إردوغان يؤكد أن بلاده «لن تطلب إذناً» لشن عمليتها السورية

الحكومة التركية تجدّد عرضَها إعادة العلاقات مع نظام الأسد

جاويش أوغلو تحدث عن الاتصالات الاستخباراتية مع سوريا خلال مثوله أمام البرلمان في أنقرة ليلة الاثنين- الثلاثاء (أ.ف.ب)
جاويش أوغلو تحدث عن الاتصالات الاستخباراتية مع سوريا خلال مثوله أمام البرلمان في أنقرة ليلة الاثنين- الثلاثاء (أ.ف.ب)
TT

إردوغان يؤكد أن بلاده «لن تطلب إذناً» لشن عمليتها السورية

جاويش أوغلو تحدث عن الاتصالات الاستخباراتية مع سوريا خلال مثوله أمام البرلمان في أنقرة ليلة الاثنين- الثلاثاء (أ.ف.ب)
جاويش أوغلو تحدث عن الاتصالات الاستخباراتية مع سوريا خلال مثوله أمام البرلمان في أنقرة ليلة الاثنين- الثلاثاء (أ.ف.ب)

قال الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، أمس الثلاثاء، إن تركيا طلبت دعم روسيا، وناقشت اتخاذ خطوات مشتركة معها في شمال سوريا؛ حيث تسعى أنقرة لتنفيذ عملية برية. وقال إردوغان للصحافيين في أنقرة: «طلبنا دعمه (الرئيس الروسي فلاديمير بوتين) لاتخاذ قرارات مشتركة، وربما العمل معاً لاتخاذ خطوات معاً هنا (في شمال سوريا)»، مضيفاً أن «تركيا لن تطلب الإذن من أحد»، في إشارة إلى أنها قد تنفذ العملية العسكرية في شمال سوريا بغضّ النظر عن الاعتراضات الروسية أو الأميركية.
جاء ذلك في وقت كشفت فيه تركيا أن الاتصالات التي تجريها مع النظام السوري على مستوى أجهزة المخابرات تركز على مسألة إعادة اللاجئين. وقال وزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو، إن الاتصالات المستمرة مع النظام السوري على مستوى أجهزة المخابرات، تتناول عودة اللاجئين ومكافحة الإرهاب والعملية السياسية. وأكد جاويش أوغلو، خلال حديثه في البرلمان التركي، ليل الاثنين- الثلاثاء، ضمن جلسات مناقشة ميزانية تركيا للعام المقبل، أن الحكومة التركية على استعداد للعمل مع النظام السوري وإعادة العلاقات معه، وأن أجهزة المخابرات تواصل اتصالاتها به منذ فترة. وتابع بأنه «إذا تصرّف النظام بواقعية، فنحن مستعدون للعمل سوياً على محاربة الإرهاب، والعملية السياسية، وعودة السوريين».
وبات ملف عودة اللاجئين السوريين أحد الملفات الساخنة والمؤرقة في الوقت ذاته للحكومة التركية، مع اقتراب الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقررة في يونيو (حزيران) المقبل، وسوء الأوضاع الاقتصادية، وهو ما زاد من ضغوط المعارضة والشارع التركي في الوقت ذاته، من أجل إعادة السوريين إلى بلادهم.
وبدفع من روسيا، أبدت تركيا خلال الأشهر الماضية استعدادها لإعادة العلاقات مع النظام السوري، وعقدت في هذا الإطار اجتماعات على مستوى المخابرات، لتقييم إمكانية رفع المحادثات إلى مستويات أعلى.
وأبدى الرئيس رجب طيب إردوغان، أكثر من مرة، استعداده للقاء الرئيس السوري بشار الأسد، بينما لم تبدِ دمشق حماساً لعقد مثل هذا اللقاء قبل الانتخابات في تركيا، حتى لا تمنح إردوغان «نصراً مجانياً» في السباق على رئاسة تركيا، حسب تقارير إعلامية.
وعقب جولة مشاورات تركية- روسية، عُقدت في إسطنبول، يومي الخميس والجمعة الماضيين، قال نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي فرشينين الذي ترأس الجانب الروسي في المشاورات، إن «أنقرة تدرك ضرورة التطبيع والحفاظ على العلاقات مع دمشق». وأضاف أن هناك تفاهماً في تركيا على ضرورة تطبيع العلاقات، والحفاظ عليها بين أنقرة وجميع الدول المجاورة في المنطقة، بما في ذلك سوريا؛ مشيراً إلى وجود اتصالات بين أنقرة ودمشق.
وعن احتمال عقد لقاء بين إردوغان والأسد، قال فرشينين: «بالنسبة إلى قضايا تنظيم اللقاءات على مختلف المستويات، بما في ذلك على أعلى المستويات، فإننا ننطلق من حقيقة أن هذا قرار دولتين لديهما سيادة». وأشار إلى أن مسألة التسوية السورية نوقشت بالتفصيل خلال محادثات إسطنبول التي ترأَّس الجانب التركي فيها نظيره التركي سادات أونال، و«قمنا بذلك من وجهة نظر ضمان التقدم نحو تسوية مستدامة وطويلة الأجل في سوريا، على أساس قرار مجلس الأمن رقم 2254». وقال إن الجانبين التركي والروسي شددا على ضرورة «الاستعادة الكاملة لوحدة أراضي سوريا». وتابع: «في سياق العلاقات الثنائية بين تركيا وسوريا، نعلم أن هذه العلاقات ليست سهلة؛ لكننا نرى أيضاً ضرورة الوصول إلى قاسم مشترك بين هذين البلدين الإقليميين المهمين. إننا ندافع عن تطبيع العلاقات انطلاقاً من حقيقة أنّ ذلك سيكون عاملاً جيداً لضمان الاستقرار والسلام في المنطقة».
