دواء تجريبي يضلّل «كوفيد».. ويدمّره

يتغلب على قدرة الفيروس في التحور

دواء تجريبي يضلّل «كوفيد».. ويدمّره
TT

دواء تجريبي يضلّل «كوفيد».. ويدمّره

دواء تجريبي يضلّل «كوفيد».. ويدمّره

فيروس كورونا عدوٌّ متغيّر بمتحوّراته الجديدة، ومتحوّراته الفرعية التي تتطوّر سريعاً لتصبح قادرة على التهرّب من اللقاحات والعلاجات. ويعمل باحثون من معهد «دانا – فاربر» للسرطان في بوسطن حالياً على تطوير دواء تجريبي قادر على التغلّب على واحدة من أقوى سمات الفيروس – موهبته في التحوّر – واستخدامها ضدّه.

مستقبلات وهمية
عندما يلتصق فيروس كورونا بنوعٍ معيّنٍ من المتلقيات (المستقبِلات) على سطح خليّة ما، فإنه يدفع بروتينه الشوكي إلى الداخل كسكّين أوتوماتيكي، لتبدأ الإصابة.
وقد صُمم الدواء الجديد ليقلّد هذا المستقبل، ولكي يعمل كقاتل متنكّرٍ جذّاب. فعندما يحاول فيروس كورونا الالتصاق به بدلاً من المستقبِل الحقيقي، يعمد هذا المستقبِل الخادع إلى تدمير هيكل البروتين الشوكي، وإلى تعطيل الآلية الشبيهة بالسكين الأوتوماتيكي نهائياً، حسب تقرير نشرته دورية «ساينس أدفانسيز» في السادس من ديسمبر (كانون الأول).
تحصر هذه المقاربة فيروس كورونا في الزاوية: فإذا طور الفيروس طفرة لحماية نفسه تتيح له الالتصاق بفعالية أقلّ بالدواء الخادع، فإن تراجع هذه الفعالية سيسري أيضاً عندما يحاول الفيروس الالتصاق بالخلايا البشرية.
وقد نجح الفيروس سابقاً بالالتفاف على علاجات الاجسام المضادة له، وذلك من خلال تطويره نُسخاً جديدة من بروتينه الشوكي. ولكن للالتفاف على هذا الدواء المخادع، سيكون عليه البحث عن مستقبل مختلفٍ كلياً والالتصاق به – ولكنّ أرجحية هذا الاحتمال الضئيلة جداً ستتطلّب «تغييرات جذرية كلياً» في الفيروس، بحسب ما شرح غوردن فريمن، عالم المناعة في مركز «دانا – فاربر» وكليّة هارفرد للطب، وأحد باحثي الدراسة.
من جهته، قال الدكتور جايمس تورتشيا، زميل إكلينيكي في مركز «دانا - فاربر» وكلية هارفرد للطب والباحث الرئيسي في الدراسة «نحن لا نسعى لمحاربة تطوّر الفيروس، بل لتصميم هذا الدواء بطريقة تدفعه لهذا التطور»، أي التطور الذي يقود إلى خفض فاعليته.

