7 خيانات أميركية للأكراد في مائة عام... هل تخذلهم مجدداً بسوريا؟

دورية أميركية بغطاء جوي تراقب خط التماس بين «قوات سوريا الديمقراطية» وفصائل سورية معارضة مدعومة من تركيا في ريف الحسكة شرق الفرات في ديسمبر 2021 (أ.ف.ب)
دورية أميركية بغطاء جوي تراقب خط التماس بين «قوات سوريا الديمقراطية» وفصائل سورية معارضة مدعومة من تركيا في ريف الحسكة شرق الفرات في ديسمبر 2021 (أ.ف.ب)
TT

7 خيانات أميركية للأكراد في مائة عام... هل تخذلهم مجدداً بسوريا؟

دورية أميركية بغطاء جوي تراقب خط التماس بين «قوات سوريا الديمقراطية» وفصائل سورية معارضة مدعومة من تركيا في ريف الحسكة شرق الفرات في ديسمبر 2021 (أ.ف.ب)
دورية أميركية بغطاء جوي تراقب خط التماس بين «قوات سوريا الديمقراطية» وفصائل سورية معارضة مدعومة من تركيا في ريف الحسكة شرق الفرات في ديسمبر 2021 (أ.ف.ب)

لن تكون المرة الأولى، وعلى الأغلب ليست الأخيرة، التي يتعرض فيها الأكراد لـ«خيانة» أميركية أو غربية، في حال لم يكن الرد على توغل تركي أو على استمرار القصف الجوي ضد «أهداف كردية» في شمال سوريا، في مستوى توقعاتهم ومطالبهم.
في القرن الماضي، تغير ميزان القوى العالمي والإقليمي. انهارت الإمبراطورية العثمانية، وتقهقرت فرنسا وبريطانيا في العالم والمنطقة العربية، وتصاعد النفوذ الأميركي. لكن أربعة أمور بقيت «ثابتة»، هي:
أولاً، استمرار حلم نحو 40 مليون كردي بتأسيس كيان أو إدارات مستقلة في الدول الأربع التي يعيشون فيها، تركيا وسوريا والعراق وإيران، من دون أي منفذ بحري.
ثانياً، إجماع هذه الدول الأربع على التنسيق ضد الأكراد رغم الخلافات الكثيرة فيما بينها.
ثالثاً، استعمال القوى الكبرى أو الإقليمية الأكراد أداة في صراعاتها ضد بعضها بعضاً، ولتحقيق أهداف معينة، وبينها اعتماد التحالف الدولي بقيادة أميركا عليهم مكوناً أساسياً في الحرب ضد «داعش».
رابعاً، تغيرت الإدارات الأميركية وتكررت الخيانات، وتغيرت القيادات الكردية في المساحات الجغرافية، وبقيت الطعنات.

