأردن أيمن الصفدي، ووزير خارجية جيبوتي محمود علي يوسف. وأضاف أن «الاتصالات مع الوزراء العرب تأتي في إطار ا

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
المشرق العربي الأردن يوسّع مشاورات «عودة سوريا»

الأردن يوسّع مشاورات «عودة سوريا»

أطلق الأردن سلسلة اتصالات مع دول عربية غداة استضافته اجتماعاً لبحث مسألة احتمالات عودة سوريا إلى الجامعة العربية، ومشاركتها في القمة المقبلة المقرر عقدها في المملكة العربية السعودية هذا الشهر. وقالت مصادر أردنية لـ«الشرق الأوسط»، إن اجتماع عمّان التشاوري الذي عُقد (الاثنين) بحضور وزراء خارجية مصر والسعودية والعراق والأردن وسوريا، ناقش احتمالات التصويت على قرار عودة سوريا إلى الجامعة العربية ضمن أنظمة الجامعة وآليات اعتماد القرارات فيها. وفي حين أن قرار عودة سوريا إلى الجامعة ليس مقتصراً على الاجتماعات التشاورية التي يعقدها وزراء خارجية مصر والسعودية والعراق والأردن، فإن المصادر لا تستبعد اتفاق

شؤون إقليمية الأسد ورئيسي يتفقان على «تعاون استراتيجي طويل الأمد»

الأسد ورئيسي يتفقان على «تعاون استراتيجي طويل الأمد»

بدأ الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي أمس (الأربعاء) زيارة لدمشق تدوم يومين واستهلها بجولة محادثات مع نظيره السوري بشار الأسد تناولت تعزيز العلاقات المتينة أصلاً بين البلدين. وفيما تحدث رئيسي عن «انتصارات كبيرة» حققتها سوريا، أشار الأسد إلى أن إيران وقفت إلى جانب الحكومة السورية مثلما وقفت هذه الأخيرة إلى جانب إيران في حرب السنوات الثماني مع إيران في ثمانينات القرن الماضي. ووقع الأسد ورئيسي في نهاية محادثاتهما أمس «مذكرة تفاهم لخطة التعاون الاستراتيجي الشامل الطويل الأمد». وزيارة رئيسي لدمشق هي الأولى التي يقوم بها رئيس إيراني منذ 13 سنة عندما زارها الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد.

«الشرق الأوسط» (دمشق)

الأردن وقطر ينددان بقرار إسرائيل وقف دخول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة

مساعدات تقدمها وكالة «الأونروا» خارج مركز توزيع في مخيم جباليا للاجئين في شمال قطاع غزة (رويترز)
مساعدات تقدمها وكالة «الأونروا» خارج مركز توزيع في مخيم جباليا للاجئين في شمال قطاع غزة (رويترز)
TT

الأردن وقطر ينددان بقرار إسرائيل وقف دخول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة

مساعدات تقدمها وكالة «الأونروا» خارج مركز توزيع في مخيم جباليا للاجئين في شمال قطاع غزة (رويترز)
مساعدات تقدمها وكالة «الأونروا» خارج مركز توزيع في مخيم جباليا للاجئين في شمال قطاع غزة (رويترز)

ندّد الأردن، اليوم (الأحد)، بقرار إسرائيل تعليق دخول المساعدات الإنسانية إلى غزة، معتبراً أنه «انتهاك فاضح لاتفاق وقف إطلاق النار»، يهدد «بتفجر الأوضاع مجدداً في القطاع» الفلسطيني.

ونقل بيان صادر عن وزارة الخارجية الأردنية عن الناطق باسمها، سفيان القضاة، قوله إن «قرار الحكومة الإسرائيلية يُعد انتهاكاً فاضحاً لاتفاق وقف إطلاق النار، ما يهدد بتفجر الأوضاع مجدداً في القطاع»، مشدداً على «ضرورة أن توقف إسرائيل استخدام التجويع سلاحاً ضد الفلسطينيين والأبرياء من خلال فرض الحصار عليهم، خصوصاً خلال شهر رمضان المبارك».

من جانبها، عدّت قطر التي ساهمت في جهود الوساطة لإبرام الهدنة بين إسرائيل وحركة «حماس» في غزة، أن تعليق الدولة العبرية إدخال المساعدات إلى القطاع المحاصر هو «انتهاك صارخ» للاتفاق. وندّدت وزارة الخارجية القطرية في بيان بالقرار الإسرائيلي، مؤكدة أنها «تعدّه انتهاكاً صارخاً لاتفاق الهدنة والقانون الدولي الإنساني واتفاقية جنيف الرابعة وكافة الشرائع الدينية». وشدّدت على رفض الدوحة «القاطع استخدام الغذاء كسلاح حرب، وتجويع المدنيين»، داعية «المجتمع الدولي إلزام إسرائيل بضمان دخول المساعدات الإنسانية بشكل آمن ومستدام ودون عوائق إلى كافة مناطق القطاع».

وسلمت حركة «حماس» 33 رهينة لإسرائيل خلال المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار، بينما أطلقت إسرائيل سراح نحو ألفي فلسطيني وانسحبت من بعض المواقع في قطاع غزة. وكان من المقرر أن تشهد المرحلة الثانية بدء مفاوضات الإفراج عن الرهائن المتبقين، وعددهم 59، بالإضافة إلى انسحاب إسرائيل تماماً من القطاع وإنهاء الحرب، بموجب الاتفاق الأصلي الذي تم التوصل إليه في يناير (كانون الثاني). وصمد الاتفاق على مدى الأسابيع الستة الماضية، على الرغم من اتهام كل طرف للآخر بانتهاك الاتفاق. وأدّت الحرب الإسرائيلية إلى مقتل أكثر من 48 ألف فلسطيني وتشريد كل سكان القطاع تقريباً وتحويل معظمه إلى أنقاض. واندلعت الحرب في أكتوبر (تشرين الأول) 2023 بعد هجوم شنّته «حماس» على إسرائيل، أسفر عن مقتل 1200، بحسب الإحصاءات الإسرائيلية.