دواء مخادع
يحمل المستقبل الذي يعمل عليه الباحثون اسم «إنزيم محول للأنجيوتنسين2» أو «ACE2»، ويعتمد الدواء على مستقبل ACE2 مخادع. في هذه المرحلة من البحث، يُعرف العقار باسم «DF - COV - 01» ولا يزال اختباره محصوراً بالحيوانات.
أظهرت التجارب التي أجريت على حيوانات الأقداد، وهي نوع من القوارض، مصابة بفيروس كورونا، أنّ الحيوانات التي لم تحصل على العلاج خسرت نحو 10 في المائة من وزنها (وهو مؤشر يقيس خطورة الإصابة) في الأيّام الخمسة الأولى. في المقابل، تبيّن أنّ العيّنات التي حصلت على العلاج خسرت وزناً أقلّ من الأخرى، حتّى أنّها استعادت الوزن الذي خسرته بسرعة أكبر لاحقاً. وظهر أيضاً أنّ الحيوانات التي تلقّت العلاج حملت فيروسات أقلّ في الرئتين.
اعتبر جون وانغ، أستاذ في الكيمياء الطبية في جامعة روتجرز، أنّ «مجموعاتٌ بحثية عدّة سعت لوضع استراتيجية تعتمد على نشر فخّ مخادع لتعطيل الإصابة بفيروس (سارس - كوف – 2). صحيح أنّ الفكرة بسيطة، ولكنّ الشيطان يكمن في التفاصيل. حتّى اليوم، لم ينجح أحد في تطوير علاج لـ(كوفيد – 19) باستخدام هذه التقنية».
لا يمكن صناعة الأدوية الخادعة على شكل حبوب يتناولها المريض في المنزل لأنّها مكونة من بروتينات ولن تصمد طويلاً في الجهاز الهضمي؛ ولهذا السبب، يجب تزويد المرضى بها عبر الحقن أو في مجرى الوريد.
ولكنّ وانغ رأى أنّ «هذا البحث أحرز تقدّماً كبيراً في احتمال استخدام هذا النوع من العلاج» بعد أن أحدث الباحثون تغييرات في الجزيئة المخادعة لتتمكّن من الصمود لمدّة تصل إلى 52 ساعة في جسم القوارض. وإذا نجحت المحاولة نفسها لدى البشر، يمكن أنّ يُعطى العلاج التجريبي للمريض مرّة كلّ يومين بدل الجرعة اليومية.
ولفت وانغ إلى أنّ هذا الأمر «سيكون بمثابة مكسبٍ إضافي من منظور المرضى». ولكن لم يتّضح بعد ما إذا كان التحسّن الذي ظهر لدى الحيوانات سيسري على البشر أيضاً.
من جهته، قال الدكتور بول إنسل، عالم الأدوية من جامعة كاليفورنيا، سان دييغو، الذي دعم احتمالية نجاح استخدام نسخة مخادعة من ACE2 كعلاج لفيروسات كوفيد في بداية الجائحة، إنّه «شعر بالحماس عندما بدأ بقراءة الورقة البحثية الجديدة. ولكنّ آماله خابت عندما نظر إلى النتائج».
وأضاف «طالما أن الورقة تركّز على المظاهر الخارجية للمقاربة، لا يمكننا إعطاؤها قيمة بيولوجية حقيقية».
اعترف معدّو الدراسة، بأنّ تراجع الحمولة الفيروسية في أجسام العينات كان متواضعاً ولكنّهم أشاروا إلى أنّ نتائجهم شبيهة بتلك التي صدرت عن دراسات حيوانية لأدوية حقّقت نجاحاً لدى البشر.
وكتب الباحثون في تقريرهم، أنّ «هذه النتائج مبشرة فيما يتعلّق بتحقيق تأثير علاجي شبيه لدى البشر، بالإضافة إلى مكسب الفعالية الطويلة الأمد في سياق عمل هذا الفيروس الذي يتغيّر باستمرار».
وتجدر الإشارة إلى أنّ أنزيم ACE2 هو الموقع الذي تستهدفه الكثير من فيروسات كورونا لدى البشر بشكلٍ رئيسي – ولدى الثدييات من غير البشر. وأخيراً، رأى تورتشيا، أنّ نجاح مقاربة عقار ACE2 الخادع ستجعل منه نوعاً جاهزاً من العلاج ضدّ أي فيروسات كورونا أخرى تنتقل بين الأنواع الحيّة.
* «لوس أنجليس تايمز»
- خدمات «تريبيون ميديا»


مقالات ذات صلة

10 نقاط حول توقف «فياغرا» عن العمل

صحتك 10 نقاط حول توقف «فياغرا» عن العمل

10 نقاط حول توقف «فياغرا» عن العمل

وصل إلى بريد «استشارات» استفسار من أحد المرضى هو: «عمري فوق الستين، ولدي مرض السكري وارتفاع ضغط الدم. وتناولت (فياغرا) للتغلب على مشكلة ضعف الانتصاب.

د. حسن محمد صندقجي (الرياض)
صحتك الأطفال المصابون بـ«كوفيد الطويل الأمد» يتعافون في غضون عامين

الأطفال المصابون بـ«كوفيد الطويل الأمد» يتعافون في غضون عامين

مع بداية فصل الشتاء وزيادة احتمالات الإصابة بأمراض الجهاز التنفسي واستمرار الحديث عن الأعراض المزمنة لمرض «كوفيد - 19»....

د. هاني رمزي عوض (القاهرة)
صحتك 6 نقاط قد تعيد تفكيرك في الطهي بأواني الحديد الزهر

6 نقاط قد تعيد تفكيرك في الطهي بأواني الحديد الزهر

لا يزال كبار الطهاة العالميين، إضافة إلى ربات البيوت الماهرات في الطهي، يستخدمون أواني الطهي المصنوعة من الحديد الزهر Cast Iron Cookware.