خيبات ولدغات
هنا تذكير بسبع خيبات كردية ولدغات غربية – أميركية، خلال مائة عام:
1) بعد انهيار الإمبراطورية العثمانية وخروجها خاسرة من الحرب العالمية الأولى، خصصت «معاهدة سيفر» في 1920 مساحة للأكراد في تركيا، كي يقيموا حكماً ذاتياً على منطقة خارج سوريا والعراق وإيران.
وبعد معارضة أنقرة وسطوع نجم مصطفى كمال أتاتورك ودعم واشنطن، واجه الأكراد طعم أول طعنة في «معاهدة لوزان» في 1923، التي فتحت الباب لباريس ولندن لتقاسم جناحي «الهلال الخصيب» في سوريا والعراق، وذهبت وعود «معاهدة سيفر» أدراج الرياح. فالمنطقة التي وعدتهم الدول العظمى بها في شرق الأناضول، ذهبت نهائياً إلى جمهورية تركيا الوليدة.
وكما هو حال أميركا، غازلت بريطانيا أتاتورك بأنها فضلت العلاقة مع أنقرة على حساب دعم «جمهورية أرارات» الكردية. وأدى هذا إلى هجرة كبيرة للأكراد من جنوب تركيا إلى دول مجاورة، خصوصاً شمال شرقي سوريا. وغالباً ما استعملت دمشق «البعثية»، لاحقاً، موضوع الهجرة في خطابها ضد الأكراد، فقالت وتقول «ليسوا سوريين».
2) بعد عقود من الثورة والهجرة الكردية في تركيا، قامت أميركا بدعم أكراد العراق ضد نظام عبد الكريم قاسم بعد تسلمه الحكم في 1958، ثم دعمت الانقلاب الذي أطاح به في فبراير (شباط) 1963.
واتبع النظام البعثي الجديد في العراق نهجاً صارماً ضد الأكراد. وعندما جنح أكثر باتجاه الاتحاد السوفياتي، تعاونت واشنطن مع طهران المحكومة يومها من الشاه، في تسليح الأكراد ودعمهم بهدف زعزعة الأوضاع في العراق. وتكرر الدعم في السبعينات، ليس بهدف إنشاء دولة كردية، بل لخلق قلاقل داخل العراق للتشويش على أي تقارب سوري – عراقي بعد توقيع اتفاقية كامب ديفيد وخروج مصر من المعادلة العربية. وحسب قول وزير الخارجية الأميركي الأسبق هنري كيسنجر، فإن الدعم العسكري للأكراد لم يكن أبدا هدفه انتصار الأكراد بقدر ما كان يرمي إلى إضعاف حكم بغداد. وتضمن تقرير «لجنة بايك» إلى الكونغرس الأميركي تفاصيل ذلك والتأكيد على أن «هذه السياسة لم تُنقل إلى عملائنا (الأكراد)، الذين شجعناهم على الاستمرار في القتال».
لاحقاً، رعت أميركا اتفاقاً بين صدام حسين، ممثلاً عن الرئيس أحمد حسن البكر وشاه إيران في ديسمبر (كانون الأول) 1975، فقامت طهران بالتخلي عن دعمها لأكراد العراق، بمباركة من إدارة الرئيس الأميركي الجديد جيرالد فورد.
3) تعرض أكراد العراق لأكثر من طعنة أميركية في الثمانينات والتسعينات. فإدارة الرئيس رولاند ريغان التزمت الصمت على استعمال بغداد أسلحة كيماوية في كردستان العراق.

طعنات التسعينات
أما إدارة جورج بوش الأب، فقد شجعت العراقيين على التحرك ضد بغداد بعد حرب الخليج عام 1991، ثم تخلت عنهم. ودعا بوش نفسه «الجيش العراقي والشعب العراقي إلى تولي زمام الأمور بأنفسهم، لإجبار الديكتاتور صدام حسين على التنحي»، لكنه لم يفعل الكثير عندما هب الشيعة في جنوب العراق والأكراد قرب حدود سوريا. غير أن أميركا فرضت حظراً جوياً سمح بانتعاش الكيان الكردي في النصف الثاني من عقد التسعينات. وقوبل هذا الصعود للمولود الكردي بتنسيق سوري – تركي – إيراني لمنع تحولهم إلى «دويلة كردية» على الحدود تلهم أبناء جلدتهم في هذه الدول.
4) بعد أحداث 11 سبتمبر (أيلول) 2001، أمر الرئيس جورج بوش الابن بغزو العراق. وحصل تنسيق مع الأكراد وقياداتهم السياسية، وباتوا بين الرابحين الرئيسيين من تغيير النظام العراقي. وتعززت مكاسبهم لدى اعتماد أميركا عليهم في الحرب ضد «داعش».
وفي 2017، أراد رئيس إقليم كردستان السابق، مسعود البارزاني، الإفادة من دعم التحالف بالمضي خطوة في إقامة الكيان الكردي، فأراد تنظيم استفتاء لتقرير المصير واستقلال الإقليم. وجاءت الصدمة أو الخيانة، عندما أعلنت أميركا بوضوح تحفظها على هذه الخطوة.
5) بعد التغيير في العراق في 2003 وبروز الكيان الكردي، انتعشت طموحات أكراد سوريا وانتفضوا في مارس (آذار) 2004، لكن تحركاتهم لم تحظ بأي دعم غربي. قبل ذلك بسنوات، عندما حشدت تركيا جيشها على حدود سوريا في 1998 وطالبت بطرد زعيم «حزب العمال الكردستاني» عبد الله أوجلان من دمشق، دعمت واشنطن وحلفاؤها موقف أنقرة، علماً بأن «العمال» مدرج على قوائم الإرهاب الغربية. أوجلان خرج من سوريا وتعرض «العمال» إلى ضربات التنسيق الأمني بين دمشق وأنقرة إلى حين ظهور الاحتجاجات في سوريا في 2011، حين قررت دمشق تسهيل بروز دور الأكراد ضد المعارضة الأخرى.

