عايدة صبرا: مُستبعَدة بسبب صراحتي... وأنا اخترت المسرح

تتحدث لـ«الشرق الأوسط» عن عرض «كرز» في مونتريال

عايدة صبرا في «كرز»
عايدة صبرا وولعها بالمسرح
عايدة صبرا في «كرز» عايدة صبرا وولعها بالمسرح
TT

عايدة صبرا: مُستبعَدة بسبب صراحتي... وأنا اخترت المسرح

عايدة صبرا في «كرز»
عايدة صبرا وولعها بالمسرح
عايدة صبرا في «كرز» عايدة صبرا وولعها بالمسرح

تصف فنانة المسرح اللبناني عايدة صبرا الطقس الكندي، حيث تقيم منذ عامين: «الحرارة ناقص ثلاث درجات والثلوج تتساقط حتى أبريل (نيسان)، لكن الجرافات تعمل بانتظام فتسهّل حركة البشر. المترو دافئ، والسيارات وجميع الأماكن. تصبح الحياة سهلة بعزيمة الدول المحترمة». سبع ساعات فارق التوقيت بين بيروت ومونتريال، فيرن الهاتف والعالم هنا مساء وهناك صباح.
بيّنت صور وفيديوهات تفاعل الحضور مع مسرحية «كرز» ووقوفه مصفّقاً بحرارة لنهاية العرض. في كندا، المشهد مختلف. تقول لـ«الشرق الأوسط»: «لا مزاح مع الجمهور. هو ذوّاق ومتطلّب. يحضر إلى المسارح كأنه يرتاد الأفران. لا يفوّت عرضاً. يحمّل الفنان مسؤولية جميلة».
ترى التحضير للمسرحية بأهمية موضوعها، وترفع عالياً شأن إعداد الممثل: «في نصها، تناولت المخرجة السورية علياء خاشوق إشكالية العنف الأسري، فكان أمامي شبان وشابات سوريون من دون خبرة على الخشبة. درّبتهم على تفكيك دواخلهم وإطلاق المكنون، وهيّأتهم جسدياً ونفسياً للبوح. ما قدّموه هو مشاعرهم الصادقة وعمق الرواسب».
تردّد سوري دفع ثمن رأيه 15 عاماً في سجون الأسد، وارتأى الاعتذار عن عدم المشاركة. الندوب. تكمل صبرا القصة: «بعدها، وجد مع باقي السوريين أنّ نبش الأعماق يساعد على التخطي. قدموا عملاً حقيقياً أعادني أستاذة في الجامعة، أدرّب الطلاب على الأداء. عرض (كرز) في مونتريال شكّل فرحة فنية».
استقبلت حضانة للأطفال التمارين، وعايدة صبرا تشدّد: «عملنا باللحم الحي». تسرد الرحلة وصولاً إلى إسدال الستارة، وتُلحق التجربة بمراتب الإنسانية: «أن أرى بشراً يتحولون من التكتم إلى البوح الحميم، فذلك هو الشغف. قلة يمتهنونه في هذه المهنة».
على مسارح لبنان، قدّمت عروضاً لإشكاليات اجتماعية تبرع في معالجتها. تقتطف جملة من «كرز» وتضعها في سياق الربط بين العوالم البعيدة: «العنف الزوجي ممتد من الشرق إلى الغرب»، قاصدة أن لا نجاة كلياً للمرأة. إذن، ما يميّز العرض المونتريالي؟ تجيب: «نظرة علياء خاشوق المختلفة للمسألة. كانت النهاية صادمة، فالكاتبة والمخرجة لم تحمّل طرفاً واحداً المسؤولية. وضعت الطرفين أمام ما تقترفه أيديهما. هنا في كندا، ارتفعت نسبة تعنيف النساء خلال (كوفيد)، فكيف بأهوالنا العربية؟ كم ضحية يجب سقوطها لينصف القانون المرأة؟».
تُكرّر تجربة العرض على مسرح عالمي، بعدما قدّمت مع اللبناني الكندي وجدي معوّض في باريس مسرحية «الأم». تتحدث عن «المسارح المتنافسة» للإشارة إلى أنّ المقاعد تمتلئ والحجوز تكتمل: «علاقة الجمهور الأجنبي بالخشبة ليست علاقة مزاجية ولا تتقلّب كما في لبنان مثلاً؛ حيث يحضر الناس من أجل ممثل أو ممثلة. هنا يأتون من أجل العمل المسرحي برمته. ودورة حياة المسرح. يكبر الخوف، لأنّ المسؤولية كبيرة؛ بحجم المتعة».