وكان المتحدث باسم الرئاسة التركية، إبراهيم كالين، قد قال، أخيراً، إن حديث المسؤولين الأتراك، وعلى رأسهم إردوغان، حول اللقاء مع الأسد، لا يعني وجود خطط فورية لذلك.
في الوقت ذاته، أكد وزير الخارجية التركي أن بلاده لن تسمح أبداً باستمرار وجود «وحدات حماية الشعب» الكردية، أكبر مكوّنات «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) في سوريا، إضافة إلى حزب «العمال الكردستاني» في العراق، و«ستفعل ما يلزم لاقتلاعهما من هاتين الدولتين الجارتين». وأشار مولود جاويش أوغلو إلى أن تركيا تواصل مساعيها «الرامية للقضاء على الإرهاب» على الصعيدين العسكري والدبلوماسي.
وتناولت المشاورات التركية- الروسية في إسطنبول التهديد التركي بتنفيذ عملية عسكرية برية تستهدف مواقع «قسد» في شمال سوريا؛ حيث طالب الجانب التركي روسيا بتنفيذ «تفاهم سوتشي» الموقع بين الجانبين في 22 أكتوبر (تشرين الأول) 2019، وسحب قوات «قسد» مسافة 30 كيلومتراً، بعيداً عن الحدود التركية.
وبينما صدرت تصريحات متفائلة عن موسكو، الاثنين، بشأن إمكانية إقناع تركيا بالتخلي عن العملية العسكرية، قال الرئيس رجب طيب إردوغان، إن بلاده تهدف إلى استكمال الحزام الأمني على حدودها الجنوبية، بهدف «إحباط المخططات الغادرة والعدائية»، على حد قوله.
وواصلت القوات التركية، في غضون ذلك، الامتناع عن المشاركة في الدوريات المشتركة مع القوات الروسية في عين العرب (كوباني) التي تطالب أنقرة بانسحاب قوات «قسد» منها. وسيَّرت القوات الروسية، الاثنين، دورية عسكرية بشكل منفرد بعد انتظار العربات التركية في قرية غريب شرق عين العرب (كوباني) شرق حلب، إلا أنها لم تأتِ للمشاركة في الدورية. وأوقفت تركيا مشاركتها في الدوريات المشتركة عقب إطلاق عمليتها الجوية «المخلب- السيف» في شمال سوريا والعراق في 19 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، على خلفية التفجير الإرهابي في شارع الاستقلال، بمنطقة تقسيم، في إسطنبول، في 13 من الشهر ذاته. وخلَّف التفجير 6 قتلى و81 مصاباً، ونسبته السلطات إلى «وحدات حماية الشعب» الكردية.
وبالتزامن مع تصاعد الحديث عن عودة اللاجئين السوريين إلى بلادهم، اعتمدت المفوضية الأوروبية 4 برامج جديدة لدعم اللاجئين، وإدارة مراقبة الحدود في تركيا بأكثر من 1.2 مليار يورو، منها حزمة بقيمة 220 مليون يورو لتحسين مراقبة الحدود الشرقية لتركيا. وبذلك يصل إجمالي مساعدات الاتحاد الأوروبي المعتمدة في عام 2022 إلى 1.235 مليار يورو لمواصلة دعم اللاجئين في تركيا، وتلبية الاحتياجات الأساسية لهم، ومساعدة الفئات الأكثر ضعفاً.
وقالت المفوضية الأوروبية، في بيان، الثلاثاء، إن هذه الأموال هي جزء من 3 مليارات يورو إضافية، تم الإعلان عنها في يونيو 2021، بعد موافقة المجلس الأوروبي، بهدف مواصلة مساعدة اللاجئين في تركيا حتى عام 2023.
وتشمل حزمة المساعدة الجديدة تخصيص 400 مليون يورو لمواصلة المساعدة النقدية، لدعم اللاجئين في تلبية احتياجاتهم الأساسية اليومية، في إطار شبكة الأمان الاجتماعي في حالات الطوارئ. كما تم تخصيص 234 مليون يورو لمشروعات تنفيذ استراتيجية التوظيف التركية، والبرنامج الاجتماعي والاقتصادي المستدام للاجئين؛ حيث تركز المساعدة على زيادة قابلية اللاجئين للتوظيف في السوق المحلية، بما في ذلك من طريق توفير التدريب المهني والتدريب على المهارات، من بين أشكال الدعم الأخرى. كذلك تم تخصيص 381 مليون يورو لمواصلة برنامج تكميلي ركَّز على تقديم الدعم النقدي للاجئين الأكثر ضعفاً (مثل كبار السن والمعوقين وغيرهم).
ويأتي الدعم الأوروبي لتركيا في إطار اتفاقية الهجرة وإعادة قبول اللاجئين الموقعة بين الجانبين في 18 مارس (آذار) 2016.


