لقاء رئيس حكومة «الوحدة» بـ«القذاذفة» يثير تباينات في ليبيا

سياسيون اعتبروه محاولة من الدبيبة للبحث عن حلفاء... وآخرون يرونه «اعتيادياً»

لقاء الدبيبة مع وفد من قبيلة «القذاذفة»... (موقع «حكومتنا» المنصة الإلكترونية لحكومة «الوحدة الوطنية» على «فيسبوك»)
لقاء الدبيبة مع وفد من قبيلة «القذاذفة»... (موقع «حكومتنا» المنصة الإلكترونية لحكومة «الوحدة الوطنية» على «فيسبوك»)
TT

لقاء رئيس حكومة «الوحدة» بـ«القذاذفة» يثير تباينات في ليبيا

لقاء الدبيبة مع وفد من قبيلة «القذاذفة»... (موقع «حكومتنا» المنصة الإلكترونية لحكومة «الوحدة الوطنية» على «فيسبوك»)
لقاء الدبيبة مع وفد من قبيلة «القذاذفة»... (موقع «حكومتنا» المنصة الإلكترونية لحكومة «الوحدة الوطنية» على «فيسبوك»)

أثار لقاء رئيس حكومة «الوحدة الوطنية»، عبد الحميد الدبيبة، مع وفد من قبيلة «القذاذفة»، تباينات في ليبيا. وبينما اعتبر سياسيون اللقاء «محاولة من الدبيبة للبحث عن حلفاء جدد»، رأى آخرون أنه «مجرد لقاء (اعتيادي) لعرض مطالب قبيلة ليبية أمام رئيس حكومة».
وتركزت الأنظار بدرجة كبيرة على اللقاء الذي عُقد مساء الأربعاء الماضي، ولم يمتد لأكثر من ساعة، بمقر رئاسة الوزراء الليبية بالعاصمة طرابلس، ربما لكونه أول اجتماع رسمي، يُعقد بين القبيلة ومسؤول رفيع بالدولة الليبية بعد ثورة فبراير (شباط) 2011 التي أطاحت بنظام معمر القذافي.
عضو ملتقى الحوار السياسي الليبي، أحمد الشركسي، وصف اللقاء بكونه «مغازلة لأحد المكونات الاجتماعية بمدينة سرت مسقط رأس معمر القذافي، وهي المدينة التي سبق أن قام قائد الجيش الوطني، المشير خليفة حفتر، بزيارتها، وعقد لقاء موسعاً مع أهلها (الاثنين) الماضي». ولم يستبعد الشركسي أن «يكون من ضمن أهداف الدبيبة (محاولة التنسيق مع أنصار القذافي، وتحديداً مع نجل الأخير سيف الإسلام القذافي)، خاصة بعد تكاثر خصومه السياسيين أخيراً، بالنظر لخلافه الأخير مع رئيس (الأعلى للدولة)، خالد المشري، وقيام البرلمان منذ أكثر من عام بسحب الثقة من حكومته».
وقال الشركسي لـ«الشرق الأوسط»، إن «الدبيبة وسيف الإسلام جمعتهما سنوات من العمل المشترك قبل ثورة فبراير 2011، نعم ترشح كل من الرجلين لخوص الانتخابات الرئاسية التي كان من المقرر أن تجرى نهاية العام الماضي، إلا أن كلاً منهما كان يرى إمكانية العمل مع الآخر والاستفادة من أنصاره، إذا ما فاز بالرئاسة»، مضيفاً أن «العدو الرئيسي للدبيبة هو حفتر، وربما يكون الهدف الرئيسي للدبيبة للتنسيق في الوقت الراهن مع نجل القذافي وأنصاره، هو إضعاف حفتر بالجنوب».
ووفق مراقبين، فإن «الجنوب الليبي الخاضع عسكرياً كشرق البلاد منذ سنوات لسيطرة الجيش الوطني، بات بالآونة الأخيرة ساحة للتنازع لفرض النفوذ السياسي بين حفتر وأنصار النظام السابق».
وعلى الرغم من إقراره بوجود «تواصل ما بين أبناء حفتر وشخصيات مقربة من الدبيبة»، فإن الشركسي وصف الأمر بـ«التحالف المؤقت لتحقيق بعض المصالح الآنية»، مرجحاً أن «يقوم الدبيبة في أي وقت بعدم الاستمرار في هذا التحالف، إذا ما حقق له ذلك مصلحة ما».
أما رئيس مؤسسة «سلفيوم» للأبحاث والدراسات، الليبي جمال شلوف، فقد اعتبر اللقاء «(مناكفة سياسية)، ورسالة من قبل الدبيبة يقول فيها للجميع، إن أهالي سرت ليسوا جميعاً موالين لحفتر». واستبعد شلوف «وجود أي إمكانية للإفراج عن (سجناء القذاذفة) من قبل الدبيبة بالوقت الراهن». وأرجع ذلك إلى «عدم تمتع الدبيبة بأي سيطرة على التشكيلات المسلحة التي تدير السجون العسكرية بمدينة مصراتة، حيث يقبع أغلب سجناء (القذاذفة)، على الرغم من أن الدبيبة يتحدر من ذات المدينة».
