استغاثة فلسطينية لوقف فتح السدود المائية الإسرائيلية على غزة

فلسطينية تزيل متعلقات عائلتها بعد أن غمرت مياه الأمطار منزلها في خان يونس جنوب غزة (رويترز)
فلسطينية تزيل متعلقات عائلتها بعد أن غمرت مياه الأمطار منزلها في خان يونس جنوب غزة (رويترز)
TT

استغاثة فلسطينية لوقف فتح السدود المائية الإسرائيلية على غزة

فلسطينية تزيل متعلقات عائلتها بعد أن غمرت مياه الأمطار منزلها في خان يونس جنوب غزة (رويترز)
فلسطينية تزيل متعلقات عائلتها بعد أن غمرت مياه الأمطار منزلها في خان يونس جنوب غزة (رويترز)

استنكرت وزارة الزراعة الفلسطينية والمنظمات الأهلية بشدة، فتح سدود المياه الإسرائيلية المفاجئ على عدة مناطق في قطاع غزة وإغراق عدد كبير من المنازل ومئات الدونمات الزراعية وسط وجنوب غزة بالمياه الفائضة.
ووجهت نداء استغاثة عاجلاً إلى المجتمع الدولي ومنظماته الإنسانية والحقوقية بالتدخل الفوري لوقف هذه الاعتداءات، محذرين من كوارث غرقٍ ومن تدمير الموسم الزراعي وربما انتشار أمراض.
وعدت هذه الهيئات التصرف الإسرائيلي «جريمة خطيرة بحقهم» تبلغ حد التدمير المقصود للمزارعين وعائلاتهم وأراضيهم، وطالبت بتوفير الحماية لهم وضمان عدم تكرار هذه الاعتداءات وتوفير آليات لتعويض المزارعين عن الخسائر التي يتعرضون لها وتعزيز صمودهم في تلك المناطق التي تعد ذات أهمية كبرى خصوصاً أنها تمثل سلة الغذاء الرئيسية لقطاع غزة.
وكانت إسرائيل قد فتحت سدودها المائية في عدة مناطق محيطة بقطاع غزة، منذ ليلة السبت - الأحد، فأغرقت مئات المنازل ومساحات واسعة من الأراضي الفلسطينية جنوب ووسط قطاع غزة بمياه الأمطار ودمرت ما تبقى من بنى تحتية عامرة.
وقالت وزارة الحكم المحلي الفلسطينية إن فتح عبارات مياه الأمطار تسبب بالأضرار الخطيرة شرق مدينتي خان يونس ودير البلح. وشكا المزارعون من أصحاب الأراضي المتضررة، من أن المياه الإسرائيلية تصل إلى غزة مع جرف هائل للتربة ما يجعل دمارها أكبر. كما أنها تحتوي على أسمدة كيماوية من شأنها أن تتسبب في أمراض خطيرة.
وأعربوا عن تخوفهم من تكرار فتح تلك السدود باتجاه الأراضي الزراعية، ما يؤدي إلى ضرب الموسم الزراعي لفصل الشتاء، مؤكدين أن هذه الأضرار تحتاج إلى نحو 45 يوماً تقريباً كي تعود الأرض صالحة للزراعة من جديد. وأن الضرر يمكن أن يؤدي إلى دمار الموسم الزراعي الصيفي، الذي يبدأون في زرعه بنهاية فبراير (شباط) القادم.
وكان تقرير حقوقي قد أصدره مركز «الميزان لحقوق الإنسان» بغزة، و«غيشاه – مسلك» و«عدالة» في إسرائيل، قد حذر في الماضي، من رش المبيدات التي تتم في الجهة الشرقية من حدود قطاع غزة. وأكدوا أن أضراراً بالغة لحقت بالحقول والمزروعات الفلسطينية.
يُذكر أن منخفضاً جوياً ضرب قطاع غزة والمناطق المحيطة منذ مطلع الأسبوع، مصحوباً بأمطار غزيرة وكتلة هوائية باردة، جعلت الأجواء تشهد انخفاضاً ملموساً على درجات الحرارة لتُصبح أقل من معدلها السنوي العام.
وقد غرقت غزة كلها بالسيول، إذ إن البنية التحتية التي دمرها القصف الإسرائيلي الأخير على القطاع، لم تتم إعادة إعمارها بعد، إنما جرت إصلاحات مؤقتة لها، الأمر الذي ينذر بفيضانات وانهيارات للطرقات. وقد جاء فتح السدود الإسرائيلية ليضاعف المأساة خصوصاً في المناطق الجنوبية، شرق دير البلح وخان يونس.