مقالات ذات صلة

«قصف إسرائيلي» يُخرج مطار حلب من الخدمة

المشرق العربي «قصف إسرائيلي» يُخرج مطار حلب من الخدمة

«قصف إسرائيلي» يُخرج مطار حلب من الخدمة

أعلنت سوريا، أمس، سقوط قتلى وجرحى عسكريين ومدنيين ليلة الاثنين، في ضربات جوية إسرائيلية استهدفت مواقع في محيط مدينة حلب بشمال سوريا. ولم تعلن إسرائيل، كعادتها، مسؤوليتها عن الهجوم الجديد الذي تسبب في إخراج مطار حلب الدولي من الخدمة.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي لا تأكيد أميركياً لقتل تركيا زعيم «داعش» في سوريا

لا تأكيد أميركياً لقتل تركيا زعيم «داعش» في سوريا

في حين أعلنت الولايات المتحدة أنها لا تستطيع تأكيد ما أعلنته تركيا عن مقتل زعيم تنظيم «داعش» الإرهابي أبو الحسين الحسيني القرشي في عملية نفذتها مخابراتها في شمال سوريا، قال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو إن قوات بلاده حيدت (قتلت) 17 ألف إرهابي في السنوات الست الأخيرة خلال العمليات التي نفذتها، انطلاقاً من مبدأ «الدفاع عن النفس».

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي إردوغان يعلن مقتل «الزعيم المفترض» لتنظيم «داعش» في سوريا

إردوغان يعلن مقتل «الزعيم المفترض» لتنظيم «داعش» في سوريا

أعلن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، يوم أمس (الأحد)، مقتل «الزعيم المفترض» لتنظيم «داعش» في سوريا خلال عملية نفذتها الاستخبارات التركية. وقال إردوغان خلال مقابلة متلفزة: «تم تحييد الزعيم المفترض لداعش، واسمه الحركي أبو الحسين القرشي، خلال عملية نفذها أمس (السبت) جهاز الاستخبارات الوطني في سوريا». وكان تنظيم «داعش» قد أعلن في 30 نوفمبر (تشرين الأول) مقتل زعيمه السابق أبو حسن الهاشمي القرشي، وتعيين أبي الحسين القرشي خليفة له. وبحسب وكالة الصحافة الفرنيسة (إ.ف.ب)، أغلقت عناصر من الاستخبارات التركية والشرطة العسكرية المحلية المدعومة من تركيا، السبت، منطقة في جينديرس في منطقة عفرين شمال غرب سوريا.

«الشرق الأوسط» (إسطنبول)
المشرق العربي الرئيس التونسي يعيّن سفيراً جديداً لدى سوريا

الرئيس التونسي يعيّن سفيراً جديداً لدى سوريا

قالت الرئاسة التونسية في بيان إن الرئيس قيس سعيد عيّن، اليوم الخميس، السفير محمد المهذبي سفيراً فوق العادة ومفوضاً للجمهورية التونسية لدى سوريا، في أحدث تحرك عربي لإنهاء العزلة الإقليمية لسوريا. وكانت تونس قد قطعت العلاقات الدبلوماسية مع سوريا قبل نحو عشر سنوات، احتجاجاً على حملة الأسد القمعية على التظاهرات المؤيدة للديمقراطية عام 2011، والتي تطورت إلى حرب أهلية لاقى فيها مئات آلاف المدنيين حتفهم ونزح الملايين.