وأضاف لـ«الشرق الأوسط»، أن «كثيراً من قيادات تشكيلات مصراتة، وخاصة من شاركوا بثورة فبراير، لن يقبلوا بالأمر، خاصة إذا ما تعلق بالإفراج عن رموز (القذاذفة)، أمثال القائد السابق للحرس الشعبي منصور ضو، أو عن رموز النظام السابق بشكل عام كرئيس جهاز الاستخبارات وصهر القذافي عبد الله السنوسي، ورئيس جهاز الأمن الداخلي عبد الله منصور»، إلا أنه عاد مستدركاً: «ربما عبر تقديم الترضية للبعض، قد يتمكن الدبيبة من إخراج بعض الأسماء المغمورة ممن حصلوا بالفعل على أحكام قضائية بالإفراج منذ زمن، من دون أن يتم تنفيذها».
في المقابل، أكد رئيس المجلس الاجتماعي لقبيلة «القذاذفة»، محمد خليفة نايل القذافي، أن «اللقاء كان ذا صبغة (اجتماعية وإنسانية)»، موضحاً لـ«الشرق الأوسط»، أن «اللقاء جرى تحديده من 10 أيام، وانحصر في عرض ملف سجناء (القذاذفة)، وقبائل أخرى من المودعين بالسجون الليبية على خلفية أحداث فبراير 2011، حيث عرضنا خلفيات سجن بعض الحالات ومعاناتهم، خاصة في ظل التضييق على زياراتهم خلال السنوات الأولى».
وعن أبرز الأسماء التي طالب وفد مجلس «القذاذفة» بإطلاق سراحهم، قال نايل: «تحدثنا عن عبد الله السنوسي، ومنصور ضو، وعبد الله منصور، وأحمد إبراهيم القذافي، ووليد دبنون، بالطبع يوجد بجوارهم عشرات الأسماء قد لا تكون معروفة، سواء أبناء (القذاذفة)، أو ممن يُعدون من أعوان النظام السابق، وقد تحدثنا عنهم أيضاً»، مشيراً إلى أن «الأسماء المشار إليها جرى التركيز عليها، نظراً لصدور أحكام بالإعدام بحقهم، وإن كانت المحكمة العليا قبلت منذ 5 سنوات تقريباً دعاوى النقض، وأعيدت قضاياهم جميعاً للتداول والمرافعة، إلا أن إجراءات التقاضي تسير منذ ذلك الحين ببطء شديد».
ورفض نايل ما طرحه البعض عن أن «الزيارة كانت لأهداف سياسية»، مؤكداً أن «قبيلة (القذاذفة) تقف على مسافة واحدة من كافة الأطراف المتصارعة بالمشهد الليبي»، منوهاً في السياق إلى أن «تواصله الشخصي مع أبناء الراحل معمر القذافي يتم في ضوء صلة القرابة».
وحول إجابات الدبيبة على مطالب وفد القبيلة، قال نايل: «الدبيبة وعد بالنظر في الأمر، ومعرفة أسباب بطء التقاضي وتفعيل أي قرارات بالإفراج الصحي قد تكون صدرت بحق أي من هؤلاء السجناء، وجراء إثارتنا لقضية هانيبال القذافي الموقوف في لبنان منذ عام 2015 على خلفية قضية اختفاء موسى الصدر في ليبيا في عام 1978؛ وعد الدبيبة بتجديد الاتصال بالمسؤولين اللبنانيين المعنيين بالقضية، ومتابعة أوضاع هانيبال، لكونه مواطناً ليبياً».
في حين توسط عضو مجلس النواب الليبي، جاب الله الشيباني، الآراء السابقة، معتبراً أن «لقاء الدبيبة مع (القذاذفة) جاء في إطار التعرف على احتياجات القبيلة، ومحاولة تقديم الخدمات لها في إطار الترضية أو جبر الخاطر، نظير ما مرت به من فترات صعبة بالسنوات الماضية»، إلا أن الشيباني اعتبر في الوقت ذاته أن «ما طُرح من أهداف لهذا اللقاء، ببحث الدبيبة عن حلفاء سياسيين جدد له داخل معسكر أنصار النظام السابق، أو بصفوف القبائل بشكل عام، يُعد (حقاً شرعياً له)»، موضحاً لـ«الشرق الأوسط»، أنه «من حق أي شخص يطمح بالوصول للسلطة أو للاحتفاظ بها، أن يسعى لتحالف مع أطراف قوية و(فاعلة) ولها ثقل شعبي واجتماعي، وهو ما تتمتع به (فعلياً) قبيلة (القذاذفة)، وبشكل عام أنصار النظام السابق، وبالنظر للدبيبة الهادف للاحتفاظ بموقعه الراهن، وأيضاً الترشح للرئاسة، فقد يفيده مثل هذا التحالف، خاصة في ظل خصومته الراهنة مع مجلسي النواب و(الأعلى للدولة)، وكونه أيضاً ليس على وفاق كامل مع (المجلس الرئاسي)».
الشيباني أشار إلى «قيام الدبيبة في سبتمبر (أيلول) من العام الماضي بالإفراج عن عدد من رموز النظام السابق، وفي مقدمتهم الساعدي القذافي نجل معمر القذافي»، متوقعاً أنه «لا يتردد في الإفراج عن المزيد من الشخصيات، في ظل قدرته الواضحة على اختيار التوقيت المناسب لمثل هذه القرارات، من دون أن ينجم عن ذلك أي مضايقات له مع أهالي وقيادات المنطقة الغربية، خاصة أن ذلك يتم في إطار التنسيق مع النائب العام الليبي ووزارة العدل».


