هدوء حذر يسيطر على مشهد السويداء

الحراك الشعبي في المحافظة عادة ما يكون مطلبياً بحتاً مع شعارات سياسية

اليوم التالي للسويداء أمام مبنى المحافظة (السويداء 24)
اليوم التالي للسويداء أمام مبنى المحافظة (السويداء 24)
TT

هدوء حذر يسيطر على مشهد السويداء

اليوم التالي للسويداء أمام مبنى المحافظة (السويداء 24)
اليوم التالي للسويداء أمام مبنى المحافظة (السويداء 24)

لا تكاد محافظة السويداء في الجنوب السوري تغيب عن واجهة الحدث حتى تعود لصناعته من جديد، إذ خيّم الهدوء الحذر والترقب، الاثنين، بعد يوم من التوتر الأمني في المحافظة بدأ صباح الأحد بمظاهرة تندد بتدهور الأوضاع المعيشية وتطالب بإسقاط النظام، واقتحام مبنى المحافظة وإحراقه، تلاها حوادث عنف وسقوط قتيل من أبناء السويداء وآخر من الشرطة المدنية وإصابة آخرين.
يلفت الانتباه إلى أن الحراك الشعبي في المحافظة عادة ما يكون مطلبياً بحتاً مع شعارات سياسية، وعادة ما يسعى القائمون عليه لجعله «تحت سقف منضبط لا عنفي. يستمر لعدة أيام ويلتف حوله المجتمع. ولكن ما حدث مؤخراً لم يكن بالحسبان».
القوى الدينية في المحافظة لم تنأى بنفسها عن التدخل بالاحتجاجات المتعاقبة فيها، وقد بلغ الأمر ببعض مشايخ العقل لاتخاذ موقف إلى جانب الاحتجاجات، كما فعل الشيخ حكمت الهجري، رئيس الهيئة الروحية للموحدين الدروز، في بيانات متعاقبة تبنى فيها مطالب الناس، وطالب الحكومة بـ«تأمين أسباب المعيشة والخدمات لهم»، رافضاً تخريب الممتلكات الخاصة والعامة، مشيراً إلى أن ما حصل «سلمي عفوي من شعب صامد هدّه الجوع والحاجة، وآلمته المزايدات».
بينما صرح شيخ عقل طائفة المسلمين الموحدين في السويداء يوسف جربوع، على وسائل إعلام تلفزيونية تابعة لدمشق تعقيباً على ما حدث مؤخراً في المحافظة رافضاً أي تحرك مسلح ضد الأهالي، قائلاً إن «ما شهدته السويداء هو أمر مرفوض، وإن هناك أطرافاً خارجية تسعى لتخريب الأوضاع الداخلية، من خلال أخذ المطالب المحقة والسلمية نحو منحى آخر. وهناك مَن استثمر ردود فعل الشارع إزاء الوضع الاقتصادي الذي تشهده سوريا والمنطقة والعالم. ويرى فيها ناشطون عبارات واضحة لتأييد الاحتجاجات دون عنف أو تخريب».
أحد المشاركين بالاحتجاجات الأخيرة بالسويداء، قال لـ«الشرق الأوسط»، إن الأسباب التي أدت إلى حراكات سابقة في السويداء لا تزال قائمة حتى اللحظة، فتردي الوضع المعيشي وانخفاض الأجور والرواتب ونقص المحروقات مستمر، ولم تستطع الحكومة حل أي قضية معيشية فيها، وبالتالي الحراك ليس جديداً بمطالبه يحمل استمرارية لحراكات سابقة رفع فيها المحتجون المطالب نفسها دون وجود أذن صاغية لسماعهم. مع رفض العنف والتخريب، حتى ضمن المحتجين أنفسهم يوم الأحد، كان فريق منهم رافضاً للعنف حيال مؤسسات الدولة، وآخرون منعوا حرق الأعلام مع المحافظة على سلمية وشعبية الاحتجاج.
غير أن الغضب من تردي الأوضاع المعيشية كان سيد الموقف، والتحركات الأخيرة، ورغم توقفها في المرات السابقة، فإنها معرضة للتجدد دوماً، ما لم يقم النظام باحتوائها بحلول حقيقية للمشكلات الاقتصادية. ويرى الناشط أن مواجهتها بالحلول الأمنية أو التهديد الخارجي أو حتى بإشراك شخصيات اجتماعية نافذة، «هو من قبيل الحلول الترقيعية التي قد تطفئ جذوة الحراك مؤقتاً، لكنها حتما لن تنهيه ما دامت أسبابه قائمة».
النظام يتعامل مع حراك السويداء بالتهرب من مسؤوليته، فهو لا يعترف بأحقية المطالب المعيشية لأبناء المحافظة ويلجأ لتخوينهم مستغلاً الهجوم على مبنى المحافظة وإحراقه وتكسيره باعتباره من مؤسسات وخدمات الدولة. وفي صحيفة الوطن المحسوبة على دمشق، وصفت ما شهدته مدينة السويداء بـ«أن الأوضاع تتجه إلى الهدوء بعدما هاجمت مجموعة من الأشخاص الخارجين عن القانون أمس مبنى المحافظة ودخلته بقوة السلاح، وكسرت أثاث المكاتب وسرقت الوثائق الرسمية، وأضرمت النار فيه وفي السيارات الموجودة بالقرب منه وحاولت اقتحام مبنى قيادة الشرطة».
واعتبر ناشطون أن ما حدث نتيجة حتمية عند النظام السوري، ولكنه تغافل أن آبار النفط بالشمال السوري التي أصبحت بيد أميركا هي أملاك عامة للدولة أيضاً، وأن ميناءي اللاذقية وطرطوس اللذين أصبحا تحت سيطرة روسية، هما أملاك عامة. كذلك مناطق الست زينب وبعض حارات الشام تسيطر عليها الميليشيات الإيرانية وهي أملاك عامة. السيارات الفارهة مع أولاد المسؤولين أيضاً أملاك دولة، ومقتل 7 عناصر أمن في اللاذقية من نحو شهر على يد مجموعة من أبناء اللاذقية المعروفين بأنهم عصابات تهريب الممنوعات، يجب محاسبة هذا كله وإصدار قرارات تدينه تماماً وتحتوي غضب المحتجين بالسويداء.
ويرى مراقبون أن المحافظة ذات الغالبية «الدرزية» بقيت طوال الأعوام السابقة على حالة من الحياد، وبهذا ابتعد مشهدها الداخلي عن أي انقسام بين أفرادها قد يؤدي إلى حوادث عنف أو تقاتل «ضمن معادلة الموالاة والمعارضة» أو «مناطق النظام ومناطق المعارضة».
أما النظام فقد كان يتعمد أمام أي حراك في المحافظة عدم التدخل لردع المتظاهرين لإبقاء أبناء المحافظة على هامش الصراع في سوريا، وسعيه للمحافظة على سيطرته الشكلية فيها. في المقابل يحافظ المحتجون على حريتهم بالاحتجاج، «ضمن الخطوط الحمر»، أي أن التصعيد يقابل بتصعيد. أي فعل يجري في السويداء سيكون مرتبطاً بتداعيات مباشرة على المحافظة التي فضلت الحياد.
ويدرك المطلع على تحركات السويداء السابقة والحالية، عدم الرغبة في تبدل مواقف الأطراف ذات الشأن مع أي حدث داخلها، فالحراك مستمر لأن النظام غير قادر على تلبية المطالب المحقة، والحراك دوماً منضبط بعدم انجراره إلى العنف، في حين سيكتفي النظام دوماً بمعادلة «التخوين والوعود».