السحر والساحر
6) انقلب السحر على الساحر. قوي الأكراد وضعفت دمشق، وتحالفت أميركا مع الأكراد في قتال «داعش» المتمدد بعد 2014 ووفرت لهم دعماً عسكرياً وغطاءً جوياً، واعتمدت في شكل أساسي على «وحدات حماية الشعب» الكردية، التي تعتبرها أنقرة امتداداً لـ«العمال الكردستاني». وبعد هزيمة «داعش» جغرافياً بالتعاون بين التحالف والأكراد، تشكلت مظلة جوية سمحت بتأسيس إدارة ذاتية وقوة عسكرية وسيطرة على ربع مساحة سوريا ومعظم الثروات الاستراتيجية في شمال شرقي البلاد.
وأقلق ظهور هذا الكيان المسمى بـ«روج أفا» (غرب كردستان) أنقرة ودمشق وطهران، فغيرت تركيا من أولوياتها في سوريا، من «إسقاط النظام» إلى التمدد في الأراضي السورية، وعقدت تسويات مع روسيا في أعوام 2016 و2018 و2019 سمحت بـ«تقطيع أوصال» الكيان الكردي في شمال سوريا ومنع وصوله إلى مياه البحر المتوسط.
حصل هذا بدعم روسي وصمت أو عجز أميركي. لكن الخيانة الجديدة حصلت لاحقاً.
7) في نهاية 2019، قرر الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب فجأة سحب قواته من حدود سوريا وتركيا. واعتبر الأكراد هذا القرار خيانة أميركية بتغريدة «ترمبية». وسمح هذا بتوغل تركي سريع وهز أركان «الإدارة الذاتية» وقواتها وحربها ضد «داعش».
بعد مفاوضات ماراثونية، عقدت اتفاقات أميركية – تركية وروسية – تركية، حصلت أنقرة بموجبها على تعهدات من القوتين الكبريين بسحب «وحدات حماية الشعب» الكردية من الحدود إلى وراء عمق 30 كلم.
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان يقول حالياً، إن واشنطن وموسكو لم تلتزما اتفاقات العام 2019، وسبق أن صعد ضربات المسيرات (الدرون) ضد «أهداف كردية». وهو يراهن حالياً على قوة موقفه بسبب حرب أوكرانيا وحاجة واشنطن وموسكو إليه، كي يشنّ عملية جديدة ضد الأكراد السوريين.
ملامح «خيانة» أميركية جديدة تلوح في الأفق. فالأميركيون لم يوقفوا الأتراك عن شن ضربات بالمسيرات، ولم يوقفوا القصف الجوي العنيف. والأكراد، يراهنون على «داعش»، أو على اهتمام الغرب بعدم انبعاث التنظيم. ويقول الأكراد إن الحرب ضدهم ستجعلهم يتخلون عن قتال «داعش». وهناك من يلوّح بفتح مخيم «الهول»، الذي يسمى «دويلة داعش»، لدفع أميركا للتحرك لصالح الأكراد. أما الروس، فإنهم ينقلون رسائل الإذعان من أنقرة إلى القامشلي، وهي: انسحاب «وحدات حماية الشعب» من المدن الرئيسية والمناطق الحدودية شمال سوريا، والترحيب بانتشار مؤسسات الدولة السورية وحرس حدودها.
دمشق، من جهتها، مرتاحة من الخيانات الأميركية والطعنات الروسية والضربات التركية. وهي لا تستطيع الترحيب بكل هذا، بل أغلب الظن أنها ستصدر بيان إدانة لـ«العدوان التركي». وهي مسرورة في باطنها مما يتعرض له الأكراد. وأضعف الإيمان، أن هذا «العدوان» سيجلب الأكراد ضعفاء إلى طاولة التفاوض المُرّة.
طريق الأكراد إلى دمشق، نهر معبد بالخيبات والنكسات.