الفنانة الصينية روي فو في العلا

تعود إلى العرض الباريسي. يحلو لها الاحتفاظ بتجارب تقدر خبرتها وتتوج سنوات العطاء: «كانت المسرحية مكافأتي لما يزيد على نصف قرن من الولع بالمسرح. اختلفت المعاملة، فشعرتُ بأنّ للمهنة قيمة. في لبنان، أطرق الأبواب للحصول على دعم لمسرحياتي، وقلّما أتلقى مَن يرحب. تساعد وزارة الثقافة وتحجب المساعدة في المسرحية المقبلة، لضرورة توزيع الفرص على الجميع ضمن إمكانات متواضعة. اسمي وخبرتي لا يشفعان أحياناً».
تجيد عايدة صبرا تفجير غضبها إزاء مَن تعتبرهم «دخلاء على المهنة». لسانها السليط، تصفه بصاحب الحق. برأيها: «أهل الكار يضمرون الشر حيال بعضهم. هم نبع الأذى». على الطريقة اللبنانية التي ترافق المرء نحو الأصقاع، تحاول ضبط النفس: «خليني ساكتة». لكنها تأبى السكوت: «ما ترونه في مواقع التواصل ليس الحقيقة. حقيقة النفوس مخبأة في الكواليس. الجوّ الدرامي موبوء. أخرجت نفسي منه واخترت المسرح بإرادتي».
يكلف اللسان صاحبه أثماناً، وصبرا مستعدة للتسديد: «أنا صريحة، لا أخاف من ضياع فرصة ولا أكترث للشهرة. إن كان المطلوب رفع الهاتف والتودد إلى مدير الكاستينغ، فلا مكان لي في المعادلات. درّست لـ12 عاماً في الجامعة، وأدرك أن مواهب كثيرة تفوق مستويات هذه الأيام. مَن قال إن على البطلة التحلي بالجمال؟ استبعادي بسبب صراحتي هو نيشان».
تُذكر بما يحيلها على الاعتزاز بالنفس: «ادّخرت المال من ورش عمل لتمويل مسرحياتي في لبنان. لم أنتظر أحداً، ولم يسجل أحدٌ فضله عليّ. بت أمام خيارين؛ الإخلاص للمهنة أو خيانتها، فوقفتُ في صف مبادئي».
تقلص الفرص في الدراما، يجعلها تفكر بمخارج: «قدمت فيديوهات على مواقع التواصل نالت نجاحاً، وأتفرغ للمسرح. تخليت عن قشور الشهرة الدارجة. ما همي من الأضواء، والروائح الكريهة تخترق الكواليس؟».
يُبرمج العقل اللبناني على التراخي حين يعصف الشتاء وتقسو الطبيعة. في كندا، «المدينة على قيد الحياة، تتكيّف مع القسوة وتتجاوزها». يلفحها الوطن، لكنها لا تغرق في الحنين المرير: «تأذيت، والأذى يُبعد المرء بلا أسف. الوطن مسألة مغايرة لتجارب سيئة يتسبب بها أبناؤه. يحفر الأذى، فيقتصر الحنين على دائرة ضيقة: أهل، وأصدقاء، والجمعات الحلوة... الأمان هو ما بتنا ننشده. أن نرتاح من الداخل ونشعر بالأيام».


مقالات ذات صلة

بنغازي الليبية تبحث عن الضحكة الغائبة منذ 12 عاماً

يوميات الشرق أبطال أحد العروض المسرحية ضمن فعاليات مهرجان المسرح الكوميدي في بنغازي (وال)

بنغازي الليبية تبحث عن الضحكة الغائبة منذ 12 عاماً

بعد انقطاع 12 عاماً، عادت مدينة بنغازي (شرق ليبيا) للبحث عن الضحكة، عبر احتضان دورة جديدة من مهرجان المسرح الكوميدي.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
يوميات الشرق تملك المسرحية «اللؤم» المطلوب لتُباشر التعرية المُلحَّة للواقع المسكوت عنه (البوستر الرسمي)

«الماعز» على مسرح لندن تُواجه عبثية الحرب وتُسقط أقنعة

تملك المسرحية «اللؤم» المطلوب لتُباشر التعرية المُلحَّة للواقع المسكوت عنه. وظيفتها تتجاوز الجمالية الفنية لتُلقي «خطاباً» جديداً.