مقالات ذات صلة

المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

شمال افريقيا المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

بحثت نجلاء المنقوش مع نظيرها وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف، خلال زيارة لها أمس إلى الجزائر، فتح المعابر البرية والنقل البحري والجوي أمام حركة التجارة وتنقل الأشخاص، بعد سنين طويلة من الإغلاق، بسبب الأزمة السياسية والأمنية في ليبيا. وذكرت الخارجية الجزائرية في بيان أن الوزيرين بحثا قضايا جارية في الساحتين المغاربية والعربية، منها تطورات ملف الصحراء، والمساعي العربية والدولية لوقف الاقتتال وحقن الدماء في السودان. وأكد البيان أن عطاف تلقى من المنقوش «عرضا حول آخر مستجدات العملية السياسية التي تقودها الأمم المتحدة، لإنهاء الأزمة في ليبيا».

شمال افريقيا وفدان أميركي وفرنسي يبحثان في ليبيا تطوير الجيش

وفدان أميركي وفرنسي يبحثان في ليبيا تطوير الجيش

بحث وفدان عسكريان، أميركي وفرنسي، في ليبيا سبل إعادة بناء وتطوير المؤسسة العسكرية المُنقسمة، بين شرق البلاد وغربها، منذ إسقاط النظام السابق، في وقت زار فيه المشير خليفة حفتر، القائد العام لـ«الجيش الوطني» روما، والتقى برئيسة الوزراء بالحكومة الإيطالية جورجا ميلوني، وعدد من وزراء حكومتها. وفي لقاءين منفصلين في طرابلس (غرباً) وبنغازي (شرقاً)، التقى الوفدان الأميركي والفرنسي قيادات عسكرية للتأكيد على ضرورة توحيد الجيش الليبي.

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

بحثت وزيرة الخارجية الليبية نجلاء المنقوش مع نظيرها الجزائري أحمد عطاف، خلال زيارة لها اليوم الخميس إلى الجزائر، في فتح المعابر البرية والنقل البحري والجوي أمام حركة التجارة وتنقل الاشخاص، بعد سنوات طويلة من الإغلاق، بسبب الأزمة السياسية والامنية في ليبيا.