مقالات ذات صلة

أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

العالم العربي أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

استبقت تركيا انعقاد الاجتماع الرباعي لوزراء خارجيتها وروسيا وإيران وسوريا في موسكو في 10 مايو (أيار) الحالي في إطار تطبيع مسار العلاقات مع دمشق، بمطالبتها نظام الرئيس بشار الأسد بإعلان موقف واضح من حزب «العمال الكردستاني» والتنظيمات التابعة له والعودة الطوعية للاجئين والمضي في العملية السياسية.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
العالم العربي درعا على موعد مع تسويات جديدة

درعا على موعد مع تسويات جديدة

أجرت اللجنة الأمنية التابعة للنظام السوري في محافظة درعا (جنوب سوريا) اجتماعات عدة خلال الأيام القليلة الماضية، آخرها أول من أمس (الأربعاء)، في مقر الفرقة التاسعة العسكرية بمدينة الصنمين بريف درعا الشمالي، حضرها وجهاء ومخاتير ومفاوضون من المناطق الخاضعة لاتفاق التسوية سابقاً وقادة من اللواء الثامن المدعوم من قاعدة حميميم الأميركية. مصدر مقرب من لجان التفاوض بريف درعا الغربي قال لـ«الشرق الأوسط»: «قبل أيام دعت اللجنة الأمنية التابعة للنظام السوري في محافظة درعا، ممثلةً بمسؤول جهاز الأمن العسكري في درعا، العميد لؤي العلي، ومحافظ درعا، لؤي خريطة، ومسؤول اللجنة الأمنية في درعا، اللواء مفيد حسن، عد

رياض الزين (درعا)
شمال افريقيا مشاورات مصرية مع 6 دول عربية بشأن سوريا والسودان

مشاورات مصرية مع 6 دول عربية بشأن سوريا والسودان

أجرى وزير الخارجية المصري سامح شكري اتصالات هاتفية مع نظرائه في 6 دول عربية؛ للإعداد للاجتماع الاستثنائي لوزراء الخارجية العرب بشأن سوريا والسودان، المقرر عقده، يوم الأحد المقبل. وقال المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية، السفير أحمد أبو زيد، في إفادة رسمية، الخميس، إن شكري أجرى اتصالات هاتفية، على مدار يومي الأربعاء والخميس، مع كل من وزير خارجية السودان علي الصادق، ووزير خارجية السعودية فيصل بن فرحان، ووزير خارجية العراق فؤاد محمد حسين، ووزير خارجية الجزائر أحمد عطاف، ووزير خارجية الأردن أيمن الصفدي، ووزير خارجية جيبوتي محمود علي يوسف. وأضاف أن «الاتصالات مع الوزراء العرب تأتي في إطار ا

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
المشرق العربي الأردن يوسّع مشاورات «عودة سوريا»

الأردن يوسّع مشاورات «عودة سوريا»

أطلق الأردن سلسلة اتصالات مع دول عربية غداة استضافته اجتماعاً لبحث مسألة احتمالات عودة سوريا إلى الجامعة العربية، ومشاركتها في القمة المقبلة المقرر عقدها في المملكة العربية السعودية هذا الشهر. وقالت مصادر أردنية لـ«الشرق الأوسط»، إن اجتماع عمّان التشاوري الذي عُقد (الاثنين) بحضور وزراء خارجية مصر والسعودية والعراق والأردن وسوريا، ناقش احتمالات التصويت على قرار عودة سوريا إلى الجامعة العربية ضمن أنظمة الجامعة وآليات اعتماد القرارات فيها. وفي حين أن قرار عودة سوريا إلى الجامعة ليس مقتصراً على الاجتماعات التشاورية التي يعقدها وزراء خارجية مصر والسعودية والعراق والأردن، فإن المصادر لا تستبعد اتفاق