مقالات ذات صلة

تقرير: مناخ بريطانيا ازداد حرّاً ومطراً

أوروبا أشخاص يستمتعون بالطقس الدافئ في لندن (رويترز)

تقرير: مناخ بريطانيا ازداد حرّاً ومطراً

توقع تقرير، نُشر اليوم (الخميس)، تزايد موجات الحر والمطر في المملكة المتحدة، في إطار تحليله عواقب الاحترار المناخي الناجم عن الأنشطة البشرية على مناخ بريطانيا.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق رجل إطفاء يعمل على إطفاء حريق لون روك المشتعل في سبراي بولاية أوريغون بالولايات المتحدة في 21 يوليو 2024 في لقطة الشاشة هذه التي تم الحصول عليها من مقطع فيديو (رويترز)

العالم يسجل اليوم الأكثر سخونة على الإطلاق

كان الأحد 21 يوليو (تموز) اليوم الأكثر حرارة على الإطلاق على مستوى العالم، وفقاً للبيانات الأولية الصادرة عن خدمة «كوبرنيكوس» لتغير المناخ.

«الشرق الأوسط» (لندن)
آسيا شرطيون صينيون في قارب من المطاط يبحثون عن متضررين أو محاصَرين في منطقة أغرقتها مياه الأمطار في تشونغ تشينغ (أرشيفية - أ.ف.ب)

5 قتلى و8 مفقودين في أمطار طوفانية في الصين

أدت الأحوال الجوية القصوى التي تشهدها الصين خلال الصيف إلى مقتل ما لا يقل عن خمسة أشخاص.

«الشرق الأوسط» (بكين)
آسيا الأمطار تغرق مناطق بأكملها في بلدة الشيخ جلال بأفغانستان (أرشيفية - رويترز)

35 قتيلاً على الأقل جراء أمطار غزيرة في شرق أفغانستان

قضى 35 شخصاً على الأقل وأصيب 230 آخرون اليوم الاثنين جراء أمطار مصحوبة بعواصف عنيفة في مدينة جلال آباد وضواحيها في شرق أفغانستان.

«الشرق الأوسط» (كابول)
يوميات الشرق الطقس العاصف في اليمن يزيد من المخاطر الجسيمة على الأرواح وتعطيل سبل العيش (إعلام محلي)

الأرقام القياسية للحرارة تتهاوى حول العالم في 2024

شهد العام 2024 تسجيل الكثير من الأرقام القياسية الجديدة في درجات الحرارة حول العالم، مع استمرار تأثير زيادة غازات الدفيئة في الغلاف الجوي على مناخ الكوكب.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)

تطلّع يمني لإنهاء الانقسام المصرفي ومخاوف من تعنت الحوثيين

مقر البنك المركزي اليمني في عدن (إعلام حكومي)
مقر البنك المركزي اليمني في عدن (إعلام حكومي)
TT

تطلّع يمني لإنهاء الانقسام المصرفي ومخاوف من تعنت الحوثيين

مقر البنك المركزي اليمني في عدن (إعلام حكومي)
مقر البنك المركزي اليمني في عدن (إعلام حكومي)

بعيداً عن تعثر مسار التسوية في اليمن بسبب هجمات الحوثيين البحرية، أشاع الإعلان الأممي اتفاقاً بين الحكومة والحوثيين حول المصارف والطيران أجواءً من الأمل لدى قطاع عريض من اليمنيين، مثلما زرع حالة من الإحباط لدى مناهضي الجماعة المدعومة من إيران.

ومع إعلان غروندبرغ اتفاق خفض التصعيد بين الحكومة والحوثيين بشأن التعامل مع البنوك التجارية وشركة «الخطوط الجوية اليمنية»، فإن المبعوث لم يحدد موعداً لبدء هذه المحادثات ولا مكان انعقادها، واكتفى بالقول إن الطرفين اتفقا على البدء في عقد اجتماعات لمناقشة كافة القضايا الاقتصادية والإنسانية بناء على خريطة الطريق.

