قصة «يونيتاد»... كابوس «داعش» القانوني

من حلم على ورق إلى إسناد أول محاكمة في «جريمة دولية»

كريستيان ريتشر (الأمم المتحدة)
كريستيان ريتشر (الأمم المتحدة)
TT

قصة «يونيتاد»... كابوس «داعش» القانوني

كريستيان ريتشر (الأمم المتحدة)
كريستيان ريتشر (الأمم المتحدة)

(حوار سياسي)
من حسن حظ الصحافيين في العالم أنه جرى اختصار اسم «فريق التحقيق التابع للأمم المتحدة لتعزيز المساءلة عن الجرائم المرتكبة من جانب (داعش) إلى (يونيتاد) أو (UNITAD) بالإنجليزية».
ومن سوء حظ «داعش»، وجود هذا الفريق ذي الاسم الطويل والتعقيدات القانونية ليصبح كابوساً يلاحق مجرمي التنظيم الإرهابي الذين ارتكبوا جرائم فجعت العالم.
يكفي ذلك الاسم الطويل الذي لا يسهل حفظه لإبراز مدى التعقيد الذي يعمل عشرات الموظفين ووحدات التحقيق على إنجازه، في مهام شبه مستحيلة، يقودها كريستيان ريتشر، المستشار الخاص للأمين العام للأمم المتحدة ورئيس فريق «يونيتاد».
يقول رئيس «يونيتاد» في حوار مع «الشرق الأوسط»: «كلما ركزت على الضحايا ومساعدتهم فإن ذلك يمنحك سبباً جيداً للاستمرار في البحث عن الإنجاز والمضي قدماً بجميع أعمال التحقيق».
تحولت مسألة تحقيق العدالة ومحاكمة أعضاء في «داعش» من حلم على ورق إلى إصدار أول حكم بعد إدانة المتهم بجريمة إبادة جماعية. كان ذلك في ألمانيا نهاية عام 2021. ولعب الفريق الأممي لتعزيز التحقيقات في جرائم التنظيم الإرهابي دوراً لافتاً في توفير الأدلة والإثباتات التي قادت إلى ذلك الحكم.
يصعب تخيل الإجراءات التي تقتضيها طرق جمع الأدلة والوثائق وتثبيت الشهادات، إذ تبدو المسارات القضائية للوصول إلى نتيجة تدعم دعاوى أمام محاكم مهمة شبه مستحيلة.
وإذا كانت أبرز منجزات المحامي البريطاني الشهير كريم خان تأسيسية الفريق كأول رئيس لـ«يونيتاد» وتحويله القرار الأممي رقم 2379 سنة 2018 من حلم على ورق إلى خلية نحل ومكاتب ووحدات تحقيق في العراق، فإنه يحسب لكريستيان ريتشر أنه أول رئيس شهدت فترته صدور حكم إزاء جريمة إبادة جماعية ارتكبها أحد أفراد «داعش».
يعمل ريتشر، وهو رجل قانون ألماني في مجال الجرائم الدولية منذ أكثر من 10 أعوام، إذ كان مدعياً عاماً في ألمانيا ويقود وحدة جرائم الحرب هناك، كما كان مشاركاً في ملاحقة الجرائم الدولية التي ارتكبها عناصر «داعش» أمام القضاء الألماني، الذي ينظر في تلك الجرائم التي ارتكبت في العراق وخارجه أيضاً.
ولا يعتبر رئيس «يونيتاد» الأمر في الفريق الأممي جديداً، ويقول: «مع مرور الوقت يكون لديك نهج احترافي وربما مسافة مهنية من هذه الجرائم، فالغرض مما نفعله تقديم المساعدة للمجتمعات المتضررة وضحايا الجرائم، هذا ما نركز عليه، فهذه جرائم شائنة وقد يصعب فهمها وفهم كيف يمكن لإنسان ارتكابها».
يعمل «يونيتاد» على إجراء تحقيقات مستقلة محايدة لتحديد المتورطين من «داعش»، والمسؤولين جنائياً عن أفعال قد تشكل جرائم دولية بمقتضى القانون الجنائي الدولي، وهي: الإبادة الجماعية، والجرائم ضد الإنسانية، وجرائم الحرب.
يقول ريتشر إن «داعش» ارتكب جميع قائمة الجرائم التي ممكن أن يشملها القانون الجنائي الدولي «بداية بالسلب والنهب وصولاً إلى الإبادة الجماعية... لا يوجد شيء لم يفعلوه».
- المحاكمة الألمانية
في نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) 2021، أصدرت محكمة في فرانكفورت حكماً بالسجن مدى الحياة ضد العراقي طه الجميلي، وهو «داعشي» أدين بارتكاب جريمة إبادة بحق الأقلية الإيزيدية في العراق من بينها قتل طفلة إيزيدية كانت تبلغ من العمر خمسة أعوام خلال العام 2015، وهو أول «داعشي» يدان بارتكاب جريمة إبادة بحق الإيزيديين.