شؤون إقليمية الأسد ورئيسي يتفقان على «تعاون استراتيجي طويل الأمد»

الأسد ورئيسي يتفقان على «تعاون استراتيجي طويل الأمد»

بدأ الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي أمس (الأربعاء) زيارة لدمشق تدوم يومين واستهلها بجولة محادثات مع نظيره السوري بشار الأسد تناولت تعزيز العلاقات المتينة أصلاً بين البلدين. وفيما تحدث رئيسي عن «انتصارات كبيرة» حققتها سوريا، أشار الأسد إلى أن إيران وقفت إلى جانب الحكومة السورية مثلما وقفت هذه الأخيرة إلى جانب إيران في حرب السنوات الثماني مع إيران في ثمانينات القرن الماضي. ووقع الأسد ورئيسي في نهاية محادثاتهما أمس «مذكرة تفاهم لخطة التعاون الاستراتيجي الشامل الطويل الأمد». وزيارة رئيسي لدمشق هي الأولى التي يقوم بها رئيس إيراني منذ 13 سنة عندما زارها الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد.

«الشرق الأوسط» (دمشق)

«قسد»: تأجيل زيارة عبدي إلى دمشق «لأسباب تقنية»

الرئيس السوري أحمد الشرع (على اليمين) يصافح مظلوم عبدي قائد «قوات سوريا الديمقراطية» المدعومة من الولايات المتحدة والتي يقودها الأكراد في العاصمة السورية دمشق 10 مارس 2025 (سانا)
الرئيس السوري أحمد الشرع (على اليمين) يصافح مظلوم عبدي قائد «قوات سوريا الديمقراطية» المدعومة من الولايات المتحدة والتي يقودها الأكراد في العاصمة السورية دمشق 10 مارس 2025 (سانا)
TT

«قسد»: تأجيل زيارة عبدي إلى دمشق «لأسباب تقنية»

الرئيس السوري أحمد الشرع (على اليمين) يصافح مظلوم عبدي قائد «قوات سوريا الديمقراطية» المدعومة من الولايات المتحدة والتي يقودها الأكراد في العاصمة السورية دمشق 10 مارس 2025 (سانا)
الرئيس السوري أحمد الشرع (على اليمين) يصافح مظلوم عبدي قائد «قوات سوريا الديمقراطية» المدعومة من الولايات المتحدة والتي يقودها الأكراد في العاصمة السورية دمشق 10 مارس 2025 (سانا)

قال فرهاد شامي، مدير المركز الإعلامي لقوات سوريا الديمقراطية «قسد»، اليوم الاثنين، إنه كان من المقرر أن يقوم قائد «قسد» مظلوم عبدي والوفد المفاوض لشمال وشرق سوريا، بزيارة لدمشق، اليوم، إلا أن الزيارة تأجلت «لأسباب تقنية».

وأضاف، عبر حسابه على منصة «إكس»، أنه سيجري تحديد موعد جديد لزيارة قائد «قسد» مظلوم عبدي لدمشق، في وقت لاحق يجري الاتفاق عليه بالتوافق بين الأطراف المعنية.

وأكد أن تأجيل زيارة عبدي لدمشق في إطار ترتيبات لوجستية وفنية، ولم يطرأ أي تغيير على مسار التواصل أو الأهداف المطروحة.

كان التلفزيون السوري قد أفاد، الجمعة، بإصابة جندي من قوات الأمن الداخلي برصاص قناصة من قوات سوريا الديمقراطية «قسد» على حاجز أمني في مدينة حلب، في حين ذكرت وكالة الأنباء السورية «سانا» أن الجيش أسقط مُسيّرات أطلقتها «قسد» باتجاه مواقع تابعة له في سد تشرين، بريف حلب الشرقي.

وأوضح التلفزيون أن عناصر «قسد» المتمركزين في حي الأشرفية بحلب يطلقون النار على عناصر الأمن الداخلي الموجودين عند حاجز دوار شيحان.

لكن «قسد»، من جهتها، أكدت أن فصائل تابعة لحكومة دمشق أطلقت قذيفتين صاروخيتين على قواتها، ما أجبرها على الرد.