د. عبير مبارك (الرياض)
صحتك من اليسار: القلب السليم مقابل القلب المصاب بالرجفان الأذيني (غيتي)

تتبُع الرجفان الأذيني باستخدام ساعة ذكية؟ تجنّبْ هذا الفخ

يعاني الملايين من الأميركيين من الرجفان الأذيني - وهو اضطراب سريع وغير منتظم في إيقاع القلب يزيد من خطر المضاعفات القلبية الوعائية، بما في ذلك السكتة الدماغية

جولي كورليس (كمبردج - ولاية ماساشوستس الأميركية)
صحتك الأحياء الحضرية تشجع السكان على المشي (جامعة ويسترن أونتاريو)

الأحياء المزدحمة تشجع السكان على المشي

أفادت دراسة أميركية بأن تصميم الأحياء السكنية يُمكن أن يؤثر بشكل كبير على مستوى النشاط البدني للأفراد، خصوصاً المشي.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )

الأطفال المصابون بـ«كوفيد الطويل الأمد» يتعافون في غضون عامين

الأطفال المصابون بـ«كوفيد الطويل الأمد» يتعافون في غضون عامين
TT

الأطفال المصابون بـ«كوفيد الطويل الأمد» يتعافون في غضون عامين

الأطفال المصابون بـ«كوفيد الطويل الأمد» يتعافون في غضون عامين

مع بداية فصل الشتاء وزيادة احتمالات الإصابة بأمراض الجهاز التنفسي واستمرار الحديث عن الأعراض المزمنة لمرض «كوفيد - 19» نُشرت أحدث وأطول دراسة طولية عن الأعراض الطويلة الأمد للمرض أجراها باحثون إنجليز في مستشفى غريت أورموند ستريت للأطفال Great Ormond Street Hospital for Children بالمملكة المتحدة بالتعاون مع عدة جامعات أخرى؛ مثل جامعة لندن ومانشستر وبريستول. وأكدت أن معظم الأطفال والمراهقين الذين تأكدت إصابتهم بأعراض كوفيد الطويل الأمد، تعافوا بشكل كامل في غضون 24 شهراً.

أعراض «كوفيد» المزمنة

بداية، فإن استخدام مصطلح (أعراض كوفيد الطويل الأمد) ظهر في فبراير (شباط) عام 2022. وتضمنت تلك الأعراض وجود أكثر من عرض واحد بشكل مزمن (مثل الإحساس بالتعب وصعوبة النوم وضيق التنفس أو الصداع)، إلى جانب مشاكل في الحركة مثل صعوبة تحريك طرف معين أو الإحساس بالألم في عضلات الساق ما يعيق ممارسة الأنشطة المعتادة، بجانب بعض الأعراض النفسية مثل الشعور المستمر بالقلق أو الحزن.

الدراسة التي نُشرت في نهاية شهر نوفمبر (تشرين الثاني) من العام الحالي في مجلة Nature Communications Medicine أُجريت على ما يزيد قليلاً على 12 ألف طفل من الذين تتراوح أعمارهم بين 11 و17 عاماً في الفترة من سبتمبر(أيلول) 2020 وحتى مارس (آذار) 2021، حيث طلب الباحثون من الأطفال الذين ثبتت إصابتهم، تذكر أعراضهم وقت إجراء اختبار «تفاعل البوليمراز المتسلسل» PCR المُشخص للكوفيد، ثم تكرر الطلب (تذكر الأعراض) مرة أخرى بعد مرور ستة و12 و24 شهراً.

تم تقسيم الأطفال إلى أربع مجموعات على مدار فترة 24 شهراً. وتضمنت المجموعة الأولى الأطفال الذين لم تثبت إصابتهم بفيروس الكوفيد، والمجموعة الثانية هم الذين كانت نتيجة اختبارهم سلبية في البداية، ولكن بعد ذلك كان نتيجة اختبارهم إيجابية (مؤكدة)، فيما تضمنت المجموعة الثالثة الذين كانت نتيجة اختبارهم مؤكدة في البداية، ولكن لم يصابوا بالعدوى مرة أخرى لاحقاً، وأخيراً المجموعة الرابعة التي شملت الذين كانت نتيجة اختبارهم مؤكدة في البداية ثم أصيبوا بالعدوى مرة أخرى لاحقاً.