سألت «الشرق الأوسط» ريتشر عن دور الفريق في تلك المحاكمة، فقال: «لقد تدخل (يونيتاد) بالفعل عندما كانت القضية قيد المحاكمة، حين ألقي القبض على المتهم في اليونان، ثم جرى تسليمه إلى ألمانيا بناء على طلب من القضاء الألماني، لأن الأدلة التي كانت لازمة للمحاكمة كانت موجودة في ألمانيا، لا سيما والدة الطفلة التي قتلها الجاني. ولعب الفريق دوراً مهماً أثناء المحاكمة بتقديم أدلة تثبت أن الطفلة قُتلت فعلاً، ولم تدخل إلى المستشفى، حسبما جادل محامو الدفاع... تمكن (يونيتاد) من تقديم أدلة تثبت أن ذلك غير صحيح. وهذا أمر أساسي في أي محاكمة مبنية على الأدلة».
يؤكد ريتشر على أهمية ذلك الحكم بالنسبة للإيزيديين، كما يعتبره مهماً للفريق الأممي أيضاً، معللاً: «لأننا نستطيع إثبات أن وجود (يونيتاد) يمثل قيمة مضافة، وأننا مستعدون لتقديم الأدلة عند الحاجة لتقديم الجناة إلى العدالة ولتعزيز المساءلة». ثم انطلق قائلاً: «هذا هو التفويض الذي تحظى به (يونيتاد) وأنت تعلم أننا لا نريد مجرد جمع الأدلة لحفظها في أرشيف، لأننا لسنا مؤرخين، ولكن علينا القيام بذلك من أجل إجراء محاكمات حقيقية، مما يعني أعمال التحقيق ولوائح الاتهام والمحاكمات من خلال عملية قانونية أينما كان (الجناة الداعشيون) في العالم (...) هذا بالطبع يمكن أن يكون نموذجاً للعمل المستقبلي، ويثبت للجناة الذين يرتكبون جرائم دولية بأنهم لا بد أن يدركوا بأن ذراع العدالة ستصل إليهم يوماً ما، هذا هو الأمر الأكثر أهمية بالنسبة لنا».
- «وحدات» جنائية واقتصادية
يتخذ فريق التحقيق التابع للأمم المتحدة لتعزيز المساءلة عن جرائم «داعش» من العاصمة العراقية بغداد مقراً، بالإضافة إلى عدة مكاتب أخرى متوزعة في أربيل ودهوك، وهي أشبه بوحدات استقصائية خاصة بالجرائم التي جرى ارتكابها، سواء ضد الإيزيديين، أو ضد الشيعة في مذبحة «سبايكر»، و«سجن بادوش» قرب الموصل، وهناك تحقيقات أخرى بحسب ريتشر في جرائم ارتكبت بحق المسيحيين، وأقليات أصغر مثل الشبك، والشيعة التركمان «مع النظر إلى استخدام أسلحة كيميائية ضد الشيعة التركمان»، ورغم أن أغلب التحقيقات في شمال العراق بحكم أن غالبية الجرائم جرى ارتكابها هناك فإن هناك وحدة للتحقيق والاستقصاء بجرائم ارتكبت ضد السنة في العراق، خاصة في الأنبار، فضلاً عن وحدات تحقيق أخرى تتعامل بشكل محدد مع جرائم «داعش» ضد النساء والأطفال.
يضيف رئيس الفريق الأممي: «من أهم الوحدات أيضاً وحدة التحقيق في الجرائم الاقتصادية التي ارتكبها تنظيم (داعش)، وتتبع الأموال وتمويل التنظيم، وتتسم بأهمية خاصة نظراً لأن ذلك يتيح نظرة عامة شاملة على التنظيم، فعندما تتبع الأموال تتبع هيكل التنظيم وبنيته، وتحدد قادته الذين يتحملون أكبر قدر من مسؤولية ارتكاب الجرائم الدولية».
«هل هناك أي أنباء عن التمويل؟»، يجيب ريتشر: «ليست أنباء، وليس معنى هذا أنه ليس لدينا ما نصرح به علناً، فقد أصدرنا بالفعل موجز قضية لما يسمى (شبكة الراوي) بشأن التحويلات المالية للتنظيم، ونعمل على العديد من الخيوط الأخرى لهذا العمل الاستقصائي مثل التهريب غير الشرعي للنفط، وما شابه ذلك»، متابعاً: «هذا أمر غاية في الأهمية بالنسبة إلينا لأنه كما ذكرت كونه يوضح العلاقة بالجرائم الدولية التي ارتكبها أفراد تنظيم (داعش)، ويوضح أيضاً التسلسل الهرمي للتنظيم».
- الجامعة العربية