وفي وقت لاحق، قالت «قسد» إن الفصائل التابعة للحكومة السورية شنّت «هجوماً عنيفاً باستخدام الرشاشات الثقيلة والمدفعية» على أحياء الشيخ مقصود والأشرفية بحلب، ووصفت الهجوم بأنه «اعتداء سافر يهدد أمن المدنيين ويُنذر بتداعيات خطيرة».


الحوثي: أي وجود إسرائيلي في أرض الصومال يُعتبر «هدفاً عسكرياً»

عناصر حوثيون يستمعون إلى زعيمهم عبد الملك الحوثي بقاعة في صنعاء عبر البث التلفزيوني (أ.ف.ب)
عناصر حوثيون يستمعون إلى زعيمهم عبد الملك الحوثي بقاعة في صنعاء عبر البث التلفزيوني (أ.ف.ب)
TT

الحوثي: أي وجود إسرائيلي في أرض الصومال يُعتبر «هدفاً عسكرياً»

عناصر حوثيون يستمعون إلى زعيمهم عبد الملك الحوثي بقاعة في صنعاء عبر البث التلفزيوني (أ.ف.ب)
عناصر حوثيون يستمعون إلى زعيمهم عبد الملك الحوثي بقاعة في صنعاء عبر البث التلفزيوني (أ.ف.ب)

حذّر زعيم جماعة «الحوثي» عبد الملك الحوثي، يوم الأحد، من أن أي وجود إسرائيلي في أرض الصومال سيكون «هدفاً عسكرياً»، في آخر إدانة للتحرّك الإسرائيلي للاعتراف بالإقليم الانفصالي.

وقال الحوثي، في بيان، إن جماعته تعتبر «أي وجود إسرائيلي في إقليم أرض الصومال هدفا عسكرياً لقواتنا المسلحة، باعتباره عدواناً على الصومال وعلى اليمن، وتهديداً لأمن المنطقة»، وفقاً لوكالة الصحافة الفرنسية.

واعترفت إسرائيل، الجمعة، رسمياً، بـ«أرض الصومال» دولة مستقلة، في قرار لم يسبقها إليه أحد منذ إعلان الأخيرة انفصالها عن الصومال عام 1991.

وتقع أرض الصومال التي تبلغ مساحتها 175 ألف كيلومتر مربع، في الطرف الشمالي الغربي من الصومال. وأعلنت استقلالها من جانب واحد، في عام 1991، بينما كانت جمهورية الصومال تتخبّط في الفوضى عقب سقوط النظام العسكري للحاكم سياد بري. ولأرض الصومال عملتها الخاصة وجيشها وجهاز شرطة تابع لها.


«الانتقالي» على حافة الاختبار... هل يحفظ مكاسبه أو يتهيأ للاصطدام الكبير؟

مسلح في عدن من أنصار المجلس الانتقالي الجنوبي المطالب بالانفصال عن شمال اليمن (أ.ف.ب)
مسلح في عدن من أنصار المجلس الانتقالي الجنوبي المطالب بالانفصال عن شمال اليمن (أ.ف.ب)
TT

«الانتقالي» على حافة الاختبار... هل يحفظ مكاسبه أو يتهيأ للاصطدام الكبير؟

مسلح في عدن من أنصار المجلس الانتقالي الجنوبي المطالب بالانفصال عن شمال اليمن (أ.ف.ب)
مسلح في عدن من أنصار المجلس الانتقالي الجنوبي المطالب بالانفصال عن شمال اليمن (أ.ف.ب)

تشهد المناطق الشرقية من اليمن، وتحديداً في حضرموت، مرحلة حساسة من إعادة ضبط التوازنات داخل معسكر «الشرعية»، على وقع التصعيد العسكري الأحادي الذي نفذه المجلس الانتقالي الجنوبي، وما يقابله من رفض إقليمي ودولي؛ إذ قال مراقبون إنه لا يمكن السماح بفرض أمر واقع عن طريق القوة المسلحة مهما كانت المزاعم أو المبررات.