فاطمة عبد الله (بيروت)
ثقافة وفنون مجلة «المسرح» الإماراتية: مهرجان الشارقة للمسرح الصحراوي

مجلة «المسرح» الإماراتية: مهرجان الشارقة للمسرح الصحراوي

صدر حديثاً عن دائرة الثقافة في الشارقة العدد 62 لشهر نوفمبر (تشرين الثاني) 2024 من مجلة «المسرح»، وضمَّ مجموعة من المقالات والحوارات والمتابعات حول الشأن المسرح

«الشرق الأوسط» (الشارقة)
يوميات الشرق برنامج «حركة ونغم» يهدف لتمكين الموهوبين في مجال الرقص المسرحي (هيئة المسرح والفنون الأدائية)

«حركة ونغم» يعود بالتعاون مع «كركلا» لتطوير الرقص المسرحي بجدة

أطلقت هيئة المسرح والفنون الأدائية برنامج «حركة ونغم» بنسخته الثانية بالتعاون مع معهد «كركلا» الشهير في المسرح الغنائي الراقص في مدينة جدة.

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق أشرف عبد الباقي خلال عرض مسرحيته «البنك سرقوه» ضمن مهرجان العلمين (فيسبوك)

«سوكسيه»... مشروع مسرحي مصري في حضرة نجيب الريحاني

يستهد المشروع دعم الفرق المستقلّة والمواهب الشابة من خلال إعادة تقديم عروضهم التي حقّقت نجاحاً في السابق، ليُشاهدها قطاع أكبر من الجمهور على مسرح نجيب الريحاني.

انتصار دردير (القاهرة )

«موسم الرياض» يبرم 5 اتفاقيات لدعم الزواج الجماعي المقرر في يناير المقبل

تركي آل الشيخ رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للترفيه خلال الحفل (واس)
تركي آل الشيخ رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للترفيه خلال الحفل (واس)
TT

«موسم الرياض» يبرم 5 اتفاقيات لدعم الزواج الجماعي المقرر في يناير المقبل

تركي آل الشيخ رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للترفيه خلال الحفل (واس)
تركي آل الشيخ رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للترفيه خلال الحفل (واس)

في إطار مبادرة الزواج الجماعي، ضمن مبادرات المسؤولية الاجتماعية لموسم الرياض 2024، رعى رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للترفيه (GEA) المستشار تركي آل الشيخ، في حفل أقيم اليوم، توقيع عدد من الاتفاقيات مع عدد من الجهات المشاركة في الزواج الجماعي، الذي سيقام على أكبر مسرحين من مسارح منطقة بوليفارد سيتي في يناير (كانون الثاني) المقبل، حيث سيكون مسرح أبو بكر سالم قاعة لزواج الرجال، فيما سيكون مسرح محمد عبده أرينا قاعة لزواج النساء.

جانب من توقيع الاتفاقيات (واس)

ووقّع المستشار تركي آل الشيخ، ووزير البلديات والإسكان رئيس مجلس أمناء مؤسسة «سكن» ماجد بن عبد الله الحقيل، اتفاقية تنص على تلقي التبرعات من كبار المانحين والشركاء والأفراد والداعمين لتمكين المستفيدين من مبادرة الزواج الجماعي، ضمن موسم الرياض، والاستفادة من منصة «جود الإسكان» لتوفير الوحدات السكنية للمتزوجين، وذلك وفق الاشتراطات المطلوبة لدى برنامج «سكني».

كما وقّع الرئيس التنفيذي للهيئة العامة للترفيه المهندس فيصل بافرط مع مجموعة الاتصالات السعودية (STC) التي مثلها الرئيس التنفيذي للمجموعة المهندس عليان بن محمد الوتيد، حيث سيتم توفير خدمة الإنترنت المجاني لمستفيدي حفل الزواج لمدة عام.

جانب من توقيع الاتفاقيات (واس)

فيما تم توقيع اتفاقية مع البنك السعودي الفرنسي (BSF) ممثلاً بالرئيس التنفيذي للبنك بدر السلوم، يقدم بموجبها دعماً مادياً بقيمة مليون ريال.

وتم توقيع اتفاقية مع شركة عجلان وإخوانه، ممثلة بعجلان بن محمد العجلان الرئيس التنفيذي للمجموعة، توفر بموجبها هدايا تزيد قيمتها عن مليوني ريال.

كما جرى توقيع اتفاقية مع مجموعة شركات أبو الحسن للتجارة والاستثمار، ممثلة بمدير تطوير الأعمال في المجموعة فهد المانع.

جانب من توقيع الاتفاقيات (واس)

كما تم خلال مراسم حفل التوقيع حضور عدد كبير من الشركات التي أسهمت في تقديم الخدمات للأزواج في هذه المناسبة الخيرية الكبرى، حيث قدّمت شركات الضيافة والعشاء، وديكورات الحفل، وفستان وبشوت الأزواج، إضافة إلى العطور والبخور، وخدمات الحلاقة والتزيين للأزواج، وتحليل ما قبل الزواج، والشاي والقهوة، ودورات الإرشاد والتنمية الأسرية.