في منتصف نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، عقد الفريق الأممي فعالية في الجامعة العربية، حيث استعرض أمثلة لطرق المحاكمة وبناء القضايا بشأن قيادات التنظيم الإرهابي الوسطى والعليا.
وبسؤاله عن تلك التحركات التي يجريها في المنطقة، أجاب رئيس «ينويتاد» بأن إحدى مهام الفريق تتمثل في تعزيز المساءلة عن الجرائم المرتكبة من قبل التنظيم الإرهابي، وهذا يشمل بطبيعة الحال التواصل مع جميع البلدان المتضررة، «ولهذا السبب قررنا تنظيم فعالية في المنطقة، نظراً لأن العراق وبلدان المنطقة كانت الأكثر تأثراً من الجرائم الوحشية التي ارتكبها مقاتلو (داعش). ومن شأن جامعة الدول العربية أن تكون الوجهة الأولى لمثل هذه الفعالية بصورة جيدة، وبُغية التواصل مع البلدان العربية، ولإحاطتهم علماً بمهمتنا، وتوضيح الدور الذي يضطلع به الفريق بشكل ملموس مع السلطات العراقية، ولشرح الهدف الذي نصبو إلى تحقيقه، وشرح نتائج أعمالنا حتى الآن. لذلك انطلقنا إلى القاهرة أولاً لأن مقر جامعة الدول العربية يوجد في العاصمة المصرية».
يبرز من حديث ريتشر أن هناك 3 أهداف يرنو الفريق إلى تحقيقها من زياراته الخارجية، الأول زيادة الوعي، الثاني، دعوة للدعم (بإرسال موظفين، ومساعدة قانونية، وأدلة)، والثالث تبادل الآراء حول تحديات التحقيقات المتصلة بالجرائم الدولية.
ويتطلع الفريق الأممي إلى «فهم أفضل» من قبل دول المنطقة، وهو ما يشي ببعض التحديات التي تواجه الفريق من دول لم يسمها، لكنه أيضاً لم يوجه اتهاماً أو شكوى مباشرة.
يقول ريتشر: «إن التحديات التي أود الإشارة إليها هي أننا نتطلع إلى فهم أفضل من قبل دول المنطقة في المستقبل لمهام وأعمال (يونيتاد)، وأنه من المفيد لبلدان المنطقة أن يتعاونوا مع (يونيتاد)، مع مد يد المساعدة إذا لزم الأمر، وإذا طلب فريقنا المعاونة، بأن تأخذ شكلاً من أشكال الشراكة مع الفريق، ومع الأمم المتحدة حول مكافحة الإفلات من العقاب على الجرائم الدولية. هذا واحد من أخطر التحديات لدينا، وبالطبع في بعض الأحيان، قد تسفر آليات التتبع عن وجود شخصيات بعينها من المشتبه في ارتكابهم لتلك الجرائم بعد التحاقهم بتنظيم (داعش)، من بلدان المنطقة، وقد تكون بعض البلدان يساورها القلق في هذا الشأن، أعني بشأن أعضاء (داعش) القادمين من تلك الدول، ومع ذلك، من المهم تسليط الضوء على أن الجرائم الدولية تتعلق بالمسؤولية الفردية. ولا يمكن تحميل أي دولة المسؤولية عن الجرائم الدولية. لكن الأمر الأهم، هو أن سلوك طريق الحقيقة فكرة جيدة، وأن نؤسس طريقاً حقيقية في التعاطي مع الجرائم الدولية التي ارتكبها تنظيم (داعش)، وبما يسفر عن نوع من المصالحة في المنطقة، في داخل العراق بالمقام الأول من وجهة نظرنا، وفي البلدان المتضررة الأخرى أيضاً.
- ملاحقة العناصر
بالنسبة للبلدان التي تسعى للحصول على مساعدة من (يونيتاد) لمحاكمة أعضاء «داعش» يؤكد ريتشر بأن الرقم «آخذ في الازدياد» من دون أن يحدد رقماً بعينه. ويقول: «نعمل مع تلك البلدان ونتبادل الأدلة بشأن تلك الجرائم، ونرى تقدماً كبيراً من هذه الزاوية، وأرغب في أن نرى تقدماً مماثلاً في العراق وبلدان المنطقة أيضاً، فهذا أحد أهداف فعالية (الجامعة العربية)، سيكون هذا الأمر في غاية الأهمية بالنسبة لنا، وأعتقد أنه سيكون مفيداً للبلدان المعنية أيضاً». ويضيف بالقول: «لدينا علاقات جيدة للغاية تأسست مع العديد من البلدان التي جاءت منها العناصر الأجنبية التي انضمت لـ(داعش)، لا سيما البلدان الأوروبية، بمعنى أننا في تبادل مستمر للمعلومات من أجل محاسبة الجناة أمام القضاء، بحسب المعايير الدولية فيما يتعلق بالإجراءات الجنائية. وهذا ما نريد أن نراه هنا في المنطقة أيضاً، وبالطبع في العراق كذلك، ودول المنطقة أيضاً».