وبحسب المراقبين، فإن ما يجري ليس تفصيلاً محلياً عابراً، يمكن التغاضي عنه سواء من قبل «الشرعية» اليمنية أو من قبل الداعمين لها، بل اختبار سياسي وأمني متعدد الأبعاد، تتقاطع فيه حسابات الداخل الجنوبي نفسه، ومسار الحرب مع الحوثيين، وخيارات السلام الإقليمي.

وحتى الآن، يظهر سلوك المجلس الانتقالي أقرب إلى المناورة تحت الضغط منه إلى التحدي المباشر. فاللغة المستخدمة في بياناته الأخيرة - التي تمزج بين التبرير السياسي والتحركات العسكرية، وبين الحديث عن «التنسيق» و«تفهّم الهواجس» - تعكس إدراكاً متزايداً بأن مساحة المناورة تضيق بسرعة. لكن لا بد من التقاط القرار الصائب.

كما يشار إلى أن تحذيرات السعودية التي تقود «تحالف دعم الشرعية» في اليمن لم تكن عابرة أو قابلة للتأويل، بل جاءت متزامنة ومتدرجة، وانتقلت من مستوى التنبيه السياسي إلى الردع التحذيري الميداني من خلال ضربة جوية في حضرموت.

عناصر من المجلس الانتقالي الجنوبي يرفعون صورة زعيمهم عيدروس الزبيدي (إ.ب.أ)

هذا التحول في اللهجة يعني عملياً أن هناك قراراً واضحاً بمنع انتقال حضرموت والمهرة إلى مسرح صراع داخلي، أو إلى ساحة لفرض مشاريع جزئية بالقوة.

وربما يدرك المجلس الانتقالي وناصحوه معاً، أن تجاهل هذه الرسائل يضعه في مواجهة مباشرة مع الطرف الإقليمي الأثقل وزناً في الملف اليمني، وهو السعودية قائدة «تحالف دعم الشرعية»، وهو صدام لا يملك المجلس أدوات تحمّله، لا سياسياً ولا عسكرياً.

لذلك، يُنصح «الانتقالي» من قبل مراقبين للشأن اليمني بأن يتعامل مع التحذيرات بجدية، وعدم الركون إلى تكتيك الإبطاء، هذا إذا كان يبحث عن مخارج تحفظ له الحد الأدنى من المكاسب التي راكمها خلال السنوات الماضية، وإلا فلن يكون أمامه سوى الانصياع المتوقع بالقوة، وهو إن حدث سيعني لأنصاره هزيمة مدوية لا يمكن استيعابها.

ورطة غير محسوبة

وفق مراقبين للشأن اليمني، فقد أوقع «الانتقالي» نفسه في ورطة غير محسوبة؛ إذ جرى تسويق التحركات الأخيرة بوصفها «حماية للقضية الجنوبية» و«استجابة لمطالب شعبية»، ولقطع طرق التهريب وإمدادات الحوثيين ومحاربة التنظيمات الإرهابية، وفق زعمه، إلا أن الأوان لم يفت كما بينته الرسالة السعودية بوضوح عبر وزير الدفاع الأمير خالد بن سلمان؛ إذ بالإمكان الخروج من الورطة بأقل الخسائر، من خلال مغادرة قواته الوافدة إلى حضرموت والمهرة بشكل عاجل.

من ناحية ثانية، تشير المعطيات إلى أن المجلس الانتقالي لا يملك القدرة على تثبيت وجوده في حضرموت والمهرة، في ظل مجموعة عوامل ضاغطة، أبرزها وجود رفض محلي واسع، بخاصة في حضرموت، حيث تتمتع المكونات الاجتماعية والقبلية بحساسية عالية تجاه أي وجود مسلح وافد.

عناصر من قوات المجلس الانتقالي الجنوبي في عدن (إ.ب.أ)

إلى جانب ذلك، يفتقد المجلس - الذي يهيمن على قراره قيادات من مناطق بعينها - غياب الغطاء الإقليمي الذي يشكل شرطاً أساسياً لأي تغيير أمني في مناطق حساسة، وكذا في ظل موقف دولي واضح يرفض أي تغيير للواقع بالقوة، ويؤكد دعم وحدة المؤسسات الرسمية.