غروندبرغ يسعى إلى تحقيق أي اختراق في مسار السلام اليمني بعد إعاقة الحوثيين خريطة الطريق (الأمم المتحدة)

بدت آراء يمنيين في الشارع ومواقع التواصل الاجتماعي متباينة في كل مضامين اتفاق التهدئة، باستثناء تمنياتهم بنجاح محادثات الملف الاقتصادي لأن من شأنها أن تعالج وفق تقديرهم جذور الأزمة الاقتصادية والانقسام المالي وانقطاع رواتب الموظفين في مناطق سيطرة الحوثيين منذ ثمانية أعوام.

في المقابل، ناقضت تقارير يمنية نفسها، مثل ما ورد في تقرير لمركز صنعاء للدراسات كتبه نيد والي، ففي حين حاول توجيه السبب الأساسي للاتفاق نحو ضغوطات من دول في التحالف على الحكومة لصالح الحوثيين، عاد واقتبس من المبعوث الأممي قوله في رسالة لمجلس القيادة: «الانقسام الاقتصادي والمالي الذي تشهده البلاد ستترتب عليه تبعات خطيرة وربما مدمرة، وعزل البنوك وشركات الصرافة عن النظام المالي العالمي سيؤثر سلباً على الأعمال التجارية وعلى تدفق التحويلات المالية».

وكتب الباحث في التقرير نفسه: «عانى الاقتصاد اليمني من الشلل نتيجة عقد من الصراع، وأي ضغوط إضافية لن تجلب سوى أوضاع إنسانية وخيمة، ليس أقلها تعطيل القدرة على تقديم المساعدات. يتم تداول عملتين في الأسواق المالية اليمنية بسعري صرف متباينين، ورغم أن الانقسام الدائم في النظام المصرفي ومؤسسات الدولة قد يصبح أمراً لا مفر منه في نهاية المطاف، لا ينبغي التشكيك بأن تداعيات ذلك على الاقتصاد ستكون وخيمة وأليمة بصورة استثنائية».

وقالت مصادر غربية لـ«الشرق الأوسط»: «إن السعودية دعمت خريطة الطريق ومشروع إنهاء الأزمة اليمنية، والخلافات والعراقيل ليست طريقة للوصول إلى السلام في كل الأحوال».

ومن خلال تعليقات حصلت عليها «الشرق الأوسط» عبر استمزاج يمنيين في قطاعات تجارية وتربوية، تتجنب المعلمة نجاة التي اكتفت بذكر اسمها الأول الخوض في الجدال المتواصل بين المؤيدين والمعارضين لاتفاق التهدئة وتعتقد أن الذهاب للمحادثات الاقتصادية بنيات صادقة ونجاحها هو البشرى الحقيقية لمئات الآلاف من الموظفين في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون الذين حرموا من رواتبهم منذ نهاية العام 2016، ولكل سكان البلاد الذين يدفعون ثمن الانقسام المالي والمواجهة الاقتصادية.

وتتمنى المعلمة على ممثلي الجانبين الحكومي والحوثيين استشعار المعاناة الكبيرة للملايين من اليمنيين الذين يقاسون نتيجة الظروف الاقتصادية وتوقف المرتبات ووجود عملتين محليتين، والحرص على التوافق والخروج باتفاق على استئناف تصدير النفط والغاز ووضع آلية مرضية لصرف المرتبات، وإنهاء الانقسام المالي لأن ذلك في تقديرها سيكون المنفذ الحقيقي للسلام.

الرواتب وتوحيد العملة

يقول الموظف الحكومي رضوان عبد الله إن الأهم لديه، ومعه كثيرون، هو صرف الرواتب وإنهاء انقسام العملة، لأنهم فقدوا مصدر دخلهم الوحيد ويعيشون على المساعدات والتي توقفت منذ ستة أشهر وأصبحوا يواجهون المجاعة وغير قادرين على إلحاق بناتهم وأبنائهم في المدارس لأنهم لا يمتلكون الرسوم التي فرضها الحوثيون ولا قيمة الكتب الدراسية ومستلزمات المدارس ولا المصروف اليومي.