- تشريعات مرتقبة
لم يصدر في العراق التشريع المتعلق بمحاكمات «الدواعش» في جرائم دولية، ولطالما انتظرت ذلك الأوساط القانونية والحقوقية في العالم.
وعند سؤال رئيس «يونيتاد» عن مدى التعاون مع العراق أجاب قائلاً: «على مستوى العمل، هناك تعاون وثيق وجيد للغاية مع السلطات العراقية خاصة مع القضاء، لدينا اتصالات عمل قوية مع قضاة التحقيقات ونتبادل المعلومات بشكل جيد، وتعلم أن الكثير من الأدلة الموجودة لدينا تأتي في الواقع من المحاكم في العراق ومن قبل قضاة التحقيق هناك، لأن بحوزتهم ملايين الوثائق التي تركها مقاتلو تنظيم (داعش) وراءهم عندما تمت هزيمتهم وانسحبوا، وهذا ما يحدث على مستوى العمل بشكل يومي».
وينتظر ريتشر وفريقه «تمرير تشريعاً في العراق يتعامل مع جرائم «داعش» بوصفها جرائم دولية، وهو ما لم يتم إصداره حتى الآن».
لكن ريتشر «واثق تماماً أنه وبعد تشكيل الحكومة الجديدة فإن العمل الحقيقي على مثل هذا التشريع سيبدأ في مجلس النواب العراقي. لقد قيل لنا عدة مرات خلال اجتماعاتنا رفيعة المستوى مع المسؤولين العراقيين، كما صار حديثاً مع رئيس الوزراء الجديد ومع رئيس الجمهورية ووزير الخارجية ورئيس مجلس القضاء الأعلى، على سبيل المثال، أن هذا التشريع سيكون أولوية بالنسبة لمجلس النواب العراقي».
ولا يخفي المستشار الخاص للأمين العام للأمم المتحدة استعداد فريقه لتقديم المساعدة التقنية، «وتبادل أفضل الممارسات لدعم هذه العملية عندما تبدأ في مجلس النواب».
ويتمتع الفريق - بحسب رئيسه - باتصالات وثيقة مع «الخبراء الدوليين في التشريع والأكاديميين الذين يمكنهم تبادل الخبرات من البلدان الأخرى من أجل تقديم الدعم بشكل جيد في طريقة صياغة تشريع فعال بشأن الجرائم الدولية التي ارتكبها عناصر (داعش) يتناسب مع النظام القانوني العراقي ويتماشى أيضاً مع المعايير الدولية».
- الضحايا
يصعب الحديث مع رئيس تحقيق لجرائم دولية من دون التطرق إلى الضحايا، وكان ذلك خاتمة أسئلة «الشرق الأوسط»، وجاءت إجابة كريستيان ريتشر سريعة، إذا قال: «لقد أرسينا العديد من دعائم الاتصال مع المجتمعات المتضررة في العراق. لدينا منتدى للحوار مع المنظمات غير الحكومية وهو منتدى يتم عقده بانتظام من أجل تبادل الأفكار، ومناقشة موضوعات محددة بشأن المجتمعات المتضررة في العراق». وزاد: «إن الكثير من المنظمات غير الحكومية هي منظمات متصلة بالضحايا، فهي تأتي من مجتمعات محددة من الضحايا. لدينا حوار بين الأديان مع شخصيات قيادية دينية، فأنت تعلم أن كل المجتمعات الدينية في العراق تقريباً تضررت من تنظيم (داعش)، وهذا أمر غاية في الأهمية».
«فيما يتعلق بعملنا اليومي» يتابع ريتشر: «أنشأنا وحدة لحماية الشهود تتواصل مع الضحايا في إطار عمل التحقيقات المحدد، يشمل ذلك الدعم النفسي والاجتماعي للضحايا الذين يعتبرون شهوداً عندما يتم إجراء مقابلات معهم من أجل تحقيقاتنا... لذا أعتقد أن هناك دائماً مساحة للتحسن والتطور، لكن مع ذلك، أعتقد أننا على اتصال جيد بالمجتمعات المتضررة، وإن لم يكن كلها، وذلك بحسب مستوى العمل الاستقصائي للتحقيقات التي نجريها في تلك المجتمعات المتضررة».
بشكل عام يشعر ريتشر بنوع من الرضا تجاه ذلك، «لكننا سوف نحاول باستمرار تحقيق المزيد من التقدم في هذا الشأن، وتنفيذ المزيد من العمل من أجل التواصل بدرجة أكبر مع المجتمعات المتضررة».