مقالات ذات صلة

أبو الغيط: لا أعلم إن كانت سوريا ستعود للجامعة

أبو الغيط: لا أعلم إن كانت سوريا ستعود للجامعة

أبو الغيط: لا أعلم إن كانت سوريا ستعود للجامعة

قال الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، إنَّه «لا يعلم ما إذا كانت سوريا ستعود إلى الجامعة العربية أم لا»، وإنَّه «لم يتسلَّم بصفته أميناً عاماً للجامعة أي خطابات تفيد بعقد اجتماع استثنائي لمناقشة الأمر».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شؤون إقليمية سوريا وإيران: اتفاق استراتيجي طويل الأمد

سوريا وإيران: اتفاق استراتيجي طويل الأمد

استهلَّ الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، أمس، زيارة لدمشق تدوم يومين بالإشادة بما وصفه «الانتصارات الكبيرة» التي حقَّقها حكم الرئيس بشار الأسد ضد معارضيه. وفي خطوة تكرّس التحالف التقليدي بين البلدين، وقّع رئيسي والأسد اتفاقاً «استراتيجياً» طويل الأمد. وزيارة رئيسي للعاصمة السورية هي الأولى لرئيس إيراني منذ عام 2010، عندما زارها الرئيس الأسبق محمود أحمدي نجاد، قبل شهور من بدء احتجاجات شعبية ضد النظام. وقال رئيسي، خلال محادثات موسَّعة مع الأسد، إنَّه يبارك «الانتصارات الكبيرة التي حققتموها (سوريا) حكومة وشعباً»، مضيفاً: «حقَّقتم الانتصار رغم التهديدات والعقوبات التي فرضت ضدكم».