قام الباحثون باستخدام مصطلح كوفيد الطويل الأمد عند فحص بيانات ما يقرب من ألف طفل من الذين تأكدت إصابتهم بالمرض ووجدوا بعد مرور عامين أن نحو 25 - 30 في المائة فقط من إجمالي المراهقين هم الذين لا يزالون يحتفظون بالأعراض المزمنة، بينما تم شفاء ما يزيد على 70 في المائة بشكل كامل. وكان المراهقون الأكبر سناً والأكثر حرماناً من الخدمات الطبية هم الأقل احتمالية للتعافي.

25 - 30 % فقط من المراهقين يظلون محتفظين بالأعراض المزمنة للمرض

استمرار إصابة الإناث

كان اللافت للنظر أن الإناث كن أكثر احتمالية بنحو الضعف لاستمرار أعراض كوفيد الطويل الأمد بعد 24 شهراً مقارنة بالذكور. وقال الباحثون إن زيادة نسبة الإناث ربما تكون بسبب الدورة الشهرية، خاصة أن بعض الأعراض التي استمرت مع المراهقات المصابات (مثل الصداع والتعب وآلام العضلات والأعراض النفسية والتوتر) تتشابه مع الأعراض التي تسبق حدوث الدورة الشهرية أو ما يسمى متلازمة «ما قبل الحيض» pre-menstrual syndrome.

ولاحظ الباحثون أيضاً أن أعلى معدل انتشار للأعراض الطويلة الأمد كان من نصيب المرضى الذين كانت نتائج اختباراتهم إيجابية في البداية، ثم أصيبوا بالعدوى مرة أخرى لاحقاً.

قال الباحثون إن نتائج الدراسة تُعد في غاية الأهمية في الوقت الحالي؛ لأن الغموض ما زال مستمراً حول الآثار التي تتركها الإصابة بالفيروس، وهل سوف تكون لها مضاعفات على المدى الطويل تؤدي إلى خلل في وظائف الأعضاء من عدمه؟

وتكمن أهمية الدراسة أيضاً في ضرورة معرفة الأسباب التي أدت إلى استمرار الأعراض في الأطفال الذين لم يتماثلوا للشفاء بشكل كامل ونسبتهم تصل إلى 30 في المائة من المصابين.

لاحظ الباحثون أيضاً اختلافاً كبيراً في الأعراض الملازمة لـ«كوفيد»، وعلى سبيل المثال هناك نسبة بلغت 35 في المائة من الأطفال الذين ثبتت إصابتهم في البداية، ثم أصيبوا مرة أخرى بعد ذلك، لم تظهر عليهم أي أعراض على الرغم من إصابتهم المؤكدة تبعاً للتحليل. وفي المقابل هناك نسبة بلغت 14 في المائة من المجموعة التي لم تظهر عليها أي أعراض إيجابية عانت من خمسة أعراض أو أكثر للمرض، ما يشير إلى عدم وضوح أعراض كوفيد الطويل الأمد.

هناك نسبة بلغت 7.2 في المائة فقط من المشاركين عانوا بشدة من الأعراض الطويلة الأمد (5 أعراض على الأقل) في كل النقط الزمنية للدراسة (كل ثلاثة أشهر وستة وعام وعامين)، حيث أبلغ هؤلاء المشاركون عن متوسط خمسة أعراض في أول 3 أشهر ثم خمسة في 6 أشهر ثم ستة أعراض في 12 شهراً ثم خمسة في 24 شهراً بعد الإصابة، ما يؤكد ضرورة تقديم الدعم الطبي المستمر لهؤلاء المرضى.

بالنسبة للتطعيم، لم تجد الدراسة فرقاً واضحاً في عدد الأعراض المبلغ عنها أو حدتها أو الحالة الصحية بشكل عام ونوعية الحياة بين المشاركين الذين تلقوا التطعيمات المختلفة وغير المطعمين في 24 شهراً. وقال الباحثون إن العديد من الأعراض المُبلغ عنها شائعة بالفعل بين المراهقين بغض النظر عن إصابتهم بفيروس «كورونا» ما يشير إلى احتمالية أن تكون هذه الأعراض ليست نتيجة للفيروس.

في النهاية أكد العلماء ضرورة إجراء المزيد من الدراسات الطولية لمعرفة آثار المرض على المدى البعيد، وكذلك معرفة العواقب الطبية للتطعيمات المختلفة وجدوى الاستمرار في تناولها خاصة في الفئات الأكثر عرضة للإصابة؛ أصحاب المناعة الضعيفة.

* استشاري طب الأطفال