مقالات ذات صلة

شرطة جنوب أفريقيا تعتقل 95 ليبياً بموقع يُشتبه بأنه قاعدة عسكرية

شمال افريقيا عناصر من شرطة جنوب أفريقيا (رويترز)

شرطة جنوب أفريقيا تعتقل 95 ليبياً بموقع يُشتبه بأنه قاعدة عسكرية

أعلنت شرطة جنوب أفريقيا اعتقال 95 ليبياً، الجمعة، في عملية دهم في مزرعة يبدو أنها حوّلت قاعدة للتدريب العسكري.

«الشرق الأوسط» (جوهانسبرغ)
آسيا قوات الأمن التركية ألقت القبض على سيريبرياكوف عقب وصوله بودروم الأربعاء (صورة موزعة من الداخلية التركية)

تركيا سلمت روسيا مُنفِّذ تفجير سيارة أحد العسكريين في موسكو

سلمت تركيا مواطناً روسياً مطلوباً دولياً إلى السلطات في موسكو بعد أن هرب إلى موغلا في ولاية بودروم الجنوبية الغربية عقب تفجيره سيارة ضابط.

سعيد عبد الرازق ( أنقرة)
أوروبا تحرك فرق الأمن ومكافحة الإرهاب في شانلي أورفا في إطار الحملة الموسعة على «داعش» الخميس (صورة مأخوذة من فيديو لوزارة الداخلية التركية)

تركيا: القبض على عشرات من عناصر «داعش» بينهم سوريون

ألقت قوات مكافحة الإرهاب التركية القبض على 82 من عناصر تنظيم «داعش» الإرهابي في عمليات نُفّذت في 14 ولاية في أنحاء البلاد.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
أوروبا الشرطة البلجيكية نفّذت 14عملية دهم صباح اليوم (أرشيفية - رويترز)

توقيف 7 أشخاص في بلجيكا للاشتباه بتخطيطهم لاعتداء إرهابي

أُوقف 7 أشخاص، (الخميس)، في بلجيكا للاشتباه بإعدادهم لهجوم «إرهابي».

«الشرق الأوسط» (بروكسل)
أوروبا عناصر من شرطة إسطنبول (أرشيفية - أ.ب)

تركيا: اعتقال 72 شخصاً للاشتباه في صلتهم بـ«داعش»

وزير الداخلية التركي علي يرلي قايا يقول إن السلطات التركية اعتقلت 72 شخصاً لاشتباه صلتهم بتنظيم «داعش»، وذلك خلال عمليات في 13 إقليماً. 