«الشرق الأوسط» (دمشق)
العالم العربي أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

استبقت تركيا انعقاد الاجتماع الرباعي لوزراء خارجيتها وروسيا وإيران وسوريا في موسكو في 10 مايو (أيار) الحالي في إطار تطبيع مسار العلاقات مع دمشق، بمطالبتها نظام الرئيس بشار الأسد بإعلان موقف واضح من حزب «العمال الكردستاني» والتنظيمات التابعة له والعودة الطوعية للاجئين والمضي في العملية السياسية.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
العالم العربي درعا على موعد مع تسويات جديدة

درعا على موعد مع تسويات جديدة

أجرت اللجنة الأمنية التابعة للنظام السوري في محافظة درعا (جنوب سوريا) اجتماعات عدة خلال الأيام القليلة الماضية، آخرها أول من أمس (الأربعاء)، في مقر الفرقة التاسعة العسكرية بمدينة الصنمين بريف درعا الشمالي، حضرها وجهاء ومخاتير ومفاوضون من المناطق الخاضعة لاتفاق التسوية سابقاً وقادة من اللواء الثامن المدعوم من قاعدة حميميم الأميركية. مصدر مقرب من لجان التفاوض بريف درعا الغربي قال لـ«الشرق الأوسط»: «قبل أيام دعت اللجنة الأمنية التابعة للنظام السوري في محافظة درعا، ممثلةً بمسؤول جهاز الأمن العسكري في درعا، العميد لؤي العلي، ومحافظ درعا، لؤي خريطة، ومسؤول اللجنة الأمنية في درعا، اللواء مفيد حسن، عد

رياض الزين (درعا)
شمال افريقيا مشاورات مصرية مع 6 دول عربية بشأن سوريا والسودان

مشاورات مصرية مع 6 دول عربية بشأن سوريا والسودان

أجرى وزير الخارجية المصري سامح شكري اتصالات هاتفية مع نظرائه في 6 دول عربية؛ للإعداد للاجتماع الاستثنائي لوزراء الخارجية العرب بشأن سوريا والسودان، المقرر عقده، يوم الأحد المقبل. وقال المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية، السفير أحمد أبو زيد، في إفادة رسمية، الخميس، إن شكري أجرى اتصالات هاتفية، على مدار يومي الأربعاء والخميس، مع كل من وزير خارجية السودان علي الصادق، ووزير خارجية السعودية فيصل بن فرحان، ووزير خارجية العراق فؤاد محمد حسين، ووزير خارجية الجزائر أحمد عطاف، ووزير خارجية الأردن أيمن الصفدي، ووزير خارجية جيبوتي محمود علي يوسف. وأضاف أن «الاتصالات مع الوزراء العرب تأتي في إطار ا

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

آلاف اليمنيين في معتقلات الحوثيين لاحتفالهم بـ«26 سبتمبر»

من الاحتفالات بذكرى «26 سبتمبر» في مدينة سيئون التابعة لمحافظة حضرموت (إكس)
من الاحتفالات بذكرى «26 سبتمبر» في مدينة سيئون التابعة لمحافظة حضرموت (إكس)
TT

آلاف اليمنيين في معتقلات الحوثيين لاحتفالهم بـ«26 سبتمبر»

من الاحتفالات بذكرى «26 سبتمبر» في مدينة سيئون التابعة لمحافظة حضرموت (إكس)
من الاحتفالات بذكرى «26 سبتمبر» في مدينة سيئون التابعة لمحافظة حضرموت (إكس)

«داهموا منزلي واختطفوني بعد إجابتي عن سؤالك إن كان ثمة اختطافات في منطقتنا بسبب الاحتفال بعيد الثورة اليمنية، بنصف ساعة فقط».

بهذه العبارة يسرد لـ«الشرق الأوسط» أحد الناشطين السياسيين واقعة اختطافه من طرف الجماعة الحوثية بتهمة الدعوة للاحتفال بذكرى ثورة 26 سبتمبر، عقب الإفراج عنه من السجن الذي قضى فيه أسبوعين كاملين، وتعرضه للضرب والتعذيب النفسي والتهديد بإخفائه وإيذاء عائلته.