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا «حبوب الهلوسة»... «سلاح قاتل» يستهدف عقول الليبيين

«حبوب الهلوسة»... «سلاح قاتل» يستهدف عقول الليبيين

لم يكن من قبيل الصدفة أن تقذف أمواج البحر المتوسط كميات متنوعة من المخدرات إلى السواحل الليبية، أو أن تتلقف شِباك الصيادين قرب الشاطئ «حزماً» من «الحشيش والكوكايين وحبوب الهلوسة»، فالبلاد تحوّلت -وفق تقرير أممي- إلى «معبر مهم» لهذه التجارة المجرّمة. وتعلن السلطات الأمنية في عموم ليبيا من وقت لآخر عن ضبط «كميات كبيرة» من المخدرات قبل دخولها البلاد عبر الموانئ البحري والبرية، أو القبض على مواطنين ووافدين وهو يروّجون هذه الأصناف التي يُنظر إليها على أنها تستهدف «عقول الشباب الليبي». غير أنه بات لافتاً من واقع عمليات الضبط التي تعلن عنها السلطات المحلية تزايُد تهريب المخدرات وتعاطيها، خصوصاً «حبوب

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا «النواب» و«الدولة» يقران آلية عمل لجنة قوانين الانتخابات الليبية

«النواب» و«الدولة» يقران آلية عمل لجنة قوانين الانتخابات الليبية

استهلّت اللجنة المُشتركة لممثلي مجلسي «النواب» و«الدولة» (6+6) المكلفة بإعداد قوانين الانتخابات الليبية، اجتماعاتها في العاصمة طرابلس بـ«الاتفاق على آلية عملها». وطبقاً لما أعلنه عبد الله بليحق، المتحدث الرسمي باسم مجلس النواب، فقد شهد الاجتماع ما وصفه بتقارب في وجهات النظر بين أعضاء اللجنة حول القوانين الانتخابية، مشيراً، في بيان مقتضب مساء أول من أمس، إلى أنه «تم أيضاً الاتفاق على التواصل مع الجهات والمؤسسات ذات العلاقة بالعملية الانتخابية».

خالد محمود (القاهرة)

مقتل 9 بعد هجوم لـ«الدعم السريع» على المستشفى الرئيسي في الفاشر

أشخاص يسيرون بجوار مركبة مدمَّرة بعد قصف لقوات «الدعم السريع» على أم درمان (رويترز)
أشخاص يسيرون بجوار مركبة مدمَّرة بعد قصف لقوات «الدعم السريع» على أم درمان (رويترز)
TT

مقتل 9 بعد هجوم لـ«الدعم السريع» على المستشفى الرئيسي في الفاشر

أشخاص يسيرون بجوار مركبة مدمَّرة بعد قصف لقوات «الدعم السريع» على أم درمان (رويترز)
أشخاص يسيرون بجوار مركبة مدمَّرة بعد قصف لقوات «الدعم السريع» على أم درمان (رويترز)

قال مسؤول محلي في قطاع الصحة ونشطاء سودانيون إن قوات «الدعم السريع» هاجمت المستشفى الرئيسي الذي ما زال يعمل في مدينة الفاشر بولاية شمال دارفور بالسودان، اليوم الجمعة، مما أسفر عن مقتل تسعة، وإصابة 20 شخصاً.

وذكر المدير العام لوزارة الصحة بولاية شمال دارفور إبراهيم خاطر، و«تنسيقية لجان المقاومة في الفاشر»، وهي جماعة مؤيدة للديمقراطية ترصد العنف في المنطقة، إن طائرة مسيَّرة أطلقت أربعة صواريخ على المستشفى، خلال الليل، مما أدى إلى تدمير غرف وصالات للانتظار ومرافق أخرى.

ووفق ما ذكرته وكالة «رويترز» للأنباء، أظهرت صور حطاماً متناثراً على أَسرَّة بالمستشفى ودماراً لحق الجدران والأسقف. وتقول قوات «الدعم السريع» إنها لا تستهدف المدنيين، ولم يتسنَّ الوصول إليها للتعليق.

واندلعت الحرب بين الجيش السوداني وقوات «الدعم السريع» منذ أكثر من 18 شهراً، وأدت إلى أزمة إنسانية واسعة، ونزوح أكثر من 12 مليون شخص. وتُواجه وكالات الأمم المتحدة صعوبة في تقديم الإغاثة.

والفاشر هي واحدة من أكثر خطوط المواجهة اشتعالاً بين قوات «الدعم السريع» والجيش السوداني وحلفائه الذين يقاتلون للحفاظ على موطئ قدم أخير في منطقة دارفور.

ويخشى مراقبون من أن يؤدي انتصار قوات «الدعم السريع» هناك إلى عنف على أساس عِرقي، كما حدث في غرب دارفور، العام الماضي.