«الشرق الأوسط» (أنقرة)

منصة يمنية تحذر من مخاطر التوسع الحوثي في القرن الأفريقي

للشهر التاسع على التوالي يهاجم الحوثيون السفن في البحر الأحمر وخليج عدن (أ.ف.ب)
للشهر التاسع على التوالي يهاجم الحوثيون السفن في البحر الأحمر وخليج عدن (أ.ف.ب)
TT

منصة يمنية تحذر من مخاطر التوسع الحوثي في القرن الأفريقي

للشهر التاسع على التوالي يهاجم الحوثيون السفن في البحر الأحمر وخليج عدن (أ.ف.ب)
للشهر التاسع على التوالي يهاجم الحوثيون السفن في البحر الأحمر وخليج عدن (أ.ف.ب)

حذّرت منصّة يمنية متخصصة في تعقّب الجريمة المنظّمة وغسل الأموال (P.T.O.C) من مخاطر التوسع الحوثي في القرن الأفريقي، وكشفت عن بيانات تنشر لأوّل مرة عن مشروع توسع الجماعة، الذي يديره بشكل مباشر «الحرس الثوري» الإيراني، بتنسيق مع ميليشيا «حزب الله» اللبناني.

وتضمن تقرير المنصة، الذي اطلعت عليه «الشرق الأوسط»، معلومات عن خريطة التوسّع الخارجي للجماعة الحوثية بتكليف من إيران، وخريطة تهريب وتسليح الجماعة، ومفاتيح مشروع التوسّع الحوثي في القرن الأفريقي والمشرفين عليه والمنفّذين.

ابن عم زعيم الجماعة الحوثية خلال تجمع في صنعاء (أ.ف.ب)

ويتناول التقرير نشاط جماعة الحوثيين خارجياً في القرن الأفريقي، ابتداءً من تهريب الأسلحة وتجنيد الأفارقة ومعسكرات تدريبهم، واستخدامهم في الأنشطة الاستخبارية والإرهابية التوسّعية.

ووفق التقرير، أكدت محاضر سرية لاجتماعات ما يسمى «جهاز الأمن والمخابرات» التابع للحوثيين أنه جرى إسناد مسؤولية مشروع التوسّع الخارجي في القرن الأفريقي إلى القيادي عبد الواحد أبو راس، ورئيس الجهاز عبد الحكيم الخيواني، ووكيل الجهاز لقطاع العمليات الخارجية حسن الكحلاني (أبو شهيد)، والقيادي الحسن المرّاني، والقيادي أبو حيدر القحوم، بهدف تحقيق مساعي إيران في التوسّع في القارة الأفريقية والسيطرة على ممرّات الملاحة الدولية.

وأشار التقرير إلى الدور الذي يلعبه نائب وزير الخارجية في حكومة الحوثيين الانقلابية، حسين العزّي، من خلال المصادر الدبلوماسية والشخصيات التي تعمل معه في كل من إثيوبيا، وإريتريا، وجيبوتي، والسودان، وكينيا، إذ تُجرى إقامة علاقات استخباراتية وأمنية وسياسية ولوجستية مع الشخصيات والعناصر الموجودة والمقرّبة من جماعة الحوثيين في تلك الدول، والعمل على استقطاب أكبر قدر ممكن من الدبلوماسيين في السفارات اليمنية في تلك الدول.

تجهيز وتدريب

وكشفت المنصة اليمنية في تقريرها عن سعي الحوثيين لإنشاء محطات استخباراتية حسّاسة ودقيقة في كل دول القرن الأفريقي والدول المحيطة باليمن، والعمل على تجهيز وتدريب وتأهيل كوادرها في أسرع وقت ممكن؛ بهدف تفعيلها بشكل مناسب، وفي وقت مناسب، لما يحقّق أهداف ما تُسمّى «المسيرة القرآنية والمصالح المشتركة مع دول المقاومة، خصوصاً إيران، وغزة، ولبنان».

عشرات الآلاف من الأفارقة المهاجرين يصلون سنوياً إلى اليمن (الأمم المتحدة)

وأظهرت الوثائق التي أشار إليها التقرير إلى هدف الحوثيين المتمثّل في التحضير والتجهيز مع العناصر والشخصيات التي جرى إنشاء علاقة معها في أفريقيا لـ«إنجاز أعمال وتحرّكات ونشاط في البحر الأحمر ودول القرن الأفريقي لمساندة الحوثيين في حال ما تعرّضوا لأي ضغوط سياسية أو دبلوماسية دولية خارجية».