وبحسب مصادر محلية، أفرجت الجماعة الحوثية أخيراً عن عدد ممن جرى اختطافهم منذ ما قبل منتصف الشهر الماضي، على خلفية احتفالات اليمنيين بالذكرى الثانية والستين للثورة اليمنية ضد الإمامة في ستينات القرن الماضي، بينما لا يزال غالبية المختطفين رهن الاحتجاز، وتقدر مصادر حقوقية أعدادهم بالآلاف.

يتابع الناشط الشاب الذي تتحفظ «الشرق الأوسط» على بياناته: «حتى وقت سؤالك لم أظن أن الاختطافات ستصل إلى بلدتنا، كنت أتابع أخبار الاختطافات في المدن الرئيسية والمناطق ذات الكثافة السكانية العالية»، موضحاً أنه لم يكن يتوقع حدوث اختطافات في منطقته، لكنه فوجئ بمسلحي الجماعة يقتادونه رفقة عددٍ من السكان، بينهم جيران له.

ويؤكد أنه، ورغم عدم توقع اختطافه أو اختطاف أحد من أهالي منطقته، فإنه، ومن باب اتباع الاحتياطات اللازمة، آثر أن يؤجل الاحتفال والدعوة إليه إلى ليلة السادس والعشرين من سبتمبر؛ كي لا يفوت على نفسه معايشة احتفالات اليمنيين بها، قبل أن يقضي تلك الليلة في أحد أشهر معتقلات الجماعة الذي تمارس فيه انتهاكات متعددة.

وبيّنت مصادر حقوقية يمنية أن هناك أعداداً كبيرة من المختطفين، تقدر بالآلاف، في مختلف مناطق سيطرة الجماعة الحوثية على ذمة الاحتفال بالثورة اليمنية أو الدعوة للاحتفال بها، في ظل ضعف الرصد الحقوقي، وعجز الجهات المعنية عن مواكبة الانتهاكات بسبب القيود المفروضة والإجراءات المشددة.

مسلحون حوثيون في صنعاء عشية ذكرى ثورة سبتمبر يستعدون لقمع الاحتفالات (فيسبوك)

يضيف الناشط: «تم التحقيق معي منذ الوهلة الأولى لوصولي إلى المعتقل. ولمدة تجاوزت الأربع ساعات ظل المحققون يسألونني عن دوافعي للاحتفال بعيد الثورة، وعن أي تحريض تلقيته من الحكومة الشرعية أو تحالف دعم الشرعية، وعن الأموال التي حصلت عليها مقابل ذلك».

ورغم إنكاره لكل التهم التي وجهت إليه، وإعلانه للمحققين أنه أحد ملايين اليمنيين الذين يحتفلون بالثورة اليمنية؛ لقيمتها التاريخية والمعنوية، فإنهم لم يقتنعوا بكل إجاباته، وهددوه بالإخفاء القسري والتعرض لعائلته، قبل أن يقرروا احتجازه حتى تمر ذكرى الثورة، أو حتى إنهاء التحريات حوله.

اختطافات بالجملة

بينما كانت المعلومات المتوفرة حول أعداد المختطفين خلال الأيام السابقة لذكرى الثورة اليمنية تشير إلى بضع مئات من الشخصيات الاجتماعية والكتاب والصحافيين والناشطين السياسيين والنقابيين، كشف العديد من الناشطين المفرج عنهم أن الاختطافات شملت الآلاف من السكان من مختلف الفئات.

وتعدّ محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) الأولى في إجمالي عدد المختطفين الذين جرى الكشف عن بياناتهم من قبل ناشطين ومهتمين، أوردوا أسماء 960 منهم، تليها محافظة ذمار (100 كيلومتر جنوب صنعاء) بأكثر من 700 مختطف، فيما لم يعرف أعداد المختطفين في باقي المحافظات.

وتعذر على راصدي الانتهاكات الحصول على معلومات وبيانات كافية حول الاختطافات التي جرت في مختلف المحافظات، بسبب الاحتفال بعيد الثورة.

ووفقاً لبعض الراصدين الذين يتبعون منظمات وجهات حقوقية تعمل من خارج مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، فإن الكثير من المختطفين لا تعلم عائلاتهم سبب اختطافهم، ومنهم من لم يعلن نيته الاحتفال بالثورة.

ويذكر راصد حقوقي مقيم في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن الكثير ممن جرى اختطافهم لم تعلم عائلاتهم بذلك إلا بعد أيام من انقطاع التواصل معهم، وذلك بسبب إقامتهم وحدهم بعيداً عن إقامة عائلاتهم، وينتمي أغلب هؤلاء إلى محافظات تعز وإب وذمار.