«الشرق الأوسط» (تونس)
المشرق العربي شرط «الانسحاب» يُربك «مسار التطبيع» السوري ـ التركي

شرط «الانسحاب» يُربك «مسار التطبيع» السوري ـ التركي

أثار تمسك سوريا بانسحاب تركيا من أراضيها ارتباكاً حول نتائج اجتماعٍ رباعي استضافته العاصمة الروسية، أمس، وناقش مسار التطبيع بين دمشق وأنقرة.


«حزب الله» يستعد سياسياً لمرحلة ما بعد وقف إطلاق النار

الأمين العام لجماعة «حزب الله» الشيخ نعيم قاسم أثناء إلقاء كلمة من مكان غير محدد 20 نوفمبر 2024 (رويترز)
الأمين العام لجماعة «حزب الله» الشيخ نعيم قاسم أثناء إلقاء كلمة من مكان غير محدد 20 نوفمبر 2024 (رويترز)
TT

«حزب الله» يستعد سياسياً لمرحلة ما بعد وقف إطلاق النار

الأمين العام لجماعة «حزب الله» الشيخ نعيم قاسم أثناء إلقاء كلمة من مكان غير محدد 20 نوفمبر 2024 (رويترز)
الأمين العام لجماعة «حزب الله» الشيخ نعيم قاسم أثناء إلقاء كلمة من مكان غير محدد 20 نوفمبر 2024 (رويترز)

تتعاطى القوى السياسية على اختلافها مع تأكيد أمين عام «حزب الله»، الشيخ نعيم قاسم، بتموضعه مجدداً تحت سقف «اتفاق الطائف»، على أنه أراد أن يستبق الوعود الأميركية بالتوصل إلى وقف إطلاق النار، بتحديد العناوين الرئيسية لخريطة الطريق في مقاربته لمرحلة ما بعد عودة الهدوء إلى جنوب لبنان، بانسحاب إسرائيل من المناطق التي توغلت فيها تمهيداً لتطبيق القرار الدولي «1701»، وتعد بأنها تأتي في سياق استعداد الحزب للعبور من الإقليم -أي الميدان- إلى الداخل اللبناني عبر بوابة الطائف.

فالبنود التي حددها قاسم في مقاربته لمرحلة ما بعد وقف إطلاق النار تنم، كما تقول مصادر سياسية لـ«الشرق الأوسط»، عن رغبته في إضفاء اللبننة على توجهات الحزب وصولاً إلى انخراطه في الحراك السياسي، في مقابل خفض منسوب اهتمامه بما يدور في الإقليم في ضوء تقويمه لردود الفعل المترتبة على تفرُّده في قرار إسناده لغزة الذي أحدث انقساماً بين اللبنانيين.

وتعدّ المصادر أنه ليس في إمكان الحزب أن يتجاهل الوقائع التي فرضها قرار إسناده لغزة، وأبرزها افتقاده لتأييد حلفائه في «محور الممانعة»، وكاد يكون وحيداً في المواجهة، وتؤكد أن تفويضه لرئيس المجلس النيابي، نبيه بري، للتفاوض مع الوسيط الأميركي، آموس هوكستين، وتوصلهما إلى التوافق على مسوّدة لعودة الهدوء إلى الجنوب، يعني حكماً أنه لا مكان في المسوّدة للربط بين جبهتي غزة والجنوب وإسناده لـ«حماس».

انكفاء الحزب

وتلفت المصادر نفسها إلى أن عدم اعتراض الحزب على المسوّدة يعني موافقته الضمنية على إخلاء منطقة الانتشار في جنوب الليطاني والانسحاب منها، إضافة إلى أن قواعد الاشتباك المعمول بها منذ صدور القرار «1701»، في آب (أغسطس) 2006، أصبحت بحكم الملغاة، أسوة بإنهاء مفعول توازن الرعب الذي كان قد أبقى على التراشق بينهما تحت السيطرة.

وتقول المصادر نفسها إنه لا خيار أمام الحزب سوى الانكفاء إلى الداخل، وإن ما تحقق حتى الساعة بقي محصوراً في التوصل إلى وقف إطلاق النار العالق سريان مفعوله على الوعود الأميركية، فيما لم تبقَ الحدود اللبنانية - السورية مشرّعة لإيصال السلاح إلى الحزب، بعدما تقرر ضبطها على غرار النموذج الذي طبقه الجيش على مطار رفيق الحريري الدولي، ومنع كل أشكال التهريب من وإلى لبنان، إضافة إلى أن وحدة الساحات كادت تغيب كلياً عن المواجهة، ولم يكن من حضور فاعل لـ«محور الممانعة» بانكفاء النظام السوري عنه، رغبة منه بتصويب علاقاته بالمجتمع الدولي، وصولاً إلى رفع الحصار المفروض عليه أميركياً بموجب قانون قيصر.