واحتوى التقرير على أسماء القيادات المسؤولة عن هذا الملف، ابتداءً من المشرف في «الحرس الثوري» الإيراني المدعو أبو مهدي، وانتهاءً بمالك أصغر قارب تهريب للأسلحة في البحر الأحمر، إضافة إلى علاقة تنظيم «الشباب المجاهدين» الصومالي بجماعة الحوثيين والأفارقة ومافيا تجنيد الأفارقة وتهريبهم من وإلى اليمن، في واحدة من أخطر جرائم الاتجار بالبشر والجريمة المنظّمة.

ويؤكد تقرير منصّة تعقّب الجريمة المنظّمة وغسل الأموال (P.T.O.C) أن جماعة الحوثيين قامت باستقطاب وتجنيد كثير من العناصر الأفريقية من جنسيات مختلفة، خصوصاً عقب اجتياح صنعاء ومحافظات عدّة في سبتمبر (أيلول) 2014، إذ جرى إخضاعهم لدورات ثقافية وعسكرية، وتوزيعهم على جبهات القتال (تعز - الساحل الغربي - مأرب - الحدود)، وأرجع البعض إلى دولهم لغرض التوسّع في أفريقيا.

تعنت الحوثيين أدى إلى تعطيل مسار السلام في اليمن (أ.ب)

كما استقطبت الجماعة - وفق المنصة - كثيراً من الشخصيات والرموز الأفارقة المؤثّرين (قبيلة العفر - الأورومو - أوجادين) بين أوساط الجاليات الأفريقية في صنعاء (الصومالية - الإثيوبية - الإريترية) والاعتماد عليهم في الحشد والاستقطاب من اللاجئين الأفارقة الموجودين في صنعاء، وكذلك من يجري استقطابهم من مناطقهم بالقرن الأفريقي، والتنسيق لهم للوصول إلى صنعاء.

أبو راس والكحلاني

وذكرت المنصة اليمنية في تقريرها أن مسؤول ملف التوسّع الخارجي والقرن الأفريقي في الجماعة الحوثية هو عبد الواحد ناجي محمد أبو راس، واسمه الحركي «أبو حسين»، وهو من مواليد محافظة الجوف اليمنية، إذ تولّى هذا الملف بتوصية مباشرة من قبل قيادات إيرانية سياسية عليا وقيادات في «الحرس الثوري» الإيراني.

ومن أبرز الملفات التي يعمل عليها أبو راس، وفق التقرير، التنسيق مع عناصر «الحرس الثوري» الإيراني، وقيادة الحركة الحوثية للعمل الميداني، كما أنه المسؤول المباشر عن تأمين وإدخال وتهريب عناصر «الحرس الثوري» الإيراني و«حزب الله» من وإلى اليمن.

وتوارى أبو راس - وفق التقرير - عن الأنظار منذ عدة أعوام، ولكنه كان المكلّف السري بأخطر الملفات السياسية والاستخباراتية لدى جماعة الحوثي، إذ كُلّف بمهام وكيل الشؤون الخارجية في جهاز الأمن والمخابرات الحوثي، حتى تعيين المدعو حسن الكحلاني بالمنصب نفسه، وترقية أبو راس لتولي ملف التوسّع الخارجي والقرن الأفريقي، بتوصية واتفاق مباشر بين عبد الملك الحوثي وقيادة «الحرس الثوري» الإيراني.

الحوثيون يطمحون إلى التحول إلى لاعب دولي ضمن المحور الذي تقوده إيران في المنطقة (أ.ب)

وإلى جانب أبو راس يأتي القيادي حسن أحمد الكحلاني، المُعين في منصب وكيل قطاع العمليات الخارجية في جهاز الأمن والمخابرات التابع للحوثيين، والمعروف بكنيته «أبو شهيد»، وهو من مواليد 1984 في محافظة حجة، ويُعد من القيادات الحوثية الأمنية البارزة؛ إذ نشأ في بيئة حوثية بين صعدة وصنعاء، والتحق بالجماعة في سن مبكّرة.