وفي حين شملت الاختطافات الأرياف في محافظات تعز وإب وذمار والبيضاء وريمة، يشير الراصد إلى أن مديريات السدة في محافظة إب، ووصاب في ذمار، وشرعب في تعز، من أكثر المديريات التي ينتمي إليها المختطفون في صنعاء، حيث جرى اختطافهم على مدى الأيام العشرة السابقة لذكرى ثورة «26 سبتمبر»، وفي ليلة الاحتفال تم اختطاف العشرات من الشوارع بحجة المشاركة في تجمعات للاحتفالات أو لمجرد الاشتباه، وبعضهم اختطف لأنه يحمل علم البلاد.

تناقض حوثي

تقدر مصادر حقوقية أعداد المختطفين بأكثر من 5 آلاف. وفي مديرية وصاب العالي في محافظة ذمار ترجح مصادر محلية عدد المختطفين هناك بأكثر من 300 شخص، وجاءت عمليات اختطافهم بعد اعتداء مسلحي الجماعة بالضرب على شباب وأطفال من أهالي المديرية تجمعوا للاحتفال، قبل مداهمة قراهم واختطاف العشرات من أقاربهم.

حي الصالح السكني في محافظة تعز حوّلته الجماعة الحوثية إلى معتقل كبير (إكس)

وبحسب عدد من المفرج عنهم، ممن كانوا محتجزين في سجن «مدينة الصالح» في محافظة تعز، فإن المختطفين هناك بالمئات، والكثير منهم جرى اختطافهم من الأسواق والطرقات والشوارع، إلى جانب من اقتيدوا من منازلهم أو محالهم التجارية أو مقار أعمالهم.

وتقع مدينة «الصالح» في منطقة الحوبان شرق مدينة تعز، وهي مجمع سكني مكون من أكثر من 800 وحدة سكنية في 83 مبنى، حولتها الجماعة الحوثية إلى سجن لاستيعاب العدد الهائل من المختطفين من أهالي المحافظة.

ويروي مختطف آخر ممن تم الإفراج عنهم أخيراً في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن مسلحي الجماعة وصلوا إلى منزله في أثناء غيابه، واقتحموه عنوة مثيرين فزع عائلته وأطفاله، وأقدموا على تفتيشه باحثين عن أعلام وأموال، وانتظروا حتى عودته إلى المنزل ليقتادوه إلى قسم شرطة، حيث جرى التحقيق معه حول منشورات كتبها على مواقع التواصل الاجتماعي.

ورغم تدخل أحد أقاربه الذي تربطه علاقة عمل تجاري مع أحد القادة الحوثيين، فإنه تم التحفظ عليه حتى ليلة ذكرى الثورة، ليغادر إلى منزله بعد كتابة تعهد بعدم المشاركة في أي احتفال أو تجمع، أو الكتابة على مواقع التواصل الاجتماعي عن الثورة أو عن سبب اختطافه.

اليمنيون يتهكمون على احتفالات الحوثيين بثورة «26 سبتمبر» ويصفونها بالمزيفة (إعلام حوثي)

ونبه إلى أنه صادف خلال أيام احتجازه العشرات من المختطفين الذين لا يعلم غالبيتهم سبب اختطافهم سوى الشك بنواياهم الاحتفال بذكرى الثورة.

وكانت الجماعة الحوثية دعت إلى مشاركتها الاحتفال الرسمي الذي نظمته في ميدان التحرير في وسط صنعاء، محذرة من أي احتفالات وتجمعات أخرى.

وقوبلت هذه الدعوة بالتهكم والسخرية من غالبية السكان الذين رأوا فيها محاولة لإثنائهم عن الاحتفال الشعبي بالثورة، واتهموا الجماعة بخداعهم بمراسيم شكلية للتغطية على عدائها للثورة، وسعيها إلى طمسها من ذاكرتهم.

واستدل السكان على ذلك بإجراءات الجماعة المشددة لمنع الاحتفالات الشعبية وملاحقة المحتفلين من جهة، ومن جهة أخرى بالمقارنة بين حجم احتفالاتها بذكرى انقلابها على الشرعية التوافقية في الحادي والعشرين من سبتمبر 2014، إضافة إلى احتفالاتها بالمولد النبوي وإضفاء صبغتها الطائفية عليه.

ويتهرب كبار القادة الحوثيين من المشاركة في احتفالات الثورة اليمنية أو الإشارة لها في خطاباتهم، ويوكلون هذه المهام لقادة من خارج الانتماء السلالي للجماعة.