لذلك، يبدو السيناريو الأفضل والأسهل - كما يقترحه محللون - هو انسحاب منظم، تحت أسماء فنية مثل «إعادة انتشار»، أو «ترتيبات أمنية»، أو بأي طريقة تسمح للمجلس بالخروج من المأزق بأقل الخسائر السياسية الممكنة.

أما إذا قرر المجلس الانتقالي تجاهل الإشارات والاستمرار في التصعيد، فإن تكلفة ذلك - طبقاً للمراقبين - ستكون مرتفعة ومتعددة المستويات؛ فعلى المستوى السياسي سيخسر المجلس ما تبقى من صورة الشراكة في السلطة الشرعية، وسيتحول تدريجياً - في الخطاب الإقليمي والدولي - من فاعل سياسي ضمن «مجلس القيادة الرئاسي» والحكومة اليمنية إلى عنصر مُعطِّل للاستقرار، وقد يصل الأمر إلى فرض عقوبات دولية على قادته.

أما عسكرياً، فالرسالة السعودية واضحة بعد بيان «تحالف دعم الشرعية»؛ إذ لن يُسمح بفرض أمر واقع بالقوة في شرق اليمن، وأي تصعيد إضافي قد يُقابل بردع مباشر، ما يعني خسائر ميدانية مؤسفة لا يملك المجلس القدرة على تعويضها أو تبريرها.

وعلى المستوى الشعبي، فإن حضرموت والمهرة ليستا بيئة حاضنة للمجلس الانتقالي، واستمرار التصعيد سيُعمّق الهوة بينه وبين قطاعات واسعة من الجنوبيين، ويحوّل القضية الجنوبية من مظلة جامعة إلى مشروع انقسامي، بل إن أخطر الخسائر - كما يقرأها المحللون - تكمن في تشويه جوهر القضية الجنوبية، عبر ربطها بالعسكرة والانتهاكات وفرض الوقائع بالقوة، بدل ترسيخها كقضية سياسية عادلة قابلة للحل ضمن مسار تفاوضي، كما هو الأمر في الطرح الذي تتبناه القوى اليمنية المنضوية تحت «الشرعية»، والذي تدعمه السعودية.

عبء الانتهاكات

من جانب آخر، تمثل الانتهاكات الموثقة في حضرموت نقطة تحوّل خطرة في مسار التصعيد. فعمليات المداهمة، والاعتقالات التعسفية، والإخفاء القسري، وفرض الحصار على مناطق مأهولة... لا تُقرأ فقط كإجراءات أمنية، بل كنمط قمعي ممنهج، يضع المجلس الانتقالي في مواجهة مباشرة مع القانون الدولي الإنساني.

وبحسب تقارير حقوقية موثوقة، شملت الانتهاكات في الأيام الأخيرة اقتحام منازل مدنيين، واحتجازاً تعسفياً، وإخفاء قسرياً، وحصاراً عسكرياً لمناطق قبائل «الحموم»، ومنع تنقل المرضى، ونهب ممتلكات عامة وخاصة... وهذه الممارسات لا تُضعف موقف المجلس أخلاقياً فحسب، بل تُحوّل ملفه إلى عبء قانوني وسياسي قابل للاستخدام دولياً، وتفتح الباب أمام مساءلة مستقبلية قد لا تسقط بالتقادم.

المجلس الانتقالي الجنوبي صعّد عسكرياً في حضرموت والمهرة بشكل أحادي (إ.ب.أ)

من كل ذلك، يمكن القول إن ما يجري اليوم هو اختبار نضج سياسي للمجلس الانتقالي الجنوبي، فإما أن يلتقط الرسالة الواضحة محلياً وسعودياً ودولياً، ويعود إلى المسار السياسي، ويحدّ من الخسائر، وإما أن يواصل التصعيد، ويدفع أثماناً سياسية وعسكرية وقانونية قد يصعب تعويضها، وفق تقديرات المراقبين.

وطبقاً لتقديرات المرحلة وما يراه المشفقون على مستقبل المجلس الانتقالي الجنوبي، فإن اللحظة الراهنة لا تحتمل المغامرة، ومن يخطئ قراءتها سيدفع الثمن وحده.