ويشير التقرير إلى أن الكحلاني كان من خلية صنعاء الإرهابية التي نفّذت عدّة تفجيرات واغتيالات عقب مقتل مؤسّس الجماعة حسين الحوثي في 2004، كما كان من القيادات التي تولت دخول صنعاء في سبتمبر (أيلول) 2014، وتولّى قيادة المجموعة التي أصدرت توجيهاً بمنع طائرة أمريكية من الإقلاع من مطار صنعاء، بحجة تفتيشها قبل المغادرة. وعقب هذا الحادث، جرى اغتيال والده في أكتوبر (تشرين الأول) 2014 على أيدي مسلّحين مجهولين يستقلون دراجة نارية في صنعاء.

ويعمل حسن الكحلاني حالياً - وفق المنصة - تحت إشراف عبد الواحد أبو راس، ويعرف ارتباطه الوثيق بـ«الحرس الثوري» الإيراني، ويحاول عبر هذه العلاقة فرض نفسه باعتباره الرجل الأول في جهاز الأمن والمخابرات الحوثي، الأمر الذي يعكس حالة من الصراع بينه وبين عبد الحكيم الخيواني رئيس الجهاز.

قيادات في ملف التوسع

يشير تقرير المنصة اليمنية إلى القيادي الحوثي أدهم حميد عبد الله العفاري (أبو خليل) ويذكر أنه المختص في ملف الجاليات الأفريقية الموجودة في اليمن، خصوصاً في صنعاء، إذ كُلّف بمهام التواصل المستمر والتنسيق برؤساء الجاليات (إثيوبية- صومالية - إريترية - سودانية - جيبوتية).

عناصر حوثيون في صنعاء خلال تجمع حاشد دعا له زعيمهم (أ.ف.ب)

كما يعمل العفاري على حشد العناصر الأفريقية وإلحاقهم بالدورات العسكرية والثقافية، وبعدها يجري توزيعهم على جبهات (الساحل الغربي - مأرب - الحدود - تعز)، وفي مهام استخباراتية داخل بلدانهم.

وإلى ذلك يعد العفاري، المسؤول عن التنسيق مع النقاط الأمنية التابعة للحوثيين لإدخال العناصر الأفريقية إلى مناطق الحوثيين، ويتولى أيضاً مهام أخرى، أبرزها صرف المخصّصات المالية للعناصر الأفريقية.

أما الشخص الرابع المسؤول عن ملف التوسّع الخارجي الحوثي إلى القرن الأفريقي فهو أسامة حسن أحمد المأخذي، واسمه الحركي (أبو شهيد)، وهو - وفق التقرير - أحد العناصر الحوثية العاملة في جهاز الأمن والمخابرات، وملف المسار الأفريقي، وتتلخّص مهمته في التنسيق مع الشخصيات الأفريقية المؤثّرة في كل من (الصومال - إثيوبيا - إريتريا - جيبوتي - السودان) من أجل حشدهم لتدريبهم وتأهيلهم، وإلحاقهم بصفوف ميليشيا الحوثي، بصفتهم مقاتلين وعاملين في الدول القادمين منها، وبصفتهم عناصر استخباراتية، تقوم بمهام مختلفة، منها نشر الفكر الحوثي، والقيام بالعمليات الاستخباراتية، وتهريب الأسلحة، والاتجار بالبشر، ونقل المخدرات عبر البحر من وإلى القرن الأفريقي واليمن.

الجماعة الحوثية متهمة بتجنيد اللاجئين الأفارقة بالترغيب والترهيب (الأمم المتحدة)

إلى ذلك أورد التقرير أسماء 16 شخصية أفريقية، هم أبرز المتعاونين مع الجماعة الحوثية للتوسع في القرن الأفريقي، يتصدرهم، تاجو شريف، وهو مسؤول عن الجالية الإثيوبية في صنعاء، والتحق بدورات ثقافية حوثية، ويعمل على استقطاب وتجنيد عناصر أفريقية لصالح العمل العسكري والاستخباراتي الحوثي.

ويرى التقرير في توصياته أن التوسع الحوثي في القرن الأفريقي يمثل تهديداً كبيراً يستدعي تحركاً دولياً وإقليمياً عاجلاً، من خلال خطة رادعة متكاملة توقف التوسع والنشاط الخارجي بشكل كامل، وبما يعزز الاستقرار والأمن في المنطقة.