تعنّت الحوثيين أفشل جولات متعددة من أجل السلام في اليمن (إعلام محلي)

ويؤيده في ذلك الموظف المتقاعد عبد الحميد أحمد، إذ يقول إن الناس تريد السلام ولم يعد أحد يريد الحرب وإن السكان في مناطق سيطرة الحوثيين يواجهون مجاعة فعلية. ويزيد بالقول إن صرف المرتبات وتوحيد العملة أهم من أي اتفاق سياسي ويطلب من الحكومة والحوثيين ترحيل خلافاتهم السياسية إلى ما بعد الاتفاق الاقتصادي.

ولا يختلف الأمر لدى السكان في مناطق سيطرة الحكومة اليمنية والذين يعبر أغلبيتهم عن سخطهم من الموافقة على إلغاء الإجراءات التي اتخذها البنك المركزي في حق البنوك التجارية في مناطق سيطرة الحوثيين، إذ يرى عادل محمد أن إنهاء انقسام العملة واستئناف تصدير النفط سيؤدي إلى وقف تراجع سعر الريال مقابل الدولار الأميركي وسيوقف الارتفاع الكبير في أسعار السلع لأن ذلك أضر بالكثير من السكان لأن المرتبات بسبب التضخم لم تعد تكفي لشيء.

ويتفق مع هذه الرؤية الموظف في القطاع التجاري سامي محمود ويقول إن توحيد العملة واستئناف تصدير النفط سيكون له مردود إيجابي على الناس وموازنة الدولة، لأنه سيحد من انهيار الريال اليمني (حالياً الدولار بنحو 1990 ريالاً في مناطق سيطرة الحكومة) كما أن الموظفين والعمال الذين تعيش أسرهم في مناطق سيطرة الحوثيين سيكونون قادرين على إرسال مساعدات شهرية، لكن في ظل الانقسام وفرض الحوثيين سعراً مختلفاً فإن ما يرسلونه يساوي نصف رواتبهم.

مصلحة مشتركة

يرى الصحافي رشيد الحداد المقيم في مناطق سيطرة الحوثيين أن التوصل إلى اتفاق في هذا الملف فيه مصلحة مشتركة وإعادة تصدير النفط والغاز سيسهم في عودة أحد مصادر الدخل الوطني من العملات الصعبة، كما أن استئناف صرف مرتبات الموظفين سوف يسهم في الحد من معاناة مئات الآلاف من الموظفين.

ملايين اليمنيين في مناطق سيطرة الحوثيين تتهددهم المجاعة (الأمم المتحدة)

ويشدد الحداد على ضرورة أن يتوجه ممثلو الجانبين إلى هذه المحادثات بصدق ومسؤولية لمفاوضات تحسم هذا الملف، ورأى أن أي اختراق يحدث في هذا الجانب سيعزز بناء الثقة وسيقود نحو تفاهمات أخرى، و سيكون له انعكاسات إيجابية على حياة كل اليمنيين.

لكن الجانب الحكومي لا يظهر الكثير من التفاؤل ويعتقد اثنان من المسؤولين سألتهم «الشرق الأوسط» أن الحوثيين غير جادين ويريدون تحقيق مكاسب اقتصادية فقط من خلال هذه الجولة، لأنهم يريدون الحصول على رواتب الموظفين في مناطق سيطرتهم لامتصاص النقمة الشعبية الواسعة، ويرغبون في الحصول على حصة من عائدات تصدير النفط، دون أن يكون هناك مقابل أو تقديم تنازلات فعليه تخدم مسار السلام، فيما يتعلق بتوحيد العملة والبنك المركزي.

ووفق ما أكده المسؤولان فإن الجانب الحكومي الذي قدم الكثير من التنازلات من أجل السكان في مناطق سيطرة الحوثيين بحكم مسؤوليته عن الجميع، سيشارك بإيجابية في المحادثات الاقتصادية وسيكون حريصاً على إنجاحها والتوصل إلى اتفاقات بشأنها استناداً إلى مضامين خريطة طريق السلام التي كانت حصيلة جهود وساطة قادتها السعودية وعُمان طوال العام الماضي وحتى الآن.