أحبط الجيش النيجيري، فجر السبت، هجوماً واسعاً شنّه مقاتلون من تنظيم «داعش» في غرب أفريقيا، ضد بلدة شيبوك، بولاية بورنو، أقصى شمال شرقي نيجيريا، فيما أكدت مصادر محلية وأمنية أن عشرات الإرهابيين «جرى تحييدهم» خلال التصدي للهجوم.
واشتهرت قرية شيبوك بعملية خطف نحو 300 فتاة من مدرسة كاثوليكية في شهر أبريل (نيسان) من عام 2014، وهي الحادثة التي أثارت تعاطفاً عبر العالم، وكانت محل تنديد واسع، ولفتت الأنظار إلى خطورة الجماعات الإرهابية التي تنشط في نيجيريا.
يأتي هذا الهجوم في وقت تتصاعد وتيرة عمليات الخطف في نيجيريا، مما دفع رئيس البلاد بولا أحمد تينيبو، إلى إعلان «حالة طوارئ وطنية»، وفتح الاكتتاب العام لتعزيز صفوف الجيش والشرطة وقوات الأمن من أجل مواجهة انعدام الأمن في البلد، الذي يعد أكبر بلد أفريقي من حيث تعداد السكان، بأكثر من مائتي مليون نسمة.

وقالت مصادر محلية وأمنية إن أكثر من 300 مقاتل من «داعش» شنوا «هجوماً منسقاً» على قرية شيبوك، في حدود الساعة الثالثة فجراً، في محاولة لاختراق المواقع الدفاعية لقوات الأمن في القرية.
وأضافت المصادر أن الجنود تصدوا للمهاجمين، ودخل الطرفان في اشتباك عنيف استمر نحو ساعتين، ومع بدء الإرهابيين التراجع باتجاه مثلث (تمبكتو)، وهو منطقة غابات وعرة تتحصن فيها الجماعات الإرهابية، طلبت القوات البرية دعماً جوياً.
وحسب نفس المصادر، فإن طائرات مقاتلة تابعة لسلاح الجو النيجيري تدخلت على الفور، وتوجهت نحو المسار الذي سلكه الإرهابيون خلال الانسحاب، ونفذت ضربات جوية دقيقة، أسفرت عن «تحييد» عشرات الإرهابيين.
وقالت مصادر أمنية إن الضربات شاركت فيها طائرات مسيَّرة، وأسفرت العملية عن تكبد تنظيم داعش «خسائر فادحة». وقال مصدر أمني: «كان الجنود في حالة جاهزية كاملة، وتصدّوا للهجوم باحترافية. ولم تُسجّل أي خسائر في صفوفنا، ولم تتضرر أي معدّات».
وتواجه نيجيريا تصعيداً أمنياً من طرف تنظيمات مرتبطة بـ«القاعدة» و«داعش»، تتمركز في حوض بحيرة تشاد، لكنها تشن هجماتها في شمال نيجيريا والكاميرون، وحتى في تشاد والنيجر، مما جعل هذه الدول تقرر عام 2015 إعادة تفعيل (القوة المتعددة الجنسيات المختلطة)، وتخصصها لمحاربة الإرهاب.
وخلال زيارة ميدانية للبحيرة الأربعاء، قال القائد العام الجديد للقوة المتعددة الجنسيات المختلطة، المكلفة محاربة الإرهاب في حوض بحيرة تشاد، إن تأمين الممرات المائية سيكون «أولوية قصوى»، فيما قال الجنرال سايدو تانكو أودو، الذي تولى قيادة القوة الإقليمية المناهضة للإرهاب منتصف نوفمبر (تشرين الثاني)، إنه سيعمل على «فتح ممرات ملاحية آمنة» في البحيرة.

وأضاف الضابط النيجيري: «سأحرص على أن يتم إنجاز الأمور في أسرع وقت ممكن»، مشيراً إلى أن القوة المختلطة قامت بالفعل بتأمين «ما بين أربعة وخمسة كيلومترات» من أصل 17 كيلومتراً من المسارات المائية بين تشاد ونيجيريا.
وتسببت الهجمات الإرهابية بالمنطقة في تعليق الملاحة في البحيرة منذ عام 2016، لكن القائد العام الجديد للقوة العسكرية قال إن إعادة فتح الملاحة سيتم «قريباً جداً»، مضيفاً: «إذا استؤنفت الملاحة، ستعود الأنشطة الاقتصادية بين نيجيريا والكاميرون وتشاد إلى مسارها الطبيعي».
وشدد الجنرال سايدو تانكو أودو، الذي يتولى اليوم قيادة القوة الإقليمية بعد 30 عاماً من الخدمة في الجيش النيجيري، على رغبته في «التخلص من (داعش) و(بوكو حرام)، وكل الأنشطة الإجرامية حول بحيرة تشاد نهائياً».
كما دعا أفراد الجماعات الإرهابية إلى الاستسلام، قائلاً في تصريح لوكالة الصحافة الفرنسية: «أدعوهم لإلقاء السلاح، وبمجرد أن يسلموا أنفسهم لن نتخذ أي إجراء ضدهم».
وتحوّلت بحيرة تشاد، وهي مساحة مائية مشتركة بين الدول الأربع، إلى معقل للجماعات المتشددة، إذ تؤوي مقاتلين من «بوكو حرام» وتنظيم «داعش في غرب أفريقيا».