لاريجاني

وفي هذا السياق، تتوقف المصادر أمام ما قاله كبير مستشاري المرشد الإيراني، علي لاريجاني، لوفد من «محور الممانعة» كان التقاه خلال زيارته إلى بيروت: «إيران ترغب في إيصال المساعدات إلى لبنان لكن الحصار المفروض علينا براً وبحراً وجواً يمنعنا من إرسالها، ولم يعد أمامنا سوى التأكيد بأننا شركاء في إعادة الإعمار».

وتسأل ما إذا كان التحاق الحزب بركب «اتفاق الطائف»، الذي هو بمثابة ملاذ آمن للجميع للعبور بلبنان إلى بر الأمان، يأتي في سياق إجراء مراجعة نقدية تحت عنوان تصويبه للعلاقات اللبنانية - العربية التي تصدّعت بسبب انحيازه إلى «محور الممانعة»، وجعل من لبنان منصة لتوجيه الرسائل بدلاً من تحييده عن الصراعات المشتعلة في المنطقة؟ وهل بات على قناعة بأنه لا خيار أمامه سوى التوصل إلى وقف إطلاق النار، رغم أن إسرائيل تتمهل في الموافقة عليه ريثما تواصل تدميرها لمناطق واسعة، وهذا ما يفتح الباب للسؤال عن مصير الوعود الأميركية، وهل توكل لتل أبيب اختيار الوقت المناسب للإعلان عن انتهاء الحرب؟

تموضع تحت سقف «الطائف»

ولم تستبعد الدور الذي يعود لبري في إسداء نصيحته للحزب بضرورة الالتفات إلى الداخل، والتموضع تحت سقف «اتفاق الطائف»، خصوصاً أن المجتمع الدولي بكل مكوناته ينصح المعارضة بمد اليد للتعاون معه لإخراج لبنان من أزماته المتراكمة.

وتقول إن الحزب يتهيب التطورات التي تلازمت مع إسناده لغزة، وتسأل هل قرر إعادة النظر في حساباته في ضوء أن رهانه على تدخل إيران لم يكن في محله؛ لأن ما يهمها الحفاظ على النظام وتوفير الحماية له، آخذة بعين الاعتبار احتمال ضعف موقفها في الإقليم؟

لذلك فإن قرار الحزب بأن يعيد الاعتبار للطائف، يعني أنه يبدي استعداداً للانخراط في الحراك السياسي بحثاً عن حلول لإنقاذ لبنان بعد أن أيقن، بحسب المصادر، بأن فائض القوة الذي يتمتع به لن يُصرف في المعادلة السياسية، وأن هناك ضرورة للبحث عن القنوات المؤدية للتواصل مع شركائه في البلد، وأولهم المعارضة، مع استعداد البلد للدخول في مرحلة سياسية جديدة فور التوصل إلى وقف إطلاق النار الذي من شأنه أن يعطي الأولوية لانتخاب الرئيس، ليأخذ على عاتقه تنفيذ ما اتُّفق عليه لتطبيق الـ«1701».

وعليه لا بد من التريث إفساحاً في المجال أمام ردود الفعل، أكانت من المعارضة أو الوسطيين، على خريطة الطريق التي رسمها قاسم استعداداً للانتقال بالحزب إلى مرحلة سياسية جديدة، وهذا يتطلب منه عدم الاستقواء على خصومه والانفتاح والتعاطي بمرونة وواقعية لإخراج انتخاب الرئيس من المراوحة، واستكمال تطبيق «الطائف»، في مقابل معاملته بالمثل وعدم التصرف على نحو يوحي بأنهم يريدون إضعافه في إعادة مؤسسات البلد، بذريعة أن قوته اليوم لم تعد كما كانت في السابق، قبل تفرده في إسناده لغزة، وما ترتب عليها من تراجع للنفوذ الإيراني، بالتلازم مع عدم فاعلية وحدة الساحات التي تتشكل منها القوة الضاربة لـ«محور الممانعة» الذي لم يكن له دور، ولو بحدود متواضعة، بتوفير الدعم للحزب كونه أقوى أذرعته في الإقليم، وبالتالي هناك ضرورة لاحتضانه لاسترداده إلى مشروع الدولة.